رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب القول الموثوق في تصحيح حديث السوق
المؤلف سليم بن عيد الهلالي وقد استهل الهلالى حديثه بسبب سبب بيان تأليف الكتاب وهو اختلافات القوم فى الحديث فقال :
"وقد شرع الله -عزَّ وجلَّ- من الأذكار ما يستوعب جميع حالات العبد وأوقاته: من مولده إلى وضعه في لحده، ومن صباحه إلى مسائه ، وفي يقظته ونومه، وفي حركته وسكونه، وفي خلوته وجلوته؛ ولذلك سماها أهل العلم: «عمل اليوم والليلة».
ومن ذلك: الذكر في السوق، وقد جاء في فضله حديث؛ ولكنه أُورِدَتْ عليه إشكالاتٌ عدَّةٌ -قديمًا وحديثًا-، وطال جدلُ كثير من أهل العلم وطلابه حوله: أيثبت أم لا؟"
والكتاب طويل عريض كله تقول عن قال فلان وقال علان فى جرح وتوثيق الرجال وكان يكفى الرجل لتوثيقه أو رده أن يعرضه على كتاب الله ولكن كيف والحديث إنما هو علم الرجال وليس علم صحة أو مضمون النص ومن ثم نجد أن معظم ألأحاديث مناقضة للقرآن أو مناقضة لنفسها أو لبعضها البعض
وأما نص حديث السوق فهو كما ذكره هو والكتب التى خرجته فهو :
"نصُّ الحديث وتوثيقه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ قَالَ في السُّوقِ: لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَحدَهُ لا شَريكَ لَه، لَهُ المُلكُ، ولَهُ الحَمْدُ، يُحيي ويُميتُ، وهُو حَيٌّ لا يَمَوتُ، بِيَدِهِ الخَيرُ، وَهُوَ عَلى كلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ؛ كَتَبَ اللهُ لَه أَلْفَ أَلْفِ حسنةٍ، ومحا عنه أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئةٍ، وَبَنَى لَه بَيْتًا في الجَنَّةِ»"
هذا هو النص وأما كتب التخريج وما قاله أصحابها مختصرا والذى ذكره مطولا وهو رده عليها والذى حذفناه لطوله وعدم أهميته فهو :
"أخرجه الترمذي (5/491-492/3429)، وابن ماجه (2/752/2235)، والطيالسي في «مسنده» (1/14-15/12 -ط هجر، أو 1/253/1250- منحة)، وأحمد (1/47)، وعلي بن المديني في «مسند عمر»؛ كما في «مسند الفاروق» (2/642)، وأبو بكر بن أبي شيبة في «مسنده» -ومن طريقه الطبراني في «الدعاء» (2/1166/790)-، والبخاري في «التاريخ الأوسط» (1/447/996)، و«التاريخ الكبير» (6/329)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده الكبير» -وعنه ابن السُّني في «عمل اليوم والليلة» (1/237-241/183- بتحقيقي)-، والبزار في «البحر الزخار» (1/238/145)، وابن أبي حاتم في «العلل» (2/181)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (5/1785و1786)، والطبراني في «الدعاء» (2/1165-1166/789و1166-1167/791)، ويوسف بن يعقوب القاضي في «كتاب الذكر والتسبيح»-ومن طريقه البيهقي في «الأسماء والصفات» (1/280/212)-، وابن أبي الدنيا في «الذكر»؛ كما في «الترغيب والترهيب» (2/309 -«صحيحه»)، وأبو الشيخ الأصبهاني في «طبقات المحدثين بأصبهان» (2/173-174/185)، -وعنه أبو نعيم الأصبهاني في «ذكر أخبار أصبهان» (2/180)-، وأبو عبد الله الفراء في «فوائده» (ق43/1-2)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (241)، والشجري في «الأمالي» (1/248)، وابن بشران في «الأمالي» (1/300/684)، والخطيب البغدادي في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (2/286)، وأبو محمد -الحسين بن مسعود- الفراء البغوي في «شرح السُّنة» (5/132/1338)، وابن البناء البغدادي الحنبلي في «فضل التهليل وثوابه الجزيل» (35/5) من طرق عن عمرو بن دينار -قهرمان (1) آل الزبير-، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وذكره).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدًا؛ لأن عمرو بن دينار-قهرمان آل الزبير- فيه كلام كثير يدلُّ على أنَّه متروك.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/329)، و«الضعفاء الصغير» (169/260) -ونقله عنه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/988)، وابن عدي في «الكامل» (5/1785)، والمزي في «تهذيب الكمال» (22/15)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31)-: «فيه نظر».
وقال في «التاريخ الأوسط» (1/447) -ونقله عنه علاء الدين مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (10/166)، والحافظ في «التهذيب» (8/31) -: «لا يتابع على أحاديثه».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (186/476)- ونقله عنه ابن عدي في «الكامل» (5/1785)، والمزي في «تهذيب الكمال» (22/16)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31)-: «ضعيف».
