رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب تجدد المسرات بالقسم بين الزوجات
الكتاب من تأليف حسن الشرنبلالي الحنفي وهو يدور حول مسألة القسم بين الزوجات فى المبيت وغيره وسبب التأليف هو سؤال عن رجل متزوج من اثنتين يبيت عند كل واحدة بالتساوى وله جوارى يبين عندهن كما يحلو له وفى هذا قال المؤلف:
" هذه نبذة يسيرة عزيز نقلها، قل أن توجد في الكتب المشهورة مسطورة، فإني تتبعت غالب الأسفار، وغصت مقتحما لجة المحيط ومجمع البحار، فاستخرجتها ليس إلا بفتح القدير، وأظهرتها بمنة اللطيف الخبير وسميتها: "تجدد المسرات بالقسم بين الزوجات"، جمعتها جوابا لحادثة هي: "ما قولكم قضى الله تعالى عنكم في رجل متزوج بزوجتين يبيت عند كل واحدة منهما بقدر ما يبيت عند الأخرى، وله جواري ملك يمين يبيت عندهن ما يشاء، ثم يرجع إلى زوجته ويفعل ما فعله أولا، فهل يحرم عليه المبيت عند جواره على هذا الحكم؟ أم كيف الحال؟ "
وكان الجواب من الشرنبلالي ناقلا عن غيره من كتب الحنفية:
"فأجبت حامدا لله مانح الصواب : اللازم على الزوج التسوية بين زوجتيه في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة دون الجماع ودواعيه قال الكمال بن الهمام رحمهم الله في شرحه على الهداية المسمى بفتح القدير :
" وليس المراد أن يضبط زمان النهار فبقدر ما عاشر إحداهما يعاشر الأخرى بقدره، بل ذلك في البيتوتة عند الأخرى، وأما في النهار ففي الجملة فاللازم أنه إذا بات عند واحدة ليلة يبيت عند الأخرى كذلك لا على معنى وجوب أن يبيت عند كل واحدة منهما دائما فإنه لو ترك المبيت عند الكل بعض الليالي وانفرد لم يمنع من ذلك " يعنى بعد تمام دورهن كما ذكره الكمال رحمة الله عند قوله: ولا حق لهن في القسم حالة السفر وسواء انفرد بنفسه أو كان مع جواره وهذا في القضاء أما في الديانة فقد قال الشيخ الإمام على المقدسي في شرحه: أعلم أن ترك جماعهن مطلقا لا يحل له صرح أصحابنا بأن جماعهن أحيانا واجب ديانة لكن لا يدخل تحت القضاء الإلزام إلا الوطئة الأولى ولم يقدروا فيه مدة ويجب أن لا يبلغ بالترك مدة الإيلاء وهى أربعة أشهر إلا برضاها وطيب نفسها به "
فى الفقرة المنقولة خبل هو أن الجماع الواجب على الزوج هو الجماع الأول بعد الدخول بالمرأة والواجب بعد ذلك فى كل أربعة أشهر مرة خوفا من وقوع الطلاق إذا تجاوز مدة الإيلاء وهى أربعة أشهر
وبالقطع هذا كلام ليس عليه دليل من الوحى وإنما الوحى دال على أن الجماع قد يكون يوميا فى أحد الأوقات الثلاث ما قبل صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء ووقت الظهيرة عند التخفف من الملابس كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم"
والواجب على المتزوج هو جماع زوجته متى أراد كما قال تعالى :
"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"
والوقت المحرم هو وقت الحيض فقط ومن ثم لا يجوز أن يمر شهر بدون جماع لأنه الحيض يحدث شهريا لأن الله أمر بجماعهن بعد التطهر وفى هذا قال تعالى :
"ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله"
حكاية التقسيم يوم ويوم أو يومين ويومين هو ضرب من الخبل لأن التقسيم بين الزوجات يكون حسب حيضهن فإن كن يحضن كل واحدة فى مدة مختلفة يكون التقسيم بين غير الحائضات يوم ويوم فإن كن اثنتين كما فى السؤال يبيت عند غير الحائض أسبوع حيض الأخرى وبقية الأيام يوم ويوم
