إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس
إفتح حسابك مع تيكيمل

نقد رسالة تفضيل البطن على الظهر

رضا البطاوى

عضو فعال
المشاركات
2,704
الإقامة
مصر

xm    xm

 

 

نقد رسالة تفضيل البطن على الظهر
الرسالة تأليف أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ وسبب تأليف الرسالة هو أن أحد الشباب أرسل له رسالة يذكر فيه تفضيله الظهور على البطون وطلب رأيه فكتب الجاحظ الرسالة ردا عليه حتى لا يظن أنه معه فى هذا التفضيل فقال :
"عصمنا الله وإيّاك من الشّبهة، وأعاذنا وإيّاك من زيغ الهوى، ومضلّات المنى، ووهب لنا ولك تأديبا مؤدّيا إلى الزّيادة في إحسانه، وتوفيقا موجبا لرحمته ورضوانه
وقد كان كتابك يا ابن أخي- وفّقك الله- ورد عليّ، تصف فيه فضيلة الظّهور وصفا يدلّ على شغفك بها، وحبّك إيّاها، وحنينك إليها وإيثارك لها، وفهمته فلم تمنع- أعاذك الله من عدوّك- من الإجابة عن كتابك في وقت وروده، إلا عوارض أشغال مانعة، وحوادث من التصرّف والانتقال من مكان إلى مكان عائقة ولم آمن أن لو تأخّر الجواب عليك أكثر ممّا تأخّر، أن يسبق إلى قلبك أنّي راض باختيارك، ومسلّم لمذهبك، وموافق لك فيه، مساعد لك عليه، ومنقاد معك فيما اعتقدت منه، ومجدّ في طلبه، ومحرّض عليه "
وقد بين الجاحظ أنه مخالف لمذهبه فى هذا التفضيل فقال :
فبادرت بكتابي هذا، منبّها لك من سنة رقدتك، وداعيا إلى رشدك فإنّك تعلم- وإن كنت لي في مذهبي مخالفا، وفي اعتقادي مباينا- أنّ اجتماع المتباينين فيما يقع بصلاحهما أولى في حكم العقل، وطريق المعرفة [منه] فيما أبادهما، وعاد بالضّرر في اختيارهما عليهما وأنا، وإن كنت كشفت لك قناع الخلاف، وأبديت مكنون الضّمير بالمضادّة، وجاهدتني بنصرة الرّأي والعقيدة في حبّ الظّهور، وتلفيق الفضائل لها، غير مستشعر لليأس من رجعتك، ولا شاكّ في لطائف حكمتك، وغوامض فطنتك"
وطلب الجاحظ من الشاب الخضوع للحجج وعدم الخضوع لهواه والانتصار له فقال :
"وقد أعلم أنّ معك- بحمد الله- بصيرة المعتبرين، وتمييز الموفّقين وأنّك إذا أنعمت فكرا وبحثا ونظرا، رجعت إلى أصل قويّ الانقياد والموافقة، ولم تتورّط في اللّجاج فعل المعجبين، ولم يتداخلك غرّة المنتحلين؛ فإنّا رأينا قوما انتحلوا الحكمة وليسوا من أهلها، بل هم أعلام الدّعوى، وحلفاء الجهالة، وأتباع الخطأ، وشيع الضّلالة، وخول النّقص، الذين قامت عليهم الحجّة بما نحلوه أنفسهم من اسمها، وسلبوه من فهم عظيم قدرها ومعرفة جليل خطرها، ولم يجلوا الرّين عن قلوبهم والصّدأ عن أسماعهم، بالتنقير والبحث والتكشّف، ولم ينصبوا في عقولهم لأنفسهم أصلاالهدى قلوبنا، ويؤلف فيه ذات بيننا، فإنّك ما علمت- وأتقلّد في ذلك أمانة القول- ممّن أحبّ موافقته ومخالطته، وأن يكون في فضله مقدّما، وعن كلّ عضيهة منزّهاوما أعلم حالا أنا عليها في الرّغبة لك فيما أرغب لنفسي فيه، والسّرور بتكامل أحوالك، واستواء مذهبك، وما أزابن به من إرشادك ونصيحتك، وتسديدك وتوفيقك، إلّا وصدق الطويّة منّي فيها أبلغ من إسهامي في فضل صفتها والله تعالى المعين والمؤيّد والموفّق، والمبدع، وحده لا شريك له والحمد لله، كما هو أهله، وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا"
