رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نقد رباعيات أى كفريات الخيام
مؤلف الرباعيات غياث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام (المتوفى: 515هـ) والمفروض أن يكون الكافر بالدين أبو الخمر عمر المخمور وقد ترجمها نظما عن اللغة الفارسية الشاعر أحمد الصافي النجفي
بداية أى ترجمة للشعر من لغة إلى لغة أخرى لابد أن تفقده بعضا من المعانى التى قصدها الشاعر فى لغته الأصلية وقد نجح الصافى النجفى فى ترجمته فلم يشعرنا أن ما قاله الخيام ليس شعرا كما فى ترجمات أخرى لأشعار تمت ترجمتها نثرا ففقدت جمال الشعر
الرباعيات تذكرنا بشعراء الخمور فى التراث وحتى فى الحداثة فكثير من معانى الخيام سبق وأن قالها أبو محجن الثقفى وأبو نواس وغيرهم وأخذ إيليا أبو ماضى منها معانى كثيرة خاصة قصيدة الطلاسم أو لست أدرى
الخيام أى المخمور أى الخمورجى تقوم رباعياته على الأسس التالية كمعانى :
-الخمر هى لذته وراحته
-لا بعث ولا حياة بعد الموت ولا جنة ولا نار
-كل الناس جهلة فى دنياهم
- الله إن كان موجودا سيغفر للخيام وأمثاله
- ان كل ذرة فى الوجود دخلت فى مخلوقات كثيرة فهى مرة جزء من إنسان أو جزء من شمس او جزء من كأس خمر ...
الرباعيات عبارة عن قصائد أو قل قصيدة واحدة كل مجموعة منها تنتهى بحرف من حروف الهجاء على حسب الترتيب التعليمى
وسوف نتناول المعانى التى صاغها المخمور الكافر فى تلك الرباعيات وهى :
-الخمر هى لذته وراحته:
النصوص واضحة ولا تحتاج لتعليق ولكننى سوف أشير إلى بعض الأمور مثل الأبيات :
"وإذا مت فاجعلوا الراح غسلي ... ومن الكرم فاصنعوا تابوتي
أو مر مخمور على قبري انتشا ... منها وأفقده النهى تأثيرها
وإذا لم أكن بأهل سقاني ... فوق قدري بعادة الإكرام غسلوني
بالراح بعد المنون ... واذكروها والكأس في تلقيني"
إن مت فاكتموا رفاتي واجعلوا ... آخر أمري عظة بين الملا
وبالطلا امزجوا ثراي واصنعوا ... من طينه غطاء راقود الطلا
هذه الأبيات تذكرنا بقول أبى محجن الثقفى:
إذا مت فادفنى إلى جنب كرمة تروى عظامى بعد موتى عروقها
ولا تدفننى بالفلاة فإننى أخاف إذا ما مت ألا أذوقها "
وأما قوله :
كيف أرجو من بعد برءا لدائي ... وطبيبي أضحى يعاني السقاما
فهو يذكرنا بقول أبى فراس:
دع عنك لومى فإن اللوم إغراء وداونى بالتى كانت هى الداء"
والرجل يسخر من نصح المسلمين ويقول :
يقول المتقون غدا ستحيى ... على ما كنت في هذي الحياة
إلى الحان أغدو كل يوم مبكرا ... وأصحب فيه ثم أهل الخلاعات
كن كالشقائق ممسكا كأسا لدى الن ... يروز مع وردية الوجنات"
وهو يصاحب الكفار المجوس فى الخمر فيقول:
نعم أنا من راح المجوس بنشوة ... وصب خليع لم أزل مدمن الراح
يرى كل حزب في رأيا ومذهبا ... وإني لنفسي كيفما كنت يا صاح
وهو يفترى على الله فيزعم أن مليك أى ملاك النهار يدعوهم لشرب الخمر فيقول:
دعى للصبوح مليك النهار ... ولاح سنا الفجر فوق السطوح
ونادى منادي الألى بكروا ... ألا فاشربوا آن وقت الصبوح
ألفجر لاح فقم لنا يا صاح ... واملأ زجاجك من عقيق الراح
وعاقر الراح ونل أقصى المنى ... فالعمر ما أقصره كما اتضح
إشرب الراح فهي روح الروح ... بلسم النفس والحشا المجروح
وإذا ما دهاك طوفان هم ... فانج فيها فذي سفينة نوح
فقم واحسها فالشهر كم بعد سلخه ... إلى غرة يمضي ومنها إلى سلخ
لثمت من جرة الصهباء مرشفها ... حرصا لأسأل منها عيشة الأبد
فقابلت شفتي باللثم قائلة ... سرا ألا اشرب فإما رحت لم تعد
أترع كئوسك فالصباح قد انجلى ... راحا لها يغدو العقيق حسودا
وهلم بالعودين واكتمل الهنا ... وقع على عود وأحرق عودا
إرتشفها فذا لعمري الخلود ... فيه تمتاز للشباب عهود
لا تعن فيما لم يرد وما مضى ... واشرب لئلا يذهب العمر سدى"
وهو لا يهمه صوم رمضان فهو يشرب الخمر فى أى وقت كما قال :
"قد قيل لي رمضان جاء فسوف لا ... تسطيع رشفا لابنة العنقود
فسأحتسي بختام شعبان الطلا ... علا لتصرعني ليوم العيد
خذ بالسرور فكم بفكرك فكروا ... بالأمس دون بلوغ أدنى مقصد
وانعم فإنهم بأمس قرروا ... لك دون أن تدعوهم أمر الغد
يا من تولد من سبع وأربعة ... وراح منها يعاني سعي مجتهد"
وهو لا يرى الحياة بدون شرب الخمر فهى لذته فى الدنيا فى أقواله:
لا عيش لي بسوى صافي المدام ولا ... أطيق حملا بدون الراح للجسد
ما أطيب السكر والساقي يناولني ... كأسا وتعجز عن أخذ الكؤوس يدي
ألا اشرب فعمر سوف يعقبه الردى ... حقيق بأن تقضيه بالنوم والسكر
مذ ازدهرت بالبدر والزهرة السما ... إلى الآن لم يوجد ألذ من الخمر
فيا عجبي من بائع الراح هل يرى ... أعز من الصهباء إن باعها يشري
واجرع بدورك صابرا كأس الردى ... فالكل سوف يذوقها في دوره
لأرتشف المدامة أي وقت ... وإن يك أشرف الأوقات قدرا"
وهو يسخر من الله والمؤمنين طالبا ألا يحول الله العنب خمرا بقوله:
"ملأت الدن من عنب حلال ... فقل لله لا يجعله خمرا
أيا فلكا يجري ببؤسي خلني ... فلست حريا أن تسومني الأسرا
مررت بمعمل الخزاف يوما ... وكان يجد في العمل الخطير
ويصنع للجرار عرى ثراها ... يد الشحاذ أو رأس الأمير
عاطني الراح فهي قوت لنفسي ... واسقنيها وإن تزد في خماري
فعلى ذكرها أدر لي كأسا ... إن نقدا من ألف دين لأجدر
متى اقتلعت كف المنية دوحتي ... وعدت لدى أقدامها أتعفر
لم يبق مني في الدنيا سوى رمق وليس في اليد من صحبي سوى الكدر
لم يبق لي من طلا أمس سوى قدح ... ولست أعلم ما الباقي من العمر
دخلت في الحان نشوانا وكان به ... شيخ على متنه كوز وقد سكرا
الراح أطيب لي من ملك طوس ومن سرير كسرى وتخت الملك قابوس"
وهو يرى أن السحر خير من التقوى فيقول:
وإنما أنة السكير في سحر ... خير من الزهد والتقوى بتدليس"
كما أنه سيبيع سجادة الصلاة ليشترى خمرا وهو سيشربها حتى فى المسجد الأقصى فى قوله:
"ودعنا نبع بالكأس سجادة التقى ... ونكسر فوق الصخر قارورة القدس
لا تؤذ خلق الله أو تغتبهم ... وأنا الضمين غدا فهات الكاسا
يا خمر ما أحلاك وسط زجاجة ... تالله أنت عقال عقل الحاسي
لا تمهلين من احتساك هنيهة ... حتى تبيني كنهه للناس لو تسقي الطود لاعتراه الرقص ... من ينتقص الراح ففيه النقص
حتى م تقول لي عن الراح فتب ... هذي روح بها يربى الشخص
قم نصطبحها خمرة وردية ... في رنة العود وصوت المعزف"
وهو يشربها يوم العيد فى قوله:
أصح فأيام التراويح انقضت ... واليوم عيد فلنسر للقرقف
إن من لازموا المحاريب ليلا ... والألى عاقروا كؤوس الرحيق
غرق الكل ما بهم قط ناج ... وغفوا كلهم فما من مفيق"