وبعد انتهى من النقل فى الزوجين فقط ذكر نقول فى وجود زوجات وسرارى أى إماء فقال:
" وحيث علمت جواب الحادثة فأزيدك بفضل الله سبحانه علم ما يتعلق بالحكم فيما إذا كان للإنسان زوجة واحدة أو أكثر وله أمهات أولاد وسرارى قال قاضى خان - رحمه الله -: لو كان للرجل امرأة واحدة وهو يقوم بالليل ويصوم بالنهار أو يشتغل بصحبة إلا ما تظلمت المرأة إلى القاضي أمره القاضي أن يبيت معها أياما ويفطر لها أحيانا وكان أبو حنيفة رحمه الله أولا يجعل لها يوما وليلة وللزوج ثلاثة أيام ولياليها ثم رجع فقال يؤمر الزوج أن يراعيها فيؤنسها بصحبة أياما وأحيانا من غير أن يكون في ذلك شيء مؤقت وفى المنتقى : إذا تزوج امرأة وله أمهات أولاد وسرارى فقال أكون عندهن وآتيها إذا بدا لي لم يكن له ذلك ويقال له كن عندها في كل أربع يوما وليله وكن في الثلاث البواقي عند من شئت ولو كان عنده امرأتان وله أمهات أولاد وسرارى أقام عن كل واحدة منهما يوما وليلة ويقيم في يومين ليلتين عند من شاء من السرارى ولو كان عنده أربع نسوة أقام عند كل واحدة منهما يوما وليلة ولم يكن عند السراري إلا وقفة شبه المار انتهى عبارة قاضى خان
وأنت خبير بأن ما في المنتقى ليس إلا على الرواية المرجوع عنها ولم أر من نبه على ذلك، وعلى الرواية المرجوع عنها ما حكاه الشمني عن مختصر الطحاوى : وإن كان له زوجة واحدة حرة فطالبته بالواجب من القسم كان عليه أن يقسم لها يوما وليلة ثم يتصرف في أموره في ثلاثة أيام وثلاث ليال وإن كانت زوجته أمة والمسألة بحالها كان لها من كل سبعة أيام يوم ومن كل سبع ليال ليلة؛ لأن له أن يتزوج عليها بثلاث حرائر فيكون لكل واحدة منهن من القسم يومان وليلتان ولها يوم وليلة "
فى الفقرة الأخطاء التالية:
الأول جماع السرارى وهن الإماء بدون زواج فلا يحل لمسلم أن يجامع امرأة بلا زواج لقوله تعالى " فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذى أخدان"
وقوله تعالى "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
والله أنهى الرق بإطلاق سراح الأسرى وليس الأسيرات لعدم وجود أسيرات بعد الحرب بمقابل وهو الفداء أو بدون مقابل وهو المن لقوله تعالى "فإما منا وإما فداء بعد أن تضع الحرب أوزارها"
ومن جامع أمة بلا زواج فقد زنى فكفر ولو فكر القوم لكان من حق المرأة التى تملك عبيد ملك يمينها أن تجعلهم يجامعوها كما يجامعها زوجها لأن زوجها يجامع الإماء ملك يمينه فالكل ملك اليمين كما يظن القوم ظنا خاطئا ومن ثم فلا يجوز جماع الإماء كما لا يجوز جماع العبيد
الثانى أن من حق الزوج أن ينفرد بنفسه إن كانت زوجة واحدة ثلاث ليالى وإن كانتا اثنتين ينفرد يومين وإن كانت ثلاثة ينفرد يوما وهو كلام لا أصل له فلا يجوز للزوج المبيت بعيدا عن زوجاته إلا فى حالة هجر المضاجع كما قال تعالى " واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا "
ثم نقل المؤلف التالى:
"روى "أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده كعب بن ميسور فقالت يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه، فقال عمر - رضي الله عنه -: نعم الرجل زوجك فردت كلامها وعمر - رضي الله عنه – لا يزيدها على ذلك، فقال كعب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين إنها تشكو زوجها في هجره فراشها، فقال عمر - رضي الله عنه -: كما فهمت إشارتها فاحكم بينهما، فأرسل إلى زوجها فجاء فقال لها كعب - رضي الله عنه -: ما تقولين فقالت:
يا أيها القاضي الحكيم أرشده ألهى خليلي عن فراشي مسجده
زهده في مضجعي تعبده نهاره وليله ما يرقده
ولست في أمر النساء أحمده
فقال لزوجها ما تقول فقال:
زهدني في فرشها وفي الكلل أني امرؤ أذهلني ما قد نزل
في سورة النــــــــــــــــــمل وفي الســــــــــــــبع الطول
فقال له كعب:
إن لها عليك حقا يا رجل تصيبها في أربع لمن عقل
فأعطها ذاك ودع عنك العلل أربع زوجات فلكل واحدة يوم وليلة، فأعجب ذلك عمر - رضي الله عنه - وجعله قاضى البصرة" والكلل بكسر الكاف جمع كله بكسرها وتشديد اللام وهى الستر الرقيق يحاط بالبيت يتوقى فيه من البق أي البعوض والطول بضم المهملة جمع طولى أنثى لطول انتهى عبارة الشمني شارح النقاية ومثل ما قدمناه عن فتح القدير قول صاحب الاختيار ويؤمر الصائم بالنهار والقائم بالليل أن يبيت معها إذا طلبت وعن أبى حنيفة رحمه الله يجعل لها يوما من أربعة أيام وليس هذا بواجب؛ لأنه يؤدى إلى فوات النوافل أصلا على من له أربع من النساء ولكن يؤمر بإيفاء حقها من نفسه أحيانا ويصوم ويصلى ما أمكنه انتهى وكذا قال في المحيط: ويؤمر الصائم بالنهار والقائم بالليل أن يبيت معها إذا طلبت، وعن أبى حنيفة - رحمه الله -: يجعل له يوما من أربعة أيام؛ لأن له أن يتزوج بثلاث سواها فيفوض إلى اختياره إلا أن هذا التوقيت ليس بواجب؛ لأنه يؤدى إلى فوات النوافل على الزوج أصلا متى كان له أربع نسوة وإنما يؤمر بإيفاء حقها من نفسه أحيانا ويصلى ويصوم ما أمكن "
الخبل فى الفقرة هو خوف فوات النوافل التى هى ليست بفرض بينما جماع الزواج واجب خوفا من أن تزنى فأيهما أفضل أن يترك الزوجة فتزنى أم يؤدى النوافل وهو مأجور فى جماع الزوجة بينما النوافل ليس فى أدائها نص من الله بل تعتبر اعتداء على حق الله فى التشريع لكونه لم يشرع نافلة واحدة وإنما المفترون نسبوا للنبى(ص) ما لم يقله
إن الكثير من الفقهاء بأقوالهم هذه جلبوا للأمة كثرة الزنى وجعلوا النساء تنظر لغير زوجها بحجة لا أصل لها وهى أداء النوافل
ثم ذكر الشرنبلالى التالى:
"تنبيه:
القسم إنما يلزم بتعدد المنكوحات وليس للإمام قسم فلو كان له مستولدات وإماء لا قسم لهن؛ لأنه بالنكاح لكن يندب أن لا يعطلهن ويسوى بينهن في المضاجعة وفى القاموس القسم: العطاء، والرأي، والشك، والغيث، والماء، والقدر وهذا ينقسم قسمين: بالفتح إذا أريد المصدر، وبالكسر إذا أريد النصب
أعلم أن الزوج مأمور بالعدل في القسم بين النساء بالكتاب، قال تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} [النساء: 129] الآية أي لن تستطيعوا العدالة والتسوية في المحبة فلا تميلوا في القسمة وبالسنة لحديث عائشة - رضي الله عنها- أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعدل بين نسائه وكان يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك يعنى زيادة المحبة لبعضهن ، وحديث أبى هريرة - رضي الله عنه -: (من كان له زوجتان فمال إلى أحدهما في القسم جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل) وقال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} [النساء: 3] قال في البدائع: "أي إن خفتم أن لا تعدلوا في القسم والنفقة في المثنى والثلاث والأربع فواحدة ندب إلى انكاح الواحدة عند خوف ترك العدل في الزيادة وإنما يخاف على ترك الواجب فدل على أن العدل فيما ذكر واجب" انتهى
