رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,713
- الإقامة
- مصر
قراءة في كتاب الفصحى
الكتاب أو الكتيب تأليف إسلام المازنى ومشكلة الفصحى والعامية تم اختراعها فى العصر الحديث ولا وجود لها من الأساس ولم تكن مشكلة فيما مضى وكانت تسمى اللهجات واختلاف اللهجات كان موجودا عند عرب الجاهلية وهو نفس الحادث حاليا وتشكل تلك اللهجات ما يسمى بقراءات القرآن مثل أن قريش لم تكن تحب النبر وهو نطق الهمزات وبقية العرب تحب النبر والادغام والاظهار ومثل نطق كلمة الصراط الزراط والسراط مثلما تنطق كلمة الظهر الدهر
المشكلة أن القوم منذ قرن ونصف فى التاريخ المعروف أقاموا الدنيا واقعدوها على شىء لا وجود له وهذا الكتاب هو نسج على منوال هؤلاء فيقول المازنى :
(وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام)"
وهى مقولة تدل على أن القوم لم يقرئوا كتب اللغة والنحو والشعر لأنهم لو قرئوا بعضا منها لوجدوا أن كل ما يقال على أنه عامى هو شىء أصيل فى الفصحى مثل قولنا على الظهر عالظهر فقد قال قطرى بن الفجاءة :
غداة طفنا علماء بكر بنى وائل وعجنا صدور الخيل نحو تميم
وهو كلام مثبت فى ديوانه وهو جاهلى
قال المازنى أن العامية والتعبير الصحيح هو اللهجات سببت مشكلات قال فيها:
"المشكلات التي تسببها العامية حاليا في الأدب و الكون :
قال عبقرينا شمس الدين :
أفسدتم المنقول والمعقول وال** مسموع من لغة بكل لسان !
( وصيتي ألا يتحدث الأحباب سوى بالفصحى ما استطاعوا )
كنت طرفا في حوار حول الأدب الشعبي بالعامية ، وسطرت موقفا أراه صوابا حول الفصحى وموقف الأديب منها ، وأنقله للفائدة ( مزيدا ) على شكل نقاط :
حجم الخسارة :
* خسارتنا شاملة مع العامية ( دينية * دنيوية * مادية* معنوية )
تأثر المشاعر بالتعبيرات العامية :
* الشعور يأتي بالتعود فمن عود نفسه الفصحى سيشعر بها إن شاء الله وسيفكر بها بعد ذلك، وبذلك نتخلص من العامية التي يحبها المستعمر المخرب لأنها تبعدنا عن لغة القرآن التي فيها الهداية والثواب، وبها نفهم السنة ودرر السلف ، ونواكب العلوم جميعا ، ومعها ترتقي الأنفس وتستعيد شيم الأباة من تراثهم الفصيح
فهلا وعينا الدرس ؟
إنها لغة الكرامة ومقدمة العزة
أم نكون كما قال حيدر
لا يفهمون المكرمات كأنها*** عربية وكأنهم أتراك !
فلتكن ساعة وساعة :
*كلما تحدثنا بالعامية فرح المستعمر المستعبد المستخرب ، لأن معناه أن ملكة الفصحى تقل (ولو بالإزاحة المكانية والزمانية ) فيصير القرآن غريبا جزئيا على العقول ، ولا يجتهد الناس لتعلم الفصحى كثيرا ساعتها للأسف ، أما الرقي كل الرقي فهو أن نحاول فهي مفتاح من مفاتيح النهضة
* الأدب يعين على تذوق القرآن البليغ مبناه ويرقى بالحس وينشر الفكر في أحلي صورة تطهر العقول من أدران الإعلام
والله المستعان ...
الأمر يحتاج مجاهدة للنفس
لكنني سأرد النفس كرهة ***على الذي تتقي والله معوان
وإني لست من ليعت جوانحه ***وبات فيها من الأشجان جذلان
إلى هذه الدرجة ؟ ..... :
* اللغة هي وعاء الحضارة ، وممارساتنا اللغوية هي اللغة ، وأي خروج فيها يستهلك جزءا من المخ والقلب والمشاعر ويبعد عن الأصل
*لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم،وتحدث بها الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ، فهي حصن ووعاء للدين وأي مسلم غير عربي يسعى لتعلمها سعيا واجبا ومن ضيعها وهو عربي فقد ساهم في تضييع الدين
والتضييع دركات فكل تأثير سلبي يعد تقصيرا وربما عد حربا على الله تعالى
كما قال أبو الفضل الوليد
فما لغة العرب مسموعة ***من القوم والأكثرون نيام
وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام
تحمس جيشا وتنشد شعرا وتعلو الجواد وتجلو الحسام
فأين الإباء وأين السخاء ***وأين الوفاءوأين الذمام
*رأيت مسلمين في بلاد شرق آسيا يسافرون لدبي خصيصا لشراء محمول عربي للجميع - تسع ساعات سفر - ، ويحبون أن أتكلم معهم بالعربية - رغم ضعفهم فيها - وأن أرسل لهم رسائلي بالعربية وكلما نسيت وجرى لساني بغيرها قالوا لا ...لغة القرآن وكان الأمر يصيبني بالحياء والسعادة معا
*اللغة الفصحى أوسع لغات الأرض ولا توجد لغة بنفس السعة ولا بنفس الجمال."
