رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
نظرات فى جزء من كتاب القرآن ولغة السريان
المؤلف أحمد محمد علي الجمل والجزء الذى اخترناه من الكتاب يدور حول فرية من فرى الكفار وهى أن كلمة القرآن العربية هى نفسها كلمة قريانا أو قرينا السريانية
وقد استهل الجزء بما جاء عن الكلمة فى دائرة المعارف الإسلامية الإنجليزية والكتاب كلهم من الكفار فقال
لفظ القرآن
"إذا نظرنا إلى مادة "القرآن" التى كتبها بالإنجليزية A.T.Welch أ.ت.ويلش فى دائرة المعارف الإسلامية، نجد أنه يقول : إن المستشرقين قد قبلوا النظرية التى قال بها المستشرق الألمانى F.Schwally ف.ش?الى فى كتابه : Geschichte des Qorans "تاريخ القرآن" : إن لفظة "القرآن" مأخوذة من الكلمة السريانية قِريُنُا qery?n? ، ومعناها : القراءة المقدسة، ثم تناول الكاتب أراء علماء الإسلام فى لفظة "قرآن" ، مقرراً أن النظرة الغالبة لدى الدوائر الإسلامية ترى أن كلمة "قرآن" اسم من "قرأ" ، وكلا الرأيين يجد لنفسه سنداً من القرآن "
ويرى الكاتب أن لفظة "القرآن" قد وردت فى الخط الكوفى القديم بدون همزة، هكذا "القران" ويرى أنها ـ بهذا الشكل ـ مشتقة من الفعل : "قرن" ، وليس من "قرأ" ومن ثم يرى الكاتب أن أفضل النتائج وأقربها قبولاً، أن مصطلح "القرآن" قد ظهر لأول مرة بظهور القرآن لكى يمثل كلمة قِريُنُا qery?n? السريانية ودلالتها وقد بُنى على وزن عربى وهو فُعلان المشتق من "قرأ" ليكون مناسباً ومنسجماً مع التراكيب القرآنية العربية ."
وذكر أن كاتب المادة فى الدائرة استشهد برأى أحد الألمان على صحة ما ذهب إليه فقال :
"ويستشهد الباحث الألمانى (لوكسنبرج) بدائرة المعارف الإسلامية باللغة الإنجليزية فى كتابه " القراءة السريانية للقرآن ـ مساهمة فى تفسير لغة القرآن" فيقول : إن هذه الدراسة تنطلق من حقيقة أساسية وهى أن مصطلح "قرآن" يمثل المفتاح لفهم اللغة القرآنية، وأن الغرب توصل إلى أن المفاهيم الحضارية مثل "قرأ" وكذلك "كتب" لا يمكن أن تكون من أصل عربى ولذلك يمكننا أن نفترض أنها قد انتقلت إلى المناطق العربية من الناحية الشمالية، وما دامت اللغة السريانية تمتلك ـ إلى جانب الفعل قرُا "قرأ" ـ الاسم قِريُنُا qery?n? بمعنيه : القراءة أو التلاوة ، فإن ذلك يقوى الظن بعدم كون مصطلح "القرآن" قد تطور فى العربية، وإنما هو لفظ مستعار من الكلمة السريانية على وزن فعلان ."
واستدل أيضا بما كتبه نولدكه فقال :
"ثم يقرر أن الأصل السريانى لكلمة "قرآن" الذى افترضه نولدكه فى كتابه Geschichte des Qorans "تاريخ القرآن" قد انتشر منذ ذلك الحين فى الكتابات الغربية ، حتى إن الإشارة إلى الأصل المسيحى السريانى للقرآن فى الموسوعات الغربية صار أمراً بديهياً ويفترض (لوكسنبرج) أن الكتابة الصوتية العربية للفظة الآرامية السريانية قِريُنُا qery?n? لابد وأنها كانت تُنطق فى الأصل "قريان" ، وإن كانت النسخ الموجودة من القرآن حتى الآن لا تثبت الكتابة المفترضة، إلا أن المصطلح الآرامى السريانى يزيد من احتمالية الكتابة بهذا الشكل"
وتحدث عن= أربع مراحل تخيلها لو كسنبرج فقال :
" وقد مر هذا المصطلح بمراحل أربع، كما يرى (لوكسنبرج) هى :
1. المرحلة الأولى : كانت الكلمة السريانية قِريُنُا qery?n? تكتب "قرين"، وتنطق "قريان".
2. المرحلة الثانية : حُذِف حرف الياء من قرين بلا عوض، فنشأت عنه الصيغة المختصرة :"قرن" المنطوقة بالمد بعد الراء "قران".
3. المرحلة الثالثة : أُدخلت الألف بعد ذلك إلى الصيغة الكاملة بنفس النطق السابق، فصارت: قران .
4. المرحلة الرابعة : أُلحقت الهمزة بالصيغة السائدة اليوم فى الإصدارات النموذجية للقرآن، فصارت: "قرءان" .
