رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب تأثير العرف في تحديد معنى الكفاءة في الزواج المؤلف مروان محمد محروس المدرس الأعظمي والكتاب هو تكريس للتفرقة بين المسلمين لأسباب ليست فى كتاب الله وإنما هى أسباب اخترعها الفقهاء فى كتبهم تعيد للناس أحكام الجاهلية حيث النبلاء والعامة أو السادة والعبيد أو الأشراف وغير الأشراف وأن المال يجلب الشرف وقد استهل حديثه ببيان معنى الكفاءة المزعوم لغة واصطلاحا فقال :
"المبحث الأول
معنى الكفاءة لغة واصطلاحا
الكفاءة – بالفتح والمد - .. والمكافأة : في اللغة مصدر .. [ كافأ ] ، وتستعملان اسما .
والكفاء : المجازاه.. تقول : ما لي به قبل ولا كفاء ، أي : ما لي به طاقة على أن أكافئه .
وقول حسان بن ثابت : [ وروح القدس ليس له كفاء ] ، أي جبريل ليس له نظير ولا مثيل . وفي الحديث : { فنظر إليهم فقال : من يكافئ هؤلاء } .
وفي حديث الأحنف : لا أقاوم من لا كفاء له .
والكفيء .. والكفء .. والكفوء : النظير ، والمساوي .
ومما تقدم : الكفاءة في النكاح .
ونقول فلان كفء فلانة : اذا كان يصلح لها بعلا ، والجمع أكفاء.
وتكافأ الشيئان : تماثلا .
وكافأه .. مكافأة .. وكفاء : ماثله .
ومن كلامهم : [ الحمد لله كفاء الواجب ] ، أي : قدر مايكون مكافئا له .
وفي الحديث : { المسلمون تتكافأ دماؤهم .. } ، أي : تتساوى في .. الديات ، والقصاص .
وفي اصطلاح الفقهاء - : لها استعمالات .. منها الكفاءة في الدماء ، والكفاءة في النكاح .. فالكفاءة في باب الزواج هي : المماثلة بين الزوجين في أمور مخصوصة.
والأمور المخصوصة .. هي : مساواة الزوج للمرأة ، في : حسبها ، ودينها ، ونسبها ، وبيتها .. وغير ذلك ."
وعرفها البركتي بانها : مساواة مخصوصة بين الزوجين ، أو كون الزوج نظيرا للزوجة. قلت / فعلى هذا .. الكفاءة في النكاح : أن يكون الزوج كفئا للزوجة في الأمور المذكورة ."
وفى المبحث الثانى عرفنا لغة واصطلاحا معنى العرف فقال :
"المبحث الثاني
معنى [ العرف ] .. لغة ، واصطلاحا
العرف – في اللغة - : ما تعارف عليه الناس في عاداتهم ، ومعاملاتهم .
والعرف : المعروف .
والعرف : شعر عنق الفرس ، ولحمة مستطيلة على رأس الديك .
والعرف : موج البحر ، والمكان المرتفع(4).
وعرف .. وعرف .. عرف .. الخ : أفعال لها تصاريف عدة ، ولكل تصريف معان في الاستعمال اللغوي لا تعنينا ، وما نحن بصدده من استعمال .. نقلناه .
أما اصطلاحا .. فقد عرفها عبد الله بن احمد النسفي في [ المستصفى ] ، بقوله :
العرف - ما استقر في النفوس من جهة العقول ، وتلقته الطباع السليمة بالقبول.
ونقل ذات التعريف ابن عابدين في رسالته عن العرف ، عن صاحب شرح الاشباه للبيري ، عن المستصفى.
وفي هذا التعريف نقص ، إذ لم يذكر ما الذي استقر في النفوس ، وتلقته الطباع بالقبول .. وينبغي أن يتضمن التعريف ذلك ، فيقول : ما استقر في النفوس من الأفعال .. ، وسيشمل الفعل : الإيجابي ، والسلبي .. [ فعدم الفعل فعل ]، والامتناع الإرادي فعل ، ولذلك يحاسب عليه الإنسان !
وعرفه البركتي ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول وتلقته الطبائع السليمة بالقبول
وعرفه من المحدثين جمع .. بانه : ما تعارف جمهور الناس وساروا عليه ، سواء كان قولا ، أو فعلا ، أو تركا
وهذا التعريف ليس من الدقة في شئ ، وذلك :
1. في التعريف دور – كما يقول المناطقة - ، لتوقف [ العرف ] على لفظة [ تعارف ] .
2. لم يكن التعريف حقيقيا – كما هو شرط المناطقة - .
3. لم يعتبر التعريف [ الترك ] فعلا ، مع أن المعلوم عكس ذلك .
والذي نرتضيه .. هو : تعريف النسفي ، مع القيد الذي أضفناه له .
وأغلب الفقهاء يسوي بين : العرف ، والعادة.
ومنهم .. من يرى بأن : العادة أعم من العرف ، وأوسع.
وأقول : المسألة مسألة اصطلاح ، و [ لا مشاحة في الاصطلاح ] ، ومعلوم أن الاصطلاح هو .. عرف خاص ، فليتنبه لهذا.
والعرف .. قد : يكون عمليا ، وقد يكون قوليا .
فالعرف العملي : هو ما جرى عليه العمل ، سواء أ كان ذلك عاما .. مثل دخول الحمام من غير تعيين زمن ، ولا أجرة ، أو خاصا ببلد .. مثل كون رأس المال لاهل البوادي هو الأنعام .
أما العرف القولي : فهو ما كان من الألفاظ ، ووضعها للدلالة على معنى معين ، فإن كان بين فئة من الناس .. فهو : [ خاص ] كاطلاق الجيولوجيين على الفحوص التي يجرونها في الأرض عن طريق التفجيرات .. [ الفحص الزلزالي ] ، مع أن للزلازل معنى لغويا معروفا هو غير هذا ! .
وإن بين جميعهم .. فهو : [ عام ] ، كإطلاق لفظ [ الدابة ] على ذوات الأربع ، وهي في اللغة لكل ما يدب على الأرض ! .
فالأعراف اللغوية هي من : [ المجاز ] ، أي .. ما جاوزنا به معناه إلى غيره ، مع قرينة تمنع إرادة الأصل .
وقد تنقلب المجازات – بأنواعها – إلى حقائق .. بشرطين :
1. التبادر عند الاطلاق .
2. وعدم جواز نفيها .
فهناك – حينئذ – حقائق : شرعية ، وعرفية خاصة تتنوع إلى أنواع الأعراف الخاصة ، وعرفية عامة إذا كانت لدى الكافة .
وقد وضع الفقهاء المسلمون شروطا لأجل اعتبار العرف ، وللعمل به ، من أهمها :
1. أن يكون العرف مطردا .. أو غالبا ، قال في [ الأشباه والنظائر ] : [ إنما تعتبر العادة اذا اطردت ، أو غلبت ، أما الشهرة فلا عبرة بها ].
2. أن يكون العرف عاما – على رأي بعض - ، فقد ثار خلاف حول العرف الذي يعتبر في بناء الأحكام .. هل هو العرف العام فقط ، أم مطلق العرف ؟ .
أقول : والذي عليه العمل ، هو .. اعتبار العرف الخاص في ترك القياس ، وفي تخصيصه ، فحينما تعارف أهل [ بلخ ] على إعطاء النساج جزء من المنسوج أجرة له ، فلإنما حرمة ذلك قد ثبتت قياسا على [ قفيز الطحان ] الذي ورد به صريح النهي عن الرسول عليه السلام ، فخص القياس بالعرف الخاص.
3. أن لايكون العرف مخالفا للشرع .
4. أن يكون العرف الذي يحمل عليه التصرف موجودا وقت إنشاء التصرف ، بأن يكون حدوث العرف سابقا على وقت التصرف ، ثم يستمر إلى زمانه .. فيقارنه ، سواء أ كان التصرف : قولا ، أم فعلا .
ويقول صاحب الأشباه: [ والعرف الذي تحمل عليه الالفاظ إنما هو المقارن السابق ، لا المتأخر ، ولذا قالوا : لاعبرة بالعرف الطارئ ] .
ولقد راعى الشارع الحكيم العرف الصالح ، إذ أنه نزع الناس عما تعارفوا وساروا عليه ، فيه حرج عظيم ، لذا يواجه الانبياء حرج كبير ، لانهم يقومون بنزع الناس عن أعرافهم الفاسدة .
