- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
ضجة كبيرة شهدها مشروع إصدار العملات الرقمية مؤخراً خاصة مع جذب عملة فيسبوك المخطط لها المزيد من الاهتمام في الوقت الذي تبحث فيه البنوك المركزية إمكانية السيطرة على مستقبل الأموال في العقود المقبلة.
وفي منتصف العام الماضي، أعلنت شركة "فيسبوك" خططها لإصدار عملة رقمية تدعى "ليبرا" متوقعةً أن تخرج إلى النور في 2020، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه.
وفور إعلان مشروع فيسبوك كان رد الفعل عنيفا ًمن قبل الحكومات والبنوك المركزية وسط مخاوف تتعلق بالاستقرار المالي العالمي وغسل الأموال، مما ساهم في زيادة التوقعات بأنه "ليبرا" لن يتم إصدارها في العام الجاري.
وفي الوقت الذي شهد فيه مشروع "ليبرا" انتكاسات وتحذيرات عدة مع تخلى العديد من الشركات الداعمة عنها، بدأت فكرة إصدار عملات رقمية حكومية من قبل البنوك المركزية تعود إلى المشهد مجدداً.
ولكن.. كيف خفت مشروع "ليبرا"؟
منذ أعلنت فيسبوك مشروعها الجديد تجلت مخاوف من استخدامها في غسل الأموال ودعم الإرهاب والتأثير على السياسة النقدية وتغيير المشهد المالي العالمي، فضلاً عن مخاوف الخصوصية.
وحذرت البنوك المركزية من المخاطر السالف ذكرها مع تأكيد الاحتياطي الفيدرالي على لسان رئيسه أنه لابد للشركة الأمريكية أن تعالج هذه المخاوف بشكل شامل وعلني.
وفضلاً عن البنوك المركزية، لم تكن "ليبرا" مقبولة من قبل الحكومات والمسوؤلين وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف هذه العملات بأنها تخضع لتقلبات شديدة وبإمكانها تسهيل تصرفات غير قانونية، بما في ذلك تجارة المخدرات وأنشطة غير قانونية أخرى.
فيما كتب رئيس سويسرا السابق الفشل على "ليبرا" في شكلها الحالي والتي ستكون مدعومة بسلة من العملات والديون الحكومية للحفاظ على قيمتها مستقرة، مشيراً إلى أنها بحاجة إلى التعديل من أجل الحصول على الموافقة التنظيمية
وتزايد عدد المنتقدين والرافضين للمشروع لدرجة أنه لا يبدو أن أحداً يدعمه، مما جعل الشركات العملاقة التي تقف وراء "ليبرا" تبدأ في الانسحاب رويداً رويداً.
وأعلنت شركات مثل باي بال وآيباي وفيزا وسترايب وماستركارد وآخرهم فودافون التخلى عن حلم مشروع "ليبرا" الذي يبدو أنه سينتهي سريعاً.
وكانت رابطة "ليبرا" في الأساس مكونة من 28 عضو لكن هذا الرقم تقلص كثيراً وسط عمليات التدقيق واسعة الانتشار.
وخضع "مارك زوكربيرج" للشهادة أمام الكونجرس بشأن مشروعه الجديد وأكد أن العملة الرقمية لن يتم إطلاقها نهائياً إلا في حالة نجاح فيسبوك في الحصول على الموافقات التنظيمية التي تبدو أنها صعبة المنال.
كما ذكر "ديفيد ماركوس" أحد مؤسسي فيسبوك وأحد المسؤولين عن مشروع "ليبرا" أن العقبات التنظيمية قد تؤدي إلى تأخير الإطلاق بعد الموعد المقرر في يونيو/ حزيران المقبل.
ولكن في الوقت الذي تتكاثر فيه الأزمات والعقبات أمام عملة فيسبوك، باتت خطط البنوك المركزية لبحث مستقبل إصدار عملات رقمية خاصة بها تعود إلى النور مجدداً.
