وأصبح العالم يبحث عن نظام اقتصادي جديد يقوم من خلاله بإنقاذ ما تبقى من الاقتصاد العالمي، بعدما شهد أسوأ مراحل الركود في الوقت الذي تتوالى فيه الأزمات الاقتصادية على بعضها البعض بشكل سريع جدا، وقد رأينا في هذه المقالة أن نلقي الضوء على النظام الاقتصادي الإسلامي وذلك لما يمتلكه من شمولية عامة أي ليست في المجال الاقتصادي فحسب بل في مختلف الجوانب الحياتية للإنسان بما يضمن تحقيق النجاح لمبادئه في إطار القيم الاجتماعية والتعاملات بين الأفراد بعضهم البعض وسلوكيات الإنتاج والاستهلاك والادخار والاستثمار. تعاني معظم النظم الاقتصادية المعاصرة الوضعية من العديد من المشكلات العملية، ولم تفلح في تحقيق الإشباع الروحي والمعنوي وكذلك المادي للشعوب، ولقد انهار النظام الاقتصادي الاشتراكي والشيوعي، كما يعاني النظام الاقتصادي الرأسمالي من سكرات الموت .... وبدأ الاتجاه نحو العولمة والجات ونحو ذلك. ولقد تخبطت الدول العربية الإسلامية في مجال التطبيق بين النظم الاقتصادية الوضعية، وتعاني العديد من المشكلات مثل: التخلف والتضخم والغلاء والتبعية الغذائية والمديونيات والفوائد الربوية، الخلل النقدي والبطالة وكل صور الفساد المالي والاقتصادي وبدأت تسأل عن النظام الاقتصادي المناسب الذي يعالج تلك المشكلات، ومعها النظام الاقتصادي الإسلامي ولكن لا تطبقه إما جهلا أو تجاهلا، وفي هذه المقالة سوف نلقي الضوء بشكل مبسط على النظام الاقتصادي الإسلامي.
مفهوم النظام الاقتصادي الإسلامي يعتبر المال هو عصب الحياة على الأرض وأساس اعمارها وتسخيرها لإعانة الإنسان على مباشرة حياته عليها، ولقد تضمنت الشريعة الإسلامية القواعد الكلية التي تحكم نظم النشاط الاقتصادي مثل سائر الأنشطة الأخرى، كما دعا إلى الاجتهاد في تطبيق هذه القواعد، مما يتفق مع ظروف الزمان والمكان، وبذلك يجمع الاقتصاد الإسلامي بين ثبات القواعد الكلية ومرونة التطبيق من حيث الإجراءات والأساليب والأدوات . والهدف الرئيسي للنظام الاقتصادي الإسلامي هو إشباع حاجات الإنسان الأصلية وذلك في إطار من القيم والأخلاق الإسلامية، والسلوكيات الحسنة والتي تتفاعل مع بعضها البعض فتولد توازنا دائما بين الفرد والمجتمع من حيث مصالح كل منهما ونشاطه، والنتيجة هي تحقيق رقي الإنسان في كافة ميادين الحياة والمحافظة على ذاتيته وكرامته. كما يهدف النظام الاقتصادي الإسلامي إلي تنظيم المعاملات بشكل يستطيع معها الوصول إلي مستوى معيشي كريم لأفراد المجتمع، يتصف بالنمو المطرد والمستقر وذلك من خلال التوظيف الكامل للموارد البشرية والطبيعية والعدالة في توزيع الدخل والثروات بما يحقق لكل أفراد القطاع العائلي داخل الدولة من العيش بمستوى مقبول.
تعريف كلمة الاقتصاد: قبل أن نعرف الاقتصاد الإسلامي لابد أن نعرف أولا معنى كلمة اقتصاد بشكل عام، فكلمة الاقتصاد هي كلمة مشتقة من لفظ إغريقي معناه تدبير أمور المنزل بحيث يشترك فيها أفراده القادرون في إنتاج السلع الاقتصادية والقيام بالخدمات، ثم توسع هذا المفهوم حتى أطلق على الجماعة التي تحكمها دولة واحدة، ومن هنا فقد توسع مفهوم كلمة اقتصاد ولم تقتصر على الادخار أو المال، وإنما شملت تدبير شئون المال إما بكيفية الحصول عليه وإما بكيفية توزيعه. تعريف الاقتصادي ماريشال: هو العلم الذي يعتني بدراسة تصرفات الأفراد في نطاق الأعمال الحياتية خصوصا الجزء المتصل بكيفية الحصول على الدخل وكيفية استخدامه. تعريف آدم سميث: يرى آدم سميث أن الاقتصاد هو علم الثروة أو هو العلم الذي يختص بدراسة وسائل إغناء الأمم مع التركيز بصفة خاصة على الأسباب المادية للرفاهية كالإنتاج الصناعي أو الزراعي، ومن هنا ندرك أن الاقتصاد هو العلم الذي يدرس محاولة إشباع الحاجات المادية بكل وسيلة ممكنة متاحة بأقل وقت ممكن. أما عن تعريف الاقتصاد من المنظور الإسلامي، فإنه منذ ظهور الدين الإسلامي لم يظهر تعريف صريح أو حتى لم تذكر كلمة اقتصاد، ولكن اتجه علماء الاقتصاد الإسلامي في العصر الحديث إلى وضع تعاريف له، فمنهم من عرفه بأنه مجموعة الأصول والمبادئ الاقتصادية التي جاء بها الإسلام في نصوص القرآن والسنة والأساليب أو الخطط العلمية والحلول الاقتصادية التي تتبناها السلطة الحاكمة، كما عرفه آخرون بأنه علم يعتني بقواعد النشاط الإنساني في الحصول على حاجاته المتعدد الضرورية والكمالية وعناصر الإنتاج والتداول والتوزيع وحقوق الأفراد الاقتصادية وحدود مصلحتهم تجاه مصلحة الجماعة.
