رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد مقال التجديد شريعة قائمة وقدر نافذ
هذا المقال منشور فى مجلة الإصلاح العدد247 بقلم سلمان بن فهد العودة
بدأ المقال بقول يصدقه كل المسلمين وهو أن القرآن هو وحى الله الأخير فيقول :
"من المقررات المفروغ منها عند جميع الأمة أن الأنبياء والمرسلين قد ختموا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلم تعد السماء تنفتح لنزول الوحي على بشر بعده عليه صلوات الله وسلامه .
وهذه عقيدة راسخة ثابتة بنص القرآن ، وصريح السنة ، وإجماع الأمة كافة ، ولذلك فالأمة قاطبة مجمعة على أن من أنكر ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر لمخالفته النص القطعي الصريح { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } "
وبناء على هذا قرر الرجل أن الأمة كفرت الفرقة القاديانية التى نقضت فكرة انتهاء نزول الوحى فقال:
"ولهذا رمت الأمة المسلمة القاديانية عن قوس واحدة , و ناضلت حتى أبانت للخاصة والعامة كفر هذه الطائفة ومروقها من الدين , و صدر بذلك حكم شرعي باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة وهذا الحكم لا يعدو أن يكون إعلانا رسميا للموقف الصحيح الذي لم يختلف فيه المسلمون لحظة من الزمان والذي يقضي بردة كل من ينكر ختم النبوة أو ينكر أمرا قطعيا ثابتا بالنص الصريح ."
وبنى سلمان على هذا مقولة لا أصل لها فى الإسلام وهى وجود مجددين للدين كل مئة سنة بناء على حديث مشكوك فيه فقال:
"وإذا كانت حكمته تعالى اقتضت أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم خاتم الرسل وآخرهم … فإن من رحمته تعالى أن يصل المجددون الحبل … و يحيوا ما اندرس من أمر الدين .. فحين أغلق باب النبوة فتح باب التجديد لهذه الأمة الممتدة في شعاب الزمن الباقية إلى يوم القيامة .
هذه البشرى العظيمة جاءت في حديث رواه أبو داود و أحمد و غيرهما عن أبي هريرة و هذا لفظه : " إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "
الغريب أن الرجل أخبرنا أن الفقهاء والمحدثين قبلوا معنى الحديث فلم يرده أحد منهم رغم غرابة إسناده وكونه حديث آحاد فقال :
والحديث حديث آحاد من حيث الإسناد , بل لعله غريب الإسناد , و مع هذا فإني بعد البحث والتقصي الطويل لم أجد أحدا من العلماء رد هذا الحديث أو تردد في قبوله , بل نقل السيوطي في رسالته المخطوطة " التنبئة فيمن يبعثه الله على رأس المائة " إجماع العلماء على تصحيحه , وهو كما قال بلا ريب . بغض النظر عن عشرات العلماء الذين نطقوا بتصحيح الحديث فإننا أمام مئات ممن تكلموا في شرحه و بحثوا في تحديد المجددين .. و تكلموا في المسائل المتفرعة عن هذا الحديث , و المبنية على تصحيحه . أفلا يحق لنا إذا أن نجزم بصحة هذا الحديث ؟ أفلا يحق لنا أن نقول : إنه يفيد العلم اليقيني ؟!
بلى .. وإن من يبحث هذا الحديث ويرى إطباق الأمة على تصديقه ليتكون لديه علم يقيني لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث ونطق به "
وبغض النظر عن كون كلام سلمان فيه بعض من التهويل لأن القوم فى كتبهم عدوه معضلا وبعض رواته متكلم فيها وننقل هنا بعضا مما قيل فى الحديث:
"حديث: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، أبو داود في الملاحم من سننه من حديث ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة؛ واسمه مسلم بن يسار الهاشمي عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا؛ وقال؛ بعده رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني عن شراحيل فلم يجز به شراحيل، يعني عضله، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط كالأول وسنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وكذا صححه الحاكم فإنه أخرجه في مستدركه من حديث ابن وهب، وسعيد الذي رفعه أولى بالقبول لأمرين: أحدهما أنه لم يختلف في توثيقه بخلاف عبد الرحمن فقد قال فيه ابن سعد إنه منكر الحديث، والثاني أن معه زيادة علم على من قطعه؛ وقوله فيما أعلم ليس بشك في وصله؛ بل قد جعل وصله معلواً له، وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث "كتاب المقاصد الحسنة
إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة من يجدد لها دينها " لأبي داود مرفوعا وقد عضله البعض في طريقه والرافع أولى اتفاقا وزيادة علمه وقد اعتمده الحفاظ وقد أخرجه الطبراني ورجاله ثقات"كتاب تذكرة الموضوعات
"14554- عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فِيمَا أَعْلَمُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:
إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِئَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا.