استهل الجاحظ الرسالة بالقول أن الظهور مذمومة والبطون مطلوبة عند الله فغتيان الظهور هو فعل قوم لوط(ص) فقال :
"يا أخي- أرشدك الله- إنّك أغرقت في مدح الظّهر من الجهة التي كان ينبغي لك أن تذمّها، وقدّمتها من الجهة التي ينبغي لك أن تؤخّرها وآثرتها وهي محقوقة بأن ترفضها وما رأينا هلاك الأمم الخالية، من قوم لوط، وثمود وأشياعهم وأتباعهم، وحلول الخسف والرّجفة والآيات المثلات والعذاب الأليم والرّيح العقيم، والغير والنّكير ووجوب نار السّعير، إلّا بما دانوا به من اختيار الظّهور قال الله تعالى، في قصّة لوط: أَتَأْتُونَ الذُّكْرانَ مِنَ الْعالَمِينَ وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ فذمّهم الله- تبارك وتعالى- كما ترى، وبلغ بهم في ذكر ما استعظم من عتوّهم إلى غاية لا تدرك صفتها، ولا يوقف على حدّها مع آي كثيرة قد أنزلها فيهم، وقصص طويلة قد أنبأ بها عنهم،وسنأتي منها بما يقع به الكفاية دون استفراغ الجميع، مما حملته الرّواة، ونقله الصالحون"
وهذا الكلام هو خبل فالله لم يتكلم عن الظهور ولا عن البطون وإنما تكلم عن الزنى وزنى الرجال مع بعضهم ممكن من الخلف ومن الأمام حيث يجلس الرجل على أرجل الرجل وجها لوجه ويدخل قضيبه فى است الأخر
كما ان الجماع لم يحرمه الله من الخلف وهو الظهر إذا أدخل القضيب فى المهبل من الخلف ومن ثم فلا وجه لأفضلية هذا او ذاك وهو ما قاله فى رسالة الجوارى والغلمان :
" ومتى أردتها من قدّام أو خلف من حيث يحسن ويحلّ وجدت ذلك"
بل إن الجماع من البطن محرم ما دام زنى سواء كان بين رجل وامرأة أو بين امرأة وامرأة أو بين رجل ورجل فالعلة فى الحرمة ليست البطن او الظهر وإنما العلة ما حرمه الله وهو الزنى والإدخال فى الإست وما أباحه من جماع الزوجين مع الادخال فى المهبل
ثم قال الجاحظ مبينا ما ظنه صحة كلامه :
" والحقّ بيّن لمن التمسه، والمنهج واضح لمن أراد أن يسلكه وليس في العنود درك ولا مع الاعترام فلج والرّجوع إلى الحقّ خير من التّمادي في الباطل، وترك الذّنب أيسر من التماس الحجة، كما كان غضّ الطّرف أهون من الحنين إلى الشّهوة وبالله تعالى التوفيق"
ثم وضح الجاحظ ظنونه التى سماها فضائل البطون في القرآن والسنة والحكم فقال :
" نبدأ الآن بذكر ما خصّ الله به البطون من الفضائل، ليرجع راجع، وينيب منيب مفكّر، وينتبه راقد، ويبصر متحيّر، ويستغفر مذنب، ويستقيل مخطىء، وينزع مصرّ، ويستقيم عاند، ويتأمّل غمر، ويرشد غويّ، ويعلم جاهل، ويزداد عالم
قال الله عزّ وجل فيما وصف به النّحل: يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ
وبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم في خير بطون قريش"