1- الملكية المزدوجة: إن الملكية المزدوجة تنقسم إلى قسمين هما الملكية الخاصة والملكية العامة ويقصد بالملكية الخاصة هي التي يختص الفرد بتملكها دون غيره أما الملكية العامة فهي ما يشترك فيه كل أفراد المجتمع، والاقتصاد الإسلامي قائم على كلا من الملكية العامة والخاصة في وقت واحد في إطار تحقيق التوزان بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة ويعترف بهاتين المصلحتين طالما لم يكن ثمة تعارض بينهما وكان التوفيق بينهما ممكنا، أما لو حصل تعارض بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة فإن الاقتصاد الإسلامي يقدم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، ومن أمثلة الملكية العامة المعادن بمختلف أشكالها وأنواعها وحقول النفط والغاز الطبيعي ومناجم الفحم الحجري والفحم الطبيعي وغير ذلك مما أودعه الله في باطن الأرض داخل حدود الدولة. الهدف من الملكية العامة: أن كل أفراد المجتمع مستحقين للثروة العامة ذات المنافع المشتركة سواء من الحاجات الضرورية أو غيرها التي تقوم عليها حياة البشر مثل الماء والوقود والطعام، بحيث إذا احتكر أحد من الأفراد هذه الأشياء فإنه يتحكم في مصير الناس. ومن أهداف الملكية العامة أيضا هو تأمين نفقات الدولة حيث أن الدولة ترعى الحقوق وتقوم بالواجبات لأفراد المجتمع وتجهز الجيوش وتقوم بما يسد حاجات الضعفاء والفقراء، وكذلك الأمن والتعليم والعلاج وكافة الخدمات العامة ولا يمكن أن تقوم الدولة بهذه الجهود إلا من خلال هذه الأموال العامة. كما تقوم الدولة من الخلال الملكية العامة بتشجيع الأعمال الخيرية والإنفاق على الطبقة الفقيرة وذلك من خلال أموال الوقف والزكاة والمساهمة في إنشاء المدارس والمكتبات والمستشفيات والنوادي العامة وغيرها. تستخدم الدولة الملكية العامة في إقامة المشروعات الكبيرة التي يعجز الأفراد أو الشركات عن القيام بها إما لعدم تحقق الإمكانيات أو تكاليفها الباهظة، كبناء المواني وإقامة المدن الصناعية واستغلال الأراضي الشاسعة للزراعة. أما الملكية الخاصة فتهدف إلى إثراء التعاون الدولي عن طريق الأفراد والمؤسسات غير الحكومية وذلك بتعبئة الأفراد للعمل على تنمية البلاد في النواحي الزراعية والصناعية والتجارية، إلى جانب تحقيق الرفاهية والنفع العام للمجتمع من خلال المنافسة العادلة بين أصحاب وسائل الإنتاج، كما تهدف الملكية الخاصة إلى عدم إقحام الدولة بأمور إنتاجية يمكن تحقيقها بواسطة الأفراد للتفرغ لما هو أهم وأكبر.
