رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,705
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب المرشد الأمين للبنات والبنين لرفاعة الطهطاوى
المفترض فى هذا الكتاب أن يكون كتابا تربويا خالصا لأنه يتناول تربية الأطفال ولكنه نحى منحى كتاب اميل لجان جاك روسو فى كتاب إميل الذى تناول فيه تربية الأطفال ومع هذا أدخل فيه أحاديث فى السياسة والتقدم
الكتاب ضخم الجثة حيث يقع فى حوالى ثمانمائة وخمسين صفحة وقد بدأ ككل الكتب التى يؤلفها الموظفين الكبار فى الدولة بمقدمة تمدح الحاكم ومن والاه فيقول فى المقدمة :
"بها عصر الهنا أضحى ضمينا وصاحب مصر إسماعيل فينا ص3
وفى ص4 يقول:
"ما مصر إلا غادة زفت على الـ أملاك والأمراء والوزراء ص4
وقال أيضا:
" سألنا معالى مصر هل لك عودة وها سابقات الدهر يدنو بعيدها
فقالت إسماعيل أوحد عصره وجدت لأيام الصبا من يعيدها"ص5
وهو يمدح أحد الأمراء وهو حسين كامل فيقول:
"وسميتها بالمرشد الأمين للبنات والبنين جعلتها برسم دولتلو عطوفتلو أفندم حسين باشا كامل عسى أن يكون نظر عنايته لحسن طبعها شامل فهى واردة على أعتاب مكارم حضرته السنية وأبواب مراحم سعادته البهية"ص7
المقدمة وفيها فصول عدة تبدأ بالفصل الأول فى بيان نفس وهو معنى التربية وفيها ذكر قول لأحدهم أن التربية نوعين وهى تربية الجسد وتربية الروح وقد نقض القول فجعل التربية ثلاثة أنواع تربية الغذاء وهو الطعام وتربية التأديب والتهذيب وتربية تغذية العقول بالمعارف
ومع هذا جعل تربية العقل كتربية الروح التأديبية غذاؤها واحد وهو المعارف فقال:
"واما تنمية العقل التى غذاؤه المعارف كغذاء الجسم بالطعام فهى خاصة بالإنسان فكما أن غذاء جسمه بالطعام الطيب ينميه وينعشه ويقوى أعضاءه كذلك غذاء الروح بالمعارف ينميها ويقويها"ص13
وبين الرجل هدف التربية بقوله:
"وإنما بالتربية تنمو العقول وتتحسن الإدراكات "ص12
وعبر عن ذلك فقال :
"وبالجملة فالغرض من التربية تنمية الصغير جسدا وروحا وأخلاقا فى آن واحد"ص13
وبين أن "التربية لا تفيد الصبى الذكاء ولا الألمعية فإن هذه الصفات هى فى الأطفال غريزية طبيعية"ص12
وكرر هذا الكلام فقال:
"فى التربية لا يقدر المربى أن يتوصل على تسويتهم فى الذكاء بل يختلف ذكاؤهم باختلاف استعدادهم الغريزى"ص13
وبين الرجل اثر التربية فقال:
"فالأمة التى حسنت تربية أبنائها واستعدوا لنفع أوطانهم هى التى تعد أمة سعيدة وملة حميدة"ص14
"بخلاف سوء التربية المنتشر فى أمة من الأمم فإن فساد أخلاق بنيها يفضى بها إلى العدم حيث يفشو فيهم الانهماك على اللذات والشهوات والانتهاك للحرمات والتعود على المحرمات"ص14
ويعهد رفاعة بالتربية الأولى للأمهات فيقول :
"ففى أوائل حداثة الأولاد ذكورا وإناثا ينبغى إناطة تربيتهم بالنساء مع ملاحظة الأمهات "ص15
وبعد هذا بقية الأسرة فيقول:
"ثم فإن تربية الولد ينبغى أن تكون فى بيت أمه وأبيه وهى التربية اللائقة وكل امرأة لم تربها أمها فى صغرها لم ترغب فى تربية أولادها فى كبرها"ص38
وينحو الطهطاوى منحى عجيبا بعد ذلك كمنحى روسو فى كتاب إميل فيطالب بتربية الأطفال حسب السائد فى البلد فالبلد المائلة للحرب يربون فيها كجنود وعسكر والسائد فيها الزراعة يربون فيها كزراع وفلاحين والسائد فيها التجارة كتجار وهو قوله:
" مثلا إذا كانت طبيعة البلد المولود فيها الإنسان عسكرية مائلة للحرب والضرب تكون تربية الأولاد الذكور أيضا تابعة لها أصولا وفروعا وتكون تربية البنات مائلة لمحبة الشجعان والأبطال وفحول الرجال ليشجعن الأبناء ويعتبرن النفع للوطن وإذا كانت المملكة زراعية أو تجارية أو بحرية وما أشبه ذلك كان مدار التربية الصحيحة للأولاد مبنيا على ذلك"ص15
