رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى مقال في نقد العقل العربي: كيف نختلف وإلى أين نتجه؟!
صاحب المقال كمال غزال وعنوان المقال خاطىء فالعقول لا تنقسم لعقول عربية وغربية وهندية وصينية... فالعقل واحد فى الناس جميعا ومن ثم يمكن أن يقال أنه نقد لأخطاء النفوس الشائعة فى التعامل مع العالم
قطعا لا يمكن نقد العقل لأن العقل فى الناس عند الله صالح لمعرفة الحق من الباطل وهو الصواب من الخطأ ولذا قال مكررا القول :
" أفلا تعقلون"
والمنقود هو أعمال الناس التى ترتكبها النفوس وهى أعمال السوء الشائعة بين طوائف البشر
كمال غزال يريد أن يبين لنا عيوب من يعيشون فى منطقتنا بقوله:
"عندما نعلم فقط أين نقف عندئذ سنعلم أين سنتجه وبالتالي نتقدم خطوة أخرى إلى الأمام نحو المستقبل الأفضل، وهكذا هو الأمر مع الحوار الفكري فعندما نتعلم كيف نختلف يمكن أن نصل إلى ثمار فكرية صوب الحقيقة بدون الوقوع في مستنقع الحلقات المفرغة والتي لا تؤدي إلإ إلى إهدار الوقت علاوة على إثارة مشاعر الكراهية والإحباط والضجر بين المشاركين في الحوار."
وتحدث غزال عن انقسام الفكر لفكر سليم وفكر خاطىء فقال :
"تكمن المشكلة في ارتكاب عدة أخطاء في طريقة التفكير والتي تتسم بها العقلية العربية على وجه خاص، فمن خلال اطلاعي على النقاشات الدائرة على صفحات موقع ما وراء الطبيعة وغيرها من المنتديات الإلكترونية العربية وما أكثرها تعلمت الكثير من أنماط التفكير السلبي، ورغم أنني وضعت قائمة من الامور التي علينا تجنبها في النقاش (قواعد النقاش) غير أنني لا أجدها كافية للنقاش الذي ننشده والذي يطمح إليه كل باحث في الحقيقة، فهناك الكثير مما علق في من رواسب في العقلية العربية على مر الأجيال والتي تحد من التفكير الموضوعي."
قطعا لا وجود للفكر الخاطىء كما قال غزال وغيره لأن الله يطلب من الناس الفكر كما قال تعالى :
" أفلا تتفكرون "
والفكر نفسه من ضمن العقل وأحيانا يطلق على العقل نفسه
وأعلن كمال عن أخطاء النقاشات الموجودة فى المنتديات والمواقع العربية فقال :
"في عالم الإنترنت نجد أكبر نسبة من عدد المنتديات الإلكترونية في العالم العربي بالمقارنة مع دول العالم مما يوحي بأن العرب مشغولين جدأً في النقاشات فهل يتبعون الطرق الصحيحة فيها؟ أشك بذلك، فما يتوقعه أي مطلع عليها أن تخرج بإبداعات فكرية أو دراسات هامة وهذا ما لا نلمسه خصوصاً مع انتشار ثقافة النسخ واللصق وعدم التحقق والإساءة بمختلف أشكالها بين المشاركين.
اذكر في ما يلي تلك الأخطاء وأتمنى ممن يشاركون في النقاش أن يشيروا لها بالاسم في كل مرة يلاحظونها في بعض المشاركات لكي يتنبه المشاركون فيعدلوا من طريقة طرحهم إلى ما هو أصوب:
1 – التعميم خطأ التعميم من الأخطاء الشائعة في العقلية العربية، نلاحظها في نقاشاتنا سواء في وسائل الإعلام أو في الأحاديث اليومية مع معارفنا ويتضح أكثر في كلامنا عن (الآخر) فكثيراً ما نصم شعب أو قوم بأكمله بصفة محددة ما وهو حكم مسبق ولا يراعي الاختلافات الفردية بين الأشخاص في الثقافة ونمط المعيشة فإذا أردنا استخلاص أحكام أكثر دقة علينا أن نكون محددين أكثر في الفئة ألصقنا بها صفة محددة وأن نوزن الأمور بالنسبية وليس بالإطلاق لئلا يكون الحكم ظالماً وفي غيره محله، التعميم أعمى لأنه لا يراعي الظروف والحالات في الزمان والمكان وغالباً ما يكون لك قاعدة استثناء."
قطعا التعميم الذى ذكره غزال أمر شائع فى كل الأمم والثقافات وليس عند متحدثى العربية وحدهم خاصة بين العامة وبين طبقات المثقفين بلا استثناء أحد وكلنا نقع فيه أحيانا
والخطأ الثانى هو تصنيف الفرد ضمن أطر معروفة فى الثقافة كعلمانى وسلفى ...وهو قوله :
2 - التوصيف
عندما لا نتفق مع فكر شخص كثيراً ما نميل إلى وضعه في خانة فكرية معينة فنطلق عليه أوصافاً كقبيل علماني وسلفي ورجعي وتقدمي ومتطرف ومحافظ .. وغيرها، وليس بالضرورة أن نسمعه تلك الأوصاف بل يكفي أن تكون حاضرة في ذهننا اتجاهه، إطلاق أوصاف كهذه يساهم في حشد تأييد من نعتقد أنهم يتفقون مع أفكارنا بهدف حشره في زاوية أو نبذ فكره، والأهم من ذلك أن تلك الأوصاف تفضي إلى نقاش عقيم ناجم عن تصورات مسبقة قد تكون بعيدة عن الصواب، مع أن الفكر الحر المستقل لا يؤمن أصلاً بقوالب فكرية محددة أو أيديولوجيات يسجن ذاته بها"
قطعا التوصيف نفسه تجده موجود فى كل الثقافات خاصة مع انتشار الفكر الغربى فى كل أنحاء العالم وسيطرة الغربيين ومن والاهم فى كافة المناطق على التعليم والاعلام بينما الوصف عندما كمسلمين هو توصيف من الوحى مؤمن وكافر مسلم وظالم
وتحدث عن الخطأ الثالث وهو ما سماه الوراثة وهو ما سماه الله اتباع دين الآباء فقال :
3 - الوراثة
غالباً ما نرث الأفكار التي نعتبرها بمثابة مسلمات من الأجيال السابقة بدون بذل أدنى جهد للتفكير بمصداقيتها أو في قابليه استمراريتها مع العصر وظروفه المستجدة في حين أننا نادراً ما نبدع أفكار جديدة تفيد مستقبلنا وتزيد من قوتنا الداخلية، الشك هو منهج الوصول إلى الحقيقة ومنها حقيقة وجود الله، والخائفين من مزاولة هذا المنهج يخافون الخسارة، خسارة ماذا؟ خسارة إيمانهم بالله؟! لماذا لا يكون الإيمان قوياً أمام التفكير؟ الجواب لأنه إيمان موروث من العائلة والسلف وليس مكتسباً من خلال التفكير الذي يكون الشك أول الطريق لتحفيزه."
قطعا الأمر موجود فى كل أنحاء العالم فكل أهل دين يرثون دين الآباء ومن النادر أو القليل أن يغير أحد دينه وهى ثقافة مجتمعه الغالبة
وفى هذا قال تعالى :
" إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهن مقتدون"
وتحدث عن الميل العاطفى وهو يقصد الانحياز إلى جهة ما دون مقياس من الإسلام فقال :
4 - الميل العاطفي
غالباً ما تلتقي أحكامنا مع عواطفنا وحالتنا الشعورية من الأحداث الجارية فنؤيد وندين إعتماداً على علاقتنا بالأشخاص وقربهم من انتماءاتنا العقدية أو الفكرية فلا نأخذ وقتاً ولو بسيط في التفكير بما قدموه من نتائج أفكارهم وأفعالهم سواء أكانت إيجابية أم سلبية للمجتمع والحياة. وكم من مسابقة أقيمت تأثر فيها لجنة الحكام بما يعنيه الأشخاص لهم على حساب ما قدموه من فكر وأعمال ومواهب فأتى تقييمهم عاطفي ومثير للشفقة أو لمصلحة.
وقد ورد في الحديث الشريف الصحيح قول لم نعمل به لأننا لم نفهمه على النحو الصحيح وهو: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً "، "مظلوماً" بأن تنصره ضد من ظلمه و "ظالماً" بأن تردعه عن أولئك الذين ظلمهم وهذا الفعل الأخير (قول أو فعل) مقصرين فيه إلى حد كبير مما يجعلنا خارجين عن دائرة الموضوعية أمام أعين ووعي العالم، وما يعلمه المتنورون بحق هو أن أصحاب المبدأ لا يحيدون عنه حتى لو تعلق الأمر بأقرب المقربين لديهم."
قطعا الميل العاطفى ليس قاصرا على منطقتنا فهو شائع فى المجتمعات الظالمة كلها دون استثناء وهى كل مجتمعات عالمنا بلا استثناء فغالبا ما يعفى الكبار من العقاب على جرائمهم باعتبار أن تاريخهم المشرف لا يمكن أن تمحوه جريمة ضد المجتمع ونلاحظ هذا مثلا فى اعفاء جاك شيراك من العقاب فى فرنسا
والخطأ الخامس هو تصديق مقولة المؤامرة وعنها قال :
5 - المؤامرة ولائحة الإتهام
غالباً ما نلقي مسؤولية فشلنا على الآخرين الذين لم ندرس فكرهم حتى أننا في تجارب الحياة نلقي مسؤولية الأمور الغريبة على "الجن" ولا ندرس الأسباب الكامنة في أنفسنا، وفي السياسة نلقي مسؤولية فشلنا على الغرب وهكذا ..... فالمهم لدينا أن تكون لائحة الإتهام جاهزة بالأسماء حتى قبل إجراء التحقيق اللازم وهذا يريحنا إلى أن يحين الوقت الذي نكتشف فيه خطأنا وعندها يكون قد فات الاوان للتغيير نحو الأفضل. وللخروح من دائرة الإتهامات علينا أن نخرج من فكر نظرية المؤامرة ونناقش الأمور كما هي من الوقائع التي توفرت لدينا."
قطعا مقولة المؤامرة ى يمكن تكذيبها فى كل الأحوال لأن الله بين أن تآمر اليهود على اشعال الحروب أمر يتكرر بصور كثيرة فقال :
" كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله "
وما دامت المخابرات والأجهزة ألأمنية موجودة فلا يمكن استبعاد مقولة المؤامرة فى الكثير من الأمور التى تهم أفراد المجتمع
والخطأ السادس هو إسكات الأخر بحجة أن لا فائدة أو أن الحجج ظاهرة وعنه قال :
6 – الإسكات
في كثير من الحالات يكون لدينا القدرة على احتواء رأي الآخر ولكننا مع الأسف لا نستخدمها بل نجد من السهل أن نقوم بإسكات الرأي الآخر بحجة أن النقاش منتهي ولا مجال للأخذ والعطاء فيه، وهذا سيؤدي بدوره إلى تداعيات لأنه سيبقى حاضراً وقوياً في فكر المقموع إلى أن تحين لحظة الكلام بعد دهر من الصمت، تلك اللحظة التي يكثر فيها عدد المؤيدين الصامتين وعندئذ سيكون رد الفعل كالبركان الثائر الذي يدمر بعنف وفي كثير من الأحيان أكثر مما ينبغي.
وهناك قول على غرار الآتي:
" كان الأجدى أن نعرف أمراً آخر أكثر نفعاً عوضاً عن الأمر الذي تم التطرق إليه "
وهي وسيلة يستخدمها البعض للحث على عدم التفكير بأمور معينة فلا يريدون منا أن نفكر بها لمبرراتهم المختلفة، وحجب التفكير هو من طبيعة الإرهاب الذي نعيشه في مجتمعاتنا قبل أن يكون ناجماً عن السلطة التي تحكمنا."
قطعا أحيانا إنهاء الحوار يكون مطلوبا لأنه يكون حوار بلا فائدة لأنه حوار الطرشان كما يقال وهو أمر طلبه الله من رسوله(ص) فى تعليم الأعراب المنافقين حدود وهى أحكام الدين حيث طلب من الرسول(ص) ألا يعلمهم فقال :
" الأعراب أشد كفرا ونفاقا واجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله "
ومن ثم فالسكوت أو الاسكات يكون مطلوبا عندما يكذب الإنسان عينيه يوميا مثلا فى أن الشمس تدور فوق الأرض ويناقش فى أن الأرض هى من تدور حول الشمس وعندما يكذب قوله تعالى :
" وبنينا فوقكم سبعا شدادا"
فالسموات وفيها الشمس مبنية على الأساس وهو الأرض فكيف يدور الأساس حول شىء من المبنى فوقه
وتحدث عن علماء السلاطين والذين يتحدثون بكلام السلطة وليس كلام الله فقال :
7 - سلطة المعتقد
مشكلتنا ليست مع الدين وإنما مع من يدعون أنهم موكلون (من الله) في تطبيقه، فدائماً ما تتطابق أوامرهم مع مصلحة بقائهم في السلطة التي يستمدونها من رعاياهم الذين نجحوا في غسل أدمغتهم ليصلوا بهم إلى ما يشبه متلازمة ستوكهولم عبر القمع والترهيب بالعقوبات والترويج لأجنداتهم (الدينية) خلال الزمن فأوامرهم غير خاضعة للنقاش لأنها مستمدة من الكتب السماوية وآثار المرسلين وما كتبه السلف والتي نجحوا في تأويلها وفق وجهة نظرهم التي تدعم سلطتهم، وهذا يشبه إلى حد بعيد ذلك العصر الذي سيطرت فيه الكنيسة على فكر الاوربيين في العصور الوسطى مما نتج عنه فيما بعد ردود فعل عظيمة شهدناها في انتشار أفكار الفلسفة المادية وأحياناً الخارجة من كل قيد وما زالت آثاره بادية في الفكر المعاصر، فهل علينا أن نكرر التاريخ؟ العملية باختصار هي (فعل) ماضي و (رد فعل) مستقبلي يعاكسه وكثيراً ما يكون أكثر إستدامة وأعنف لأنه ولد من رحم الإضطهاد."
قطعا هذا الخطأ موجود فى كل الأمم بصور مختلفة يتصدرها وسائل الإعلام المختلفة والتى تجعل الأفراد ينشدون نحو ما تريد السلطة القائمة
وتحدث عن الخطأ الثامن وهو الشخصنة والمراد أن يكون الموضوع هو الفرد وليس موضوع النقاش نفسه وعنه قال :
8 – الشخصنة:غالباً ما يكون الهدف من الحوار هو تسجيل نقاط على المتحاور معنا بدلاً من أن يكون تفاعلاً موضوعياً مع الأفكاره التي يطرحها، وغالباً ما يكون الهجوم في غير محله فعندما نسمع نقداً يوجه إلينا بخصوص نقطة (أ) لا نرد عليها بل نلتف لنسدد هجومأً في نقطة (ب) لأن هدفنا ليس الوصول إلى الحقيقة وإنما إحراج المتحاور معنا أو لتحقيق نصر شخصي يغري شعورنا العالي بالفردية المتحكمة، وتصل درجة الاستفزاز في بعض الأحيان إلى المشاجرة أو التلفظ بالشتائم."
وهذا الخطأ فى كل الأمم وهو أن الشخص يلف ويدور ليثبت ان الطرف الثانى على خطأ مع أن كل ما يقوله ليس له صلة بالموضوع المطروح للنقاش
وتحدث عن الخطأ التاسع وهو أن هدف الحوار ليس إدراك الحقيقة ولكن فرض الرأى على ألأخر فقال :
9 - الحقيقة ليست الهدف
ما هي حقيقة هدفنا المسبق قبل الحوار في قضية ما؟ هل يقتصر فقط على الدفاع عن وجهة نظرنا حولها؟ أم أنه يتخطى ذلك ليشمل معرفة المزيد من الآراء الأخرى حولها وبالتالي الحصول على معلومات أكثر حولها للاقتراب مما نعتقد أنه "الحقيقة" أو جانب منها على الأقل عندما لا يتوفر لدينا معلومات كافية عنها، للأسف نلاحظ أن معظم المناقشات تكون لفرض رأي على رأي آخر وليس لاستفادة رأي من رأي آخر، فتخذ شكل المعركة بدلاً أن تكون تعديل مسارات في التفكير للوصول إلى الحقيقة، وتعديل الرأي لن ينال من مكانتنا إن اتضحت لنا الحقيقة أو رأينا فيها أوجه لم يكن بوسعنا أن نراها من منظورنا إلا بعد إطلاعنا على رأي الآخرين."
قطعا الخطأ شائع عند الظلمة الذين يدافعون عن ظلمهم وأما طلاب الحقيقة وهم قلة فالهدف هو معرفة الحق من الباطل فى أى مسألة لاتباع الحق والبعد عن الباطل
والخطأ العاشر هو أبو العريف الذى يعرف كل شىء عن أى موضوع وعنه قال :
10 - السيد "أعرف"لا يمكن لأي شخص أن يحيط بكل مناهل المعرفة على نحو كاف مع أن بعض الأشخاص قد يمتلك معارف واسعة في العديد من المجالات في العلوم والتاريخ وغيرها. وقد نغتر أحيانأا بما نملكه من معارف فنشارك في الحوار بثقة زائدة وكأننا مختصون في ذلك الحقل من العلم فنعطي تفسيرات وتحليلات لأمور لم نعشها أو حتى لم نطلع عليها فتأتي مشاركاتنا لتزيد من التشتت في مسار النقاش وسرعان ما نكتشف أننا شاركنا عن جهل، وفي هذه الحالات يكون الصمت والإصغاء أو القراءة أفضل أو الاكتفاء بطرح الأسئلة عن الامور الجديدة التي لم يسبق لنا الاطلاع عليها شرط عدم الخروج من محور الموضوع المطروح. المشكلة أننا يصعب علينا قول:" لا أعرف" ولا أعتقد أن هذا القول سيضعف من مكانتنا العلمية."
قطعا العارف أو أبو العريف شخصية موجودة فى كل المجتمعات وغالبا ما يكون أبو العريف هو الزعيم والرئيس والملك صاحب الحكمة والقوال الملهم وأما أبو العريف الفرعى فهو شخص موجود فى بعض الأسر أو فى بعض المؤسسات
وهذا الكلام يجرنا إلى هناك أشخاص مفروض عليهم أن يكون عليهم العارفون وهم الرسل (ص) ومن يقتدون بهم من العلماء ومعرفتهم التى ينشرونها ليس من عندهم كما هو امر أبو العريف وإنما من عند الله
وتحدث عن الخطأ الأخير وهو اللف والدوران وقد سبق أن ناقشه من زاوية أخرى فقال :
11 - الالتفاف
الالتفاف هو الهروب المتعمد من مناقشة فكرة من الحوار ويحدث عادة بعد أن يطرح السائل سؤالاً فتأتي الإجابة في غير محلها لتناقش أمراً قريباً من محور الموضوع مع أنه بعيد عن الإجابة المطلوبة أو المفترضة عن السؤال. وغالباً ما يتخذ الجواب الملتف شكلاً هجومياً بدلاً من الدفاع لدرء تهمة موجهة في السؤال ونشاهد ذلك بكثرة في حديث السياسيين أمام وسائل الإعلام.
أسباب الالتفاف عديدة ومنها تحاشي إجابة ذات حجة ضعيفة أو محرجة للشخص للشخص المجيب أو لمكانته أو أنها تتجاوز حدود معرفته لكن يصعب عليه قول:" لا أعرف". وقد يكون الهدف من الالتفاف هو أن ينسى الذي طرح السؤال موضوع السؤال فيخوض في أمر آخر، والإعلامي الناجح قادر على اختيار تلك الأسئلة المحرجة. الالتفاف ليست صفة خاصة بالعقل العربي ولكننا نجدها في كل زمان ومكان."
اللف والدوران هو أسلوب من أساليب الأشخاص الذين يريدون تبرير الأخطاء والمظالم لتظل مكاسبهم المحرمة منها موجودة
ومعظم ما ذكره كمال غزال من عيوب موجودة في كل الأمم وبعضها كما بينا ليست عيوب لأنه حقائق بينها الله
وتحدث عن وجوب تعلم الحوار وآدابه فقال في ختام المقال :
" وأخيراً .... لا بد من الاختلاف بين أفكار الناس لكن علينا أن نتعلم أولاً كيف نختلف ونغرس آداب الحوار في أبنائنا وبناتنا لكي نحجز مكاناً لنا تحت الشمس ولنكسب احترام العالم بفكرنا وثقافتنا التي تنعكس في تصرفاتنا وأفعالنا مع بعضنا البعض، وهي القوة الداخلية التي نستمد منها تطورنا ومواكبتنا لفكر العالم ومتغيراته، بينما "الاتفاق الظاهري" الغير مبني على قوة الإقناع بل على العاطفة والانتماءات الموروثة لا يخلق قوة بل يكون كالطبل كبير في حجمه وأجوف في قلبه وسرعان ما يتهاوى عند أول امتحان مع متغير جديد."
صاحب المقال كمال غزال وعنوان المقال خاطىء فالعقول لا تنقسم لعقول عربية وغربية وهندية وصينية... فالعقل واحد فى الناس جميعا ومن ثم يمكن أن يقال أنه نقد لأخطاء النفوس الشائعة فى التعامل مع العالم
قطعا لا يمكن نقد العقل لأن العقل فى الناس عند الله صالح لمعرفة الحق من الباطل وهو الصواب من الخطأ ولذا قال مكررا القول :
" أفلا تعقلون"
والمنقود هو أعمال الناس التى ترتكبها النفوس وهى أعمال السوء الشائعة بين طوائف البشر
كمال غزال يريد أن يبين لنا عيوب من يعيشون فى منطقتنا بقوله:
"عندما نعلم فقط أين نقف عندئذ سنعلم أين سنتجه وبالتالي نتقدم خطوة أخرى إلى الأمام نحو المستقبل الأفضل، وهكذا هو الأمر مع الحوار الفكري فعندما نتعلم كيف نختلف يمكن أن نصل إلى ثمار فكرية صوب الحقيقة بدون الوقوع في مستنقع الحلقات المفرغة والتي لا تؤدي إلإ إلى إهدار الوقت علاوة على إثارة مشاعر الكراهية والإحباط والضجر بين المشاركين في الحوار."
وتحدث غزال عن انقسام الفكر لفكر سليم وفكر خاطىء فقال :
"تكمن المشكلة في ارتكاب عدة أخطاء في طريقة التفكير والتي تتسم بها العقلية العربية على وجه خاص، فمن خلال اطلاعي على النقاشات الدائرة على صفحات موقع ما وراء الطبيعة وغيرها من المنتديات الإلكترونية العربية وما أكثرها تعلمت الكثير من أنماط التفكير السلبي، ورغم أنني وضعت قائمة من الامور التي علينا تجنبها في النقاش (قواعد النقاش) غير أنني لا أجدها كافية للنقاش الذي ننشده والذي يطمح إليه كل باحث في الحقيقة، فهناك الكثير مما علق في من رواسب في العقلية العربية على مر الأجيال والتي تحد من التفكير الموضوعي."
قطعا لا وجود للفكر الخاطىء كما قال غزال وغيره لأن الله يطلب من الناس الفكر كما قال تعالى :
" أفلا تتفكرون "
والفكر نفسه من ضمن العقل وأحيانا يطلق على العقل نفسه
وأعلن كمال عن أخطاء النقاشات الموجودة فى المنتديات والمواقع العربية فقال :
"في عالم الإنترنت نجد أكبر نسبة من عدد المنتديات الإلكترونية في العالم العربي بالمقارنة مع دول العالم مما يوحي بأن العرب مشغولين جدأً في النقاشات فهل يتبعون الطرق الصحيحة فيها؟ أشك بذلك، فما يتوقعه أي مطلع عليها أن تخرج بإبداعات فكرية أو دراسات هامة وهذا ما لا نلمسه خصوصاً مع انتشار ثقافة النسخ واللصق وعدم التحقق والإساءة بمختلف أشكالها بين المشاركين.
اذكر في ما يلي تلك الأخطاء وأتمنى ممن يشاركون في النقاش أن يشيروا لها بالاسم في كل مرة يلاحظونها في بعض المشاركات لكي يتنبه المشاركون فيعدلوا من طريقة طرحهم إلى ما هو أصوب:
1 – التعميم خطأ التعميم من الأخطاء الشائعة في العقلية العربية، نلاحظها في نقاشاتنا سواء في وسائل الإعلام أو في الأحاديث اليومية مع معارفنا ويتضح أكثر في كلامنا عن (الآخر) فكثيراً ما نصم شعب أو قوم بأكمله بصفة محددة ما وهو حكم مسبق ولا يراعي الاختلافات الفردية بين الأشخاص في الثقافة ونمط المعيشة فإذا أردنا استخلاص أحكام أكثر دقة علينا أن نكون محددين أكثر في الفئة ألصقنا بها صفة محددة وأن نوزن الأمور بالنسبية وليس بالإطلاق لئلا يكون الحكم ظالماً وفي غيره محله، التعميم أعمى لأنه لا يراعي الظروف والحالات في الزمان والمكان وغالباً ما يكون لك قاعدة استثناء."
قطعا التعميم الذى ذكره غزال أمر شائع فى كل الأمم والثقافات وليس عند متحدثى العربية وحدهم خاصة بين العامة وبين طبقات المثقفين بلا استثناء أحد وكلنا نقع فيه أحيانا
والخطأ الثانى هو تصنيف الفرد ضمن أطر معروفة فى الثقافة كعلمانى وسلفى ...وهو قوله :
2 - التوصيف
عندما لا نتفق مع فكر شخص كثيراً ما نميل إلى وضعه في خانة فكرية معينة فنطلق عليه أوصافاً كقبيل علماني وسلفي ورجعي وتقدمي ومتطرف ومحافظ .. وغيرها، وليس بالضرورة أن نسمعه تلك الأوصاف بل يكفي أن تكون حاضرة في ذهننا اتجاهه، إطلاق أوصاف كهذه يساهم في حشد تأييد من نعتقد أنهم يتفقون مع أفكارنا بهدف حشره في زاوية أو نبذ فكره، والأهم من ذلك أن تلك الأوصاف تفضي إلى نقاش عقيم ناجم عن تصورات مسبقة قد تكون بعيدة عن الصواب، مع أن الفكر الحر المستقل لا يؤمن أصلاً بقوالب فكرية محددة أو أيديولوجيات يسجن ذاته بها"
قطعا التوصيف نفسه تجده موجود فى كل الثقافات خاصة مع انتشار الفكر الغربى فى كل أنحاء العالم وسيطرة الغربيين ومن والاهم فى كافة المناطق على التعليم والاعلام بينما الوصف عندما كمسلمين هو توصيف من الوحى مؤمن وكافر مسلم وظالم
وتحدث عن الخطأ الثالث وهو ما سماه الوراثة وهو ما سماه الله اتباع دين الآباء فقال :
3 - الوراثة
غالباً ما نرث الأفكار التي نعتبرها بمثابة مسلمات من الأجيال السابقة بدون بذل أدنى جهد للتفكير بمصداقيتها أو في قابليه استمراريتها مع العصر وظروفه المستجدة في حين أننا نادراً ما نبدع أفكار جديدة تفيد مستقبلنا وتزيد من قوتنا الداخلية، الشك هو منهج الوصول إلى الحقيقة ومنها حقيقة وجود الله، والخائفين من مزاولة هذا المنهج يخافون الخسارة، خسارة ماذا؟ خسارة إيمانهم بالله؟! لماذا لا يكون الإيمان قوياً أمام التفكير؟ الجواب لأنه إيمان موروث من العائلة والسلف وليس مكتسباً من خلال التفكير الذي يكون الشك أول الطريق لتحفيزه."
قطعا الأمر موجود فى كل أنحاء العالم فكل أهل دين يرثون دين الآباء ومن النادر أو القليل أن يغير أحد دينه وهى ثقافة مجتمعه الغالبة
وفى هذا قال تعالى :
" إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهن مقتدون"
وتحدث عن الميل العاطفى وهو يقصد الانحياز إلى جهة ما دون مقياس من الإسلام فقال :
4 - الميل العاطفي
غالباً ما تلتقي أحكامنا مع عواطفنا وحالتنا الشعورية من الأحداث الجارية فنؤيد وندين إعتماداً على علاقتنا بالأشخاص وقربهم من انتماءاتنا العقدية أو الفكرية فلا نأخذ وقتاً ولو بسيط في التفكير بما قدموه من نتائج أفكارهم وأفعالهم سواء أكانت إيجابية أم سلبية للمجتمع والحياة. وكم من مسابقة أقيمت تأثر فيها لجنة الحكام بما يعنيه الأشخاص لهم على حساب ما قدموه من فكر وأعمال ومواهب فأتى تقييمهم عاطفي ومثير للشفقة أو لمصلحة.
وقد ورد في الحديث الشريف الصحيح قول لم نعمل به لأننا لم نفهمه على النحو الصحيح وهو: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً "، "مظلوماً" بأن تنصره ضد من ظلمه و "ظالماً" بأن تردعه عن أولئك الذين ظلمهم وهذا الفعل الأخير (قول أو فعل) مقصرين فيه إلى حد كبير مما يجعلنا خارجين عن دائرة الموضوعية أمام أعين ووعي العالم، وما يعلمه المتنورون بحق هو أن أصحاب المبدأ لا يحيدون عنه حتى لو تعلق الأمر بأقرب المقربين لديهم."
قطعا الميل العاطفى ليس قاصرا على منطقتنا فهو شائع فى المجتمعات الظالمة كلها دون استثناء وهى كل مجتمعات عالمنا بلا استثناء فغالبا ما يعفى الكبار من العقاب على جرائمهم باعتبار أن تاريخهم المشرف لا يمكن أن تمحوه جريمة ضد المجتمع ونلاحظ هذا مثلا فى اعفاء جاك شيراك من العقاب فى فرنسا
والخطأ الخامس هو تصديق مقولة المؤامرة وعنها قال :
5 - المؤامرة ولائحة الإتهام
غالباً ما نلقي مسؤولية فشلنا على الآخرين الذين لم ندرس فكرهم حتى أننا في تجارب الحياة نلقي مسؤولية الأمور الغريبة على "الجن" ولا ندرس الأسباب الكامنة في أنفسنا، وفي السياسة نلقي مسؤولية فشلنا على الغرب وهكذا ..... فالمهم لدينا أن تكون لائحة الإتهام جاهزة بالأسماء حتى قبل إجراء التحقيق اللازم وهذا يريحنا إلى أن يحين الوقت الذي نكتشف فيه خطأنا وعندها يكون قد فات الاوان للتغيير نحو الأفضل. وللخروح من دائرة الإتهامات علينا أن نخرج من فكر نظرية المؤامرة ونناقش الأمور كما هي من الوقائع التي توفرت لدينا."
قطعا مقولة المؤامرة ى يمكن تكذيبها فى كل الأحوال لأن الله بين أن تآمر اليهود على اشعال الحروب أمر يتكرر بصور كثيرة فقال :
" كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله "
وما دامت المخابرات والأجهزة ألأمنية موجودة فلا يمكن استبعاد مقولة المؤامرة فى الكثير من الأمور التى تهم أفراد المجتمع
والخطأ السادس هو إسكات الأخر بحجة أن لا فائدة أو أن الحجج ظاهرة وعنه قال :
6 – الإسكات
في كثير من الحالات يكون لدينا القدرة على احتواء رأي الآخر ولكننا مع الأسف لا نستخدمها بل نجد من السهل أن نقوم بإسكات الرأي الآخر بحجة أن النقاش منتهي ولا مجال للأخذ والعطاء فيه، وهذا سيؤدي بدوره إلى تداعيات لأنه سيبقى حاضراً وقوياً في فكر المقموع إلى أن تحين لحظة الكلام بعد دهر من الصمت، تلك اللحظة التي يكثر فيها عدد المؤيدين الصامتين وعندئذ سيكون رد الفعل كالبركان الثائر الذي يدمر بعنف وفي كثير من الأحيان أكثر مما ينبغي.
وهناك قول على غرار الآتي:
" كان الأجدى أن نعرف أمراً آخر أكثر نفعاً عوضاً عن الأمر الذي تم التطرق إليه "
وهي وسيلة يستخدمها البعض للحث على عدم التفكير بأمور معينة فلا يريدون منا أن نفكر بها لمبرراتهم المختلفة، وحجب التفكير هو من طبيعة الإرهاب الذي نعيشه في مجتمعاتنا قبل أن يكون ناجماً عن السلطة التي تحكمنا."
قطعا أحيانا إنهاء الحوار يكون مطلوبا لأنه يكون حوار بلا فائدة لأنه حوار الطرشان كما يقال وهو أمر طلبه الله من رسوله(ص) فى تعليم الأعراب المنافقين حدود وهى أحكام الدين حيث طلب من الرسول(ص) ألا يعلمهم فقال :
" الأعراب أشد كفرا ونفاقا واجدر ألا يعلموا حدود ما أنزل الله "
ومن ثم فالسكوت أو الاسكات يكون مطلوبا عندما يكذب الإنسان عينيه يوميا مثلا فى أن الشمس تدور فوق الأرض ويناقش فى أن الأرض هى من تدور حول الشمس وعندما يكذب قوله تعالى :
" وبنينا فوقكم سبعا شدادا"
فالسموات وفيها الشمس مبنية على الأساس وهو الأرض فكيف يدور الأساس حول شىء من المبنى فوقه
وتحدث عن علماء السلاطين والذين يتحدثون بكلام السلطة وليس كلام الله فقال :
7 - سلطة المعتقد
مشكلتنا ليست مع الدين وإنما مع من يدعون أنهم موكلون (من الله) في تطبيقه، فدائماً ما تتطابق أوامرهم مع مصلحة بقائهم في السلطة التي يستمدونها من رعاياهم الذين نجحوا في غسل أدمغتهم ليصلوا بهم إلى ما يشبه متلازمة ستوكهولم عبر القمع والترهيب بالعقوبات والترويج لأجنداتهم (الدينية) خلال الزمن فأوامرهم غير خاضعة للنقاش لأنها مستمدة من الكتب السماوية وآثار المرسلين وما كتبه السلف والتي نجحوا في تأويلها وفق وجهة نظرهم التي تدعم سلطتهم، وهذا يشبه إلى حد بعيد ذلك العصر الذي سيطرت فيه الكنيسة على فكر الاوربيين في العصور الوسطى مما نتج عنه فيما بعد ردود فعل عظيمة شهدناها في انتشار أفكار الفلسفة المادية وأحياناً الخارجة من كل قيد وما زالت آثاره بادية في الفكر المعاصر، فهل علينا أن نكرر التاريخ؟ العملية باختصار هي (فعل) ماضي و (رد فعل) مستقبلي يعاكسه وكثيراً ما يكون أكثر إستدامة وأعنف لأنه ولد من رحم الإضطهاد."
قطعا هذا الخطأ موجود فى كل الأمم بصور مختلفة يتصدرها وسائل الإعلام المختلفة والتى تجعل الأفراد ينشدون نحو ما تريد السلطة القائمة
وتحدث عن الخطأ الثامن وهو الشخصنة والمراد أن يكون الموضوع هو الفرد وليس موضوع النقاش نفسه وعنه قال :
8 – الشخصنة:غالباً ما يكون الهدف من الحوار هو تسجيل نقاط على المتحاور معنا بدلاً من أن يكون تفاعلاً موضوعياً مع الأفكاره التي يطرحها، وغالباً ما يكون الهجوم في غير محله فعندما نسمع نقداً يوجه إلينا بخصوص نقطة (أ) لا نرد عليها بل نلتف لنسدد هجومأً في نقطة (ب) لأن هدفنا ليس الوصول إلى الحقيقة وإنما إحراج المتحاور معنا أو لتحقيق نصر شخصي يغري شعورنا العالي بالفردية المتحكمة، وتصل درجة الاستفزاز في بعض الأحيان إلى المشاجرة أو التلفظ بالشتائم."
وهذا الخطأ فى كل الأمم وهو أن الشخص يلف ويدور ليثبت ان الطرف الثانى على خطأ مع أن كل ما يقوله ليس له صلة بالموضوع المطروح للنقاش
وتحدث عن الخطأ التاسع وهو أن هدف الحوار ليس إدراك الحقيقة ولكن فرض الرأى على ألأخر فقال :
9 - الحقيقة ليست الهدف
ما هي حقيقة هدفنا المسبق قبل الحوار في قضية ما؟ هل يقتصر فقط على الدفاع عن وجهة نظرنا حولها؟ أم أنه يتخطى ذلك ليشمل معرفة المزيد من الآراء الأخرى حولها وبالتالي الحصول على معلومات أكثر حولها للاقتراب مما نعتقد أنه "الحقيقة" أو جانب منها على الأقل عندما لا يتوفر لدينا معلومات كافية عنها، للأسف نلاحظ أن معظم المناقشات تكون لفرض رأي على رأي آخر وليس لاستفادة رأي من رأي آخر، فتخذ شكل المعركة بدلاً أن تكون تعديل مسارات في التفكير للوصول إلى الحقيقة، وتعديل الرأي لن ينال من مكانتنا إن اتضحت لنا الحقيقة أو رأينا فيها أوجه لم يكن بوسعنا أن نراها من منظورنا إلا بعد إطلاعنا على رأي الآخرين."
قطعا الخطأ شائع عند الظلمة الذين يدافعون عن ظلمهم وأما طلاب الحقيقة وهم قلة فالهدف هو معرفة الحق من الباطل فى أى مسألة لاتباع الحق والبعد عن الباطل
والخطأ العاشر هو أبو العريف الذى يعرف كل شىء عن أى موضوع وعنه قال :
10 - السيد "أعرف"لا يمكن لأي شخص أن يحيط بكل مناهل المعرفة على نحو كاف مع أن بعض الأشخاص قد يمتلك معارف واسعة في العديد من المجالات في العلوم والتاريخ وغيرها. وقد نغتر أحيانأا بما نملكه من معارف فنشارك في الحوار بثقة زائدة وكأننا مختصون في ذلك الحقل من العلم فنعطي تفسيرات وتحليلات لأمور لم نعشها أو حتى لم نطلع عليها فتأتي مشاركاتنا لتزيد من التشتت في مسار النقاش وسرعان ما نكتشف أننا شاركنا عن جهل، وفي هذه الحالات يكون الصمت والإصغاء أو القراءة أفضل أو الاكتفاء بطرح الأسئلة عن الامور الجديدة التي لم يسبق لنا الاطلاع عليها شرط عدم الخروج من محور الموضوع المطروح. المشكلة أننا يصعب علينا قول:" لا أعرف" ولا أعتقد أن هذا القول سيضعف من مكانتنا العلمية."
قطعا العارف أو أبو العريف شخصية موجودة فى كل المجتمعات وغالبا ما يكون أبو العريف هو الزعيم والرئيس والملك صاحب الحكمة والقوال الملهم وأما أبو العريف الفرعى فهو شخص موجود فى بعض الأسر أو فى بعض المؤسسات
وهذا الكلام يجرنا إلى هناك أشخاص مفروض عليهم أن يكون عليهم العارفون وهم الرسل (ص) ومن يقتدون بهم من العلماء ومعرفتهم التى ينشرونها ليس من عندهم كما هو امر أبو العريف وإنما من عند الله
وتحدث عن الخطأ الأخير وهو اللف والدوران وقد سبق أن ناقشه من زاوية أخرى فقال :
11 - الالتفاف
الالتفاف هو الهروب المتعمد من مناقشة فكرة من الحوار ويحدث عادة بعد أن يطرح السائل سؤالاً فتأتي الإجابة في غير محلها لتناقش أمراً قريباً من محور الموضوع مع أنه بعيد عن الإجابة المطلوبة أو المفترضة عن السؤال. وغالباً ما يتخذ الجواب الملتف شكلاً هجومياً بدلاً من الدفاع لدرء تهمة موجهة في السؤال ونشاهد ذلك بكثرة في حديث السياسيين أمام وسائل الإعلام.
أسباب الالتفاف عديدة ومنها تحاشي إجابة ذات حجة ضعيفة أو محرجة للشخص للشخص المجيب أو لمكانته أو أنها تتجاوز حدود معرفته لكن يصعب عليه قول:" لا أعرف". وقد يكون الهدف من الالتفاف هو أن ينسى الذي طرح السؤال موضوع السؤال فيخوض في أمر آخر، والإعلامي الناجح قادر على اختيار تلك الأسئلة المحرجة. الالتفاف ليست صفة خاصة بالعقل العربي ولكننا نجدها في كل زمان ومكان."
اللف والدوران هو أسلوب من أساليب الأشخاص الذين يريدون تبرير الأخطاء والمظالم لتظل مكاسبهم المحرمة منها موجودة
ومعظم ما ذكره كمال غزال من عيوب موجودة في كل الأمم وبعضها كما بينا ليست عيوب لأنه حقائق بينها الله
وتحدث عن وجوب تعلم الحوار وآدابه فقال في ختام المقال :
" وأخيراً .... لا بد من الاختلاف بين أفكار الناس لكن علينا أن نتعلم أولاً كيف نختلف ونغرس آداب الحوار في أبنائنا وبناتنا لكي نحجز مكاناً لنا تحت الشمس ولنكسب احترام العالم بفكرنا وثقافتنا التي تنعكس في تصرفاتنا وأفعالنا مع بعضنا البعض، وهي القوة الداخلية التي نستمد منها تطورنا ومواكبتنا لفكر العالم ومتغيراته، بينما "الاتفاق الظاهري" الغير مبني على قوة الإقناع بل على العاطفة والانتماءات الموروثة لا يخلق قوة بل يكون كالطبل كبير في حجمه وأجوف في قلبه وسرعان ما يتهاوى عند أول امتحان مع متغير جديد."