- الحرية الاقتصادية المقيدة: يقوم النظام الاقتصادي الإسلامي على مبدأ إيجاد الضوابط الشرعية والقانونية في كسب المال وإنفاقه بما يعود بالنفع العام لأفراد المجتمع، حيث يمنع النظام الاقتصادي الإسلامي كسب المال بطرق غير شرعية كتجارة المخدرات أو التجارة في أعضاء البشر وغيرها من الأنشطة التي تؤدي إلى فساد المجتمع، وهنا يختلف النظام الإسلامي عن النظام الرأسمالي الذي أطلق حرية الكسب من غير قيود كما خالف أيضا النظام الاشتراكي الذي صادر الحرية فمنع الأفراد من التملك، لكن النظام الاقتصادي الإسلامي جعل حرية في الاقتصاد ولكنها مضبوطة بشروط منها. أولا: أن يكون النشاط الاقتصادي مشروعا ويعود بالنفع على الصالح العام لأفراد المجتمع. ثانيا: أن تكون الأنشطة الاقتصادية قائمة على أموال بدون فوائد بنكية، وذلك لما يراه النظام الاقتصادي الإسلامي من أضرار كبيرة لهذه الفائدة على القروض المستخدمة في إقامة المشاريع والاستثمارات، حيث أن هذه الفوائد تؤدي إلى ارتفاع مستويات التضخم في الاقتصاد في الوقت الذي تتسبب فيه في اتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء، كما أن الفوائد على القروض تؤدي حدوث أضرار كبيرة بالاقتصاد من خلال إثقال كاهل المقترضين بهذه الفوائد وعجزهم عن السداد وهو ما قد رأيناه في أزمة الرهونات العقارية في الولايات المتحدة وكيف أن هذه الفوائد الكبيرة على القروض قد تفاقمت بشكل كبير وأدت إلى حدوث انهيار في النظام الرأسمالي على مستوى العالم. ثالثا: قيد النظام الاقتصادي الإسلامي الحرية الاقتصادية بشرط أن من حق الدولة أن تتدخل لحماية المصالح العامة وحراستها بالحد من حريات الأفراد إذا أضرت أو أساءت لباقي أفراد المجتمع، ومثاله التدخل لوقف احتكار أصحاب الإنتاج للسلع وقد فعله الخليفة الثاني عمر بن الخطاب حيث قام ببيع السلع المحتكرة جبرا من محتكريها بسعر المثل، وذلك حفاظا على مستوى الأسعار وإشباع رغبات أفراد المجتمع، ومن جانب فإن النظام الاسلامي جعل من حق الدولة التدخل في تحديد الأسعار منعا لاستغلال الناس والإضرار بمصالحهم وأموارهم، كما يحق للدولة نزع الملكية الخاصة إذا كانت تتسبب في الإضرار بالصالح العام للدولة وتحويلها إلى ملكية عامة مع تعويض أصحابها بشكل مرضي بحيث لا يتحمل أصحابها أي أضرار.
3- المشاركة في المخاطر: وهي أساس مهم في الاقتصاد الإسلامي، وهذا الأساس هو ما يميزه عن غيره من الأنظمة الاقتصادية الوضعية، ومبدأ المشاركة في المخاطر له أهمية كبرى في تخفيف العبء عن أفراد المجتمع في الوقت الذي يحول دون وجود الطمع والجشع ومحاولة تحقيق مكاسب بصرف النظر عن مصدرها بما قد يضر بأداء الاقتصاد، كما يهدف النظام الاقتصادي الإسلامي بمبدأ المشاركة في المخاطر أن يوطد قاعدة توزيع الثروة بشكل نسبي بين رأس المال والعمل، وهي الأساس الذي يحقق العدالة في التوزيع.
4- موارد الدولة: لا ينفرد هذا النظام عن غيره في هذا الباب إلا في وجود الزكاة كمورد ينفرد به الاقتصاد الإسلامي وهي أشبه شيء بالضرائب، لكنها ضرائب على المدخرات، لتشجع على الإنفاق بدلا من الادخار مما يدفع عجلة الاقتصاد والإنتاج للدوران.
5- الشفافية: الشفافية هي مبدأ يبتغى منه تكوين بيئة تكون فيها المعلومات المتعلقة بالظروف والقرارات والأعمال الحالية متاحة ومنظورة ومفهومة وبشكل أكثر تحديدا، وذلك من خلال توفير المعلومات وجعل القرارات المتصلة بالسياسة المتعلقة بالمجتمع معلومة من خلال النشر في الوقت المناسب والانفتاح لكل الأطراف ذوي العلاقة، وقد اتخذ النظام الاقتصادي الإسلامي مبدأ الشفافية كمبدأ مهم في التعاملات، حيث حث على الصدق والأمانة والمراقبة الذاتية للأشخاص والدقة والشمول للمعلومات التي تُقدَم عن أعمال المنظمة للأطراف الذين لا تمكنهم ظروفهم من الإشراف المباشر على أعمال المنظمة التي لهم فيها مصالح للتعرف إلى مدى أمانة وكفاءة الإدارة في إدارة أموالهم، والمحافظة على حقوقهم وتمكينهم من اتخاذ القرارات السليمة في علاقاتهم بالشركة.
6- العدالة الاجتماعية: تعتمد العدالة الاجتماعية في النظام الاقتصادي الإسلامي على مبدأين مهمين أولهما مبدأ التكافل العام، والثاني مبدأ التوازن الاجتماعي، فمن خلال التكافل الاجتماعي والتوازن في توزيع الثروة على أفراد المجتمع يتم تحقيق العدالة الاجتماعية والتي تتمثل بشكل واضح في ملكية وسائل الإنتاج بالإطار الذي يضمن عدم احتكارها وتجنب تقليص الثروة في يد أفراد قلة كما يحدث في النظام الرأسمالي، ثم كفل النظام الإسلامي الحرية في ممارسة الأنشطة الاقتصادية ولكن في إطار القيم والعدالة الاجتماعية التي تكفل للمجتمع سعادته وقوامها التكافل الاجتماعي والتوازن.
