- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
تعهد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يوم الخميس بتقديم مساعدات إلى لبنان المنكوب جراء الانفجار الهائل الذي أودى بحياة 145 شخصا، وطمأن لبنانيين غاضبين إلى أن فرنسا لن تقدم شيكات على بياض لزعماء البلاد ما لم ينفذوا إصلاحات.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يزور موقع انفجار مرفأ بيروت يوم الخميس. صورة من ممثل لوكالات الأنباء.
ودعا ماكرون في مؤتمر صحفي في ختام زيارته إلى بيروت إلى فتح تحقيق دولي في الانفجار المدمر الذي تسبب في هزة أرضية ترددت أصداؤها في أنحاء المنطقة.
ولا يزال العشرات مفقودين بعد التفجير الذي وقع يوم الثلاثاء في مرفأ بيروت وأصيب فيه 5000 شخص بجروح وأصبح بسببه ما يصل إلى ربع مليون شخص بلا مأوى يصلح للإقامة في بلد لا يزال يترنح تحت وطأة انهيار اقتصادي وانتشار حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وقال مصدر أمني إن عدد القتلى ارتفع إلى 145 قتيلا وقال مسؤولون إن من المرجح أن يرتفع الرقم.
ووعد ماكرون في أول زيارة من نوعها يقوم بها زعيم دولة أجنبية منذ الانفجار بالمساعدة في تنظيم الدعم الدولي للبنان، لكنه قال إن على الحكومة اللبنانية أن تنفذ إصلاحات اقتصادية وتشن حملة على الفساد.
وقال إنه اقترح على السلطات اللبنانية خارطة طريق لإصلاحات عاجلة من أجل السماح بتدفق مليارات الدولارات من المجتمع الدولي، وإنه سيعود إلى لبنان في سبتمبر أيلول من أجل المتابعة.
وقال ماكرون عقب اجتماعه مع الرئيس اللبناني ميشال عون في مطار بيروت ”إذا لم تنفذ إصلاحات فسيظل لبنان يعاني“.
وأضاف ”المطلوب هنا أيضا هو تغيير سياسي. ينبغي أن يكون هذا الانفجار بداية لعهد جديد“. وقال إن فرنسا ستنظم مؤتمرا دوليا لجمع مساعدات من أجل لبنان.
وأبلغ الصحفيين في وقت لاحق ببيروت أنه ينبغي إجراء تدقيق محاسبي في المصرف المركزي وتغييرات أخرى عاجلة، مضيفا أن البنك الدولي والأمم المتحدة سيلعبان دورا في أي إصلاحات لبنانية.
وأضاف ”ما لم يكن هناك تدقيق محاسبي للمصرف المركزي فخلال بضعة أشهر لن تكون هناك واردات أخرى وسيحدث نقص في الوقود والغذاء“.
والتقى ماكرون خلال الزيارة بكل الطوائف اللبنانية بما فيها جماعة حزب الله المدعومة من إيران والتي تهيمن على السياسة في لبنان. وحث الرئيس الفرنسي حزب الله على استخدام نفوذه للضغط على الحكومة لتنفيذ إصلاحات والتفكير في مصلحة لبنان وليس إيران.
وجاب ماكرون موقع الانفجار في وقت سابق وهو يرتدي رابطة عنق سوداء تعبيرا عن الحداد وزار كذلك عددا من شوارع بيروت المتضررة حيث طالبته حشود غاضبة بإنهاء نظام الحكم الذي يقولون إنه مسؤول عن الفساد وعن جر لبنان إلى كارثة.
وقال ماكرون لمجموعة من الناس ”أضمن لكم أن هذه المساعدات (لإعادة البناء) لن تذهب إلى الأيدي الفاسدة“.
وأضاف ”أرى ما تشعرون به على وجوهكم، الحزن والألم. لهذا أنا هنا“.
وقال للصحفيين في وقت لاحق بمقر إقامة السفير الفرنسي، حيث أعلن جنرال فرنسي دولة لبنان قبل مئة عام، إنه لم يعد لفرنسا أن تملي على زعماء لبنان ما يقومون به لكنه أوضح أنه قد يمارس ”ضغطا“.
وقال في مقابلة مع قناة (بي.اف.ام) التلفزيونة الفرنسية إنه إذا لم تلعب فرنسا دورها، ”وهو دور قوة تؤمن بالتعددية وتؤمن بمصلحة الشعب اللبناني، فقد تتدخل قوى أخرى، سواء كانت إيران أو السعودية أو تركيا“.
* انهيار
كان فشل الحكومة في معالجة اختلالات الميزانية والدين المتصاعد والفساد المستشري قد دفع المانحين الغربيين إلى المطالبة بالإصلاح. كما أحجمت دول الخليج عن تقديم الدعم للبنان الذي ترى أنه واقع على نحو متزايد تحت تأثير نفوذ إيران وحزب الله حليفها المحلي.
عند المرفأ الذي دمر في الانفجار الهائل يوم الثلاثاء، تجمعت أسر المفقودين بحثا عن معلومات عن أبنائها وسط تزايد الغضب الشعبي تجاه السلطات التي سمحت بتخزين كمية هائلة من مواد شديدة الانفجار لسنوات في أوضاع غير آمنة في مخزن بالمرفأ.
ووقع احتجاج صغير ولكن عنيف قرب أحد مداخل البرلمان في وسط بيروت، حيث انتشرت شرطة مكافحة الشغب بعدما أحرق بعض المتظاهرين أشياء وألقوا الحجارة على قوات الأمن، وفق ما أظهرته لقطات بثتها قنوات تلفزيونية محلية.
وأمرت الحكومة بفرض الإقامة الجبرية على بعض مسؤولي الميناء ووعدت بإجراء تحقيق شامل.
وقالت الوكالة الوطنية للإعلام اليوم الخميس إن السلطات اللبنانية أوقفت 16 شخصا في إطار التحقيق في الانفجار. وذكر مصدر قضائي ووسائل إعلام محلية أن المدير العام للمرفأ حسن قريطم ضمن المحتجزين. وقال البنك المركزي إنه جمد حسابات سبعة أشخاص بينهم قريطم ورئيس الجمارك اللبنانية.
وقال عامل البناء ربيع عزار (33 عاما) الذي جاء للمرفأ صباح يوم الخميس لمحاولة المشاركة في أعمال الإصلاح إن هؤلاء الساسة سيجدون كبش فداء لإبعاد المسؤولية عن أنفسهم. وكان عزار يتحدث قرب الأطلال المتبقية من صومعة للحبوب تناثر القمح منها على الأرض وحولها كتل من الخرسانة وأسياخ الحديد ومبان سويت بالأرض.
وقال وزير الاقتصاد راؤول نعمة إن لبنان الذي يعاني من أزمة يشهدها جهازه المصرفي ومن انهيار العملة ومن واحد من أعلى معدلات الدين في العالم لديه موارد محدودة جدا للتعامل مع الكارثة التي قدر البعض خسائرها بنحو 15 مليار دولار.
وأضاف أن البلاد بحاجة للمساعدات الخارجية.
وانهالت على البلاد عروض بالمساعدات الطبية وغيرها في حين قال المسؤولون إن المستشفيات التي أصيب بعضها بأضرار جسيمة في الانفجار لا تجد أسرة أو معدات كافية.
غير أن كثيرا من اللبنانيين الذين فقدوا وظائفهم وشهدوا تبخر مدخراتهم في الأزمة المالية حمّلوا المسؤولية للساسة الذين استفادوا من عقود من الفساد وسوء الحوكمة.
* احتيال وكذب
اتهم جان أبي حنا (80 عاما) المتقاعد الذي كان يعمل بالمرفأ وأصيب بيته بأضرار وأصيبت ابنته وحفيدته بجروح في الانفجار القيادات بالاحتيال والكذب وقال إنه لا يعتقد أن أي تحقيق سيؤدي إلى نتيجة. واتهم الساسة أيضا بتدمير البلد.
وقال مصدر مسؤول مطلع على التحقيقات الأولية إن السبب في الحادث هو عدم التصرف والإهمال.
وقال كل من شعروا بقوة الانفجار إنهم لم يشهدوا مثيلا له في سنوات الحرب والفوضى في بيروت التي تعرضت لدمار واسع في الحرب الأهلية (1975-1990) وشهدت منذ ذلك الحين هجمات بالقنابل واضطرابات وحربا مع إسرائيل.
وقال إبراهيم زعبي الذي يعمل بالقرب من المرفأ إنه سمع في البداية صوتا وبعد ثوان وقع انفجار كبير وشاهد أشخاصا يطيرون خمسة أو ستة أمتار.
وأضاف أن من كانوا في المرفأ إما احترقوا أو تفحموا.
وسجلت اهتزازات أرضية بفعل الانفجار في ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر والذي يبعد 580 كيلومترا جنوبي بيروت.
وأصيبت العمليات بالشلل في مرفأ بيروت المنفذ الرئيسي للواردات القادمة إلى لبنان واللازمة لتوفير الغذاء لشعب يزيد عدد سكانه على ستة ملايين نسمة، الأمر الذي أدى إلى تحويل السفن إلى مرافيء أصغر.