وبالطبع هذا كلام خاطىء وللأسف يدل على البلاهة فالمفترض فى أى دولة أن تعد أولادها للعمل بكل المهن وليست مهنة فالعسكرة ليست خاصة ببلد معين بل بكل دولة والزراعة كذلك ينبغى أن تكون فى كل دولة وكذلك التجارة وهذا القول يذكرنا بنفسية أصحاب السبت الذين أصروا على العمل بمهنة الصيد رغم امتناع الصيد فبدلا من البحث عن مهنة أخرى تجلب الرزق أصروا على نفس العمل ومعصية الله
وهو كلام يذكرنا بكلام روسو عن أن العمل الحرفى الصناعى أفضل للناس من باقى الأعمال حيث لا يقدر الحاكم على أخذ الرزق من الصانع لأن رزقه فى آلته وعقله حيث يترك المكان إذا ضايقه الحاكم ويذهب لبلد أخرى يجد فيها من يقدر عمله
وفرق رفاعة بين الناس فجعلهم فريقين من يصلح للمهن ومن يصلح للحكمة فقال "
فمن المحال أيضا أن يكون من خلق للمهنة يصلح للحكمة"ص16وهو كلام خاطىء فالناس يولدون جميعا وهم لا يعرفون شيئا ومن ثم فهم يصلحون لكل شىء كما قال تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ولكن رفاعة مصر على ذلك الموقف فنقل قول الجمهور فقال
قال الجمهور إن الله تعالى خلف فى كل أحد استعدادا تظهر عليه علامته فى أول أمره كما قال الشاعر:
"فى المهد ينطق عن سعادة جده اثر النجابة ساطع البرهان"ص16
ونلاحظ أن رفاعة يظهر طبقية فيختص بالتربية الطبقات العليا فيقول:
"فالتربية هى أساس الانتفاع بأبناء الوطن لا سيما تربية أبناء الأمراء والأكابر والأغنياء "ص17
وهى نظرة تتعارض مع كون الكتاب مخصص لتربية البنين والبنات جميعا ويتعارض مع وجوب تربية كل الأطفال فى الدولة بقوله:
"وبالجملة فتربية أولاد الملة وصبيان الأمة وأطفال المملكة ذكورا وإناثا أوجب الواجبات كيف لا والتربية مطلوبة حتى فى غير الآدمى؟"ص33
ويشير الطهطاوى إلى الفروق الفردية بين المتعلمين فى العقول فيقول :
"وقد فرق الله تعالى بين العالمين فى العقول ومنهم منها ما شاء من كثير وقليل وكما فضل بعضهم على بعض فى الرزق وكثرة المال فضل بعضهم على بعض فى العقل "[font="]ص24[/font]
المفترض فى هذا الكتاب أن يكون كتابا تربويا خالصا لأنه يتناول تربية الأطفال ولكنه نحى منحى كتاب اميل لجان جاك روسو فى كتاب إميل الذى تناول فيه تربية الأطفال ومع هذا أدخل فيه أحاديث فى السياسة والتقدم
الكتاب ضخم الجثة حيث يقع فى حوالى ثمانمائة وخمسين صفحة وقد بدأ ككل الكتب التى يؤلفها الموظفين الكبار فى الدولة بمقدمة تمدح الحاكم ومن والاه فيقول فى المقدمة :
"بها عصر الهنا أضحى ضمينا وصاحب مصر إسماعيل فينا ص3
وفى ص4 يقول:
"ما مصر إلا غادة زفت على الـ أملاك والأمراء والوزراء ص4
وقال أيضا:
" سألنا معالى مصر هل لك عودة وها سابقات الدهر يدنو بعيدها
فقالت إسماعيل أوحد عصره وجدت لأيام الصبا من يعيدها"ص5
وهو يمدح أحد الأمراء وهو حسين كامل فيقول:
"وسميتها بالمرشد الأمين للبنات والبنين جعلتها برسم دولتلو عطوفتلو أفندم حسين باشا كامل عسى أن يكون نظر عنايته لحسن طبعها شامل فهى واردة على أعتاب مكارم حضرته السنية وأبواب مراحم سعادته البهية"ص7
المقدمة وفيها فصول عدة تبدأ بالفصل الأول فى بيان نفس وهو معنى التربية وفيها ذكر قول لأحدهم أن التربية نوعين وهى تربية الجسد وتربية الروح وقد نقض القول فجعل التربية ثلاثة أنواع تربية الغذاء وهو الطعام وتربية التأديب والتهذيب وتربية تغذية العقول بالمعارف
ومع هذا جعل تربية العقل كتربية الروح التأديبية غذاؤها واحد وهو المعارف فقال:
"واما تنمية العقل التى غذاؤه المعارف كغذاء الجسم بالطعام فهى خاصة بالإنسان فكما أن غذاء جسمه بالطعام الطيب ينميه وينعشه ويقوى أعضاءه كذلك غذاء الروح بالمعارف ينميها ويقويها"ص13
وبين الرجل هدف التربية بقوله:
"وإنما بالتربية تنمو العقول وتتحسن الإدراكات "ص12
وعبر عن ذلك فقال :