إن النظام الاقتصادي الإسلامي هو نظام كامل وشامل يعتني بكافة الجوانب في الحياة كما جعلها مرتبطة ببعضها البعض دون انفصال، وهو ما يميزه كما قلنا عن أي نظام وضعي يعتمد على أفكار ومعايير بشرية، وفيما يلي سوف نعرض عليكم مميزات هذا النظام في النواحي الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقية. المميزات الاقتصادية
<LI style="TEXT-ALIGN: justify; DIRECTION: rtl"> إن منع النظام الاقتصادي الإسلامي الاقتراض أو التربح باستخدام الفائدة على الأموال قد حقق معادلة الفائدة صفر وهي السبيل الوحيد لتحقيق التوازن بين التضخم والبطالة، كما أن مبدأ المشاركة في الربح والخسارة، يحمى التجارة من أضرار تقلبات السوق، فعندما يحدث كساد أو ركود نسبي في السوق لفترة معينة فإن الأرباح تتراجع بالنسبة للتاجر وصاحب المال معا، وبالمقابل فإن أرباحهما ترتفع معا في حالة نشاط السوق، ولكن الفرق هنا أنه في نظام الفائدة أن التاجر أو الصانع يظل ملتزما بأداء الفائدة المقررة عليه لصاحب المال حتى في حالة ركود السوق أو انخفاض الأرباح، في حين أن صاحب المال ينفرد وحده بزيادة الأرباح إذا نشط السوق، وهنا ينتقل الأثر السيئ إلى التاجر أو الصانع الذي ترتفع حوله الأسعار، مع نشاط السوق ويظل ربحه ثابتا. <LI style="TEXT-ALIGN: justify; DIRECTION: rtl"> إن مبادئ النظام الاقتصادي الإسلامي تشجع على أن يقوم صاحب المال بتنمية ثروته من خلال الإنتاج بنفسه، أو البحث عن صاحب إنتاج يشاركه في إطار الشرعية التي حددها والمتمثلة في المشاركة في الخسائر والأرباح وتقاسم المخاطر، حيث أن المال في هذا النظام لا يتزايد بدون إنتاج فعلي مثلما يحدث في الأنظمة الوضعية التي تقوم على الفائدة، مما يدفع عجلة الإنتاج للدوران بشكل أفضل، الأمر الذي ينعكس على النمو الاقتصادي للدولة.
إن تبني النظام الاقتصادي الإسلامي لمبدأ حماية الملكية الفردية، يشجع أفراد المجتمع على العمل والابتكار والإبداع والمبادرة الفردية والسعي للتفوق، وهذه هي أساسيات التفوق الاقتصادي والصناعي والعلمي للمجتمعات. بخلاف النظام الاشتراكي الذي يمنع الملكية الفردية، مما يتسبب في غياب هذا الحافز الطبيعي في النفس البشرية.
هدف النظام الاقتصادي الإسلامي إلى حماية الطبقات الفقيرة في المجتمع من استغلال أصحاب العمل والأغنياء عن طريق منع الاحتكار للسلع والخدمات المنتجة في الاقتصاد وهو ما يؤدي إلى استقرار الأسعار مما يشجع ذلك أفراد القطاع العائلي على الإنفاق في الاقتصاد والذي ينعكس بدوره على دوران عجلة النمو الاقتصادي ، كما ضمن النظام الإسلامي تحقيق العدالة في توزيع الأرباح من خلال مبدأ المشاركة في المخاطر، وبما أن الأرباح ترتبط بالأسعار فإن أسعار المنتج هي أرباح صاحب العمل فهما يرتفعان معا ويهبطان معا، مما يحقق استقرار الطبقات المتوسطة اقتصاديا، ويحفظ كيانها اجتماعيا.
جعل النظام الاقتصادي الإسلامي قيمة الإنسان في المجتمع فيما ما يقدمه من منتجات أو خدمات، لا على ما يملكه من مال أو عقار، وهي قيمة اجتماعية مهمة جداً في خلق مجتمع سوي يقدر قيمة الإنسان، كما جعل هذا النظام الجميع شركاء بصورة ما، فحينما يعلم الفرد أن الشركة التي تخسر سوف تؤثر على أرباح المؤسسة المالية التي يضع فيها أمواله، مما يعني نقصا في أرباحه، كما أن ربحها يرفع أرباح المصرف الذي يودع فيه أمواله، وأن هذا الربح سوف يصل إليه بعض منه، فهذه الصورة إذا وعاها الناس فإنها تدعم إحساسهم بالانتماء لمجتمعهم، وأن ربحهم مشترك وخسارتهم عامة.
المميزات الأخلاقية أرسى النظام الإسلامي قواعده الاقتصادية على أساس التكسب المشروع الذي يؤدي إلى النمو الاقتصادي وفي نفس الوقت لا يضر بأفراد المجتمع، حيث منع السرقة والغش والتدليس في التجارة والمقامرات وتجارة الرقيق والمخدرات والأعضاء البشرية وكل شيء لا أخلاقي من شأنه أن يؤدي في النهاية إلى انهيار النظام الاقتصادي.
