- المشاركات
- 82,631
- الإقامة
- قطر-الأردن
*
*
فقط الإشاعات حول تدخل محتمل للمركزي السويسري فعلت فعلها في السوق ودفعت الفرنك الى المزيد من التراجع بحيث ان اليورو قارب منتصف الاسبوع* ال 1.2450 في ارتفاعه. يأتي هذا في وقت يكافح فيه المركزي الأوروبي بمرارة بهدف حماية اليورو من المصير الأسود وتخفيض فوائد السندات لبعض البلدان الأوروبية، أو على الأقل الحد من ارتفاعها، ولكن جهوده تبقى خائبة فلا يحقق نجاحا موثوقا.
*
مجرد ارتفاع بسيط لعدد العاطلين عن العمل وتراجع مماثل لاسعار المستهلكين في سويسرا كان كافيا لترويج الأخبار المثيرة بكون المركزي على وشك التدخل في السوق ورفع الحد الادنى المُستهدف لليورو مقابل الفرنك من 1.2000 حاليا الى ال 1.2500 او ربما ال 1.3000. ترويج الأخبار هذه كان كافيا وكفيلا لجذب الشراءات ودفع الفرنك الى التراجع. انها لعبة التأثير النفسي على المعنويات والتي لا يمكن أن تنجح إلا بعد اتخاذ الموقف الصارم والمقنع.
*
نجاح البنك المركزي السويسري في تثبيت سعر الفرنك كان مُدهشا ومثيرا للإحترام من جهات عدة. هذا لم يتم إلا بناء على خطة ذكية وحاسمة، جاءت بعد تردد وضعف في المواقف كانت نتيجته ارتفاعات للفرنك بلغت به حد التساوي مع اليورو، وهددت قدرات البلاد الصناعية والسياحية ايضا. القرار بتثبيت سعر صرف اليورو مقابل الفرنك فوق ال 1.2000 *تم اتخاذه في 6 سبتمبر الماضي. البيانات الأخيرة بيّنت أن احتياطي المركزي السويسري بالنقد الأجنبي تراجع من 245 الى 229 مليار فرنك في الشهرين الأخيرين. التدخل الفعلي الأخير حدث في سبتمبر الماضي.
*
هل يعني ما تقدم أن البنوك المركزية الأخرى* - بما فيها الاوروبي -* التي تعاني من نفس المشكلة عليها ان تتبع خطوات المركزي السويسري؟
*
ثمة نداءات تروّج لهذا الإقتراح وهي ليست بعيدة عن الواقع. النداءات هذه تستند الى الحجة القائلة بأن الأسواق تحتاج الى قرار حازم وذات مصداقية عالية لتحترمه، او ربما تخشاه. هذا أفضل تدخل مباشر في السوق على الإطلاق...
المركزي السويسري نجح لأنه كان واضحا، وأعلن موقفه على الملأ، ودافع عنه في الفترة الاولى بمبالغ يسيرة بيعا للفرنك. بعد ذلك لعبت اللعبة السيكولوجية دورها، وبات السوق يخشى ما كان يستخف به في الاشهر الماضية.
في شهر أغسطس اشترى المركزي السويسري أكثر من 70 مليار فرنك بالعملة الأجنبية ولكن تحليق الفرنك تتابع. الموقف والتصميم في شهر سبتمبر جعل من ال 1.2000 خطا أحمر مرهوبا ومحسوبا له ألف ألف حساب.
*
أكثر من إقتصادي واحد يرى في حديثه عن أزمة المركزي الاوروبي مع السندات الايطالية وسواها ان المثال السويسري يجب أن يُتبع في اوروبا. هو يشتري هذه السندات كل يوم تقريبا. بالضبط كما كان يفعل البنك المركزي السويسري في حقبة الفشل. وما كان يحصد إلا الخيبة. انها الستراتيجية المغلوطة ووجهة السير المخطوءة.
الطريق هو إذا: تحديد خط أحمر لفوائد السندات الإيطالية. وغيرها ايضا. الدفاع عن هذا الخط بقوة في المرحلة الأولى. هزّ العصا لمن عصى. من المرجح أن يخشى السوق على أصابعه من الحريق، فيحترم الخط الأحمر بطيبة خاطر.
وقد يقول قائل: وهل يجرؤ السيد " دراجي " على اتخاذ هذا الموقف دون موافقة الثنائي " ميرك وزي "؟ وهل إتفاق الثنائي المذكور ميسور ؟ ولكن هذا باب آخر قد يتضح ما وراءه في نهاية الأسبوع الجاري...