وقد أدى ذلك التطور إلى التخلى عن النطق الآرامى السريانى الأصلى قِريُن qery?n أمام النطق المعرب "قُرءان" على غرار "فُرقان" "
وهو كلام لا يستند لشىء من العلم ولا حتى من الكتب التراثية أو نسخ القرآن القديمة حيث لا يوجد كتاب واحد مكتوب فيه تلك الكلمات المتخيلة والتى تعبر عن المراحل الثلاثة الأولى فالقديم والحديث من نسخ المصحف اللفظ فيها واحد بدون
وتعرض لرأى منجانا الإيطالى فقال :
"أما A.Mingana "أ. مِنجانا" فقد قال علينا أن نلاحظ أن المعرفة الناقصة باللغات السامية إلى جانب العربية، غالباً ما تجعل استنتاجات العلماء المسلمين غير جديرة بالاعتماد، فضلاً عن كونها مضللة. وعلى الناقد أن يشدد من حرصه فى التعامل مع كتبهم، التى تعد ـ على أحسن الأحوال ـ ممهدات تاريخية للموضوع فقط ويستطرد " مِنجانا" قائلاً إن معالجة النص القرآنى بعيداً عن الشراح المسلمين، سيعطينا قدراً وفيراً من المعلومات الجديدة، وإن الكفايات الضرورية التى يجب على الباحث أن يتسلح بها هى معرفة جيدة بالسريانية، والعبرية، والحبشية، إذ يبدو أن للغة الأولى تأثيراً واضحاً على نص القرآن ويستدل على ذلك بقوله: إذا أخذنا العدد (100) كوحدة للتأثيرات الأجنبية على أسلوب القرآن ومصطلحاته ، فإننا نستطيع أن نورد بثقة ـ لحدٍ ما ـ النسب التالية : الحبشية تمثل 5 بالمئة من الكل، والفارسية حوالى 5 بالمئة، والعبرية 10 بالمئة، واليونانية واللاتينية 10 بالمئة، والسريانية حوالى 70 بالمئة"
وهذا الكلام من منجانا هو تخيل ووهم فلا أحد يقدر على الرجوع للماضى لمعرفة أى كلم من هنا وأى كلمة من هناك وحتى الكتب التراثية فى تلك اللغة لا يمكن التأكد من لفظة واحدة منها أنها كانت فى اللغة هذه ولم تكن فى اللغة تلك خاصة مع وجود كتب تدل على ذلك فى تلك اللغات
وتحدث الجمل عن جعل الكفار القرآن من عند غير الله فقال :
"لقد أنكر المستشرقون على القرآن أن يكون من عند الله، كما استعظموا أن يكون من تأليف محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدون الرجوع إلى المصادر النصرانية، فخاضوا بغير علم فى إثبات نقل كلمة "القرآن" من السريانية، وهم بذلك يستدلون بعجمة اللفظ على عجمة الفكر، وهذا يتضح من عنوان مقالة "منجانا" الذى استعمل كلمة "أسلوب القرآن" بدلاً من "ألفاظ القرآن" .
وإذا كان "منجانا" قد ذكر أن علماء المسلمين كانت نتائجهم غير صحيحة لعدم إلمامهم باللغات السامية، فإننا نرى أنهم قدموا الكثير من الدراسات اللغوية فى القرآن الكريم، ولا نقلل من جهودهم العظيمة فى هذا المجال، وكما أن العلم البشرى يكمل بعضه البعض، فإننا سنقدم تحليلاً لكلمة القرآن فى ضوء علم اللغة المقارن بين العربية والسريانية للوصول إلى أصلها ."
وتحدث عن الأصول اللغوية والغريب أن من كتبها ليسوا أهالى تلك اللغات وإنما الغربيين الكفار فقال :
"قِريُنُا qery?n? والقرآن تستعمل السريانية الفعل قرُا r??q الذى يقابل فى العربية قَرَأَ qara'a وفى العبرية ????? q?r? .
ونلاحظ ـ هنا ـ أن العربية قد احتفظت بحركة الحرف الأخير (الحركة الإعرابية) بينما حُذفت تلك الحركة فى العبرية والسريانية، فأدى حذفها فى اللغتين الأخيرتين إلى إطالة الحركة السابقة عليها، مع تخفيف الهمزة، وتفصيل ذلك فيما يلى
فى العربية قَرَأَ qara'a
فى السريانية قرُا r??q ? q?ra' ? qara'a
فى العبرية ????? q?r? ? q?ra' ? qara'a
وقد أدى تخفيف الهمزة فى الأفعال المهموزة اللام فى السريانية إلى اختلاطها بالأفعال الناقصة، فبعد سقوط حركة الهمزة وتخفيفها بإطالة الحركة السابقة عليها، صارت الأفعال المهموزة اللام فى السريانية كالأفعال الناقصة فيها، وقد صيغت معظم الأفعال المهموزة قياساً على الأفعال الناقصة . فصارت الأفعال المهموزة، مثل :الفعل ملاُm?l? "ملأ "، والفعل قرُا r??q "قرأ" ، والفعل سنُا s?n? "شَنَأَ ـ أبغض" ، كالأفعال الناقصة، مثل: نشُا n??? " نسى" ، رمُا r?m? " رمى " .
وأدى ذلك إلى ظهور الياء لفظاً وخطاً فى المصدر الاسمى ، فنقول قرُيُا q?r?y? "القراءة" من الفعل قرُا r??q "قرأ" المهموز الأصل، مثل : رمُيُا r?m?y? "الرمى" من الفعل رمُا r?m? "رمى" الناقص بالياء .
فوجود الفعل ـ قرُا r??q الذى يقابل فى العربية قَرَأَ qara'a وفى العبرية ????? q?r? ـ فى اللغات السامية الثلاثة، يدل عل أن هذا الجذر سامى الأصل، والياء بعد الراء فى قِريُنُا qery?n? منقلبة عن همزة، والنون للنسب فى اللغتين وبيانها كالتالى :
من المعروف الآن أن مورفيم النسب فى اللغة العربية والسريانية له ثلاث ألومورفات، كلها مقيدة فى نهاية الاسم، وتختلف دلالة الاسم المنسوب باختلاف الألومور، نعرض اختلاف هذه الدلالات، فيما يلى :
1. ألومورف الياء : يدل على النسب الحقيقى إذا كان المنسوب إليه علماً لشخص أو مكان. الغرض منه ـ فى هذه الحالة ـ هو جعل المنسوب من آل المنسوب إليه، مثل: اَبرُؤُمُيُاabr?h?m?y?' "إبراهيمى" نسبة إلى اَبرُؤُم abr?h?m' "إبراهيم"، وكلمة اٌورشلِمُيُا '?r??lem?y? "أورشليمى" نسبة إلى اٌورشلِم '?r??lem "أورشليم". كما يدل ألومورف الياء أيضا على النسب التقليدى إذا كان المنسوب إليه اسم جنس، وهنا يكون الغرض منه هو اكتساب المنسوب صفة المنسوب إليه، مثل: كيُنُيُا k?y?n?y? "طبيعى" نسبة إلى كيُنُا k?y?n? "الطبيعة".