أخرجه أبو داود (4291) قال : حدَّثنا سُليمان بن داود المهري ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، عن شراحيل بن يزيد المعافري ، عن أبي علقمة ، فذكره.
- قال أبو داود : رواه عَبْد الرَّحْمان بن شُرَيْح الإسكندراني لم يَجُزْ به شَرَاحيل."كتاب المسند الجامع
"قال أبو داود رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني عن شراحيل الراوي لم يجزم برفعه قال المنذري وعبد الرحمن بن شريح ثقة من رجال الصحيحين وقد عضل الحديث انتهى
قلت ورواه ابن وهب حدثني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن علقمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله
قال ابن عدي ولا أعلم يرويه غير ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب ولا عن ابن وهب غير ثلاثة عمرو بن سواد السرحي وحرملة بن يحيى واحمد بن عبد الرحمن بن وهب
قال محمد ابن علي بن الحسين سمعت بعض اصحابنا يقول كان في المائة الاولى عمر بن عبد العزيز وفي المائة الثانية محمد بن ادريس الشافعي
قال ابن عدي وأبو علقمة اسمه مسلم بن يسار"كتاب اللآلىء المنثورة فى الأحاديث المشهورة
الغريب أن القوم صدقوا متن الحديث مع أنه يتعارض مع نصوص الوحى القرآنى فى التالى:
-تجديد الدين يعنى كونه شىء غير الدين القديم وهو ما يتعارض مع حفظ وحى الله بحيث لا يتغير فيه أى شىء كما قال تعالى :
"وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد"
-أن دين الله مكتمل كما قال تعالى :
"اليوم أكملت لكم دينكم"
والكامل لا يحتاج لشىء أخر معه كشخص
-أن فترة المائة سنة غير كافية لتحريف الدين خاصة بعد موت النبى(ص) لان المؤمنين به لا يكفرون به إلا فى عهد الخلف وهم بعد عدة أجيال من الجيل الأول فلا يمكن أن يكون التحريف فى الأجيال الثلاثة الأولى ومدة حياتهم تتجاوز المائة سنة بكثير وفى هذا قال تعالى :
" أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا"
-الدين واحد وفهمه الصحيح واحد فى كل العصور كما قال تعالى :
"وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه"
ومن ثم فما يحدث ليس تجديدا للدين وإنما هو :
عملية تصحيح للتفسيرات الخاطئة أى هداية المؤمنين للحق فى خلافاتهم التفسيرية
وبعد هذا اعتبر سلمان الحديث سنة إلهية ثابتة لها جوانب قال فيها:
" والحديث يقرر سنة إلهية مطردة في هذه الأمة , سنة التجديد لما اندرس من أمر هذا الدين على رأس كل مائة و هذه السنة لها جانبان :
الأول الجانب القدري … فهو خبر عن وعد إلهي لا يخلف , أن التجديد لا ريب فيه , وهو - بهذا الاعتبار - من البشارات النبوية العظيمة . فالتجديد قدر .. و من ذا يرد القدر ؟!
من ذا يحجب الشمس بيديه الضعيفتين ؟!
أتطفئ نور الله نفخة كافر *******تعالى الذي بالكبرياء تفردا
الثاني : الجانب الشرعي .. فهو طلب إلى الأمة , و خاصة القادرين من أهل العلم والإيمان أن يؤدوا الدور المنوط بهم .. فقد يكون التجديد على أيديهم .. إن المجدد ليس مَلَكا يهبط من السماء .. و ليس مهديا يخرج من السرداب .. !"
