رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نظرات فى خطبة وسائل الأسفار وما ينبغي أن يقصده السُّفار
الخطيب عبد الله بن صالح القصير وقد استهل الخطبة بآيات فى الأنعام تتحدث عن منافعها المختلفة ومنها منافعها فى السفر وحمل الأثقال فقال :
"الحمد لله {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 4 - 8].
أحمَدُه - سبحانه - {خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 12 - 14]"
وحمد الله ومدحه وصلى على النبى(ص) فقال :
"وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، ذو الحكمة البالغة في الخلق والتدبير، له الملك وله الحمد، يُحيِي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير، وإنْ تكُ مِثقالَ حبَّة من خردلٍ فتكن في صَخرةٍ أو في السَّماوات أو في الأرض يَأتِ بها الله، إنَّ الله لطيف خير.
وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، بعَثَه الله بالحنيفيَّة السمحة، وجعَلَه لهذه الأمَّة رحمةً، وللمؤمنين في الدنيا إمامًا وأسوةً، وفي الآخرة قائدًا وشفيعًا إلى الجنَّة، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه، الذين آمَنُوا به وعزَّرُوه ونصَرُوه، واتَّبَعوا النور الذي أُنزِل معه، أولئك هم المُفلِحون، وكانوا يَضرِبون في الأرض يبتَغُون من فضْل الله، وليقاتلوا في سبيل الله، وليتفقَّهوا في الدين، وليُنذِروا قومهم إذا رجَعوا إليهم لعلهم يحذَرون"
وأمر القصير الناس بطاعة الله فى السفر والإقامة فقال :
"أمَّا بعد؛ فيا أيها الناس:
أَطِيعُوا الله ربَّكم واخشَوْه في جميع أُمورِكم؛ فإنَّه مُطَّلِعٌ عليكم في سائر أحوالكم، فاتَّقوه في حال سفركم وإقامَتِكم؛ فإنَّ تَقواه خيرُ الزاد في الدنيا ويوم المعاد، كما أخبَرَكم وأمَرَكم بذلك ربُّ العِباد؛ إذ يقول في محكم الكتاب: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197]."
وتحدث القصير عن وجوب شكر الله على نعمه ومنها تعمه فى السفر والاتصال فقال :
"أيها المسلمون:
اشكُرُوا ربَّكم على سابغ نعمِه، واسأَلُوه المزيدَ من جوده وكرمه، واحمدوه على ما يسَّر لكم في هذا الزمان من وسائل الأسفار ونواقل الأخبار، وما هيَّأ للمُسافِر من أسباب الراحة في غالب الأقطار؛ حيث أوجَدَ بحكمته وعظيم قدرته هذه السيَّارات الأرضيَّة، وتلك المراكب والاتِّصالات الفضائيَّة، التي أصبَحَ الإِنسان يُسابِق بها لحظات الليل والنهار، ويطلع على حديث الأخبار، ويسعر الأسعار في بعيد الأقطار، ويتَّصِل بأهله وذَوِيه، وكثيرٍ ممَّن يحتاج إليه من شتَّى الجهات آناء الليل وآناء النهار، فتحقق بعض الوعود؛ إذ قَرُبَ البعيد، ونطَق الحديد، وتَقارَب الزمان، وتَجاوَرَت الأوطان، وهذا كلُّه والله من براهين التوحيد، الدالَّة على عظم حقِّ الله على العَبِيد، وصِدْقِ ما جاءَتْ به الرسل من ذي العرش المجيد، وكم في ذلك من الذكرى لِمَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد."
وتحدث عن وسائل المواصلات المصنوعة معتبرا أنها نعم من نعم الله الواجب شكرها فقال :
"أيها المسلمون:
كم في إيجاد هذه المصنوعات السائرة، وتلك الوسائل الباهرة، من آيات الإِيمان المتكاثِرة! وكم أسبَغَ الله بها على العِباد من نعمه الباطنة والظاهرة! وكم في سوء استِعمالها من أنواع المخاطرة في الدنيا والآخرة! فاشكُرُوا الله - تعالى - على عظيم نعمته، واستَخدِموا هذه الأمور في طاعته، تفوزوا برِضاه ومحبَّته، اجعَلُوها عونًا لكم على تبليغ دينه ونشْر رسالته، مع تحصيل ما يُسافِر المرء من أجله من شريف بغيته ومباح حاجته، ولا تجعَلُوها مجالب لسخطه ونقمته؛ بأنْ تستخدموها في معاصيه، أو تتوسَّلوا بها إلى ما يغضبه ويُؤذِيه؛ {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [العنكبوت: 22].