ما قاله هنا ليس فيه تفضيل وإنما هو ذكر للحقيقة فلو اعتبرنا مجرد ذكر الكلمة تفضيل فهذا وهم لأنه ذكر الظهور فقال مثلا :
"وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه"
فهنا ركوب ظهور السفن والأنعام هو المباح بينما ركوب بطونها محرم للسفر
ولو اعتبرنا أن كثرة ذكر الكلمة دليل على التفضيل فالظهور أفضل لكونها اكثر ذكرا ولكن لا الكثرة ولا القلة ولا مجرد الذكر دليل على أفضلية الشىء
ومثلا لو اعتبرنا التحليل دليل أفضلية فلحم الظهر افضل من لحم البطن المحرم فى قوله تعالى :
"وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى ظفر من الإبل والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم"
ولكنه ليس دليل أفضلية
ثم قال الجاحظ :
"ووجدنا الأغلب في صفة الرجل أن يقال إنّه معروف بكذا مذ خرج من بطن أمّه، ولا يقال من ظهر أبيه"
والرجل يتعامل بكلام الناس تاركا كلام الله الذى ينسب الناس لظهور الآباء فى قوله تعالى :
"وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم"
ويستدل ايضا لكلام الناس على الأفضلية فيقول:
"ويقال في صفات النّساء: «قبّ البطون نواعم» ويقال: خمصانة البطن، ولا يقال: خمصانة الظّهر وبطن القرطاس خير من ظهره، وبطن الصّحيفة موضع النّفع منها لا ظهرها، وببطن القلم يكتب لا بظهره، وببطن السّكّين يقطع لا بظهرها"
والكلام هنا هو مجرد خبل فلو ذكرنا محاسن للبطن وهو الخمص فهناك مذمومات فى البطن كتدلى البطون وانتفاخها وهو المعروف بالكروش كما ان هناك تعبيرات مغايرة كاستقامة الظهر وهى ليست دليل أفضلية
ثم ذكر الجاحظ التالى:
"وخلق الله جلّ وعزّ آدم من طين، ونسله من بطن حوّاء"
وهو كلام يذكر نصف الحقيقة وهو أن البشر من ظهور الآباء كما قال تعالى "وإذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم"
ثم قال التالى :
"ورأينا أكثر المنافع من الأغذية في البطون لا في الظّهور؛ فبطون البقر أطيب من ظهورها، وبطن الشّاة كذلك"
والكلام هنا لا دليل عليه فأعضاء الجهاز الهضمى موجود كثير منها فى البطن والظهر معا كما ان حكاية تفضيل لحوم البطون يخالف أن البشر مختلفون فيما يفضلون كما قال تعالى " ونفضل بعضها على بعض فى الأكل "
ثم ذكر كلاما هو "ومن أفضل صفات عليّ رضي الله عنه أن كان أخمص بطينا
وأسمع من غنائهم:
بطني على بطنك يا جاريه لا نمطا نبغي ولا باريه
ولم يقل «ظهري على ظهرك» ، فجعل مماسّة البطن غانيا عن الوطاء، كافيا من الغطاء
ولو لم يكن في البطن من الفضيلة إلّا أنّ الوجه الحسن، والمنظر الأنيق من حيّزه، وفي الظهر من العيب، إلّا أنّ الدّبر في جانبه، لكان فيها أوضح الأدلة على كرم البطن ولؤم الظهر
ولم نرهم وصفوا الرجل بالفحولة والشّجاعة إلّا من تلقائه، وبالخبث والأبنة إلّا من ظهره
وإذا وصفوا الشّجاع قالوا: مرّ فلان قدما، وإذا وصفوا الجبان قالوا:
ولّى مدبرا"
وهى كلمات كلها ليست من كلام الله وإنما كلام بشرى يقال هو وعكسه وبعضه وهو وصف الظهر بالعيب واللؤم يخالف كلام الله وهو " الذى أحسن كل شىء خلقه"