قيل ظاهره أنه إذا خاف عدم العدل يستحب ألا يزيد ولا يحرم " قلت: مراده بالندب اللغوي فلا مخالفة لقولهم: ترك الحرام واجب "
عاد الشرنبلالى هنا لذكر الإماء وجماعهن وعدم إدخالهن فى القسمة فأما الأمة فواجب جماعها كزوجة والقسمة لها كالحرة
ثم ذكر كلاما عن العدل بين الزوجات فنقل نقولا هى:
"قال الكمال: "لا نعلم خلافا في أن العدل الواجب في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة وليس المراد أن يضبط زمان النهار فبقدر ما عاشر احديهما يعاشر الأخرى بقدره، بل ذلك في البيتوتة وأما في النهار ففي الجملة انتهى كذا قال العلامة الشيخ على المقدسي في شرحه نظم الكنز: "وقال الكمال: القسم بفتح القاف مصدر قسم والمراد التسوية بين المنكوحات، ويسمى العدل أيضا بينهن وحقيقته مطلقا ممتنعة كما أخبر سبحانه حيث قال: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا} [النساء: 129] الخ وقال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] بعد إحلال الأربع بقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} [النساء: 3] فاستفدنا أن حل الأربع مقيد بعدم خوف العدل وثبوت المنع عن أكثر من واحدة عند خوفه فعلم إيجابه عند تعددهن وأما قوله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا فلا يخص حالة تعددهن ولأنهن رعية الرجل وكل راع مسئول عن رعيته وأنه في أمر مبهم يحتاج إلى البيان؛ لأنه أوجبه وصرح بأنه مطلقا لا يستطاع فعلم أن الواجب شيء معين وكذا السنة جاءت مجملة فيه"
وذكر الرجل أن العدل ليس فى المحبة القلبية وإنما فى عدد الجماعات وما فيها من قبلات وغيره فقال :
"روى أصحاب السنن الأربعة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول اللهم قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " يعنى القلب أي زيادة المحبة، فظاهره أن ما عداه مما هو داخل تحت ملكه وقدرته يجب التسوية فيه ومنه عدد الوطئات والقبلات التسوية فيهما غير لازمة إجماعا "
والتسوية فى عدد الجماعات وما فيها من قبلات وأحضان وغير ذلك هو ضرب من الخبل يستلزم أن الرجل وهو يجامع يكون معه ورقة وقلم فكلما قبل قبلة كتب واحد أو احتضن حضن كتب واحد أو أمسك شىء كتبه ثم يجمع كل عدد فيفعله وهو ضرب من الخبل خاصة أن الجماع هو عملية نفسية تعتمد على التوافق بين الزوجين ورضا كل منهم عن الأخر ومن ثم نقل نقولا أخرى فى القسمة فقال :
" وقال الكمال: وكما لا فرق في القسم بين الجديدة والقديمة كذلك لا فرق بين البكر والثيب والمسلمة والكتابية الحرتين والمجنونة التي لا يخاف منها والمريضة والصحيحة والرتقاء والحائض والنفساء والصغيرة التي يمكن وطؤها والمحرمة والمظاهر منها ومقابلاتهن وكذلك يستوي وجوبه على المجبوب والعنين والمريض والصبي الذي دخل بامرأته ومقابلهم، قال مالك - رحمه الله -: "ويدور ولى الصبي به على نسائه؛ لأن القسم حق العباد وهم من أهله" انتهى "
والكلام هنا كلام جنونى فلا يجوز زواج الكتابية لقوله تعالى "ولا تمسكوا بعصم الكوافر" ولا يجوز زواج المجنونة ومن ثم لا يجوز جماعها لكونها غير مكلفة