{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134].
فما أنتم بها عنه هارِبين، ولا بواسِطَتها من ملكوته نافِذِين، ولا بغيره منه مُستَجِيرين؛ {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50]."
والحقيقة أن وسائل المواصلات المخترعة كالسيارات والحافلات والمراكب والغواصات هى ابتلاء من الله للناس فليست كلها مفيدة للناس بل هى شر فى أحيان كثيرة حيث أنها تستهلك كميات كبيرة من الوقود الحفرى وتلوث الجو بما تطلقه من أدخنة كما أن حوادثها قاتلة كثيرة المصابين على عكس وسائل النقل المخلوقة من الخيل والبغال والحمير والإبل التى لا تلوث البيئة ولا تسبب إزعاجا للناس فى الصوت كما لا تسبب حوادث قتل كثيرة أو جرح إلا فى حالات نادرة
وأمر القصير الناس أن يستعملوا تلك الوسائل فى الأعمال المفيدة فقال :
"أيها المسلمون:
امتطوا هذه المراكب، واغتَنِموا هذه المواهب، لإِقامة ذِكرِه في أرضه، وهداية عباده إلى أداء حقِّه وفرضه، استَوُوا على ظهورها، واذكُرُوا نعمة ربكم حال استوائكم عليها، وحال سيرها، وامضوا عليها؛ طلبًا للفقه في الدين، وحجاجًا لبيت ربِّكم ومعتَمِرين، ولمسجد نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - زائرين، امضوا عليها للتجارة، وابتَغُوا من فضْل الله، وادعوا إلى الله، وجاهِدُوا في سبيل الله، وتفقَّدوا أحوال عباد الله، اركَبُوا صَهْوَتَها، واغتَنِموا جدَّتها؛ لصلة الأرحام ولزيارة الإخوة في الإِسلام والعُلَماء الأعلام، اغذوا السير عليها لإسعاف المنكوبين، وإغاثة الملهوفين، وتذكير الغافلين، وتعليم الجاهِلين، والتعاون على كلِّ ما فيه مرضاة ربِّ العالمين، وإغاظة أعداء الدين، وسِيرُوا في الأرض لترَوْا بديع صنْع الله العليم الخلاَّق، وتُشاهِدوا آثارَ أسمائه الحسنى وصفاته العُلا في الأنفس والآفاق."
وتحدث عن اختراع تلك الوسائل هو من ضمن علامات حدوق الساعة فقال :
"أيها المسلمون:
لعلَّ من حكمة الله في خلْق هذه المراكب، وإيجاد هذه الوسائل والمطالب، أنَّ الله - تعالى - لَمَّا قضى فيما مضى أنْ يَتقارَب الزمان، وأنْ تحصل الخلطة بين أجناس السكَّان، مع تباعُد الأوطان، وذلك من علامات قرب نهاية الزمان، فسخَّر تلك الأمور للناس هذا الأوان؛ ليستَنفدوا أرزاقهم، وليستَكملوا آثارهم، ويبلغوا ما كتب لهم من آمالهم وأعمالهم، على قصر أعمارهم، فاختُصِرت الدنيا لهم اختصارًا، وأظهر الله لأهل هذا الزمان فيما يحتاجون إليه حكمًا وأسرارًا؛ {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122]."
وما قاله عن اقتراب الساعة هو رجم بالغيب فلا أحد يعلم القرب أو البعد من الساعة كما قال تعالى :
يسئلك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله"
وتناول أو وسائل المواصلات ستشهد على الناس يما عملوا بها فقال :
"معاشر المسلمين:
تذكَّروا أنَّ وسائل الأسفار، التي وفَّرها الله وسخَّرها في هذه الأعصار، شاهدةٌ لله - تعالى - على راكِبِيها بما يكسبونه من فعْل المأمور، أو يكتَسِبونه من الوقوع في المحظور، ويُبارِزون به السميع البصير القوي القدير من عظائم الأمور، فيا ويلهم ممَّا اقترَفُوه يومَ يبعَث ما في القبور، ويحصل ما في الصدور، إنَّ ربهم بهم يومئذٍ لخبير، ألاَ فليتذكَّر راكب هذه الوسائل لحاجاته الظاهرة، أنَّه في واقع الحال في سفرٍ من الدنيا إلى الآخِرة، وأنهم حين يعجبون بفارِهِ المطايا، فإنها تغذُّ بهم السير إلى مصارع المنايا."