والحديث ليس سوى كذبة ظاهرة قيلت لإغراء العلماء على أن يعتقد كل منهم انه المجدد المزعوم لهذه المائة ومن ثم يدب الخلاف بينهم وبين أتباعهم من بعدهم ولهذا اختلف القوم فيمن هم المجددين المزعومين لكل قرن
ومع أن الحديث يتحدث عن شخص فإن العودة وكثير من القوم اعتبروا أنه يتحدث عن جماعة العلماء الذين سماهم أهل العلم والإيمان والغريب أن البعض كالعراقى نظم قصيدة فى المجددين وفيها قال سلمان:
"وإن كان العراقي - رحمه الله وغفر له - ظن ظنا في غير محله حين قال في قصيدته عن المجددين :
و أظن أن التاسع المهدي من ******** ولد النبي , أو المسيح المهتدي
فالأمر أقرب ما يكون وذو الحجى ******* متأخر ويسود غير مسود
فكان يظن أن مجدد القرن التاسع هو المهدي الموعود !"
وقد اعتبر المهدى أو عيسى(ص) أخر المجددين ولكنه استنكر انتظار الناس لهم دون تغيير لأنفسهم قال:
"نحن لا نجد حرجا في اعتبار المهدي أو عيسى آخر المجددين , وليس هذا بمنكر , لكن المنكر أن يضع المسلمون خدودهم على أكفهم , ويضعوا رجلا على أخرى و يقولون : ننتظر المجدد ! و المجدد لا يحيي الموتى .. و لا يحرك الرمم ! و ليس خارقا من الخوارق .. المجدد يتزعم تيارا متدفقا من أهل العلم والإيمان .. عمر بن عبد العزيز لم يكن وحده .. والشافعي لم يكن وحده .. و ابن تيمية لم يكن وحده .. كانت الأمة من ورائهم .. "
وبالقطع فكرة أخر المجددين وانتظار أحدهم فكرة خارجة عن الإسلام فالله طالب الناس بتغيير أنفسهم فقال :
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
والهداية لا تحتاج لشخص سوى للشخص نفسه الذى يريد الاهتداء كما قال تعالى :
"من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه"
والله لم يطالب أحد ان ينتظر من يخلصه فالخلاص هو على يد الشخص نفسه كما قال :
"لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"
ثم عاد سلمان لمقولة كون المجددين جماعة وليسوا أفرادا فردا فى كل قرن وهو تكذيب منه ومن الأخرين لظاهر الحديث فقال:
"ثم إن المجدد ليس بالضرورة فردا , بل الغالب أن يكون التجديد مهمة " طائفة " .. إنها الطائفة المنصورة التي تنازل الانحراف في الأمة فتنتصر عليه .
وإذا جاز أن يكون مجدد القرن الثاني أو الثالث فردا - على سبيل الافتراض - فإن هذا يكاد يتعذر في القرون المتأخرة , و ذلك لأن الأمة قد اتسعت و انتشرت وأصبح التأثير على جميعها أمرا في غاية المشقة والعسر , وجوانب الانحراف تعاظمت ولم تعد مقصورة على مجال دون آخر , مع أن نوعية المصلحين والمجددين تضعف ويقل مستواها كلما تقدم الزمن والله المستعان وعلى هذا الرأي تجتمع كلمة طائفة غير قليلة من أهل العلم .
فليس موقفا صحيحا أن ييأس المصلحون و يقعدوا في انتظار مجدد لا يدرون من أين يأتي .. و لنفترض فيهم من العيوب والنقائص ما نفترض .. فإنهم مخاطبون بالشريعة ومكلفون .. فمن كان عنده علم فليظهره .. و من كان لديه طاقة فليبذلها , ومن كان له موقع فليستثمر ذلك الموقع في أمر أو نهي أو إصلاح ."
