رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد كتاب أخي المريض ماذا بعد الشفاء؟
المؤلف هو أزهري أحمد محمود وهو يدور حول واجبات المريض بعد الشفاء وفيها قال :
|وبعد:
لا تزال النفوس تهفو إلى حياة خالية من الأمراض .. صافية من شوائب الأسقام!
تلك هي أمنية المخلوق الضعيف .. الجاهل الذي وقف عقله عند علمه .. لا يدري ما وراء الأقدار من الحكم والأسرار!
فعجبا لك يا ابن آدم! مالك إذا وجدت نسيم العافية؛ تطاولت .. وشرهت نفسك إلى هذا .. وإلى هذا!
حتى إذا أصابك المرض بمراراته؛ انقبضت انقباض العاجز .. وتراجع ذلك التعالي؟!
قال الحسن البصري: «لولا ثلاث ما استطيع ابن آدم، إنك لتجدهن فيه، وهو معهن: الفقر، والمرض، والموت».
أخي المريض: وهذه وقفة محاسبة .. بعد أن ذقت حلاوة الصحة .. وجدت نسمات الشفاء ..
إنها مرحلة حري بكل عاقل أن يقف عندها كثيرا .. ليستلهم دروسها .. ويفهم مواعظها .. فإلى هذه الدروس البليغة .."
واستهل أزهرى الكتاب بأول النصائح وهو أن يتذكر المريض نعكمة الصحة فقال:
" تذكر نعمة الصحة والعافية:
أخي المريض: لقد ذقت الأمرين: بلاء المرض، ونعمة الصحة والعافية .. ورأيت كم بينهما من التفاوت والدرجات!
فأنت بالمرض: ضعيف القوى .. منقبض .. مقيد الحركات!
وأنت بالصحة: قوي .. نشيط .. غادي ورائح في شؤونك .. تجد بهجة الحياة وسرورها.
أليس في هذا - أيها العاقل - داع لك في تذكر عظم نعمة الصحة؟!
قال «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» [رواه الترمذي وابن حبان/ صحيح الجامع: 6042].
قال بكر بن عبد الله المزني: «من كان مسلما، وبدنه في عافية، فقد اجتمع عليه سيد نعيم الدنيا، وسيد نعيم الآخرة؛ لأن سيد نعيم الدنيا: هو العافية، وسيد نعيم الآخرة: هو الإسلام».
أخي المريض: إن نعمة الصحة لا يعرفها على حقيقتها إلا أولئك الذين تجرعوا مرارة كأس المرض .. وذاقوا غصصه .. إذ أن الضد يعرف بضده!
قال حاتم الزاهد: «أربعة لا يعرف قدرها إلا أربعة: قدر الشباب، لا يعرف قدره إلا الشيوخ، ولا يعرف قدر العافية إلا أهل البلاء، ولا قدر الصحة إلا المرضى، ولا قدر الحياة إلا الموتى».
أخي المريض: فيا لنعمة الصحة من نعمة! وقد أراك المرض مرارة فقدها!
فتفكر - أيها العاقل - كم من مرضى فقدرها .. اعتاضوا بها مرارة الأسقام .. وأكدار الأمراض!
عن علي في قوله تعالى: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قال: «الأمن، والصحة، والعافية».
وقال قبيصة بن ذؤيب: «كنا نسمع نداء عبد الملك بن مروان من وراء الحجرة في مرضه: يا أهل النعيم، لا تستقلوا شيئا من النعم مع العافية»!
أخي المريض: كم نعمة لله تعالى شاهدة على جزيل مواهبه ... وجليل عطاياه .. وقليل أولئك الذين يقفون عند هذه المحطة؛ ليبصروا عظيم منن الله تعالى على خلقه ..
قال بكر بن عبد الله المزني: «يا ابن آدم، إن أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك، فغمض عينيك»!"