ولقد راعت الشريعة الاسلامية الاعراف التي كانت سائدة في الجاهلية ، واقرت الصحيح منها ، وألغت المخالف للشرع ، وأمثلته كثيرة ..
فمن المقر : البيع ، والشركة ، والوكالة ، والرهن ، والإجارة .. وغيرها
ومما ألغته : ما يحميه الملوك لأنفسهم من الأرضين ، وبيع المنابذة ، وبيع الملامسة ، وتلقي الركبان ، وبيع الحاضر للباد .. الخ ."
وكل الكلام السابق كلام لا علاقة له بدين الله فلا يوجد ههرف فى دين الله لأن الله عرف الناس والمقصود بين حكم كل شىء فقال :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وقال :
" وكل شىء فصلناه تفصيلا"
إذا لا قيمة لكل كلام الفقهاء وأشباههم مع كلام الله فالعرف هو اشراك الناس فى التشريع وهو كفر بالله تعالى فلا مشرع سواه كما قال :
" شرع لكم من الدين"
وتحدث هم الهدف من الكفاءة عند الفقهاء فنقل كم كتبهم كلاما نعوذ بالله منه وهو قوله :
"المبحث الثالث الغرض من الكفاءة
لقد اختلف الفقهاء في اعتبار شتراط الكفاءة :
فذهب بعض الحنفية - ومنهم الكرخي - ، والحسن البصري من التابعين : إلى عدم اعتبارها ، وأنه كان يقول : [ الأصح عندي أن لا تعتبر الكفاءة في النكاح أصلا ; لأن الكفاءة غير معتبرة فيما هو أهم من النكاح , وهو الدماء فلأن لا تعتبر في النكاح أولى ].
وذهب الأكثر من فقهاء الحنفية : إلى اعتبارها ، ووجه اعتبارها عندهم , أن انتظام المصالح يكون عادة بين المتكافئين , والنكاح شرع لانتظامها , ولا تنتظم المصالح بين غير المتكافئين , فالشريفة تأبى أن تكون مستفرشة للخسيس , وتعير بذلك ; ولأن النكاح وضع لتأسيس القرابات الصهرية , ليصير البعيد قريبا عضدا وساعدا , يسره ما يسرك , وذلك لا يكون إلا بالموافقة والتقارب , ولا مقاربة للنفوس عند مباعدة الأنساب , والاتصاف بالرق والحرية , ونحو ذلك , فعقده مع غير المكافئ قريب الشبه من عقد لا تترتب عليه مقاصده . وذهب الحنفية - في رواية الحسن المختارة للفتوى عندهم - ، واللخمي ، وابن بشير ، وابن فرحون ، وابن سلمون - من المالكية - ، وهو رواية عن أحمد : إلى أن الكفاءة شرط في صحة النكاح.
وقالوا : إذا كانت الكفاءة مطلوبة في القتال ، ففي النكاح أولى .. [ هذا لأن النكاح يعقد للعمر , ويشتمل على أغراض ومقاصد من : الصحبة ، والألفة ، والعشرة ، وتأسيس القرابات , وذلك لا يتم إلا بين الأكفاء , وفي أصل الملك على المرأة نوع ذلة , وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :{ النكاح رق ، فلينظر أحدكم أين يضع كريمته } ، وإذلال النفس حرام , قال : صلى الله عليه وسلم : { ليس للمؤمن أن يذل نفسه } ، وإنما جوز ما جوز منه ; لأجل الضرورة , وفي استفراش من لا يكافئها زيادة الذل , ولا ضرورة في هذه الزيادة فلهذا اعتبرت الكفاءة ... ].
وقالوا : [ .. إذ الكفاءة وضعت لغرض استمرار العلاقة الزوجية ، فالمرأة بطبيعتها تأبى أن تكون مستفرشة لمن هو أدنى منها ، ذلك لان دناءة الفراش تغيضها ، وتجلب لها ولأوليائها العار ، والمرأة تتعير كذلك إذا كان زوجها أقل شأنا منها ، إضافة إلى ذلك فالولد سوف يتسمى بأسم الاب ]."
وبعد أن بين أن هناك رأيين أولهما لا يعتبر الكفاءة فى الزواج ورأى يعتبرها تحدث عن أمور الكفاءة فى الرأى الثانى فقال :
"المبحث الرابع
في نطاق اعتبار الكفاءة
لقد اختلف الفقهاء فيما يعد من الكفاءة ..
فمذهب الحنفية هو : اعتبارها في أمور ستة هي .. النسب ، الاسلام ، الحرية ، المال ، الديانة ، الحرفة .
ومذهب لشافعية : اعتبارها في .. النسب ، والسلامة من العيوب ، والدين ، والصلاح ، والحرفة ، والحرية .ولم يذكر الكفاءة في المال او اليسار
أما الحنابلة .. فقد وردت عنهم روايتان عن الامام أحمد : أحدهما كالمذهب الشافعي - ماعدا السلامة من العيوب - . والاخرى اعتبرت الكفاءة في : التقوى ، والنسب ، واختلفت فيما عداها .
أما الامام مالك : فلم يعتبر الكفاءة في النسب ، ولا في الصناعة ، ولافي المال أو الغنى ، إنما الكفاءة – عنده - في : التدين ، والتقوى ، والسلامة من العيوب .. وفي الحرية عنه روايتان .. إحداهما تعتبرها ، والأخرى لا .
إن اختلاف أئمة المذاهب حول خصال الكفاءة ، بل واختلاف أئمة المذهب الواحد حول هذه الخصال دليل على أن مايعتبر من الكفاءة هي مسألة نسبية مختلف عليها ، يعود تقديرها الى طبيعة الزمان والمكان .
إن خصال الكفاءة لم يتم تحديدها كما حددت مصارف الزكاة الواردة في آية الزكاة ، وبالتالي كانت مثار خلاف بين الفقهاء ، وتحديد ما يعتبر منها كان مصدره الاساس هو ما تعارف عليه الناس ، ولذا اختلفت احكام الكفاءة باختلاف البقاع والازمان .
وقد أشار بعض الفقهاء إلى هذه الحقيقة بصورة عرضية .. : قال في البدائع : [ فلا يكون الفقير كفئا للغنية ; لأن التفاخر بالمال أكثر من التفاخر بغيره عادة , وخصوصا في زماننا هذا ] . فقوله .. خصوصا في زماننا ، إشارة إلى أنه قد قاس هذا الحكم على عرف زمانه .
وبمناسبة الكلام عن الكفاءة في الحرفة ، أشار إلى رأي الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، إلى كونها عرفية ، فقال : [ وأما الحرفة , فقد ذكر الكرخي أن الكفاءة في الحرف والصناعات معتبرة عند أبي يوسف , فلا يكون الحائك كفئا للجوهري والصيرفي , وذكر أن أبا حنيفة بنى الأمر فيها على عادة العرب أن مواليهم يعملون هذه الأعمال لا يقصدون بها الحرف , فلا يعيرون بها , وأجاب أبو يوسف على عادة أهل البلاد أنهم يتخذون ذلك حرفة , فيعيرون بالدنيء من الصنائع , فلا يكون بينهم خلاف في الحقيقة . وكذا ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي اعتبار الكفاءة في الحرفة ].
ففي هذا النص إشارة واضحة إلى أن الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه ، قد بنى الأمر على عرف العرب في ذلك الزمان ، فإذا تغير الزمان .. فلامانع من تغير الحكم مادام الحكم قد بني على العرف ، ومعلوم أنه : [ لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ] ، وحقيقته أن الزمان لا يتغير ، وإنما أهل الزمان .. وبالتالي عملهم ! .
كذلك نرى الإمام أبا يوسف .. قد بنى الحكم على عادة أهل البلاد .
... وقال ابن الهمام في الفتح (( فاذا ثبت اعتبار الكفاءة بما قدمنا – أي بالادلة المذكورة سابقا- فيمكن ثبوت تفصيلها بعرف الناس فيما يحقرونه ويعيرون به ، فيستأنس بالحديث الضعيف في ذلك ))وقال ان المعتبر في شرف الحرفة ودنائتها هو العرف في كل زمان ومكان ، والمعول عليه في تقارب المهن وتباعدها هو العرف .
ولكونها عرفية ، نراهم اختلفوا في أمور :
1. في ديانة الرجل ..يرى محمد : اعتبارها إلا أن يكون الفاسق مهيبا وذا شوكة بين الناس .