وكما قلنا لا يوجد تجديد فى الدين ولا مجددون والموجود هو شخص أو أكثر يصحح تفسيرات الناس الخاطئة للوحى المحفوظ ويدلهم على تفسير الله الصحيح الذى نساه الناس أو انسوه
ويطالبنا الرجل بالصبر وعدم اليأس من التجديد فيقول :
وكم هو محزن أن تجد الكثيرين تخلوا عن مسؤولياتهم وواجباتهم بحجة أن الخرق قد اتسع على الراقع , و أنهم لا يمكن أن يسبحوا ضد التيار . فأين الصبر إذا ؟؟
" حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء , ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين "
" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب " و ها هنا يجيء أثر مثل تلك البشارة النبوية , و تبرز أهمية الإيمان المطلق بها . إننا أمام وعد مؤكد لا يتطرق إليه أدنى احتمال .. فلسنا معذورين بحال من الأحوال , لأن الحديث يؤكد أن التجديد يتم و يحدث على رأس كل قرن .. فمن يستطيع بعد ذلك أن يقول : الأمر أكبر من ذلك .. أو لا تنطح الجبل برأسك .. إن الداعية الصادق والعالم العامل يفتت الجبل بعزيمته الصادقة , و إيمانه العميق وهمم الرجال تبيد الجبال ."
والغريب أنه نقض مقولته عن تجديد الدين بالقول أن الإسلام هو الباقى على مر الزمان فقال:
"وكم من أمة أو نحلة ناهضت الإسلام , و ألبت عليه الأحزاب , و أثارت مخاوف المدافعين عن حوزات الإسلام فذهبت و بقي هو "
وبقاء الإسلام يعنى أنه ليس بحاجة لمن يجدده لأن المندثر هو من يجدد وأما الباقى فلا يمكن تجديده
هذا المقال منشور فى مجلة الإصلاح العدد247 بقلم سلمان بن فهد العودة
بدأ المقال بقول يصدقه كل المسلمين وهو أن القرآن هو وحى الله الأخير فيقول :
"من المقررات المفروغ منها عند جميع الأمة أن الأنبياء والمرسلين قد ختموا بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فلم تعد السماء تنفتح لنزول الوحي على بشر بعده عليه صلوات الله وسلامه .
وهذه عقيدة راسخة ثابتة بنص القرآن ، وصريح السنة ، وإجماع الأمة كافة ، ولذلك فالأمة قاطبة مجمعة على أن من أنكر ختم النبوة بمحمد صلى الله عليه وسلم فهو كافر لمخالفته النص القطعي الصريح { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين } "
وبناء على هذا قرر الرجل أن الأمة كفرت الفرقة القاديانية التى نقضت فكرة انتهاء نزول الوحى فقال:
"ولهذا رمت الأمة المسلمة القاديانية عن قوس واحدة , و ناضلت حتى أبانت للخاصة والعامة كفر هذه الطائفة ومروقها من الدين , و صدر بذلك حكم شرعي باعتبار القاديانية أقلية غير مسلمة وهذا الحكم لا يعدو أن يكون إعلانا رسميا للموقف الصحيح الذي لم يختلف فيه المسلمون لحظة من الزمان والذي يقضي بردة كل من ينكر ختم النبوة أو ينكر أمرا قطعيا ثابتا بالنص الصريح ."
وبنى سلمان على هذا مقولة لا أصل لها فى الإسلام وهى وجود مجددين للدين كل مئة سنة بناء على حديث مشكوك فيه فقال:
"وإذا كانت حكمته تعالى اقتضت أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم الله عليه وسلم خاتم الرسل وآخرهم … فإن من رحمته تعالى أن يصل المجددون الحبل … و يحيوا ما اندرس من أمر الدين .. فحين أغلق باب النبوة فتح باب التجديد لهذه الأمة الممتدة في شعاب الزمن الباقية إلى يوم القيامة .