وهو يطلب ان تتحول كلل المحرمات لخمر يشربها فيقول:
يا ليت كل حرام مسكر لأرى ... في الكون كل فتى من ذنبه ثملا
عش وابنة الكرم في هناء ... واشرب ودع باطل الخيال
فالبنت مهما تكن حراما ... أطيب من أمها الحلال
خيام طب إن نلت نشوة قرقف ... وحباك وردي الخدود وصالا
إذا نلت رطلي قرقف فاحس جامها ... بكل اجتماع راق أو محفل حالي"
ويبدو ان القوم نتيجة فجره بالشرب ضيقوا عليه ولذا فهو يطلب شربها فى الخفاء قائلا:
إن تشرب الراح فاشرب مع ذوي أدب ... أو ذي جمال صقيل الخد مبتسم
ودع تعاطيها بين الملا علنا ... واشرب خفاء ولا تكثر ولا تدم"
ويدعو المخمور الله كى يديم له نشوة الخمر فيقول:
ربي افتح لي باب رزق وأرسل ... لي قوتي من دون من الأنام
وأدم نشوة الطلا لي حتى ... تذهلني ما عشت عن آلامي
إني وإن ذقت الغرام وقل لي ... من مبهم الأسرار ما لم يفهم
فاليوم حين فتحت عين بصيرتي ... أصبحت أعلم أنني لم أعلم غن فالكون من ثرى وهواء ... كل أنفاسنا فجئ بالمدام
إن ظبيا به استهام فؤادي ... عاد صبا بشادن مستهاما
إن رآني الساقي لجدواه أهلا ... عمني في فواضل الإنعام
أنا شربت وتبدي أنت عربدة ... ليت الثرى بفمي، هل كنت نشوانا؟
لو كنت رب اختيار ما أتيت إلى ال ... دنيا ولم أرتحل عنها ولم أبن "
وهو يرى أن شرب الخمر أفضل من التقوى فيقول:
لئن تغد من عطر الحميا بنشوة ... يكن لك خيرا من غرورك بالتقوى
كما يرى أن الجهل بالعلوم الشرل أفضل منهم بقوله:
دع عنك درس العلوم أجمعها ... واشف بأصداغ شادن سقمك
واهرق بكاس دم الزجاج وطب ... من قبل أن يهرق الزمان دمك"
وهو يعلن أنه لن يتوب من شرب الخمر أبدا وإن قال أنه يتوب فهى مزحة بقوله:
كرر الرجل كفره بالبعث وحجته أن من ماتوا لم يعد أحدا منهم للحياة ومن أقواله :
رأيت في حانة شيخا فقلت له: ... " ألا تخبرنا عمن مضوا خبرا "
قال: " ارتشفها فكم أمثالنا رحلوا ... ولم يعودوا ولم نشهد لهم أثرا
اشرب فكم لك قد كررت موعظتي ... إن رحت رحت ولم ترجع ولم تعد
وهو يرى أن نهاية الحياة هى الفناء بقوله:
إن كان عاقبة الوجود هي الفنا ... فافرض فناك وعش سعيدا بالا
إن كنت لا تفنى سوى مرة ... فافن ودع هذا الأسى والشقاء"
وهو يرى أن الخمر هى التى ستحييه إن كان هناك بعث فيقول:
تصنعوا طيني سوى كوز قرقف ... عسى يمتلي بالراح يوما فأنشر
وهو يرى أن البعث ممكن لو كان الإنسان عسجد أى ذهب فيقول:
فلست يا هذا الغبي عسجدا ... حتى توارى في الثرى وتخرجا
رغم كفره بالبعث فيما سبق فهو يعلن جهله بكل شىء حتى بعد الموت فيقول أقوالا عدة منها :
"فيا عالم الأسرار هبني هداية ... ورشدا لأغدو للدعا والمناجاة
لا تحسبني جئت من نفسي ولا ... قطعت وحدي ذا الطريق المعنتا
إن يك منه جوهري ومنشئي ... فمن أنا وأين كنت ومتى
بادر فسوف تعود أدراج الفنا ... وستترك الجثمان منك الروح
واشرب وعش جذلا فلست بعالم ... من أين جئت وأين بعد تروح
إن هذي الدنيا أساطير وهم ... وخيال والعمر كالريح ساري
رأيت في السوق خزافا غدا دئبا ... يدوس في الطين ركلا غير ذي حذر
والطين يدعو لسان الحال منه ألا ... قد كنت مثلك فارفق بي ولا تجر
قيل خلد غدا وحور وكوثر ... أنهر من طلا وشهد وسكر
ألبحث في الدهر لم يثمر لنا ثمرا ... فما نحاه امرؤ بالحكمة اتصفا
كل امرئ هز غصنا منه مضطربا ... اليوم كالأمس والآتي كما سلفا
يد لي في جام وأخرى بمصحف ... وطورا أنا الجاني وطورا أنا العف
أعيش وما لي تحت ذا الأفق مبدأ ... فلا مسلم محض ولا كافر صرف
لا تحسبني جئت من نفسي ولا ... قطعت وحدي ذا الطريق المعنتا
إن يك منه جوهري ومنشئي ... فمن أنا وأين كنت ومتى بادر
فسوف تعود أدراج الفنا ... وستترك الجثمان منك الروح
واشرب وعش جذلا فلست بعالم ... من أين جئت وأين بعد تروح
للصوم والصلوات ملت تنسكا ... فتيقنت نفسي غدا بنجاحي
أسفا فقد نقد الوضوء بنسمة ... والصوم زال بنصف جرعة راح
إشرب الراح فهي روح الروح ... بلسم النفس والحشا المجروح
وإذا ما دهاك طوفان هم ... فانج فيها فذي سفينة نوح
ليس يدري سر الوجود ابن أنثى ... وبتكوينه تحار العقول
ما أرى للفتى سوى الرمس مثوى ... وهو لهفي حكاية ستطول
خيام طب إن نلت نشوة قرقف ... وحباك وردي الخدود وصالا
إذا نلت رطلي قرقف فاحس جامها ... بكل اجتماع راق أو محفل حالي
فما يعتني باري الوجود بشارب ... لمثلك أو يهتم في ذقن أمثالي
دع الماضي وما سيجيء وانعم ... وطب نفسا بكاسات الشمول
وأنفسنا معارات فأطلق ... سراح النفس من قيد العقول
إن رآني الساقي لجدواه أهلا ... عمني في فواضل الإنعام
وإذا لم أكن بأهل سقاني ... فوق قدري بعادة الإكرام
سر الحياة لو أنه يبدو لنا ... لبدا لنا سر الممات المبهم
لم تعلمن وأنت حي سرها ... فغدا إذا مت ماذا تعلم؟"
وقد أخذ إيليا أبو ماضى بعض هذه المعانى ووضعها فى قصيدة الطلاسم الشهيرة بلست أدرى ومنها :
جئتُ لا أَعلَمُ مِن أَين وَلَكِنّي أَتَيتُ
وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقاً فَمَشَيتُ
وَسَأَبقى ماشِياً إِن شِئتُ هَذا أَم أَبَيتُ
كَيفَ جِئتُ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي لَستُ أَدري
أَجَديدٌ أَم قَديمٌ أَنا في هَذا الوُجود
هَل أَنا حُرٌّ طَليقٌ أَمأَسيرٌ في قُيود
هَل أَنا قائِدُ نَفسي في حَياتي أَم مَقود
أَتَمَنّى أَنَّني أَدري وَلَكِن لَستُ أَدري
-نسبة الآثام لله وعدم مسئولية الإنسان وعدم عقابه :
المخمور يعلن أن الذنوب هى فهل الله وليس فعل الإنسان ومن ثم فمن الظلم العقاب عليها وهو يقول هذا فى اقوال كثيرة منها :
"علام تأسى للذنب يا عمر ... ماذا تفيد الهموم والفكر
لا عفو عمن لم يجن معصية ... العفو عمن عصى فما الحذر
إن ديني الهنا ورشف الحميا ... وابتعادي عن كل دين وكفر
فما يعتني باري الوجود بشارب ... لمثلك أو يهتم في ذقن أمثالي
إن تجد لي بالعفو لم أخش ذنبا ... أو تهب لي زادا أمنت العناء
أو تبيض بالعفو وجهي فإني ... لست أخشى صحيفتي السوداء
إلهي قل لي من خلا من خطيئة ... وكيف ترى عاش البريء من الذنب
إذا كنت تجزي الذنب مني بمثله ... فما الفرق ما بيني وبينك يا ربي قالوا سيقبل منك ربك توبة ... لا الله قابلها ولا أنا تائب
لا تتب قط عن الراح فكم ... توبة منها يتوب التائب
قد شدا البلبل والورد رها ... أبذا الوقت يتوب الشارب؟
ألقيت في كل منهج شركا ... وقلت من يحظ خطوة هلكا
بالذنب أغريتني وتنسب لي ... ذنبا وكل الأحكام في يدكا
قم ودع هم عالم سوف يفنى ... واغتنم لحظة السرور لديكا