عناصر الإنتاج في النظام الاقتصادي الإسلامي عرف الاقتصاديون عوامل الإنتاج بأنها ذلك الخليط من الموارد الطبيعية والإنسانية التي تساهم في إنتاج القيمة المضافة، أو كل ما يحقق منفعة مباشرة أو غير مباشرة للإنسان، وعناصر الإنتاج هي العمل ورأس المال والأرض والتنظيم، ويفرق الاقتصاديون بين رأس المال والنقود، فالنقود لا تنتج شيئا بحد ذاتها، بل تعتبر وسيطا للتبادل ومخزنا للقيمة، ولذا فهي لا تستحق مكافأة لذاتها. وعناصر الإنتاج بشكل عام هي المدخلات التي تشارك في العملية الإنتاجية بما يتدفق منها من خدمات، ويمكن تقسيم جميع مدخلات الإنتاج إلى مجموعتين الأولى تضم تلك المدخلات التي لا تفنى أثناء استخدامها في عملية الإنتاج فهي تحتفظ بطبيعتها وشكلها الأصليين وتسمى مدخلات استعمالية، والثانية تضم المدخلات التي تفنى أو تستهلك أثناء عملية الإنتاج وتفقد شكلها وطبيعتها الأصلي، فعلى سبيل المثال القطن الخام هو أحد المدخلات في صناعة النسيج وبعد أن يتم إنتاج النسيج لا يبقى للقطن الخام من وجود وتسمى هذه المجموعة بالمدخلات الاستهلاكية. أما النظام الاقتصادي الإسلامي فقد قسم عناصر الإنتاج إلى قسمين رئسيين وصنفهم وفقا للطريقة التي تتحدد بموجبها عوائدها أو أسعارها ومن المناسب في هذا الإطار التمييز بين نوعين من أسعار عناصر الإنتاج. النوع الأول: من عناصر الإنتاج هو عناصر الإنتاج التنظيمية ويسمى الربح وهو عبارة عن مكافأة للمنظم على اكتشافه للفرصة الإنتاجية المربحة وتحمل المخاطر المتصلة بتنفيذ المشروع ويمكن اعتبار الربح مكافأة على تحمل المخاكر كما هو الحال في بعض النظرية الاقتصادية التقليدية. والنوع الثاني: وهو عناصر الإنتاج الأجيرة وهو مصطلح عام لكافة الإيجارات ومنها الأجرة المدفوعة لخدمات عنصر العمل وتسمى عادة بالأجر في النظرية الاقتصادية التقليدية وعليه فجميع العناصر الاستعمالية يدفع لها أجرة في مقابل الاستفادة من خدماتها. أما بالنسبة للمواد الخام فيتم تسعيرها في سوق السلع وعليه ويحق لها المشاركة في الأرباح أو الإيجار والحالة والوحيدة التي يحق فيها للمواد الخام الحصول على ربح هي الحالة التي يمكن فيها معاملة قيمتها النقدية كجزء من رأس المال السائل المستثمر في المشروع الإنتاجي، لكن في بعض الحالات يسمح لبعض المدخلات بالمشاركة في الربح وهي حالات استثنائية، فوفقا لهذين السعرين لعناصر الإنتاج فإن الاقتصاد الإسلامي يميز بين مجموعتين من عناصر الإنتاج، هما عناصر الإنتاج التنظيمية التي يحق لها الحصول على الربح مقابل تحملها المخاطر، وعناصر الإنتاج الأجيرة التي تستحق الأجرة دون تحمل المخاطر.
عناصر الإنتاج التنظيمية: إن التنظيم في النظام الاقتصادي الإسلامي ينطوي على القيام بأعباء اتخاذ القرار الخاص بالمشاركة في أي نشاط إنتاجي معين، إلى جانب إبداء الاستعداد لتحمل المخاطر المرتبطة بهذا النشاط، وعليه فإن ذلك لا يتطلب في المنظم إلا القدرة على وضع تصور للفرص الإنتاجية المربحة والقدرة على اتخاذ القرار لإخراج الفكرة إلى حيز التنفيذ والاستعداد للمخاطرة بالموارد التي يملكها إن كان للمشروع بعض المخاطر، فلا يشترط في المنظم أن تكون لديه قدرة إدارية عالية، لكن المفترض هنا إمكانية استئجار القدرة الإدارية بعرض الأجرة المناسبة على الإداري أو المدير القادر على إنجاز المهمة فالمقدرة الإدارية إذا هي مورد قابل للاستئجار على خلاف الحال بالنسبة للعناصر التنظيمية للإنتاج. ومن جانب آخر فإنه يمكن الفصل بين وظفية اتخاذ القرار ووظيفة تحمل المخاطر، فيبنما يعتمد اتخاذ القرارات على المورد البشري فقط نجد أن تحمل المخاطرة قد يكون بالمورد البشري أو برأس المال المادي أو بالموارد المالية، فإذا وصل شخص ما إلى فكرة إنتاجية مربحة فقد يقدم على تنفيذ المشروع وتحمل المخاطر باستغلال موارده البشرية المتاحة في المشروع، وقد يقرر بدلا عن ذلك تنفيذ المشروع بالمخاطرة بما يملك من رأس مال مادي، ولا يمكن للموارد البشرية أن تتحول إلى عناصر تنظيمية بقيامها فقط بمهمة اتخاذ القرار الاستثماري، ولكن لابد من المخاطرة ببعض الموارد فالأنصبة في أرباح المشروع تتحدد على أساس ما قدم من موارد للاستثمار وتحمل المخاطر. إذا يتضح لنا من تعريف عناصر التنظيم أنه لا يتطلب من عناصر الإنتاج التنظيمية أن تكون مبتكرة، ولكن يفترض أن تكون هذه العناصر هي موارد اقتصادية يفضل أصحابها تحمل مخاطر استغلالها بغرض الحصول على الربح بدلا من العمل لدى الغير أو تأجير مواردهم للغير مقابل أجر ثابت