ولم يعتبرها أبو حنيفة مطلقا ، لان الفسق قابل للزوال .
وقال نفس القول أبو يوسف ، إلا اذا كان الفاسق يجهر بفسقه بين الناس ، فإنه لايكون كفئا للصالحة بنت الصالح.
2. الحرفة ..
فقد اعتبرها ابو يوسف ومحمد .ولم يعتبرها ابو حنيفة .وروي عن أبي يوسف .. مثل قول أبي حنيفة ، إلا أن تكون الحرفة فاحشة في الدنو .. كالحجام ، والدباغ ، وسائق الدواب .
3. المال ..
لقد اختلفت الروايات حول معنى الكفاءة في المال .. فمنهم من عنى بها القدرة على دفع المهر ، ومنهم من قصد منها القدرة على دفع النفقة.
4.الحسب ..
فالمروي عن محمد قوله : اعتبارها ، حتى إن الذي يسكر فيخرج فيستهزئ به الصبيان لا يكون كفئا للمرأة الصالحة من أهل البيوتات . وكذلك أعوان الظلمة من يستخف به منهم لا يكون كفؤا لامرأة صالحة من أهل البيوتات ، إلا أن يكون مهيبا يعظم في الناس .
وعن أبي يوسف قال : الذي يشرب المسكر .. فإن كان يسر ذلك فلا يخرج سكرانا ، كان كفئا , وإن كان يعلن ذلك لم يكن كفئا لامرأة صالحة من أهل البيوتات .
ولم ينقل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى .. شيء من ذلك , والصحيح عنده أنه غير معتبر، لأن هذا ليس بلازم حتى لا يمكن تركه
وما تقدم يشير إلى أن أحكام الكفاءة قد بنيت على الأعراف السائدة في أزمانهم ، فالامام ابو يوسف لايعتبر أعوان الظلمة كفئا لامرأة صالحة إذا كان يستخف به ، ولكنه يعتبره كفئا إذا كان مهيبا في أعين الناس ، أي .. أنه جعل المسالة معلقة على ماينظر إليه الناس !! .
ولا نريد التوسع في ذكر الآراء في هذه المسألة الخلافية ، وإنما قصدنا فقط الإشارة إلى الاختلاف حول خصالها في الزمن المتقارب بين أئمة مذهب واحد ! ، فما ظنك بتباعد الأماكن ، والأزمان ؟ ! .
ويؤكد هذا الأمر الشيخ محمد أبو زهرة: إذ يعتبر الكفاءة من الامور الخاضعة للعرف ، لان استمرار الحياة الزوجية يستلزم وجود تقارب بين أسرتي الزوج والزوجة ."
وكل ما قيل هو كلام فارغ يقوله الناس المجرمون أو العامة فى الشوارع وليس فقهاء لأنه لا يوجد دليل واحد من الوحى على الكفاءة المزعومة وإنما الأدلة فى القرآن تحرم تلك الكفاءة المزعومة
وتحدث فى المبحث التالى عن العرف وأثره في الوقت الحاضر فقال :
"المبحث الخامس
العرف وأثره في الوقت الحاضر
إن الشريعة الاسلامية قد قررت أن لتغير الأوضاع والأحوال الزمنية تأثيرا كبيرا في الاحكام الشرعية الاجتهادية ، فالشرع الاسلامي يهدف إلى : إقامة العدل ، وجلب المصالح ، ودرء المفاسد .. ولهذا وجد الكثير من الأحكام التي : تختلف باختلاف الناس وأحوالهم ، وتبدل ظروفهم ومصالحهم ، فالشارع إن وضع حكما واحدا لما يمكن أن يتغير ، فإن كثيرا من الناس سيصاب بكثير من الجهد والعسر ، وهذا يؤدي الى خلاف ما يقصده الاسلام الذي بنى أحكامه على مصالح العباد ، لذا نجد المشرع قد وضع أحكاما مطلقة عن البيان والتفصيل ، يمكن تطبيقها بمراعاة الظروف والأحوال ، وقد تتغير تبعا لذلك ، وبالتالي يبقى الفقه الاسلامي صالحا لكل زمان ومكان .. فلولا الأحكام القابلة للإجتهاد لما صحت هذه المقولة ! .
ولذا أفتى الفقهاء المتأخرون - من شتى المذاهب الفقهية - في كثير من المسائل ، مخالفين ما أفتى به أئمة مذاهبهم ، أو فقهائهم السابقين ، وصرح هؤلاء المتأخرون بأن سبب اختلاف فتواهم عمن سبقهم ، هو اختلاف الزمان .. لا غير ، فهم ليسوا في الحقيقة مخالفين للسابقين من فقهاء مذاهبهم ، بل لو وجد الائمة السابقون في عصر المتأخرين ، ورأوا الاختلاف في الأعراف ، والطبائع ، والحاجات ، بل واختلاف الوسائل .. لعدلوا الى ما قاله المتأخرون.
لقد كان الاحناف أكثر المذاهب توسعا في الأخذ بالعرف ، فقد كتب ابن عابدين – من المتأخرين - رسالته الشهيرة : [ نشر العرف في بناء بعض الاحكام على العرف ] ، ووضعوا العديد من القواعد المستنبطة من فروعهم ، والدالة على اعتبار العرف في الأحكام فيما لا نص ولا إجماع فيه ، ونذكر جملة من هذه القواعد :
[ العادة محكمة ].
[ الحقيقة تترك بدلالة العادة ].
[ استعمال الناس حجة يجب العمل بها ]
[ المعروف عرفا كالمشروط شرطا ]
[ التعيين بالعرف كالتعيين بالنص ]
[ لاينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ]
[ العادة تجعل حكما إذا لم يوجد التصريح بخلافه ]
[ العادة معتبرة في تقييد مطلق الكلام ]
[ المعروف بين التجار كالمشروط بينهم ].
[ الثابت بالعرف كالثابت بالنص ]
ويقول ابن عابدين في رسالته عن العرف : [ على أن المفتي ليس له الجمود على المنقول في كتب ظاهر الرواية من غير مراعاة الزمان وأهله ، وألا يضيع حقوقا كثيرة ، ويكون ضرره أعظم من نفعه ].
لذا فقد خالف المتأخرون الإمام وصاحبيه في مسائل عديدة ، استنادا لتغير الأحوال .. منها : قولهم بجواز أخذ الاجرة عن : تعليم القرآن ، والآذان ، والإمامة .. خلافا لما قال به الامام وصاحبيه .
ومنها : أن أبا حنيفة رضي الله عنه ، اكتفى في الشهود بالعدالة الظاهرة فيما عدا : الحدود ، والقصاص ، ولم ير تزكيتهم ، استنادا لقول الرسول عليه السلام : { المسلمون عدول بعضهم على البعض } ، وكان هذا الاجتهاد مناسبا لزمان الإمام رضي الله عنه ، لغلبة الخير فيه ، فلما كان زمان .. أبي يوسف .. ومحمد .. وفشا فيه الكذب ، كان الأخذ بظاهر العدالة فيه مفسدة ، وضياع الحقوق ، فدعا فساد الزمان إلى قولهما بتزكية جميع الشهود ، درء لهذه المفسدة !! ، ولذا قال الفقهاء عن هذا الخلاف : إنه اختلاف عصر وزمان ، وأفتوا بقول الصاحبين.
واستنادا لهذا فإن العلماء اعتبروا العرف أصلا من أصول الاستنباط تبنى عليه الأحكام فيما لاإجماع ولا نص فيه ، لأن .. ما تعارف عليه الناس وساروا عليه صار من حاجاتهم ، ومتفقا ومصالحهم ، فما دام لا يخالف الشرع ، وجبت مراعاته .
إن الشارع الحكيم قد راعى الصحيح من أعراف العرب في التشريع، ولم يرع السقيم منها ، بل .. ألغاه ، وعلى هذا المنوال يجري اعتبار العرف في الأحكام – وقد مر في مبحث شروطه قبلا - .
وفي ظني .. أن الكفاءة : من الامور التي تعتمد اعتمادا كبيرا على العرف ، بل إن أحمد فهمي أبو سنة يذهب إلى .. اعتبار الكفاءة من أعراف العرب القديمة التي أقرها الاسلام وأبقاها ، مثل باقي الاعراف!!