إشرب فكم ستنام في قعر الثرى ... يا صاح دون حليلة وخليل
لا تفش ذا السر الخفي لدى امرئ ... لن تزهو الأزهار بعد ذبول
إن لم يكن ربي قد شاء ما ... شئت فهل يمكنني فعله
فإن يكن شاء صوابا فما ... شئت سواه خطاء كله
أليوم ما لك في أمر الغداة يد ... وليس فكر غد إلا من الخبل
أنت أبدعتني من الماء والط؟ ... ين كما قد نسجت ألياف جسمي
كل شر مني يلوح وخير ... أنت قدرته فما هو جرمي
تارك الراح لا تذم السكارى ... إن أوفق أتب ويمحى الأثام
حل فكري في الكون كل معمى ... من حضيض الثرى لأوج النجوم
قد تبينت كل مكر ومر ... فيه إلا سر الردى المحتوم
أنا لست أقنط من خالق ... رحيم لعبء ذنوبي الجسام
إذا اليوم مت صريع الطلا ... سيعفو غدا عن رميم العظام
لم تقل لي ما قلت إلا لحقد ... زاعما أنني بلا إسلام
أنا أقررت بالذي قلت لكن ... أنت أهل لمثل هذا الكلام؟
يا من غدوت لجوكان القضا كرة ... سر كيف شاء ولا تنبس ببنت فم
فمن رمى بك في الميدان مضطربا ... أدرى وأعلم ما يجري من القدم
إن القضاء لأمر لا يرد وما ... نصيب ذي الهم إلا السقم والألم
إن تقض عمرك مهموم الفؤاد فلن ... تزيد شيئا على ما خطه القلم
لي نقدا ساق وعود وروض ... ولك الوعد في غد بالنعيم
صياد ذا الدهر ألقى الحب في شرك ... فصاد صيدا وقد سماه إنسانا
فكل خير وشر منه قد نشآ ... وراح يعزو لهذا الخلق عصيانا
لا تؤمل ما فوق ستين حولا ... لك عمرا ولازم السكر واهنا
والزم الدن والكؤوس مداما ... قبل أن يصنعوا رفاتك دنا
قد كان يدري الله كل فعالنا ... من يوم صور طيننا وبرانا
لم نرتكب ذنبا بدون قضائه ... فإذن لماذا ندخل النيرانا؟
-المخمور يظن أن الله رحيم بالمصرين على الذنوب وهو سيدخلهم الجنة ويرحمهم إن كان هناك جنان أو نار فيقول :
يا من يفكر ليله ونهاره ... بالعيش هلا خفت يوم رداكا
ارجع لنفسك واصح وانظر لحظة ... فعل الزمان وصنعه بسواكا
أنا عبدك العاصي فأين رضاكا ... ولقد دعى قلبي فأين سناكا
إن كنت تمنحنا الجنان بطاعة ... يك ذا لنا بيعا فأين عطاكا
أيا من أتى بي للوجود بقدرة ... وربيت في نعمائه أتدلل
سأمتحن العصيان مائة حجة ... لأعلم ذنبي أم سماحك أجزل
ثوب قدسي خلعته فوق دن ... وتيممت في ثرى الحان حرما
دع حديث الجنان والنار من جا ... ء من الخلد أو مضى للجحيم؟
إن كان أهل الحب والراح في ... لظى فلن تلقى امرأ في الجنان
إن لم أطعك إلهي في الحياة ولم ... أطهر النفس من أدران عصيان
فليست النفس من جدواك قانطة ... إذ لم أقل قط إن الواحد اثنان
كم في المدارس والصوامع أنفس ... ترجو الجنان وتختشي النيرانا
لكن من عرف الإله وسره ... لم يشغلن بذي الأمور جنانا"
وهى وجهة نظر بعض الكفار الذين قالوا للمسلمين لو هناك بعث فستكون الحسنى وهى الجنان نصيبنا وهو قوله تعالى :
"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى"
وقال:
"ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى"
-زعم المخمور أن الكون باق تتغير ذراته فالذرات تكون مرة فى حيوان ومرة فى إنسان ومرة فى نبات ومرة فى جماد فهى تكون جزء من كائن ثم تنتقل لكائن أخر وفى هذا قال:
كل ذرات هذه الأرض كانت ... أوجها كالشموس ذات بهاء
أزل عن وجهك الغبار برفق ... فهو خد لكاعب حسناء
وقال :
ومع قوله ببقاء الكون فإنه يناقض نفسه معلنا أنها فان فيقول:
وهو يزعم أن الله لم ينظم الكون ففيه عيوب فيقول:
ومع هذا يعلن ان الكون له نظام فيقول:
كما لم نكن والكون كان منظما ... سنفنى ويبقى بعد وهو نظيم"
-دعا المخمور للفجور وهو الشرب وجماع النساء طالبا ترك الصلاة والمساجد والطاعات فقال:
دع عنك حرص الوجود واهنأ ... إن أحسن الدهر أو أساء
واعبث بشعر الحبيب واشرب ... فالعمر يمضي غدا هباء
إن تواعدتم رفاقي لأنس ... وسعدتم بالغادة الهيفاء
وأدار الساقي كؤوس الحميا ... فاذكروني في شربها بالدعاء
وإذا ما أتى لدى الشرب دوري ... فأريقوا كأسي على الغبراء
إن كنت لا تفنى سوى مرة ... فافن ودع هذا الأسى والشقاء
لقد آن الصبوح فقم حبيبي ... وهات الراح واشرع بالغناء
كن كالشقائق ممسكا كأسا لدى الن؟ ... يروز مع وردية الوجنات
أحسو المدام ولا أعربد قط أو ... كفي تمد لما عدا الكاسات
إن ظبيا به استهام فؤادي ... عاد صبا بشادن مستهاما
حتى م صومك والصلاة تنسكا ... فدع المساجد واقصدن الحانا
واشرب فسوف ترى رفاتك تارة ... كوزا وأخرى أكؤسا ودنانا
أتمنى ديوان شعر ونصفا ... من رغيف وكوز صهباء حان
وجلوسا مع الحبيب بقفر ... ذاك خير من ملك ذي سلطان
-كما هو حال من ينكر وجود الله ومن ثم البعث والحساب فإنه فى كثير من الساعات يعود لرشده فيطلب العفو ويتوب فالمخمور فى وسط فجوره وكفره قال أقوال مثل:
"فقلت هلا من الله اعتراك حيا ... قال احسها فهو يعفو
واترك الهذرا يا دهر هل بالذي تأتيه تعترف
ألم تزل بزوايا الظلم تعتكف
ألا ارحم يا إلهي لي فؤادا ... من الأشجان أمسى في عذاب
ورجلا بي سعت للحان قدما ... وكفا أمسكت قدح الشراب
يا عالما بجميع أسرار الورى ... ونصيرهم في العجز والكربات
كن قابلا عذري إليك وتوبتي ... يا قابل الأعذار والتوبات
فسبحان ربي كل شيء نظرته ... رأيت به يأسي لعيني ممثلا
نفسي الفداء لكل كفء عارف ... أهوي على قدميه غير مبال
لو ارتكبت خطايا الناس كلهم ... لكنت أرجو لذنبي منك غفرانا
قد قلت إنك يوم العجز تنصرني ... لا عجز أعظم لي من عجزي الآنا
للصوم والصلوات ملت تنسكا ... فتيقنت نفسي غدا بنجاحي"
-الرباعيات مليئة بالاستهزاء بالله ودينه ومن ذلك:
يعيب على الله حكم نقض الوضوء بالنسمة وهى الهواء ممثلا فى الفساء والضراط والفطربنصف جرعة خمر فيقول:
أسفا فقد نقض الوضوء بنسمة ... والصوم زال بنصف جرعة راح
وهو يشتم الذات العلية لعنة الله عليه فسيقول عنها أنها حمار أو خرفان فيقول اعتراضات على الابتلاء بالرزق:
تعطي اللئيم نعيما والكريم عنا ... لا شك إما حمار أنت أو خرف
وهو يسخر من الحشر ويقول أنه عند الحشر سيكون أمام باب الحانة غير مبال بالحشر فيقول:
ولدى الحشر إن أردتم لقائي ... من ثرى باب حانة فاطلبوني
نفس بين كفرنا والدين ... نفس بين شكنا واليقين
كسرت يا رب إبريق المدام كما ... سددت لي باب عيشي
حيثما كنا إني وإن كنت لذنبي في شقا ... فلست يائسا ككفار الورى"
وهو يسخر من الجنة وصلاة الجمعة ويعشق الخمر والموسيقا والجماع فيقول
"أتقول أين تروح من بعد الردى ... هات المدام وأين ما شئت اذهب
رأيت في النوم ذا عقل يقول ألا ... لا يجنين الفتى من نومه طربا
حتى م ترقد كالموتى فقم عجلا ... فسوف تهجع في جوف الثرى حقبا