عناصر الإنتاج الأجيرة يطلق هذا الإسم على جميع الموارد التي تشارك بخدمتها في الإنتاج في مقابل مكافآت محددة القدر مسبقا، فجميع الأصول الرأسمالية وكذلك رأس المال البشري تقع ضمن هذه المجموعة طالما كانت لا تفنى تماما أثناء مساهمتها بخدماتها في العملية الإنتاجية، ويعتبر الإداريون العاملون في اتخاذ القرارات أحد هذه العناصر طالما كانوا غير مستعدين لتحمل المخاطر التنظيمية. ويتم توظيف عناصر الإنتاج الأجيرة بواسطة عناصر الإنتاج التنظيمية ويزداد الطلب على عناصر الإنتاج الأجيرة كلما زادت الفرص الاستثمارية أما عناصر الإنتاج المحددة لعرض عناصر الإنتاج الأجيرة فهي تماما كما جاءت بالنظرية الاقتصادية التقليدية، وتضم عناصر الإنتاج الأجيرة كلا من الأرض والعمل والأصول الرأسمالية الثابتة ولا تشمل الموارد النقدية، وعناصر الإنتاج الأجيرة تشتق من الموارد ذاتها التي يمكن أن تتحول إلى عناصر إنتاج تنظيمية، لذلك فهناك تنافس بين عرض عناصر الإنتاج الأجيرة والطلب عليها من جانب وعرض عناصر الإنتاج التنظيمية والطلب عليها من الجانب الآخر، فأمام جميع هذه الموارد فرصة استخدامها كعناصر أجيرة لتحصل على الأجرة أو استخدامها كعنصر إنتاج تنظيمية لتحصل على الربح.
التمويل في النظام الاقتصادي الإسلامي لا شك أنه بعد الأزمة المالية العالمية التي أضرت حركة الاقتصاد العالمي بشكل قوي لم تشهده الرأسمالية منذ ما يقرب من ستين عاما، اتجهت أنظار الغرب بقوة نحو الأخذ بالعقود الإسلامية في التمويل الإسلامي، لكن في الوقت نفسه هناك مخاوف من اتجاه الغرب لتطبيق نظام التمويل الإسلامي دون معاييره الشرعية العميقة وإعطاء أسماء إسلامية لعقود بفائدة غير مشروعة كما هو منتشر في الدول الإسلامية نفسها خلال الفترات المؤخرة، وفي هذه الفقرة سوف نتحدث عن مفهوم المصارف الإسلامية وتاريخها وخصائصها وصيغ التمويل. وتعتبر وظيفة الوساطة المالية من أهم الوظائف التي تضطلع بها المصارف والمؤسسات المالية بمختلف أشكالها، حيث تقوم بدور الوسيط بين المدخرين والمستثمرين أو بين المقرضين والمقترضين، بل إن البنوك تستمد أهميتها ووجودها من هذه الوظيفة بالذات وغيرها تبع لها.
تعريف التمويل يقصد بالتمويل بالمفهوم العام هو إعطاء المال، وتقوم عملية التمويل على علاقة تعاقدية بين طرفين أحدهما يملك فائضا في رصيده من الأموال والآخر لديه عجزا، فأساس العملية التمويلية هو تحويل المال من الفائض إلى العجز من أجل تلبية حاجة استهلاكية أو استثمارية وفق صيغة تنظيم العلاقة بين أطرافها، وعملية التمويل لها أشكال كثيرة منها المُقرض الذي يقدم قرضا فإن ذلك تعتبر عملية تمويل، كما أن صاحب المال في المشاركة يقوم بعملية تمويل، والمؤجر عندما يقوم بتأجير منفعة عينه المؤجرة يقوم بعملية تمويل كذلك، فإن أي عملية يترتب عليها دين في الذمة هي عملية تمويل كالبيع الآجل والسَّلَم والضمان ولكل ما تضمن تعهدا بالدفع.
وظيفة التمويل في الاقتصاد الهدف من التمويل أساسا هو تسهيل المبادلات والأنشطة الحقيقية، فالنشاط الحقيقي إما بغرض الاستثمار أو الاستهلاك هو عماد النشاط الاقتصادي، والخطوة الأولى نحو تنمية الثروة وتحقيق الرفاهية لأفراد القطاع العائلي، فلو كان الأفراد يملكون المال اللازم لإتمام هذه الأنشطة لما كان هناك مبرر للتمويل، وإنما تنشأ الحاجة للتمويل إذا وجدت مبادلة نافعة لكنها متوقفة بسبب غياب المال اللازم لإتمامها، فالتمويل في هذه الحالة يحقق قيمة مضافة للاقتصاد لأنه يسمح بإتمام نشاط حقيقي نافع لم يكن من الممكن إتمامه لولا وجود التمويل، فالتمويل يحقق وظيفة مهمة في النشاط الاقتصادي، هي تسهيل وتشجيع المبادلات والأنشطة الحقيقية التي تولد القيمة المضافة للنشاط الاقتصادي، وهذا هو مصدر تنمية الثروة وتحقيق النمو الاقتصادي، وفي مقابل هذه الوظيفة يستحق التمويل عائد ينبع من القيمة المضافة التي يحققها، وبدون هذه القيمة المضافة لا يوجد مبرر لعائد التمويل، بل يصبح هذا العائد تكلفة محضة وخسارة على النشاط الاقتصادي، وفي الفقرة القادمة سوف نتحدث عن المصارف في النظام الاقتصادي الإسلامي على أساس أنها أكثر وأشهر مصادر التمويل في الاقتصاد.
