مستقبل التمويل الإسلامي في ظل الاضطرابات الاقتصادية التي يشهدها العالم
شهدت الفترة المؤخرة اتجاه عدد كبير من الدول الاقتصادية الكبرى نحو التمويل الإسلامي وبدءوا في تغيير قوانينهم المالية بما يتوافق مع نظام التمويل الإسلامي، وذلك بعد أن بذلت هذه الدول جهودا كبيرة لتحديد أسباب وعوامل حدوث الانهيارات الاقتصادية المتتابعة بهدف التخفيف من آثارها من خلال تبني سياسات الاستقرار التي تهدف إلى الحد من اقتصاد المضاربات الذي لا يرتبط بالاقتصاد الحقيقي، وتحجيم المديونيات التي تؤدي إلى اختلال التوازن الاقتصادي، ومن هذه البدائل التي سعت إلى استخدامها الدول الصناعية الكبرى هي التمويل الإسلامي لما يتميز به من توزيع المخاطرة، وتجنب بيع الديون والمجازفات، وتشجيع الاستثمارات المرتبطة بالاقتصاد الحقيقي، وفي هذه المقالة سوف نتحدث عن مستقبل التمويل الإسلامي في ظل التراجع الاقتصادي الذي يشهده العالم إلى جانب الاضطرابات السياسية. ولا شك أن هذه الأزمة المالية قد منحت التمويل الإسلامي فرصة ذهبية لتقدم للعالم نموذج أعمالها بديلا عن المصرفية التقليدية، كما أن الأزمة المالية منحتها فرصة تنشيط أعمالها وتوسيع أسواقها عبر فتح أسواق جديدة لها، حيث أن المصرفية الإسلامية جذبت انتباه العالم في ظل الأزمة التي طالت وهددت كبريات المؤسسات المالية العالمية كما حققت خلال العقود الماضية نجاحات عديدة ولا يزال أمامها الكثير لإنجازه في تطوير المنتجات المصرفية.
لقد توهم الكثير من الناس أن الحياة الاقتصادية المعاصرة لا يمكنها البقاء والاستمرار بدون سعر الفائدة، إذ إنه يعد الأداة الأساسية لإدارة النظام النقدي والمصرفي والمالي فهو العامل المؤثر في المدخرات والقروض وهو المعيار الذي يضمن انتقاء المشاريع الاقتصادية كما أن سعر الفائدة يعد حلقة الارتباط بين رأس المال والعمل، ولا يعقل أيضا أن تقوم المؤسسات المالية بتمويل المشاريع دون أن يحصلوا على عائد، في الوقت الذي لا يعقل فيه أيضا أن تقتنع البنوك والمؤسسات المالية بضرورة المشاركة في الاستثمارات، وعليه فإلغاء نظام الفائدة ظلم لأصحاب الأموال وشلل للنظام الاقتصادي وتشجيع للاكتناز ولتسرب الأموال إلى الخارج، مما يعرض الاقتصاد إلى المزيد من المديونية الخارجية لتمويل العملية الاستثمارية على أساس سعر الفائدة التي لا مفر منها، بل إن وجود النظام الاقتصادي المعاصر بمؤسسات الحديثة مرهون بوجود سعر الفائدة وغياب هذا السعر معناه بكل وضوح الفناء والدمار.
ولكن مع مرور الوقت بدأت هذه الأوهام تتلاشى في نظر الاقتصاديين الغربيين أنفسهم الذين اقتضتهم الموضوعية في الدراسة ليتوصلوا إلى أن سعر الفائدة هي تضخم الاقتصاد وهو ما ظهر جليا في أزمة الرهونات العقارية في الولايات المتحدة.