وقال مرة؛ كما في «تهذيب الكمال» (22/16)، و«التهذيب» (8/31): «ليس بثقة، روى عن سالم عن ابن عمر أحاديث منكرة».
وقال إسماعيل ابن علية؛ كما في «أجوبة أبي زرعة الرازي على أسئلة البرذعي» (2/510): «لم يكن عندي ممَّن يحفظ الحديث».
وقال زياد بن أيوب -دلويه- عنه: «لم يكن هذا الشيخ -يعني: عمرو بن دينار- يحفظ الحديث».
أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/988) بسند صحيح.
وذكره -أيضاً- المزي في «تهذيب الكمال» (22/14)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31).
وقال مرة: «عمرو بن دينار-قهرمان آل الزبير- ضعيف».
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/232) بسند صحيح عن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة؛ قال: سمعت ابن علية (وذكره) ونقله عنه -أيضاً- المزي في «تهذيب الكمال» (22/14).
وقال أبو زرعة الرازي -فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/232)، وابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكين» (2/226/2559)، والمزي في «تهذيب الكمال»
(22/15)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31)-: «واهي الحديث»."
وعقب هذا ذكر شواهد ومتابعات وعللها وتصحيحا ونقل من كتب الجرح والتعديل الكثير ليثبت به صحة الحديث رغم كل العلل والمصائب التى وردت فيه
وبين الهلالى أن موقف العلماء من الحديث ما بين منكر له ومثبت له ونقل من أقوالهم الكثير ومنه :
"مع أقوال أهل العلم:
جاءت أقوال لبعض أهل العلم تدل على ضعف بعض طرق حديث السوق، فاتَّخذها بعض طلبة العلم سُلَّمًا لردِّ حديث السوق جملة وتفصيلاً!
أولاً: شيخ الإسلام ابن تيمية :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (18/67):
«فإذا تضمنّت أحاديث الفضائل تقديرًا وتحديدًا؛ مثل صلاة في وقت معين بقراءة معيّنة، أو على صفة معيَّنة؛ لم يجز ذلك؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي.
بخلاف ما لو روي: مَن دخل السوق فقال: لا إله إلا الله؛ كان له كذا وكذا، فإن ذكرَ الله في السوق مستحبٌ؛ لما فيه من ذكر الله بين الغافلين؛ كما جاء في الحديث المعروف: «ذاكرُ اللهِ في الغافلين؛ كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس».
..وقد فهم بعض الناس: أن ابن تيمية يضعف حديث السوق؛ لأنه صدَّره بصيغة التمريض: «روي».
وهذا هو المتبادر؛ لكنه بيَّن أثناء كلامه أن الذكر في السوق مستحب، والاستحباب لا يثبت إلا بالدليل الشرعي، فكيف نقول: إن شيخ الإسلام يُليِّن حديث السوق؟!
فإن قيل: كيف صدَّره بصيغة التمريض الدالة على الضعف عند أئمة الصنعة؟
قلت: ابن تيمية لم يلتزم بذلك التزامًا لا يحيد عنه، ومن نظر في كتابه «الكلم الطيب»؛ علم ذلك.
ناهيك أنه ذكر حديث السوق في «الكلم الطيب» (ص 117)، ولم يصدِّره بصيغة التمريض، وإنما بصيغة الجزم.
ثانيًا: ابن قيم الجوزية:
قال ابن قيم الجوزية في «المنار المنيف» (ص33-35) بعد أن ذكره:
«فهذا الحديث معلول، أعله أئمة الحديث».
ثم ذكره من طريق أزهر بن سنان عند الترمذي، وقال: «قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد رواه عمرو بن دينار-قهرمان آل الزبير-، عن سالم، عن عبد الله: (وذكر الحديث)».
ثم قال: «وقد رُويَ من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر؛ لكنه معلول -أيضًا-».
وذكر تعليل ابن أبي حاتم، ثم ذكر أقوال أهل العلم في تضعيف قهرمان آل الزبير.
قلت: مضى الجواب عن هذه الاعتراضات، وابن قيم الجوزية لم يستوعب طرقه وشواهده.
ناهيك أن ابن القيم ذكر حديث السوق محتجًّا به في موضعين من كتابه الموسوم «الوابل الصيب» (ص 58 و 181).
فإن قيل: هذا تساهل في باب الفضائل.
قلت هذا المنهج لم يعرف عن ابن قيم الجوزية، فنسبته له تمحُّل.
ثالثًا: الحافظ ابن حجر العسقلاني:
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»
(11/206): «تنبيه: أكمل ما ورد من ألفاظ هذا الذكر في حديث ابن عمر عن عمر رفعه: «مَن قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير...» الحديث.