هذه البشرى العظيمة جاءت في حديث رواه أبو داود و أحمد و غيرهما عن أبي هريرة و هذا لفظه : " إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "
الغريب أن الرجل أخبرنا أن الفقهاء والمحدثين قبلوا معنى الحديث فلم يرده أحد منهم رغم غرابة إسناده وكونه حديث آحاد فقال :
والحديث حديث آحاد من حيث الإسناد , بل لعله غريب الإسناد , و مع هذا فإني بعد البحث والتقصي الطويل لم أجد أحدا من العلماء رد هذا الحديث أو تردد في قبوله , بل نقل السيوطي في رسالته المخطوطة " التنبئة فيمن يبعثه الله على رأس المائة " إجماع العلماء على تصحيحه , وهو كما قال بلا ريب . بغض النظر عن عشرات العلماء الذين نطقوا بتصحيح الحديث فإننا أمام مئات ممن تكلموا في شرحه و بحثوا في تحديد المجددين .. و تكلموا في المسائل المتفرعة عن هذا الحديث , و المبنية على تصحيحه . أفلا يحق لنا إذا أن نجزم بصحة هذا الحديث ؟ أفلا يحق لنا أن نقول : إنه يفيد العلم اليقيني ؟!
بلى .. وإن من يبحث هذا الحديث ويرى إطباق الأمة على تصديقه ليتكون لديه علم يقيني لا شك فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث ونطق به "
وبغض النظر عن كون كلام سلمان فيه بعض من التهويل لأن القوم فى كتبهم عدوه معضلا وبعض رواته متكلم فيها وننقل هنا بعضا مما قيل فى الحديث:
"حديث: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، أبو داود في الملاحم من سننه من حديث ابن وهب، أخبرني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن أبي علقمة؛ واسمه مسلم بن يسار الهاشمي عن أبي هريرة فيما أعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا؛ وقال؛ بعده رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني عن شراحيل فلم يجز به شراحيل، يعني عضله، وقد أخرجه الطبراني في الأوسط كالأول وسنده صحيح، ورجاله كلهم ثقات، وكذا صححه الحاكم فإنه أخرجه في مستدركه من حديث ابن وهب، وسعيد الذي رفعه أولى بالقبول لأمرين: أحدهما أنه لم يختلف في توثيقه بخلاف عبد الرحمن فقد قال فيه ابن سعد إنه منكر الحديث، والثاني أن معه زيادة علم على من قطعه؛ وقوله فيما أعلم ليس بشك في وصله؛ بل قد جعل وصله معلواً له، وقد اعتمد الأئمة هذا الحديث "كتاب المقاصد الحسنة
إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة من يجدد لها دينها " لأبي داود مرفوعا وقد عضله البعض في طريقه والرافع أولى اتفاقا وزيادة علمه وقد اعتمده الحفاظ وقد أخرجه الطبراني ورجاله ثقات"كتاب تذكرة الموضوعات
"14554- عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، فِيمَا أَعْلَمُ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:
إِنَّ اللهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِئَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا.
أخرجه أبو داود (4291) قال : حدَّثنا سُليمان بن داود المهري ، أخبرنا ابن وهب ، أخبرني سعيد بن أبي أيوب ، عن شراحيل بن يزيد المعافري ، عن أبي علقمة ، فذكره.