وقد توصل الاقتصاديين الغربيين إلى أن نظام التمويل الإسلامي يستطيع أن يساهم بصورة فعالة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي والنقدي وفي محاربة التضخم أيضا، كما أن هذا النظام يستطيع أن يحقق توزيع أكثر عدالة للدخل القومي، بعد أن اتضح لهم أن سعر الفائدة أداة رديئة في تخصيص الموارد وتعزز الاتجاهات الاحتكارية، كما أنه لا يوجد ترابط إيجابي بين سعر الفائدة وبين الادخار، كما اتضح أيضا أن سعر الفائدة من أهم عوامل عدم الاستقرار في الاقتصاديات الرأسمالية المعاصرة، إلى جانب التيقن بأن معدل الربح هو المحرك الأساسي لديناميكية الإنتاج والنمو في الاقتصاديات الرأسمالية وليس سعر الفائدة.
لقد شاع وانتشر في الحياة الاقتصادية أن النشاط المصرفي هو صناعة غربية لكونها مرتبطة بشكل أساسي بسعر الفائدة وقد ترسخت هذه الأوهام شيئا فشيئا في الدول العربية نتيجة عدة عوامل أهمها البغض الكبير من الغرب للعرب، ولكن الحقيقة تشير إلى غير ذلك، فقد بدأ المسلمين العمل المصرفي منذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حيث عرف الصحابة نظام الإيداع المصرفي الذي تنقلب فيه الوديعة إلى قرض يرد بمثله عند الطلب، كما أن الإسلام عرف مجال التعامل بالعملات لما رواه ابن عمر أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم أنه يبيع الإبل بالبقيع فيبيع بالدنانير ويأخذ الدراهم ويبيع بالدرهم ويأخذ الدنانير فقال عليه الصلاة والسلام لا بأس أن تأخذها بسعر يومها ما لم تفرقا وبينكما شيء.
وفي مجال استعمال الصكوك المسحوبة على الصيارفة لتأدية المدفوعات بدلا من الدفع النقدي حتى في حالة إعطاء المنح والمكافآت للأدباء والشعراء حيث اشتهر ذلك في سوق البصرة وصارت له قواعد وأصول معروفة من حيث طريقة الختم والشهود حيث أصبح وجود الصراف لا غنى عنه في سوق البصرة في القرن الرابع الهجري، وقد كان المتعاملين بالسوق يقوموا بوضع كل ما لديهم من مال عند الصراف ويأخذ منه صكا ثم يشتري كل ما يلزمه ويحول الثمن على الصراف ولا يستخدم المشتري شيئا غير صك الصراف طالما كان يقيم بالمدينة.
التمويل الإسلامي في دول مجلس التعاون الخليجي من 2008 إلى 2010
لقد ألقت الأزمة المالية العالمية بغيومها كما ذكرنا سابقا على أداء الاقتصاد العالمي ككل خلال 2008 / 2009 ولم تكن الأسواق الكبرى للتمويل الإسلامي بمنأى عن مخاطر هذه الأزمة، وفي الوقت الذي تكبدت في المصارف على مستوى العالم خسائر بلغت 700 مليار دولار أمريكي في العام 2008، تأثرت أيضا مصارف دول مجلس التعاون الخليجي بالأزمة المالية، إذ لم تشهد إلا نموا محدودا جدا 2009، بسبب ندرة السيولة، وتزايد إدراك المخاطر بالإضافة إلى التخلف عن سداد التسهيلات الائتمانية.
ومنذ بداية الأزمة في العام 2008، زادت دخول المنتجات المصرفية الإسلامية إلى الأسواق الأساسية مستغلة الارتفاع في نمو الأصول مقارنة بالبنوك التقليدية، إلا أن القيمة السوقية للمصارف الإسلامية وربحيتها تعرضت لضغوط هائلة مما أدى إلى تضييق الفارق بينها وبين المصارف التقليدية، وقد سجلت عائدات المصارف الإسلامية انخفاضا هائلا في عام 2008، ولاسيما الانخفاض الناتج عن انخفاض الدخل المحقق من أنشطة الاستثمار، وكانت بعض المصارف الإسلامية أكثر تأثرا بالقروض المتعثرة بالمقارنة مع المصارف التقليدية، في الوقت الذي كانت فيه المصرفية الإسلامية أكثر تعرضا للأصول العقارية من المصارف التقليدية، على الرغم من أن الكفاءة التشغيلية للمصارف الإسلامية ما زالت ضعيفة، وتبقى السيولة أيضا عائقا كبيرا أمام المصارف الإسلامية، ورغم تمكن المصارف الإسلامية من الحفاظ على حصتها السوقية من الودائع، إلا أن المنافسة أصبحت شرسة جدا مع البنوك التقليدية بالنسبة للودائع.