وبما أن الاعراف في زماننا قد تغيرت تغيرا كبيرا عما كانت عليه في زمن الفقهاء المتقدمين ، فإن ذلك يستوجب تغيير النظرة إلى خصال الكفاءة ، بل .. ومعنى كل خصلة من هذه الخصال ، لكي نحقق مقصود الشارع الحكيم ، في استمرار العلاقات الزوجية واستقرارها .
إن المرأة في الوقت الحاضر أخذت تدرس في الجامعات والمدارس المتنوعة ، وأصبحت عاملة في مختلف المجالات ، فنجد : الطبيبة ، والمهندسة ، والمدرسة .. الخ ، وأصبحت تتقاضى الأجور عن عملها .
والتقدم العلمي الكبير الحاصل في مجال التكنولوجيا في دول الغرب ، قد غير الكثير من المفاهيم في العالم – ومن جملتهم المسلمين - ، فالأمية في أوربا أضحت تعني .. من لا يتقن استخدام أجهزة الحاسوب [ الكومبيوتر ] ، في حين ما زالت دول [ العالم الثالث ] ، والدول النامية ، تعاني من الأمية بمفهومها التقليدي القديم ، أي : عدم معرفة القراءة والكتابة ! ، ولقد أصبحت الحياة في : أوربا ، وأميركا ، واليابان ، وكثير من الدول .. تعتمد اعتمادا كبيرا .. على الأجهزة المتطورة ، والمتقدمة تقنيا ، بينما ما زالت الدول الفقيرة تعتمد في إدارة شؤونها على الوسائل التقليدية .
وأقول .. في ضوء ذلك ألا تتغير مفاهيم الكفاءة لدينا ؟ ! .
ففي مجال الحرفة كان ينظر .. إلى : حرفة الأب ، ذلك لأن الغالب هو عمل الأب ، ونادرا ماكانت المرأة تعمل في العصور السابقة ، وهذا ما ذكره فقهاؤنا حول شرط الحرفة مثلا : [.. وعن أبي يوسف أنه معتبر ، حتى إن : الدباغ ، والحجام ، والحائك ، والكناس ، لا يكون كفؤا لبنت البزاز ، والعطار, وكأنه اعتبر العادة في ذلك ].
وفي مجال العلم نظر فقهاؤنا المتقدمون .. إلى : مقدار علم الاب ، فقالوا بأن بنت العالم لا يكافؤها أحد ، لأن شرف العلم فوق شرف المال والنسب.
استنادا لهذا التغير مفاهيم خصال الكفاءة في ضوء الظروف الراهنة ؟! ، هل سنستمر بالنظر الى مهنة الاب والمرأة اصبحت عاملة في مختلف الميادين ؟! ، هل نتجاهل مقدار تحصيل الفتاة من العلم ، ونبقى ننظر الى مقدار علم الاب !.
ان احكام الكفاءة تعتمد اعتماد كبير على اعراف المجتمعات ، وهذا ما اكده فقهائنا وما اشرنا الى بعضه سابقا.
إذن .. المرأة التي نشأت في بريطانيا ، وتعلمت هناك ، تكون قد نشأت في : ظروف ، وأحوال ، تختلف اختلافا كبيرا عن ظروف وأحوال بلاد الهند .. بل كل البلاد الشرقية ، وينبغي ذكر هذا في خصال الكفاءة – على ما نرى - ، ألا وهو : اختلاف البلاد ، واختلاف التعليم ! .
أضف إلى ذلك .. أن أغلب النساء في مجتمعات مثل المجتمع البريطاني يكن من المتعلمات ، ويتقن التعامل مع وسائل الاتصال الحديث ، ومع الأجهزة المتقدمة علميا ، خلافا لحال الرجل الذي نشأ في الهند ، وترعرع فيها .. بل قل في شبيهتها من البلاد ، وبالتالي .. فإن هذا الرجل سيجد نفسه ضعيفا تجاه زوجته ، بل قد يكون محط سخرية الآخرين ، لجهله ، واختلاف بيئته ، والتفاوت الكبير بينه وبين زوجته ، فإن لم تكن هي لتراعي ذلك ، فإن المجتمع سيعامله بسخرية تحط من قدره ، مما يجعله صغيرا في عيني زوجته ، وفي ذلك ما فيه من الضرر ، وأثره على تصدع العشرة ، وعدم استقرار الحياة الزوجية ، وستنعدم المودة والرحمة التي أرادها الله جل وعلا بين الزوجين ! .
وفي ظني .. أن فقهاءنا عندما اشتروطوا التشابه والتقارب بين مهنة الاب ومهنة الزوج ، قصدوا التشابه بين بيئتي عيش المرأة ، في بيت أبيها .. وفي بيت زوجها .
وكذلك عندما اشترطوا اليسار في الزوج ، قصدوا أن يوفر هذا الزوج بيئة للزوجة قريبة من البيئة التي نشأت ، وترعرت فيها .
وهنا .. قد يتبادر إلى الذهن السؤال الآتي : لم لم يعتبر فقهاؤنا ، عدم اختلاف البيئة سببا من خصال الكفاءة ؟! ، حتى أنهم قالوا : [ أن القروي يكون كفئا للمدني ]، فكيف تعتبرون اختلاف البلد في الوقت الحاضر سببا من أسباب فقدان الكفاءة ؟ !.
ونقول .. لقد اعتبرنا ذلك حينما يكون الاختلاف بين أحوال البلدين كبيرا ، كاختلاف بريطانيا والهند ، بسبب : التقدم العلمي والتقني من جهة ، وبسبب : كون بريطانيا بلد تختلف تقاليده ، وأحواله عن البلاد الاسلامية والشرقية عموما .
أما إذا كان البلدان متقاربين في : الظروف ، والاحوال ، والمستوى المعاشي ، وانتشار التعليم ، ونوعية العلوم التي تحصل .. فلا يعد الاختلاف سببا من أسباب اختلاف الكفاءة ،كما هو الحال – مثلا – بين : الهند ، والباكستان ، وبنغلاديش .
إن الاختلاف الذي ذكره فقهاؤنا كان يمثل الوضع السائد في زمانهم ، حيث لا يوجد فارق كبير بين القرية والمدينة ، أضف إلى أنهم تحدثوا .. عن : قرية ومدينه ضمن دار الاسلام ، ولم يتحدثوا عن الاختلاف بين دار الكفر .. ودار الاسلام"
وبالقطع كل ما قيل هنا يعتبر كفر بكتاب الله وإن قاله أعاظم العلماء فى المذاهب فبحث ابن عابدين عن العرف هو إشراك واضح بالله حيث يجعل العرف شريكا لوحى الله ويأخذ بالعرف ولو تعارض مع كتاب الله كعدم توريث النساء
كتاب الله فى الزواج أباح زواج الحر بالأمة وهى الفتاة فقال :
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف"
وأمر الله الأحرار بزواج الإماء المسلمات وأمر الحرات أن تتزوج من العباد وهم الفتيان الذين يسمونهم العبيد فقال :
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"
والمعروف تاريخيا أن الرسول(ص) فى الروايات زوج عبده السابق زيد من ابنة عمتاه الحرة زينب كما قال تعالى :
" فلما قضى زيدا منها وطرا"
إذا لا وجود للكفاءة لتعارضها مع المبدأ العام وهو اخوة المسلمين التى قال تعالى فيها :
" إنما المؤمنون اخوة"
فكيف نكون اخوة وبعضنا يعتبر نفسه أحسن من أخرين مع أن الله حرم هذا الاعتقاد فقال :
" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"
ومن قال أنه شريف أو نسيب هم وعائلته فقط فهو مجرد مخبول عقليا لأننا كلنا أبناء الرسول آدم(ص) فكلنا أشراف ولو ولد بعضنا من زنا لأننا ننتمى إلى نفس الرجل فى النهاية ولا يوجد أحد من الناس حاليا إلا وفى نسبه نسبة لنبى(ص) من الأنبياء (ص)عدا نوح (ص) ولوط(ص)... ومحمد(ص) الذى لم يكن له ذرية من الرجال تنسب إليه كما قال تعالى :
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم"
أو يمتد نسبه لمسلم ممن أنجاهم الله مع الرسل(ص) السابقين
كما لا توجد حرفة أحسن من حرفة فى الحرف المباحة وإنما الفارق بين حرفة مباحة وحرفة محرمة
كما لا يوجد أى فارق بسبب الغنى والفقر بين المسلمين لأن الله اعتبر كل المال ماله فقال :
" وأتوهم من مال الله الذى أتاكم"
بل أمر الله الأغنياء بزواج الفقيرات فقال :
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"
"المبحث الأول
معنى الكفاءة لغة واصطلاحا
الكفاءة – بالفتح والمد - .. والمكافأة : في اللغة مصدر .. [ كافأ ] ، وتستعملان اسما .