فيما قاله المازنى أخطاء عدة:
الأول قوله" أن لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم" فما يسمى اللغة العربية ليست كل ألفاظها موجودة فى القرآن وإنما بعض منها فمثلا بيت كقولهم:
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
حوالى 12 كلمة توجد منهم ست كلمات فى القرآن
الثانى قوله" الأدب يعين على تذوق القرآن" قول خاطىء فالقرآن لا يحتاج للأدب حتى يتم فهمه وإنما يحتاج لتفسيره بالقرآن لأن الله فسره به أى بينه كما قال تعالى " إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"
ثم سأل المازنى سؤالا أجاب عليه كما يظن فقال:
"هل الفصحى صعبة عسيرة معقدة "
* أي لحن أو أوركاكة ( أو غموض أو حذلقة ) في الفصحى فهو خطأ من صاحبه وليس عيبا أو قصورا فيها
فهو العابث باللغة جهلا والمنتقي عن عمى !
فهو واللغة كما قال قيس :
أيا عمرو كم مهرة عربية ***من الناس بليت بوغد يقودها
يسوس وما يدري لها من سياسة ***يريد بها أشياء ليست تريدها
( النص يتسع لمن لا يتقن اللغة العربية أو الجامعة العربية )
يقولون لغتنا قريبة من الفصحي :
*العامية تحطم الفصحى لأنها لا تلتزم بالإعراب وتسكن أواخر الكلمات ، وتغير الحركات في أول الكلمات ، وتبدل بعض الحروف (كإبدال القاف جيما أو همزة )
*التحول من الفصحي إلى العامية مصيبة حدثت وداء حل لابد من التداوي منه لأنه يصيب الدين والنفس معا
يهيم بالغرب لم يقرأ له أدباً ** ويجحد العرب لا يدرى الذى جحدا
وكل ما عنده كتب يعددها ** لم يدر مما حَوت غياً ولا رشدا
ومن حما لغة الأسلاف من عبث ** وزاد عنها حما دينا ومعتقدا
*قال أحد الأدباء عن اللغة العربية: "لقد تعرضت وحدها من بين لغات العالم لكل ما ينصب عليها من معاول الهدم ويحيط بها من دسائس الراصدين لها؛ لأنها قوام فكرة وثقافة وعلاقة تاريخية".
* العامية شتت العرب ومزقتهم إلى دول ، والفصحى توحدهم ، وإلا لصارت الصلة بين المصري والمغربي كالصلة بين المصرى والفلبيني المسلم
وبالفعل حين يتكلم العربي بلهجته المحلية يعجز غيره عن متابعته !
كما قال الشاعر :
***عربية عجماء تلهي العارفا !!
وحين يتكلم الفصحى نفهم ونتواصل
وهي أمور بدهية وتنميتها واجب لنصير أمة متوحدة في وجه التحديات الهائلة"
كما قلت من يتحدثون فى موضوع الفصحى معرفتهم ناقصة فالمازنى يقول هنا:
"العامية تحطم الفصحى لأنها لا تلتزم بالإعراب وتسكن أواخر الكلمات ، وتغير الحركات في أول الكلمات ، وتبدل بعض الحروف (كإبدال القاف جيما أو همزة )"
الفصحى أساسا ليس لها إعراب فالنحو المعروف نشأ بعد نزول القرآن ومع هذا القرآن يخالف القواعد النحوية مثل :
رفع المفعول المطلق فى قوله تعالى "فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة"
وقوله"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ" ومثل المخالفة بين المعاطيف عليهم فنجد مع المنصوب مرفوع كقوله تعالى "والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله"
ونجد قوله فى عمل إن والمعطوف والمعطوف عليه "إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى" وقوله:
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى"
عشرات أو مئات ألمثلة فى القرآن تخالف القواهد النحوية
وأما إبدال الحروف الذى ذكره المازنى فهو موجود فى القراءات القرآنية مثل الصراط الزراط والصراط ومثل بصطة وبسطة
إذا القرآن لا يوافق من يعتبرون أنفسهم حماة للغة لأنهم أساسا أقاموا الدنيا واقعدوها على أمور ليس لها أساس من الصحة
ثم قال عن حماية الدول للغاتها:
"أفق ... العالم كله ينافح لأجل لغته ....:
*قامت إسرائيل بإحياء اللغة العبرية الميتة وترفض فرنسا تلويث الأذن الفرنسية بالإنجليزية حتى سن معينة فلا تعلمها للأطفال وتسن قوانين لتكون نسبة الأفلام المترجمة صوتيا كبيرة كي لا يعتاد الناس سماع غير لغتهم ( في عصر العولمة ) واليابان لها باع في حفظ لغتها بالمثل ومنع الأجنبية عن الأطفال وتحافظ ألمانيا على لغتها بقواميس وكتب ومعاجم لغوية متطورة كل عام - خاصة بعد التوحيد - لرأب الصدع اللغوي ، رغم أن لغتهم صعبة وفقيرة
فلماذا ؟
لأن اللغة هي جزء من الذات ...
الذات
فحين يأتي الأجنبي طوعا للعربية حبا في القرءان فهو هنا يغير دينه راضيا مقتنعا موقنا بتغيير حاضره ومستقبله ومصيره وكل صلاته ومنطلقاته وغاياته ، أما نحن فعلام ...!
*الأدب هو المعبر الذي تصل به الدعوة للقلوب ، وتصل به كل رسائل الإصلاح (أو الإفساد )، وترسخ به المعاني وتحب به اللغة التي صيغ بها
فلو صيغ الأدب بطريقة تحبب الناس في العامية فهو أدب محارب لديننا وهويتنا ، ويقلص من مساحة الحق داخلنا ... مهما حسنت نية قائله
ولو تعود الناس على روائع الفصحى أحبوها وانتصر الدين في تلك الخطوة
والله تعالى أعلم
طغى العقوق وعذر الأقربين على ** هذا التراث فأضحى وهو ينتهبُ
باعوا اللآلئ والأصداف من سفه ** وعذرهم أنهم فى الغوص ما تعبُ
لا يخجلون حياء إن هم لحنوا ** فيها وفيما سواها اللحن يجتنبُ
ما قصرت لغة الفرقان عن غرض ** ولم يؤد سواها كل ما يجبُ
كم فى معاجمها من طرفةعجزت **عنها لغات الورى لوتكشف الحجبُ
وكم ترى فى تراب الأرض تحقره ** وفى ثناياه لو فتشته الذهبُ
…"
كلام صحيح عندما نتحدث عن دخول المصطلحات باللغات الأخرى للغتنا العربية صحيح عندما تدرس العلوم كالطب والهندسة والعلوم باللغات الأجنبية فى بلاد يقال ان لغتها الرسمية العربية صحيح عند عرض الأفلام والمسلسلات باللغات الأجنبية وليس عبر الترجمة الصوتية
واما ما يسمونه العامية فليس إلا لهجات القبائل المختلفة فى أيام الجاهلية ومن ثم فهى عربية صحيحة تسير على نفس القوانين ولكن الناس لا يفكرون فى هذا لو تناولت أى لفظ عامى لوجدت أن اصوله موجودة فى كتب اللغة
ثم حدثنا المازنى عن وجوب تعلم المسلم غير العربى للغة العربية وهو كلام صحيح فقال:
"وقد تحدث أهل العلم عن أن تعلم العربية الفصحى واجب على المسلم ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، على الأقل يوما بيوم من الفاتحة فصاعدا
ووحدة الأمة تقوم على الشرع بلا شك ، وجزء منه لغة التشريع التي تفهم بها الأوامر والمواعظ ، وقد تحدث أهل العلم عن الخطبة بالأعجمية وهل تجوز ! بمعني أنهم يعلمون أنها مشيئة الله تعالى أن تنتشر تلك اللغة وتصير جزءا من الدين
وهو ما لا ينفي الخصوصية ، فرغم الفصحي يبقى لكل شعب بعض ممارساته التي تميزه ، وقد كان وسيكون إلى ما شاء الله تعالى ، ولكن سعادتهم بأن يكون الجميع قلبا وقالبا موصولين بحبل تلك الكريمة ،وهو ما نراه في شرق العالم وغربه من الصادقين قديما وحديثا
هل يصح أن نقول : عامية أو فصحى ! المهم المضمون ؟...:
أعتقد أن الأمر لا خلاف عليه - على الأقل بيننا - في تلك النقطة ، فأراكم والجميع أهل حرص أحسبكم كذلك والله حسيبكم ونسأل الله لنا ولكم مزيدا من العلم والإخلاص"
ثم حدثنا عن كون العامية هى صنيعة المحتل وهى مقولة أدمنها الكثيرون وما زالوا يعتقدون فيها رغم أنها كما قلت ليس لها أساس فعاميات البلاد المختلفة هى لهجات قبلية من الجاهلية وفى هذا قال:
"أعني أننا نتكلم عن الفصحي أو العامية كأدب إسلامي وهو موضع الحوار ، أما المضمون فمتفق عليه ( فمن رغب
عن سنتي رغب عني )
الأمر ليس صراعا بين وسيلة وغاية ...
فالفصحي جزء من الغاية وركن من الهدف، والمعادون للأمة يدعمون تلك المحاولات ( التي لا شك في حسن نية الكثيرين من أصحابها ) في هجوم خبيث عريض لتفتيت اللغة العربية وعلومها وآدابها ، مما ينعكس على فهم الإسلام والقرب من القرآن كما أسلفنا
والجواب يكون بالبناء .... قال شوقي :
وتقلدي لغة الكتاب فإنها *** حجر البناء وعدة الإنشاء
وهناك الكثير من التعبيرات الفصيحة في القرآن يعدل عنها القوم للعامية ! وكما قلنا الأمر في أوله صعب ولكنه يهون لاحقا إن شاء الله
فكما نجح اليهود وصارت العبرية التي لا حروف لها معروفة ، ولا تشابه حروف الإنجليزية ولا العربية وكانت ميتة حبيسة كتب وعقول قلة ( يعني صلتهم بها أبعد من صلتنا بالفصحى ) سائدة أدبا وطبا ، فمن ثم قويت الصلة بالتوراة المحرفة
*يجب أن ننجح ونتعود ونعود غيرنا ثم نتذوق ويحدث ما حدث سابقا ، وتعود الفصحى لمجدها ويشعر الناس بها ، حين نرتقي نحن بهم ونحاول ونبذل الجهد الذي لدينا في الفصحي بدلا من العامية ستحدث الاستجابة إن شاء الله
ويجب أن تكون الفصحي السهلة الجميلة الواضحة القريبة هي العمدة
فمثلا يقول الله تعالى
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا)
ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم :
( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) صلى الله عليه وسلم
ويقول الشاعر
أخي جاوز الظالمون المدى *** فحق الجهاد وحق الفدى
تلك كلها أمثلة واضحة يفهمها الجميع فلم لا توظف وأمثالها ويقاس عليها
فيعود للأدب الحي بهاؤه ....
كما قام البارودي ثم من بعده شوقي ( على خلافنا لبعض المضامين) فقدما أدبا أنعش العالم وجعله يعود ليشعر بجمال اللغة وسلطانها
فلو قمنا بدعوة ثم عمل كما عمل هؤلاء لأدينا بعض ما علينا والله المستعان على من يعاديها
لهفي على الفصحى رماها معشر***
من أهلها ! شلت يمين الرامي
لا أعرف العربي يلوي فكه ***
إن هم يوما فكه بكلام
إن فاه تسمع لكنة ممقوتة ***من فيه سكسونية الأنغام"
ثم تناول المازنى مسالأة الحرمة فى تكلم العامية فقال:
هل الأمر نخوة وعاطفة ؟ وهل يحرم الكلام بالعامية ؟
ليس الأمر عاطفيا حسب فهمي ،وبالفعل أدع الفرصة لغيري ليجتهد ويبلغ الرسالة أحيانا وفي مقامات معينة مع أناس معينين بالعامية ، وربما يكون أفضل مع المسنين البعيدين تماما - في حدود معينة طبعا - لأنهم لا زالوا يعون بعض الفصيح البسيط القرءاني الجميل،
لكن هنا ... حين نريد أن نحيي الأدب العربي ! فلنصوبه لفظا ومعني ونحوا وصرفا ، ليكون أفضل لوجه الله تعالى ونبتعد عما حرف
لأني أرى بعقلي وعيني أن العداة يدعمون تلك المسألة كما لا يخفى على فطن مثلك
أراها معركة دين وحضارة وثقافة تشكل اللغة وعاءها
هذا ولا أقول أن الأديب العامي مجرم أو آثم حاشاك أخي الحبيب ، بل هي رؤيتي أنا الفقير المسكين الذليل المقصر وأعتقدها صوابا يحتمل التعديل
أقول أن من لديه القدرة على الإحياء ثم تخلى عنها لينعش شيئا عاميا فهو يقلص من قربنا من الحق ومساحته داخلنا نحن العرب خاصة ، وهو أمر مشاهد في الجيل ...
قال سبحانه
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }الأحقاف
ما عنيتها ليست لغة أجنبية ضد لغة محلية فليست عنصرية ،
بل رد القوم للغتهم الأم التي انحرفوا عنها فليس وأدا للسانهم بل تقويما
ما عنيته لغة عامية تحدرت من لغة فصيحة ,وأي تقليص للفصيحة خسارة للدين لأن العرب - خاصة- هم حملة الرسالة ( قبل غيرهم ) وصلتهم بها تحتاج للغة أن تحيا
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } سورة الرعد ... ومن أصدق من الله قيلا ."
فهم خاطىء من المازنى لمضمون الآيات فالقرآن لا يحوى كل ألفاظ العربية حتى يكون الكلام به فقط فمثى لو التزمنا النص القرآنى فكيف نعبر عن التطهر بألفاظ القرآن من البول والبراز والكلمتان ليستا فيه كما أن كلمة المؤخرة والعجيزة والقضيب والمهبل والشرج ليسوا فى المصحف
اللهجات لم يحرمها الله بل اعتبر اختلاف الألسن آية من آياته فقال :
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"
قطعا الموضوع يحتاج لتفصيل اكثر ولكننى أكتفى بنقل فقرة تبين أن كثير مما يسمى عامية هو فصحى القبائل العربية :
(قلت) : قَالَ الفراءُ.
العنعنة فِي قيس وَتَمِيم تَجعل الهمزةَ المبدوءَ بهَا عينا، فَيَقُولُونَ فِي إِنَّك عِنّكَ، وَفِي أَسلم عَسلم والكشكشة فِي ربيعَة وَمُضر يَجعلون بعد كافِ الخِطاب فِي الْمُؤَنَّث شيناً، فَيَقُولُونَ رأَيتُكِش ومررتُ بكِش والكسكسة فيهم أَيْضا يجْعَلُونَ بعد الْكَاف أَو مَكَانهَا سيناً فِي المذكّر والفحفحة فِي لُغَة هُذَيْل يجْعَلُونَ الحاءَ عينا والوَكَم والوَهَم كِلاهما فِي لُغة بني كَلْب، من الأوّل يَقُولُونَ علَيكِمْ وبِكِمْ، حَيْثُ كَانَ قَبل الْكَاف ياءٌ أَو كسرةٌ، وَمن الثَّانِي يَقُولُونَ مِنهِمْ وعنهِمْ وَإِن لم يكن قبل الْهَاء ياءٌ وَلَا كسرةٌ والعجعجة فِي قُضاعة، يجْعَلُونَ الياءَ المشدّدة جيماً، يَقُولُونَ فِي تميميٍّ تميمِجّ والاستِنطاء لُغَة سعْدِ بن بكرٍ وهُذيل والأَزْدِ وَقيس والأَنصار يجْعَلُونَ الْعين الساكنة نوناً إِذا جاورَت الطاءَ، كأَنْطى فِي أَعطى وَفِي فقه اللغةِ للثعالبي اللخْلَخانِيَّة تَعْرِض فِي لغةِ أَعراب الشِّحْرِ وعُمَان، كَقَوْلِهِم مَشَا الله، أَي مَا شَاءَ الله والطُّمطُمانِيَّة تَعْرِض فِي لُغَة حِمْير، كَقَوْلِهِم طَابَ امْهَواءُ أَي طَابَ الهَواءُ" منقول من معجم تاج العروس ج1ص22"
الكتاب أو الكتيب تأليف إسلام المازنى ومشكلة الفصحى والعامية تم اختراعها فى العصر الحديث ولا وجود لها من الأساس ولم تكن مشكلة فيما مضى وكانت تسمى اللهجات واختلاف اللهجات كان موجودا عند عرب الجاهلية وهو نفس الحادث حاليا وتشكل تلك اللهجات ما يسمى بقراءات القرآن مثل أن قريش لم تكن تحب النبر وهو نطق الهمزات وبقية العرب تحب النبر والادغام والاظهار ومثل نطق كلمة الصراط الزراط والسراط مثلما تنطق كلمة الظهر الدهر
المشكلة أن القوم منذ قرن ونصف فى التاريخ المعروف أقاموا الدنيا واقعدوها على شىء لا وجود له وهذا الكتاب هو نسج على منوال هؤلاء فيقول المازنى :
(وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام)"
وهى مقولة تدل على أن القوم لم يقرئوا كتب اللغة والنحو والشعر لأنهم لو قرئوا بعضا منها لوجدوا أن كل ما يقال على أنه عامى هو شىء أصيل فى الفصحى مثل قولنا على الظهر عالظهر فقد قال قطرى بن الفجاءة :
غداة طفنا علماء بكر بنى وائل وعجنا صدور الخيل نحو تميم
وهو كلام مثبت فى ديوانه وهو جاهلى
قال المازنى أن العامية والتعبير الصحيح هو اللهجات سببت مشكلات قال فيها:
"المشكلات التي تسببها العامية حاليا في الأدب و الكون :
قال عبقرينا شمس الدين :
أفسدتم المنقول والمعقول وال** مسموع من لغة بكل لسان !
( وصيتي ألا يتحدث الأحباب سوى بالفصحى ما استطاعوا )
كنت طرفا في حوار حول الأدب الشعبي بالعامية ، وسطرت موقفا أراه صوابا حول الفصحى وموقف الأديب منها ، وأنقله للفائدة ( مزيدا ) على شكل نقاط :
حجم الخسارة :
* خسارتنا شاملة مع العامية ( دينية * دنيوية * مادية* معنوية )
تأثر المشاعر بالتعبيرات العامية :
* الشعور يأتي بالتعود فمن عود نفسه الفصحى سيشعر بها إن شاء الله وسيفكر بها بعد ذلك، وبذلك نتخلص من العامية التي يحبها المستعمر المخرب لأنها تبعدنا عن لغة القرآن التي فيها الهداية والثواب، وبها نفهم السنة ودرر السلف ، ونواكب العلوم جميعا ، ومعها ترتقي الأنفس وتستعيد شيم الأباة من تراثهم الفصيح
فهلا وعينا الدرس ؟
إنها لغة الكرامة ومقدمة العزة
أم نكون كما قال حيدر
لا يفهمون المكرمات كأنها*** عربية وكأنهم أتراك !
فلتكن ساعة وساعة :
*كلما تحدثنا بالعامية فرح المستعمر المستعبد المستخرب ، لأن معناه أن ملكة الفصحى تقل (ولو بالإزاحة المكانية والزمانية ) فيصير القرآن غريبا جزئيا على العقول ، ولا يجتهد الناس لتعلم الفصحى كثيرا ساعتها للأسف ، أما الرقي كل الرقي فهو أن نحاول فهي مفتاح من مفاتيح النهضة
* الأدب يعين على تذوق القرآن البليغ مبناه ويرقى بالحس وينشر الفكر في أحلي صورة تطهر العقول من أدران الإعلام
والله المستعان ...
الأمر يحتاج مجاهدة للنفس
لكنني سأرد النفس كرهة ***على الذي تتقي والله معوان
وإني لست من ليعت جوانحه ***وبات فيها من الأشجان جذلان
إلى هذه الدرجة ؟ ..... :
* اللغة هي وعاء الحضارة ، وممارساتنا اللغوية هي اللغة ، وأي خروج فيها يستهلك جزءا من المخ والقلب والمشاعر ويبعد عن الأصل
*لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم،وتحدث بها الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم ، فهي حصن ووعاء للدين وأي مسلم غير عربي يسعى لتعلمها سعيا واجبا ومن ضيعها وهو عربي فقد ساهم في تضييع الدين
والتضييع دركات فكل تأثير سلبي يعد تقصيرا وربما عد حربا على الله تعالى
كما قال أبو الفضل الوليد
فما لغة العرب مسموعة ***من القوم والأكثرون نيام
وما عربية هذا الزمان*** كتلك التي ربيت في الخيام
تحمس جيشا وتنشد شعرا وتعلو الجواد وتجلو الحسام
فأين الإباء وأين السخاء ***وأين الوفاءوأين الذمام
*رأيت مسلمين في بلاد شرق آسيا يسافرون لدبي خصيصا لشراء محمول عربي للجميع - تسع ساعات سفر - ، ويحبون أن أتكلم معهم بالعربية - رغم ضعفهم فيها - وأن أرسل لهم رسائلي بالعربية وكلما نسيت وجرى لساني بغيرها قالوا لا ...لغة القرآن وكان الأمر يصيبني بالحياء والسعادة معا
*اللغة الفصحى أوسع لغات الأرض ولا توجد لغة بنفس السعة ولا بنفس الجمال."
فيما قاله المازنى أخطاء عدة:
الأول قوله" أن لغتنا هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم" فما يسمى اللغة العربية ليست كل ألفاظها موجودة فى القرآن وإنما بعض منها فمثلا بيت كقولهم:
مكر مفر مقبل مدبر معا كجلمود صخر حطه السيل من عل
حوالى 12 كلمة توجد منهم ست كلمات فى القرآن
الثانى قوله" الأدب يعين على تذوق القرآن" قول خاطىء فالقرآن لا يحتاج للأدب حتى يتم فهمه وإنما يحتاج لتفسيره بالقرآن لأن الله فسره به أى بينه كما قال تعالى " إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه"
ثم سأل المازنى سؤالا أجاب عليه كما يظن فقال:
"هل الفصحى صعبة عسيرة معقدة "
* أي لحن أو أوركاكة ( أو غموض أو حذلقة ) في الفصحى فهو خطأ من صاحبه وليس عيبا أو قصورا فيها
فهو العابث باللغة جهلا والمنتقي عن عمى !
فهو واللغة كما قال قيس :
أيا عمرو كم مهرة عربية ***من الناس بليت بوغد يقودها
يسوس وما يدري لها من سياسة ***يريد بها أشياء ليست تريدها
( النص يتسع لمن لا يتقن اللغة العربية أو الجامعة العربية )
يقولون لغتنا قريبة من الفصحي :
*العامية تحطم الفصحى لأنها لا تلتزم بالإعراب وتسكن أواخر الكلمات ، وتغير الحركات في أول الكلمات ، وتبدل بعض الحروف (كإبدال القاف جيما أو همزة )
*التحول من الفصحي إلى العامية مصيبة حدثت وداء حل لابد من التداوي منه لأنه يصيب الدين والنفس معا
يهيم بالغرب لم يقرأ له أدباً ** ويجحد العرب لا يدرى الذى جحدا
وكل ما عنده كتب يعددها ** لم يدر مما حَوت غياً ولا رشدا
ومن حما لغة الأسلاف من عبث ** وزاد عنها حما دينا ومعتقدا
*قال أحد الأدباء عن اللغة العربية: "لقد تعرضت وحدها من بين لغات العالم لكل ما ينصب عليها من معاول الهدم ويحيط بها من دسائس الراصدين لها؛ لأنها قوام فكرة وثقافة وعلاقة تاريخية".
* العامية شتت العرب ومزقتهم إلى دول ، والفصحى توحدهم ، وإلا لصارت الصلة بين المصري والمغربي كالصلة بين المصرى والفلبيني المسلم
وبالفعل حين يتكلم العربي بلهجته المحلية يعجز غيره عن متابعته !
كما قال الشاعر :
***عربية عجماء تلهي العارفا !!
وحين يتكلم الفصحى نفهم ونتواصل
وهي أمور بدهية وتنميتها واجب لنصير أمة متوحدة في وجه التحديات الهائلة"
كما قلت من يتحدثون فى موضوع الفصحى معرفتهم ناقصة فالمازنى يقول هنا:
"العامية تحطم الفصحى لأنها لا تلتزم بالإعراب وتسكن أواخر الكلمات ، وتغير الحركات في أول الكلمات ، وتبدل بعض الحروف (كإبدال القاف جيما أو همزة )"
الفصحى أساسا ليس لها إعراب فالنحو المعروف نشأ بعد نزول القرآن ومع هذا القرآن يخالف القواعد النحوية مثل :
رفع المفعول المطلق فى قوله تعالى "فإذا نفخ فى الصور نفخة واحدة وحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة فيومئذ وقعت الواقعة"
وقوله"وإما ينزغنك من الشيطان نزغ" ومثل المخالفة بين المعاطيف عليهم فنجد مع المنصوب مرفوع كقوله تعالى "والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله"
ونجد قوله فى عمل إن والمعطوف والمعطوف عليه "إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى" وقوله:
"إن الذين أمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى"
عشرات أو مئات ألمثلة فى القرآن تخالف القواهد النحوية
وأما إبدال الحروف الذى ذكره المازنى فهو موجود فى القراءات القرآنية مثل الصراط الزراط والصراط ومثل بصطة وبسطة
إذا القرآن لا يوافق من يعتبرون أنفسهم حماة للغة لأنهم أساسا أقاموا الدنيا واقعدوها على أمور ليس لها أساس من الصحة
ثم قال عن حماية الدول للغاتها:
"أفق ... العالم كله ينافح لأجل لغته ....:
*قامت إسرائيل بإحياء اللغة العبرية الميتة وترفض فرنسا تلويث الأذن الفرنسية بالإنجليزية حتى سن معينة فلا تعلمها للأطفال وتسن قوانين لتكون نسبة الأفلام المترجمة صوتيا كبيرة كي لا يعتاد الناس سماع غير لغتهم ( في عصر العولمة ) واليابان لها باع في حفظ لغتها بالمثل ومنع الأجنبية عن الأطفال وتحافظ ألمانيا على لغتها بقواميس وكتب ومعاجم لغوية متطورة كل عام - خاصة بعد التوحيد - لرأب الصدع اللغوي ، رغم أن لغتهم صعبة وفقيرة
فلماذا ؟
لأن اللغة هي جزء من الذات ...
الذات
فحين يأتي الأجنبي طوعا للعربية حبا في القرءان فهو هنا يغير دينه راضيا مقتنعا موقنا بتغيير حاضره ومستقبله ومصيره وكل صلاته ومنطلقاته وغاياته ، أما نحن فعلام ...!
*الأدب هو المعبر الذي تصل به الدعوة للقلوب ، وتصل به كل رسائل الإصلاح (أو الإفساد )، وترسخ به المعاني وتحب به اللغة التي صيغ بها
فلو صيغ الأدب بطريقة تحبب الناس في العامية فهو أدب محارب لديننا وهويتنا ، ويقلص من مساحة الحق داخلنا ... مهما حسنت نية قائله
ولو تعود الناس على روائع الفصحى أحبوها وانتصر الدين في تلك الخطوة
والله تعالى أعلم
طغى العقوق وعذر الأقربين على ** هذا التراث فأضحى وهو ينتهبُ
باعوا اللآلئ والأصداف من سفه ** وعذرهم أنهم فى الغوص ما تعبُ
لا يخجلون حياء إن هم لحنوا ** فيها وفيما سواها اللحن يجتنبُ
ما قصرت لغة الفرقان عن غرض ** ولم يؤد سواها كل ما يجبُ
كم فى معاجمها من طرفةعجزت **عنها لغات الورى لوتكشف الحجبُ
وكم ترى فى تراب الأرض تحقره ** وفى ثناياه لو فتشته الذهبُ
…"
كلام صحيح عندما نتحدث عن دخول المصطلحات باللغات الأخرى للغتنا العربية صحيح عندما تدرس العلوم كالطب والهندسة والعلوم باللغات الأجنبية فى بلاد يقال ان لغتها الرسمية العربية صحيح عند عرض الأفلام والمسلسلات باللغات الأجنبية وليس عبر الترجمة الصوتية
واما ما يسمونه العامية فليس إلا لهجات القبائل المختلفة فى أيام الجاهلية ومن ثم فهى عربية صحيحة تسير على نفس القوانين ولكن الناس لا يفكرون فى هذا لو تناولت أى لفظ عامى لوجدت أن اصوله موجودة فى كتب اللغة
ثم حدثنا المازنى عن وجوب تعلم المسلم غير العربى للغة العربية وهو كلام صحيح فقال:
"وقد تحدث أهل العلم عن أن تعلم العربية الفصحى واجب على المسلم ، لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ، على الأقل يوما بيوم من الفاتحة فصاعدا
ووحدة الأمة تقوم على الشرع بلا شك ، وجزء منه لغة التشريع التي تفهم بها الأوامر والمواعظ ، وقد تحدث أهل العلم عن الخطبة بالأعجمية وهل تجوز ! بمعني أنهم يعلمون أنها مشيئة الله تعالى أن تنتشر تلك اللغة وتصير جزءا من الدين
وهو ما لا ينفي الخصوصية ، فرغم الفصحي يبقى لكل شعب بعض ممارساته التي تميزه ، وقد كان وسيكون إلى ما شاء الله تعالى ، ولكن سعادتهم بأن يكون الجميع قلبا وقالبا موصولين بحبل تلك الكريمة ،وهو ما نراه في شرق العالم وغربه من الصادقين قديما وحديثا
هل يصح أن نقول : عامية أو فصحى ! المهم المضمون ؟...:
أعتقد أن الأمر لا خلاف عليه - على الأقل بيننا - في تلك النقطة ، فأراكم والجميع أهل حرص أحسبكم كذلك والله حسيبكم ونسأل الله لنا ولكم مزيدا من العلم والإخلاص"
ثم حدثنا عن كون العامية هى صنيعة المحتل وهى مقولة أدمنها الكثيرون وما زالوا يعتقدون فيها رغم أنها كما قلت ليس لها أساس فعاميات البلاد المختلفة هى لهجات قبلية من الجاهلية وفى هذا قال:
"أعني أننا نتكلم عن الفصحي أو العامية كأدب إسلامي وهو موضع الحوار ، أما المضمون فمتفق عليه ( فمن رغب
عن سنتي رغب عني )
الأمر ليس صراعا بين وسيلة وغاية ...
فالفصحي جزء من الغاية وركن من الهدف، والمعادون للأمة يدعمون تلك المحاولات ( التي لا شك في حسن نية الكثيرين من أصحابها ) في هجوم خبيث عريض لتفتيت اللغة العربية وعلومها وآدابها ، مما ينعكس على فهم الإسلام والقرب من القرآن كما أسلفنا
والجواب يكون بالبناء .... قال شوقي :
وتقلدي لغة الكتاب فإنها *** حجر البناء وعدة الإنشاء
وهناك الكثير من التعبيرات الفصيحة في القرآن يعدل عنها القوم للعامية ! وكما قلنا الأمر في أوله صعب ولكنه يهون لاحقا إن شاء الله
فكما نجح اليهود وصارت العبرية التي لا حروف لها معروفة ، ولا تشابه حروف الإنجليزية ولا العربية وكانت ميتة حبيسة كتب وعقول قلة ( يعني صلتهم بها أبعد من صلتنا بالفصحى ) سائدة أدبا وطبا ، فمن ثم قويت الصلة بالتوراة المحرفة
*يجب أن ننجح ونتعود ونعود غيرنا ثم نتذوق ويحدث ما حدث سابقا ، وتعود الفصحى لمجدها ويشعر الناس بها ، حين نرتقي نحن بهم ونحاول ونبذل الجهد الذي لدينا في الفصحي بدلا من العامية ستحدث الاستجابة إن شاء الله
ويجب أن تكون الفصحي السهلة الجميلة الواضحة القريبة هي العمدة
فمثلا يقول الله تعالى
( ومن يتق الله يجعل له مخرجا)
ويقول الحبيب صلى الله عليه وسلم :
( فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ) صلى الله عليه وسلم
ويقول الشاعر
أخي جاوز الظالمون المدى *** فحق الجهاد وحق الفدى
تلك كلها أمثلة واضحة يفهمها الجميع فلم لا توظف وأمثالها ويقاس عليها
فيعود للأدب الحي بهاؤه ....
كما قام البارودي ثم من بعده شوقي ( على خلافنا لبعض المضامين) فقدما أدبا أنعش العالم وجعله يعود ليشعر بجمال اللغة وسلطانها
فلو قمنا بدعوة ثم عمل كما عمل هؤلاء لأدينا بعض ما علينا والله المستعان على من يعاديها
لهفي على الفصحى رماها معشر***
من أهلها ! شلت يمين الرامي
لا أعرف العربي يلوي فكه ***
إن هم يوما فكه بكلام
إن فاه تسمع لكنة ممقوتة ***من فيه سكسونية الأنغام"
ثم تناول المازنى مسالأة الحرمة فى تكلم العامية فقال:
هل الأمر نخوة وعاطفة ؟ وهل يحرم الكلام بالعامية ؟
ليس الأمر عاطفيا حسب فهمي ،وبالفعل أدع الفرصة لغيري ليجتهد ويبلغ الرسالة أحيانا وفي مقامات معينة مع أناس معينين بالعامية ، وربما يكون أفضل مع المسنين البعيدين تماما - في حدود معينة طبعا - لأنهم لا زالوا يعون بعض الفصيح البسيط القرءاني الجميل،
لكن هنا ... حين نريد أن نحيي الأدب العربي ! فلنصوبه لفظا ومعني ونحوا وصرفا ، ليكون أفضل لوجه الله تعالى ونبتعد عما حرف
لأني أرى بعقلي وعيني أن العداة يدعمون تلك المسألة كما لا يخفى على فطن مثلك
أراها معركة دين وحضارة وثقافة تشكل اللغة وعاءها
هذا ولا أقول أن الأديب العامي مجرم أو آثم حاشاك أخي الحبيب ، بل هي رؤيتي أنا الفقير المسكين الذليل المقصر وأعتقدها صوابا يحتمل التعديل
أقول أن من لديه القدرة على الإحياء ثم تخلى عنها لينعش شيئا عاميا فهو يقلص من قربنا من الحق ومساحته داخلنا نحن العرب خاصة ، وهو أمر مشاهد في الجيل ...
قال سبحانه
{وَمِن قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَاماً وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَاناً عَرَبِيّاً لِّيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ }الأحقاف
ما عنيتها ليست لغة أجنبية ضد لغة محلية فليست عنصرية ،
بل رد القوم للغتهم الأم التي انحرفوا عنها فليس وأدا للسانهم بل تقويما
ما عنيته لغة عامية تحدرت من لغة فصيحة ,وأي تقليص للفصيحة خسارة للدين لأن العرب - خاصة- هم حملة الرسالة ( قبل غيرهم ) وصلتهم بها تحتاج للغة أن تحيا
{وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ وَاقٍ } سورة الرعد ... ومن أصدق من الله قيلا ."
فهم خاطىء من المازنى لمضمون الآيات فالقرآن لا يحوى كل ألفاظ العربية حتى يكون الكلام به فقط فمثى لو التزمنا النص القرآنى فكيف نعبر عن التطهر بألفاظ القرآن من البول والبراز والكلمتان ليستا فيه كما أن كلمة المؤخرة والعجيزة والقضيب والمهبل والشرج ليسوا فى المصحف
اللهجات لم يحرمها الله بل اعتبر اختلاف الألسن آية من آياته فقال :
"ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن فى ذلك لآيات للعالمين"
قطعا الموضوع يحتاج لتفصيل اكثر ولكننى أكتفى بنقل فقرة تبين أن كثير مما يسمى عامية هو فصحى القبائل العربية :
(قلت) : قَالَ الفراءُ.
العنعنة فِي قيس وَتَمِيم تَجعل الهمزةَ المبدوءَ بهَا عينا، فَيَقُولُونَ فِي إِنَّك عِنّكَ، وَفِي أَسلم عَسلم والكشكشة فِي ربيعَة وَمُضر يَجعلون بعد كافِ الخِطاب فِي الْمُؤَنَّث شيناً، فَيَقُولُونَ رأَيتُكِش ومررتُ بكِش والكسكسة فيهم أَيْضا يجْعَلُونَ بعد الْكَاف أَو مَكَانهَا سيناً فِي المذكّر والفحفحة فِي لُغَة هُذَيْل يجْعَلُونَ الحاءَ عينا والوَكَم والوَهَم كِلاهما فِي لُغة بني كَلْب، من الأوّل يَقُولُونَ علَيكِمْ وبِكِمْ، حَيْثُ كَانَ قَبل الْكَاف ياءٌ أَو كسرةٌ، وَمن الثَّانِي يَقُولُونَ مِنهِمْ وعنهِمْ وَإِن لم يكن قبل الْهَاء ياءٌ وَلَا كسرةٌ والعجعجة فِي قُضاعة، يجْعَلُونَ الياءَ المشدّدة جيماً، يَقُولُونَ فِي تميميٍّ تميمِجّ والاستِنطاء لُغَة سعْدِ بن بكرٍ وهُذيل والأَزْدِ وَقيس والأَنصار يجْعَلُونَ الْعين الساكنة نوناً إِذا جاورَت الطاءَ، كأَنْطى فِي أَعطى وَفِي فقه اللغةِ للثعالبي اللخْلَخانِيَّة تَعْرِض فِي لغةِ أَعراب الشِّحْرِ وعُمَان، كَقَوْلِهِم مَشَا الله، أَي مَا شَاءَ الله والطُّمطُمانِيَّة تَعْرِض فِي لُغَة حِمْير، كَقَوْلِهِم طَابَ امْهَواءُ أَي طَابَ الهَواءُ" منقول من معجم تاج العروس ج1ص22"