قال قوم أطيب الحور في الجن ... ة قلت المدام عندي أطيب
فاغنم النقد واترك الدين واعلم ... أن صوت الطبول في البعد أعذب
إن تشرب المدام أسبوعا فلا ... تدع لدى الجمعة قدسا شربها
ألسبت والجمعة عندي استويا ... لا تعبد الأيام واعبد ربها
هذا أوان الصبوح والطرب ... ونحن والحان وابنة العنب
أصمت نديمي هل ذا محل تقى ... واشرب وخل الحديث واجتنب
لم أشرب الراح لأجل الطرب ... أو ترك ديني واطراح الأدب
رمت الحياة دون عقل لحظة ... فهمت بالسكر لهذا السبب
لا عشت إلا بالغواني مغرما ... وعلى يدي تبر المدام الذائب"
وهو يسخر من الزواج لكونه تعب وبطلب العزوبية فيقول:
ما خلق الله راحة وهنا ... إلا لمن عاش مفردا عزبا
من ترك الانفراد واقترنا ... فقد جنى بعد راحة تعبا
وهو يطلب هدم الصوم والصلاة ويبنى الحياة على الغناء والشرب والخلاعة فيقول :
ما اسطعت كن لبني الخلاعة تابعا ... واهدم بناء الصوم والصلوات
واسمع عن الخيام خير مقالة ... إشرب وغن وسر إلى الخيرات
أحس الطلا عنك يزل هم الورى ... وقلة الأمور أو كثرتها
ولا تجانب كيمياء قهوة ... تزيل ألف علة قطرتها
إلى الحان أغدو كل يوم مبكرا ... وأصحب فيه ثم أهل الخلاعات
وهو يسخر من الأخرة ويقول أن كثرة ذنوبه ستكسر ميزان الحساب فيقول:
لست أدري هل الإله براني ... لجنان الأخرى أو النيران
لي نقدا ساق وروض وراح ... ولك الوعد في غد بالجنان
هد ركن الإيمان ذنبي وأنسى ... ذنب من راح يعبد الأوثانا
أنا أخشى ذنبي متى وزنوه ... يوم حشر أن يكسر الميزانا"
وهو يسخر من الله طالبا منه التغافل واعتبار رمضان شوال فيقول:
إذا ما جاءنا رمضان يلقى ... به القيد الثقيل على حجانا
فأغفل يا إلهي الناس حتى ... يخالوا أن شوالا أتانا
حل السما ثور وثور غدا ... يحتمل الأرض بقرنين
أنظر بعين العقل كيما ترى ... قطيع حمير بين ثورين
سأطوين صاح أعلام النفاق غدا ... وأقصدن بشيبي الراح والحانا
بلغت سبعين حولا كاملا فمتى ... ألقى الهناء إذا لم ألقه الآنا؟
وهو يهزأ بالفقهاء معتبرا إياهم سفاحين للدماء بينما هو سفاح للعنب المتخمر فيقول:
نحن يا مفتي الورى منك أدرى ... لم تزل عقلنا مدى السكر راح
أنت تحسو دم الأنام ونحسو ... دم كرم فأينا السفاح
إلى م تعاني للمقدر محنة ... ومن باطل الأفكار تمسي بأتراح
فعش في سرور واقض دهرك بالهنا ... فلم يكلوا أمر القضا لك يا صاح
نعم أنا من راح المجوس بنشوة ... وصب خليع لم أزل مدمن الراح
يرى كل حزب في رأيا ومذهبا ... وإني لنفسي كيفما كنت يا صاح
وهو يسخر من المؤمنين ويعتبرهم بله أى مجانين لعملهم بطاعة الله فيقول:
إن من لازموا المحاريب ليلا ... والألى عاقروا كؤوس الرحيق
غرق الكل ما بهم قط ناج ... وغفوا كلهم فما من مفيق
فكرت في الدين أقوام كما ... حار بين الشك والقطع فريق
فإذا الهاتف يدعوهم أيا ... بله لا هذا ولا ذاك الطريق
زينت وجنة ذياك المليح لنا ... يا رب في سنبل كالمسك ذي عبق
ورحت تأمر أن لا تنظرن له ... كما تقول " أمل كأسا ولا ترق "
وهو يريد ان بكون الناس كلهم كفارا مخمورين مثله فيقول:
يا ليت كل حرام مسكر لأرى ... في الكون كل فتى من ذنبه ثملا
عش وابنة الكرم في هناء ... واشرب ودع باطل الخيال
فالبنت مهما تكن حراما ... أطيب من أمها الحلال
وهو يسهر من قضاء الله ويقول أنه سيعكس القضاء حتى يكون الله جاهر فيقول:
درى الله قدما بارتشافي للطلا ... فإن أجتنبها ينقلب علمه جهلا
وهو هنا كما فى معظم الرباعيات كافر جاهل فهو لا يعرف القضاء حتى يستطيع تبديله والغريب أن يعترف بذلك فيقول :
فجار دهرك واخضع للقضاء فلن ... تطيق تبديل ما قد خطه القلم"
وهو يطلب من الناس أن يكونوا حميرا لأن عباد الله وغيره الذى يعترف بوجوده فى النص جهلاء فيقول:
حين جود الإله فاض براني ... وبدرس الغرام قدما حباني
ولقد صاغ من قراضة قلبي ... بعد هذا مفتاح كنز المعاني
حتى م أبني على سطح المياه لقد ... سئمت ديرا وعبادا لأوثان
من قال إني من أهل الجحيم ومن ... أتى من الخلد أو ولى لنيران؟
حتى م تصبح للأطماع حلف عنا ... حيران تعدو بهذا الكون مفتتنا
كن حمارا في معشر جهلاء ... أيقنوا أنهم أولو العرفان
فهم يحسبون للجهل من لي؟ ... س حمارا خلوا من الإيمان
من برى أكؤس الرؤوس وأبدى ... عند تكوينها أدق الفنون
كب كأسا من فوق مائدة الكو ... ن دهاقا قد أترعت بالجنون
أسفا لقلب ليس يذكيه الهوى ... شغفا وليس يهيم قط بشادن
لا يوم أضيع قط من يوم امرئ ... يقضيه دون غرام ظبي فاتن"
وهو لعنه الله يعتبر النفس إلها لها العرش فوق السماء فيقول:
أيها النفس لو نفضت غبار ال؟ ... جسم أضحى فوق السما لك مأوى
لك عرش فوق السماء فعيب ... أن تجيئي وترتضي الأرض مثوى
من العار أن تسعى لتحصيل شهرة وأن تشتكي من جور ذا الفلك البلوى"
وهو يزعم أن الجنة والنار داخل الإنسان فيقول:
ويناقض نفسه فيجعل النار وهى الجحيم مصاحبة الجهال فيقول:
أتريد معرفة الجحيم بكنهها ... إن الجحيم لصحبة الجهال"
وهو يرى أن الخمر هى الحل لكل مشكلات العالم فيقول:
"تقلل الراح تكبر الورى ... وهي تحل مشكلات العالم
لو ذاق إبليس المدام مرة ... أتى بألفي سجدة لآدم"
ونختم هذا الكفر الصراح بقوله:
أرى أجداثنا تبنى بلبن ... غدا يا صاح إن نرد المنونا
ويصنع من ثرانا بعد لبن ... به تبنى قبور الآخرينا"
وهو قول يشبه المعرى :
مؤلف الرباعيات غياث الدين أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام (المتوفى: 515هـ) والمفروض أن يكون الكافر بالدين أبو الخمر عمر المخمور وقد ترجمها نظما عن اللغة الفارسية الشاعر أحمد الصافي النجفي
بداية أى ترجمة للشعر من لغة إلى لغة أخرى لابد أن تفقده بعضا من المعانى التى قصدها الشاعر فى لغته الأصلية وقد نجح الصافى النجفى فى ترجمته فلم يشعرنا أن ما قاله الخيام ليس شعرا كما فى ترجمات أخرى لأشعار تمت ترجمتها نثرا ففقدت جمال الشعر
الرباعيات تذكرنا بشعراء الخمور فى التراث وحتى فى الحداثة فكثير من معانى الخيام سبق وأن قالها أبو محجن الثقفى وأبو نواس وغيرهم وأخذ إيليا أبو ماضى منها معانى كثيرة خاصة قصيدة الطلاسم أو لست أدرى
الخيام أى المخمور أى الخمورجى تقوم رباعياته على الأسس التالية كمعانى :
-الخمر هى لذته وراحته
-لا بعث ولا حياة بعد الموت ولا جنة ولا نار
-كل الناس جهلة فى دنياهم
- الله إن كان موجودا سيغفر للخيام وأمثاله
- ان كل ذرة فى الوجود دخلت فى مخلوقات كثيرة فهى مرة جزء من إنسان أو جزء من شمس او جزء من كأس خمر ...