2. ألمورف النون : يدل على النسب الذاتى إذا كان المنسوب إليه اسم جنس، حينئذ يكون الغرض منه، هو إظهار صفة ذاتية للمنسوب، مثل : سَؤرُنُا sahr?n? " هلال ـ قمري " نسبة إلى سَؤرُا sahr? " القمر" إذ هو الهلال على سبيل الحقيقة. غير أنه قد يُطلق على الشخص على سبيل المبالغة. لأننا نلاحظ أن لفظ سَؤرُنُا sahr?n? فى السريانية، يتوافق فى دلالته مع العربية، لأن السهر مرتبط بالقمر.
3. ألمورف النون والياء : يدل على النسب الشبيه بالذاتى إذا كان المنسوب إليه ذاتياً، ويكون الغرض منه هو إظهار صفة شبه ذاتية للمنسوب، مثل : روٌحُنُيُا r?h?n?y? " روحانى " نَفشُنُيُا naf??n?y? " نفسانى " وإن كنا نرى أن النسب الشبيه بالذاتى قد مر بمرحلتين، الأولى: النسب بالنون المسبوقة بالفتحة الطويلة، والثانية: النسب بالياء أما علماء اللغة العربية فلم يذكروا النسب بالنون، على الرغم من وجود كلمات كثيرة من هذا النوع فيها، ونرى أن النسب الذاتي (بالنون) الذى يأتى على سبيل الحقيقة، يتجلى بوضوح في كلمة: " الرحمن " فهي صفة ذاتية لرب العزة تدل على أن المنسوب هو ذات المنسوب إليه حقيقة. لذلك نرى افتتاحية سور القرآن الكريم بقوله تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم }
فكلمة (الرحمن) تدل على الرحمة ، وكلمة (الرحيم) تدل على الرحمة أيضاً، إلا أن كلمة (الرحمن) تدل على صفة ذاتية لا يجوز اتصاف غيره بها. أما كلمة (الرحيم) فهي تدل على صفة عامة يجوز اتصاف غير الله بها. وقد وصف رب العزة رسوله بأنه رحيم فى قوله تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} الأمر الذى يعطينا دلالة للنون المسبوقة بالفتحة الطويلة، تكمن فى أن الرحمة فى الرحيم، هى صورة من صور الرحمة، حتى ولو كانت رحمة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أما الرحمة فى الرحمن فهى حقيقة الرحمة، فالنسب بالنون يعطى حقيقة الرحمة وذات الرحمة، أما ما عداها فهو صورة من صور الرحمة.
ونرى أن النسب الذاتي الذى يأتى على سبيل الحقيقة، يتضح لنا فى كلمة {الحيوان}* التى وردت فى قوله تعالى : { وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } فكلمة { الحيوان } هى صفة ذاتية للدار الآخرة تدل على أن المنسوب " الدار الآخرة " هو ذات وأصل المنسوب إليه " الحياة ".وهذا أمر له دلالة عظيمة، هى أن الحياة الدنيا صورة من صور الحياة، أما الحياة فى الدار الآخرة فهى الحيوان أي حقيقة الحياة، وقس على ذلك الفرق بين القراءة والقرءان ، فالقراءة فى أى كتاب هى صورة للقراءة ، أما القرءان فهو حقيقة القراءة، وكذلك الفرق بين الرضى والرضوان والفرق والفرقان
وهناك شواهد كثيرة على وجود مورفيم النون المسبوقة بالفتحة الطويلة للدلالة على النسب الذاتى فى كلام الشعراء العرب قبل نزول القرءان، نذكر منها على سبيل :
قول عنترة بن شداد
يا طائِراً قَد باتَ يَندُبُ إِلفَهُ وَيَنوحُ وَهوَ مُوَلَّهٌ حَيرانُ
وقول المُتَنَخّل
لَو أَنَّهُ جاءَني جَوعانُ مُهتَلِكٌ مِن بُؤَّسِ الناسِ عَنهُ الخَيرُ مَحجوزُ
وقول شمر الحنفى
غَضْبانَ ممتلئاً عليَّ إهابهُ إنّي وربِّكَ سُخْطُهُ يرْضيني"
وما ذكره الجمل من استشهادات لغوية من اللغتين لا يدلنا على تاريخ اللغتين ولا على أصولهما وإنما هو
كلام لا يمكن لأحد التأكد منه اطلاقا لأن الإثبات العلمى يحتاج إلى إحياء الموتى لكى نعلم كيف تكلموا ونطقوا تلك الألفاظ وهل هؤلاء أخذوا عن أولئك أو العكس أم لم يأخذ أحد شىء
الغريب أن كتب اللغة العربية ألفت بعد نزول القرآن بقرون والكتب السريانية اللغوية تعتبر بالنسبة لى مزورة مثلها مثل ترجمات السريان الكاذبة لكتب اليونان فقد ترجموا كتاب السياسة لأرسطو فى العصر العباسى وأخذوا مقابله ذهبا كما يقال ولكنهم لم يترجموا شىء فكتاب السياسة الذى ترجم حديثا من اليونانية للعربية لا يوجد فيه لفظ واحد متشابه مع كتاب السريان وهو ما يؤكد أن كل التراث العالمى هو مجرد تزويرات
وتساءل الجمل :
"ولنا أن نسأل : ما الفرق بين حائر وحيران، وجائع وجوعان، وغاضب وغضبان ؟
فالكلمة بدون النون المسبوقة بالفتحة الطويلة تدل على صفة فى الفاعل. أما الاسم المنسوب بالنون المسبوقة بالفتحة الطويلة، فإنه يدل على أن المنسوب من جنس المنسوب إليه وذاته وحقيقته، وكأنه يقول فى ظمآن أنا الظمأ الذى يشعر به الناس على سبيل المبالغة .
ومما سبق نعلم أن قِريُنُا qery?n? القاف والراء فيها من أصل الفعل قرُا q?r? والياء منقلبة عن الهمزة، والنون المسبوقة بالفتحة الطويلة من النسب الذاتى، والألف المسبوقة بالفتحة الطويلة ـ التى تنطق كما لو كانت فتحة طويلة لأن الألف مد للفتحة الطويلة قبلها ـ فى نهاية الاسم للتعريف .