هذا الكلام كثير فالنصيحة وهى تذكر تعنى الصحة تعنى معرفة قدرة الله على أن يجعل الإنسان لا قيمة له أى لا حول له ولا قوة ومن ثم يعرف أن القادر عليه يعاقبه إن استخدم قدرته فى ظلم الناس
والأخطاء فى الفقرة هى
الأول أن سيد نعيم الدنيا هو العافية وسيد نعيم الآخرة هو الإسلام وهو ما يناقض أنه لا سيد للنعيم الدنيوى أو الأخروى فالله لم يقل بوجود هؤلاء الأسياد
فالنعيم الدنيوى قد لا يكون له علاقة بالظاهر الذى نسميه المادى فهناك نعيم المعرفة وفى الاخرة النعيم هو الجنة والوصول له هو الإسلام كما قال تعالى :
"ولأدخلناهم جنات النعيم"
الثانى أن النعيم المسئول عنه الكفار هو الصحة وألمن والعافية وهو تفسير خاطىء للآية فالكفار يحاسبون على النعم التى لم يقوموا فيها بحق الله
والنصيحة التالية كانت شكر الله على النعم وفيه قال أزهرى:
" أخي المريض: فهل شكرت الله على نعمه؟
إن من وقف على عظم نعم الله تعالى على خلقه - ومنها الصحة - وجب أن يشكره .. ونعمة الصحة من النعم العظام .. فهل شكرت الله تعالى عليها؟!
إن سلامة جوارحك .. واعتدال خلقك .. وما أكرمك الله به من نعمة الفهم .. وغير ذلك من النعم .. كل ذلك يدعوك إلى شكر الله .. والاستعانة بهذه النعمة على طاعته تبارك وتعالى ..
قال عبد الرحمن بن زيد: «الشكر يأخذ بحزم الحمد وأصله وفرعه؛ ينظر في نعم الله، في بدنه، وسمعه، وبصره، ويديه، ورجليه وغير ذلك، ليس من هذا شيء إلا فيه نعمة من الله، حق على العبد أن يعمل في النعمة التي هي في بدنه لله في طاعته، ونعمة أخرى في الرزق، وحق عليه أن يعمل لله فيما أنعم عليه به من الرزق بطاعته، فمن عمل بهذا كان قد أخذ بحزم الشكر، وأصله، وفرعه»!
أخي المريض: فكم من متسربل بنعم الله تعالى .. عامل فيها بالمعاصي .. مستعين بها في هوى النفس .. وشهواتها!
وحق على من وجد حلاوة الصحة .. أن يعمل فيها بطاعة الله تعالى .. ويجعلها مطية إلى رضوان الله تعالى ..
عن أبي الحجراء، قال: كنا ندخل على المغيرة - أبي محمد - فنقول: كيف أصبحت يا أبا محمد؟ قال: أصبحنا مغرقين في النعم، مقصرين في الشكر، يتحبب إلينا ربنا عز وجل، وهو غني عنا، ونتمقت إليه ونحن إليه محتاجون!
أخي المريض: هذا كلام أقوام اشتهروا بالصلاح .. والاشتغال بالطاعات .. فكيف بمن تسربل بالذنوب .. وما زال رافلا في أثواب التقصير؟!"
قطعا المريض المسلم أو اى مسلم أخر واجبه هو شكر الله ليس بمعنى قول الحمد لله أو الشكر لله ,إنما بطاعة أحكام الله جميعها والمريض كالصحيح مطالب بنفس الأمر
وكانت النصيحة الثالثة هى الرجوع وهو التوبة إلى الله وفيها قال :
" هل من رجوع إلى الله تعالى؟!
أخي المريض: وأنت تذوق حلاوة الصحة .. إنه لحري بك أن ترجع إلى دفاتر أعمالك .. فتسعى جاهدا إلى إلغاء تلك الصفحات .. التي سودتها الذنوب والمعاصي .. فتستقبل صفحات جديدة ..
صفحات يشع منها نور: «التوبة والرجوع إلى الله تعالى».
قال أبو صفوان: «إن الله خلق جنة، وأعد فيها نعيما، وندبنا إليه بترك الشهوات، فلم نطعه، ثم أصبنا الشهوات، فأورثتنا الأدواء، فجئنا إلى بعض خلقه ممن نشتمهم غدوة وعشيا، فقلنا: داوونا. فقالوا: نداويكم على أن تتركوا الشهوات. فأطعناهم»!
أخي المريض: إن ربك تعالى قريب من التائبين .. يفرح برجوع المذنبين .. يقبل على من أقبل نحو بابه .. يرجو غفرانه .. وقبوله في زمرة التائبين ..
قال النبي «قال الله عز وجل: يا ابن آدم، قم إلي أمش إليك، وامش إلي أهرول إليك»![رواه أحمد/ صحيح الترغيب والترهيب للألباني: 3153]
عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فإنه كان للأوابين غفورا} [الإسراء: 25]. قال: «الرجاعين إلى الخير».