الرباعيات عبارة عن قصائد أو قل قصيدة واحدة كل مجموعة منها تنتهى بحرف من حروف الهجاء على حسب الترتيب التعليمى
وسوف نتناول المعانى التى صاغها المخمور الكافر فى تلك الرباعيات وهى :
-الخمر هى لذته وراحته:
النصوص واضحة ولا تحتاج لتعليق ولكننى سوف أشير إلى بعض الأمور مثل الأبيات :
"وإذا مت فاجعلوا الراح غسلي ... ومن الكرم فاصنعوا تابوتي
أو مر مخمور على قبري انتشا ... منها وأفقده النهى تأثيرها
وإذا لم أكن بأهل سقاني ... فوق قدري بعادة الإكرام غسلوني
بالراح بعد المنون ... واذكروها والكأس في تلقيني"
إن مت فاكتموا رفاتي واجعلوا ... آخر أمري عظة بين الملا
وبالطلا امزجوا ثراي واصنعوا ... من طينه غطاء راقود الطلا
هذه الأبيات تذكرنا بقول أبى محجن الثقفى:
إذا مت فادفنى إلى جنب كرمة تروى عظامى بعد موتى عروقها
ولا تدفننى بالفلاة فإننى أخاف إذا ما مت ألا أذوقها "
وأما قوله :
كيف أرجو من بعد برءا لدائي ... وطبيبي أضحى يعاني السقاما
فهو يذكرنا بقول أبى فراس:
دع عنك لومى فإن اللوم إغراء وداونى بالتى كانت هى الداء"
والرجل يسخر من نصح المسلمين ويقول :
يقول المتقون غدا ستحيى ... على ما كنت في هذي الحياة
إلى الحان أغدو كل يوم مبكرا ... وأصحب فيه ثم أهل الخلاعات
كن كالشقائق ممسكا كأسا لدى الن ... يروز مع وردية الوجنات"
وهو يصاحب الكفار المجوس فى الخمر فيقول:
نعم أنا من راح المجوس بنشوة ... وصب خليع لم أزل مدمن الراح
يرى كل حزب في رأيا ومذهبا ... وإني لنفسي كيفما كنت يا صاح
وهو يفترى على الله فيزعم أن مليك أى ملاك النهار يدعوهم لشرب الخمر فيقول:
دعى للصبوح مليك النهار ... ولاح سنا الفجر فوق السطوح
ونادى منادي الألى بكروا ... ألا فاشربوا آن وقت الصبوح
ألفجر لاح فقم لنا يا صاح ... واملأ زجاجك من عقيق الراح
وعاقر الراح ونل أقصى المنى ... فالعمر ما أقصره كما اتضح
إشرب الراح فهي روح الروح ... بلسم النفس والحشا المجروح
وإذا ما دهاك طوفان هم ... فانج فيها فذي سفينة نوح
فقم واحسها فالشهر كم بعد سلخه ... إلى غرة يمضي ومنها إلى سلخ
لثمت من جرة الصهباء مرشفها ... حرصا لأسأل منها عيشة الأبد
فقابلت شفتي باللثم قائلة ... سرا ألا اشرب فإما رحت لم تعد
أترع كئوسك فالصباح قد انجلى ... راحا لها يغدو العقيق حسودا
وهلم بالعودين واكتمل الهنا ... وقع على عود وأحرق عودا
إرتشفها فذا لعمري الخلود ... فيه تمتاز للشباب عهود
لا تعن فيما لم يرد وما مضى ... واشرب لئلا يذهب العمر سدى"
وهو لا يهمه صوم رمضان فهو يشرب الخمر فى أى وقت كما قال :
"قد قيل لي رمضان جاء فسوف لا ... تسطيع رشفا لابنة العنقود
فسأحتسي بختام شعبان الطلا ... علا لتصرعني ليوم العيد
خذ بالسرور فكم بفكرك فكروا ... بالأمس دون بلوغ أدنى مقصد
وانعم فإنهم بأمس قرروا ... لك دون أن تدعوهم أمر الغد
يا من تولد من سبع وأربعة ... وراح منها يعاني سعي مجتهد"
وهو لا يرى الحياة بدون شرب الخمر فهى لذته فى الدنيا فى أقواله:
لا عيش لي بسوى صافي المدام ولا ... أطيق حملا بدون الراح للجسد
ما أطيب السكر والساقي يناولني ... كأسا وتعجز عن أخذ الكؤوس يدي
ألا اشرب فعمر سوف يعقبه الردى ... حقيق بأن تقضيه بالنوم والسكر
مذ ازدهرت بالبدر والزهرة السما ... إلى الآن لم يوجد ألذ من الخمر
فيا عجبي من بائع الراح هل يرى ... أعز من الصهباء إن باعها يشري
واجرع بدورك صابرا كأس الردى ... فالكل سوف يذوقها في دوره
لأرتشف المدامة أي وقت ... وإن يك أشرف الأوقات قدرا"
وهو يسخر من الله والمؤمنين طالبا ألا يحول الله العنب خمرا بقوله:
"ملأت الدن من عنب حلال ... فقل لله لا يجعله خمرا
أيا فلكا يجري ببؤسي خلني ... فلست حريا أن تسومني الأسرا
مررت بمعمل الخزاف يوما ... وكان يجد في العمل الخطير
ويصنع للجرار عرى ثراها ... يد الشحاذ أو رأس الأمير
عاطني الراح فهي قوت لنفسي ... واسقنيها وإن تزد في خماري
فعلى ذكرها أدر لي كأسا ... إن نقدا من ألف دين لأجدر
متى اقتلعت كف المنية دوحتي ... وعدت لدى أقدامها أتعفر
لم يبق مني في الدنيا سوى رمق وليس في اليد من صحبي سوى الكدر
لم يبق لي من طلا أمس سوى قدح ... ولست أعلم ما الباقي من العمر
دخلت في الحان نشوانا وكان به ... شيخ على متنه كوز وقد سكرا
الراح أطيب لي من ملك طوس ومن سرير كسرى وتخت الملك قابوس"
وهو يرى أن السحر خير من التقوى فيقول:
وإنما أنة السكير في سحر ... خير من الزهد والتقوى بتدليس"
كما أنه سيبيع سجادة الصلاة ليشترى خمرا وهو سيشربها حتى فى المسجد الأقصى فى قوله:
"ودعنا نبع بالكأس سجادة التقى ... ونكسر فوق الصخر قارورة القدس
لا تؤذ خلق الله أو تغتبهم ... وأنا الضمين غدا فهات الكاسا
يا خمر ما أحلاك وسط زجاجة ... تالله أنت عقال عقل الحاسي
لا تمهلين من احتساك هنيهة ... حتى تبيني كنهه للناس لو تسقي الطود لاعتراه الرقص ... من ينتقص الراح ففيه النقص
حتى م تقول لي عن الراح فتب ... هذي روح بها يربى الشخص
قم نصطبحها خمرة وردية ... في رنة العود وصوت المعزف"
وهو يشربها يوم العيد فى قوله:
أصح فأيام التراويح انقضت ... واليوم عيد فلنسر للقرقف
إن من لازموا المحاريب ليلا ... والألى عاقروا كؤوس الرحيق
غرق الكل ما بهم قط ناج ... وغفوا كلهم فما من مفيق"
وهو يطلب ان تتحول كلل المحرمات لخمر يشربها فيقول:
يا ليت كل حرام مسكر لأرى ... في الكون كل فتى من ذنبه ثملا
عش وابنة الكرم في هناء ... واشرب ودع باطل الخيال
فالبنت مهما تكن حراما ... أطيب من أمها الحلال
خيام طب إن نلت نشوة قرقف ... وحباك وردي الخدود وصالا
إذا نلت رطلي قرقف فاحس جامها ... بكل اجتماع راق أو محفل حالي"
ويبدو ان القوم نتيجة فجره بالشرب ضيقوا عليه ولذا فهو يطلب شربها فى الخفاء قائلا:
إن تشرب الراح فاشرب مع ذوي أدب ... أو ذي جمال صقيل الخد مبتسم
ودع تعاطيها بين الملا علنا ... واشرب خفاء ولا تكثر ولا تدم"
ويدعو المخمور الله كى يديم له نشوة الخمر فيقول:
ربي افتح لي باب رزق وأرسل ... لي قوتي من دون من الأنام
وأدم نشوة الطلا لي حتى ... تذهلني ما عشت عن آلامي
إني وإن ذقت الغرام وقل لي ... من مبهم الأسرار ما لم يفهم
فاليوم حين فتحت عين بصيرتي ... أصبحت أعلم أنني لم أعلم غن فالكون من ثرى وهواء ... كل أنفاسنا فجئ بالمدام
إن ظبيا به استهام فؤادي ... عاد صبا بشادن مستهاما
إن رآني الساقي لجدواه أهلا ... عمني في فواضل الإنعام
أنا شربت وتبدي أنت عربدة ... ليت الثرى بفمي، هل كنت نشوانا؟
لو كنت رب اختيار ما أتيت إلى ال ... دنيا ولم أرتحل عنها ولم أبن "
وهو يرى أن شرب الخمر أفضل من التقوى فيقول:
لئن تغد من عطر الحميا بنشوة ... يكن لك خيرا من غرورك بالتقوى
كما يرى أن الجهل بالعلوم الشرل أفضل منهم بقوله:
دع عنك درس العلوم أجمعها ... واشف بأصداغ شادن سقمك
واهرق بكاس دم الزجاج وطب ... من قبل أن يهرق الزمان دمك"
وهو يعلن أنه لن يتوب من شرب الخمر أبدا وإن قال أنه يتوب فهى مزحة بقوله:
قلت سأترك الشراب تائبا ... فهو دم الكرم ولست أسفكه قال لي العقل أجدا قلت ذا؟ ... قلت لقد مازحت، كيف أتركه؟"
ومن ثم فالرجل مصر على شرب الخمر لا يتوب منها أبدا وهو يشربها فى كل الأوقات
-الكفر بالبعث :ومن ثم فالرجل مصر على شرب الخمر لا يتوب منها أبدا وهو يشربها فى كل الأوقات
كرر الرجل كفره بالبعث وحجته أن من ماتوا لم يعد أحدا منهم للحياة ومن أقواله :
رأيت في حانة شيخا فقلت له: ... " ألا تخبرنا عمن مضوا خبرا "
قال: " ارتشفها فكم أمثالنا رحلوا ... ولم يعودوا ولم نشهد لهم أثرا
اشرب فكم لك قد كررت موعظتي ... إن رحت رحت ولم ترجع ولم تعد
لم نجد من يقول من عاد من ذا ... ك الطريق الذي مضى فيه قبلا
إن الذين ترحلوا من قبلنا ... نزلوا بأجداث الغرور وناموا
إشرب وخذ هذي الحقيقة من فمي ... كل الذي قالوا لنا أوهامإن الذين ترحلوا من قبلنا ... نزلوا بأجداث الغرور وناموا
ما شهد النار والجنان فتى ... أي امرئ من هناك قد جاء
لم نر مما نرجو ونحذره ... إلا صفات تحكى وأسماء"وهو يرى أن نهاية الحياة هى الفناء بقوله:
إن كان عاقبة الوجود هي الفنا ... فافرض فناك وعش سعيدا بالا
إن كنت لا تفنى سوى مرة ... فافن ودع هذا الأسى والشقاء"
وهو يرى أن الخمر هى التى ستحييه إن كان هناك بعث فيقول:
تصنعوا طيني سوى كوز قرقف ... عسى يمتلي بالراح يوما فأنشر
وهو يرى أن البعث ممكن لو كان الإنسان عسجد أى ذهب فيقول:
فلست يا هذا الغبي عسجدا ... حتى توارى في الثرى وتخرجا
رغم كفره بالبعث فيما سبق فهو يعلن جهله بكل شىء حتى بعد الموت فيقول أقوالا عدة منها :
"فيا عالم الأسرار هبني هداية ... ورشدا لأغدو للدعا والمناجاة
لا تحسبني جئت من نفسي ولا ... قطعت وحدي ذا الطريق المعنتا
إن يك منه جوهري ومنشئي ... فمن أنا وأين كنت ومتى
بادر فسوف تعود أدراج الفنا ... وستترك الجثمان منك الروح
واشرب وعش جذلا فلست بعالم ... من أين جئت وأين بعد تروح
إن هذي الدنيا أساطير وهم ... وخيال والعمر كالريح ساري
رأيت في السوق خزافا غدا دئبا ... يدوس في الطين ركلا غير ذي حذر
والطين يدعو لسان الحال منه ألا ... قد كنت مثلك فارفق بي ولا تجر
قيل خلد غدا وحور وكوثر ... أنهر من طلا وشهد وسكر
ألبحث في الدهر لم يثمر لنا ثمرا ... فما نحاه امرؤ بالحكمة اتصفا
كل امرئ هز غصنا منه مضطربا ... اليوم كالأمس والآتي كما سلفا
يد لي في جام وأخرى بمصحف ... وطورا أنا الجاني وطورا أنا العف
أعيش وما لي تحت ذا الأفق مبدأ ... فلا مسلم محض ولا كافر صرف
لا تحسبني جئت من نفسي ولا ... قطعت وحدي ذا الطريق المعنتا
إن يك منه جوهري ومنشئي ... فمن أنا وأين كنت ومتى بادر
فسوف تعود أدراج الفنا ... وستترك الجثمان منك الروح
واشرب وعش جذلا فلست بعالم ... من أين جئت وأين بعد تروح
للصوم والصلوات ملت تنسكا ... فتيقنت نفسي غدا بنجاحي
أسفا فقد نقد الوضوء بنسمة ... والصوم زال بنصف جرعة راح
إشرب الراح فهي روح الروح ... بلسم النفس والحشا المجروح
وإذا ما دهاك طوفان هم ... فانج فيها فذي سفينة نوح
ليس يدري سر الوجود ابن أنثى ... وبتكوينه تحار العقول
ما أرى للفتى سوى الرمس مثوى ... وهو لهفي حكاية ستطول
خيام طب إن نلت نشوة قرقف ... وحباك وردي الخدود وصالا
إذا نلت رطلي قرقف فاحس جامها ... بكل اجتماع راق أو محفل حالي
فما يعتني باري الوجود بشارب ... لمثلك أو يهتم في ذقن أمثالي
دع الماضي وما سيجيء وانعم ... وطب نفسا بكاسات الشمول
وأنفسنا معارات فأطلق ... سراح النفس من قيد العقول
إن رآني الساقي لجدواه أهلا ... عمني في فواضل الإنعام
وإذا لم أكن بأهل سقاني ... فوق قدري بعادة الإكرام
سر الحياة لو أنه يبدو لنا ... لبدا لنا سر الممات المبهم
لم تعلمن وأنت حي سرها ... فغدا إذا مت ماذا تعلم؟"
وقد أخذ إيليا أبو ماضى بعض هذه المعانى ووضعها فى قصيدة الطلاسم الشهيرة بلست أدرى ومنها :
جئتُ لا أَعلَمُ مِن أَين وَلَكِنّي أَتَيتُ
وَلَقَد أَبصَرتُ قُدّامي طَريقاً فَمَشَيتُ
وَسَأَبقى ماشِياً إِن شِئتُ هَذا أَم أَبَيتُ
كَيفَ جِئتُ كَيفَ أَبصَرتُ طَريقي لَستُ أَدري
أَجَديدٌ أَم قَديمٌ أَنا في هَذا الوُجود
هَل أَنا حُرٌّ طَليقٌ أَمأَسيرٌ في قُيود
هَل أَنا قائِدُ نَفسي في حَياتي أَم مَقود
أَتَمَنّى أَنَّني أَدري وَلَكِن لَستُ أَدري
-نسبة الآثام لله وعدم مسئولية الإنسان وعدم عقابه :
المخمور يعلن أن الذنوب هى فهل الله وليس فعل الإنسان ومن ثم فمن الظلم العقاب عليها وهو يقول هذا فى اقوال كثيرة منها :
"علام تأسى للذنب يا عمر ... ماذا تفيد الهموم والفكر
لا عفو عمن لم يجن معصية ... العفو عمن عصى فما الحذر
إن ديني الهنا ورشف الحميا ... وابتعادي عن كل دين وكفر
فما يعتني باري الوجود بشارب ... لمثلك أو يهتم في ذقن أمثالي
إن تجد لي بالعفو لم أخش ذنبا ... أو تهب لي زادا أمنت العناء
أو تبيض بالعفو وجهي فإني ... لست أخشى صحيفتي السوداء
إلهي قل لي من خلا من خطيئة ... وكيف ترى عاش البريء من الذنب
إذا كنت تجزي الذنب مني بمثله ... فما الفرق ما بيني وبينك يا ربي قالوا سيقبل منك ربك توبة ... لا الله قابلها ولا أنا تائب
لا تتب قط عن الراح فكم ... توبة منها يتوب التائب
قد شدا البلبل والورد رها ... أبذا الوقت يتوب الشارب؟
ألقيت في كل منهج شركا ... وقلت من يحظ خطوة هلكا
بالذنب أغريتني وتنسب لي ... ذنبا وكل الأحكام في يدكا
قم ودع هم عالم سوف يفنى ... واغتنم لحظة السرور لديكا
إشرب فكم ستنام في قعر الثرى ... يا صاح دون حليلة وخليل
لا تفش ذا السر الخفي لدى امرئ ... لن تزهو الأزهار بعد ذبول
إن لم يكن ربي قد شاء ما ... شئت فهل يمكنني فعله
فإن يكن شاء صوابا فما ... شئت سواه خطاء كله
أليوم ما لك في أمر الغداة يد ... وليس فكر غد إلا من الخبل
أنت أبدعتني من الماء والط؟ ... ين كما قد نسجت ألياف جسمي
كل شر مني يلوح وخير ... أنت قدرته فما هو جرمي
تارك الراح لا تذم السكارى ... إن أوفق أتب ويمحى الأثام
حل فكري في الكون كل معمى ... من حضيض الثرى لأوج النجوم
قد تبينت كل مكر ومر ... فيه إلا سر الردى المحتوم
أنا لست أقنط من خالق ... رحيم لعبء ذنوبي الجسام
إذا اليوم مت صريع الطلا ... سيعفو غدا عن رميم العظام
لم تقل لي ما قلت إلا لحقد ... زاعما أنني بلا إسلام
أنا أقررت بالذي قلت لكن ... أنت أهل لمثل هذا الكلام؟
يا من غدوت لجوكان القضا كرة ... سر كيف شاء ولا تنبس ببنت فم
فمن رمى بك في الميدان مضطربا ... أدرى وأعلم ما يجري من القدم