والفحولة لو اعتبرناها من جانب البطن فعكسها القحولة نابعة هى الأخرى من نفس الجهة
وأما الشجاعة بالمعنى المعروف وهو المواجهة دون حساب للفائدة والضرر فمحرمة وإنما ذكر الجهاد والجهاد يحتاج للحيل فى النصر ولذا لم يعتبر الله المولون كلهم كفارا إلا المتحرف عن القتال وهو الهارب من الحرب أو المنحاز لفئة الكفار وأما المتولون وهم الهاربون لتنفيذ خطة ما أو للعودة للميدان من جانب أخر حسبما هداهم التفكير فليسوا بملوين وفى هذا قال تعالى "يا أيها الذين أمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير"
ثم قال الرجل فى فقرة انشائية:
"ولشتّان بين الوصفين: بين من يلقى الحرب بوجهه وبين من يلقاه بقفاه، وبين الناكح والمنكوح، والراكب والمركوب، والفاعل والمفعول، والآتي والمأتيّ، والأسفل والأعلى، والزائر والمزور، والقاهر والمقهور الأصفر، والياقوت الأحمر، والزّمرّد الأخضر، والمسك والعنبر والعقيان واللّجين، والزّرنيخ والزّئبق، والحديد والبورق، والنّفط والقار، وصنوف الأحجار، وجميع منافع العالم وأدواتهم وآلاتهم، لحربهم وسلمهم، وزرعهم وضرعهم، ومنافعهم ومرافقهم ومصالحهم، وسائر ما يأكلونه ويشربونه، ويلبسونه ويشمّونه، وينتفعون برائحته وطعمه، ودائع في بطون الأرض، وإنّما يستنبط منها استنباطا، ويستخرج منها استخراجا، وإنّ على ظهرها الهوامّ القاتلة، والسّباع العادية التي في أصغرها تلف النفوس ودواعي الفناء وعوارض البلاء، وأنّه قل ما يمشي على ظهرها من دابّة، إلّا وهو للمرء عدوّ، وللموت رسول، وعلى الهلكة دليل- لم يمتنع [في] عقولنا، وآرائنا ومعرفتنا من الإقرار بتفضيل البطن على الظهر في كلّ وقت، وعلى كلّ حال"
والكلام هنا هو رص أى جمل بجانب بعضها دون عقل فمثلا الراكب والمركوب يتغايران فقد يكون الرجل أعلى وقد تكون المرأة أعلى على حسب مطالب الشهوة فى الجماع الزوجى فكيف نقول بأفضلية الراكب أو المركوب ومثلهما ألأعلى والأسفل ومثلا قال أن على ظهرها الهوامّ القاتلة، والسّباع العادية ولم يذكر الأنعام النافعة والنحل الذى فيه عسله شفاء للناس والكلاب الحارسة الوفية والخيل والحمير والبغال الناقعة للبشر
ثم قال الرجل :
"ومن فضيلة البطن على الظّهر أنّ أحدا إن ابتلي فيه بداء كان مستورا، وإن شاء أن يكتمه كتمه عن أهله، ومن لا ينطوي عنه شيء من أمره، وغابر دهره ومن بليّة الظّهر أنّه إن كان داء ظهر وبان، مثل الجرب والسّلع والخنازير وما أشبهها، مما سلمت منه البطون وجعل خاصّا في الظّهور"
وهو كلام مكتوب لاضلال الناس فالأمراض تظهر على البطن كما تظهر على الظهر فانتفاخ البطون المسمى الكروش وانتفاخ البطون من مرض كالفيروس الكبدى الوبائى ظاهر والفتاق وهو انتفاه وخروج بعض عروق البطن معروف ويرتدون الأحزمة لإخفائه والعلاج كما يرتدونه فى أمراض الظهر
ثم تكلم عن تحريم الله اتيان النساء من دبرهن فقال :