وعلى ذلك يمكننا تحليل كلمة قِريُنُا على النحو التالى : قِريُنُا qery?n? اسم مفرد مذكر معرفة، النكرة منه قِريُن qery?n وهو اسم منسوب بالنون للدلالة على النسب الذاتى، أما المنسوب إليه قرُيُا q?r?y? " القراءة " فالنكرة منه قرُي q?r?y ، وبإضافة نون النسب المسبوقة بالفتحة الطويلة ن ?n أعنى قرُي + ُن = قرُيُن q?r?y?n وبعد حذف حركة الراء (وفقاً لقاعدة : إذا تحرك الآخر سكن ما قبله) فتصير قريُن q?ry?n ثم نحرك حرف القاف (وفقاً لقاعدة : إذا اجتمع ساكنان فى أول الكلمة نحرك الأول بالكسرة الممالة) فتصير قِريُن qery?n" قراءة " (وإذا أريد تعريفها فى اللغة السريانية بالألف المسبوقة بالفتحة الطويلة فى نهاية الاسم) تصير قِريُنُا qery?n? .
وإذا نظرنا إلى الاسم المنسوب إليه قرُيُا q?r?y? نجد أنه قد وافق المعنى الذى ورد مع الاسم قِريُنُا qery?n? وهذا يجعلنا نسأل سؤالاً: ما الفرق بين دلالة اللفظين ؟ ونجيب فنقول : إن قرُيُا q?r?y? تعنى صورة القراءة، أما قِريُنُا qery?n? فتعنى حقيقة القراءة، وهو تعبير شائع فى العربية والسريانية، وهو استعمال النون للدلالة على ذات الشىء وحقيقته، وهذا النوع لم يكن مقتصراً على هذه الكلمة، فاللغة السريانية بها كلمات من هذا النوع وعلى الوزن نفسه نجد كلمة نِشيُنُا ne?y?n? " نسيان " وهى من الفعل الناقص نشُا n??? "نسى" ، بالمقارنة مع كلمة قِريُنُا qery?n? من الفعل قرُا q?r? ."
وبعد هذا الحديث اللغوى عن السريانية فى القرآن أعلن الجمل أن تحليلات المستشرقين أو قل الكفار الغربيين ليس لها أساس عن كون قريانا أو قرينا هى القرآن فقال :
"وعلى ذلك فإن الافتراض الذى طرحه المستشرقون، ومفاده أن كلمة "القرآن" مأخوذة من الكلمة السريانية قِريُنُا qery?n? ، أمر لايقبله البحث العلمى، ناهيك عن أنه محض وهم وافتراء، وذلك وفقاً لرؤيتنا التالية : وجود جذر القاف والراء والهمزة فى اللغات الثلاث ـ ففى العربية قَرَأَ qara'a وفى العبرية ????? q?r? وفى السريانية قرُا r??q ـ إنما يدل بوضوح على أنه جذر سامى الأصل ، هذه واحدة .
الثانية : افترض (لوكسنبرج) أن كلمة " القرآن " قد مرت بمراحل أربع لكى تصل إلى هذه الصيغة، بداية من اللفظ السريانى قِريُنُا qery?n? إلى كلمة "قرآن"، ونحن نقول : العكس هو الصحيح ، لأن معظم الأفعال المهموزة فى اللغة السريانية قد صيغت قياساً على الأفعال الناقصة بالياء، وصار الفعل قرُا q?r? " قرأ " مثل الفعل نشُا n??? " نسى " كما قُلبت الهمزة ياءً ـ لفظاً وخطاً ـ فى المصدر الاسمى والاسم المنسوب، حيث نقول فى المصدر الاسمى قرُيُا q?r?y? " القراءة "، ونقول فى الاسم المنسوب بالنون قِريُنُا qery?n? على وزن الأفعال المعتلة الآخر بالياء، تماماً مثل نِشيُنُا ne?y?n? "نسيان" .
وعلى ذلك فالسريانية هى التى مرت بمراحل صوتية وصرفية ، كانت بدايتها تسهيل الهمزة، وانتهت بقلب الهمزة ياء لفظاً وخطاً ، على حين احتفظت العربية بالهمزة لفظاً وخطاً فى الفعل " قرأ " والمصدر " قراءة " والاسم المنسوب بالنون " قرءان " .
وإذا كان المستشرقون قد افترضوا أن كلمة " القرآن " مشتقة من الفعل "قرن" وأن النون أصلية فى الكلمة، فهذا افتراض لا أساس له من الصحة، لأن النون ـ كما أوضحنا ـ هى مورفيم مشترك، مستخدم فى اللغتين العربية والسريانية، للدلالة على النسب الذاتى سواء، أكان على سبيل الحقيقة، أم المجاز.