ولا يجوز زواج الصبى ولا العنين ولا المجبوب فالأول لعدم العقل وعدم القدرة على الإنفاق على الزوجات والاثنين الأخرين لعدم القدرة على الجماع
ثم تكلم كلام لا محل له عن المطلقة رجعيا فقال:
" والمطلقة رجعيا أن قصد رجعتها قسم لها لا لناشرة فإذا نشزت يبدؤها بالوعظ ثم بالهجر ثم بالضرب للآية ؛ لأنها للترتيب بالتوزيع، والهجر قيل: ترك مضاجعتها، وقيل: جماعها، والأظهر: ترك كلامها مع المضاجعة والجماع أن احتاج إليه"
ثم تحدث عن سكن الزوجات فى سكن واحد فقال :
" ولا يجوز جمعه بين ضرتين أو ضرائر في مسكن واحدا إلا بالرضي ولو اجتمعن يكره أن يطأ واحدة بحضرة أخرى فلو طلبه لم يلزمها الإجابة "
والجمع فى المسكن يكون حسب مال الزوج والأولى أن يكن فى منزل واحد ولكل منهن حجرتها الخاصة بها
ثم تحدث عن القسمة بينهن فقال:
"وفى دور القسم لا يجامع امرأة في غير يومها ولا يدخل بالليل على من لا قسم لها ولا بأس به في النهار لحاجة ويعودها في مرضها في ليلة غيرها فإن ثقل مرضها فلا بأس أن يقيم عندها حتى تشفى أو تموت، ومقدار الدور إلى الزوج؛ لأن المستحق هو التسوية دون طريقها إن شاء يوما أو يومين أو ثلاثا ثلاثا أو أربعا أربعا أعلم أن هذا الإطلاق لا يمكن اعتباره على صرافته لأنه لو أراد أن يدور سنة ما يظن إطلاق ذلك له بل لا ينبغي أن يطلق له مقدار مدة الإيلاء وهو أربعة أشهر وإذا كان وجوبه للتأنيس ودفع الوحشة وجب أن تعتبر المدد القريبة وأظن أكثر من جمعة مضارة إلا أن يرضيا به والله أعلم " انتهى كلام الكمال رحمه الله"
وتحريم الدخول على النساء ليلا فى غير ليلتها ليس حراما إن كان للاطمئنان عليها أو لقضاء حاجة لها غير الجماع كمشكلة فى ولدها أو مع زوجة اخرى
ثم نقل فى مسألة مدة البقاء عند كل زوجة فنقل التالى :
" وقال الشيخ على المقدسي: وهو ظاهر ولكن كتب على نسخته شرح الكنز ملحقا بعد نقل كلام الكمال: وارتضائه ظاهره أنه لم يطلع على قدر عين فيه وفى الخلاصة منع الزيادة على الثلاثة أيام إلا بإذن الأخرى انتهى قلت: يعارضه حديث أم سلمه رضي الله عنها: (إن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي وإن شئت ثلثت لك ودرت) انتهى وفيه دليل على عدم الزيادة على جمعة فيكون مؤيدا لما ظنه الكمال رحمه الله من أن أكثر من جمعة مضارة إلا أن يرضيا انتهى وقال الكمال: لو ترك القسم بأن أقام عند إحداهن شهرا مثلا أمره القاضي أن يستأنف العدل لا بالقضاة فإن جار بعد ذلك أوجعه عقوبة، كذا قالوا، والذي يقتضيه النظر أن يؤمر بالقضاء إذا طلبت؛ لأنه حق أدمى وله قدرة على إيفائه انتهى وقال العلامة المقدسي رحمه الله: ولو عاد بعد ما نهاه القاضي أوجعه عقوبة؛ لأنه أساء الأدب وأرتكب الحرام فيعذر بالضرب وفى الجوهرة : لا بالحبس؛ لأنه لا يستدرك الحق فيه بالحبس؛ لأنه يفوت بمضي الزمان فيستثنى من قولهم: له التعزير بالحبس انتهى "
فالتقسيم يكون بالأيام وليس بالشهور خوفا من وقوع الزنى ثم تحدث عن مرض الزوج والتقسيم فيه فقال:
"ولا يسقط القسم المرض فقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه أن يمرض عند عائشة رضي الله عنها فأذن له قلت: مر قريبا أنه لا قسم عليه أي النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} [الأحزاب: 51] وكان ممن أرجاهن: جورية وسودة وأم حبيبة وصفية وميمونة، وممن أوى: عائشة والباقيات رضي الله عنهن