أخي المريض: كم من أناس عندما وجدوا كرب المرض .. حنت نفوسهم إلى سبل الطاعات .. وعزموا إن ذاقوا حلاوة العافية أن يهجروا الذنوب .. ويفارقوا سبل العصاة.
ولكن بعد أن وجدوا نشوة الصحة .. وعادات إلى أجسادهم نضارة العافية .. نسوا تلك العهود .. وحنت النفوس مرة أخرى إلى المعاصي!
فيا أيها المسكين! أنسيت أن الذي أعطاك العافية قادر أن يردك
مرة أخرى إلى حالك الأول؟!
فأفق - أيها الضعيف - واعلم أنك بغير حفظ الله ورحمته؛ لا تملك من أمرك شيئا!
واعلم أنه ليس في كل مرة تجد الفرصة .. فقد تؤخذ وأنت على الذنوب .. وقد حيل بينك وبين التوبة!
أخي المريض: حري بالعاقل أن يجعل مرحلة الشفاء؛ مرحلة جديدة .. ينظف فيها طريقه إلى الله تعالى .. عسى أن يفوز بحسن الخاتمة .."
قطعا المرض لا يكون بسبب الذنوب فقد لا يذنب الإنسان ويمرضه الله ابتلاء منه بالشر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ومن ثم فالمريض ليس مطالب بالتوبة ما لم يكن مذنبا
وتحدث المؤلف عن كون المرض وزقت لمحاسبة النفس فقال:
" فرصة للمحاسبة:
أخي المريض: إن من الفوائد العظيمة للمرض: أنه يدعو العقلاء إلى محاسبة النفس .. والتفكير في الرجوع إلى الله تعالى ..
عن الحسن البصري: أنه ذكر الوجع، فقال: «أما والله ما هو بشر أيام المسلم، أيام قورب له فيها أجله، وذكر فيها ما نسي من معاده، وكفر بها عنه خطاياه».
وعن أبي المليح قال: «دخل صالح بن مسمار على مريض يعوده وأنا معه، فلما قام من عنده، قال: إن ربك قد عاتبك فأعتبه».
أخي المريض: إن من لازم الشكر على الشفاء؛ أن تحاسب نفسك محاسبة الغريم .. وتقرعها بسوط المؤاخذة .. وتردها إلى طريق الهدى ردا!
دخل ابن السماك على الرشيد في عقب مرض، فقال: «يا أميرالمؤمنين، إن الله ذكرك فاذكره، وأطلقك فاشكره».
أخي المريض: أرأيت يوم أن كنت تحتمي عن الطعام مخافة زيادة الداء .. وتتناول الدواء المر .. والصعب على النفس .. كل ذلك حرصا على العافية .. فهل دعاك ذلك إلى التفكير في عافية القلب؟!
نعم .. عافية القلب من ران الذنوب والمعاصي .. وتطهيره من أدران مساوئ الأخلاق ..
قال مالك بن دينار: «عجبت ممن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار»!
وكتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز: «كن كالمداوي جرحه، يصبر على شدة الدواء مخافة طول البلاء».
أخي المريض: فلتقف على عتبة المحاسبة .. فإن للعافية جموحا ونفورا، إن لم تكبحه بلجام الشرع، وأدب الدين؛ نفرت نفورا نحو هوى النفس ورغائبها .. وكم في ذلك من شرور!
فحاسب نفسك - أيها العاقل - عسى أن تصيب لدائها دواء"
والنصيحة تكررت فى التوبة لله فمن يتوب من المؤكد أنه حاسب نفسها فوجدها مخطئة ولذا تاب أى رجع إلى الله وكرر نصيحة سابقة فقال :
" فرصة للمباردة إلى الطاعات ..
عجبا ممن أطلقته الأمراض من أسرها .. ثم لا يدعوه ذلك إلى الازدياد من الطاعات .. ومبادرة العمر بالصالحات!
فما أحوجك - أيها المسكين - إلى ذخر تقدمه بين يديك .. يوم لا ينفع إلا صالح الأعمال!
أخي المريض: إن المبادرة إلى الصالحات؛ فعل الألباء .. وديدن الصالحين .. فلا تخدعنك بشاشة العافية عن يوم عافيتك الحقيقي!
قال رسول الله «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك، قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».