المصارف في النظام الاقتصادي الإسلامي يتحدد مفهوم المصارف الإسلامية في إطار أنها مؤسسات مالية إسلامية تقوم بتقديم الخدمات المصرفية والمالية كما تباشر أعمال التمويل والاستثمار في القطاعات المختلفة داخل الاقتصاد، ويمكن تعريفها بشكل آخر على أنها مؤسسات مصرفية تلتزم في جميع معاملاتها ونشاطاتها الاستثمارية بالمبادئ الإسلامية. وعن تاريخ إنشاء المصارف الإسلامية فقد بدأ ظهورها بعد مؤتمر جدة في أغسطس 1974، حيث تمت الموافقة على إنشاء البنك الإسلامي للتنمية بجدة بهدف دعم التنمية الاقتصادية والتقدم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء وكذلك المجتمعات الإسلامية مجتمعة ومنفردة وفق مبادئي الشريعة الإسلامية، وتشمل وظائفه المساهمة في رؤوس أموال المشروعات وتقديم القروض للمؤسسات والمشاريع الإنتاجية في الدول الأعضاء والذين بلغ إجمالي عدد عضويتهم حتى تاريخه 53 دولة، بالإضافة إلى قيام البنك بتقديم المساعدة المالية لهذه الدول لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويساهم البنك أيضا في تنمية التجارة الخارجية للدول الأعضاء ويساعد على تعزيز التبادل التجاري بينها وبخاصة في السلع الإنتاجية، وتقديم المساعدة الفنية لها والعمل على ممارسة أنواع النشاط الاقتصادي والمالي والمصرفي في الدول الإسلامية طبقا لاحكام وضوابط الشريعة الإسلامية.
ومن أهم المميزات التي تتمتع بها المصارف الإسلامية والتي تنفرد بها عن سائر البنوك الأخرى هو عدم التعامل بالفوائد وهناك منهجان واضحان لممارسات العمل المصرفي الإسلامي، ففي كثير من البلدان لم تلزم حكومات تلك البلاد بإلغاء الفائدة، ولذلك أصبح مألوفا أن تجد في كثير من بلدان العالم الإسلامي أن تعمل المصارف الإسلامية جنبا إلى جنب مع البنوك القائمة على الفائدة، بينما تنتهج بلاد أخرى منهجا مغايرا لإزالة نظام التعامل بالفائدة على نطاق النظام الاقتصادي كله. ولقد شهدت المصارف الإسلامية في الفترة من 1980– 1986نمو نسبي كان في معظم الحالات أفضل من معدل نمو البنوك الأخرى, ونتج عن ذلك زيادة نصيب المصارف الإسلامية من إجمالي الودائع, ومما يعكس نجاح العمل المصرفي الإسلامي قيام كثير من البنوك التجارية التقليدية بتزويد عملائها بخدمات مالية إسلامية في كثير من الدول، بل أن بعضها اعتمد على انتهاج استراتيجية انتشار فروع متعددة للقيام بالمعاملات الإسلامية في مناطق تجمع المدخرات.