وبتحليل كلمتى " القرآن " و " قريان " فى ضوء علم اللغة المقارن، وجدنا جذر القاف والراء والهمزة فى كل من العربية والعبرية والسريانية، الأمر الذى يؤكد أنه جذر سامى الأصل، كما أثبتنا أن العربية قد احتفظت بالهمزة لفظاً وخطاً فى الفعل " قرأ " والمصدر " قراءة " والاسم المنسوب بالنون " قرءان " ، ومالت السريانية إلى قلب الهمزة ياء لفظاً وخطاً، مما يدل على أن الأصل احتفظت به العربية، وقد اثبتنا كذلك أن النون مورفيم مشترك مستخدم فى العربية والسريانية للدلالة على النسب الذاتى"
وحتى دفاع الجمل عن وجود اصل سامى يستند للعلم الغربى وهو علم يثبت وجود ثلاث أولاد لنوح(ص) سام وحام ويافث بينما الرجل لم ينجب سوى واحد وهو الولد الكافر كما قال تعالى :
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا "
فكل ما تبقى من عائلته هم والديه الذين أسلما ولذا لا نجد له ذرية فبنو إسرائيل وغيرهم ليسوا من ذريته وإنما ذرية من ركبوا معه كما قال تعالى :
"وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ جَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا"
المؤلف أحمد محمد علي الجمل والجزء الذى اخترناه من الكتاب يدور حول فرية من فرى الكفار وهى أن كلمة القرآن العربية هى نفسها كلمة قريانا أو قرينا السريانية
وقد استهل الجزء بما جاء عن الكلمة فى دائرة المعارف الإسلامية الإنجليزية والكتاب كلهم من الكفار فقال
لفظ القرآن
"إذا نظرنا إلى مادة "القرآن" التى كتبها بالإنجليزية A.T.Welch أ.ت.ويلش فى دائرة المعارف الإسلامية، نجد أنه يقول : إن المستشرقين قد قبلوا النظرية التى قال بها المستشرق الألمانى F.Schwally ف.ش?الى فى كتابه : Geschichte des Qorans "تاريخ القرآن" : إن لفظة "القرآن" مأخوذة من الكلمة السريانية قِريُنُا qery?n? ، ومعناها : القراءة المقدسة، ثم تناول الكاتب أراء علماء الإسلام فى لفظة "قرآن" ، مقرراً أن النظرة الغالبة لدى الدوائر الإسلامية ترى أن كلمة "قرآن" اسم من "قرأ" ، وكلا الرأيين يجد لنفسه سنداً من القرآن "
ويرى الكاتب أن لفظة "القرآن" قد وردت فى الخط الكوفى القديم بدون همزة، هكذا "القران" ويرى أنها ـ بهذا الشكل ـ مشتقة من الفعل : "قرن" ، وليس من "قرأ" ومن ثم يرى الكاتب أن أفضل النتائج وأقربها قبولاً، أن مصطلح "القرآن" قد ظهر لأول مرة بظهور القرآن لكى يمثل كلمة قِريُنُا qery?n? السريانية ودلالتها وقد بُنى على وزن عربى وهو فُعلان المشتق من "قرأ" ليكون مناسباً ومنسجماً مع التراكيب القرآنية العربية ."
وذكر أن كاتب المادة فى الدائرة استشهد برأى أحد الألمان على صحة ما ذهب إليه فقال :
"ويستشهد الباحث الألمانى (لوكسنبرج) بدائرة المعارف الإسلامية باللغة الإنجليزية فى كتابه " القراءة السريانية للقرآن ـ مساهمة فى تفسير لغة القرآن" فيقول : إن هذه الدراسة تنطلق من حقيقة أساسية وهى أن مصطلح "قرآن" يمثل المفتاح لفهم اللغة القرآنية، وأن الغرب توصل إلى أن المفاهيم الحضارية مثل "قرأ" وكذلك "كتب" لا يمكن أن تكون من أصل عربى ولذلك يمكننا أن نفترض أنها قد انتقلت إلى المناطق العربية من الناحية الشمالية، وما دامت اللغة السريانية تمتلك ـ إلى جانب الفعل قرُا "قرأ" ـ الاسم قِريُنُا qery?n? بمعنيه : القراءة أو التلاوة ، فإن ذلك يقوى الظن بعدم كون مصطلح "القرآن" قد تطور فى العربية، وإنما هو لفظ مستعار من الكلمة السريانية على وزن فعلان ."
واستدل أيضا بما كتبه نولدكه فقال :
"ثم يقرر أن الأصل السريانى لكلمة "قرآن" الذى افترضه نولدكه فى كتابه Geschichte des Qorans "تاريخ القرآن" قد انتشر منذ ذلك الحين فى الكتابات الغربية ، حتى إن الإشارة إلى الأصل المسيحى السريانى للقرآن فى الموسوعات الغربية صار أمراً بديهياً ويفترض (لوكسنبرج) أن الكتابة الصوتية العربية للفظة الآرامية السريانية قِريُنُا qery?n? لابد وأنها كانت تُنطق فى الأصل "قريان" ، وإن كانت النسخ الموجودة من القرآن حتى الآن لا تثبت الكتابة المفترضة، إلا أن المصطلح الآرامى السريانى يزيد من احتمالية الكتابة بهذا الشكل"
وتحدث عن= أربع مراحل تخيلها لو كسنبرج فقال :
" وقد مر هذا المصطلح بمراحل أربع، كما يرى (لوكسنبرج) هى :
1. المرحلة الأولى : كانت الكلمة السريانية قِريُنُا qery?n? تكتب "قرين"، وتنطق "قريان".
2. المرحلة الثانية : حُذِف حرف الياء من قرين بلا عوض، فنشأت عنه الصيغة المختصرة :"قرن" المنطوقة بالمد بعد الراء "قران".
3. المرحلة الثالثة : أُدخلت الألف بعد ذلك إلى الصيغة الكاملة بنفس النطق السابق، فصارت: قران .
4. المرحلة الرابعة : أُلحقت الهمزة بالصيغة السائدة اليوم فى الإصدارات النموذجية للقرآن، فصارت: "قرءان" .