[رواه الحاكم/ صحيح الترغيب للألباني: 3355]
وقد كان الصالحون وهم في أشد كربات المرض؛ يبادرون إلى الطاعات .. ويسارعون إلى فعل الطاعات .. فحري بمن وجد حلاوة الصحة أن يكون أشد حرصا على عمل الطاعات .. والتزود من الصالحات ..
كان الجنيد يقرأ وقت خروج روحه، فيقال له: في هذا الوقت؟! فيقول: أبادر طي صحيفتي!
وقيل لحسان بن أبي سنان في مرضه: كيف تجدك؟ قال: بخير إن نجوت من النار! وقيل: فما تشتهي؟ قال: ليلة طويلة الطرفين أحيي ما بينهما!
فتأمل - وفقك الله - في همة هؤلاء الصالحين؛ صار حب الصالحات ديدنهم .. وسرور نفوسهم!
أخي المريض: فإياك والتفريط في ساعات العمر .. فإن الأيام وشيكة الانصرام .. وقد ذقت مرارة البلاء وأنت تعيش ساعات المرض .. فلا تبطرنك العافية؛ فتضيع ساعات عمرك في غير طاعة اللهتعالى!
وقد قال النبي «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة، والفراغ» [رواه البخاري].
قال ابن الجوزي: «قد يكون الإنسان صحيحا، ولا يكون متفرغا؛ لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة؛ فهو المغبون، وتمام ذلك؛ أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله؛ فهو المغبوط، ومن استعملها في معصية الله؛ فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم ... ».
أخي المريض: فلتغتنم أيام الصحة والفراغ .. ولتجعلها موسما من مواسم الطاعات .. لا عرف الانقطاع .. فإن ساعات العمر أغلى من أن تضيعها في غير طاعة الله تعالى ..
واحرص على عمل الطاعات كحرصك على تحصيل الصحة أيام مرضك .. تفوز إن شاء بالعافية في الدين .. والسلام من كربات يوم الدين ..
وأخيرا: لا تخدعنك الدنيا:
أخي المريض: احذر بهرج الدنيا .. وزخرفها الكاذب .. فكم خدعت من مخدوع .. وكم أهلكت من مغبون!
ولكن فلتجعلها مطية تقودك إلى الآخرة .. ومزرعة تحصد ثمارها
غدا .. يوم لا بضاعة إلا العمل الصالح .. {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى * وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} [طه: 131، 132].
وقد قال رسول الله «الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر» [رواه مسلم].
أخي المريض: فإن من انقطع إلى الدنيا؛ شغلته عن الطاعات .. وأوقعته في الهلكات .. فتراه لاهثا خلف سرابها .. وطالبا لحطامها الرخيص!
فخذ - أيها العاقل - بالأحزم من أمرك .. واجعل الدنيا ميدانا تستبق فيه إلى الباقيات .. ومهلة تغتنم فيها الصالحات .. ولا تخدعنك فتوة الصحة؛ فتنغمس في الشهوات .. وتفني العمر في غير الطاعات!
* ثم ..
* لا تنس أن ساعات العمر قليلة وإن طالت ..
* وأن خير أيامك ما أودعته صالح الأعمال ..
* والخاسر الحقيقي من ضاعت أيام عمره في غير طاعة الله تعالى!
* وبضاعة الآخرة اليوم رخيصة .. وسيأتي يوم لا سبيل إلى تحصيلها!
* لا تجعل الدنيا غاية سعيك .. ولكن فلتجعلها جسرا تعبر به إلى النعيم الباقي.
* ومهما طلب الطالبون من عافية وصحة .. فلن يجدوا ألذ من العافية في الدين ..
* اليوم عمل .. وغدا يظهر الرابح من الخاسر ..
والحمد لله تعالى .. "
قطعا الطاعات نصيحة قالها أزهرى فى نصيحة الشكر فشكر الله هو طاعتة أحكامه فليس الشكر مجرد كلمتين كالحمد لله أو الشكر لله وإنما هى الطاعات بالأقوال وألأفعال
المؤلف هو أزهري أحمد محمود وهو يدور حول واجبات المريض بعد الشفاء وفيها قال :
|وبعد:
لا تزال النفوس تهفو إلى حياة خالية من الأمراض .. صافية من شوائب الأسقام!