إن القضاء لأمر لا يرد وما ... نصيب ذي الهم إلا السقم والألم
إن تقض عمرك مهموم الفؤاد فلن ... تزيد شيئا على ما خطه القلم
لي نقدا ساق وعود وروض ... ولك الوعد في غد بالنعيم
صياد ذا الدهر ألقى الحب في شرك ... فصاد صيدا وقد سماه إنسانا
فكل خير وشر منه قد نشآ ... وراح يعزو لهذا الخلق عصيانا
لا تؤمل ما فوق ستين حولا ... لك عمرا ولازم السكر واهنا
والزم الدن والكؤوس مداما ... قبل أن يصنعوا رفاتك دنا
قد كان يدري الله كل فعالنا ... من يوم صور طيننا وبرانا
لم نرتكب ذنبا بدون قضائه ... فإذن لماذا ندخل النيرانا؟
-المخمور يظن أن الله رحيم بالمصرين على الذنوب وهو سيدخلهم الجنة ويرحمهم إن كان هناك جنان أو نار فيقول :
يا من يفكر ليله ونهاره ... بالعيش هلا خفت يوم رداكا
ارجع لنفسك واصح وانظر لحظة ... فعل الزمان وصنعه بسواكا
أنا عبدك العاصي فأين رضاكا ... ولقد دعى قلبي فأين سناكا
إن كنت تمنحنا الجنان بطاعة ... يك ذا لنا بيعا فأين عطاكا
أيا من أتى بي للوجود بقدرة ... وربيت في نعمائه أتدلل
سأمتحن العصيان مائة حجة ... لأعلم ذنبي أم سماحك أجزل
ثوب قدسي خلعته فوق دن ... وتيممت في ثرى الحان حرما
دع حديث الجنان والنار من جا ... ء من الخلد أو مضى للجحيم؟
إن كان أهل الحب والراح في ... لظى فلن تلقى امرأ في الجنان
إن لم أطعك إلهي في الحياة ولم ... أطهر النفس من أدران عصيان
فليست النفس من جدواك قانطة ... إذ لم أقل قط إن الواحد اثنان
كم في المدارس والصوامع أنفس ... ترجو الجنان وتختشي النيرانا
لكن من عرف الإله وسره ... لم يشغلن بذي الأمور جنانا"
وهى وجهة نظر بعض الكفار الذين قالوا للمسلمين لو هناك بعث فستكون الحسنى وهى الجنان نصيبنا وهو قوله تعالى :
"ولئن رجعت إلى ربى إن لى عنده للحسنى"
وقال:
"ويجعلون لله ما يكرهون وتصف ألسنتهم الكذب أن لهم الحسنى"
-زعم المخمور أن الكون باق تتغير ذراته فالذرات تكون مرة فى حيوان ومرة فى إنسان ومرة فى نبات ومرة فى جماد فهى تكون جزء من كائن ثم تنتقل لكائن أخر وفى هذا قال:
كل ذرات هذه الأرض كانت ... أوجها كالشموس ذات بهاء
أزل عن وجهك الغبار برفق ... فهو خد لكاعب حسناء
وقال :
تدري لما اخترت الطلا؟ كيلا أرى ... يا صاح مثلك مولعا في ذاتي
إن بدري يلوح في كل شكل ... حيوانا طورا وطورا نباتا
وقال:
عش هنيئا فالدهر ليس بفان ... وستبقى النجوم ذات اقتران
وسيغدو ثراك لبنا فيبني ... في قصور للناس أو إيوان
وقال :
وعجيب أن الذي ليس يهوى ... رصهم لا يرونه إنسانا
لا تخله يزول هيهات فالمو ... صوف إن يفن وصفه يبق ذاتا
وجود ذا الكون من بحر الخفاء بدا ... وسره لم يبن يوما لدى الأمم
كل امرئ قال وهما عن حقيقته ... والحق ما فاه فيه واحد بفم"إن بدري يلوح في كل شكل ... حيوانا طورا وطورا نباتا
وقال:
عش هنيئا فالدهر ليس بفان ... وستبقى النجوم ذات اقتران
وسيغدو ثراك لبنا فيبني ... في قصور للناس أو إيوان
وقال :
وعجيب أن الذي ليس يهوى ... رصهم لا يرونه إنسانا
لا تخله يزول هيهات فالمو ... صوف إن يفن وصفه يبق ذاتا
وجود ذا الكون من بحر الخفاء بدا ... وسره لم يبن يوما لدى الأمم
ومع قوله ببقاء الكون فإنه يناقض نفسه معلنا أنها فان فيقول:
ما الكون دار إقامة فأخو النهى ... أولى به أن يدمن الصهباء
أطفئ بماء الكرم نيران الأسى ... فلسوف تذهب في الهواء هباء"وهو يزعم أن الله لم ينظم الكون ففيه عيوب فيقول:
لماذا غداة الرب ركب هذه ال ... عناصر لم يحكم تناسبها الرب
إذا راق مبناها ففيم خرابها ... وإن لم ترق مبنى فممن أتى العيب؟ومع هذا يعلن ان الكون له نظام فيقول:
كما لم نكن والكون كان منظما ... سنفنى ويبقى بعد وهو نظيم"
-دعا المخمور للفجور وهو الشرب وجماع النساء طالبا ترك الصلاة والمساجد والطاعات فقال:
دع عنك حرص الوجود واهنأ ... إن أحسن الدهر أو أساء
واعبث بشعر الحبيب واشرب ... فالعمر يمضي غدا هباء
إن تواعدتم رفاقي لأنس ... وسعدتم بالغادة الهيفاء
وأدار الساقي كؤوس الحميا ... فاذكروني في شربها بالدعاء
وإذا ما أتى لدى الشرب دوري ... فأريقوا كأسي على الغبراء
إن كنت لا تفنى سوى مرة ... فافن ودع هذا الأسى والشقاء
لقد آن الصبوح فقم حبيبي ... وهات الراح واشرع بالغناء
كن كالشقائق ممسكا كأسا لدى الن؟ ... يروز مع وردية الوجنات
أحسو المدام ولا أعربد قط أو ... كفي تمد لما عدا الكاسات
إن ظبيا به استهام فؤادي ... عاد صبا بشادن مستهاما
حتى م صومك والصلاة تنسكا ... فدع المساجد واقصدن الحانا
واشرب فسوف ترى رفاتك تارة ... كوزا وأخرى أكؤسا ودنانا
أتمنى ديوان شعر ونصفا ... من رغيف وكوز صهباء حان
وجلوسا مع الحبيب بقفر ... ذاك خير من ملك ذي سلطان
-كما هو حال من ينكر وجود الله ومن ثم البعث والحساب فإنه فى كثير من الساعات يعود لرشده فيطلب العفو ويتوب فالمخمور فى وسط فجوره وكفره قال أقوال مثل:
"فقلت هلا من الله اعتراك حيا ... قال احسها فهو يعفو
واترك الهذرا يا دهر هل بالذي تأتيه تعترف
ألم تزل بزوايا الظلم تعتكف
وعدت على كره ولم أدر أنني ... لماذا أتيت الكون أو فيم أذهب
كل يوم أنوي المتاب إذا ما ... جاءني الليل عن كؤوس الشراب
فأتاني فصل الزهور وإني ... فيه يا رب تائب عن متابيكل يوم أنوي المتاب إذا ما ... جاءني الليل عن كؤوس الشراب
ألا ارحم يا إلهي لي فؤادا ... من الأشجان أمسى في عذاب
ورجلا بي سعت للحان قدما ... وكفا أمسكت قدح الشراب
يا عالما بجميع أسرار الورى ... ونصيرهم في العجز والكربات
كن قابلا عذري إليك وتوبتي ... يا قابل الأعذار والتوبات
فسبحان ربي كل شيء نظرته ... رأيت به يأسي لعيني ممثلا
نفسي الفداء لكل كفء عارف ... أهوي على قدميه غير مبال
لو ارتكبت خطايا الناس كلهم ... لكنت أرجو لذنبي منك غفرانا
قد قلت إنك يوم العجز تنصرني ... لا عجز أعظم لي من عجزي الآنا
للصوم والصلوات ملت تنسكا ... فتيقنت نفسي غدا بنجاحي"
-الرباعيات مليئة بالاستهزاء بالله ودينه ومن ذلك:
يعيب على الله حكم نقض الوضوء بالنسمة وهى الهواء ممثلا فى الفساء والضراط والفطربنصف جرعة خمر فيقول:
أسفا فقد نقض الوضوء بنسمة ... والصوم زال بنصف جرعة راح
وهو يشتم الذات العلية لعنة الله عليه فسيقول عنها أنها حمار أو خرفان فيقول اعتراضات على الابتلاء بالرزق:
تعطي اللئيم نعيما والكريم عنا ... لا شك إما حمار أنت أو خرف
وهو يسخر من الحشر ويقول أنه عند الحشر سيكون أمام باب الحانة غير مبال بالحشر فيقول:
ولدى الحشر إن أردتم لقائي ... من ثرى باب حانة فاطلبوني
نفس بين كفرنا والدين ... نفس بين شكنا واليقين
كسرت يا رب إبريق المدام كما ... سددت لي باب عيشي
حيثما كنا إني وإن كنت لذنبي في شقا ... فلست يائسا ككفار الورى"
وهو يسخر من الجنة وصلاة الجمعة ويعشق الخمر والموسيقا والجماع فيقول