وقد أدى ذلك التطور إلى التخلى عن النطق الآرامى السريانى الأصلى قِريُن qery?n أمام النطق المعرب "قُرءان" على غرار "فُرقان" "
وهو كلام لا يستند لشىء من العلم ولا حتى من الكتب التراثية أو نسخ القرآن القديمة حيث لا يوجد كتاب واحد مكتوب فيه تلك الكلمات المتخيلة والتى تعبر عن المراحل الثلاثة الأولى فالقديم والحديث من نسخ المصحف اللفظ فيها واحد بدون
وتعرض لرأى منجانا الإيطالى فقال :
"أما A.Mingana "أ. مِنجانا" فقد قال علينا أن نلاحظ أن المعرفة الناقصة باللغات السامية إلى جانب العربية، غالباً ما تجعل استنتاجات العلماء المسلمين غير جديرة بالاعتماد، فضلاً عن كونها مضللة. وعلى الناقد أن يشدد من حرصه فى التعامل مع كتبهم، التى تعد ـ على أحسن الأحوال ـ ممهدات تاريخية للموضوع فقط ويستطرد " مِنجانا" قائلاً إن معالجة النص القرآنى بعيداً عن الشراح المسلمين، سيعطينا قدراً وفيراً من المعلومات الجديدة، وإن الكفايات الضرورية التى يجب على الباحث أن يتسلح بها هى معرفة جيدة بالسريانية، والعبرية، والحبشية، إذ يبدو أن للغة الأولى تأثيراً واضحاً على نص القرآن ويستدل على ذلك بقوله: إذا أخذنا العدد (100) كوحدة للتأثيرات الأجنبية على أسلوب القرآن ومصطلحاته ، فإننا نستطيع أن نورد بثقة ـ لحدٍ ما ـ النسب التالية : الحبشية تمثل 5 بالمئة من الكل، والفارسية حوالى 5 بالمئة، والعبرية 10 بالمئة، واليونانية واللاتينية 10 بالمئة، والسريانية حوالى 70 بالمئة"
وهذا الكلام من منجانا هو تخيل ووهم فلا أحد يقدر على الرجوع للماضى لمعرفة أى كلم من هنا وأى كلمة من هناك وحتى الكتب التراثية فى تلك اللغة لا يمكن التأكد من لفظة واحدة منها أنها كانت فى اللغة هذه ولم تكن فى اللغة تلك خاصة مع وجود كتب تدل على ذلك فى تلك اللغات
وتحدث الجمل عن جعل الكفار القرآن من عند غير الله فقال :
"لقد أنكر المستشرقون على القرآن أن يكون من عند الله، كما استعظموا أن يكون من تأليف محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدون الرجوع إلى المصادر النصرانية، فخاضوا بغير علم فى إثبات نقل كلمة "القرآن" من السريانية، وهم بذلك يستدلون بعجمة اللفظ على عجمة الفكر، وهذا يتضح من عنوان مقالة "منجانا" الذى استعمل كلمة "أسلوب القرآن" بدلاً من "ألفاظ القرآن" .
وإذا كان "منجانا" قد ذكر أن علماء المسلمين كانت نتائجهم غير صحيحة لعدم إلمامهم باللغات السامية، فإننا نرى أنهم قدموا الكثير من الدراسات اللغوية فى القرآن الكريم، ولا نقلل من جهودهم العظيمة فى هذا المجال، وكما أن العلم البشرى يكمل بعضه البعض، فإننا سنقدم تحليلاً لكلمة القرآن فى ضوء علم اللغة المقارن بين العربية والسريانية للوصول إلى أصلها ."
وتحدث عن الأصول اللغوية والغريب أن من كتبها ليسوا أهالى تلك اللغات وإنما الغربيين الكفار فقال :
"قِريُنُا qery?n? والقرآن تستعمل السريانية الفعل قرُا r??q الذى يقابل فى العربية قَرَأَ qara'a وفى العبرية ????? q?r? .
ونلاحظ ـ هنا ـ أن العربية قد احتفظت بحركة الحرف الأخير (الحركة الإعرابية) بينما حُذفت تلك الحركة فى العبرية والسريانية، فأدى حذفها فى اللغتين الأخيرتين إلى إطالة الحركة السابقة عليها، مع تخفيف الهمزة، وتفصيل ذلك فيما يلى
فى العربية قَرَأَ qara'a
فى السريانية قرُا r??q ? q?ra' ? qara'a
فى العبرية ????? q?r? ? q?ra' ? qara'a
وقد أدى تخفيف الهمزة فى الأفعال المهموزة اللام فى السريانية إلى اختلاطها بالأفعال الناقصة، فبعد سقوط حركة الهمزة وتخفيفها بإطالة الحركة السابقة عليها، صارت الأفعال المهموزة اللام فى السريانية كالأفعال الناقصة فيها، وقد صيغت معظم الأفعال المهموزة قياساً على الأفعال الناقصة . فصارت الأفعال المهموزة، مثل :الفعل ملاُm?l? "ملأ "، والفعل قرُا r??q "قرأ" ، والفعل سنُا s?n? "شَنَأَ ـ أبغض" ، كالأفعال الناقصة، مثل: نشُا n??? " نسى" ، رمُا r?m? " رمى " .
وأدى ذلك إلى ظهور الياء لفظاً وخطاً فى المصدر الاسمى ، فنقول قرُيُا q?r?y? "القراءة" من الفعل قرُا r??q "قرأ" المهموز الأصل، مثل : رمُيُا r?m?y? "الرمى" من الفعل رمُا r?m? "رمى" الناقص بالياء .
فوجود الفعل ـ قرُا r??q الذى يقابل فى العربية قَرَأَ qara'a وفى العبرية ????? q?r? ـ فى اللغات السامية الثلاثة، يدل عل أن هذا الجذر سامى الأصل، والياء بعد الراء فى قِريُنُا qery?n? منقلبة عن همزة، والنون للنسب فى اللغتين وبيانها كالتالى :
من المعروف الآن أن مورفيم النسب فى اللغة العربية والسريانية له ثلاث ألومورفات، كلها مقيدة فى نهاية الاسم، وتختلف دلالة الاسم المنسوب باختلاف الألومور، نعرض اختلاف هذه الدلالات، فيما يلى :
1. ألومورف الياء : يدل على النسب الحقيقى إذا كان المنسوب إليه علماً لشخص أو مكان. الغرض منه ـ فى هذه الحالة ـ هو جعل المنسوب من آل المنسوب إليه، مثل: اَبرُؤُمُيُاabr?h?m?y?' "إبراهيمى" نسبة إلى اَبرُؤُم abr?h?m' "إبراهيم"، وكلمة اٌورشلِمُيُا '?r??lem?y? "أورشليمى" نسبة إلى اٌورشلِم '?r??lem "أورشليم". كما يدل ألومورف الياء أيضا على النسب التقليدى إذا كان المنسوب إليه اسم جنس، وهنا يكون الغرض منه هو اكتساب المنسوب صفة المنسوب إليه، مثل: كيُنُيُا k?y?n?y? "طبيعى" نسبة إلى كيُنُا k?y?n? "الطبيعة".