تلك هي أمنية المخلوق الضعيف .. الجاهل الذي وقف عقله عند علمه .. لا يدري ما وراء الأقدار من الحكم والأسرار!
فعجبا لك يا ابن آدم! مالك إذا وجدت نسيم العافية؛ تطاولت .. وشرهت نفسك إلى هذا .. وإلى هذا!
حتى إذا أصابك المرض بمراراته؛ انقبضت انقباض العاجز .. وتراجع ذلك التعالي؟!
قال الحسن البصري: «لولا ثلاث ما استطيع ابن آدم، إنك لتجدهن فيه، وهو معهن: الفقر، والمرض، والموت».
أخي المريض: وهذه وقفة محاسبة .. بعد أن ذقت حلاوة الصحة .. وجدت نسمات الشفاء ..
إنها مرحلة حري بكل عاقل أن يقف عندها كثيرا .. ليستلهم دروسها .. ويفهم مواعظها .. فإلى هذه الدروس البليغة .."
واستهل أزهرى الكتاب بأول النصائح وهو أن يتذكر المريض نعكمة الصحة فقال:
" تذكر نعمة الصحة والعافية:
أخي المريض: لقد ذقت الأمرين: بلاء المرض، ونعمة الصحة والعافية .. ورأيت كم بينهما من التفاوت والدرجات!
فأنت بالمرض: ضعيف القوى .. منقبض .. مقيد الحركات!
وأنت بالصحة: قوي .. نشيط .. غادي ورائح في شؤونك .. تجد بهجة الحياة وسرورها.
أليس في هذا - أيها العاقل - داع لك في تذكر عظم نعمة الصحة؟!
قال «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه؛ فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» [رواه الترمذي وابن حبان/ صحيح الجامع: 6042].
قال بكر بن عبد الله المزني: «من كان مسلما، وبدنه في عافية، فقد اجتمع عليه سيد نعيم الدنيا، وسيد نعيم الآخرة؛ لأن سيد نعيم الدنيا: هو العافية، وسيد نعيم الآخرة: هو الإسلام».
أخي المريض: إن نعمة الصحة لا يعرفها على حقيقتها إلا أولئك الذين تجرعوا مرارة كأس المرض .. وذاقوا غصصه .. إذ أن الضد يعرف بضده!
قال حاتم الزاهد: «أربعة لا يعرف قدرها إلا أربعة: قدر الشباب، لا يعرف قدره إلا الشيوخ، ولا يعرف قدر العافية إلا أهل البلاء، ولا قدر الصحة إلا المرضى، ولا قدر الحياة إلا الموتى».
أخي المريض: فيا لنعمة الصحة من نعمة! وقد أراك المرض مرارة فقدها!
فتفكر - أيها العاقل - كم من مرضى فقدرها .. اعتاضوا بها مرارة الأسقام .. وأكدار الأمراض!
عن علي في قوله تعالى: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} قال: «الأمن، والصحة، والعافية».
وقال قبيصة بن ذؤيب: «كنا نسمع نداء عبد الملك بن مروان من وراء الحجرة في مرضه: يا أهل النعيم، لا تستقلوا شيئا من النعم مع العافية»!
أخي المريض: كم نعمة لله تعالى شاهدة على جزيل مواهبه ... وجليل عطاياه .. وقليل أولئك الذين يقفون عند هذه المحطة؛ ليبصروا عظيم منن الله تعالى على خلقه ..
قال بكر بن عبد الله المزني: «يا ابن آدم، إن أردت أن تعلم قدر ما أنعم الله عليك، فغمض عينيك»!"
هذا الكلام كثير فالنصيحة وهى تذكر تعنى الصحة تعنى معرفة قدرة الله على أن يجعل الإنسان لا قيمة له أى لا حول له ولا قوة ومن ثم يعرف أن القادر عليه يعاقبه إن استخدم قدرته فى ظلم الناس
والأخطاء فى الفقرة هى
الأول أن سيد نعيم الدنيا هو العافية وسيد نعيم الآخرة هو الإسلام وهو ما يناقض أنه لا سيد للنعيم الدنيوى أو الأخروى فالله لم يقل بوجود هؤلاء الأسياد
فالنعيم الدنيوى قد لا يكون له علاقة بالظاهر الذى نسميه المادى فهناك نعيم المعرفة وفى الاخرة النعيم هو الجنة والوصول له هو الإسلام كما قال تعالى :
"ولأدخلناهم جنات النعيم"
الثانى أن النعيم المسئول عنه الكفار هو الصحة وألمن والعافية وهو تفسير خاطىء للآية فالكفار يحاسبون على النعم التى لم يقوموا فيها بحق الله
والنصيحة التالية كانت شكر الله على النعم وفيه قال أزهرى:
" أخي المريض: فهل شكرت الله على نعمه؟
إن من وقف على عظم نعم الله تعالى على خلقه - ومنها الصحة - وجب أن يشكره .. ونعمة الصحة من النعم العظام .. فهل شكرت الله تعالى عليها؟!