- قال أبو داود : رواه عَبْد الرَّحْمان بن شُرَيْح الإسكندراني لم يَجُزْ به شَرَاحيل."كتاب المسند الجامع
"قال أبو داود رواه عبد الرحمن بن شريح الاسكندراني عن شراحيل الراوي لم يجزم برفعه قال المنذري وعبد الرحمن بن شريح ثقة من رجال الصحيحين وقد عضل الحديث انتهى
قلت ورواه ابن وهب حدثني سعيد بن أبي أيوب عن شراحيل بن يزيد المعافري عن علقمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله
قال ابن عدي ولا أعلم يرويه غير ابن وهب عن سعيد بن أبي أيوب ولا عن ابن وهب غير ثلاثة عمرو بن سواد السرحي وحرملة بن يحيى واحمد بن عبد الرحمن بن وهب
قال محمد ابن علي بن الحسين سمعت بعض اصحابنا يقول كان في المائة الاولى عمر بن عبد العزيز وفي المائة الثانية محمد بن ادريس الشافعي
قال ابن عدي وأبو علقمة اسمه مسلم بن يسار"كتاب اللآلىء المنثورة فى الأحاديث المشهورة
الغريب أن القوم صدقوا متن الحديث مع أنه يتعارض مع نصوص الوحى القرآنى فى التالى:
-تجديد الدين يعنى كونه شىء غير الدين القديم وهو ما يتعارض مع حفظ وحى الله بحيث لا يتغير فيه أى شىء كما قال تعالى :
"وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد"
-أن دين الله مكتمل كما قال تعالى :
"اليوم أكملت لكم دينكم"
والكامل لا يحتاج لشىء أخر معه كشخص
-أن فترة المائة سنة غير كافية لتحريف الدين خاصة بعد موت النبى(ص) لان المؤمنين به لا يكفرون به إلا فى عهد الخلف وهم بعد عدة أجيال من الجيل الأول فلا يمكن أن يكون التحريف فى الأجيال الثلاثة الأولى ومدة حياتهم تتجاوز المائة سنة بكثير وفى هذا قال تعالى :
" أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية إبراهيم وإسرائيل وممن هدينا واجتبينا إذ تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا"
-الدين واحد وفهمه الصحيح واحد فى كل العصور كما قال تعالى :
"وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين أمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه"
ومن ثم فما يحدث ليس تجديدا للدين وإنما هو :
عملية تصحيح للتفسيرات الخاطئة أى هداية المؤمنين للحق فى خلافاتهم التفسيرية
وبعد هذا اعتبر سلمان الحديث سنة إلهية ثابتة لها جوانب قال فيها:
" والحديث يقرر سنة إلهية مطردة في هذه الأمة , سنة التجديد لما اندرس من أمر هذا الدين على رأس كل مائة و هذه السنة لها جانبان :
الأول الجانب القدري … فهو خبر عن وعد إلهي لا يخلف , أن التجديد لا ريب فيه , وهو - بهذا الاعتبار - من البشارات النبوية العظيمة . فالتجديد قدر .. و من ذا يرد القدر ؟!
من ذا يحجب الشمس بيديه الضعيفتين ؟!
أتطفئ نور الله نفخة كافر *******تعالى الذي بالكبرياء تفردا
الثاني : الجانب الشرعي .. فهو طلب إلى الأمة , و خاصة القادرين من أهل العلم والإيمان أن يؤدوا الدور المنوط بهم .. فقد يكون التجديد على أيديهم .. إن المجدد ليس مَلَكا يهبط من السماء .. و ليس مهديا يخرج من السرداب .. !"
والحديث ليس سوى كذبة ظاهرة قيلت لإغراء العلماء على أن يعتقد كل منهم انه المجدد المزعوم لهذه المائة ومن ثم يدب الخلاف بينهم وبين أتباعهم من بعدهم ولهذا اختلف القوم فيمن هم المجددين المزعومين لكل قرن
ومع أن الحديث يتحدث عن شخص فإن العودة وكثير من القوم اعتبروا أنه يتحدث عن جماعة العلماء الذين سماهم أهل العلم والإيمان والغريب أن البعض كالعراقى نظم قصيدة فى المجددين وفيها قال سلمان:
"وإن كان العراقي - رحمه الله وغفر له - ظن ظنا في غير محله حين قال في قصيدته عن المجددين :
و أظن أن التاسع المهدي من ******** ولد النبي , أو المسيح المهتدي
فالأمر أقرب ما يكون وذو الحجى ******* متأخر ويسود غير مسود
فكان يظن أن مجدد القرن التاسع هو المهدي الموعود !"