هل أيقظت "فيسبوك" مشروع البنوك المركزية؟
اكتسب موضوع العملات الرقمية للبنوك المركزية زخماً كبيراً بين المؤسسات الكبرى منذ أن أيقظ مشروع "ليبرا" الفكرة وجعلها تتداولها في نطاق واسع بين صناع السياسة.
ويرى بنك التسويات الدولي أن إصدار البنوك المركزية عملاتها الرقمية بات أقرب من المتوقع في الوقت الحالي، مشيراً إلى أن المؤسسة تدعم جهود بنوك مركزية لإصدار نسخ إلكترونية من عملاتها المحلية.
وناقش صناع السياسة في البنك المركزي الأوروبي تحت القيادة الجديدة لـ"كريستين لاجارد" فكرة إصدار عملتهم الرقمية الخاصة بهم مع تصريحات "لاجارد" منذ فترة طويلة أنه يجب على البنوك المركزية النظر في مزايا العملات الرقمية التي تعتقد أنها تشمل أهدافًا عامة مثل الشمول المالي وحماية المستهلك وخصوصية الدفع.
وتعمل بنوك مركزية عالمية مثل المركزي السويدي على إصدار نسختها الخاصة من العملات الرقمية.
ولكن بدأت البنوك المركزية التفكير بشكل رسمي في هذا الصدد حينما أعلنت تشكيل مجموعة من البنوك المركزية من أجل تبادل الخبرات وتقييم الحالات المحتملة للعملة الرقمية للبنك المركزي في مناطقها المحلية.
وبحسب البيان المشترك للبنوك المركزية، ستتألف الهيئة من بنوك إنجلترا واليابان والسويد وفرنسا وسويسرا والبنك المركزي الأوروبي بالإضافة إلى بنك التسويات الدولية.
ويترأس هذه المجموعة "بينوا كوري" الذي يرأس أيضًا مبادرة بنك التسويات الدولية الخاصة بالعملات الرقمية بالإضافة إلى نائب محافظ بنك إنجلترا "جون كونليف".
وخلال البيان المقتضب أشارت البنوك المركزية إلى أنها سوف تعكف على تقييم الخيارات الاقتصادية والعملية والفنية لتصميم العملات الرقمية، بما في ذلك التوافق عبر الحدود، فضلاً عن نقل المعرفة فيما يتعلق بالتكنولوجيات الناشئة.
وتنطوي فكرة العملات الرقمية المستقرة الخاصة بالبنوك المركزية على أنها أموال تقليدية، ولكن في شكل رقمي حيث يتم إصدارها ويحكمها البنك المركزي للدولة.
ولكن من المثير للاهتمام أن يغيب البنك المركزي الصيني عن تلك المجموعة خاصة وأنه يستعد ليصبح أول بنك مركزي رئيسي يصدر نسخة رقمية من عملته فيما يُعرف بـ"اليوان السيادي".
كما أن الاحتياطي الفيدرالي يبدو أنها ينأى بنفسه عن فكرة إصدار عملة رقمية، خاصة مع تعليقات وزير الخزانة ستيفن منوشين إنه ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول لا يعتقدان بوجود حاجة لتدشين عملة رقمية في المستقبل القريب.
ومع ذلك، ذكر باول إن الاحتياطي الفيدرالي يراقب أنشطة البنوك المركزية الأخرى لتحديد الفوائد المحتملة من إصدار العملات الرقمية.
في النهاية، هل تنجح البنوك المركزية في إصدار عملات رقمية خاصة بها أم تخاطر بالتخلف عن الركب حيث يلجأ المستهلكون إلى مبادرات القطاع الخاص الأقل تكلفة والتي تتجنب النظام المصرفي التقليدي خاصة إذا نجحت "فيسبوك" في إجبار السلطات العامة على منحها الموافقات التنظيمية؟