إن سلامة جوارحك .. واعتدال خلقك .. وما أكرمك الله به من نعمة الفهم .. وغير ذلك من النعم .. كل ذلك يدعوك إلى شكر الله .. والاستعانة بهذه النعمة على طاعته تبارك وتعالى ..
قال عبد الرحمن بن زيد: «الشكر يأخذ بحزم الحمد وأصله وفرعه؛ ينظر في نعم الله، في بدنه، وسمعه، وبصره، ويديه، ورجليه وغير ذلك، ليس من هذا شيء إلا فيه نعمة من الله، حق على العبد أن يعمل في النعمة التي هي في بدنه لله في طاعته، ونعمة أخرى في الرزق، وحق عليه أن يعمل لله فيما أنعم عليه به من الرزق بطاعته، فمن عمل بهذا كان قد أخذ بحزم الشكر، وأصله، وفرعه»!
أخي المريض: فكم من متسربل بنعم الله تعالى .. عامل فيها بالمعاصي .. مستعين بها في هوى النفس .. وشهواتها!
وحق على من وجد حلاوة الصحة .. أن يعمل فيها بطاعة الله تعالى .. ويجعلها مطية إلى رضوان الله تعالى ..
عن أبي الحجراء، قال: كنا ندخل على المغيرة - أبي محمد - فنقول: كيف أصبحت يا أبا محمد؟ قال: أصبحنا مغرقين في النعم، مقصرين في الشكر، يتحبب إلينا ربنا عز وجل، وهو غني عنا، ونتمقت إليه ونحن إليه محتاجون!
أخي المريض: هذا كلام أقوام اشتهروا بالصلاح .. والاشتغال بالطاعات .. فكيف بمن تسربل بالذنوب .. وما زال رافلا في أثواب التقصير؟!"
قطعا المريض المسلم أو اى مسلم أخر واجبه هو شكر الله ليس بمعنى قول الحمد لله أو الشكر لله ,إنما بطاعة أحكام الله جميعها والمريض كالصحيح مطالب بنفس الأمر
وكانت النصيحة الثالثة هى الرجوع وهو التوبة إلى الله وفيها قال :
" هل من رجوع إلى الله تعالى؟!
أخي المريض: وأنت تذوق حلاوة الصحة .. إنه لحري بك أن ترجع إلى دفاتر أعمالك .. فتسعى جاهدا إلى إلغاء تلك الصفحات .. التي سودتها الذنوب والمعاصي .. فتستقبل صفحات جديدة ..
صفحات يشع منها نور: «التوبة والرجوع إلى الله تعالى».
قال أبو صفوان: «إن الله خلق جنة، وأعد فيها نعيما، وندبنا إليه بترك الشهوات، فلم نطعه، ثم أصبنا الشهوات، فأورثتنا الأدواء، فجئنا إلى بعض خلقه ممن نشتمهم غدوة وعشيا، فقلنا: داوونا. فقالوا: نداويكم على أن تتركوا الشهوات. فأطعناهم»!
أخي المريض: إن ربك تعالى قريب من التائبين .. يفرح برجوع المذنبين .. يقبل على من أقبل نحو بابه .. يرجو غفرانه .. وقبوله في زمرة التائبين ..
قال النبي «قال الله عز وجل: يا ابن آدم، قم إلي أمش إليك، وامش إلي أهرول إليك»![رواه أحمد/ صحيح الترغيب والترهيب للألباني: 3153]
عن سعيد بن جبير في قوله تعالى: {فإنه كان للأوابين غفورا} [الإسراء: 25]. قال: «الرجاعين إلى الخير».
أخي المريض: كم من أناس عندما وجدوا كرب المرض .. حنت نفوسهم إلى سبل الطاعات .. وعزموا إن ذاقوا حلاوة العافية أن يهجروا الذنوب .. ويفارقوا سبل العصاة.