وفضّل الله تعالى البطون بأن جعل إتيان النساء، وطلب الولد، والتماس الكثرة مباحا من تلقائها، محرّما في المحاشّ من ورائها، لأنّه حرام على الأمّة إتيان النساء في أدبارهنّ، لما جاء في الحديث عن الصادق صلى الله عليه وسلم: «لا تأتوا النّساء في محاشّهنّ» وجعل الله تعالى البطن وعاء لخير خلقه محمد صلى الله عليه وسلم، ثم جعل أوّل دلائل نبوّته أن أهبط إليه ملكا حين أيفع، وهو يدرج مع غلمان الحيّ في *****، وهو مسترضع في بني سعد، حين شقّ عن بطنه، ثم استخرج قلبه فحشي نورا، ثم ختم بخاتم النبوّة ولم يكن ذلك من قبل الظّهر"
الله لم يقل أنه جعل إتيان النساء من جهة البطن كما قال الجاحظ وإنما قال" فأتوهن من حيث أمركم الله" فالمأتى وهو المهبل يكون من الأمام كما يكون من الخلف
والرجل يناقض نفسه فى الأفضلية فيذكر شق البطن مع أن معظم الروايات وكلها باطلة تذكر شق الصدر ولا يذكر ان ختم النبوة وهو الأخر رواياته باطلة كان فى الظهر بين الكتفين فى معظم الروايات فكلاهما آيات أى معجزات مرئية وهو ما منعه الله عن نبيه(ص) ومن بعده فقال :
"وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون"
ثم ذكر كلاما كرره فيما سبق عن أفضلية لحوم البطن فقال :
"فصل منه: وممّا فضلت به البطون: أنّ لحم السّرّة من الشاة أطيب اللحم، ولحم السّرّة من السّمك الموصوف، وسرّة حمار الوحش شفاء يتداوى بها، ومن سرّة الظّباء يستخرج المسك وهذا كلّه خاصّ للبطون ليس للظّهور منه شيء"
وسبق مناقشة هذا الكلام
ثم قال :
"وبدأ الله عزّ وجل في ذكر الفواحش بما ظهر منها، ولم يبدأه بما بطن فقال: إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ فجعله ابتداء في الذم"
هنا جعل الرجل الأولية ذم للظهر مع أن البطن معه وهو منطق مغلوط فلا الأولية ولا الأخروية فى الكلام دليل تفضيل بدليل قوله تعالى عن نفسه "هو الأول والأخر والظاهر والباطن" فهنا ذكر الظاهر اولا وكلاهما مدح لنفسه فلو كان الظاهر مذموما فقد ذم الله نفسه حسب قول الكتاب وهو ما لا يقوله مسلم
ثم قال "والظّهر في أكثر أحواله سمج، والبطن في أكثر أحواله حسن والظّهر في كلّ الأوقات وحشة ووحش، والبطن في كلّ الأوقات سكن وأنس"
كلام بلا دليل
ثم تحدث عن محاسن المرأة من جهة البطن لا الظهر فقال :
"ولم نرهم حين بالغوا في صفات النّساء بدأوا بذكرها إلّا من جهة البطن فقالوا: مدمجة الخصر،! لذيذة العناق، طيّبة النّكهة، حلوة العينين، ساحرة الطّرف، كأنّ سرّتها مدهن، وكأنّ فاها خاتم، وكأنّ ثدييها حقّان، وكأنّ عنقها إبريق فضّة وليس للظهور في شيء من تلك الصّفات حظّ"
الاستدلال بكلام البشر خطأ فلا قيمة له فالقيمة لكلام الله وحكاية جمال المرأة تعود لنفوس الرجال وليس لجسد المرأة فقد يحكم جمع كبير من البشر على أن فلانة قبيحة المنظر ومع هذا نجد واحد من الرجال يقول أنها أجمل النساء ويتزوجها
ثم قال عن حد الزاني واللوطي:
" معايب الظهور وإن اجتهدنا وبالغنا ألا ترى أنّ حدّ الزّاني ثمانون جلدة ما لم يكن محصنا، وحدّ اللّوطيّ أن يحرق وكلاهما فجور ورجاسة، وإثم ونجاسة إلّا أنّ أيسر المكروهين أحقّ بأن يميل إليه من ابتلي، وخير الشّرّين أحسن في الوصف من شرّ الشّرّين
ولو أنّا رأينا رجلا في سوق من أسواق المسلمين يقبّل امرأة فسألناه عن ذلك، فقال: امرأتي وسألوها فقالت: زوجي- لدرأنا عنهما الحدّ، لأنّ هذا حكم الإسلام ولو رأيناه يقبّل غلاما لأدّبناه وحبسناه؛ لأنّ الحكم في هذا غير الحكم في ذاك
ألا ترى أنّه ليس يمتنع في العقول والمعرفة أن يقبل الرجل في حبّ ما ملكت يمينه حتّى يقبّلها في الملا كما يقبّلها في الخلا، يصدق ذلك حديث ابن عمر: «وقعت في يدي جارية يوم جلولاء كأنّ عنقها إبريق فضّة فما صبرت حتّى قبّلتها والنّاس ينظرون»
الكلام هنا يخالف كلام الله فحد الرجال الزناة ببعضهما ليس حرقا ولا رجما لأن الله جعل لهما توبة والتوبة تتطلب حياة والعقاب هو إيذاء الرجلين وهو جلدهما والإعراض عنهما أى ترك ايذاءهما طالما امتنعا عن الزنى ببعضهما كما قال تعالى :
"واللذان يأتيانها منكم فأذوهما فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما إن الله كان توابا رحيما"
كما ان الجاحظ فى رسالة الجوارى والغلمان أنه يرمى من فوق المئذنة أو يعدم فوقع حائط حيث روى التالى:
" وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنّه أتي بلوطيّ، فأصعد المئذنة ثم رمي منكّسا على رأسه، وقال: «هكذا يرمى به في نار جهنّم» .
وحدّث عن أبي بكر، رضي الله عنه، أنّه أتي بلوطيّ فعرقب عليه حائطا."
والغريب هو الاستدلال بالقبلة فى الأماكن العامة على قبول المجتمع تقبيل الرجل زوجته أو ملك يمينه المزعوم الذى لا وجود له فى الإسلام فى الأماكن العامة وتحريم تقبيل الرجل للرجل وهو كلام جنونى لأن التقبيل الشهوانى فى الأماكن العامة ولو بين الأزواج محرم ومن يفعله منهم فقد استوجب العقاب لأنه حدد مكان الجماع ومنه التقبيل فقال :
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض" وقال :
"وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستئذنوا كما استئذن الذين من قبلهم"
ثم ذكر الجاحظ تفضيل الظهر على البطن فقال:
"فصل منه: وقد رأيت منك أيّها الرّجل إفراطك في وصف فضيلة الظّهور، وفي محلّ الرّيبة وقعت، لأنّا روينا عن عمر أنّه قال: «من أظهر لنا خيرا ظننّا به خيرا، ومن أظهر لنا شرّا ظننا به شرّا»
وإنّما يصف فضل الظّهر من كان مغرما بحبّ الظهور، وإلى ركوبه صبّا، وبالنّوم عليه مستهترا، وبالولوع بطلبه موكّلا، ومن كان للحلال مباينا، ولسبيله مفارقا، ولأهله قاليا، وللحرام معاودا،نفيسا، والمحمود مذموما، والمعروف منكرا، والمؤخّر مقدّما والمقدّم مؤخّرا، والحلال حراما، والحرام حلالا، والبدعة سنّة، والسّنّة بدعة، والحظر إطلاقا، والإتلاق حظرا، والحقيقة شبهة والشّبهة حقيقة، والشّين زينا والزّين شينا، والزّجر أمرا والأمر زجرا، والوهم أصلا والأصل وهما، والعلم جهلا والجهل فضلا- إلى أن أدخلنا عليك الظّنّ، وألحقناك التّهمة، ونسبناك إلى غير