هذا فريق من العلماء.
وهناك فريق آخر؛ كابن أبي حاتم في «العلل» (2/181)، والبخاري؛ كما نقل عنه الترمذي في «العلل الكبير» (2/912)، والدارقطني في «العلل» (2/49).
قلت: والجواب عن استنكارهم مبثوث في ثنايا هذه الرسالة.
وقسم ثالث كرر ما قاله السابقون؛ كالعجلوني في «كشف الخفاء» (2/324-325)، وعلي القاري في «الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (230-231/906)؛ حيث ذكروا مقالة ابن قيم الجوزية -رحمه الله-.
وقد تقدم الجواب عن مقالة ابن قيم الجوزية وغيره، وتوجيهها، والله أعلم بحقائق الحالات.
العلماء الذين أثبتوا الحديث
وهناك قسم آخر من أهل العلم أثبت الحديث وقوّاه، منهم:
أولاً: البغوي:
قال بعد أن أخرج الحديث بإسناده (5/133): «هذا حديث حسن غريب».
ثانيًا: المنذري:
فقد ذكر الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/531) حديث عمر بن الخطاب عند الترمذي، ثم قال: «وإسناده متصل حسن، ورواته ثقات أثبات، وفي أزهر بن سنان خلاف، وقال ابن عدي: أرجو أنّه لا بأس به..»."
وبعد أن ذكر أقوال القوم فى الحديث تحدث عن عورات الحديث ورد عليها لكى يثبت صحة رأيه فقال :
"حديث السوق دراية:
لقد وجّه بعض العلماء النقد إلى حديث السوق دراية، حيث استنكروا الثواب العظيم الوارد فيه على تلك الصفة.
قلت: ولو استحضر الناقد أمورًا؛ لما تعجَّل في ردِّه:
1- أن الجرأة في ردِّ الأحاديث الصحاح من جهة المعنى، أمر في غاية الخطورة؛ للأسباب التالية:
أ- أن الرسوخ في معرفة علل المتن لا يتأتّى إلا للراسخين الذين فهموا وهضموا أسرار الشريعة وقواعدها الكلية بالسبر والاستقراء.
ب- أن كثيرًا من الردِّ مبنيٌّ على معانٍ انقدحت في ذهن الرادِّ، ولعله لم يوفَّق للصواب في فهمه، فكم من آية وحديث ظنَّ متوهِّمٌ معارضتها لآية أخرى أو حديث آخر، فتعجَّل في رده، أو شكَّك فيه، زعمًا أن الدين لا يناقض بعضه بعضًا، وخفي على الرَّادِّ المسكين أن التناقض في عقله وفهمه، لا في حقيقة الأمر؛ لأنه ما إن يأتيه عدول الأمة الذين ينفون عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويبيِّنون وجه التوافق؛ إلا وينتفي ما ورد عليه من ظنِّ التناقض.
ولذلك؛ لو ردَّ الذين عجزوا عن إدراك بعض المعاني الصحيحة الأمر لأهله؛ لعلمه الذين يستنبطونه منهم.
2- أن هذا الأجر العظيم الوارد إنما هو في شأن الكلمة الطيبة -كلمة التوحيد والإخلاص، ومفتاح الجنة-، التي هي أعظم الكلام وأفضله، لذلك: فإن أجرها أعظم الأجر وأفضله؛ لأن الجزاء من جنس العمل.
ولهذا المعنى أشار الحافظ ابن رجب الحنبلي في «كلمة الإخلاص» (ص63-64).
3- أن هذا الحديث له نظائر في «الصحيحين» تضمَّنت الثواب العظيم، والأجر الجزيل على مثل هذه الأذكار؛ منها:
أ- أخرج البخاري في «صحيحه» (11/201/6403)، ومسلم في «صحيحه» (4/2071/2691) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَه، لَه المُلكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٍ، في يوم مئةَ مَرَّةٍ؛ كَانَت لَه عَدْلَ عَشْرَ رِقَابٍ، وَكُتِبتُ لَه مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مئة سَيِّئةٍ، وَكَانت لَه حِرْزًا مِن الشَّيطَانِ يَومَهُ ذَلكَ حتَّى يُمْسِي، وَلَمْ يَأَتِ أَحَدٌ بأَفضَلَ مِمَّا جَاءَ؛ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أَكثَرَ مِنهُ (وفي لفظ: من ذلك)».
...4- أن السوق موطن غفلة، والذاكر فيه أجره عظيم.
ولكون السوق موطن غفلة وإلْهاء عن ذكر الله، وانشغال بجمع الدينار والدرهم، وانكباب على حطام الدنيا الفاني، والتنافس المفضي إلى النزاع والخصومة؛ صارت أبغض الأماكن إلى الله، ففي «صحيح مسلم» (1/464/671) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله: مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله: أسواقها».
وعن جبير بن مطعم: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أي البلدان شر؟ قال: فقال: «لا أدري»، فلما أتاه جبريل-عليه السلام-؛ قال: «يا جبريل! أي البلدان شر؟ قال: لا أدري، حتى أسأل ربي-عز وجل-. فانطلق جبريل -عليه السلام-، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم جاء فقال: يا محمد! إنك سألتني: أي البلدان شر؟ فقلت: لا أدري، وإني سألت ربي -عز وجل-: أي البلدان شر؟ فقال: أسواقها».
أخرجه الإمام أحمد (27/308/16744)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (13/400/7403) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (1/10)-: ثنا أبو خيثمة -زهير بن حرب- النسائي، والبزار في «البحر الزخار» (8/352-353/3430): ثنا محمد بن المثنى؛ ثلاثتهم عن أبي عامر -عبد الملك بن عمرو- العقدي، عن زهير بن محمد التميمي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن حبير بن مطعم، عن أبيه به..."
وانتهى الرجل إلى أن الحديث مقبول رواية ودراية فقال :
"الخلاصة والترجيح:
هذه خلاصة أبيِّن فيها ما ورد من طرق حديث السوق وشواهده، ودرجة كل ذلك منفردًا، ثم أقرر درجة الحديث جملة حسب قواعد علم الحديث.
أولاً: طريق عمرو بن دينار -قهرمان آل الزبير-:
ضعيفة جدًا.
ثانيًا: المتابعات:
1- محمد بن واسع: من طريق أزهر بن سنان، عنه به.
ضعيف؛ لكنه صالح للاعتبار.
2- المهاصر بن حبيب: من طريق أبي خالد الأحمر، عنه به.
حسن لذاته.
3- عبيد الله بن عمر العمري: من طريق سلم بن ميمون الخوَّاص، عن علي بن عطاء، عنه به.
ضعيف جدًّا.
4- أبو عبد الله الفراء: من طريق ضرار: نا الدراوردي، عنه به.
ضعيف جدًّا.
5- عمر بن محمد بن يزيد: حدثني رجل بصري، عن سالم به.
ضعيفٌ؛ لأن الرجل البصري هو عمرو بن دينار
-قهرمان آل الزبير- نفسه؛ كما نص عليه الدارقطني.
ثالثًا: الشواهد:
1- حديث عبد الله بن عمر:
أ- من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن عمران بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر به مرفوعًا.
حسن لغيره.
ب- من طريق مسروق بن المرزبان: ثنا حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر به مرفوعًا.
حسن لذاته.
2- حديث عبدالله بن عباس: ضعيف جدًّا."
ومع أن الرجل أثبت أن طريق الحديث ضعيفا جدا كما قال وأقر بأن معظم الشواهد والمتابعات ضعيفة وضعيفة جدا إلا انتهى إلى ترجيح صحة الحديث فقال :
"الترجيح:
تبيَّن أن تعدّد الطرق عن سالم عن أبيه عن جده؛ غير طريق قهرمان آل الزبير، وسلم الخواص، وأبي عبدالله الفراء، وعمر بن محمد بن زيد تدل على أن حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حسن.
فإذا انضمَّ إليه حديث ابن عمر بطريقه عن عبد الله بن دينار -الحسن لذاته-ازداد قوةً وثبوتًا.
وبذلك يصحُّ حديث السوق رواية، وقد صحَّ دراية -كما بيَّنَّا-؛ فلله الحمد والمنَّة على الإسلام والسُّنَّة."
بقيت الكلمة الناسفة للكتاب وهى :
أن الحديث معارض لقواعد الأجر فى القرآن وهى :
الأولى العمل غير المالى كترديد كلمات أجرها عشر حسنات كما قال تعالى :
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
الثانية أجر الأعمال المالية هو سبعمائة حسنة او ضعفها وهو ألف وأربعمائة حسنة كمل قال تعالى :
"مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء"
ومن ثم لا وجود أجر اسمه ألف ألف حسنة كما لا وجود لأجر بيت فى الجنة على الترديد
المؤلف سليم بن عيد الهلالي وقد استهل الهلالى حديثه بسبب سبب بيان تأليف الكتاب وهو اختلافات القوم فى الحديث فقال :
"وقد شرع الله -عزَّ وجلَّ- من الأذكار ما يستوعب جميع حالات العبد وأوقاته: من مولده إلى وضعه في لحده، ومن صباحه إلى مسائه ، وفي يقظته ونومه، وفي حركته وسكونه، وفي خلوته وجلوته؛ ولذلك سماها أهل العلم: «عمل اليوم والليلة».
ومن ذلك: الذكر في السوق، وقد جاء في فضله حديث؛ ولكنه أُورِدَتْ عليه إشكالاتٌ عدَّةٌ -قديمًا وحديثًا-، وطال جدلُ كثير من أهل العلم وطلابه حوله: أيثبت أم لا؟"
والكتاب طويل عريض كله تقول عن قال فلان وقال علان فى جرح وتوثيق الرجال وكان يكفى الرجل لتوثيقه أو رده أن يعرضه على كتاب الله ولكن كيف والحديث إنما هو علم الرجال وليس علم صحة أو مضمون النص ومن ثم نجد أن معظم ألأحاديث مناقضة للقرآن أو مناقضة لنفسها أو لبعضها البعض
وأما نص حديث السوق فهو كما ذكره هو والكتب التى خرجته فهو :
"نصُّ الحديث وتوثيقه:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«مَنْ قَالَ في السُّوقِ: لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَحدَهُ لا شَريكَ لَه، لَهُ المُلكُ، ولَهُ الحَمْدُ، يُحيي ويُميتُ، وهُو حَيٌّ لا يَمَوتُ، بِيَدِهِ الخَيرُ، وَهُوَ عَلى كلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ؛ كَتَبَ اللهُ لَه أَلْفَ أَلْفِ حسنةٍ، ومحا عنه أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئةٍ، وَبَنَى لَه بَيْتًا في الجَنَّةِ»"
هذا هو النص وأما كتب التخريج وما قاله أصحابها مختصرا والذى ذكره مطولا وهو رده عليها والذى حذفناه لطوله وعدم أهميته فهو :
"أخرجه الترمذي (5/491-492/3429)، وابن ماجه (2/752/2235)، والطيالسي في «مسنده» (1/14-15/12 -ط هجر، أو 1/253/1250- منحة)، وأحمد (1/47)، وعلي بن المديني في «مسند عمر»؛ كما في «مسند الفاروق» (2/642)، وأبو بكر بن أبي شيبة في «مسنده» -ومن طريقه الطبراني في «الدعاء» (2/1166/790)-، والبخاري في «التاريخ الأوسط» (1/447/996)، و«التاريخ الكبير» (6/329)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده الكبير» -وعنه ابن السُّني في «عمل اليوم والليلة» (1/237-241/183- بتحقيقي)-، والبزار في «البحر الزخار» (1/238/145)، وابن أبي حاتم في «العلل» (2/181)، وابن عدي في «الكامل في الضعفاء» (5/1785و1786)، والطبراني في «الدعاء» (2/1165-1166/789و1166-1167/791)، ويوسف بن يعقوب القاضي في «كتاب الذكر والتسبيح»-ومن طريقه البيهقي في «الأسماء والصفات» (1/280/212)-، وابن أبي الدنيا في «الذكر»؛ كما في «الترغيب والترهيب» (2/309 -«صحيحه»)، وأبو الشيخ الأصبهاني في «طبقات المحدثين بأصبهان» (2/173-174/185)، -وعنه أبو نعيم الأصبهاني في «ذكر أخبار أصبهان» (2/180)-، وأبو عبد الله الفراء في «فوائده» (ق43/1-2)، والرامهرمزي في «المحدث الفاصل» (241)، والشجري في «الأمالي» (1/248)، وابن بشران في «الأمالي» (1/300/684)، والخطيب البغدادي في «موضح أوهام الجمع والتفريق» (2/286)، وأبو محمد -الحسين بن مسعود- الفراء البغوي في «شرح السُّنة» (5/132/1338)، وابن البناء البغدادي الحنبلي في «فضل التهليل وثوابه الجزيل» (35/5) من طرق عن عمرو بن دينار -قهرمان (1) آل الزبير-، عن سالم بن عبد الله بن عمر، عن أبيه، عن جده: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وذكره).
قلت: وهذا إسناد ضعيف جدًا؛ لأن عمرو بن دينار-قهرمان آل الزبير- فيه كلام كثير يدلُّ على أنَّه متروك.
قال البخاري في «التاريخ الكبير» (6/329)، و«الضعفاء الصغير» (169/260) -ونقله عنه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/988)، وابن عدي في «الكامل» (5/1785)، والمزي في «تهذيب الكمال» (22/15)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31)-: «فيه نظر».
وقال في «التاريخ الأوسط» (1/447) -ونقله عنه علاء الدين مغلطاي في «إكمال تهذيب الكمال» (10/166)، والحافظ في «التهذيب» (8/31) -: «لا يتابع على أحاديثه».
وقال النسائي في «الضعفاء والمتروكين» (186/476)- ونقله عنه ابن عدي في «الكامل» (5/1785)، والمزي في «تهذيب الكمال» (22/16)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31)-: «ضعيف».
وقال مرة؛ كما في «تهذيب الكمال» (22/16)، و«التهذيب» (8/31): «ليس بثقة، روى عن سالم عن ابن عمر أحاديث منكرة».
وقال إسماعيل ابن علية؛ كما في «أجوبة أبي زرعة الرازي على أسئلة البرذعي» (2/510): «لم يكن عندي ممَّن يحفظ الحديث».
وقال زياد بن أيوب -دلويه- عنه: «لم يكن هذا الشيخ -يعني: عمرو بن دينار- يحفظ الحديث».
أخرجه العقيلي في «الضعفاء الكبير» (3/988) بسند صحيح.
وذكره -أيضاً- المزي في «تهذيب الكمال» (22/14)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31).
وقال مرة: «عمرو بن دينار-قهرمان آل الزبير- ضعيف».
أخرجه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/232) بسند صحيح عن محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة؛ قال: سمعت ابن علية (وذكره) ونقله عنه -أيضاً- المزي في «تهذيب الكمال» (22/14).
وقال أبو زرعة الرازي -فيما نقله عنه ابن أبي حاتم في «الجرح والتعديل» (6/232)، وابن الجوزي في «الضعفاء والمتروكين» (2/226/2559)، والمزي في «تهذيب الكمال»
(22/15)، والحافظ في «تهذيبه» (8/31)-: «واهي الحديث»."
وعقب هذا ذكر شواهد ومتابعات وعللها وتصحيحا ونقل من كتب الجرح والتعديل الكثير ليثبت به صحة الحديث رغم كل العلل والمصائب التى وردت فيه
وبين الهلالى أن موقف العلماء من الحديث ما بين منكر له ومثبت له ونقل من أقوالهم الكثير ومنه :
"مع أقوال أهل العلم:
جاءت أقوال لبعض أهل العلم تدل على ضعف بعض طرق حديث السوق، فاتَّخذها بعض طلبة العلم سُلَّمًا لردِّ حديث السوق جملة وتفصيلاً!
أولاً: شيخ الإسلام ابن تيمية :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «مجموع الفتاوى» (18/67):
«فإذا تضمنّت أحاديث الفضائل تقديرًا وتحديدًا؛ مثل صلاة في وقت معين بقراءة معيّنة، أو على صفة معيَّنة؛ لم يجز ذلك؛ لأن استحباب هذا الوصف المعين لم يثبت بدليل شرعي.
بخلاف ما لو روي: مَن دخل السوق فقال: لا إله إلا الله؛ كان له كذا وكذا، فإن ذكرَ الله في السوق مستحبٌ؛ لما فيه من ذكر الله بين الغافلين؛ كما جاء في الحديث المعروف: «ذاكرُ اللهِ في الغافلين؛ كالشجرة الخضراء بين الشجر اليابس».
..وقد فهم بعض الناس: أن ابن تيمية يضعف حديث السوق؛ لأنه صدَّره بصيغة التمريض: «روي».
وهذا هو المتبادر؛ لكنه بيَّن أثناء كلامه أن الذكر في السوق مستحب، والاستحباب لا يثبت إلا بالدليل الشرعي، فكيف نقول: إن شيخ الإسلام يُليِّن حديث السوق؟!
فإن قيل: كيف صدَّره بصيغة التمريض الدالة على الضعف عند أئمة الصنعة؟
قلت: ابن تيمية لم يلتزم بذلك التزامًا لا يحيد عنه، ومن نظر في كتابه «الكلم الطيب»؛ علم ذلك.
ناهيك أنه ذكر حديث السوق في «الكلم الطيب» (ص 117)، ولم يصدِّره بصيغة التمريض، وإنما بصيغة الجزم.
ثانيًا: ابن قيم الجوزية:
قال ابن قيم الجوزية في «المنار المنيف» (ص33-35) بعد أن ذكره:
«فهذا الحديث معلول، أعله أئمة الحديث».
ثم ذكره من طريق أزهر بن سنان عند الترمذي، وقال: «قال الترمذي: هذا حديث غريب، وقد رواه عمرو بن دينار-قهرمان آل الزبير-، عن سالم، عن عبد الله: (وذكر الحديث)».
ثم قال: «وقد رُويَ من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر؛ لكنه معلول -أيضًا-».
وذكر تعليل ابن أبي حاتم، ثم ذكر أقوال أهل العلم في تضعيف قهرمان آل الزبير.
قلت: مضى الجواب عن هذه الاعتراضات، وابن قيم الجوزية لم يستوعب طرقه وشواهده.
ناهيك أن ابن القيم ذكر حديث السوق محتجًّا به في موضعين من كتابه الموسوم «الوابل الصيب» (ص 58 و 181).
فإن قيل: هذا تساهل في باب الفضائل.
قلت هذا المنهج لم يعرف عن ابن قيم الجوزية، فنسبته له تمحُّل.
ثالثًا: الحافظ ابن حجر العسقلاني:
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»
(11/206): «تنبيه: أكمل ما ورد من ألفاظ هذا الذكر في حديث ابن عمر عن عمر رفعه: «مَن قال حين يدخل السوق: لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، يحيى ويميت، وهو حي لا يموت، بيده الخير، وهو على كل شيء قدير...» الحديث.
هذا فريق من العلماء.
وهناك فريق آخر؛ كابن أبي حاتم في «العلل» (2/181)، والبخاري؛ كما نقل عنه الترمذي في «العلل الكبير» (2/912)، والدارقطني في «العلل» (2/49).
قلت: والجواب عن استنكارهم مبثوث في ثنايا هذه الرسالة.
وقسم ثالث كرر ما قاله السابقون؛ كالعجلوني في «كشف الخفاء» (2/324-325)، وعلي القاري في «الأسرار المرفوعة في الأخبار الموضوعة» (230-231/906)؛ حيث ذكروا مقالة ابن قيم الجوزية -رحمه الله-.
وقد تقدم الجواب عن مقالة ابن قيم الجوزية وغيره، وتوجيهها، والله أعلم بحقائق الحالات.
العلماء الذين أثبتوا الحديث
وهناك قسم آخر من أهل العلم أثبت الحديث وقوّاه، منهم:
أولاً: البغوي:
قال بعد أن أخرج الحديث بإسناده (5/133): «هذا حديث حسن غريب».
ثانيًا: المنذري:
فقد ذكر الحافظ المنذري في «الترغيب والترهيب» (2/531) حديث عمر بن الخطاب عند الترمذي، ثم قال: «وإسناده متصل حسن، ورواته ثقات أثبات، وفي أزهر بن سنان خلاف، وقال ابن عدي: أرجو أنّه لا بأس به..»."
وبعد أن ذكر أقوال القوم فى الحديث تحدث عن عورات الحديث ورد عليها لكى يثبت صحة رأيه فقال :
"حديث السوق دراية:
لقد وجّه بعض العلماء النقد إلى حديث السوق دراية، حيث استنكروا الثواب العظيم الوارد فيه على تلك الصفة.
قلت: ولو استحضر الناقد أمورًا؛ لما تعجَّل في ردِّه:
1- أن الجرأة في ردِّ الأحاديث الصحاح من جهة المعنى، أمر في غاية الخطورة؛ للأسباب التالية:
أ- أن الرسوخ في معرفة علل المتن لا يتأتّى إلا للراسخين الذين فهموا وهضموا أسرار الشريعة وقواعدها الكلية بالسبر والاستقراء.
ب- أن كثيرًا من الردِّ مبنيٌّ على معانٍ انقدحت في ذهن الرادِّ، ولعله لم يوفَّق للصواب في فهمه، فكم من آية وحديث ظنَّ متوهِّمٌ معارضتها لآية أخرى أو حديث آخر، فتعجَّل في رده، أو شكَّك فيه، زعمًا أن الدين لا يناقض بعضه بعضًا، وخفي على الرَّادِّ المسكين أن التناقض في عقله وفهمه، لا في حقيقة الأمر؛ لأنه ما إن يأتيه عدول الأمة الذين ينفون عن الدين تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، ويبيِّنون وجه التوافق؛ إلا وينتفي ما ورد عليه من ظنِّ التناقض.
ولذلك؛ لو ردَّ الذين عجزوا عن إدراك بعض المعاني الصحيحة الأمر لأهله؛ لعلمه الذين يستنبطونه منهم.
2- أن هذا الأجر العظيم الوارد إنما هو في شأن الكلمة الطيبة -كلمة التوحيد والإخلاص، ومفتاح الجنة-، التي هي أعظم الكلام وأفضله، لذلك: فإن أجرها أعظم الأجر وأفضله؛ لأن الجزاء من جنس العمل.
ولهذا المعنى أشار الحافظ ابن رجب الحنبلي في «كلمة الإخلاص» (ص63-64).
3- أن هذا الحديث له نظائر في «الصحيحين» تضمَّنت الثواب العظيم، والأجر الجزيل على مثل هذه الأذكار؛ منها:
أ- أخرج البخاري في «صحيحه» (11/201/6403)، ومسلم في «صحيحه» (4/2071/2691) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ قالَ: لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، وَحْدَهُ لا شَريكَ لَه، لَه المُلكُ، ولَهُ الحَمْدُ، وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٍ، في يوم مئةَ مَرَّةٍ؛ كَانَت لَه عَدْلَ عَشْرَ رِقَابٍ، وَكُتِبتُ لَه مِئَةُ حَسَنَةٍ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مئة سَيِّئةٍ، وَكَانت لَه حِرْزًا مِن الشَّيطَانِ يَومَهُ ذَلكَ حتَّى يُمْسِي، وَلَمْ يَأَتِ أَحَدٌ بأَفضَلَ مِمَّا جَاءَ؛ إِلاَّ رَجُلٌ عَمِلَ أَكثَرَ مِنهُ (وفي لفظ: من ذلك)».
...4- أن السوق موطن غفلة، والذاكر فيه أجره عظيم.
ولكون السوق موطن غفلة وإلْهاء عن ذكر الله، وانشغال بجمع الدينار والدرهم، وانكباب على حطام الدنيا الفاني، والتنافس المفضي إلى النزاع والخصومة؛ صارت أبغض الأماكن إلى الله، ففي «صحيح مسلم» (1/464/671) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أحب البلاد إلى الله: مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله: أسواقها».
وعن جبير بن مطعم: أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله! أي البلدان شر؟ قال: فقال: «لا أدري»، فلما أتاه جبريل-عليه السلام-؛ قال: «يا جبريل! أي البلدان شر؟ قال: لا أدري، حتى أسأل ربي-عز وجل-. فانطلق جبريل -عليه السلام-، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم جاء فقال: يا محمد! إنك سألتني: أي البلدان شر؟ فقلت: لا أدري، وإني سألت ربي -عز وجل-: أي البلدان شر؟ فقال: أسواقها».
أخرجه الإمام أحمد (27/308/16744)، وأبو يعلى الموصلي في «مسنده» (13/400/7403) -ومن طريقه الحافظ ابن حجر في «موافقة الخبر الخبر» (1/10)-: ثنا أبو خيثمة -زهير بن حرب- النسائي، والبزار في «البحر الزخار» (8/352-353/3430): ثنا محمد بن المثنى؛ ثلاثتهم عن أبي عامر -عبد الملك بن عمرو- العقدي، عن زهير بن محمد التميمي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن محمد بن حبير بن مطعم، عن أبيه به..."
وانتهى الرجل إلى أن الحديث مقبول رواية ودراية فقال :
"الخلاصة والترجيح:
هذه خلاصة أبيِّن فيها ما ورد من طرق حديث السوق وشواهده، ودرجة كل ذلك منفردًا، ثم أقرر درجة الحديث جملة حسب قواعد علم الحديث.
أولاً: طريق عمرو بن دينار -قهرمان آل الزبير-:
ضعيفة جدًا.
ثانيًا: المتابعات:
1- محمد بن واسع: من طريق أزهر بن سنان، عنه به.
ضعيف؛ لكنه صالح للاعتبار.
2- المهاصر بن حبيب: من طريق أبي خالد الأحمر، عنه به.
حسن لذاته.
3- عبيد الله بن عمر العمري: من طريق سلم بن ميمون الخوَّاص، عن علي بن عطاء، عنه به.
ضعيف جدًّا.
4- أبو عبد الله الفراء: من طريق ضرار: نا الدراوردي، عنه به.
ضعيف جدًّا.
5- عمر بن محمد بن يزيد: حدثني رجل بصري، عن سالم به.
ضعيفٌ؛ لأن الرجل البصري هو عمرو بن دينار
-قهرمان آل الزبير- نفسه؛ كما نص عليه الدارقطني.
ثالثًا: الشواهد:
1- حديث عبد الله بن عمر:
أ- من طريق يحيى بن سليم الطائفي، عن عمران بن مسلم، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر به مرفوعًا.
حسن لغيره.
ب- من طريق مسروق بن المرزبان: ثنا حفص بن غياث، عن هشام بن حسان، عن عبدالله بن دينار، عن ابن عمر به مرفوعًا.
حسن لذاته.
2- حديث عبدالله بن عباس: ضعيف جدًّا."
ومع أن الرجل أثبت أن طريق الحديث ضعيفا جدا كما قال وأقر بأن معظم الشواهد والمتابعات ضعيفة وضعيفة جدا إلا انتهى إلى ترجيح صحة الحديث فقال :
"الترجيح:
تبيَّن أن تعدّد الطرق عن سالم عن أبيه عن جده؛ غير طريق قهرمان آل الزبير، وسلم الخواص، وأبي عبدالله الفراء، وعمر بن محمد بن زيد تدل على أن حديث عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حسن.
فإذا انضمَّ إليه حديث ابن عمر بطريقه عن عبد الله بن دينار -الحسن لذاته-ازداد قوةً وثبوتًا.
وبذلك يصحُّ حديث السوق رواية، وقد صحَّ دراية -كما بيَّنَّا-؛ فلله الحمد والمنَّة على الإسلام والسُّنَّة."
بقيت الكلمة الناسفة للكتاب وهى :
أن الحديث معارض لقواعد الأجر فى القرآن وهى :
الأولى العمل غير المالى كترديد كلمات أجرها عشر حسنات كما قال تعالى :
" من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها"
الثانية أجر الأعمال المالية هو سبعمائة حسنة او ضعفها وهو ألف وأربعمائة حسنة كمل قال تعالى :
"مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء"
ومن ثم لا وجود أجر اسمه ألف ألف حسنة كما لا وجود لأجر بيت فى الجنة على الترديد