ولكن بعد أن وجدوا نشوة الصحة .. وعادات إلى أجسادهم نضارة العافية .. نسوا تلك العهود .. وحنت النفوس مرة أخرى إلى المعاصي!
فيا أيها المسكين! أنسيت أن الذي أعطاك العافية قادر أن يردك
مرة أخرى إلى حالك الأول؟!
فأفق - أيها الضعيف - واعلم أنك بغير حفظ الله ورحمته؛ لا تملك من أمرك شيئا!
واعلم أنه ليس في كل مرة تجد الفرصة .. فقد تؤخذ وأنت على الذنوب .. وقد حيل بينك وبين التوبة!
أخي المريض: حري بالعاقل أن يجعل مرحلة الشفاء؛ مرحلة جديدة .. ينظف فيها طريقه إلى الله تعالى .. عسى أن يفوز بحسن الخاتمة .."
قطعا المرض لا يكون بسبب الذنوب فقد لا يذنب الإنسان ويمرضه الله ابتلاء منه بالشر كما قال تعالى :
" ونبلوكم بالشر والخير فتنة"
ومن ثم فالمريض ليس مطالب بالتوبة ما لم يكن مذنبا
وتحدث المؤلف عن كون المرض وزقت لمحاسبة النفس فقال:
" فرصة للمحاسبة:
أخي المريض: إن من الفوائد العظيمة للمرض: أنه يدعو العقلاء إلى محاسبة النفس .. والتفكير في الرجوع إلى الله تعالى ..
عن الحسن البصري: أنه ذكر الوجع، فقال: «أما والله ما هو بشر أيام المسلم، أيام قورب له فيها أجله، وذكر فيها ما نسي من معاده، وكفر بها عنه خطاياه».
وعن أبي المليح قال: «دخل صالح بن مسمار على مريض يعوده وأنا معه، فلما قام من عنده، قال: إن ربك قد عاتبك فأعتبه».
أخي المريض: إن من لازم الشكر على الشفاء؛ أن تحاسب نفسك محاسبة الغريم .. وتقرعها بسوط المؤاخذة .. وتردها إلى طريق الهدى ردا!
دخل ابن السماك على الرشيد في عقب مرض، فقال: «يا أميرالمؤمنين، إن الله ذكرك فاذكره، وأطلقك فاشكره».
أخي المريض: أرأيت يوم أن كنت تحتمي عن الطعام مخافة زيادة الداء .. وتتناول الدواء المر .. والصعب على النفس .. كل ذلك حرصا على العافية .. فهل دعاك ذلك إلى التفكير في عافية القلب؟!
نعم .. عافية القلب من ران الذنوب والمعاصي .. وتطهيره من أدران مساوئ الأخلاق ..
قال مالك بن دينار: «عجبت ممن يحتمي من الطعام مخافة الداء، كيف لا يحتمي من الذنوب مخافة النار»!
وكتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز: «كن كالمداوي جرحه، يصبر على شدة الدواء مخافة طول البلاء».
أخي المريض: فلتقف على عتبة المحاسبة .. فإن للعافية جموحا ونفورا، إن لم تكبحه بلجام الشرع، وأدب الدين؛ نفرت نفورا نحو هوى النفس ورغائبها .. وكم في ذلك من شرور!
فحاسب نفسك - أيها العاقل - عسى أن تصيب لدائها دواء"
والنصيحة تكررت فى التوبة لله فمن يتوب من المؤكد أنه حاسب نفسها فوجدها مخطئة ولذا تاب أى رجع إلى الله وكرر نصيحة سابقة فقال :
" فرصة للمباردة إلى الطاعات ..
عجبا ممن أطلقته الأمراض من أسرها .. ثم لا يدعوه ذلك إلى الازدياد من الطاعات .. ومبادرة العمر بالصالحات!
فما أحوجك - أيها المسكين - إلى ذخر تقدمه بين يديك .. يوم لا ينفع إلا صالح الأعمال!
أخي المريض: إن المبادرة إلى الصالحات؛ فعل الألباء .. وديدن الصالحين .. فلا تخدعنك بشاشة العافية عن يوم عافيتك الحقيقي!
قال رسول الله «اغتنم خمسا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك، قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».