"وبالجملة فالغرض من التربية تنمية الصغير جسدا وروحا وأخلاقا فى آن واحد"ص13
وبين أن "التربية لا تفيد الصبى الذكاء ولا الألمعية فإن هذه الصفات هى فى الأطفال غريزية طبيعية"ص12
وكرر هذا الكلام فقال:
"فى التربية لا يقدر المربى أن يتوصل على تسويتهم فى الذكاء بل يختلف ذكاؤهم باختلاف استعدادهم الغريزى"ص13
وبين الرجل اثر التربية فقال:
"فالأمة التى حسنت تربية أبنائها واستعدوا لنفع أوطانهم هى التى تعد أمة سعيدة وملة حميدة"ص14
"بخلاف سوء التربية المنتشر فى أمة من الأمم فإن فساد أخلاق بنيها يفضى بها إلى العدم حيث يفشو فيهم الانهماك على اللذات والشهوات والانتهاك للحرمات والتعود على المحرمات"ص14
ويعهد رفاعة بالتربية الأولى للأمهات فيقول :
"ففى أوائل حداثة الأولاد ذكورا وإناثا ينبغى إناطة تربيتهم بالنساء مع ملاحظة الأمهات "ص15
وبعد هذا بقية الأسرة فيقول:
"ثم فإن تربية الولد ينبغى أن تكون فى بيت أمه وأبيه وهى التربية اللائقة وكل امرأة لم تربها أمها فى صغرها لم ترغب فى تربية أولادها فى كبرها"ص38
وينحو الطهطاوى منحى عجيبا بعد ذلك كمنحى روسو فى كتاب إميل فيطالب بتربية الأطفال حسب السائد فى البلد فالبلد المائلة للحرب يربون فيها كجنود وعسكر والسائد فيها الزراعة يربون فيها كزراع وفلاحين والسائد فيها التجارة كتجار وهو قوله:
" مثلا إذا كانت طبيعة البلد المولود فيها الإنسان عسكرية مائلة للحرب والضرب تكون تربية الأولاد الذكور أيضا تابعة لها أصولا وفروعا وتكون تربية البنات مائلة لمحبة الشجعان والأبطال وفحول الرجال ليشجعن الأبناء ويعتبرن النفع للوطن وإذا كانت المملكة زراعية أو تجارية أو بحرية وما أشبه ذلك كان مدار التربية الصحيحة للأولاد مبنيا على ذلك"ص15
وبالطبع هذا كلام خاطىء وللأسف يدل على البلاهة فالمفترض فى أى دولة أن تعد أولادها للعمل بكل المهن وليست مهنة فالعسكرة ليست خاصة ببلد معين بل بكل دولة والزراعة كذلك ينبغى أن تكون فى كل دولة وكذلك التجارة وهذا القول يذكرنا بنفسية أصحاب السبت الذين أصروا على العمل بمهنة الصيد رغم امتناع الصيد فبدلا من البحث عن مهنة أخرى تجلب الرزق أصروا على نفس العمل ومعصية الله
وهو كلام يذكرنا بكلام روسو عن أن العمل الحرفى الصناعى أفضل للناس من باقى الأعمال حيث لا يقدر الحاكم على أخذ الرزق من الصانع لأن رزقه فى آلته وعقله حيث يترك المكان إذا ضايقه الحاكم ويذهب لبلد أخرى يجد فيها من يقدر عمله
وفرق رفاعة بين الناس فجعلهم فريقين من يصلح للمهن ومن يصلح للحكمة فقال "
فمن المحال أيضا أن يكون من خلق للمهنة يصلح للحكمة"ص16وهو كلام خاطىء فالناس يولدون جميعا وهم لا يعرفون شيئا ومن ثم فهم يصلحون لكل شىء كما قال تعالى "والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا"
ولكن رفاعة مصر على ذلك الموقف فنقل قول الجمهور فقال
قال الجمهور إن الله تعالى خلف فى كل أحد استعدادا تظهر عليه علامته فى أول أمره كما قال الشاعر:
"فى المهد ينطق عن سعادة جده اثر النجابة ساطع البرهان"ص16
ونلاحظ أن رفاعة يظهر طبقية فيختص بالتربية الطبقات العليا فيقول:
"فالتربية هى أساس الانتفاع بأبناء الوطن لا سيما تربية أبناء الأمراء والأكابر والأغنياء "ص17
وهى نظرة تتعارض مع كون الكتاب مخصص لتربية البنين والبنات جميعا ويتعارض مع وجوب تربية كل الأطفال فى الدولة بقوله:
"وبالجملة فتربية أولاد الملة وصبيان الأمة وأطفال المملكة ذكورا وإناثا أوجب الواجبات كيف لا والتربية مطلوبة حتى فى غير الآدمى؟"ص33
ويشير الطهطاوى إلى الفروق الفردية بين المتعلمين فى العقول فيقول :
"وقد فرق الله تعالى بين العالمين فى العقول ومنهم منها ما شاء من كثير وقليل وكما فضل بعضهم على بعض فى الرزق وكثرة المال فضل بعضهم على بعض فى العقل "[font="]ص24[/font]