أصلك، ونحلناك غير عقيدتك، وقضينا عليك بغير مذهبك و «يداك أوكنا، وفاك نفخ» فلا يبعد الله غيرك! أوجدنا أيّها الضالّ المضلّ، المغلوب على رأيه، المسلوب فهمه، المولّي على تمييزه، النّاكص على عقبه في اختياره، المفارق لأصل عقده، المدبر بعد الإقبال في معرفته، السّاقط بعد الهوى في ورطته، المتخلّي من فهمه، الغنيّ عن إفهامه، المضيّع لحكمته، المنزوع عقله، المختلس لبّه، المستطار جنانه، المعدوم بيانه، في الظّهور بعد الفضائل التي أوجدناكها في البطون، إمّا قياسا، وإمّا اختيارا، وإمّا ضرورة، وإما اختبارا وإمّا اكتسابا، أو في كتاب منزل، أو سنّة مأثورة، أو عادة محمودة، أو صلاح على خير أم هل لك في مقالتك في إمام تأتمّ به، أو أستاذ تقتفي أثره، وتهتدي بهداه، وتسلك سننه"
هنا عاد الجاحظ إلى تذكير الرجل بما يظن أنه خطأ وهو تفضيل الظهور على البطون والغريب هو أن الكتاب يتعمد الا يذكر أى شىء يذك البطن حتى ولو كان موجودا فى روايات أو غيرها فمثلا رواية تحريم النوم على البطون حيث قيل عنها "إنها ضجعة أهل النار"و"هذه ضجعة لا يحبها الله"
ثم حاول الجاحظ كما يزعم الكتاب نصخ الرجل والتماس العذر له فقال :
"فصل منه: وقد حضّتني عليك عند انتهائي إلى هذا الموضع رقّة، وتداخلتني لك رحمة، ووجدت لك بقيّة في نفسي؛ لأنّه إنّما يرحم أهل البلاءوالحمد لله الذي عافانا مما ابتلاك به، وفضّلنا على كثير من خلقه تفضيلا ورجوت أن تنيب وترجع بعد الجماح واللّجاج، فإنّ للجواد استقلالا بعد الكبوة، وللشّجاع كرّة بعد الكشفة، وللحليم عطفة بعد النّبوة
وأنا أقول: جعلنا الله وإيّاك ممن أبصر رشده، وعرف حظّه، وآثر الإنصاف واستعمله، ورفض الهوى واطّرحه؛ فإنّ الله تعالى لم يبتل بالهوى إلّا من أضلّه، ولم يبعد إلّا من استبعده"
ثم ذكر الجاحظ فصل في ذم اللواط فقال:
"والذي يدل على ان هذه الشهوة معيبة في نفسها، قبيحة في عينها، ان الله تعالى وعز لم يعوض في الآخرة بشهوة الولدان من ترك لوجهه في الدنيا شهوة الغلمان كما سقى في الآخرة الخمر من تركها له في الدنيا، ثم مدح خمر الجنة بأقصر الكلام، فنظم به جميع المعاني المكروهة في خمر الدنيا فقال: لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ كأنه تبارك وتعالى قال: لا سكر فيها ولا خمار
وفي اكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء انقطاع النسل، وفي انقطاع النسل بطلان جميع الدين والدنيا وغشيان الرجل الرجل والمرأة المرأة من المنكوس المعكوس، ومن المبدل المقلوب؛ لأن الله جل ذكره انما خلق الذكر للانثى، وجعل بينهما اسباب التحاب وعلائق الشركة، وعلل المشاكلة وجعل الذكر طبقا للانثى، وجعل الانثى سكنا للرجل فقلب هؤلاء الأمر وعكسوه، واستقبلوا من اختار الله لهم بالرد والزهد فيه"

وهذا الفقرة الأخيرة أحسن فيها الجاحظ من خلال بيان معايب زنى الرجال ببعضهم والمسمى خطأ اللواط فلوط(ص) لم يفعله حتى ينسب إليه وإنما كان الرجل ناهيا عنه مدبرا عنه
 
عودة
أعلى