والكفاء : المجازاه.. تقول : ما لي به قبل ولا كفاء ، أي : ما لي به طاقة على أن أكافئه .
وقول حسان بن ثابت : [ وروح القدس ليس له كفاء ] ، أي جبريل ليس له نظير ولا مثيل . وفي الحديث : { فنظر إليهم فقال : من يكافئ هؤلاء } .
وفي حديث الأحنف : لا أقاوم من لا كفاء له .
والكفيء .. والكفء .. والكفوء : النظير ، والمساوي .
ومما تقدم : الكفاءة في النكاح .
ونقول فلان كفء فلانة : اذا كان يصلح لها بعلا ، والجمع أكفاء.
وتكافأ الشيئان : تماثلا .
وكافأه .. مكافأة .. وكفاء : ماثله .
ومن كلامهم : [ الحمد لله كفاء الواجب ] ، أي : قدر مايكون مكافئا له .
وفي الحديث : { المسلمون تتكافأ دماؤهم .. } ، أي : تتساوى في .. الديات ، والقصاص .
وفي اصطلاح الفقهاء - : لها استعمالات .. منها الكفاءة في الدماء ، والكفاءة في النكاح .. فالكفاءة في باب الزواج هي : المماثلة بين الزوجين في أمور مخصوصة.
والأمور المخصوصة .. هي : مساواة الزوج للمرأة ، في : حسبها ، ودينها ، ونسبها ، وبيتها .. وغير ذلك ."
وعرفها البركتي بانها : مساواة مخصوصة بين الزوجين ، أو كون الزوج نظيرا للزوجة. قلت / فعلى هذا .. الكفاءة في النكاح : أن يكون الزوج كفئا للزوجة في الأمور المذكورة ."
وفى المبحث الثانى عرفنا لغة واصطلاحا معنى العرف فقال :
"المبحث الثاني
معنى [ العرف ] .. لغة ، واصطلاحا
العرف – في اللغة - : ما تعارف عليه الناس في عاداتهم ، ومعاملاتهم .
والعرف : المعروف .
والعرف : شعر عنق الفرس ، ولحمة مستطيلة على رأس الديك .
والعرف : موج البحر ، والمكان المرتفع(4).
وعرف .. وعرف .. عرف .. الخ : أفعال لها تصاريف عدة ، ولكل تصريف معان في الاستعمال اللغوي لا تعنينا ، وما نحن بصدده من استعمال .. نقلناه .
أما اصطلاحا .. فقد عرفها عبد الله بن احمد النسفي في [ المستصفى ] ، بقوله :
العرف - ما استقر في النفوس من جهة العقول ، وتلقته الطباع السليمة بالقبول.
ونقل ذات التعريف ابن عابدين في رسالته عن العرف ، عن صاحب شرح الاشباه للبيري ، عن المستصفى.
وفي هذا التعريف نقص ، إذ لم يذكر ما الذي استقر في النفوس ، وتلقته الطباع بالقبول .. وينبغي أن يتضمن التعريف ذلك ، فيقول : ما استقر في النفوس من الأفعال .. ، وسيشمل الفعل : الإيجابي ، والسلبي .. [ فعدم الفعل فعل ]، والامتناع الإرادي فعل ، ولذلك يحاسب عليه الإنسان !
وعرفه البركتي ما استقرت النفوس عليه بشهادة العقول وتلقته الطبائع السليمة بالقبول
وعرفه من المحدثين جمع .. بانه : ما تعارف جمهور الناس وساروا عليه ، سواء كان قولا ، أو فعلا ، أو تركا
وهذا التعريف ليس من الدقة في شئ ، وذلك :
1. في التعريف دور – كما يقول المناطقة - ، لتوقف [ العرف ] على لفظة [ تعارف ] .
2. لم يكن التعريف حقيقيا – كما هو شرط المناطقة - .
3. لم يعتبر التعريف [ الترك ] فعلا ، مع أن المعلوم عكس ذلك .
والذي نرتضيه .. هو : تعريف النسفي ، مع القيد الذي أضفناه له .
وأغلب الفقهاء يسوي بين : العرف ، والعادة.
ومنهم .. من يرى بأن : العادة أعم من العرف ، وأوسع.
وأقول : المسألة مسألة اصطلاح ، و [ لا مشاحة في الاصطلاح ] ، ومعلوم أن الاصطلاح هو .. عرف خاص ، فليتنبه لهذا.
والعرف .. قد : يكون عمليا ، وقد يكون قوليا .
فالعرف العملي : هو ما جرى عليه العمل ، سواء أ كان ذلك عاما .. مثل دخول الحمام من غير تعيين زمن ، ولا أجرة ، أو خاصا ببلد .. مثل كون رأس المال لاهل البوادي هو الأنعام .
أما العرف القولي : فهو ما كان من الألفاظ ، ووضعها للدلالة على معنى معين ، فإن كان بين فئة من الناس .. فهو : [ خاص ] كاطلاق الجيولوجيين على الفحوص التي يجرونها في الأرض عن طريق التفجيرات .. [ الفحص الزلزالي ] ، مع أن للزلازل معنى لغويا معروفا هو غير هذا ! .
وإن بين جميعهم .. فهو : [ عام ] ، كإطلاق لفظ [ الدابة ] على ذوات الأربع ، وهي في اللغة لكل ما يدب على الأرض ! .
فالأعراف اللغوية هي من : [ المجاز ] ، أي .. ما جاوزنا به معناه إلى غيره ، مع قرينة تمنع إرادة الأصل .
وقد تنقلب المجازات – بأنواعها – إلى حقائق .. بشرطين :
1. التبادر عند الاطلاق .
2. وعدم جواز نفيها .
فهناك – حينئذ – حقائق : شرعية ، وعرفية خاصة تتنوع إلى أنواع الأعراف الخاصة ، وعرفية عامة إذا كانت لدى الكافة .
وقد وضع الفقهاء المسلمون شروطا لأجل اعتبار العرف ، وللعمل به ، من أهمها :
1. أن يكون العرف مطردا .. أو غالبا ، قال في [ الأشباه والنظائر ] : [ إنما تعتبر العادة اذا اطردت ، أو غلبت ، أما الشهرة فلا عبرة بها ].
2. أن يكون العرف عاما – على رأي بعض - ، فقد ثار خلاف حول العرف الذي يعتبر في بناء الأحكام .. هل هو العرف العام فقط ، أم مطلق العرف ؟ .
أقول : والذي عليه العمل ، هو .. اعتبار العرف الخاص في ترك القياس ، وفي تخصيصه ، فحينما تعارف أهل [ بلخ ] على إعطاء النساج جزء من المنسوج أجرة له ، فلإنما حرمة ذلك قد ثبتت قياسا على [ قفيز الطحان ] الذي ورد به صريح النهي عن الرسول عليه السلام ، فخص القياس بالعرف الخاص.
3. أن لايكون العرف مخالفا للشرع .
4. أن يكون العرف الذي يحمل عليه التصرف موجودا وقت إنشاء التصرف ، بأن يكون حدوث العرف سابقا على وقت التصرف ، ثم يستمر إلى زمانه .. فيقارنه ، سواء أ كان التصرف : قولا ، أم فعلا .
ويقول صاحب الأشباه: [ والعرف الذي تحمل عليه الالفاظ إنما هو المقارن السابق ، لا المتأخر ، ولذا قالوا : لاعبرة بالعرف الطارئ ] .
ولقد راعى الشارع الحكيم العرف الصالح ، إذ أنه نزع الناس عما تعارفوا وساروا عليه ، فيه حرج عظيم ، لذا يواجه الانبياء حرج كبير ، لانهم يقومون بنزع الناس عن أعرافهم الفاسدة .
ولقد راعت الشريعة الاسلامية الاعراف التي كانت سائدة في الجاهلية ، واقرت الصحيح منها ، وألغت المخالف للشرع ، وأمثلته كثيرة ..