"أتقول أين تروح من بعد الردى ... هات المدام وأين ما شئت اذهب
رأيت في النوم ذا عقل يقول ألا ... لا يجنين الفتى من نومه طربا
حتى م ترقد كالموتى فقم عجلا ... فسوف تهجع في جوف الثرى حقبا
قال قوم أطيب الحور في الجن ... ة قلت المدام عندي أطيب
فاغنم النقد واترك الدين واعلم ... أن صوت الطبول في البعد أعذب
إن تشرب المدام أسبوعا فلا ... تدع لدى الجمعة قدسا شربها
ألسبت والجمعة عندي استويا ... لا تعبد الأيام واعبد ربها
هذا أوان الصبوح والطرب ... ونحن والحان وابنة العنب
أصمت نديمي هل ذا محل تقى ... واشرب وخل الحديث واجتنب
لم أشرب الراح لأجل الطرب ... أو ترك ديني واطراح الأدب
رمت الحياة دون عقل لحظة ... فهمت بالسكر لهذا السبب
لا عشت إلا بالغواني مغرما ... وعلى يدي تبر المدام الذائب"
وهو يسخر من الزواج لكونه تعب وبطلب العزوبية فيقول:
ما خلق الله راحة وهنا ... إلا لمن عاش مفردا عزبا
من ترك الانفراد واقترنا ... فقد جنى بعد راحة تعبا
وهو يطلب هدم الصوم والصلاة ويبنى الحياة على الغناء والشرب والخلاعة فيقول :
ما اسطعت كن لبني الخلاعة تابعا ... واهدم بناء الصوم والصلوات
واسمع عن الخيام خير مقالة ... إشرب وغن وسر إلى الخيرات
أحس الطلا عنك يزل هم الورى ... وقلة الأمور أو كثرتها
ولا تجانب كيمياء قهوة ... تزيل ألف علة قطرتها
إلى الحان أغدو كل يوم مبكرا ... وأصحب فيه ثم أهل الخلاعات
وهو يسخر من الأخرة ويقول أن كثرة ذنوبه ستكسر ميزان الحساب فيقول:
لست أدري هل الإله براني ... لجنان الأخرى أو النيران
لي نقدا ساق وروض وراح ... ولك الوعد في غد بالجنان
هد ركن الإيمان ذنبي وأنسى ... ذنب من راح يعبد الأوثانا
أنا أخشى ذنبي متى وزنوه ... يوم حشر أن يكسر الميزانا"
وهو يسخر من الله طالبا منه التغافل واعتبار رمضان شوال فيقول:
إذا ما جاءنا رمضان يلقى ... به القيد الثقيل على حجانا
فأغفل يا إلهي الناس حتى ... يخالوا أن شوالا أتانا
حل السما ثور وثور غدا ... يحتمل الأرض بقرنين
أنظر بعين العقل كيما ترى ... قطيع حمير بين ثورين
سأطوين صاح أعلام النفاق غدا ... وأقصدن بشيبي الراح والحانا
بلغت سبعين حولا كاملا فمتى ... ألقى الهناء إذا لم ألقه الآنا؟
وهو يهزأ بالفقهاء معتبرا إياهم سفاحين للدماء بينما هو سفاح للعنب المتخمر فيقول:
نحن يا مفتي الورى منك أدرى ... لم تزل عقلنا مدى السكر راح
أنت تحسو دم الأنام ونحسو ... دم كرم فأينا السفاح
إلى م تعاني للمقدر محنة ... ومن باطل الأفكار تمسي بأتراح
فعش في سرور واقض دهرك بالهنا ... فلم يكلوا أمر القضا لك يا صاح
نعم أنا من راح المجوس بنشوة ... وصب خليع لم أزل مدمن الراح
يرى كل حزب في رأيا ومذهبا ... وإني لنفسي كيفما كنت يا صاح
وهو يسخر من المؤمنين ويعتبرهم بله أى مجانين لعملهم بطاعة الله فيقول:
إن من لازموا المحاريب ليلا ... والألى عاقروا كؤوس الرحيق
غرق الكل ما بهم قط ناج ... وغفوا كلهم فما من مفيق
فكرت في الدين أقوام كما ... حار بين الشك والقطع فريق
فإذا الهاتف يدعوهم أيا ... بله لا هذا ولا ذاك الطريق
زينت وجنة ذياك المليح لنا ... يا رب في سنبل كالمسك ذي عبق
ورحت تأمر أن لا تنظرن له ... كما تقول " أمل كأسا ولا ترق "
وهو يريد ان بكون الناس كلهم كفارا مخمورين مثله فيقول:
يا ليت كل حرام مسكر لأرى ... في الكون كل فتى من ذنبه ثملا
عش وابنة الكرم في هناء ... واشرب ودع باطل الخيال
فالبنت مهما تكن حراما ... أطيب من أمها الحلال
وهو يسهر من قضاء الله ويقول أنه سيعكس القضاء حتى يكون الله جاهر فيقول:
درى الله قدما بارتشافي للطلا ... فإن أجتنبها ينقلب علمه جهلا
وهو هنا كما فى معظم الرباعيات كافر جاهل فهو لا يعرف القضاء حتى يستطيع تبديله والغريب أن يعترف بذلك فيقول :
فجار دهرك واخضع للقضاء فلن ... تطيق تبديل ما قد خطه القلم"
وهو يطلب من الناس أن يكونوا حميرا لأن عباد الله وغيره الذى يعترف بوجوده فى النص جهلاء فيقول:
حين جود الإله فاض براني ... وبدرس الغرام قدما حباني
ولقد صاغ من قراضة قلبي ... بعد هذا مفتاح كنز المعاني
حتى م أبني على سطح المياه لقد ... سئمت ديرا وعبادا لأوثان
من قال إني من أهل الجحيم ومن ... أتى من الخلد أو ولى لنيران؟
حتى م تصبح للأطماع حلف عنا ... حيران تعدو بهذا الكون مفتتنا
كن حمارا في معشر جهلاء ... أيقنوا أنهم أولو العرفان
فهم يحسبون للجهل من لي؟ ... س حمارا خلوا من الإيمان
من برى أكؤس الرؤوس وأبدى ... عند تكوينها أدق الفنون
كب كأسا من فوق مائدة الكو ... ن دهاقا قد أترعت بالجنون
أسفا لقلب ليس يذكيه الهوى ... شغفا وليس يهيم قط بشادن
لا يوم أضيع قط من يوم امرئ ... يقضيه دون غرام ظبي فاتن"
وهو لعنه الله يعتبر النفس إلها لها العرش فوق السماء فيقول:
أيها النفس لو نفضت غبار ال؟ ... جسم أضحى فوق السما لك مأوى
لك عرش فوق السماء فعيب ... أن تجيئي وترتضي الأرض مثوى
من العار أن تسعى لتحصيل شهرة وأن تشتكي من جور ذا الفلك البلوى"
وهو يزعم أن الجنة والنار داخل الإنسان فيقول:
حلقت بالفكر من فوق السما لأرى ال ... جنان والنار والألواح والقلم
فصاح داعي الحجى فيك الجنان زهت والنار شبت وفيك اللوح قد رقماويناقض نفسه فيجعل النار وهى الجحيم مصاحبة الجهال فيقول:
أتريد معرفة الجحيم بكنهها ... إن الجحيم لصحبة الجهال"
وهو يرى أن الخمر هى الحل لكل مشكلات العالم فيقول:
"تقلل الراح تكبر الورى ... وهي تحل مشكلات العالم
لو ذاق إبليس المدام مرة ... أتى بألفي سجدة لآدم"
ونختم هذا الكفر الصراح بقوله:
أرى أجداثنا تبنى بلبن ... غدا يا صاح إن نرد المنونا
ويصنع من ثرانا بعد لبن ... به تبنى قبور الآخرينا"
وهو قول يشبه المعرى :
صَـاحِ هَـذِي قُبُورُنا تَمْلأ الرُّحْبَ فـأينَ الـقُبُورُ مِنْ عَهدِ عادِ
خَـفّفِ الـوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ الأرْضِ إلاّ مِـنْ هَـذِهِ الأجْـسادِ
وقَـبيحٌ بـنَا وإنْ قَـدُمَ الـعَهْدُ هَــوَانُ الآبَـاءِ والأجْـدادِ
سِـرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً لا اخْـتِيالاً عَـلى رُفَـاتِ العِبادِ
رُبّ لَـحْدٍ قَـدْ صَارَ لَحْداً مراراً ضَـاحِكٍ مِـنْ تَـزَاحُمِ الأضْدادِ
وَدَفِـيـنٍ عَـلى بَـقايا دَفِـينٍ فـي طَـويلِ الأزْمـانِ وَالآبـاءِ
خَـفّفِ الـوَطْء ما أظُنّ أدِيمَ الأرْضِ إلاّ مِـنْ هَـذِهِ الأجْـسادِ
وقَـبيحٌ بـنَا وإنْ قَـدُمَ الـعَهْدُ هَــوَانُ الآبَـاءِ والأجْـدادِ
سِـرْ إنِ اسْطَعتَ في الهَوَاءِ رُوَيداً لا اخْـتِيالاً عَـلى رُفَـاتِ العِبادِ
رُبّ لَـحْدٍ قَـدْ صَارَ لَحْداً مراراً ضَـاحِكٍ مِـنْ تَـزَاحُمِ الأضْدادِ
وَدَفِـيـنٍ عَـلى بَـقايا دَفِـينٍ فـي طَـويلِ الأزْمـانِ وَالآبـاءِ