2. ألمورف النون : يدل على النسب الذاتى إذا كان المنسوب إليه اسم جنس، حينئذ يكون الغرض منه، هو إظهار صفة ذاتية للمنسوب، مثل : سَؤرُنُا sahr?n? " هلال ـ قمري " نسبة إلى سَؤرُا sahr? " القمر" إذ هو الهلال على سبيل الحقيقة. غير أنه قد يُطلق على الشخص على سبيل المبالغة. لأننا نلاحظ أن لفظ سَؤرُنُا sahr?n? فى السريانية، يتوافق فى دلالته مع العربية، لأن السهر مرتبط بالقمر.
3. ألمورف النون والياء : يدل على النسب الشبيه بالذاتى إذا كان المنسوب إليه ذاتياً، ويكون الغرض منه هو إظهار صفة شبه ذاتية للمنسوب، مثل : روٌحُنُيُا r?h?n?y? " روحانى " نَفشُنُيُا naf??n?y? " نفسانى " وإن كنا نرى أن النسب الشبيه بالذاتى قد مر بمرحلتين، الأولى: النسب بالنون المسبوقة بالفتحة الطويلة، والثانية: النسب بالياء أما علماء اللغة العربية فلم يذكروا النسب بالنون، على الرغم من وجود كلمات كثيرة من هذا النوع فيها، ونرى أن النسب الذاتي (بالنون) الذى يأتى على سبيل الحقيقة، يتجلى بوضوح في كلمة: " الرحمن " فهي صفة ذاتية لرب العزة تدل على أن المنسوب هو ذات المنسوب إليه حقيقة. لذلك نرى افتتاحية سور القرآن الكريم بقوله تعالى: { بسم الله الرحمن الرحيم }
فكلمة (الرحمن) تدل على الرحمة ، وكلمة (الرحيم) تدل على الرحمة أيضاً، إلا أن كلمة (الرحمن) تدل على صفة ذاتية لا يجوز اتصاف غيره بها. أما كلمة (الرحيم) فهي تدل على صفة عامة يجوز اتصاف غير الله بها. وقد وصف رب العزة رسوله بأنه رحيم فى قوله تعالى:{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} الأمر الذى يعطينا دلالة للنون المسبوقة بالفتحة الطويلة، تكمن فى أن الرحمة فى الرحيم، هى صورة من صور الرحمة، حتى ولو كانت رحمة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أما الرحمة فى الرحمن فهى حقيقة الرحمة، فالنسب بالنون يعطى حقيقة الرحمة وذات الرحمة، أما ما عداها فهو صورة من صور الرحمة.
ونرى أن النسب الذاتي الذى يأتى على سبيل الحقيقة، يتضح لنا فى كلمة {الحيوان}* التى وردت فى قوله تعالى : { وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ } فكلمة { الحيوان } هى صفة ذاتية للدار الآخرة تدل على أن المنسوب " الدار الآخرة " هو ذات وأصل المنسوب إليه " الحياة ".وهذا أمر له دلالة عظيمة، هى أن الحياة الدنيا صورة من صور الحياة، أما الحياة فى الدار الآخرة فهى الحيوان أي حقيقة الحياة، وقس على ذلك الفرق بين القراءة والقرءان ، فالقراءة فى أى كتاب هى صورة للقراءة ، أما القرءان فهو حقيقة القراءة، وكذلك الفرق بين الرضى والرضوان والفرق والفرقان
وهناك شواهد كثيرة على وجود مورفيم النون المسبوقة بالفتحة الطويلة للدلالة على النسب الذاتى فى كلام الشعراء العرب قبل نزول القرءان، نذكر منها على سبيل :
قول عنترة بن شداد
يا طائِراً قَد باتَ يَندُبُ إِلفَهُ وَيَنوحُ وَهوَ مُوَلَّهٌ حَيرانُ
وقول المُتَنَخّل
لَو أَنَّهُ جاءَني جَوعانُ مُهتَلِكٌ مِن بُؤَّسِ الناسِ عَنهُ الخَيرُ مَحجوزُ
وقول شمر الحنفى
غَضْبانَ ممتلئاً عليَّ إهابهُ إنّي وربِّكَ سُخْطُهُ يرْضيني"
وما ذكره الجمل من استشهادات لغوية من اللغتين لا يدلنا على تاريخ اللغتين ولا على أصولهما وإنما هو
كلام لا يمكن لأحد التأكد منه اطلاقا لأن الإثبات العلمى يحتاج إلى إحياء الموتى لكى نعلم كيف تكلموا ونطقوا تلك الألفاظ وهل هؤلاء أخذوا عن أولئك أو العكس أم لم يأخذ أحد شىء
الغريب أن كتب اللغة العربية ألفت بعد نزول القرآن بقرون والكتب السريانية اللغوية تعتبر بالنسبة لى مزورة مثلها مثل ترجمات السريان الكاذبة لكتب اليونان فقد ترجموا كتاب السياسة لأرسطو فى العصر العباسى وأخذوا مقابله ذهبا كما يقال ولكنهم لم يترجموا شىء فكتاب السياسة الذى ترجم حديثا من اليونانية للعربية لا يوجد فيه لفظ واحد متشابه مع كتاب السريان وهو ما يؤكد أن كل التراث العالمى هو مجرد تزويرات
وتساءل الجمل :
"ولنا أن نسأل : ما الفرق بين حائر وحيران، وجائع وجوعان، وغاضب وغضبان ؟
فالكلمة بدون النون المسبوقة بالفتحة الطويلة تدل على صفة فى الفاعل. أما الاسم المنسوب بالنون المسبوقة بالفتحة الطويلة، فإنه يدل على أن المنسوب من جنس المنسوب إليه وذاته وحقيقته، وكأنه يقول فى ظمآن أنا الظمأ الذى يشعر به الناس على سبيل المبالغة .
ومما سبق نعلم أن قِريُنُا qery?n? القاف والراء فيها من أصل الفعل قرُا q?r? والياء منقلبة عن الهمزة، والنون المسبوقة بالفتحة الطويلة من النسب الذاتى، والألف المسبوقة بالفتحة الطويلة ـ التى تنطق كما لو كانت فتحة طويلة لأن الألف مد للفتحة الطويلة قبلها ـ فى نهاية الاسم للتعريف .