فمن المقر : البيع ، والشركة ، والوكالة ، والرهن ، والإجارة .. وغيرها
ومما ألغته : ما يحميه الملوك لأنفسهم من الأرضين ، وبيع المنابذة ، وبيع الملامسة ، وتلقي الركبان ، وبيع الحاضر للباد .. الخ ."
وكل الكلام السابق كلام لا علاقة له بدين الله فلا يوجد ههرف فى دين الله لأن الله عرف الناس والمقصود بين حكم كل شىء فقال :
" ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وقال :
" وكل شىء فصلناه تفصيلا"
إذا لا قيمة لكل كلام الفقهاء وأشباههم مع كلام الله فالعرف هو اشراك الناس فى التشريع وهو كفر بالله تعالى فلا مشرع سواه كما قال :
" شرع لكم من الدين"
وتحدث هم الهدف من الكفاءة عند الفقهاء فنقل كم كتبهم كلاما نعوذ بالله منه وهو قوله :
"المبحث الثالث الغرض من الكفاءة
لقد اختلف الفقهاء في اعتبار شتراط الكفاءة :
فذهب بعض الحنفية - ومنهم الكرخي - ، والحسن البصري من التابعين : إلى عدم اعتبارها ، وأنه كان يقول : [ الأصح عندي أن لا تعتبر الكفاءة في النكاح أصلا ; لأن الكفاءة غير معتبرة فيما هو أهم من النكاح , وهو الدماء فلأن لا تعتبر في النكاح أولى ].
وذهب الأكثر من فقهاء الحنفية : إلى اعتبارها ، ووجه اعتبارها عندهم , أن انتظام المصالح يكون عادة بين المتكافئين , والنكاح شرع لانتظامها , ولا تنتظم المصالح بين غير المتكافئين , فالشريفة تأبى أن تكون مستفرشة للخسيس , وتعير بذلك ; ولأن النكاح وضع لتأسيس القرابات الصهرية , ليصير البعيد قريبا عضدا وساعدا , يسره ما يسرك , وذلك لا يكون إلا بالموافقة والتقارب , ولا مقاربة للنفوس عند مباعدة الأنساب , والاتصاف بالرق والحرية , ونحو ذلك , فعقده مع غير المكافئ قريب الشبه من عقد لا تترتب عليه مقاصده . وذهب الحنفية - في رواية الحسن المختارة للفتوى عندهم - ، واللخمي ، وابن بشير ، وابن فرحون ، وابن سلمون - من المالكية - ، وهو رواية عن أحمد : إلى أن الكفاءة شرط في صحة النكاح.
وقالوا : إذا كانت الكفاءة مطلوبة في القتال ، ففي النكاح أولى .. [ هذا لأن النكاح يعقد للعمر , ويشتمل على أغراض ومقاصد من : الصحبة ، والألفة ، والعشرة ، وتأسيس القرابات , وذلك لا يتم إلا بين الأكفاء , وفي أصل الملك على المرأة نوع ذلة , وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :{ النكاح رق ، فلينظر أحدكم أين يضع كريمته } ، وإذلال النفس حرام , قال : صلى الله عليه وسلم : { ليس للمؤمن أن يذل نفسه } ، وإنما جوز ما جوز منه ; لأجل الضرورة , وفي استفراش من لا يكافئها زيادة الذل , ولا ضرورة في هذه الزيادة فلهذا اعتبرت الكفاءة ... ].
وقالوا : [ .. إذ الكفاءة وضعت لغرض استمرار العلاقة الزوجية ، فالمرأة بطبيعتها تأبى أن تكون مستفرشة لمن هو أدنى منها ، ذلك لان دناءة الفراش تغيضها ، وتجلب لها ولأوليائها العار ، والمرأة تتعير كذلك إذا كان زوجها أقل شأنا منها ، إضافة إلى ذلك فالولد سوف يتسمى بأسم الاب ]."
وبعد أن بين أن هناك رأيين أولهما لا يعتبر الكفاءة فى الزواج ورأى يعتبرها تحدث عن أمور الكفاءة فى الرأى الثانى فقال :
"المبحث الرابع
في نطاق اعتبار الكفاءة
لقد اختلف الفقهاء فيما يعد من الكفاءة ..
فمذهب الحنفية هو : اعتبارها في أمور ستة هي .. النسب ، الاسلام ، الحرية ، المال ، الديانة ، الحرفة .
ومذهب لشافعية : اعتبارها في .. النسب ، والسلامة من العيوب ، والدين ، والصلاح ، والحرفة ، والحرية .ولم يذكر الكفاءة في المال او اليسار
أما الحنابلة .. فقد وردت عنهم روايتان عن الامام أحمد : أحدهما كالمذهب الشافعي - ماعدا السلامة من العيوب - . والاخرى اعتبرت الكفاءة في : التقوى ، والنسب ، واختلفت فيما عداها .
أما الامام مالك : فلم يعتبر الكفاءة في النسب ، ولا في الصناعة ، ولافي المال أو الغنى ، إنما الكفاءة – عنده - في : التدين ، والتقوى ، والسلامة من العيوب .. وفي الحرية عنه روايتان .. إحداهما تعتبرها ، والأخرى لا .
إن اختلاف أئمة المذاهب حول خصال الكفاءة ، بل واختلاف أئمة المذهب الواحد حول هذه الخصال دليل على أن مايعتبر من الكفاءة هي مسألة نسبية مختلف عليها ، يعود تقديرها الى طبيعة الزمان والمكان .
إن خصال الكفاءة لم يتم تحديدها كما حددت مصارف الزكاة الواردة في آية الزكاة ، وبالتالي كانت مثار خلاف بين الفقهاء ، وتحديد ما يعتبر منها كان مصدره الاساس هو ما تعارف عليه الناس ، ولذا اختلفت احكام الكفاءة باختلاف البقاع والازمان .
وقد أشار بعض الفقهاء إلى هذه الحقيقة بصورة عرضية .. : قال في البدائع : [ فلا يكون الفقير كفئا للغنية ; لأن التفاخر بالمال أكثر من التفاخر بغيره عادة , وخصوصا في زماننا هذا ] . فقوله .. خصوصا في زماننا ، إشارة إلى أنه قد قاس هذا الحكم على عرف زمانه .
وبمناسبة الكلام عن الكفاءة في الحرفة ، أشار إلى رأي الإمام أبي حنيفة رحمه الله ، إلى كونها عرفية ، فقال : [ وأما الحرفة , فقد ذكر الكرخي أن الكفاءة في الحرف والصناعات معتبرة عند أبي يوسف , فلا يكون الحائك كفئا للجوهري والصيرفي , وذكر أن أبا حنيفة بنى الأمر فيها على عادة العرب أن مواليهم يعملون هذه الأعمال لا يقصدون بها الحرف , فلا يعيرون بها , وأجاب أبو يوسف على عادة أهل البلاد أنهم يتخذون ذلك حرفة , فيعيرون بالدنيء من الصنائع , فلا يكون بينهم خلاف في الحقيقة . وكذا ذكر القاضي في شرحه مختصر الطحاوي اعتبار الكفاءة في الحرفة ].
ففي هذا النص إشارة واضحة إلى أن الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رضي الله عنه ، قد بنى الأمر على عرف العرب في ذلك الزمان ، فإذا تغير الزمان .. فلامانع من تغير الحكم مادام الحكم قد بني على العرف ، ومعلوم أنه : [ لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ] ، وحقيقته أن الزمان لا يتغير ، وإنما أهل الزمان .. وبالتالي عملهم ! .
كذلك نرى الإمام أبا يوسف .. قد بنى الحكم على عادة أهل البلاد .
... وقال ابن الهمام في الفتح (( فاذا ثبت اعتبار الكفاءة بما قدمنا – أي بالادلة المذكورة سابقا- فيمكن ثبوت تفصيلها بعرف الناس فيما يحقرونه ويعيرون به ، فيستأنس بالحديث الضعيف في ذلك ))وقال ان المعتبر في شرف الحرفة ودنائتها هو العرف في كل زمان ومكان ، والمعول عليه في تقارب المهن وتباعدها هو العرف .
ولكونها عرفية ، نراهم اختلفوا في أمور :
1. في ديانة الرجل ..يرى محمد : اعتبارها إلا أن يكون الفاسق مهيبا وذا شوكة بين الناس .
ولم يعتبرها أبو حنيفة مطلقا ، لان الفسق قابل للزوال .
وقال نفس القول أبو يوسف ، إلا اذا كان الفاسق يجهر بفسقه بين الناس ، فإنه لايكون كفئا للصالحة بنت الصالح.