والخطأ هو شهادة تلك الجمادات من وسائل النقل المخترعة على الناس فى القيامة وهو ما يناقض أن الشهود هم الرسل(ص) كما قال تعالى :
"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"
وأعضاء الجسم كما قال تعالى :
"يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون"
ولم يذكر الله شهادة تلك الجمادات
وتناول وجوب اعداد كل واحد للآخرة كما يعد لرحلة السفر فقال :
"عباد الله:
تذكَّروا حين تشرَعون في إعداد الزاد للرحلة إلى أيِّ قطرٍ من الأقطار، أنَّكم في حقيقة الأمر في رحلةٍ إلى دار القرار، وأنَّ الآجال قواطع الآمال، فتزوَّدوا بالتقوى وصالح الأعمال؛ ففي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يُبعَث كلُّ عبدٍ على ما مات عليه))"
وتحدث عن أن العديد من المسافرين يذهبون لأرض السفر ليموتوا فى الأرض التى قرر الله موتهم فيها فقال :
" وفي الحديث أيضًا: ((إذا أراد الله أنْ يَقبِض روح عبدٍ في أرضٍ جعَل له بها حاجة)).
فكم من مسافرٍ في ظاهر الحال لحاجته، ثم اتَّضَح أنَّه مسافرٌ إلى مكان منيَّته، فلا تُسافِروا إلا لمقصودٍ شريف وغرضٍ مباح، واحذَرُوا مَواطِن الفساد التي يُمتَهَن الدين فيها ويُستَباح، وكم من مسافرٍ للبغايا والخمور، وقدمُه تُوشِك أن تزلَّ في القبور! وكم من مُتَعلِّق قلبه بمساكن الكفَرَة، ومخالطة الفجَرَة، فيا ويحه ما أخسَرَه، فاتَّقوا الله عبادَ الله وأحسِنُوا القصد من هذه الأسفار، وسارِعُوا إلى الخير فيها تُكتَب لكم الآثار، خُذُوا من صالح الأعمال قبل حضور الآجال وانقطاع الأعمال، والوقوف بين يدي الكبير المتعال"
وتحدث عن وجوب الانتفاع بالأنعام ووسائل الركوب الإلهية فى السفر فقال :
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [غافر: 79 - 82]"
وأنهى الخطبة بالقول:
"بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستَغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم من كلِّ ذنب، فاستَغفِروه يغفر لكم إنَّه هو الغفور الرحيم"
"وكان على القصير أن يتناول السفر فى كتاب الله ذاكرا مثلا:
- ما يقول المسافر عند الاستواء على وسيلة السفر:
سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
كما قال تعالى :
وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ"
-تنظيم السفر بتنظيم بناء القرى على مسافات تجعل السفر يسيرا هينا أو بتعبير الله سفر آمن كما قال فى قصة سبأ :
"وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما آمنين"
-السفر أولا بوسائل النقل المخلوقة لهذا الغرض وهى الخيل والبغال والحمير والإبل كما قال تعالى :
"والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون"
وأما السفر بالوسائل المخترعة وترك الوسائل المخلوقة من الله ففساد للبيئة فتلك الوسائل لا يجب استعمالها إلا عند تعذر وجود مخلوقات الله فى الأرض لأننا بذلك لا نستعمل تلك المخلوقات فيما خلقت له وهناك فوارق كثيرة بين النوعين والمنافع معظمها فى جانب مخلوقات الله والمفاسد كلها فى جانب الوسائل المخترعة من قبل الناس خاصة التى تعتمد على الوقود الحفرى
الخطيب عبد الله بن صالح القصير وقد استهل الخطبة بآيات فى الأنعام تتحدث عن منافعها المختلفة ومنها منافعها فى السفر وحمل الأثقال فقال :
"الحمد لله {خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ * وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ * وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَحِيمٌ * وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: 4 - 8].
أحمَدُه - سبحانه - {خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} [الزخرف: 12 - 14]"
وحمد الله ومدحه وصلى على النبى(ص) فقال :
"وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحدَه لا شريك له، ذو الحكمة البالغة في الخلق والتدبير، له الملك وله الحمد، يُحيِي ويميت وهو حي لا يموت، بيده الخيرُ وهو على كلِّ شيءٍ قدير، وإنْ تكُ مِثقالَ حبَّة من خردلٍ فتكن في صَخرةٍ أو في السَّماوات أو في الأرض يَأتِ بها الله، إنَّ الله لطيف خير.
وأشهَدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، بعَثَه الله بالحنيفيَّة السمحة، وجعَلَه لهذه الأمَّة رحمةً، وللمؤمنين في الدنيا إمامًا وأسوةً، وفي الآخرة قائدًا وشفيعًا إلى الجنَّة، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابه، الذين آمَنُوا به وعزَّرُوه ونصَرُوه، واتَّبَعوا النور الذي أُنزِل معه، أولئك هم المُفلِحون، وكانوا يَضرِبون في الأرض يبتَغُون من فضْل الله، وليقاتلوا في سبيل الله، وليتفقَّهوا في الدين، وليُنذِروا قومهم إذا رجَعوا إليهم لعلهم يحذَرون"
وأمر القصير الناس بطاعة الله فى السفر والإقامة فقال :
"أمَّا بعد؛ فيا أيها الناس:
أَطِيعُوا الله ربَّكم واخشَوْه في جميع أُمورِكم؛ فإنَّه مُطَّلِعٌ عليكم في سائر أحوالكم، فاتَّقوه في حال سفركم وإقامَتِكم؛ فإنَّ تَقواه خيرُ الزاد في الدنيا ويوم المعاد، كما أخبَرَكم وأمَرَكم بذلك ربُّ العِباد؛ إذ يقول في محكم الكتاب: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [البقرة: 197]."
وتحدث القصير عن وجوب شكر الله على نعمه ومنها تعمه فى السفر والاتصال فقال :
"أيها المسلمون:
اشكُرُوا ربَّكم على سابغ نعمِه، واسأَلُوه المزيدَ من جوده وكرمه، واحمدوه على ما يسَّر لكم في هذا الزمان من وسائل الأسفار ونواقل الأخبار، وما هيَّأ للمُسافِر من أسباب الراحة في غالب الأقطار؛ حيث أوجَدَ بحكمته وعظيم قدرته هذه السيَّارات الأرضيَّة، وتلك المراكب والاتِّصالات الفضائيَّة، التي أصبَحَ الإِنسان يُسابِق بها لحظات الليل والنهار، ويطلع على حديث الأخبار، ويسعر الأسعار في بعيد الأقطار، ويتَّصِل بأهله وذَوِيه، وكثيرٍ ممَّن يحتاج إليه من شتَّى الجهات آناء الليل وآناء النهار، فتحقق بعض الوعود؛ إذ قَرُبَ البعيد، ونطَق الحديد، وتَقارَب الزمان، وتَجاوَرَت الأوطان، وهذا كلُّه والله من براهين التوحيد، الدالَّة على عظم حقِّ الله على العَبِيد، وصِدْقِ ما جاءَتْ به الرسل من ذي العرش المجيد، وكم في ذلك من الذكرى لِمَن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد."
وتحدث عن وسائل المواصلات المصنوعة معتبرا أنها نعم من نعم الله الواجب شكرها فقال :
"أيها المسلمون:
كم في إيجاد هذه المصنوعات السائرة، وتلك الوسائل الباهرة، من آيات الإِيمان المتكاثِرة! وكم أسبَغَ الله بها على العِباد من نعمه الباطنة والظاهرة! وكم في سوء استِعمالها من أنواع المخاطرة في الدنيا والآخرة! فاشكُرُوا الله - تعالى - على عظيم نعمته، واستَخدِموا هذه الأمور في طاعته، تفوزوا برِضاه ومحبَّته، اجعَلُوها عونًا لكم على تبليغ دينه ونشْر رسالته، مع تحصيل ما يُسافِر المرء من أجله من شريف بغيته ومباح حاجته، ولا تجعَلُوها مجالب لسخطه ونقمته؛ بأنْ تستخدموها في معاصيه، أو تتوسَّلوا بها إلى ما يغضبه ويُؤذِيه؛ {وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} [العنكبوت: 22].
{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} [الأنعام: 134].
فما أنتم بها عنه هارِبين، ولا بواسِطَتها من ملكوته نافِذِين، ولا بغيره منه مُستَجِيرين؛ {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الذاريات: 50]."
والحقيقة أن وسائل المواصلات المخترعة كالسيارات والحافلات والمراكب والغواصات هى ابتلاء من الله للناس فليست كلها مفيدة للناس بل هى شر فى أحيان كثيرة حيث أنها تستهلك كميات كبيرة من الوقود الحفرى وتلوث الجو بما تطلقه من أدخنة كما أن حوادثها قاتلة كثيرة المصابين على عكس وسائل النقل المخلوقة من الخيل والبغال والحمير والإبل التى لا تلوث البيئة ولا تسبب إزعاجا للناس فى الصوت كما لا تسبب حوادث قتل كثيرة أو جرح إلا فى حالات نادرة
وأمر القصير الناس أن يستعملوا تلك الوسائل فى الأعمال المفيدة فقال :
"أيها المسلمون:
امتطوا هذه المراكب، واغتَنِموا هذه المواهب، لإِقامة ذِكرِه في أرضه، وهداية عباده إلى أداء حقِّه وفرضه، استَوُوا على ظهورها، واذكُرُوا نعمة ربكم حال استوائكم عليها، وحال سيرها، وامضوا عليها؛ طلبًا للفقه في الدين، وحجاجًا لبيت ربِّكم ومعتَمِرين، ولمسجد نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - زائرين، امضوا عليها للتجارة، وابتَغُوا من فضْل الله، وادعوا إلى الله، وجاهِدُوا في سبيل الله، وتفقَّدوا أحوال عباد الله، اركَبُوا صَهْوَتَها، واغتَنِموا جدَّتها؛ لصلة الأرحام ولزيارة الإخوة في الإِسلام والعُلَماء الأعلام، اغذوا السير عليها لإسعاف المنكوبين، وإغاثة الملهوفين، وتذكير الغافلين، وتعليم الجاهِلين، والتعاون على كلِّ ما فيه مرضاة ربِّ العالمين، وإغاظة أعداء الدين، وسِيرُوا في الأرض لترَوْا بديع صنْع الله العليم الخلاَّق، وتُشاهِدوا آثارَ أسمائه الحسنى وصفاته العُلا في الأنفس والآفاق."
وتحدث عن اختراع تلك الوسائل هو من ضمن علامات حدوق الساعة فقال :
"أيها المسلمون:
لعلَّ من حكمة الله في خلْق هذه المراكب، وإيجاد هذه الوسائل والمطالب، أنَّ الله - تعالى - لَمَّا قضى فيما مضى أنْ يَتقارَب الزمان، وأنْ تحصل الخلطة بين أجناس السكَّان، مع تباعُد الأوطان، وذلك من علامات قرب نهاية الزمان، فسخَّر تلك الأمور للناس هذا الأوان؛ ليستَنفدوا أرزاقهم، وليستَكملوا آثارهم، ويبلغوا ما كتب لهم من آمالهم وأعمالهم، على قصر أعمارهم، فاختُصِرت الدنيا لهم اختصارًا، وأظهر الله لأهل هذا الزمان فيما يحتاجون إليه حكمًا وأسرارًا؛ {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} [الإسراء: 85]، {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: 122]."
وما قاله عن اقتراب الساعة هو رجم بالغيب فلا أحد يعلم القرب أو البعد من الساعة كما قال تعالى :
يسئلك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله"
وتناول أو وسائل المواصلات ستشهد على الناس يما عملوا بها فقال :
"معاشر المسلمين:
تذكَّروا أنَّ وسائل الأسفار، التي وفَّرها الله وسخَّرها في هذه الأعصار، شاهدةٌ لله - تعالى - على راكِبِيها بما يكسبونه من فعْل المأمور، أو يكتَسِبونه من الوقوع في المحظور، ويُبارِزون به السميع البصير القوي القدير من عظائم الأمور، فيا ويلهم ممَّا اقترَفُوه يومَ يبعَث ما في القبور، ويحصل ما في الصدور، إنَّ ربهم بهم يومئذٍ لخبير، ألاَ فليتذكَّر راكب هذه الوسائل لحاجاته الظاهرة، أنَّه في واقع الحال في سفرٍ من الدنيا إلى الآخِرة، وأنهم حين يعجبون بفارِهِ المطايا، فإنها تغذُّ بهم السير إلى مصارع المنايا."
والخطأ هو شهادة تلك الجمادات من وسائل النقل المخترعة على الناس فى القيامة وهو ما يناقض أن الشهود هم الرسل(ص) كما قال تعالى :
"فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا"
وأعضاء الجسم كما قال تعالى :
"يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون"
ولم يذكر الله شهادة تلك الجمادات
وتناول وجوب اعداد كل واحد للآخرة كما يعد لرحلة السفر فقال :
"عباد الله:
تذكَّروا حين تشرَعون في إعداد الزاد للرحلة إلى أيِّ قطرٍ من الأقطار، أنَّكم في حقيقة الأمر في رحلةٍ إلى دار القرار، وأنَّ الآجال قواطع الآمال، فتزوَّدوا بالتقوى وصالح الأعمال؛ ففي الحديث الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يُبعَث كلُّ عبدٍ على ما مات عليه))"
وتحدث عن أن العديد من المسافرين يذهبون لأرض السفر ليموتوا فى الأرض التى قرر الله موتهم فيها فقال :
" وفي الحديث أيضًا: ((إذا أراد الله أنْ يَقبِض روح عبدٍ في أرضٍ جعَل له بها حاجة)).
فكم من مسافرٍ في ظاهر الحال لحاجته، ثم اتَّضَح أنَّه مسافرٌ إلى مكان منيَّته، فلا تُسافِروا إلا لمقصودٍ شريف وغرضٍ مباح، واحذَرُوا مَواطِن الفساد التي يُمتَهَن الدين فيها ويُستَباح، وكم من مسافرٍ للبغايا والخمور، وقدمُه تُوشِك أن تزلَّ في القبور! وكم من مُتَعلِّق قلبه بمساكن الكفَرَة، ومخالطة الفجَرَة، فيا ويحه ما أخسَرَه، فاتَّقوا الله عبادَ الله وأحسِنُوا القصد من هذه الأسفار، وسارِعُوا إلى الخير فيها تُكتَب لكم الآثار، خُذُوا من صالح الأعمال قبل حضور الآجال وانقطاع الأعمال، والوقوف بين يدي الكبير المتعال"
وتحدث عن وجوب الانتفاع بالأنعام ووسائل الركوب الإلهية فى السفر فقال :
"أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَنْعَامَ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِي صُدُورِكُمْ وَعَلَيْهَا وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ * وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَأَيَّ آيَاتِ اللَّهِ تُنْكِرُونَ * أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ وَأَشَدَّ قُوَّةً وَآثَارًا فِي الْأَرْضِ فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [غافر: 79 - 82]"
وأنهى الخطبة بالقول:
"بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَنا جميعًا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستَغفِر الله العظيم الجليل لي ولكم من كلِّ ذنب، فاستَغفِروه يغفر لكم إنَّه هو الغفور الرحيم"
"وكان على القصير أن يتناول السفر فى كتاب الله ذاكرا مثلا:
- ما يقول المسافر عند الاستواء على وسيلة السفر:
سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ
كما قال تعالى :
وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ"
-تنظيم السفر بتنظيم بناء القرى على مسافات تجعل السفر يسيرا هينا أو بتعبير الله سفر آمن كما قال فى قصة سبأ :
"وجعلنا بينهم وبين القرى التى باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما آمنين"
-السفر أولا بوسائل النقل المخلوقة لهذا الغرض وهى الخيل والبغال والحمير والإبل كما قال تعالى :
"والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون"
وأما السفر بالوسائل المخترعة وترك الوسائل المخلوقة من الله ففساد للبيئة فتلك الوسائل لا يجب استعمالها إلا عند تعذر وجود مخلوقات الله فى الأرض لأننا بذلك لا نستعمل تلك المخلوقات فيما خلقت له وهناك فوارق كثيرة بين النوعين والمنافع معظمها فى جانب مخلوقات الله والمفاسد كلها فى جانب الوسائل المخترعة من قبل الناس خاصة التى تعتمد على الوقود الحفرى