وقد اعتبر المهدى أو عيسى(ص) أخر المجددين ولكنه استنكر انتظار الناس لهم دون تغيير لأنفسهم قال:
"نحن لا نجد حرجا في اعتبار المهدي أو عيسى آخر المجددين , وليس هذا بمنكر , لكن المنكر أن يضع المسلمون خدودهم على أكفهم , ويضعوا رجلا على أخرى و يقولون : ننتظر المجدد ! و المجدد لا يحيي الموتى .. و لا يحرك الرمم ! و ليس خارقا من الخوارق .. المجدد يتزعم تيارا متدفقا من أهل العلم والإيمان .. عمر بن عبد العزيز لم يكن وحده .. والشافعي لم يكن وحده .. و ابن تيمية لم يكن وحده .. كانت الأمة من ورائهم .. "
وبالقطع فكرة أخر المجددين وانتظار أحدهم فكرة خارجة عن الإسلام فالله طالب الناس بتغيير أنفسهم فقال :
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
والهداية لا تحتاج لشخص سوى للشخص نفسه الذى يريد الاهتداء كما قال تعالى :
"من اهتدى فإنما يهتدى لنفسه"
والله لم يطالب أحد ان ينتظر من يخلصه فالخلاص هو على يد الشخص نفسه كما قال :
"لا يضركم من ضل إذا اهتديتم"
ثم عاد سلمان لمقولة كون المجددين جماعة وليسوا أفرادا فردا فى كل قرن وهو تكذيب منه ومن الأخرين لظاهر الحديث فقال:
"ثم إن المجدد ليس بالضرورة فردا , بل الغالب أن يكون التجديد مهمة " طائفة " .. إنها الطائفة المنصورة التي تنازل الانحراف في الأمة فتنتصر عليه .
وإذا جاز أن يكون مجدد القرن الثاني أو الثالث فردا - على سبيل الافتراض - فإن هذا يكاد يتعذر في القرون المتأخرة , و ذلك لأن الأمة قد اتسعت و انتشرت وأصبح التأثير على جميعها أمرا في غاية المشقة والعسر , وجوانب الانحراف تعاظمت ولم تعد مقصورة على مجال دون آخر , مع أن نوعية المصلحين والمجددين تضعف ويقل مستواها كلما تقدم الزمن والله المستعان وعلى هذا الرأي تجتمع كلمة طائفة غير قليلة من أهل العلم .
فليس موقفا صحيحا أن ييأس المصلحون و يقعدوا في انتظار مجدد لا يدرون من أين يأتي .. و لنفترض فيهم من العيوب والنقائص ما نفترض .. فإنهم مخاطبون بالشريعة ومكلفون .. فمن كان عنده علم فليظهره .. و من كان لديه طاقة فليبذلها , ومن كان له موقع فليستثمر ذلك الموقع في أمر أو نهي أو إصلاح ."
وكما قلنا لا يوجد تجديد فى الدين ولا مجددون والموجود هو شخص أو أكثر يصحح تفسيرات الناس الخاطئة للوحى المحفوظ ويدلهم على تفسير الله الصحيح الذى نساه الناس أو انسوه
ويطالبنا الرجل بالصبر وعدم اليأس من التجديد فيقول :
وكم هو محزن أن تجد الكثيرين تخلوا عن مسؤولياتهم وواجباتهم بحجة أن الخرق قد اتسع على الراقع , و أنهم لا يمكن أن يسبحوا ضد التيار . فأين الصبر إذا ؟؟
" حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا فنجي من نشاء , ولا يرد بأسنا عن القوم المجرمين "
" أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب " و ها هنا يجيء أثر مثل تلك البشارة النبوية , و تبرز أهمية الإيمان المطلق بها . إننا أمام وعد مؤكد لا يتطرق إليه أدنى احتمال .. فلسنا معذورين بحال من الأحوال , لأن الحديث يؤكد أن التجديد يتم و يحدث على رأس كل قرن .. فمن يستطيع بعد ذلك أن يقول : الأمر أكبر من ذلك .. أو لا تنطح الجبل برأسك .. إن الداعية الصادق والعالم العامل يفتت الجبل بعزيمته الصادقة , و إيمانه العميق وهمم الرجال تبيد الجبال ."
والغريب أنه نقض مقولته عن تجديد الدين بالقول أن الإسلام هو الباقى على مر الزمان فقال:
"وكم من أمة أو نحلة ناهضت الإسلام , و ألبت عليه الأحزاب , و أثارت مخاوف المدافعين عن حوزات الإسلام فذهبت و بقي هو "
وبقاء الإسلام يعنى أنه ليس بحاجة لمن يجدده لأن المندثر هو من يجدد وأما الباقى فلا يمكن تجديده