2. الحرفة ..
فقد اعتبرها ابو يوسف ومحمد .ولم يعتبرها ابو حنيفة .وروي عن أبي يوسف .. مثل قول أبي حنيفة ، إلا أن تكون الحرفة فاحشة في الدنو .. كالحجام ، والدباغ ، وسائق الدواب .
3. المال ..
لقد اختلفت الروايات حول معنى الكفاءة في المال .. فمنهم من عنى بها القدرة على دفع المهر ، ومنهم من قصد منها القدرة على دفع النفقة.
4.الحسب ..
فالمروي عن محمد قوله : اعتبارها ، حتى إن الذي يسكر فيخرج فيستهزئ به الصبيان لا يكون كفئا للمرأة الصالحة من أهل البيوتات . وكذلك أعوان الظلمة من يستخف به منهم لا يكون كفؤا لامرأة صالحة من أهل البيوتات ، إلا أن يكون مهيبا يعظم في الناس .
وعن أبي يوسف قال : الذي يشرب المسكر .. فإن كان يسر ذلك فلا يخرج سكرانا ، كان كفئا , وإن كان يعلن ذلك لم يكن كفئا لامرأة صالحة من أهل البيوتات .
ولم ينقل عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى .. شيء من ذلك , والصحيح عنده أنه غير معتبر، لأن هذا ليس بلازم حتى لا يمكن تركه
وما تقدم يشير إلى أن أحكام الكفاءة قد بنيت على الأعراف السائدة في أزمانهم ، فالامام ابو يوسف لايعتبر أعوان الظلمة كفئا لامرأة صالحة إذا كان يستخف به ، ولكنه يعتبره كفئا إذا كان مهيبا في أعين الناس ، أي .. أنه جعل المسالة معلقة على ماينظر إليه الناس !! .
ولا نريد التوسع في ذكر الآراء في هذه المسألة الخلافية ، وإنما قصدنا فقط الإشارة إلى الاختلاف حول خصالها في الزمن المتقارب بين أئمة مذهب واحد ! ، فما ظنك بتباعد الأماكن ، والأزمان ؟ ! .
ويؤكد هذا الأمر الشيخ محمد أبو زهرة: إذ يعتبر الكفاءة من الامور الخاضعة للعرف ، لان استمرار الحياة الزوجية يستلزم وجود تقارب بين أسرتي الزوج والزوجة ."
وكل ما قيل هو كلام فارغ يقوله الناس المجرمون أو العامة فى الشوارع وليس فقهاء لأنه لا يوجد دليل واحد من الوحى على الكفاءة المزعومة وإنما الأدلة فى القرآن تحرم تلك الكفاءة المزعومة
وتحدث فى المبحث التالى عن العرف وأثره في الوقت الحاضر فقال :
"المبحث الخامس
العرف وأثره في الوقت الحاضر
إن الشريعة الاسلامية قد قررت أن لتغير الأوضاع والأحوال الزمنية تأثيرا كبيرا في الاحكام الشرعية الاجتهادية ، فالشرع الاسلامي يهدف إلى : إقامة العدل ، وجلب المصالح ، ودرء المفاسد .. ولهذا وجد الكثير من الأحكام التي : تختلف باختلاف الناس وأحوالهم ، وتبدل ظروفهم ومصالحهم ، فالشارع إن وضع حكما واحدا لما يمكن أن يتغير ، فإن كثيرا من الناس سيصاب بكثير من الجهد والعسر ، وهذا يؤدي الى خلاف ما يقصده الاسلام الذي بنى أحكامه على مصالح العباد ، لذا نجد المشرع قد وضع أحكاما مطلقة عن البيان والتفصيل ، يمكن تطبيقها بمراعاة الظروف والأحوال ، وقد تتغير تبعا لذلك ، وبالتالي يبقى الفقه الاسلامي صالحا لكل زمان ومكان .. فلولا الأحكام القابلة للإجتهاد لما صحت هذه المقولة ! .
ولذا أفتى الفقهاء المتأخرون - من شتى المذاهب الفقهية - في كثير من المسائل ، مخالفين ما أفتى به أئمة مذاهبهم ، أو فقهائهم السابقين ، وصرح هؤلاء المتأخرون بأن سبب اختلاف فتواهم عمن سبقهم ، هو اختلاف الزمان .. لا غير ، فهم ليسوا في الحقيقة مخالفين للسابقين من فقهاء مذاهبهم ، بل لو وجد الائمة السابقون في عصر المتأخرين ، ورأوا الاختلاف في الأعراف ، والطبائع ، والحاجات ، بل واختلاف الوسائل .. لعدلوا الى ما قاله المتأخرون.
لقد كان الاحناف أكثر المذاهب توسعا في الأخذ بالعرف ، فقد كتب ابن عابدين – من المتأخرين - رسالته الشهيرة : [ نشر العرف في بناء بعض الاحكام على العرف ] ، ووضعوا العديد من القواعد المستنبطة من فروعهم ، والدالة على اعتبار العرف في الأحكام فيما لا نص ولا إجماع فيه ، ونذكر جملة من هذه القواعد :
[ العادة محكمة ].
[ الحقيقة تترك بدلالة العادة ].
[ استعمال الناس حجة يجب العمل بها ]
[ المعروف عرفا كالمشروط شرطا ]
[ التعيين بالعرف كالتعيين بالنص ]
[ لاينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ]
[ العادة تجعل حكما إذا لم يوجد التصريح بخلافه ]
[ العادة معتبرة في تقييد مطلق الكلام ]
[ المعروف بين التجار كالمشروط بينهم ].
[ الثابت بالعرف كالثابت بالنص ]
ويقول ابن عابدين في رسالته عن العرف : [ على أن المفتي ليس له الجمود على المنقول في كتب ظاهر الرواية من غير مراعاة الزمان وأهله ، وألا يضيع حقوقا كثيرة ، ويكون ضرره أعظم من نفعه ].
لذا فقد خالف المتأخرون الإمام وصاحبيه في مسائل عديدة ، استنادا لتغير الأحوال .. منها : قولهم بجواز أخذ الاجرة عن : تعليم القرآن ، والآذان ، والإمامة .. خلافا لما قال به الامام وصاحبيه .
ومنها : أن أبا حنيفة رضي الله عنه ، اكتفى في الشهود بالعدالة الظاهرة فيما عدا : الحدود ، والقصاص ، ولم ير تزكيتهم ، استنادا لقول الرسول عليه السلام : { المسلمون عدول بعضهم على البعض } ، وكان هذا الاجتهاد مناسبا لزمان الإمام رضي الله عنه ، لغلبة الخير فيه ، فلما كان زمان .. أبي يوسف .. ومحمد .. وفشا فيه الكذب ، كان الأخذ بظاهر العدالة فيه مفسدة ، وضياع الحقوق ، فدعا فساد الزمان إلى قولهما بتزكية جميع الشهود ، درء لهذه المفسدة !! ، ولذا قال الفقهاء عن هذا الخلاف : إنه اختلاف عصر وزمان ، وأفتوا بقول الصاحبين.
واستنادا لهذا فإن العلماء اعتبروا العرف أصلا من أصول الاستنباط تبنى عليه الأحكام فيما لاإجماع ولا نص فيه ، لأن .. ما تعارف عليه الناس وساروا عليه صار من حاجاتهم ، ومتفقا ومصالحهم ، فما دام لا يخالف الشرع ، وجبت مراعاته .
إن الشارع الحكيم قد راعى الصحيح من أعراف العرب في التشريع، ولم يرع السقيم منها ، بل .. ألغاه ، وعلى هذا المنوال يجري اعتبار العرف في الأحكام – وقد مر في مبحث شروطه قبلا - .
وفي ظني .. أن الكفاءة : من الامور التي تعتمد اعتمادا كبيرا على العرف ، بل إن أحمد فهمي أبو سنة يذهب إلى .. اعتبار الكفاءة من أعراف العرب القديمة التي أقرها الاسلام وأبقاها ، مثل باقي الاعراف!!
وبما أن الاعراف في زماننا قد تغيرت تغيرا كبيرا عما كانت عليه في زمن الفقهاء المتقدمين ، فإن ذلك يستوجب تغيير النظرة إلى خصال الكفاءة ، بل .. ومعنى كل خصلة من هذه الخصال ، لكي نحقق مقصود الشارع الحكيم ، في استمرار العلاقات الزوجية واستقرارها .