وعلى ذلك يمكننا تحليل كلمة قِريُنُا على النحو التالى : قِريُنُا qery?n? اسم مفرد مذكر معرفة، النكرة منه قِريُن qery?n وهو اسم منسوب بالنون للدلالة على النسب الذاتى، أما المنسوب إليه قرُيُا q?r?y? " القراءة " فالنكرة منه قرُي q?r?y ، وبإضافة نون النسب المسبوقة بالفتحة الطويلة ن ?n أعنى قرُي + ُن = قرُيُن q?r?y?n وبعد حذف حركة الراء (وفقاً لقاعدة : إذا تحرك الآخر سكن ما قبله) فتصير قريُن q?ry?n ثم نحرك حرف القاف (وفقاً لقاعدة : إذا اجتمع ساكنان فى أول الكلمة نحرك الأول بالكسرة الممالة) فتصير قِريُن qery?n" قراءة " (وإذا أريد تعريفها فى اللغة السريانية بالألف المسبوقة بالفتحة الطويلة فى نهاية الاسم) تصير قِريُنُا qery?n? .
وإذا نظرنا إلى الاسم المنسوب إليه قرُيُا q?r?y? نجد أنه قد وافق المعنى الذى ورد مع الاسم قِريُنُا qery?n? وهذا يجعلنا نسأل سؤالاً: ما الفرق بين دلالة اللفظين ؟ ونجيب فنقول : إن قرُيُا q?r?y? تعنى صورة القراءة، أما قِريُنُا qery?n? فتعنى حقيقة القراءة، وهو تعبير شائع فى العربية والسريانية، وهو استعمال النون للدلالة على ذات الشىء وحقيقته، وهذا النوع لم يكن مقتصراً على هذه الكلمة، فاللغة السريانية بها كلمات من هذا النوع وعلى الوزن نفسه نجد كلمة نِشيُنُا ne?y?n? " نسيان " وهى من الفعل الناقص نشُا n??? "نسى" ، بالمقارنة مع كلمة قِريُنُا qery?n? من الفعل قرُا q?r? ."
وبعد هذا الحديث اللغوى عن السريانية فى القرآن أعلن الجمل أن تحليلات المستشرقين أو قل الكفار الغربيين ليس لها أساس عن كون قريانا أو قرينا هى القرآن فقال :
"وعلى ذلك فإن الافتراض الذى طرحه المستشرقون، ومفاده أن كلمة "القرآن" مأخوذة من الكلمة السريانية قِريُنُا qery?n? ، أمر لايقبله البحث العلمى، ناهيك عن أنه محض وهم وافتراء، وذلك وفقاً لرؤيتنا التالية : وجود جذر القاف والراء والهمزة فى اللغات الثلاث ـ ففى العربية قَرَأَ qara'a وفى العبرية ????? q?r? وفى السريانية قرُا r??q ـ إنما يدل بوضوح على أنه جذر سامى الأصل ، هذه واحدة .
الثانية : افترض (لوكسنبرج) أن كلمة " القرآن " قد مرت بمراحل أربع لكى تصل إلى هذه الصيغة، بداية من اللفظ السريانى قِريُنُا qery?n? إلى كلمة "قرآن"، ونحن نقول : العكس هو الصحيح ، لأن معظم الأفعال المهموزة فى اللغة السريانية قد صيغت قياساً على الأفعال الناقصة بالياء، وصار الفعل قرُا q?r? " قرأ " مثل الفعل نشُا n??? " نسى " كما قُلبت الهمزة ياءً ـ لفظاً وخطاً ـ فى المصدر الاسمى والاسم المنسوب، حيث نقول فى المصدر الاسمى قرُيُا q?r?y? " القراءة "، ونقول فى الاسم المنسوب بالنون قِريُنُا qery?n? على وزن الأفعال المعتلة الآخر بالياء، تماماً مثل نِشيُنُا ne?y?n? "نسيان" .
وعلى ذلك فالسريانية هى التى مرت بمراحل صوتية وصرفية ، كانت بدايتها تسهيل الهمزة، وانتهت بقلب الهمزة ياء لفظاً وخطاً ، على حين احتفظت العربية بالهمزة لفظاً وخطاً فى الفعل " قرأ " والمصدر " قراءة " والاسم المنسوب بالنون " قرءان " .
وإذا كان المستشرقون قد افترضوا أن كلمة " القرآن " مشتقة من الفعل "قرن" وأن النون أصلية فى الكلمة، فهذا افتراض لا أساس له من الصحة، لأن النون ـ كما أوضحنا ـ هى مورفيم مشترك، مستخدم فى اللغتين العربية والسريانية، للدلالة على النسب الذاتى سواء، أكان على سبيل الحقيقة، أم المجاز.
وبتحليل كلمتى " القرآن " و " قريان " فى ضوء علم اللغة المقارن، وجدنا جذر القاف والراء والهمزة فى كل من العربية والعبرية والسريانية، الأمر الذى يؤكد أنه جذر سامى الأصل، كما أثبتنا أن العربية قد احتفظت بالهمزة لفظاً وخطاً فى الفعل " قرأ " والمصدر " قراءة " والاسم المنسوب بالنون " قرءان " ، ومالت السريانية إلى قلب الهمزة ياء لفظاً وخطاً، مما يدل على أن الأصل احتفظت به العربية، وقد اثبتنا كذلك أن النون مورفيم مشترك مستخدم فى العربية والسريانية للدلالة على النسب الذاتى"
وحتى دفاع الجمل عن وجود اصل سامى يستند للعلم الغربى وهو علم يثبت وجود ثلاث أولاد لنوح(ص) سام وحام ويافث بينما الرجل لم ينجب سوى واحد وهو الولد الكافر كما قال تعالى :
رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا "
فكل ما تبقى من عائلته هم والديه الذين أسلما ولذا لا نجد له ذرية فبنو إسرائيل وغيرهم ليسوا من ذريته وإنما ذرية من ركبوا معه كما قال تعالى :
"وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ جَعَلْنَاهُ هُدًى لِبَنِي إِسْرَائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا"