رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
ثم حكى حكايات سبق ذكر بعضها فقال:
"وقال محمد بن سعد: قال محمد بن عمر يعني الواقدي وليس لرسول الله (ص)قطيعة غير حبرى وبيت عينون أقطعها رسول الله (ص)تميما ونعيما أبناء أوس وغزا تميم مع رسول الله (ص) وروى عنه ولم يزل بالمدينة حتى تحول إلى الشام بعد قتل عثمان وكان تميم يكنى أبا رقية
وقال محمد بن الربيع في كتاب من دخل مصر من الصحابة وتميم الداري شهد فتح مصر فيما أخبرني يحيى بن عثمان ولأهل مصر عنه عن النبي (ص)حديث واحد فذكر من طريق ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة عن موسى بن علي عن أبيه أن تميم الداري كان يبتغي بالدين فأتى اليهود فقالوا إنا مغضوب علينا ثم أتى النصاري فدلوه على راهب فأتاه فقال: إنه خرج من بيت إبراهيم نبي قال تميم فأتيت النبي (ص)فحييته تحية أهل الجاهلية فقال: إنما تحيتنا السلام فرآني أنظر إليه وحدثته بأمر الراهب وسألته فقال: ائتني بما استطعت من قومك وبالراهب ولن تدركه فإنه بقية القسيسين الذين ذكرهم الله في القرآن فانصرف فأتاه بنفر من قومه وفتح الله الشام فأتى بكتابه إلى أبي بكر فأمضى له القريتين فلما كان عمر بن الخطاب كلمه أهل القريتين فأتاه كتابه فقال عمر لتميم هما قريتان من الشام ليس لك أن تستخدم أهلها ولا تبيع ولكن خراجها لك فلم يزل ذلك لهم فلما كان عبد الملك بن مروان أراد أن يتعرض لهم فأتوه بكتابهم فتركهما ثم كان سليمان بن عبد الملك فأراد أن يتعرض لهم فأتوه بكتابهم فخلا عنهم قال ابن لهيعة: هي لهم إلى اليوم "
وحكاية اقطاع النبى (ص) أرضا لمسلم أو أكثر هى حكايات غير صحيحة ويخالف هذا أن الله جعل الأرض وما عليها ملكية مشتركة للمسلمين فقال "إن الأرض يرثها عبادى الصالحون "ومن ثم لا يحق لأحدهم أن يمتلك منها أكثر من الأخر كما أن الإقطاع تكريس لغنى الأغنياء الذى طالب الله بإقلاله قدر الإمكان بعدم إعطاءهم من الفىء والغنيمة فقال "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم "كما أن الإقطاع مبنى على التمييز بين المسلمين فى العطاء وهو ما يخالف تساوى المسلمين فى العطاء
ثم حكى الرجل حكايات عن رفق تميم بالأسرى فقال:
"قال ابن الربيع ولهم عن تميم حكايات:
فذكر من طريق ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن يزيد بن مسروق عن موسى بن نصير قال: كان تميم الداري في البحر غازيا فكان يرسل إلي لأرسل إليه بالأسارى من الروم فيتصدق عليهم ويأمر بهم فيغسلوا ويدهنوا ويمشطوا ومن طريق الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن موسى عن ابن لهيعة عن موسى عن ابن لهيعة عن موسى بن نصير قال: كنا في غزاة مع تميم الداري في البحر فكان يأمرنا بمشط رءوس الأسارى ودهنهم "
ثم تناول حكاية السهمى وكون تميم وابن عمه شاهدى زور فقال :
"وخرج البخاري تعليقا فقال وقال لي علي بن عبد الله: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس ما قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا من ذهب فأحلفهما رسول الله (ص) ثم وجد الجام بمكة فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وإن الجام لصاحبهم قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} وأخرجه أبو داود فقال: حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا يحيى بن آدم بهذا الإسناد مثله غير أنه قال: جام فضة مخوصا بالذهب وقال: فقام رجلان من أولياء السهمي
ذكره البخاري في أواخر كتاب الوصايا والوقوف وترجم قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} وخرجه الترمذي أيضا من يحيى بن آدم قال أبو عبيدة الله بن محمد بن نصر الحميدي وليس لعبد الملك بن سعيد عن أبيه سعيد بن جبير ولا لمحمد بن أبي القاسم عن عبد الملك في هذا السند غير هذا الحديث
وخرج الترمذي من حديث محمد بن إسحق عن أبي النضر عن باذان مولى أم هانئ عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت}قال برئ منها الناس غيري وغير عدي بن بداء وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني هاشم يقال له بديل بن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك وهو عظم تجارته فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله قال تميم فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله (ص)المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمس مائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به رسول الله (ص)فسألهم البينة فلم يجدوا فأمرهم أن يستحلفوه بما يقطع به على أهل دينه فحلف فأنزل الله
{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} إلى قوله: {أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم} فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا فنزعت الخمس مائة درهم من عدي بن بداء قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وليس إسناده بصحيح وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر قال أبو عيسى: ولا نعرف لسالم أبي النضر المدني رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا يحيى بن آدم عن ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس قال:خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم فلما قدمنا بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله (ص)ثم وجد الجام بمكة فقيل اشتريناه من عدي وتميم فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم قال وفيهم نزلت{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم}قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وهو حديث ابن أبي زائدة وقال ابن عساكر: وذكره مقاتل بن سليمان المفسر في (تفسيره) منقطعا وقال مولى لبني سهم إلا أنه قال ابن أبي مارية بدلا من ابن أبي مريم
قال مقاتل في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} نزلت في بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي كان خرج مسافرا في البحر إلى أرض النجاشي ومعه رجلان نصرانيان أحدهما يسمى تميم بن أوس الداري وكان من لخم وعدي بن بداء فمات بديل وهم في السفينة في البحر قال: "حين الوصية " وذلك أنه كتب وصيته ثم جعله في متاعه ثم دفعه إلى تميم وصاحبه وقال لهما بلغا هذا المتاع أهلي فجاءا ببعض المتاع وحبسا جاما من فضة مموها بالذهب فنزلت " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية " يقول عند الوصية يشهد وصيته " اثنان ذو عدل " من المسلمين في دينهما " أو آخران من غيركم " يعني من غير أهل دينكم النصرانيين تميم الداري وعدي بن بداء " إن أنتم " يا معشر المسلمين " ضربتم في الأرض التجارة فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية حين انطلق تاجرا في البحر فانطلق معه تميم وعدي صاحباه فحضره الموت فكتب وصية ثم جعله في المتاع فقال أبلغا هذا المتاع أهلي فلما مات بديل قبضا المال فأخذا منه ما أعجبهما وكان فيما أخذا إناء من فضة فيهما ثلاث مئة مثقال منقوشا مموها بالذهب فلما رجعا من تجارتهما دفعا بقية المال إلى ورثته ففقدوا بعض متاعه فنظروا إلى الوصية ووجدوا المال فيه تاما لم يبع منه ولم يهب فكلموا تميما وصاحبه فسألوهما هل باع صاحبنا شيئا أو اشترى فخسر فيه أو طال مرضه فأنفق على نفسه قالا لا قالوا فإنا قد فقدنا بعض ما أبدى به صاحبنا قالا مالنا علم بما أبدى ولا بما كان في وصيته ولكنه دفع إلينا هذا المال فبلغنا كما أتاه فرفعوا أمرهما إلى النبي (ص)فنزلت " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " يعني بديل بن أبي مارية " اثنان ذوا عدل منكم " من المسلمين عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان " أو آخران من غيركم " غير أهل دينكم يعني النصرانين " إن أنتم " يا معشر المسلمين " ضربتم في الأرض " تجارا " فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي تحسبونهما " يعني النصرانيين تقيمونهما " من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر فيقسمان بالله " يقول فيحلفان بالله " إن ارتبتم " يعني إن شككتم أن المال كان أكثر من هذا الذي آتيناكم به " لا نشتري به ثمنا " يقول لا نشتري بأيماننا عرضا من الدنيا " ولو كان ذا قربى " يقول ولو كان الميت ذا قرابة منا " ولانكتم شهادة الله " [إنا إذا كتمنا شيئا من المال] " إنا إذن لمن الآثمين " فحلفهما النبي (ص)عند المنبر بعد صلاة العصر وحلفا أنهما لم يخونا شيئا من المتاع فخلى سبيلهما فلما كان بعد ذلك وجد الإناء الذي فقده عند تميم الداري قالوا هذا كان من آنية صاحبنا الذي كان أبداها وقد زعمتما أنه لم يبع ولم يشتر ولم ينفق على نفسه فقالا قد كنا اشتريناه منه فنسينا أن نخبركم به فرفعوهما إلى النبي (ص)الثانية فقالوا يا نبي الله إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا فأنزل الله تعالى: {فإن عثر على أنهما " يقول فإن اطلع على أنهما يعني النصرانيين كتما شيئا من المال أو خانا " فآخران " من أولياء الميت وهما عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان " يقومان مقامهما " يعني مقام النصرانيين " من الذين استحق عليهم الأوليان أي استحق عليهم الإثم فيقسمان بالله " يعني يحلفان بالله في دبر صلاة العصر أن الذي قال في وصية صاحبنا حق وأن المال كان أكثر مما أتيتمانا به وأن هذا الإناء من متاع صاحبنا حق وأن المال كان أكثر من الذي أتيتما به معه وكتبه في وصيتة وأنكما خنتما فذلك قوله تعالى: {لشهادتنا " يعني عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة " أحق من شهادتهما " يعني النصرانيين " وما اعتدينا في الشهادة عليكما يعني النصرانيين بشهادة المسلمين من أولياء الميت " إنا إذا لمن الظالمين ذلك أدنى " يعني أجدر " أن يأتوا يعني النصرانيين بالشهادة على وجهها " كما كانت ولا يكتما شيئا " أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم " يقول أو يخافوا أن يطلع على خيانتهما فترد شهادتهما بشهادة الرجلين المسلمين من أولياء الميت فحلف عبد الله والمطلب كلاهما أن الذي في وصية الميت حق وان هذه الآنية من متاع صاحبنا فأخذوا تميم بن أوس الداري وعدي بن بداء النصرانيين بتمام ما وجدوا في وصية الميت حتى أطلع الله تبارك وتعالى على خيانتهما في الإناء ثم وعظ الله المؤمنين أن يفعلوا مثل هذا أو يشهدوا بما لم يروا أو لم يعاينوا فقال يحذرهم نقمته (واتقوا الله واسمعوا مواعظه والله لا يهدي القوم الفاسقين) ثم إن تميم بن أوس الداري اعترف بالخيانة فقال له النبي (ص)ويحك يا تميم أسلم يتجاوز الله عنك ما كان في شركك فأسلم تميم الداري وحسن إسلامه ومات عدي بن بداء نصرانيا "
مما سبق من روايات نلاحظ تناقض الروايات فى التالى :
-الشهود السهميين فمرة عمرو بن العاص ومرة ابنه عبد الله بن عمرو
-مواد صناعة الإناء فمرة من الذهب والفضة كما فى قولهم " فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب" وقولهم" إناء من فضة فيهما ثلاث مئة مثقال منقوشا مموها بالذهب " ومرة من الفضة فقط فى قولهم "إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا"
- أن تميم أسلم قبل اكتشاف القوم فقد الإناء وأدى ما اخذه فلا اكتشاف القوم الخيانة وهو قولهم " قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله (ص)المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمس مائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها" وناقض ذلك انه اسلم بعد اكتشاف خيانته بطلب الرسول(ص) منه أن يسلم فى قولهم " ثم إن تميم بن أوس الداري اعترف بالخيانة فقال له النبي (ص)ويحك يا تميم أسلم يتجاوز الله عنك ما كان في شركك فأسلم تميم الداري"
وهذا يناقض ما سبق ذكره فى أول الكتاب من أنه اسلم مع تسعة او خمسة من قومه وليس فى حادثة خيانة الإناء والشهادة الزور
والغريب أن المقريزى أورد خبرا أخر يتناقض مع تلك الروايات فى إسلام تميم فقال :
"وقد ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري عن قتادة وابن سيرين عن عكرمة وابن زيد ومقاتل بن حيان هذه القصة يعني ما تقدم وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني العطاف بن خالد عن خالد بن سعيد قال: قال تميم الداري: كنت بالشام حين بعث رسول الله (ص) فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت: أنام في جوار عظيم هذا الوادي الليلة قال: فلما أخذت مضجعي إذا مناد ينادي لا أراه: عذ بالله فإن الجن لا تجير أحدا على الله فقلت: ايم الله تقول؟ فقال: قد خرج رسول الأميين رسول الله (ص) وصلينا خلفه بالحجون وأسلمنا واتبعناه وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد فأسلم فلما أصبحت مضيت إلى دير أيوب فسألت راهبا به وأخبرته الخبر فقال: قد صدقوا تجده يخرج من الحرم ومهاجره الحرم وهو آخر الأنبياء فلا تسبق إليه
[قال تميم:] فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله (ص)فأسلمت وقال عبد الرزاق: حدثنا معمر , عن قتادة , في قوله تعالى: {ومن عنده علم الكتاب} , قال: كان منهم عبد الله بن سلام , وسلمان الفارسي , وتميم الداري "
الرواية هنا تقول أن تميم اسلم وحده وليس مع وفد من قومه وهو ما يناقض رواية العشرة ورواية الستة فى اول الكتاب
قم ذكر المقريزى أن تميما ممن حفظوا القرآن وجمعوه فقال :
"وقال محمد بن سعد: أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا قرة بن خالد أخبرنا محمد بن سيرين قال: جمع القرآن على عهد النبي (ص)أبي بن كعب وزيد بن ثابت وعثمان بن عفان وتميم الداري
وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن أيوب وهشام عن محمد قال: جمع القرآن على عهد رسول الله (ص)أربعة لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو زيد قال: واختلفوا في رجلين من ثلاثة قالوا: عثمان وأبو الدرداء وقالوا: عثمان وتميم الداري
وقال ابن سعد: أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن محمد قال: قبض رسول الله (ص)ولم يجمع القرآن من أصحابه غير أربعة نفر كلهم من الأنصار والخامس يختلف فيه والنفر الذين جمعوه من الأنصار زيد بن ثابت وأبو زيد ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب والذي يختلف فيه تميم الداري
أخبرنا عفان بن مسلم حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن أبي بن كعب: أنه كان يختم القرآن في ثماني ليال وكان تميم الداري يختمه في سبع