إن المرأة في الوقت الحاضر أخذت تدرس في الجامعات والمدارس المتنوعة ، وأصبحت عاملة في مختلف المجالات ، فنجد : الطبيبة ، والمهندسة ، والمدرسة .. الخ ، وأصبحت تتقاضى الأجور عن عملها .
والتقدم العلمي الكبير الحاصل في مجال التكنولوجيا في دول الغرب ، قد غير الكثير من المفاهيم في العالم – ومن جملتهم المسلمين - ، فالأمية في أوربا أضحت تعني .. من لا يتقن استخدام أجهزة الحاسوب [ الكومبيوتر ] ، في حين ما زالت دول [ العالم الثالث ] ، والدول النامية ، تعاني من الأمية بمفهومها التقليدي القديم ، أي : عدم معرفة القراءة والكتابة ! ، ولقد أصبحت الحياة في : أوربا ، وأميركا ، واليابان ، وكثير من الدول .. تعتمد اعتمادا كبيرا .. على الأجهزة المتطورة ، والمتقدمة تقنيا ، بينما ما زالت الدول الفقيرة تعتمد في إدارة شؤونها على الوسائل التقليدية .
وأقول .. في ضوء ذلك ألا تتغير مفاهيم الكفاءة لدينا ؟ ! .
ففي مجال الحرفة كان ينظر .. إلى : حرفة الأب ، ذلك لأن الغالب هو عمل الأب ، ونادرا ماكانت المرأة تعمل في العصور السابقة ، وهذا ما ذكره فقهاؤنا حول شرط الحرفة مثلا : [.. وعن أبي يوسف أنه معتبر ، حتى إن : الدباغ ، والحجام ، والحائك ، والكناس ، لا يكون كفؤا لبنت البزاز ، والعطار, وكأنه اعتبر العادة في ذلك ].
وفي مجال العلم نظر فقهاؤنا المتقدمون .. إلى : مقدار علم الاب ، فقالوا بأن بنت العالم لا يكافؤها أحد ، لأن شرف العلم فوق شرف المال والنسب.
استنادا لهذا التغير مفاهيم خصال الكفاءة في ضوء الظروف الراهنة ؟! ، هل سنستمر بالنظر الى مهنة الاب والمرأة اصبحت عاملة في مختلف الميادين ؟! ، هل نتجاهل مقدار تحصيل الفتاة من العلم ، ونبقى ننظر الى مقدار علم الاب !.
ان احكام الكفاءة تعتمد اعتماد كبير على اعراف المجتمعات ، وهذا ما اكده فقهائنا وما اشرنا الى بعضه سابقا.
إذن .. المرأة التي نشأت في بريطانيا ، وتعلمت هناك ، تكون قد نشأت في : ظروف ، وأحوال ، تختلف اختلافا كبيرا عن ظروف وأحوال بلاد الهند .. بل كل البلاد الشرقية ، وينبغي ذكر هذا في خصال الكفاءة – على ما نرى - ، ألا وهو : اختلاف البلاد ، واختلاف التعليم ! .
أضف إلى ذلك .. أن أغلب النساء في مجتمعات مثل المجتمع البريطاني يكن من المتعلمات ، ويتقن التعامل مع وسائل الاتصال الحديث ، ومع الأجهزة المتقدمة علميا ، خلافا لحال الرجل الذي نشأ في الهند ، وترعرع فيها .. بل قل في شبيهتها من البلاد ، وبالتالي .. فإن هذا الرجل سيجد نفسه ضعيفا تجاه زوجته ، بل قد يكون محط سخرية الآخرين ، لجهله ، واختلاف بيئته ، والتفاوت الكبير بينه وبين زوجته ، فإن لم تكن هي لتراعي ذلك ، فإن المجتمع سيعامله بسخرية تحط من قدره ، مما يجعله صغيرا في عيني زوجته ، وفي ذلك ما فيه من الضرر ، وأثره على تصدع العشرة ، وعدم استقرار الحياة الزوجية ، وستنعدم المودة والرحمة التي أرادها الله جل وعلا بين الزوجين ! .
وفي ظني .. أن فقهاءنا عندما اشتروطوا التشابه والتقارب بين مهنة الاب ومهنة الزوج ، قصدوا التشابه بين بيئتي عيش المرأة ، في بيت أبيها .. وفي بيت زوجها .
وكذلك عندما اشترطوا اليسار في الزوج ، قصدوا أن يوفر هذا الزوج بيئة للزوجة قريبة من البيئة التي نشأت ، وترعرت فيها .
وهنا .. قد يتبادر إلى الذهن السؤال الآتي : لم لم يعتبر فقهاؤنا ، عدم اختلاف البيئة سببا من خصال الكفاءة ؟! ، حتى أنهم قالوا : [ أن القروي يكون كفئا للمدني ]، فكيف تعتبرون اختلاف البلد في الوقت الحاضر سببا من أسباب فقدان الكفاءة ؟ !.
ونقول .. لقد اعتبرنا ذلك حينما يكون الاختلاف بين أحوال البلدين كبيرا ، كاختلاف بريطانيا والهند ، بسبب : التقدم العلمي والتقني من جهة ، وبسبب : كون بريطانيا بلد تختلف تقاليده ، وأحواله عن البلاد الاسلامية والشرقية عموما .
أما إذا كان البلدان متقاربين في : الظروف ، والاحوال ، والمستوى المعاشي ، وانتشار التعليم ، ونوعية العلوم التي تحصل .. فلا يعد الاختلاف سببا من أسباب اختلاف الكفاءة ،كما هو الحال – مثلا – بين : الهند ، والباكستان ، وبنغلاديش .
إن الاختلاف الذي ذكره فقهاؤنا كان يمثل الوضع السائد في زمانهم ، حيث لا يوجد فارق كبير بين القرية والمدينة ، أضف إلى أنهم تحدثوا .. عن : قرية ومدينه ضمن دار الاسلام ، ولم يتحدثوا عن الاختلاف بين دار الكفر .. ودار الاسلام"
وبالقطع كل ما قيل هنا يعتبر كفر بكتاب الله وإن قاله أعاظم العلماء فى المذاهب فبحث ابن عابدين عن العرف هو إشراك واضح بالله حيث يجعل العرف شريكا لوحى الله ويأخذ بالعرف ولو تعارض مع كتاب الله كعدم توريث النساء
كتاب الله فى الزواج أباح زواج الحر بالأمة وهى الفتاة فقال :
ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات والله أعلم بإيمانكم بعضكم من بعض فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف"
وأمر الله الأحرار بزواج الإماء المسلمات وأمر الحرات أن تتزوج من العباد وهم الفتيان الذين يسمونهم العبيد فقال :
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"
والمعروف تاريخيا أن الرسول(ص) فى الروايات زوج عبده السابق زيد من ابنة عمتاه الحرة زينب كما قال تعالى :
" فلما قضى زيدا منها وطرا"
إذا لا وجود للكفاءة لتعارضها مع المبدأ العام وهو اخوة المسلمين التى قال تعالى فيها :
" إنما المؤمنون اخوة"
فكيف نكون اخوة وبعضنا يعتبر نفسه أحسن من أخرين مع أن الله حرم هذا الاعتقاد فقال :
" فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى"
ومن قال أنه شريف أو نسيب هم وعائلته فقط فهو مجرد مخبول عقليا لأننا كلنا أبناء الرسول آدم(ص) فكلنا أشراف ولو ولد بعضنا من زنا لأننا ننتمى إلى نفس الرجل فى النهاية ولا يوجد أحد من الناس حاليا إلا وفى نسبه نسبة لنبى(ص) من الأنبياء (ص)عدا نوح (ص) ولوط(ص)... ومحمد(ص) الذى لم يكن له ذرية من الرجال تنسب إليه كما قال تعالى :
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم"
أو يمتد نسبه لمسلم ممن أنجاهم الله مع الرسل(ص) السابقين
كما لا توجد حرفة أحسن من حرفة فى الحرف المباحة وإنما الفارق بين حرفة مباحة وحرفة محرمة
كما لا يوجد أى فارق بسبب الغنى والفقر بين المسلمين لأن الله اعتبر كل المال ماله فقال :
" وأتوهم من مال الله الذى أتاكم"
بل أمر الله الأغنياء بزواج الفقيرات فقال :
"وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم"