رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى مقال الحكمة الإدارية
هذا المقال بحثت عنه فى الشبكة العنكبوتية فوجدته منشورا فى العديد من المواقع دون إشارة للمصدر الذى تم نقله أو تلخيصه منه ولم يشر سوى مكان واحد إلى أن هذه النصائح مأخوذة من أحد كتب غازى القصيبى والذى يسمى حياة فى الإدارة والذى أشرت له بالخطأ فى مقال الأمس عن البرمجة العصبية كمصدر لمقال البرمجة ولكنه سهو نتيجة كثرة ما يدور فى العقل حيث كنت قد فتحت المقالين ومعهم مقال أخر لاختيار ما أكتبه فلم أدر ما كتبت فى مقال الأمس إلا بعد النشر ولذا اعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود
بالقطع ككثير من الأبحاث أو المقالات يفضل الكتاب النقل عن مصادر غربية أو حتى شرقية وتلجأ قلة للوحى الإلهى ومن يراجع كتب الإدارة فى كليات التجارة وغيرها كالعلوم السياسية لن يجد سوى إشارات قليلة جدا للوحى الإلهى أو للثقافة الإسلامية فسيجد دراسة للنظم الإدارية التى يقال أن تم اختراعها فى عهد النبى (ص) أو الخلفاء والملوك والسلاطين ولكنه لن يجد كتابا يتناول ما جاء فى الوحى عن التنظيم الإدارى ولا عن أحكام التعامل الإدارى مع الناس ولا عن تنظيم العمل الإدارى وتبدو حاليا الأسباب متعددة فى هذا التجاهل أهمها أن القائمين فى التعليم الجامعى فى بلادنا معظمهم نقلوا كتب الدراسة من الخارج ومن تعلم على أيديهم فعل نفس الشىء وألف كتب على منوالهم وأيضا التوجيه السياسى للحكام كان من البداية خاطئا حيث تم إرسال المبعوثين لبلاد الكفر للتعلم فيها والغريب أن معظم البعثات كانت تدرس علوما لا علاقة لها بالتقدم العلمى والتقنى وإنما تدرس الحقوق والآداب والاجتماعيات ومن ثم وجدنا هذا الكم الهائل من المؤلفات التى لا علاقة بها بالإسلام والتى معظمها اتهام له بالتخلف وعدم مواكبة العصر من ثم تقرأ كتبا كثيرة فى كليات التعليم الجامعى ولا تجد بها آية واحدة من الوحى ربما فقط فى صفحة المقدمة فهى تستعمل من قبيل البركة المزعومة التى يعتقدها البعض
والآن نتناول ما جاء من نصائح فى المقال وهى :
"1- عليك بالاهتمام بالعاملين معك:
لا بد أن تتذكر أن العاملين لن يهتموا بقدر ما تعرف ؛ حتى يعرفوا قدر اهتمامك ، ولهذا أشعرهم باهتمامك أولاً ، وبعدها يمكنك أن تطلب منهم أن يفعلوا أي شيء ، فلسنا مجتمعاً من الآلات ، حيث أننا نتعامل مع بشر، والناس لهم مشاعرهم ، وكل واحد يطمح في أن يكون موضع محبة وتقدير واحترام ولهذا إذا ما عاملت الناس بهذه الطريقة ؛ فانهم يستجيبون بشكل أفضل ؛ أما إذا ما عاملتهم كما تعامل الإنسان الآلي فانهم يستجيبون كما تستجيب تلك الآلة ، وبهذا الوضع يصعب عليك الحصول على أي إبداع ، وستلاحظ أنهم يعبرون عن شعورهم بالتعاسة من خلال مظاهر معينة مثل هبوط المعنويات وكثرة المشاكل"
هذه النصيحة موجودة فى الوحى وهى قوله تعالى " "فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر"
الاهتمام بالعاملين ليس بالضرورة نتيجته كما تقول الفقرة الابداع أو العمل الكثير فقد يهتم الرئيس بأشخاص ومع هذا لا يستجيبون له بينما شخص بعيد عن كثرة الاهتمام يستجيب كما فى قصة الأعمى الذى استجاب بينما الأغنياء الذين اهتم بهم الرسول(ص) لم يستجيبوا وفى هذا قال تعالى "عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى وأما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى"
وقد جرب الله الرسول(ص)الاهتمام الحبى ببعض الناس فأتته النصيحة فى قوله تعالى :
"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
فليس الاهتمام وهو الحب ينتج ما هو مطلوب
وأما النصيحة الثانية فهى عدم تكليف الموظف ما يتعبه وهى قولهم:
2- لا تكلف العاملين من العمل ما يشق عليهم حتى وإن كنت تطيق ذلك
لا تتوقع من العاملين معك أن يكرسوا أنفسهم للعمل على غرار ما تفعل أنت ، فالسبب الذي جعل منك مسئولاً لعمل معين هو أنك تنظر إلى ذلك العمل من منظور مختلف عن بقية العاملين ، ولهذا أدعمهم في ذلك ؛ ولكن عليك أن تتفهم جيداً أن المخلصين المضحين هم الاستثناء لا القاعدة وتنشئ المشكلة عندما يتوقع المسئول من العاملين تحته أن يعملوا ساعات فوق المطلوب لأنه هو يفعل ذلك ، أو أن يجعلوا العمل معهم داخل وخارج البيت لأنه هو يفعل ذلك ، أو أن يجعلوا عملاً معيناً هو كل حياتهم لأنه يفعل ذلك ، فعلى المسئولين والقادة أن يقدموا مثالاً يحتذي به ؛ ولكن عليهم أيضاً أن يدركوا الفارق بين تقديم المثال والمطالبة المقنعة ، فالعاملون معك يريدون أن يعملوا ومع ذلك يريدون أن يستمتعوا بعلاقاتهم العائلية وصداقاتهم ونشاطاتهم ، أما تبعات تجاهل هذه القاعدة فسوف يكون الاستياء الخفي أو السافر ، واحتمال تخريب نظام العمل"
وهذا ما لخصه قوله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"ومن ثم فتكليفات العمل يجب أن تكون حسب وسع وهو قدرة العامل وأما إكمال الإنسان عمله فى بيته أو خارج أوقات العمل فهو أمر ليس مطلوبا وإنما هو عصيان لله فى جعل القيلولة للراحة كما قال تعالى "وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة"وكذلك بقية اليوم للقعود مع الأهل أو التزاور وقراءة القرآن فى الليل
وأنا اتحدث هنا عن دولة المسلمين العادلة وليس عن المجتمعات التى نعيش فيها والتى تحيا على مبادىء عمل فاسدة تجعل الرئيس أو المدير شخصا متحكما فى غيره بينما العمل شركة تعاونية كما قال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى "وقال "وشاورهم فى الأمر "
وأما النصيحة الثالثة فهى مراعاة الفروق الفردية فى قول المقال :
"3- قدر الفوارق بين العاملين ، وابحث عن الصفات المشتركة بينهم للانطلاق بالعمل منها ؛ وحتى تستطيع إدارة الأفراد المختلفين بطرق مختلفة
إن إدارة العمل تكون في بعض الأحيان صعبة على المسؤولين الذين يحاولون إدارة العمل بطريقة واحدة فقط ؛ لأن ما يحفز شخصاً ما ؛ قد لا يحفز الآخر ولهذا عليك أن تدرس الفروق ؛ وتقيم المزايا الفريدة ؛ حتى تنتفع بها"
التحفيز الدنيوى هو أمر ليس مطلوبا فى الإسلام فالعمل هو واجب على كل عامل ونظام المرتبات والحوافز الحالى لا يتفق مع الإسلام فالمرتب هو حق أصيل للعامل وأسرته لا يمكن الخصم منه كعقاب للعامل على إهماله وإنما العقاب يكون حسب الجرم الذى ارتكبه ونصه فى الوحى لأن الخصم هو عقاب لغير العامل وهو أسرته التى لم ترتكب جرما وفى الإسلام لا تحمل نفس عقاب نفس أخرى ما قال تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى" وأما الحوافز التى تصرف للبعض فهى قائمة على عدم العدل فبعض الوظائف كوظيفة المعلم ليست وظيفة يتم التعامل معها على أساس زيادة الإنتاج كما فى المصانع وكذلك وظيفة كوظيفة الطبيب ومن ثم فالحوافز التى تصرف فى المصانع مثلا بسبب زيادة الإنتاج هى غباء وجهل ومثلا المعاق الذى يعمل لن يأخذ حوافز فى ظل هذا النظام لأن قدرته الصحية لا تساعده لأنها ظلم من النظام الذى اخترعها فليس هناك مقياس عادل لها وإنما المرتبات هى التى تصرف وحدها فى الإسلام بطريقة عادلة حسب عدد أفراد الأسرة وأما إذا إن هناك فائض فى ميزانية الدولة ككل فيوزع على جميع أفرادها بالتساوى
وأما النصيحة الرابعة فهى الثناء على المنجزين أعمالهم والذين مستواهم عالى فى العمل وهى ما جاء فى الفقرة التالية:
"4- عبر عن امتنانك تجاه من يحسن تأدية عمله
كلنا نحب أن يكون هناك من يقدرنا ، ويقدر العمل الذي نقوم به ، فالعامل يحقق نتائج غير عادية عندما يشعر بأنه موضع تقدير واحترام ، وقد بينت البحوث أن الناس جوعى للتقدير عندما يتلقون ثناء أصيلاً
ولهذا اشكر أعضاء فريقك ، واثن على نجاحاتهم وإنجازاتهم ، ويمكنك أن توجه تقديرك مباشرة أمام الآخرين بشكل شفهي أو مكتوب أو بأكثر من طريقة ؛ وهذا بدوره يؤكد على نظرتهم لك كقائد يحسن للمحسن على إحسانه وسوف تلاحظ من العاملين أنهم متى ما وجدوا مستوى من الأداء ممكناً تحقيقه ويحقق لهم الثناء ؛ حتى يبادروا لإنجازه بهدف الحفاظ على الانطباع الذي وضعوه في ذهن المسئول"
بالقطع هذه نصيحة تنافى القولة المأثورة لا شكر على واجب فلا يجب أن يشكر الإنسان على أداء عمله وإنما يشكر من عمل شىء غير واجب عليه لأن هذا هو باب الفضل بين المسلمين كما قال تعالى "ولا تنسوا الفضل بينكم"
المسلم ثوابه وهو شكره على عمله الوظيفى وغير الوظيفى يكون فى الآخرة وهو لا يصنع ما يصنع إلا شكرا لنفسه ما قال تعالى "ومن شكر فإنما يشكر لنفسه"
والنصيحة الخامسة سؤال العاملين عن احتياجاتهم وهى قول المقال :
"5- أسأل العاملين معك عن احتياجاتهم
إحدى افضل الطرق التي تجعل من إدارتك للعمل فعّاله هي التأكيد على فعالية العاملين معك من خلال توفير لوازم واحتياجات عملهم ، فالعاملون إذا ما كانوا لا يعملون بكامل طاقاتهم ؛ فإنك أنت الذي لا يعمل بكامل طاقته ولا تفترض بشكل آلي أن هذا سوف يكلفك الكثير من المال ، إذ غالباً ما تكون الأمور الصغيرة هي ما يعيقهم عن القيام بعملهم بأكبر فعاليه ممكنة"
بالقطع هذه النصيحة تدل على أن العمل غير مخطط له ولا يسير على أسس ثابتة فالعمل المخطط له يلبى احتياجات العمل طوال العام ولا يعتمد على سؤال العاملين اليومى أو الأسبوعى بل إن الخطة يكون فيها جانب احتياطى يكفل استمرار العمل إذا حدثت ظروف طارئة ولم يصل المطلوب فى موعده وهذا الجانب الاحتياطى يوفر احتياجات العمل لمدة باقى السنة أو ما هو أكثر كما فعل يوسف (ص) عندما وفر غذاء سبع السنوات القحط من السنوات الخصبة السبع
وأما النصيحة السادسة فهى الإخلاص المتبادل بين الرئيس والمرءوس وهى قول المقال:
"6- أخلص للعامل يخلص لك
الناس عادة يستجيبون بنفس الطريقة التي بها يعاملون ، فالاحترام يفرض الاحترام ، والعجرفة تجلب العجرفة ، والإخلاص يبني الإخلاص ، وهذا المصطلح الأخير مصطلح مهم يجب غرسه في نفس الموظف أو العامل، فهو يعني السهر على صالح العمل ، وعدم التخلي عنه في الأوقات الصعبة ، وهو يعني التركيز على إيجابيات العلاقة بين العامل والعمل ، وتصغير متاعبها حين تتعرض أمور العمل للخطر
فعلاقة المسئول بالعاملين تشبه العلاقة الزوجية من حيث كونه التزام على مدى السنوات ؛ وليس خلال شهر العسل فقط ، وما دام الحال هكذا فلابد من العناية والاهتمام بها"
الإخلاص يبنى الإخلاص ليست مقولة صحيحة فليس كل من اخلص له المرء يخلص له ومن ثم وجد الخونة فى كل المجتمعات وتعتبر هذه النصيحة هى تكرار لنصيحة الاهتمام بالعاملين وهى النصيحة الأولى
المطلوب فى العمل الوظيفى من الكل هو أداء العمل كما يجب فهذا جزء من العدالة الشاملة ولذا وصف الله المسلمين بأنهم لا يخونون يوفون بالعهود ومنه عهد العمل الوظيفى فقال "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"
والنصيحة السابعة وهو العفو والتسامح فهى قول المقال:
"7- عليك بالاعتراف بالخطأ في حق العاملين معك وطلب الصفح منهم
فعن طريق الاعتراف بأخطائك تنقي الجو ، وتقدم نموذجاً يحتذى به من الشعور بالمسؤولية ، ولابد أن تنتبه أنه نادراً ما تمر الأخطاء دون أن يتنبه لها الناس وإن حاولت أن تغطي على هذا الخطأ فإنك ستبذل قسطاً كبيراً من الطاقة في سبيل التغطية عليه مما يؤدي إلى مضاعفة الأذى وزيادة الضغط من خلال صرفك للوقت والجهد في محاولتك للتوصل إلى الحل أما عندما تعترف بأخطائك فإن ذلك يزيد من تقدير الناس لك ، ويصبح الناس أكثر ميلاً إلى منحك ثقتهم في الأمور الأخرى"
هذه نصيحة سليمة فيجب على كل من أخطا أن يعترف بالخطأ ويعتذر لمن أخطأ وأن يقبل الأخر منه فيعفو ويصفح كما قال تعالى " فاعفوا واصفحوا"
والنصيحة الثامنة اعطاء الصلاحيات على قدر المسئولية وهى قول المقال:
"8- أعط الصلاحية للمتعاونين معك على قدر مسئولياتهم فإذا لم تأت الصلاحية على قدر المسؤولية فسوف تفضي بالموظف إلى الفشل ، وهذا ليس من العدل في شيء فمن الأخطاء أن يحدد المسئولون مهمة ويحملون مسؤولية تنفيذها إلى أحد الأشخاص ؛ ولكن لألف سبب وسبب يمنعونه عن صلاحية التنفيذ ، وهكذا يحطمون معنويات العاملين معهم
وهكذا يصبح أي موظف يشعر بأنه يستخدم ككبش فداء يضحي به عندما تتدهور الأمور ، وربما يكون على حق ، حتى صاحب التفكير الإيجابي يتوصل إلى نتيجة مفادها أنه لن ينجيه سوى الحظ"
لا يوجد عمل دون صلاحية فالعمل الموكل له هو صلاحيته وأما المسئولية التى تحول للقضاء بسبب الإهمال أو ارتكاب جرم فهى موجودة داخل كل عمل وينبغى أن يكون لكل عامل عمل ما مسئول عنه موزع عليه ويعرفه كل من فى المؤسسة حتى يمكن عقابه عند الخطأ وأما كبير العمل أو المدير فهو مراقب لكل أعمال العاملين معه إن أخطأ واحد ولم يعاقبه أو يصحح الخطأ فهو شريك فى العقاب لمن ترك خطئه دون تصحيح أو عقاب له بتحويله للقضاء
والنصيحة التاسعة إيكبعاد العلاقات الاجتماعية عن العمل وهى قول المقال:
"9- لا تجعل العلاقات الشخصية الاجتماعية تطغى على العلاقة العملية
فالعلاقات الاجتماعية لا تُنجِح العمل إلا إذا أُبقيت مستقلة عنه ، بحيث لا تشكل عائقاً يحول دون بلوغه ، وإذا صادف ولو مرة واحدة أن تشككت في قرار جيد ؛لأنه قد يسيء إلى علاقة شخصية مع أحد العاملين ؛ فإنك تكون عندها قد تجاوزت الحدود المسموح بها ، وأسأت إلى سير العمل"
بالقطع المسلمون كما قال تعالى "إنما المؤمنون اخوة"فالعلاقات كلها واحدة فى النهاية وغالبا من يعملون معا يكونون جيران فى المسكن وزملاء فى العمل وقد يكونون أصدقاء والمسلم لا يفرق فى العلاقة بين الأخرين فكلها معاملة مبنية على الإحسان وهى البر ومن ثم حتى علاقة العمل علاقة اخوة فالمسلمون جميعا هم اخوة أسرة واحدة فى النهاية كلهم يتعاملون بالعدل وإن كره بعض منهم بعض أخر منهم
والنصيحة العاشرة الاعتماد على شخص معين أو أكثر وهى قول المقال "10- لا تجعل العمل مقيداً بشخص معين
أحد أكثر مساوئ العمل شيوعاً هو أن يربط المرء نفسه بعجلة شخص آخر بحيث يوصف عادة بالقول : متعلق بذيله
إن مما يغري بالوقوع في هذا الشَّرَك حين يشعر المرء أنه مصيب عندما يحاول أن يستفيد م0.ن ربط نفسه بشخص يتميز بنفوذ كبير ، وبالرغم من أن ثمة فوائد قريبة إلا أنها لعبة في غاية الخطورة
فعندما تشد عربتك إلى عجلة شخص آخر ؛ فإنك تحصل على ركوب مجاني إلا انك لا تتحكم به ، ولهذا فالأفضل لك أن تركز على عجلتك الخاصة ، فالنور المنبعث في داخلك لا يمكن إطفاؤه ، أما النور المنبعث من غيرك فقد لا تستفيد منه"
هذا النمط من العمل هو الشائع للأسف فى بلادنا فكل مؤسسة يتحكم فيها عدد من الأشخاص وهذا التحكم ليس بالضرورة تحكم فاسد لأن العديد من المتحكمين يكونون هم الأدرى بقوانين العمل وهم الأدرى بتسيير المؤسسة وإن خالفوا القوانين لأن النظام الحاكم يمنع عن مؤسساتهم المال الذى يجعلها تعمل
وكما سبق أن قلنا أى مؤسسة هى شركة تعاونية بين العاملين بها ومن ثم يجب أن يتحكم الجميع بها لخير الناس جميعا كما قال تعالى "وأمرهم شورى بينهم "
النصيحة الأخيرة اختيار الرئيس لكلماته وهى قول المقال :
"11- اختر كلماتك بعناية فقد تحمل أهمية أكبر مما تعتقد
الموقع والصلاحية يعطيان كلماتك قوة أكبر ، فعندما تحرز موقعاً إدارياً ؛ فإن كلماتك يصبح لها وقع مختلف على أسماع وعقول الموظفين ؛ حتى أن ما قد يبدو نقاشاً عابراً في نظرك يشكل قضية حياة أو موت بالنسبة للمتعاونين معك ، فهم يعودون إلى بيوتهم ليلاً ، ويحدثون زملاءهم وعائلاتهم عن كلامك وكم كان مذهلاً أو ذكياً أو فظيعاً أو ضعيفاً"
بالقطع هذا النمط من التعامل يدل على خبل فى عقول الرئيس والمرءوس فالكلمات التى يخضع لها الكل فى دولة المسلمين هى كلمات الله وأما ما يجرى فى المؤسسات حاليا من القيل والقال فهو حتى مخالف للقانون الوضعى الذى هو الكلمات التى يجب تطبيقها عند أى نظام فليس كلام الرئيس هو موضع القيل والقال
هذا المقال بحثت عنه فى الشبكة العنكبوتية فوجدته منشورا فى العديد من المواقع دون إشارة للمصدر الذى تم نقله أو تلخيصه منه ولم يشر سوى مكان واحد إلى أن هذه النصائح مأخوذة من أحد كتب غازى القصيبى والذى يسمى حياة فى الإدارة والذى أشرت له بالخطأ فى مقال الأمس عن البرمجة العصبية كمصدر لمقال البرمجة ولكنه سهو نتيجة كثرة ما يدور فى العقل حيث كنت قد فتحت المقالين ومعهم مقال أخر لاختيار ما أكتبه فلم أدر ما كتبت فى مقال الأمس إلا بعد النشر ولذا اعتذر عن هذا الخطأ غير المقصود
بالقطع ككثير من الأبحاث أو المقالات يفضل الكتاب النقل عن مصادر غربية أو حتى شرقية وتلجأ قلة للوحى الإلهى ومن يراجع كتب الإدارة فى كليات التجارة وغيرها كالعلوم السياسية لن يجد سوى إشارات قليلة جدا للوحى الإلهى أو للثقافة الإسلامية فسيجد دراسة للنظم الإدارية التى يقال أن تم اختراعها فى عهد النبى (ص) أو الخلفاء والملوك والسلاطين ولكنه لن يجد كتابا يتناول ما جاء فى الوحى عن التنظيم الإدارى ولا عن أحكام التعامل الإدارى مع الناس ولا عن تنظيم العمل الإدارى وتبدو حاليا الأسباب متعددة فى هذا التجاهل أهمها أن القائمين فى التعليم الجامعى فى بلادنا معظمهم نقلوا كتب الدراسة من الخارج ومن تعلم على أيديهم فعل نفس الشىء وألف كتب على منوالهم وأيضا التوجيه السياسى للحكام كان من البداية خاطئا حيث تم إرسال المبعوثين لبلاد الكفر للتعلم فيها والغريب أن معظم البعثات كانت تدرس علوما لا علاقة لها بالتقدم العلمى والتقنى وإنما تدرس الحقوق والآداب والاجتماعيات ومن ثم وجدنا هذا الكم الهائل من المؤلفات التى لا علاقة بها بالإسلام والتى معظمها اتهام له بالتخلف وعدم مواكبة العصر من ثم تقرأ كتبا كثيرة فى كليات التعليم الجامعى ولا تجد بها آية واحدة من الوحى ربما فقط فى صفحة المقدمة فهى تستعمل من قبيل البركة المزعومة التى يعتقدها البعض
والآن نتناول ما جاء من نصائح فى المقال وهى :
"1- عليك بالاهتمام بالعاملين معك:
لا بد أن تتذكر أن العاملين لن يهتموا بقدر ما تعرف ؛ حتى يعرفوا قدر اهتمامك ، ولهذا أشعرهم باهتمامك أولاً ، وبعدها يمكنك أن تطلب منهم أن يفعلوا أي شيء ، فلسنا مجتمعاً من الآلات ، حيث أننا نتعامل مع بشر، والناس لهم مشاعرهم ، وكل واحد يطمح في أن يكون موضع محبة وتقدير واحترام ولهذا إذا ما عاملت الناس بهذه الطريقة ؛ فانهم يستجيبون بشكل أفضل ؛ أما إذا ما عاملتهم كما تعامل الإنسان الآلي فانهم يستجيبون كما تستجيب تلك الآلة ، وبهذا الوضع يصعب عليك الحصول على أي إبداع ، وستلاحظ أنهم يعبرون عن شعورهم بالتعاسة من خلال مظاهر معينة مثل هبوط المعنويات وكثرة المشاكل"
هذه النصيحة موجودة فى الوحى وهى قوله تعالى " "فبما رحمة من ربك لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم فى الأمر"
الاهتمام بالعاملين ليس بالضرورة نتيجته كما تقول الفقرة الابداع أو العمل الكثير فقد يهتم الرئيس بأشخاص ومع هذا لا يستجيبون له بينما شخص بعيد عن كثرة الاهتمام يستجيب كما فى قصة الأعمى الذى استجاب بينما الأغنياء الذين اهتم بهم الرسول(ص) لم يستجيبوا وفى هذا قال تعالى "عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يزكى أو يذكر فتنفعه الذكرى وأما من استغنى فأنت له تصدى وما عليك ألا يزكى وأما من جاءك يسعى وهو يخشى فأنت عنه تلهى"
وقد جرب الله الرسول(ص)الاهتمام الحبى ببعض الناس فأتته النصيحة فى قوله تعالى :
"إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء"
فليس الاهتمام وهو الحب ينتج ما هو مطلوب
وأما النصيحة الثانية فهى عدم تكليف الموظف ما يتعبه وهى قولهم:
2- لا تكلف العاملين من العمل ما يشق عليهم حتى وإن كنت تطيق ذلك
لا تتوقع من العاملين معك أن يكرسوا أنفسهم للعمل على غرار ما تفعل أنت ، فالسبب الذي جعل منك مسئولاً لعمل معين هو أنك تنظر إلى ذلك العمل من منظور مختلف عن بقية العاملين ، ولهذا أدعمهم في ذلك ؛ ولكن عليك أن تتفهم جيداً أن المخلصين المضحين هم الاستثناء لا القاعدة وتنشئ المشكلة عندما يتوقع المسئول من العاملين تحته أن يعملوا ساعات فوق المطلوب لأنه هو يفعل ذلك ، أو أن يجعلوا العمل معهم داخل وخارج البيت لأنه هو يفعل ذلك ، أو أن يجعلوا عملاً معيناً هو كل حياتهم لأنه يفعل ذلك ، فعلى المسئولين والقادة أن يقدموا مثالاً يحتذي به ؛ ولكن عليهم أيضاً أن يدركوا الفارق بين تقديم المثال والمطالبة المقنعة ، فالعاملون معك يريدون أن يعملوا ومع ذلك يريدون أن يستمتعوا بعلاقاتهم العائلية وصداقاتهم ونشاطاتهم ، أما تبعات تجاهل هذه القاعدة فسوف يكون الاستياء الخفي أو السافر ، واحتمال تخريب نظام العمل"
وهذا ما لخصه قوله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها"ومن ثم فتكليفات العمل يجب أن تكون حسب وسع وهو قدرة العامل وأما إكمال الإنسان عمله فى بيته أو خارج أوقات العمل فهو أمر ليس مطلوبا وإنما هو عصيان لله فى جعل القيلولة للراحة كما قال تعالى "وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة"وكذلك بقية اليوم للقعود مع الأهل أو التزاور وقراءة القرآن فى الليل
وأنا اتحدث هنا عن دولة المسلمين العادلة وليس عن المجتمعات التى نعيش فيها والتى تحيا على مبادىء عمل فاسدة تجعل الرئيس أو المدير شخصا متحكما فى غيره بينما العمل شركة تعاونية كما قال تعالى "وتعاونوا على البر والتقوى "وقال "وشاورهم فى الأمر "
وأما النصيحة الثالثة فهى مراعاة الفروق الفردية فى قول المقال :
"3- قدر الفوارق بين العاملين ، وابحث عن الصفات المشتركة بينهم للانطلاق بالعمل منها ؛ وحتى تستطيع إدارة الأفراد المختلفين بطرق مختلفة
إن إدارة العمل تكون في بعض الأحيان صعبة على المسؤولين الذين يحاولون إدارة العمل بطريقة واحدة فقط ؛ لأن ما يحفز شخصاً ما ؛ قد لا يحفز الآخر ولهذا عليك أن تدرس الفروق ؛ وتقيم المزايا الفريدة ؛ حتى تنتفع بها"
التحفيز الدنيوى هو أمر ليس مطلوبا فى الإسلام فالعمل هو واجب على كل عامل ونظام المرتبات والحوافز الحالى لا يتفق مع الإسلام فالمرتب هو حق أصيل للعامل وأسرته لا يمكن الخصم منه كعقاب للعامل على إهماله وإنما العقاب يكون حسب الجرم الذى ارتكبه ونصه فى الوحى لأن الخصم هو عقاب لغير العامل وهو أسرته التى لم ترتكب جرما وفى الإسلام لا تحمل نفس عقاب نفس أخرى ما قال تعالى "ولا تزر وازرة وزر أخرى" وأما الحوافز التى تصرف للبعض فهى قائمة على عدم العدل فبعض الوظائف كوظيفة المعلم ليست وظيفة يتم التعامل معها على أساس زيادة الإنتاج كما فى المصانع وكذلك وظيفة كوظيفة الطبيب ومن ثم فالحوافز التى تصرف فى المصانع مثلا بسبب زيادة الإنتاج هى غباء وجهل ومثلا المعاق الذى يعمل لن يأخذ حوافز فى ظل هذا النظام لأن قدرته الصحية لا تساعده لأنها ظلم من النظام الذى اخترعها فليس هناك مقياس عادل لها وإنما المرتبات هى التى تصرف وحدها فى الإسلام بطريقة عادلة حسب عدد أفراد الأسرة وأما إذا إن هناك فائض فى ميزانية الدولة ككل فيوزع على جميع أفرادها بالتساوى
وأما النصيحة الرابعة فهى الثناء على المنجزين أعمالهم والذين مستواهم عالى فى العمل وهى ما جاء فى الفقرة التالية:
"4- عبر عن امتنانك تجاه من يحسن تأدية عمله
كلنا نحب أن يكون هناك من يقدرنا ، ويقدر العمل الذي نقوم به ، فالعامل يحقق نتائج غير عادية عندما يشعر بأنه موضع تقدير واحترام ، وقد بينت البحوث أن الناس جوعى للتقدير عندما يتلقون ثناء أصيلاً
ولهذا اشكر أعضاء فريقك ، واثن على نجاحاتهم وإنجازاتهم ، ويمكنك أن توجه تقديرك مباشرة أمام الآخرين بشكل شفهي أو مكتوب أو بأكثر من طريقة ؛ وهذا بدوره يؤكد على نظرتهم لك كقائد يحسن للمحسن على إحسانه وسوف تلاحظ من العاملين أنهم متى ما وجدوا مستوى من الأداء ممكناً تحقيقه ويحقق لهم الثناء ؛ حتى يبادروا لإنجازه بهدف الحفاظ على الانطباع الذي وضعوه في ذهن المسئول"
بالقطع هذه نصيحة تنافى القولة المأثورة لا شكر على واجب فلا يجب أن يشكر الإنسان على أداء عمله وإنما يشكر من عمل شىء غير واجب عليه لأن هذا هو باب الفضل بين المسلمين كما قال تعالى "ولا تنسوا الفضل بينكم"
المسلم ثوابه وهو شكره على عمله الوظيفى وغير الوظيفى يكون فى الآخرة وهو لا يصنع ما يصنع إلا شكرا لنفسه ما قال تعالى "ومن شكر فإنما يشكر لنفسه"
والنصيحة الخامسة سؤال العاملين عن احتياجاتهم وهى قول المقال :
"5- أسأل العاملين معك عن احتياجاتهم
إحدى افضل الطرق التي تجعل من إدارتك للعمل فعّاله هي التأكيد على فعالية العاملين معك من خلال توفير لوازم واحتياجات عملهم ، فالعاملون إذا ما كانوا لا يعملون بكامل طاقاتهم ؛ فإنك أنت الذي لا يعمل بكامل طاقته ولا تفترض بشكل آلي أن هذا سوف يكلفك الكثير من المال ، إذ غالباً ما تكون الأمور الصغيرة هي ما يعيقهم عن القيام بعملهم بأكبر فعاليه ممكنة"
بالقطع هذه النصيحة تدل على أن العمل غير مخطط له ولا يسير على أسس ثابتة فالعمل المخطط له يلبى احتياجات العمل طوال العام ولا يعتمد على سؤال العاملين اليومى أو الأسبوعى بل إن الخطة يكون فيها جانب احتياطى يكفل استمرار العمل إذا حدثت ظروف طارئة ولم يصل المطلوب فى موعده وهذا الجانب الاحتياطى يوفر احتياجات العمل لمدة باقى السنة أو ما هو أكثر كما فعل يوسف (ص) عندما وفر غذاء سبع السنوات القحط من السنوات الخصبة السبع
وأما النصيحة السادسة فهى الإخلاص المتبادل بين الرئيس والمرءوس وهى قول المقال:
"6- أخلص للعامل يخلص لك
الناس عادة يستجيبون بنفس الطريقة التي بها يعاملون ، فالاحترام يفرض الاحترام ، والعجرفة تجلب العجرفة ، والإخلاص يبني الإخلاص ، وهذا المصطلح الأخير مصطلح مهم يجب غرسه في نفس الموظف أو العامل، فهو يعني السهر على صالح العمل ، وعدم التخلي عنه في الأوقات الصعبة ، وهو يعني التركيز على إيجابيات العلاقة بين العامل والعمل ، وتصغير متاعبها حين تتعرض أمور العمل للخطر
فعلاقة المسئول بالعاملين تشبه العلاقة الزوجية من حيث كونه التزام على مدى السنوات ؛ وليس خلال شهر العسل فقط ، وما دام الحال هكذا فلابد من العناية والاهتمام بها"
الإخلاص يبنى الإخلاص ليست مقولة صحيحة فليس كل من اخلص له المرء يخلص له ومن ثم وجد الخونة فى كل المجتمعات وتعتبر هذه النصيحة هى تكرار لنصيحة الاهتمام بالعاملين وهى النصيحة الأولى
المطلوب فى العمل الوظيفى من الكل هو أداء العمل كما يجب فهذا جزء من العدالة الشاملة ولذا وصف الله المسلمين بأنهم لا يخونون يوفون بالعهود ومنه عهد العمل الوظيفى فقال "والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"
والنصيحة السابعة وهو العفو والتسامح فهى قول المقال:
"7- عليك بالاعتراف بالخطأ في حق العاملين معك وطلب الصفح منهم
فعن طريق الاعتراف بأخطائك تنقي الجو ، وتقدم نموذجاً يحتذى به من الشعور بالمسؤولية ، ولابد أن تنتبه أنه نادراً ما تمر الأخطاء دون أن يتنبه لها الناس وإن حاولت أن تغطي على هذا الخطأ فإنك ستبذل قسطاً كبيراً من الطاقة في سبيل التغطية عليه مما يؤدي إلى مضاعفة الأذى وزيادة الضغط من خلال صرفك للوقت والجهد في محاولتك للتوصل إلى الحل أما عندما تعترف بأخطائك فإن ذلك يزيد من تقدير الناس لك ، ويصبح الناس أكثر ميلاً إلى منحك ثقتهم في الأمور الأخرى"
هذه نصيحة سليمة فيجب على كل من أخطا أن يعترف بالخطأ ويعتذر لمن أخطأ وأن يقبل الأخر منه فيعفو ويصفح كما قال تعالى " فاعفوا واصفحوا"
والنصيحة الثامنة اعطاء الصلاحيات على قدر المسئولية وهى قول المقال:
"8- أعط الصلاحية للمتعاونين معك على قدر مسئولياتهم فإذا لم تأت الصلاحية على قدر المسؤولية فسوف تفضي بالموظف إلى الفشل ، وهذا ليس من العدل في شيء فمن الأخطاء أن يحدد المسئولون مهمة ويحملون مسؤولية تنفيذها إلى أحد الأشخاص ؛ ولكن لألف سبب وسبب يمنعونه عن صلاحية التنفيذ ، وهكذا يحطمون معنويات العاملين معهم
وهكذا يصبح أي موظف يشعر بأنه يستخدم ككبش فداء يضحي به عندما تتدهور الأمور ، وربما يكون على حق ، حتى صاحب التفكير الإيجابي يتوصل إلى نتيجة مفادها أنه لن ينجيه سوى الحظ"
لا يوجد عمل دون صلاحية فالعمل الموكل له هو صلاحيته وأما المسئولية التى تحول للقضاء بسبب الإهمال أو ارتكاب جرم فهى موجودة داخل كل عمل وينبغى أن يكون لكل عامل عمل ما مسئول عنه موزع عليه ويعرفه كل من فى المؤسسة حتى يمكن عقابه عند الخطأ وأما كبير العمل أو المدير فهو مراقب لكل أعمال العاملين معه إن أخطأ واحد ولم يعاقبه أو يصحح الخطأ فهو شريك فى العقاب لمن ترك خطئه دون تصحيح أو عقاب له بتحويله للقضاء
والنصيحة التاسعة إيكبعاد العلاقات الاجتماعية عن العمل وهى قول المقال:
"9- لا تجعل العلاقات الشخصية الاجتماعية تطغى على العلاقة العملية
فالعلاقات الاجتماعية لا تُنجِح العمل إلا إذا أُبقيت مستقلة عنه ، بحيث لا تشكل عائقاً يحول دون بلوغه ، وإذا صادف ولو مرة واحدة أن تشككت في قرار جيد ؛لأنه قد يسيء إلى علاقة شخصية مع أحد العاملين ؛ فإنك تكون عندها قد تجاوزت الحدود المسموح بها ، وأسأت إلى سير العمل"
بالقطع المسلمون كما قال تعالى "إنما المؤمنون اخوة"فالعلاقات كلها واحدة فى النهاية وغالبا من يعملون معا يكونون جيران فى المسكن وزملاء فى العمل وقد يكونون أصدقاء والمسلم لا يفرق فى العلاقة بين الأخرين فكلها معاملة مبنية على الإحسان وهى البر ومن ثم حتى علاقة العمل علاقة اخوة فالمسلمون جميعا هم اخوة أسرة واحدة فى النهاية كلهم يتعاملون بالعدل وإن كره بعض منهم بعض أخر منهم
والنصيحة العاشرة الاعتماد على شخص معين أو أكثر وهى قول المقال "10- لا تجعل العمل مقيداً بشخص معين
أحد أكثر مساوئ العمل شيوعاً هو أن يربط المرء نفسه بعجلة شخص آخر بحيث يوصف عادة بالقول : متعلق بذيله
إن مما يغري بالوقوع في هذا الشَّرَك حين يشعر المرء أنه مصيب عندما يحاول أن يستفيد م0.ن ربط نفسه بشخص يتميز بنفوذ كبير ، وبالرغم من أن ثمة فوائد قريبة إلا أنها لعبة في غاية الخطورة
فعندما تشد عربتك إلى عجلة شخص آخر ؛ فإنك تحصل على ركوب مجاني إلا انك لا تتحكم به ، ولهذا فالأفضل لك أن تركز على عجلتك الخاصة ، فالنور المنبعث في داخلك لا يمكن إطفاؤه ، أما النور المنبعث من غيرك فقد لا تستفيد منه"
هذا النمط من العمل هو الشائع للأسف فى بلادنا فكل مؤسسة يتحكم فيها عدد من الأشخاص وهذا التحكم ليس بالضرورة تحكم فاسد لأن العديد من المتحكمين يكونون هم الأدرى بقوانين العمل وهم الأدرى بتسيير المؤسسة وإن خالفوا القوانين لأن النظام الحاكم يمنع عن مؤسساتهم المال الذى يجعلها تعمل
وكما سبق أن قلنا أى مؤسسة هى شركة تعاونية بين العاملين بها ومن ثم يجب أن يتحكم الجميع بها لخير الناس جميعا كما قال تعالى "وأمرهم شورى بينهم "
النصيحة الأخيرة اختيار الرئيس لكلماته وهى قول المقال :
"11- اختر كلماتك بعناية فقد تحمل أهمية أكبر مما تعتقد
الموقع والصلاحية يعطيان كلماتك قوة أكبر ، فعندما تحرز موقعاً إدارياً ؛ فإن كلماتك يصبح لها وقع مختلف على أسماع وعقول الموظفين ؛ حتى أن ما قد يبدو نقاشاً عابراً في نظرك يشكل قضية حياة أو موت بالنسبة للمتعاونين معك ، فهم يعودون إلى بيوتهم ليلاً ، ويحدثون زملاءهم وعائلاتهم عن كلامك وكم كان مذهلاً أو ذكياً أو فظيعاً أو ضعيفاً"
بالقطع هذا النمط من التعامل يدل على خبل فى عقول الرئيس والمرءوس فالكلمات التى يخضع لها الكل فى دولة المسلمين هى كلمات الله وأما ما يجرى فى المؤسسات حاليا من القيل والقال فهو حتى مخالف للقانون الوضعى الذى هو الكلمات التى يجب تطبيقها عند أى نظام فليس كلام الرئيس هو موضع القيل والقال