وفي عام 2010 بدأ الاقتصاد العالمي في رحلة التعافي وإن كانت تسير ببطء وقد أثرت بالإيجاب على قطاع التمويل الإسلامي حيث ارتفع حجم سوق التمويل الإسلامي عالميا إلى تريليون دولار، في الوقت الذي زادت فيه أيضا قيمة الصكوك المصدرة 20% لتصل إلى 36 مليار دولار.
لقد انتشرت الصناعة المالية الإسلامية في دول ليست قريبة من الإسلام أو معتقداته وذلك بعد أن تهاوي النظام الرأسمالي الذي أودى بالاقتصاد العالمي إلى مناطق سحيقة من الركود الاقتصادي، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة وغياب الشفافية، وفي هذه الفقرة سوف نورد نبذة عن تبني العديد من الدول لنظام التمويل الإسلامي.
افتتاح أول بنك إسلامي في ألمانيا
أعلنت ألمانيا مطلع 2011 أنها سوف تقوم بتبني الإستراتيجية المالية الإسلامية كخيار بديل عن الرأسمالية والاشتراكية، كما أعلنت أنها سوف تقوم بافتتاح أول بنك إسلامي في مدينة مانهايم، ضمن مساعيها لافتتاح بنوك إسلامية أخرى، كما اتجه سكان ولاية ساكسن إلى التعاملات المالية الإسلامية.
الهند تلحق بركب القافلة الإسلامية
أشار خبراء إلى أن الهند تمضي بخطوات ثابتة في تطبيق المزيد من أنظمة التمويل الإسلامي، وذلك بعد رفضها الدائم خلال السنوات الماضية لتطبيق أي نوع من هذا النظام، وقد جاءت هذه الخطوة جاءت بضغط من المسلمين ورفضهم الدائم للتعامل مع أسعار الفائدة، فيما تعمل الحكومة على التغلب على ظاهرة عزوف المسلمين عن التعامل مع البنوك التقليدية.
روسيا تسعى لتصبح بوابة التمويل الإسلامي في شرق أوروبا
تسعي موسكو لبناء نظام مصرفي إسلامي موسع، كما طلبت من ماليزيا ودول عربية مساعدتها في وضع وتنفيذ خطة لنظام مالي إسلامي متكامل، على خلفية نمو الطلب على الخدمات المالية الإسلامية فيها، حيث تسعى لأن تكون بوابة لدخول هذه النوعية من الخدمات إلى أوروبا الشرقية.
مؤتمر دولي حول التمويل الإسلامي في موريشيوس
أصبحت دولة موريشيوس واجهة مهمة في عالم صناعة المالية الإسلامية بعد أن دخلتها المصرفية الإسلامية بداية العام قبل الماضي، حيث ستقيم في الربع الأخير من العام المؤتمر الدولي حول التمويل الإسلامي، ويعد هذا المؤتمر أحد أكبر المؤتمرات، ويأتي عقده كمحاولة من الجزيرة لتحسين معدل النمو الاقتصادي من خلال زيادة الإنتاجية، ورفع مستويات المهارة من خلال تحسين التعليم وزيادة الوعي المصرفي الإسلامي لتشجيع الاستثمار في الصناعة المالية الإسلامية، وذلك في وقت تواجه فيه الجزيرة مجموعة من التحديات بسبب ارتفاع معدلات البطالة وزيادة المنافسة الخارجية لأسواق التصدير.
اليابان تصدر أول صكوك إسلامية
أعلن البنك الياباني المركزي أنه يتوجه بحذر نحو المصرفية الإسلامية، ففي خطوة جديدة قامت اليابان بإصدار صكوك مالية متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهو ما وصفه الاقتصاديون بأنها خطوة تاريخية، باعتبارها دشنت أول اختراق للصكوك الإسلامية لمجموعة الدول الثماني الكبار وهي مجموعة البلدان الصناعية السبع الكبرى وروسيا.
كوريا الجنوبية تركب موجة التمويل الإسلامي
مع انتشار الإسلام في كوريا الجنوبية، أعلنت الحكومة تطلعها إلى ركوب موجة التمويل الإسلامي والمصرفية الإسلامية لتستفيد من الفرص التي توفرها هذه الصناعة، وتعمل في المقابل على تنظيم مؤتمر دولي للتمويل الإسلامي في العاصمة سول.
تسارع وتيرة التعاملات المصرفية الإسلامية في جيبوتي
تتطلع جيبوتي إلى بناء قاعدة للاقتصاد الإسلامي والمصرفية الإسلامية، ولاسيما مع نمو اقتصادها الواعد الذي يدفع بكثير من الدول الكبرى للتسابق إليها، وتتعاون جيبوتي في هذا الخصوص مع دول متقدمة في مجال المصرفية الإسلامية، كما هو الحال مع السعودية والسودان وغيرهما، ونجحت في تنظيم دورة تخصصية في فقه المعاملات المالية في الإسلام تحت شعار نحو مصرفية متميزة، وذلك بالتعاون مع وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف وبالتنسيق مع لجنة شباب إفريقيا في مكتب الندوة في الرياض.
موريتانيا تستغيث بالنظام المالي الإسلامي
لقد ازدادت قناعة الاقتصاديين الموريتانيين بالنظام المالي الإسلامي، حيث دعوا إلى إنشاء المزيد من المصارف الإسلامية والترخيص لها لاستقطاب المستثمرين الذين يثقون بهذه المصارف التي نجحت في الآونة الأخيرة في إثبات جدواها في كثير من دول العالم، ويؤكد أكثر المحللين والاقتصاديين الموريتانيين، أن البلاد في حاجة ماسة إلى مزيد من المصارف الإسلامية لإنعاش حركة الاستثمار والسيولة النقدية.
إندونيسيا تستضيف المنتدى الآسيوي للصكوك
نظمت إندونيسيا المنتدى الآسيوي للصكوك، وذلك في العاصمة جاكرتا، ليناقش عددا من المواضيع الرئيسة، التي من أهمها تطوير وابتكار الصكوك، إضافة إلى موضوع مهم وهو إدارة المخاطر الشرعية والقانونية وتسوية المنازعات، ويولي المؤتمر أهمية كبيرة لجانب التحكيم في تسوية النزاعات حول الصكوك التي ظهرت على الساحة أخيرا بعد أزمة الصكوك الإسلامية في دبي، إضافة إلى عولمة التمويل الإسلامي وأهمية إعداد الجيل المقبل للتعامل مع التمويل والمصرفية الإسلامية.
لقد أبدى الاتحاد الأوروبي اهتماما كبيرا للصناعة المصرفية الإسلامية حيث تزايد الطلب في هذه الأسواق على منتجات التمويل الإسلامي المختلفة لاسيما الصكوك، في ظل سعي المؤسسات هناك إلى البحث عن آليات جديدة ومقبولة للتمويل، وقد قام الاتحاد بموجب اتفاقية اقتصادية إقليمية بين ست دول متجاورة في عام 1951، والتي أصبحت حاليا منظومة تجمع ما بين الحكومات والدول، ويضم 27 دولة تقع ضمن القارة الأوروبية.
وبدأت الأعمال المصرفية الإسلامية في أوروبا في ثمانينات القرن الماضي، عندما بدأ بنك البركة بتقديم خدمات الرهن الإسلامي للعرب الخليجيين على عقارات في لندن وفق عقود الإجارة، وبعد ذلك قام بنك الكويت المتحد الذي كان يقدم بالفعل خدمات الرهن التقليدية، بتقديم البديل المتوافق مع الشريعة الإسلامية وفق عقود المرابحة في عام 1997، والتي تم تغييرها إلى الإجارة في العام التالي، وقد كانت هذه الخيارات تعد باهظة الثمن بسبب الضريبة المزدوجة التي كانت مفروضة على التمويل حتى تم الإعفاء منها في موازنة المملكة المتحدة في عام 2004. ويوجد في الوقت الحالي عدد كبير من البنوك التي تقدم خدمات الرهن الإسلامي في المملكة المتحدة منها بنك إتش. إس. بي. سي، وبنك بريطانيا الإسلامي وغيرهما الكثير.
كما ساهمت المؤسسات الرئيسية العاملة في فرنسا مثل بي. إن. بي. باريبا واتحاد البنوك العربية والفرنسية في العمليات المالية الإسلامية على مدار السنوات العشر الأخيرة، بالرغم من عدم وجود بنوك تعمل وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية حتى اليوم، وكانت هذه المعاملات تقدم كجزء من الخدمات المصرفية الاستثمارية للشركات، والتمويل التجاري وصفقات التمويل العقاري.
وبالنسبة للصكوك فقد أعلن عن أول إصدار للصكوك في أوروبا من قبل ولاية ساكسوني في عام 2004 وكانت تلك أول صكوك يتم إصدارها لحكومة أوروبية، وتم استرداد كامل مبلغ الإصدار البالغ 100 مليون يورو كقيمة لصكوك الإجارة في عام 2009. ولم يكن المقصود فقط استغلال هذا الهيكل لأغراض التمويل، وإنما كذلك كمشروع تجريبي ريادي للتعامل مع الاستثمارات في المستقبل.
وفي عام 2005، تم إصدار صكوك الحرم كأول صكوك للشركات في أوروبا، وأول صكوك من المملكة المتحدة، إذ تم تجميع الموارد المالية للصفقة من خلال عمليتي إصدار للصكوك والدين الممتاز، الذي تقدمت به لويدز تي. إس. بي، حيث تم استثمارها باستخدام هيكل مبتكر لنظام المشاركة، وهو صورة من الشراكة أو شركة المحاصة بين اثنين من الكيانات التجارية، من خلالها يساهم كل طرف في رأس مال الشراكة بحصة مساوية أو مختلفة من أجل إنشاء مشروع جديد أو من أجل المشاركة في نشاط قائم مع المشاركة في الأرباح والخسائر على أساس تناسبي.
كما تعتبر بورصة لوكسمبورغ واحدة من أكبر البورصات في أوروبا، حيث تنبع شهرتها من التسعير التنافسي، والمحفزات الضريبية، والانفتاح على العملاء الأوروبيين، فمنذ عام 2002، عندما أصبحت لوكسمبورغ أول دولة أوروبية تقوم بإصدار الصكوك، تم تسجيل 16 عملية إصدار أخرى ضمن الإصدارات التي أُدرجت في البورصة، وعن الصناديق الإسلامية في أوروبا فقد بلغت8.3% من صناعة الصناديق الإسلامية العالمية حيث تمثل أيرلندا ولكسمبورغ وحدهما ما نسبته %7.
لقد برز التمويل الإسلامي باعتباره واحدا من القطاعات الأسرع نموا في النظام المالي العالمي، وتطور ليصبح بمثابة صناعة عالمية ذات أثر كبير على نحو متزايد. ويقدر أن هناك أكثر من 430 من البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية العاملة في أكثر من 75 بلدا، ونحو 191 من البنوك التقليدية، والتي لديها نوافذ لتقديم الخدمات المصرفية الإسلامية، ومع ظهور حالات اختصاص جديدة ومثيرة بالإضافة إلى النمو القوي الذي تعرضه مراكز التمويل الإسلامي المؤسسة في الشرق الأوسط وآسيا، فقد عززت هذه الصناعة من نطاق العولمة المتزايدة الخاصة بها.
وتم عقد المؤتمر السنوي العالمي للمصارف الإسلامية - القمة الآسيوية 2011 بدعم رسمي من هيئة النقد في سنغافورة في الثامن والتاسع من يونيو 2011 في سنغافورة، وذلك لتمهيد الطريق لمناقشات حاسمة تمكن من المضي قدما في مواصلة تطوير التمويل الإسلامي من خلال الجمع بين قادة الصناعة لاستكشاف واستغلال الفرص الجديدة والمثيرة في آسيا، ولتعزيز شراكات تجارية جديدة ودعم التواصل عبر الحدود.
لقد أصبح التمويل الإسلامي محط أنظار خبراء المال على مستوى العالم وذلك للتعرف على معايير العمل بالتمويل الإسلامي، وكيف نجحت المصرفية الإسلامية في الخروج من أنياب الأزمة العالمية، حيث حققت الصناعة المالية الإسلامية لأول مرة خلال أربعة عقود من عمرها انجازا كبيرا ، مسجلة العديد من الإنجازات خلال العام الماضي 2010 ، من أهمها معدل النمو خلال عام الأزمة في حين لم تحقق المصارف التقليدية أي معدل نمو يذكر.
وفي اجتماع مؤتمر الشرق الأوسط السنوي للتمويل والاستثمار الإسلامي الذي تم عقده في دبي في شهر إبريل 2011، توقع المشاركون في المؤتمر أن يصل حجم التمويل الإسلامي إلى 4 تريليون دولار بحلول عام 2015، وأن تنتعش سوق الصكوك مع تعافي الاقتصاد العالمي، في الوقت الذي أشارت فيه التوقعات أن يستمر النمو في قطاع التمويل الإسلامي باعتباره أنه أصبح محورا رئيسيا في النظام المالي العالمي بعد الأزمة الاقتصادية.
ومع حلول 2011 شهد الإقبال على قطاع التمويل الإسلامي تزايدا كبيرا على المستوى العالمي، حيث تم عقد العديد من المؤتمرات في معظم دول العالم منها إنجلترا وأمريكا وفرنسا والهند وروسيا واليابان وغيرها وقد طُرِحت فيها عديد من القضايا المتعلقة بطبيعة الصناعة المصرفية الإسلامية، إضافة إلى توجه العديد من الدول الإسلامية إلى التوسع في قطاع المصرفية الإسلامية مثل سورية وقطر ولبنان الذي عقد فيها أول مؤتمر عن المصرفية الإسلامية تحت رعاية محافظ البنك المركزي اللبناني.
وقد صرح عدد من خبراء المال على مستوى العالم بأن الأعوام القادم سوف تشهد إنشاء بنوك مركزية ومؤسسات مالية تعمل الشريعة الإسلامية، إلى جانب حدوث طفرة نوعية في التعليم المصرفي الإسلامي تتمثل في التحول من الدورات التدريبية القصيرة إلى دبلومات مهنية لإعداد متخصصين.
وفي النهاية استطاع المؤتمر العالمي للمصارف الإسلامية الذي يعقد سنويا في مملكة البحرين أن يؤكد ريادته باعتباره المنبر الأكبر والأكثر تأثيرا في العالم على مدى السنوات الثمانية عشرة الماضية، واجتذب أكثر من 1200 من قادة الصناعة من أكثر من 50 دولة كل عام، في الوقت الذي يتبنى فيه دعم الرؤى الهادفة التي تعمل على توسيع دور التمويل الإسلامي كقناة لتدفقات التجارة ورأس المال بين آسيا وغيرها من المراكز الرئيسة للتمويل الإسلامي.
هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط (الكوكيز ) للمساعدة في تخصيص المحتوى وتخصيص تجربتك والحفاظ على تسجيل دخولك إذا قمت بالتسجيل.
من خلال الاستمرار في استخدام هذا الموقع، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.