وقال سعد: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا محمد بن أبي بكر عن أبيه قال: زارتنا عمرة فباتت عندنا فقمت من الليل فلم أرفع صوتي بالقراءة فقالت: يا ابن أخي ما منعك أن ترفع صوتك بالقراءة؟ فما كان يوقظنا إلا صوت معاذ القارئ وتميم الداري "
هذه الروايات عن جمع تميم القرآن وحفظه له تتناقض مع كونه اسلم بعد خيبر كما جاء فى أول الكتاب كما تتعارض مع تأخر إسلامه فى روايات الوصية وخيانتها ومن ثم فلن تكفى أربع أو ثلاث لحفظ القرآن حسب التاريخ المعروف فالمعروفين فى الروايات مكث بعضهم عشرة أو عشرين سنة لجمعه وحفظه كما تقول الروايات
ثم ذكر الرجل روايات جنونية وهى:
"وقال ابن المبارك: أخبرنا عاصم بن سليمان عن ابن سيرين أن تميم الداري كان يقرأ القرآن في ركعة
وقال: خارجة بن مصعب ختم القرآن في ركعة أربعة من الأئمة عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير وأبو حنيفة "
بالقطع هذا غير ممكن فطبقا للمصحف الحالى توجد أكثر من ست ألاف آية ولو قلنا أن كل آية تستغرق قراءتها نصف دقيقة فى القراءة فهذا معناه حوالى 3000 دقيقة أى يومين كاملين اليوم 1440 دقيقة لصلاة ركعة واحدة دون اكل او شرب أو نوم وهو كلام من يصدقه مجنون
ثم حكى لنا روايات تبين بعض صلواته فقال:
"وقال أبو الضحى: عن مسروق قال: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري صلى ليلة حتى أصبح أو كرب أن يصبح يقرأ آية ويرددها ويبكي: [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون]
وفي رواية عن مسروق: أن تميم الداري ردد هذه الآية حتى أصبح: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم "
وعن منكدر عن أبيه أن تميم الداري نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى أصبح فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع "
والرواية الأخيرة رواية مجانين لا يصدقها إلا مجنون فكيف عاش الرجل سنة كاملة دون نوم ولو دقيقة واحدة ؟
لو بقى الإنسان من غير نوم أسبوع وليس شهر سينهار جسمه انهيارا تاما أو يجن
ثم روى معجزة لتميم فقال:
"وروى الجزري عن أبي العلاء بن السخير عن معاوية بن حرمل أن تميما الداري أضافه وأن نارا خرجت بالحرة فجاء عمر بن الخطاب إلى تميم فقال له: قم إلى هذه النار فقال: ومن أنا وما أنا فما زال به حتى قام معه فتبعتهما فانطلقا إلى النار معا فجعل تميم يحوشها بيده حتى دخلت الشعب فدخل خلفها فجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم ير "
رواية أخرى مجنونة تثبت آية معجزة لتميم وهو انه لم يحتلاق وهو يحمل النار بيده وهو ما يخالف منع الله الآيات المعجزات عن الناس فى عهد النبى(ص) كما قال تعالى "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا ان كذب بها الأولون"
قم حكى الرجل حكايات أخرى لا اصدق كشراء الرجل حلة بألف درهم وهو تبذير محرم وحكاية كون قاص يقص القصص فقال:
" وقال قتادة عن أنس: أن تميما الداري اشترى حلة بألف درهم يخرج فيها
وقال السائب بن يزيد: أول من قص تميم استأذن عمر فأذن له فقص قائما عن تميم الداري أنه قال: لثلاث ركعات نافلة أحب إلي من أقرأ القرآن في ليلة ثم أصبح فأقول قرأت القرآن الليلة وعن أبي سعيد قال: أول من أسرج في المساجد تميم الداري رواه ابن ماجة"
وأنهى الروايات بأن الرجل مات سنة اربعين هجرية فقال:
" ووجد علي نصب قبر تميم أنه توفي سنة أربعين "
ثم عقد فصلا لمناقشة إقطاع تميم نقل فيه آراء بعض الفقهاء فقال :
"فصل
قال القاضي أبو بكر محمد بن العربي في شرح الموطأ لما تكلم في البيوع على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: هي صحيفة صحيحة وإنما تركنا من تركها لقولهم أنها غير مسموعة وهذا لا يمنع من الإحتجاج وقد كان عند تميم الداري كتاب النبي (ص)في قطعة أديم بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أنطى محمد رسول الله تميما الداري أقطعه قريتي جبرون وبيت عينون بلد الخليل فبقي ذلك في يده ويد أهله إلى أن غلب الفرنج على القدس والخليل سنة اثنين وسبعين وأربع مئة قال: ولقد اعترض بعض الولاة على آل تميم أيام كنت بالشام وأراد انزاعها مهنم فحضر القاضي الهروي الحنفي واحتج الداريون بالكتاب فقال القاضي هذا الكتاب ليس بلازم لأن النبي (ص)أقطع تميما ما لم يملك فاستفتى الوالي الفقهاء وكان الطوسي يعني الشيخ أبا حامد الغزالي حينئذ ببيت المقدس فقال: هذا القاضي كافر فإن النبي (ص)قال: رويت لي الأرض كلها وكان يقطع الجنة فيقول: قصر كذا الفلان فوعده صدق وعطاؤه حق قال فخري القاضي والوالي وبقي آل تميم على ما بأيديهم وقد ذكر القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله ونصه ما قوله أدام الله علوه: فيما أقطع رسول الله (ص)تميما الداري من الشام قبل أن يملكه أهل الإسلام ما وجه صحته مع أنه جرى قبل الملك ولم يتصل به القبض ولم يجر تحديد محل الإقطاع هل يجوز للإمام أن ينزع ذلك من يد آل تميم؟ ومتى يحصل الملك للمقطع؟فأجاب: ذلك الإقطاع صحيح لتميم ومنتقل إلى أعقابه ووقت حصول الملك عند تسليم الإمام المستولي على تلك الأرض له ذلك ووجه صحته أن النبي (ص)كان مختصا بالصفايا من المغنم حتى كان يختار من المغنم ما يريدرويدفع ملك المسلمين عنه بعد استيلائهم عليه فكذلك كان له أن يستثني بقعة من ديار الكفر عن ملك المسلمين ويعينها لبعض المسلمين فتصير ملكا له ويكون سبب الملك تسليم الإمام بأمر رسول الله (ص)وهي من التخصيصات قبل الإستيلاء وليس ذلك لغيره من الأئمة فإنه (ص)كان مطلعا بالوحي على ما سيملك في المستقبل وعلى وجه المصلحة في التخصيص والإستثناء وغير ذلك ولا يطلع غيره عليه وأما قول من قال لا يصح إقطاعه لأنه قبل الملك فهو كفر محض لأنه يقال له هل حل لرسول الله (ص)ما فعل أو كان ظالما بتصرفه ذلك فإن جعله ظالما كفر وإن قال بل حل له ذلك قيل أفعلم أن ذلك يحصل أم لا فإن جهله كفر وإن قال أنه علم لكن علم أنه لا يحصل قيل له فلا يبقى إلا أنه أقدم عليه مع علمه ببطلانه فطيب قلب من سأله بما لا يحصل له وهذا محض الخداع والتلبيس ومن نسبه إلى ذلك فقد كفر وأما قوله أن القبض لم يحصل فهو مردود من وجهين:
أحدهما أن أفعاله (ص)حجة كما لو وهب امرأة رجل لرجل آخر فإنها تحرم على الأول ويحمل على أنه أوحي إليه أنها حرمت عليه وحلت للآخر بل الإقطاع المذكور نظير ما لو أقطع الإمام شخصا من موات الأرض شيئا فإن الإقطاع يصح ولا يملكه المقطع في الحال بل إنما يملكه بالأحياء والقبض ليس بشرط في صحة هذا التخصيص وأما الحد فليس شرطا للصحة ولا سيما في الأمور العامة وإنما يشترط التسليم والإمام عند التسليم أن يقول فيه على الشهرة وله أن يتسامح فيما يقع منه في محل الإشتباه فإن مبنى هذه الأمور على المساهلة بخلاف التصرفات الجزئية انتهى
ففي كلام الغزالي أنه يرى أن اعطاء ذلك لتميم الداري من الخصائص النبوية ويجعله من الصفايا المختصة به (ص)فلا يكون لأحد من الأئمة بعد النبي (ص)أن يقطع أحدا من الرعية شيئا لم يدخل في ملكة المسلمين وطريقة أبي الحسن الماوردي على ما ذكر في الأحكام السلطانية وطريقة القاضي أبي يعلى من الحنابلة في الأحكام السلطانية يرى جواز ذلك عموما وهي أقوى لأن الأصل التأسي والخصائص لا تثبت بالإحتمال وفي كلام الغزالي أيضا ما يشير إلى أن ذلك من جملة وعوده (ص)ولم يعد أحد هذا من الخصائص سواه وعد أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال ذلك من النفل ما يرى فيه المصلحة لكن هل يختص ذلك بالمنقولات أو يدخل فيه العقار وهل يكون ذلك بعد الظفر وقبل القسمة أو قبل الظفر هذا محل النظر؟ وبالجملة فقد وجد النقل عن أئمة السلف وأئمة المذاهب بتصحيح الصورة المسئول عنها بخصوصها وقال الشيخ تقي الدين السبكي في احياء الموات من شرح المنهاج اقطاعات النبي (ص)كانت في الموات قال الماوردي: إلا ما كان شأن تميم الداري وأبي ثعلبة الخشني فيحتمل أن يكون أقطعهما اقطاع تقليد لا اقطاع تمليك ويجوز أن يكونا مخصوصين بذلك لتعلقه بتصديق خبر وتحقق اعجاز وأما الأئمة بعده فأبو بكر وعمر ما لم يقطعا الأموات إلا أن عمر اصطفى من أموال كسرى من أرض السواد فكان يغل شيئا يصرفه في مصالح المسلمين ولم يقطع منها شيئا ثم إن عثمان أقطعهما اقطاع اجازة أي أمرهم أن يؤجروها بأجرة معلومة لينتفعوا بها مع بقاء الرقبة انتهى
فيستفاد من هذا أن الماوردي تردد في مآخذ الإقطاع الذي وقع لتميم وجواز أن يكون من الخصائص بعد أن حكى الخلاف هل لغير النبي (ص)أن يفعل ذلك؟ والله أعلم
فصل في مسائل
الأولى هل صحت دعوى الداريين العطية المذكورة؟
الجواب:
أن يدهم ثابتة ومستندها الآثار المتقدمة فإن مجموعها يدل على أن لذلك أصلا مع ما انضم لذلك من شهادة الليث بن سعد أحد الفقهاء الأمصار كما تقدم بالنقل عنه وعن غيره بأصل العطية وإن وقع التغاير في صفتها
الثانية هل كانت على حهة الوقفية أو الهبة أو غيرها؟
الجواب:
أنه ليس في شيء من الآثار التصريح بالوقفية أما في الأثر السابق عن عمر أنه شرط عليه أن لا يبيع وأن يخرج ثلثا في العمارة وثلثا لأبناء السبيل والذي يتحرر أن ذلك ارصادا له ولذريته إلى آخر الدهر فامتثل الأئمة ذلك إلى اليوم
الثالثة هل يختص ذلك بتميم وذريته وإذا اختص هل يعم ذكورهم واناثهم وإذا لم يختص بذريته هل يدخل فيه أقاربه؟
الجواب
أنه يختص بعد تميم بذريته سواء كانوا ذكورا أم اناثا لأن أهل النسب متفقون على أن تميما لو يعقب سوى ابنته رقية وبها كان يكنى وأما أقاربه فوقع في بعض الآثار المتقدمة أن لهم مدخلا في ذلك فإن ثبت ذلك دخلوا وكانوا في الإستحقاق سواء
الرابعة هل يثبت كونهم أقارب تميم بمجرد قولهم وهل تكفي شهادة بعضهم لبعض؟
الجواب
أن من كان بيده شيء كفاه وضع يده ومن رام الدخول لم يكفه مجرد دعواه ويكفي في ثبوت كونه منهم وجود الشهرة لمن يدعى ذلك فإن النسب مما يثبت بالإستفاضة الآن ما يخالفه وتقبل شهادة بعضهم لبعض
الخامسة إذا ثبت كونه من أقارب تميم بالشهرة هل يكون ذلك أقوى من عموم تصرف الإمام في أراضي بيت المال
الجواب
أن الشهرة قد صحبها العمل المستمر مع ترك النكير من عهد الفتوح إلى الآن وقد نازع في ذلك قوم أحيانا وخصموا واستمر ذلك بأيدي المذكورين فخص ذلك من عموم تصرف الإمام إلا أنه لا يرفع بالنسبة لنقل ذلك عنهم إلى غيرهم وأما مع بقايه عليهم فلا
السادسة هل تقبل دعواهم أن البلدتين المذكورتين الموجودتين الآن هما المراد بما في العطية المذكورة؟
الجواب
ان مهما كان بأيديهم فإنه يحمل على أنه من العطية ومهما كان ليس بأيديهم لم يقبل أنه داخل في العطية الأبينة لأنه يطرقه احتمال حدوث أحياء فيما يجوز فيه الأحياء مما كان خارج البلد مثلا ثم اتصل بها فلا تنزع ممن هو بيده بمجرد دعواهم أن ذلك في عموم عطية البلدين فمهما ثبت أنه كان مبنيا أو وغروسا أو مسكونا في وقت العطية فإنها تشمله وما لا بد فيه من إقامة البينة ومهما تعذرت فيه البينة أو على من هو بيده
السابعة هل يستحقوا حكر جميع البلدتين حتى المغارة؟
الجواب
أن الأصل استحقاقه لذلك جميعه إلا أنه يستثني ما كان فيهما من مساجد ومقابر المسلمين فإنها لا تدخل في العطية وكذلك من وجد بيده غير ذلك شيء لا ينزع منه أولا بعد ثبوت أنه مما دخل في العطية وأما المغارة التي فيها قبور الأنبياء عليهم السلام فلا يحل لأحد المطالبة بحكرها فإنها لم تدخل في العطية لكون الخليل عليه السلام اشتراها لدفن أهله فإن العطية إنما وقعت على ما لا ملك فيه لمسلم ولا اختصاص فكيف إذا كان لنبي من أنبياء الله تعالى
الثامنة هل لهم المطالبة بأكثر من أجرة المثل؟ وهل لهم الزام أحد بقلع بنائه أو غراسه قبل العلم بأنه وضع بغير حق؟
الجواب
أنهم في استحقاق أجرة الأرض والبناء لغيرهم فمهما كان في أيديهم على ما تقدم تقريره ووضع أحد يده بغير حق وجب انتزاعه منه فإن بنى في أرضهم بغير حق وجب ازالته إلا أن ظهر أن الأحظ لهم ابقاؤه بأجرة المثل فيجوز تبقيته وإن وجد بناء وضع بحق كأن استؤجر ليبني واستوفيت شروط ذلك وانقضت مدة الإجارة فإن اللازم بعد ذلك أجرة المثل وإن جهل هل وضع بحق أولا ينزع إلا أن يثبت أنه وضع بغير حق وليس لهم أن يطالبوا من ثبت لهم عليه أجرة إذا لم يكن بيده إجارة صحيحة باكثر من أجرة المثل
التاسعة هل للإمام أن يولي على هذا المرصد ناظرا يوصل إلى كل ذي حق حقه وإذا كان له ذلك هل يقتصر على ناظر واحد ويجوز تعدد النظار أو يولي كل واحد النظر على ما يستحقه؟
الجواب
أن له جميع ذلك لكن الأولى اجتماع الكلمة في واحد ولا سيما عند وقوع التنازع
العاشرة إذا ساغ للإمام إقامة ناظر عليهم فهل يشترط أن يكون الناظر منهم؟ أو يجوز أن يكون من غيرهم؟ وهل يجوز أن يقرر الناظر على عمله أجرة أو لا؟
الجواب
أن الأولى أن يكون الناظر عليهم منهم فإن لم يكن منهم متأهل فيتعين أن يكون من غيرهم وأما الأجرة فلا يقررها إلا إن لم يجد متبرعا فيقرر حينئذ أجرة المثل من غير زيادة فإن وجد من يعمل بدونها تعين وإن وجد متبرعا تعين أيضا والله أعلم
تنبيه
الذي استفيض في الأخبار أن القريتين ما زالتا منذ فتحت البلاد في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بيد الداريين إلى أن استولى الفرنج على القدس والخليل وفلسطين فلما استولوا على تلك الديار خلت من جميع المسلمين لأنهم قتلوا بها من كان من المسلمين وفر من بقي منهم إلى أمصار أهل الإسلام كالعراق والشام ومصر والمغرب والحجاز واليمن فلما أعاد الله تعالى البلاد إلى الإسلام بعد اقامتها بأيدي الفرنج نحو مئة سنة لم يتبين لي إلى الآن كيف وضع الداريون يدهم على القريتين فإنه لم يتأخر بتلك البلاد ممن كان قبل أخذ النصارى أحد من الداريين إلى أن استردها المسلمون فيحتاج إلى كيف وضع من عاد منهم إلى البلاد بطريق شرعي أم لا والله أعلم بالصواب "
سبق تناول أنه لا يوجد إقطاع فى الإسلام والرسول (ص) لا يمكن أن يقطع أحد شيئا لأن المال مال المسلمين جميعا لا يمكن اختصاص بعضهم به وإنما يقتسم الكل ثمرة الأرض جميعا بالعدل لأن الاختصاص يكرس جمع المال فى يد الأغنياء وهو ما حرمه الله بقوله "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"
واعتماد الكفار جميعا فى نظم حكمهم على هذا الأمر وهو اختصاص بعض الناس بتملك اراضى واسعة دون بقية الناس وهو أمر جاء الإسلام فى كل العصور للقضاء عليه ولذا كان مطلب الكبار من قوم شعيب (ص) أن يعبدوا الله شرط أن يفعلوا فى الأموال ما يشاءون كما قال تعالى "قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد "
والسبب هو أن فساد الدين يكون عن طريق وجود المال فى أيدى فئة صغيرة
"وقال محمد بن سعد: قال محمد بن عمر يعني الواقدي وليس لرسول الله (ص)قطيعة غير حبرى وبيت عينون أقطعها رسول الله (ص)تميما ونعيما أبناء أوس وغزا تميم مع رسول الله (ص) وروى عنه ولم يزل بالمدينة حتى تحول إلى الشام بعد قتل عثمان وكان تميم يكنى أبا رقية
وقال محمد بن الربيع في كتاب من دخل مصر من الصحابة وتميم الداري شهد فتح مصر فيما أخبرني يحيى بن عثمان ولأهل مصر عنه عن النبي (ص)حديث واحد فذكر من طريق ابن وهب قال: أخبرني ابن لهيعة عن موسى بن علي عن أبيه أن تميم الداري كان يبتغي بالدين فأتى اليهود فقالوا إنا مغضوب علينا ثم أتى النصاري فدلوه على راهب فأتاه فقال: إنه خرج من بيت إبراهيم نبي قال تميم فأتيت النبي (ص)فحييته تحية أهل الجاهلية فقال: إنما تحيتنا السلام فرآني أنظر إليه وحدثته بأمر الراهب وسألته فقال: ائتني بما استطعت من قومك وبالراهب ولن تدركه فإنه بقية القسيسين الذين ذكرهم الله في القرآن فانصرف فأتاه بنفر من قومه وفتح الله الشام فأتى بكتابه إلى أبي بكر فأمضى له القريتين فلما كان عمر بن الخطاب كلمه أهل القريتين فأتاه كتابه فقال عمر لتميم هما قريتان من الشام ليس لك أن تستخدم أهلها ولا تبيع ولكن خراجها لك فلم يزل ذلك لهم فلما كان عبد الملك بن مروان أراد أن يتعرض لهم فأتوه بكتابهم فتركهما ثم كان سليمان بن عبد الملك فأراد أن يتعرض لهم فأتوه بكتابهم فخلا عنهم قال ابن لهيعة: هي لهم إلى اليوم "
وحكاية اقطاع النبى (ص) أرضا لمسلم أو أكثر هى حكايات غير صحيحة ويخالف هذا أن الله جعل الأرض وما عليها ملكية مشتركة للمسلمين فقال "إن الأرض يرثها عبادى الصالحون "ومن ثم لا يحق لأحدهم أن يمتلك منها أكثر من الأخر كما أن الإقطاع تكريس لغنى الأغنياء الذى طالب الله بإقلاله قدر الإمكان بعدم إعطاءهم من الفىء والغنيمة فقال "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم "كما أن الإقطاع مبنى على التمييز بين المسلمين فى العطاء وهو ما يخالف تساوى المسلمين فى العطاء
ثم حكى الرجل حكايات عن رفق تميم بالأسرى فقال:
"قال ابن الربيع ولهم عن تميم حكايات:
فذكر من طريق ابن وهب قال أخبرني ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن يزيد بن مسروق عن موسى بن نصير قال: كان تميم الداري في البحر غازيا فكان يرسل إلي لأرسل إليه بالأسارى من الروم فيتصدق عليهم ويأمر بهم فيغسلوا ويدهنوا ويمشطوا ومن طريق الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن موسى عن ابن لهيعة عن موسى عن ابن لهيعة عن موسى بن نصير قال: كنا في غزاة مع تميم الداري في البحر فكان يأمرنا بمشط رءوس الأسارى ودهنهم "
ثم تناول حكاية السهمى وكون تميم وابن عمه شاهدى زور فقال :
"وخرج البخاري تعليقا فقال وقال لي علي بن عبد الله: حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس ما قال: خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا من ذهب فأحلفهما رسول الله (ص) ثم وجد الجام بمكة فقالوا: ابتعناه من تميم وعدي فقام رجلان من أوليائه فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وإن الجام لصاحبهم قال: وفيهم نزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} وأخرجه أبو داود فقال: حدثنا الحسن بن علي قال حدثنا يحيى بن آدم بهذا الإسناد مثله غير أنه قال: جام فضة مخوصا بالذهب وقال: فقام رجلان من أولياء السهمي
ذكره البخاري في أواخر كتاب الوصايا والوقوف وترجم قول الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} وخرجه الترمذي أيضا من يحيى بن آدم قال أبو عبيدة الله بن محمد بن نصر الحميدي وليس لعبد الملك بن سعيد عن أبيه سعيد بن جبير ولا لمحمد بن أبي القاسم عن عبد الملك في هذا السند غير هذا الحديث
وخرج الترمذي من حديث محمد بن إسحق عن أبي النضر عن باذان مولى أم هانئ عن ابن عباس عن تميم الداري في هذه الآية{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت}قال برئ منها الناس غيري وغير عدي بن بداء وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام فأتيا الشام لتجارتهما وقدم عليهما مولى لبني هاشم يقال له بديل بن أبي مريم بتجارة ومعه جام من فضة يريد به الملك وهو عظم تجارته فمرض فأوصى إليهما وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله قال تميم فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ثم اقتسمناه أنا وعدي بن بداء فلما قدمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام فسألونا عنه فقلنا ما ترك غير هذا وما دفع إلينا غيره قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله (ص)المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمس مائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها فأتوا به رسول الله (ص)فسألهم البينة فلم يجدوا فأمرهم أن يستحلفوه بما يقطع به على أهل دينه فحلف فأنزل الله
{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} إلى قوله: {أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم} فقام عمرو بن العاص ورجل آخر فحلفا فنزعت الخمس مائة درهم من عدي بن بداء قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وليس إسناده بصحيح وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر قال أبو عيسى: ولا نعرف لسالم أبي النضر المدني رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ وقد روي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا يحيى بن آدم عن ابن أبي زائدة عن محمد بن أبي القاسم عن عبد الملك بن سعيد عن أبيه عن ابن عباس قال:خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بداء فمات السهمي بأرض ليس فيها مسلم فلما قدمنا بتركته فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب فأحلفهما رسول الله (ص)ثم وجد الجام بمكة فقيل اشتريناه من عدي وتميم فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا بالله لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم قال وفيهم نزلت{يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم}قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب وهو حديث ابن أبي زائدة وقال ابن عساكر: وذكره مقاتل بن سليمان المفسر في (تفسيره) منقطعا وقال مولى لبني سهم إلا أنه قال ابن أبي مارية بدلا من ابن أبي مريم
قال مقاتل في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت} نزلت في بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي كان خرج مسافرا في البحر إلى أرض النجاشي ومعه رجلان نصرانيان أحدهما يسمى تميم بن أوس الداري وكان من لخم وعدي بن بداء فمات بديل وهم في السفينة في البحر قال: "حين الوصية " وذلك أنه كتب وصيته ثم جعله في متاعه ثم دفعه إلى تميم وصاحبه وقال لهما بلغا هذا المتاع أهلي فجاءا ببعض المتاع وحبسا جاما من فضة مموها بالذهب فنزلت " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية " يقول عند الوصية يشهد وصيته " اثنان ذو عدل " من المسلمين في دينهما " أو آخران من غيركم " يعني من غير أهل دينكم النصرانيين تميم الداري وعدي بن بداء " إن أنتم " يا معشر المسلمين " ضربتم في الأرض التجارة فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية حين انطلق تاجرا في البحر فانطلق معه تميم وعدي صاحباه فحضره الموت فكتب وصية ثم جعله في المتاع فقال أبلغا هذا المتاع أهلي فلما مات بديل قبضا المال فأخذا منه ما أعجبهما وكان فيما أخذا إناء من فضة فيهما ثلاث مئة مثقال منقوشا مموها بالذهب فلما رجعا من تجارتهما دفعا بقية المال إلى ورثته ففقدوا بعض متاعه فنظروا إلى الوصية ووجدوا المال فيه تاما لم يبع منه ولم يهب فكلموا تميما وصاحبه فسألوهما هل باع صاحبنا شيئا أو اشترى فخسر فيه أو طال مرضه فأنفق على نفسه قالا لا قالوا فإنا قد فقدنا بعض ما أبدى به صاحبنا قالا مالنا علم بما أبدى ولا بما كان في وصيته ولكنه دفع إلينا هذا المال فبلغنا كما أتاه فرفعوا أمرهما إلى النبي (ص)فنزلت " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت " يعني بديل بن أبي مارية " اثنان ذوا عدل منكم " من المسلمين عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان " أو آخران من غيركم " غير أهل دينكم يعني النصرانين " إن أنتم " يا معشر المسلمين " ضربتم في الأرض " تجارا " فأصابتكم مصيبة الموت " يعني بديل بن أبي مارية مولى العاص بن وائل السهمي تحسبونهما " يعني النصرانيين تقيمونهما " من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر فيقسمان بالله " يقول فيحلفان بالله " إن ارتبتم " يعني إن شككتم أن المال كان أكثر من هذا الذي آتيناكم به " لا نشتري به ثمنا " يقول لا نشتري بأيماننا عرضا من الدنيا " ولو كان ذا قربى " يقول ولو كان الميت ذا قرابة منا " ولانكتم شهادة الله " [إنا إذا كتمنا شيئا من المال] " إنا إذن لمن الآثمين " فحلفهما النبي (ص)عند المنبر بعد صلاة العصر وحلفا أنهما لم يخونا شيئا من المتاع فخلى سبيلهما فلما كان بعد ذلك وجد الإناء الذي فقده عند تميم الداري قالوا هذا كان من آنية صاحبنا الذي كان أبداها وقد زعمتما أنه لم يبع ولم يشتر ولم ينفق على نفسه فقالا قد كنا اشتريناه منه فنسينا أن نخبركم به فرفعوهما إلى النبي (ص)الثانية فقالوا يا نبي الله إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا فأنزل الله تعالى: {فإن عثر على أنهما " يقول فإن اطلع على أنهما يعني النصرانيين كتما شيئا من المال أو خانا " فآخران " من أولياء الميت وهما عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة السهميان " يقومان مقامهما " يعني مقام النصرانيين " من الذين استحق عليهم الأوليان أي استحق عليهم الإثم فيقسمان بالله " يعني يحلفان بالله في دبر صلاة العصر أن الذي قال في وصية صاحبنا حق وأن المال كان أكثر مما أتيتمانا به وأن هذا الإناء من متاع صاحبنا حق وأن المال كان أكثر من الذي أتيتما به معه وكتبه في وصيتة وأنكما خنتما فذلك قوله تعالى: {لشهادتنا " يعني عبد الله بن عمرو بن العاص والمطلب بن أبي وداعة " أحق من شهادتهما " يعني النصرانيين " وما اعتدينا في الشهادة عليكما يعني النصرانيين بشهادة المسلمين من أولياء الميت " إنا إذا لمن الظالمين ذلك أدنى " يعني أجدر " أن يأتوا يعني النصرانيين بالشهادة على وجهها " كما كانت ولا يكتما شيئا " أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم " يقول أو يخافوا أن يطلع على خيانتهما فترد شهادتهما بشهادة الرجلين المسلمين من أولياء الميت فحلف عبد الله والمطلب كلاهما أن الذي في وصية الميت حق وان هذه الآنية من متاع صاحبنا فأخذوا تميم بن أوس الداري وعدي بن بداء النصرانيين بتمام ما وجدوا في وصية الميت حتى أطلع الله تبارك وتعالى على خيانتهما في الإناء ثم وعظ الله المؤمنين أن يفعلوا مثل هذا أو يشهدوا بما لم يروا أو لم يعاينوا فقال يحذرهم نقمته (واتقوا الله واسمعوا مواعظه والله لا يهدي القوم الفاسقين) ثم إن تميم بن أوس الداري اعترف بالخيانة فقال له النبي (ص)ويحك يا تميم أسلم يتجاوز الله عنك ما كان في شركك فأسلم تميم الداري وحسن إسلامه ومات عدي بن بداء نصرانيا "
مما سبق من روايات نلاحظ تناقض الروايات فى التالى :
-الشهود السهميين فمرة عمرو بن العاص ومرة ابنه عبد الله بن عمرو
-مواد صناعة الإناء فمرة من الذهب والفضة كما فى قولهم " فقدوا جاما من فضة مخوصا بالذهب" وقولهم" إناء من فضة فيهما ثلاث مئة مثقال منقوشا مموها بالذهب " ومرة من الفضة فقط فى قولهم "إنا وجدنا مع هذين إناء من فضة من متاع صاحبنا"
- أن تميم أسلم قبل اكتشاف القوم فقد الإناء وأدى ما اخذه فلا اكتشاف القوم الخيانة وهو قولهم " قال تميم فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله (ص)المدينة تأثمت من ذلك فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر وأديت إليهم خمس مائة درهم وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها" وناقض ذلك انه اسلم بعد اكتشاف خيانته بطلب الرسول(ص) منه أن يسلم فى قولهم " ثم إن تميم بن أوس الداري اعترف بالخيانة فقال له النبي (ص)ويحك يا تميم أسلم يتجاوز الله عنك ما كان في شركك فأسلم تميم الداري"
وهذا يناقض ما سبق ذكره فى أول الكتاب من أنه اسلم مع تسعة او خمسة من قومه وليس فى حادثة خيانة الإناء والشهادة الزور
والغريب أن المقريزى أورد خبرا أخر يتناقض مع تلك الروايات فى إسلام تميم فقال :
"وقد ذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري عن قتادة وابن سيرين عن عكرمة وابن زيد ومقاتل بن حيان هذه القصة يعني ما تقدم وقال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني العطاف بن خالد عن خالد بن سعيد قال: قال تميم الداري: كنت بالشام حين بعث رسول الله (ص) فخرجت إلى بعض حاجتي فأدركني الليل فقلت: أنام في جوار عظيم هذا الوادي الليلة قال: فلما أخذت مضجعي إذا مناد ينادي لا أراه: عذ بالله فإن الجن لا تجير أحدا على الله فقلت: ايم الله تقول؟ فقال: قد خرج رسول الأميين رسول الله (ص) وصلينا خلفه بالحجون وأسلمنا واتبعناه وذهب كيد الجن ورميت بالشهب فانطلق إلى محمد فأسلم فلما أصبحت مضيت إلى دير أيوب فسألت راهبا به وأخبرته الخبر فقال: قد صدقوا تجده يخرج من الحرم ومهاجره الحرم وهو آخر الأنبياء فلا تسبق إليه
[قال تميم:] فتكلفت الشخوص حتى جئت رسول الله (ص)فأسلمت وقال عبد الرزاق: حدثنا معمر , عن قتادة , في قوله تعالى: {ومن عنده علم الكتاب} , قال: كان منهم عبد الله بن سلام , وسلمان الفارسي , وتميم الداري "
الرواية هنا تقول أن تميم اسلم وحده وليس مع وفد من قومه وهو ما يناقض رواية العشرة ورواية الستة فى اول الكتاب
قم ذكر المقريزى أن تميما ممن حفظوا القرآن وجمعوه فقال :
"وقال محمد بن سعد: أخبرنا مسلم بن إبراهيم أخبرنا قرة بن خالد أخبرنا محمد بن سيرين قال: جمع القرآن على عهد النبي (ص)أبي بن كعب وزيد بن ثابت وعثمان بن عفان وتميم الداري
وقال سليمان بن حرب: حدثنا حماد عن أيوب وهشام عن محمد قال: جمع القرآن على عهد رسول الله (ص)أربعة لا يختلف فيهم: معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو زيد قال: واختلفوا في رجلين من ثلاثة قالوا: عثمان وأبو الدرداء وقالوا: عثمان وتميم الداري
وقال ابن سعد: أخبرنا هوذة بن خليفة أخبرنا عوف عن محمد قال: قبض رسول الله (ص)ولم يجمع القرآن من أصحابه غير أربعة نفر كلهم من الأنصار والخامس يختلف فيه والنفر الذين جمعوه من الأنصار زيد بن ثابت وأبو زيد ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب والذي يختلف فيه تميم الداري
أخبرنا عفان بن مسلم حدثنا وهيب حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن أبي بن كعب: أنه كان يختم القرآن في ثماني ليال وكان تميم الداري يختمه في سبع
وقال سعد: أخبرنا عفان بن مسلم قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا محمد بن أبي بكر عن أبيه قال: زارتنا عمرة فباتت عندنا فقمت من الليل فلم أرفع صوتي بالقراءة فقالت: يا ابن أخي ما منعك أن ترفع صوتك بالقراءة؟ فما كان يوقظنا إلا صوت معاذ القارئ وتميم الداري "
هذه الروايات عن جمع تميم القرآن وحفظه له تتناقض مع كونه اسلم بعد خيبر كما جاء فى أول الكتاب كما تتعارض مع تأخر إسلامه فى روايات الوصية وخيانتها ومن ثم فلن تكفى أربع أو ثلاث لحفظ القرآن حسب التاريخ المعروف فالمعروفين فى الروايات مكث بعضهم عشرة أو عشرين سنة لجمعه وحفظه كما تقول الروايات
ثم ذكر الرجل روايات جنونية وهى:
"وقال ابن المبارك: أخبرنا عاصم بن سليمان عن ابن سيرين أن تميم الداري كان يقرأ القرآن في ركعة
وقال: خارجة بن مصعب ختم القرآن في ركعة أربعة من الأئمة عثمان بن عفان وتميم الداري وسعيد بن جبير وأبو حنيفة "
بالقطع هذا غير ممكن فطبقا للمصحف الحالى توجد أكثر من ست ألاف آية ولو قلنا أن كل آية تستغرق قراءتها نصف دقيقة فى القراءة فهذا معناه حوالى 3000 دقيقة أى يومين كاملين اليوم 1440 دقيقة لصلاة ركعة واحدة دون اكل او شرب أو نوم وهو كلام من يصدقه مجنون
ثم حكى لنا روايات تبين بعض صلواته فقال:
"وقال أبو الضحى: عن مسروق قال: قال لي رجل من أهل مكة: هذا مقام أخيك تميم الداري صلى ليلة حتى أصبح أو كرب أن يصبح يقرأ آية ويرددها ويبكي: [أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون]
وفي رواية عن مسروق: أن تميم الداري ردد هذه الآية حتى أصبح: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم "
وعن منكدر عن أبيه أن تميم الداري نام ليلة لم يقم يتهجد فيها حتى أصبح فقام سنة لم ينم فيها عقوبة للذي صنع "
والرواية الأخيرة رواية مجانين لا يصدقها إلا مجنون فكيف عاش الرجل سنة كاملة دون نوم ولو دقيقة واحدة ؟
لو بقى الإنسان من غير نوم أسبوع وليس شهر سينهار جسمه انهيارا تاما أو يجن
ثم روى معجزة لتميم فقال:
"وروى الجزري عن أبي العلاء بن السخير عن معاوية بن حرمل أن تميما الداري أضافه وأن نارا خرجت بالحرة فجاء عمر بن الخطاب إلى تميم فقال له: قم إلى هذه النار فقال: ومن أنا وما أنا فما زال به حتى قام معه فتبعتهما فانطلقا إلى النار معا فجعل تميم يحوشها بيده حتى دخلت الشعب فدخل خلفها فجعل عمر يقول: ليس من رأى كمن لم ير "
رواية أخرى مجنونة تثبت آية معجزة لتميم وهو انه لم يحتلاق وهو يحمل النار بيده وهو ما يخالف منع الله الآيات المعجزات عن الناس فى عهد النبى(ص) كما قال تعالى "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا ان كذب بها الأولون"
قم حكى الرجل حكايات أخرى لا اصدق كشراء الرجل حلة بألف درهم وهو تبذير محرم وحكاية كون قاص يقص القصص فقال:
" وقال قتادة عن أنس: أن تميما الداري اشترى حلة بألف درهم يخرج فيها
وقال السائب بن يزيد: أول من قص تميم استأذن عمر فأذن له فقص قائما عن تميم الداري أنه قال: لثلاث ركعات نافلة أحب إلي من أقرأ القرآن في ليلة ثم أصبح فأقول قرأت القرآن الليلة وعن أبي سعيد قال: أول من أسرج في المساجد تميم الداري رواه ابن ماجة"
وأنهى الروايات بأن الرجل مات سنة اربعين هجرية فقال:
" ووجد علي نصب قبر تميم أنه توفي سنة أربعين "
ثم عقد فصلا لمناقشة إقطاع تميم نقل فيه آراء بعض الفقهاء فقال :
"فصل
قال القاضي أبو بكر محمد بن العربي في شرح الموطأ لما تكلم في البيوع على حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: هي صحيفة صحيحة وإنما تركنا من تركها لقولهم أنها غير مسموعة وهذا لا يمنع من الإحتجاج وقد كان عند تميم الداري كتاب النبي (ص)في قطعة أديم بسم الله الرحمن الرحيم
هذا ما أنطى محمد رسول الله تميما الداري أقطعه قريتي جبرون وبيت عينون بلد الخليل فبقي ذلك في يده ويد أهله إلى أن غلب الفرنج على القدس والخليل سنة اثنين وسبعين وأربع مئة قال: ولقد اعترض بعض الولاة على آل تميم أيام كنت بالشام وأراد انزاعها مهنم فحضر القاضي الهروي الحنفي واحتج الداريون بالكتاب فقال القاضي هذا الكتاب ليس بلازم لأن النبي (ص)أقطع تميما ما لم يملك فاستفتى الوالي الفقهاء وكان الطوسي يعني الشيخ أبا حامد الغزالي حينئذ ببيت المقدس فقال: هذا القاضي كافر فإن النبي (ص)قال: رويت لي الأرض كلها وكان يقطع الجنة فيقول: قصر كذا الفلان فوعده صدق وعطاؤه حق قال فخري القاضي والوالي وبقي آل تميم على ما بأيديهم وقد ذكر القاضي أبو بكر بن العربي رحمه الله ونصه ما قوله أدام الله علوه: فيما أقطع رسول الله (ص)تميما الداري من الشام قبل أن يملكه أهل الإسلام ما وجه صحته مع أنه جرى قبل الملك ولم يتصل به القبض ولم يجر تحديد محل الإقطاع هل يجوز للإمام أن ينزع ذلك من يد آل تميم؟ ومتى يحصل الملك للمقطع؟فأجاب: ذلك الإقطاع صحيح لتميم ومنتقل إلى أعقابه ووقت حصول الملك عند تسليم الإمام المستولي على تلك الأرض له ذلك ووجه صحته أن النبي (ص)كان مختصا بالصفايا من المغنم حتى كان يختار من المغنم ما يريدرويدفع ملك المسلمين عنه بعد استيلائهم عليه فكذلك كان له أن يستثني بقعة من ديار الكفر عن ملك المسلمين ويعينها لبعض المسلمين فتصير ملكا له ويكون سبب الملك تسليم الإمام بأمر رسول الله (ص)وهي من التخصيصات قبل الإستيلاء وليس ذلك لغيره من الأئمة فإنه (ص)كان مطلعا بالوحي على ما سيملك في المستقبل وعلى وجه المصلحة في التخصيص والإستثناء وغير ذلك ولا يطلع غيره عليه وأما قول من قال لا يصح إقطاعه لأنه قبل الملك فهو كفر محض لأنه يقال له هل حل لرسول الله (ص)ما فعل أو كان ظالما بتصرفه ذلك فإن جعله ظالما كفر وإن قال بل حل له ذلك قيل أفعلم أن ذلك يحصل أم لا فإن جهله كفر وإن قال أنه علم لكن علم أنه لا يحصل قيل له فلا يبقى إلا أنه أقدم عليه مع علمه ببطلانه فطيب قلب من سأله بما لا يحصل له وهذا محض الخداع والتلبيس ومن نسبه إلى ذلك فقد كفر وأما قوله أن القبض لم يحصل فهو مردود من وجهين:
أحدهما أن أفعاله (ص)حجة كما لو وهب امرأة رجل لرجل آخر فإنها تحرم على الأول ويحمل على أنه أوحي إليه أنها حرمت عليه وحلت للآخر بل الإقطاع المذكور نظير ما لو أقطع الإمام شخصا من موات الأرض شيئا فإن الإقطاع يصح ولا يملكه المقطع في الحال بل إنما يملكه بالأحياء والقبض ليس بشرط في صحة هذا التخصيص وأما الحد فليس شرطا للصحة ولا سيما في الأمور العامة وإنما يشترط التسليم والإمام عند التسليم أن يقول فيه على الشهرة وله أن يتسامح فيما يقع منه في محل الإشتباه فإن مبنى هذه الأمور على المساهلة بخلاف التصرفات الجزئية انتهى
ففي كلام الغزالي أنه يرى أن اعطاء ذلك لتميم الداري من الخصائص النبوية ويجعله من الصفايا المختصة به (ص)فلا يكون لأحد من الأئمة بعد النبي (ص)أن يقطع أحدا من الرعية شيئا لم يدخل في ملكة المسلمين وطريقة أبي الحسن الماوردي على ما ذكر في الأحكام السلطانية وطريقة القاضي أبي يعلى من الحنابلة في الأحكام السلطانية يرى جواز ذلك عموما وهي أقوى لأن الأصل التأسي والخصائص لا تثبت بالإحتمال وفي كلام الغزالي أيضا ما يشير إلى أن ذلك من جملة وعوده (ص)ولم يعد أحد هذا من الخصائص سواه وعد أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال ذلك من النفل ما يرى فيه المصلحة لكن هل يختص ذلك بالمنقولات أو يدخل فيه العقار وهل يكون ذلك بعد الظفر وقبل القسمة أو قبل الظفر هذا محل النظر؟ وبالجملة فقد وجد النقل عن أئمة السلف وأئمة المذاهب بتصحيح الصورة المسئول عنها بخصوصها وقال الشيخ تقي الدين السبكي في احياء الموات من شرح المنهاج اقطاعات النبي (ص)كانت في الموات قال الماوردي: إلا ما كان شأن تميم الداري وأبي ثعلبة الخشني فيحتمل أن يكون أقطعهما اقطاع تقليد لا اقطاع تمليك ويجوز أن يكونا مخصوصين بذلك لتعلقه بتصديق خبر وتحقق اعجاز وأما الأئمة بعده فأبو بكر وعمر ما لم يقطعا الأموات إلا أن عمر اصطفى من أموال كسرى من أرض السواد فكان يغل شيئا يصرفه في مصالح المسلمين ولم يقطع منها شيئا ثم إن عثمان أقطعهما اقطاع اجازة أي أمرهم أن يؤجروها بأجرة معلومة لينتفعوا بها مع بقاء الرقبة انتهى
فيستفاد من هذا أن الماوردي تردد في مآخذ الإقطاع الذي وقع لتميم وجواز أن يكون من الخصائص بعد أن حكى الخلاف هل لغير النبي (ص)أن يفعل ذلك؟ والله أعلم
فصل في مسائل
الأولى هل صحت دعوى الداريين العطية المذكورة؟
الجواب:
أن يدهم ثابتة ومستندها الآثار المتقدمة فإن مجموعها يدل على أن لذلك أصلا مع ما انضم لذلك من شهادة الليث بن سعد أحد الفقهاء الأمصار كما تقدم بالنقل عنه وعن غيره بأصل العطية وإن وقع التغاير في صفتها
الثانية هل كانت على حهة الوقفية أو الهبة أو غيرها؟
الجواب:
أنه ليس في شيء من الآثار التصريح بالوقفية أما في الأثر السابق عن عمر أنه شرط عليه أن لا يبيع وأن يخرج ثلثا في العمارة وثلثا لأبناء السبيل والذي يتحرر أن ذلك ارصادا له ولذريته إلى آخر الدهر فامتثل الأئمة ذلك إلى اليوم
الثالثة هل يختص ذلك بتميم وذريته وإذا اختص هل يعم ذكورهم واناثهم وإذا لم يختص بذريته هل يدخل فيه أقاربه؟
الجواب
أنه يختص بعد تميم بذريته سواء كانوا ذكورا أم اناثا لأن أهل النسب متفقون على أن تميما لو يعقب سوى ابنته رقية وبها كان يكنى وأما أقاربه فوقع في بعض الآثار المتقدمة أن لهم مدخلا في ذلك فإن ثبت ذلك دخلوا وكانوا في الإستحقاق سواء
الرابعة هل يثبت كونهم أقارب تميم بمجرد قولهم وهل تكفي شهادة بعضهم لبعض؟
الجواب
أن من كان بيده شيء كفاه وضع يده ومن رام الدخول لم يكفه مجرد دعواه ويكفي في ثبوت كونه منهم وجود الشهرة لمن يدعى ذلك فإن النسب مما يثبت بالإستفاضة الآن ما يخالفه وتقبل شهادة بعضهم لبعض
الخامسة إذا ثبت كونه من أقارب تميم بالشهرة هل يكون ذلك أقوى من عموم تصرف الإمام في أراضي بيت المال
الجواب
أن الشهرة قد صحبها العمل المستمر مع ترك النكير من عهد الفتوح إلى الآن وقد نازع في ذلك قوم أحيانا وخصموا واستمر ذلك بأيدي المذكورين فخص ذلك من عموم تصرف الإمام إلا أنه لا يرفع بالنسبة لنقل ذلك عنهم إلى غيرهم وأما مع بقايه عليهم فلا
السادسة هل تقبل دعواهم أن البلدتين المذكورتين الموجودتين الآن هما المراد بما في العطية المذكورة؟
الجواب
ان مهما كان بأيديهم فإنه يحمل على أنه من العطية ومهما كان ليس بأيديهم لم يقبل أنه داخل في العطية الأبينة لأنه يطرقه احتمال حدوث أحياء فيما يجوز فيه الأحياء مما كان خارج البلد مثلا ثم اتصل بها فلا تنزع ممن هو بيده بمجرد دعواهم أن ذلك في عموم عطية البلدين فمهما ثبت أنه كان مبنيا أو وغروسا أو مسكونا في وقت العطية فإنها تشمله وما لا بد فيه من إقامة البينة ومهما تعذرت فيه البينة أو على من هو بيده
السابعة هل يستحقوا حكر جميع البلدتين حتى المغارة؟
الجواب
أن الأصل استحقاقه لذلك جميعه إلا أنه يستثني ما كان فيهما من مساجد ومقابر المسلمين فإنها لا تدخل في العطية وكذلك من وجد بيده غير ذلك شيء لا ينزع منه أولا بعد ثبوت أنه مما دخل في العطية وأما المغارة التي فيها قبور الأنبياء عليهم السلام فلا يحل لأحد المطالبة بحكرها فإنها لم تدخل في العطية لكون الخليل عليه السلام اشتراها لدفن أهله فإن العطية إنما وقعت على ما لا ملك فيه لمسلم ولا اختصاص فكيف إذا كان لنبي من أنبياء الله تعالى
الثامنة هل لهم المطالبة بأكثر من أجرة المثل؟ وهل لهم الزام أحد بقلع بنائه أو غراسه قبل العلم بأنه وضع بغير حق؟
الجواب
أنهم في استحقاق أجرة الأرض والبناء لغيرهم فمهما كان في أيديهم على ما تقدم تقريره ووضع أحد يده بغير حق وجب انتزاعه منه فإن بنى في أرضهم بغير حق وجب ازالته إلا أن ظهر أن الأحظ لهم ابقاؤه بأجرة المثل فيجوز تبقيته وإن وجد بناء وضع بحق كأن استؤجر ليبني واستوفيت شروط ذلك وانقضت مدة الإجارة فإن اللازم بعد ذلك أجرة المثل وإن جهل هل وضع بحق أولا ينزع إلا أن يثبت أنه وضع بغير حق وليس لهم أن يطالبوا من ثبت لهم عليه أجرة إذا لم يكن بيده إجارة صحيحة باكثر من أجرة المثل
التاسعة هل للإمام أن يولي على هذا المرصد ناظرا يوصل إلى كل ذي حق حقه وإذا كان له ذلك هل يقتصر على ناظر واحد ويجوز تعدد النظار أو يولي كل واحد النظر على ما يستحقه؟
الجواب
أن له جميع ذلك لكن الأولى اجتماع الكلمة في واحد ولا سيما عند وقوع التنازع
العاشرة إذا ساغ للإمام إقامة ناظر عليهم فهل يشترط أن يكون الناظر منهم؟ أو يجوز أن يكون من غيرهم؟ وهل يجوز أن يقرر الناظر على عمله أجرة أو لا؟
الجواب
أن الأولى أن يكون الناظر عليهم منهم فإن لم يكن منهم متأهل فيتعين أن يكون من غيرهم وأما الأجرة فلا يقررها إلا إن لم يجد متبرعا فيقرر حينئذ أجرة المثل من غير زيادة فإن وجد من يعمل بدونها تعين وإن وجد متبرعا تعين أيضا والله أعلم
تنبيه
الذي استفيض في الأخبار أن القريتين ما زالتا منذ فتحت البلاد في خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب بيد الداريين إلى أن استولى الفرنج على القدس والخليل وفلسطين فلما استولوا على تلك الديار خلت من جميع المسلمين لأنهم قتلوا بها من كان من المسلمين وفر من بقي منهم إلى أمصار أهل الإسلام كالعراق والشام ومصر والمغرب والحجاز واليمن فلما أعاد الله تعالى البلاد إلى الإسلام بعد اقامتها بأيدي الفرنج نحو مئة سنة لم يتبين لي إلى الآن كيف وضع الداريون يدهم على القريتين فإنه لم يتأخر بتلك البلاد ممن كان قبل أخذ النصارى أحد من الداريين إلى أن استردها المسلمون فيحتاج إلى كيف وضع من عاد منهم إلى البلاد بطريق شرعي أم لا والله أعلم بالصواب "
سبق تناول أنه لا يوجد إقطاع فى الإسلام والرسول (ص) لا يمكن أن يقطع أحد شيئا لأن المال مال المسلمين جميعا لا يمكن اختصاص بعضهم به وإنما يقتسم الكل ثمرة الأرض جميعا بالعدل لأن الاختصاص يكرس جمع المال فى يد الأغنياء وهو ما حرمه الله بقوله "كى لا يكون دولة بين الأغنياء منكم"
واعتماد الكفار جميعا فى نظم حكمهم على هذا الأمر وهو اختصاص بعض الناس بتملك اراضى واسعة دون بقية الناس وهو أمر جاء الإسلام فى كل العصور للقضاء عليه ولذا كان مطلب الكبار من قوم شعيب (ص) أن يعبدوا الله شرط أن يفعلوا فى الأموال ما يشاءون كما قال تعالى "قالوا يا شعيب أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء إنك لأنت الحليم الرشيد "
والسبب هو أن فساد الدين يكون عن طريق وجود المال فى أيدى فئة صغيرة