[رواه الحاكم/ صحيح الترغيب للألباني: 3355]
وقد كان الصالحون وهم في أشد كربات المرض؛ يبادرون إلى الطاعات .. ويسارعون إلى فعل الطاعات .. فحري بمن وجد حلاوة الصحة أن يكون أشد حرصا على عمل الطاعات .. والتزود من الصالحات ..
كان الجنيد يقرأ وقت خروج روحه، فيقال له: في هذا الوقت؟! فيقول: أبادر طي صحيفتي!
وقيل لحسان بن أبي سنان في مرضه: كيف تجدك؟ قال: بخير إن نجوت من النار! وقيل: فما تشتهي؟ قال: ليلة طويلة الطرفين أحيي ما بينهما!
فتأمل - وفقك الله - في همة هؤلاء الصالحين؛ صار حب الصالحات ديدنهم .. وسرور نفوسهم!
أخي المريض: فإياك والتفريط في ساعات العمر .. فإن الأيام وشيكة الانصرام .. وقد ذقت مرارة البلاء وأنت تعيش ساعات المرض .. فلا تبطرنك العافية؛ فتضيع ساعات عمرك في غير طاعة اللهتعالى!
وقد قال النبي «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس؛ الصحة، والفراغ» [رواه البخاري].
قال ابن الجوزي: «قد يكون الإنسان صحيحا، ولا يكون متفرغا؛ لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيا ولا يكون صحيحا، فإذا اجتمعا فغلب عليه الكسل عن الطاعة؛ فهو المغبون، وتمام ذلك؛ أن الدنيا مزرعة الآخرة، وفيها التجارة التي يظهر ربحها في الآخرة، فمن استعمل فراغه وصحته في طاعة الله؛ فهو المغبوط، ومن استعملها في معصية الله؛ فهو المغبون؛ لأن الفراغ يعقبه الشغل، والصحة يعقبها السقم ... ».
أخي المريض: فلتغتنم أيام الصحة والفراغ .. ولتجعلها موسما من مواسم الطاعات .. لا عرف الانقطاع .. فإن ساعات العمر أغلى من أن تضيعها في غير طاعة الله تعالى ..
واحرص على عمل الطاعات كحرصك على تحصيل الصحة أيام مرضك .. تفوز إن شاء بالعافية في الدين .. والسلام من كربات يوم الدين ..
وأخيرا: لا تخدعنك الدنيا:
أخي المريض: احذر بهرج الدنيا .. وزخرفها الكاذب .. فكم خدعت من مخدوع .. وكم أهلكت من مغبون!
ولكن فلتجعلها مطية تقودك إلى الآخرة .. ومزرعة تحصد ثمارها
غدا .. يوم لا بضاعة إلا العمل الصالح .. {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى * وامر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوى} [طه: 131، 132].
وقد قال رسول الله «الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر» [رواه مسلم].
أخي المريض: فإن من انقطع إلى الدنيا؛ شغلته عن الطاعات .. وأوقعته في الهلكات .. فتراه لاهثا خلف سرابها .. وطالبا لحطامها الرخيص!
فخذ - أيها العاقل - بالأحزم من أمرك .. واجعل الدنيا ميدانا تستبق فيه إلى الباقيات .. ومهلة تغتنم فيها الصالحات .. ولا تخدعنك فتوة الصحة؛ فتنغمس في الشهوات .. وتفني العمر في غير الطاعات!
* ثم ..
* لا تنس أن ساعات العمر قليلة وإن طالت ..
* وأن خير أيامك ما أودعته صالح الأعمال ..
* والخاسر الحقيقي من ضاعت أيام عمره في غير طاعة الله تعالى!
* وبضاعة الآخرة اليوم رخيصة .. وسيأتي يوم لا سبيل إلى تحصيلها!
* لا تجعل الدنيا غاية سعيك .. ولكن فلتجعلها جسرا تعبر به إلى النعيم الباقي.
* ومهما طلب الطالبون من عافية وصحة .. فلن يجدوا ألذ من العافية في الدين ..
* اليوم عمل .. وغدا يظهر الرابح من الخاسر ..
والحمد لله تعالى .. "
قطعا الطاعات نصيحة قالها أزهرى فى نصيحة الشكر فشكر الله هو طاعتة أحكامه فليس الشكر مجرد كلمتين كالحمد لله أو الشكر لله وإنما هى الطاعات بالأقوال وألأفعال