- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
أجج تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الغذائية غضب السودانيين من حكومة الرئيس عمر البشير القابض على زمام السلطة في البلاد لنحو ثلاثة عقود.
ويُعتقد أن المظاهرات الجماهيرية التي تطالب باستقالته هي الأكبر على الإطلاق منذ توليه السلطة في انقلاب عسكري دعمه الإسلاميون عام 1989.
وقد سُمعت أصوات إطلاق نار مكثف قرب مقر قيادة الجيش في العاصمة السودانية الخرطوم، حيث تجمع آلاف المحتجين للاعتصام أمام المبنى.
وطالب منتقدو البشير باستقالته على غرار ما فعل الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في وقت سابق من هذا الشهر.
وقد تنحى بوتفليقة عن منصبه تحت ضغط من الجيش بعد أسابيع من الاحتجاجات المستمرة في أنحاء البلاد، منهيا بذلك أطول فترة حكم في شمال أفريقيا.
وقالت سارة عبد الجليل، المتحدثة باسم المتظاهرين السودانيين، إن رحيل بوتفليقة دليل على "نجاح المقاومة السلمية داخل إفريقيا".
فهل من الممكن أن تصل أصداء ما يعرف بالربيع العربي الثاني أو "المتأخر" إلى السودان جالبة موجة جديدة من التغيير تطال أحد الحكام المعمرين في السلطة في أفريقيا؟ وإليكم بعض العوامل التي قد تؤثر على نتائج الحراك الجاري هناك:
اقتصاد منهار
تعاني السودان من صعوبات اقتصادية منذ عدة سنوات في أعقاب حرب أهلية طويلة، قادت إلى انفصال جنوب السودان عام 2011 ، وحرمت الخرطوم من ثلاثة أرباع الإنتاج النفطي للبلاد.
أرادت الحكومة أن تصل نسبة النمو إلى خمسة في المئة خلال هذا العام، بيد أن تقديرات صندوق النقد الدولي (IMF) تشير إلى أنها ستبقى في مستوى أقل من اثنين في المئة بعد انخفاض بنسبة 2.3 في المئة عام 2018.
وتقدر الأمم المتحدة أن نحو 5.7 مليون سوداني، أي ما يعادل 13 في المئة من السكان، يعانون من شح حاد في أمنهم الغذائي.
وبدأت موجة الاحتجاجات الحالية في ديسمبر/كانون الأول الماضي عندما خفضت الحكومة دعمها للسلع الأساسية كجزء من تدابير التقشف.
وارتفع سعر الخبز، جراء ذلك، إلى ثلاثة أضعاف كما ارتفعت أسعار الوقود.
وقالت الصحفية السودانية زينب محمد صالح لبي بي سي: "يفضل الكثيرون في السودان الآن الاحتفاظ بأموالهم تحت الفراش بدلاً من البنوك".
وأضافت: "إذا وضع الناس مدخراتهم في البنوك، فقد يصبح من الصعب عليهم السحب منها لإن ماكينات الصرف الآلي فاضية في الغالب" .
وتضرر الأشخاص العاديون كثيرا جراء انخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار.
فقد بلغ معدل التضخم ما يقرب من 74 في المئة سنويا في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتقول الحكومة إنه انخفض منذ ذلك الحين حوالي 45 في المئة.
بيد أن ستيف هانك، وهو خبير بارز في الشؤون المالية والتضخم من جامعة جونز هوبكنز، يقول إن هذه الأرقام "محض دعاية"، ويقدر نسبة التضخم في السودان بـ 118 في المئة سنوياً.
وفي العام الماضي، أشارت وزارة الخارجية الأمريكية إلى أنهقد تحذف السودان من قائمة "الدول الراعية للإرهاب"، مما يسمح للبلد بمدخل للحصول على قروض من صندوق النقد الدولي ويخفف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية.
الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان
نظم المتظاهرون الجمعة اعتصاما خارج مقر قيادة القوات المسلحة بالتزامن مع الذكرى 34 للانقلاب الذي أطاح بالرئيس السابق جعفر النميري.
لكن سرعان ما تحول التجمع إلى رفع دعوات لتنحي الرئيس البشير .
ويواجه البشير وحكومته اتهامات بالفساد وانتهاك حقوق الإنسان. إذ احتل السودان المرتبة 172 من بين 180 دولة بحسب مؤشر مدركات الفساد عام 2018.
وتقول منظمة الشفافية الدولية إن "الفساد موجود في جميع القطاعات وفي جميع فروع الحكومة ومستوياتها".
وتضيف أنه "يعتقد أن رئيس الدولة والحكومة اختلسا ما يصل إلى تسعة مليارات دولار من عائدات النفط."
واتهمت المحكمة الجنائية الدولية البشير بارتكاب جرائم حرب وإبادة وجرائم ضد الإنسانية بين عامي 2009 و 2010، وصدرت مذكرة اعتقال بحقه.
الولاءات العسكرية
يأمل المتظاهرون أن يدعم الجيش انقلاباً داخلياً ضد البشير ويفتح الطريق أمام حكومة انتقالية.
وقال شهود، تدخلت القوات البحرية والجوية لحماية المتظاهرين عندما أطلقت قوات الأمن الداخلي ذخيرة حية وقنابل الغاز المسيل للدموع في محاولة لتفريقهم.
وذكر تقارير أن جنديين، على الأقل، لقيا مصرعهما منذ بدء المظاهرات أمام مقر قيادة الجيش السبت الماضي.
وكان الجيش خلال الأشهر الثلاثة الماضية محايداً، بينما حاولت قوات الأمن قمع الاحتجاجات وحبس المئات.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن أعمال العنف المرتبطة بالاحتجاجات أسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصًا على الرغم من أن الأرقام الرسمية ظلت عند 32 فقط.
ويعتقد بعض المحللين أن الضباط ذوي الرتب المتوسطة يتعاطفون مع المحتجين، لكن كبار الضباط ما زالوا موالين للرئيس.
ووفقاً لما ذكرته منظمة سينتري التي تراقب الإنفاق العسكري في إفريقيا، فقد أنفق السودان ما يصل إلى 70 في المئة من مجمل ميزانية البلاد على الجيش عام 2016 ، ما سمح للحكومة بشراء الولاءات والوقوف في وجه الاحتجاجات.
وفي فبراير/شباط، قام البشير بتعيين كبار ضباط الجيش والمخابرات في مناصب حكام الولايات وأعلن حالة الطوارئ لمدة عام في عموم البلاد.
ويعترف البشير بأن المتظاهرين لديهم أسباب مشروعة للاحتجاج ، لكنه يقول إنهم بحاجة إلى الفوز في انتخابات 2020 إذا كانوا يريدون تولي السلطة.