خصائص المصارف الإسلامية استبعاد التعامل بالفائدة وهذه خاصية رئيسية لاعتبار البنك مصرفا إسلاميا. سعي المصارف الإسلامية نحو التنمية عن طرق التوجه نحو الاستثمار، فالمصرف الإسلامي لا يقر التعامل بالفائدة، ولكن في ذات الوقت يحتاج إلى استرداد كل نفقاته وكذلك تحقيق بعض الربح، ولذا فقد يعمل على تحقيق ذلك عن طريق الاستثمار المباشر حيث يقوم المصرف نفسه بعبء توظيف الأموال في مشروعات تجارية وزراعية أو صناعية تدر علية عائداً، أو عن الاستثمار بالمشاركة بمعنى مساهمة المصرف الإسلامي في رأس المال للمشروع الإنتاجي ويصبح البنك شريكا في ملكية المشروع وفي إدارته والإشراف عليه، وبالتالي يكون شريكا في الربح والخسارة ويتم ذلك بالنسبة التي يتفق عليها الشركاء. تتكون مصادر التمويل في المصارف الإسلامية من مصادر داخلية وخارجية، حيث تتمثل مصادر التمويل الداخلية في رأس المال المدفوع والاحتياطات المختلفة، أما المصادر الخارجية فتتكون من الودائع بأنواعها المختلفة سواء كانت ودائع جارية أو ودائع لأجل. تختلف المصارف الإسلامية عن البنوك التجارية التي تتعامل بالفائدة، فرأس المال المدفوع في المصرف الإسلامي يجب أن يسلم بكامله للبنك ولا يجوز أن ينقص منه شيئا كدين لدى أصحاب رأس المال بعكس الحال في البنوك التجارية. المصرف الإسلامي يعطي أهمية أكبر للودائع الآجلة بالنسبة لهيكل الودائع الكلي على عكس البنوك التجارية التي تعطي الأهمية الأكبر للودائع تحت الطلب الأمر الذي يمكن من توظيف أكبر قدر من الموارد المتاحة لدية في النشاط الاقتصادي. تستخدم المصارف الإسلامية مواردها المتمثلة في الاستثمار المباشر والاستثمار بالمشاركة في رأس مال المشروعات على أساس صفقة معينة أو مشاركة متناقصة أو من خلال صيغ المرابحة. الاختلاف الأساسي بين البنوك التجارية والبنوك الإسلامية يدور حول سعر الفائدتين الدائنة والمدينة كمصدر مهم من مصادر تحقيق الأرباح بالإضافة إلى استثمارات المحفظة، وبما أن المصارف الإسلامية نتيجة ارتكازها على مبدأ منع التعامل بالفائدة أخذا وعطاء، فإنها تتجه صوب الاستثمار المباشر أو بالمشاركة مع الغير، وهنا يظهر لنا فرقا كبيرا بين الطبيعة الإقراضية والطبيعة الإستثمارية فالقرض يكون محكوما عند منحه بضمانات عينية كافية يقوم بفرضها البنك على العميل لضمان استرداد أمواله، أما في الاستثمارات فإن البنك هو الذي يتولى مهمة البحث عن الإستثمارات وهو الذي يقوم بدراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعات الجديدة، وقد يقوم بعملية الاستثمار بمفرده أو بالمشاركة ويتحمل نتيجة الإستثمار إن كانت ربحا أو خسارة. أنشطة المصارف الإسلامي متعددة تجمع بين أنشطة البنوك التجارية والبنوك المتخصصة وبنوك الاستثمار والأعمال وشركات التجارة الداخلية والتصدير والاستيراد وشركات الاستثمار المباشر وتوظيف الأموال. المصارف الإسلامية تعتبر بنوك اجتماعية في المقام الأول حيث تسعى إلى تحقيق التكافل الاجتماعي ليس فقط من حيث قيامها بجمع الزكاة وصرفها في مصارفها الشرعية ولكن في كيفية توزيع عائد الأموال المستثمرة بعدالة، وغالبا ما تتم ممارسة المسئولية الاجتماعية للمصارف الإسلامية من خلال استراتيجية البنك وسياساته، حيث يرى المصرف الإسلامي أنه لا يمكن الفصل بين التنمية الاقتصادية والتنمية النفسية والاجتماعية المصارف الإسلامية لأن هدفها هو تعظيم العائد الاجتماعي للاستثمار أو تعظيم العائد الإسلامي للاستثمار وليس العائد المباشر للاستثمار. تنحصر المصادر الرئيسية لموارد المصارف الإسلامية في الودائع تحت الطلب والودائع الاستثمارية حيث يلتزم المصرف الإسلامي بالمحافظة على الودائع تحت الطلب مع الالتزام بردها في حال طلبها من قبل المودع مع عدم وجود أرباح أو إيرادات على هذا النوع من الودائع، وبالنسبة للودائع الاستثمارية لدى البنك الإسلامي فهي تعطي أرباح للمودعين اعتمادا على نوع الحساب الاستثماري ومدته واحتمالات المخاطرة. تعتبر المصارف الإسلامية تجسيد للنظام الاقتصادي الإسلامي فهي ليست مجرد مؤسسات مالية وسيطة, ولكنها أكبر من ذلك فهي مؤسسات مالية واقتصادية واستثمارية وتجارية وخدمية تتميز بالجدوى والكفاءة. المصرف الإسلامي باعتباره لا يتعامل بالفائدة نجد أن عملية خلقه للإئتمان تكون في نطاق لا يضر بالاقتصاد القومي، ولقد أطلق مصطلح الإئتمان على النقود الورقية بحسب أن قيمتها التبادلية أعلى من قيمتها السوقية وقد شهدت النقود رواجا في التعامل بين الناس دون قيد، فبحكم مشاركة البنوك الإسلامية الفعلية في الإنتاج فإن النقود تتداول بين المصرف وعملائه في وقت ظهور الإنتاج وتختفي مع استهلاك ذلك الإنتاج لتعود مرة أخرى للمصرف، ومن هنا فإن حجم الإنتاج الحقيقي يظل معادلاً تماماً لحجم الإئتمان حيث لا تتأثر مستويات الأسعار، ولا يحدث تضخم بسبب الزيادة في الكتلة النقدية يضاف إلى ذلك أن نظام المشاركة يربط المصارف الإسلامية بمشروعات الإنتاج والتوزيع في الاقتصاد القومي ربطا وثيقا, ولهذا يحمي الإسلام المال الموظف في الشركات الإسلامية من أن يؤكل بالتضخم , أو عدم صرف حق الشريك في القلة والفائدة.
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.