ولو كان لا يقدر على تحوله للأخرى مدة مرضه فكيف يقسم؟ قيل: ينبغي إذا صح قام عند الأخرى بقدره بخلاف ما إذا سافر لا يقضى إذ لا قسم حالة السفر وإن كانت القرعة عند إرادة السفر بواحدة مستحبة فله ترك الكل عند سفره انتهى "
ومرض الزوج لا يجوز فيه انتقاله بين حجرات النساء لأن انتقاله خطر عليه وعلى النساء إذا كان مرضا معديا ومن ثم تختص واحدة منهن تطوعا بخدمته فى حالة المرض المعدى لتقليل الإصابات لأنه لا يجوز تعريض أى مريض للخطر كما قال تعالى "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج"
وأما فى المرض العادى فعلى حسب قدرة المريض فإن كان قادرا على الدوران بينهن دار وإلا وضع فراشه فى حجرة الجلوس أو الضيوف وحضرت كل زوجة فى ليلتها ويومها لخدمته
ثم نقل نقلا فى مسألة أخرى وهى عدم زواج أخرى من قبل من يخاف من عدم عدله فقال:
"وفى الأشباه والنظائر تزوج امرأة أخرى وخاف أن لا يعدل لا يسعه ذلك وأن علم أنه يعدل بينهما في القسم والنفقة وجعل لكل واحدة مسكنا على حدة جاز له أن يفعل فان لم يفعل أي لم يتزوج عليها فهو مأجور لترك الغم عليها "
ثم ذكر الشرنبلابى بعض حقوق الرجل على المرأة وهى أمور لا علاقة لها بمسألة القسمة فقال :
"تتمة:
من أحكام النكاح:المعاشرة بالمعروف للآية قيل:المراد التفضل والإحسان إليها قولا وفعلا وخلقا، وقيل: أن يعمل معها كما يحب أن يعمل مع نفسه وله جبرها على غسل الحيض والجنابة والنفاس إلا أن تكون ذمية، وعلى التطيب والاستحداد ومنعها مما يتأذى برائحته حتى الحناء المخضب إن تأذى به ومن الغزل ويضربها بترك الزينة إن أراد، وبترك إجابته إن أراد جماعها طاهرة وترك الصلاة والخروج من المنزل بلا إذنه بعد إيفاء مهرها وإذا كانت لا تصلى له أن يطلقها وإن لم يقدر على إيفاء مهرها فلأن يلقى الله ومهرها معلق في عنقه خير له من أن يطأ امرأة لا تصلى وحق الزوج على الزوجة أن تطيعه في كل مباح يأمرها به ولو كان أبوها زمنا ليس له من يقوم عليه غير البنت فعليها أن تعصى الزوج في المنع عنه ولو كان كافرا؛ لأن القيام عليه فرض في هذه الحالة امرأة معتدة أو منكوحة أبت أن تطبخ أو تخبز إن كان بها علة لا تقدر على الطبخ أو الخبز أو كانت من الأشراف فعلى الزوج أن يأتيها بمن تطبخ وتخبز؛ لأنها غير متعنتة فأما إن كانت تقدر وهى ممن يخدم نفسها تجبر؛ لأنها متعنتة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الخدمة التي داخل البيت على المرأة والتي خارج البيت على الزوج هكذا قضى بين على وفاطمة"
وفى الفقرة خبل سبق مناقشة واحد منه وهو زواج الذمية والخبل الثانى وجود ما يسمى كون الزوجة من الأشراف فلا يوجد تقسيم للمسلمين والمسلمات اسمه أشراف وغير أشراف حيث أن كل المسلمين أشراف أى أعزة كما قال تعالى "أعزة على الكافرين"
وأما كون الأشراف من ذرية النبى(ص) فكلام لا محل لها فلا يوجد للنبى(ص) ذرية تنتسب إليه كما قال تعالى " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم" وبناته متن وانتهى نسبه ولا يجوز الانتساب للنبى(ص)لكون هذا كذب وافتراء لأن الانتساب يكون للأب والأب ليس النبى(ص) وفى هذا قال تعالى " ادعوهم لآباءهم"
الكتاب من تأليف حسن الشرنبلالي الحنفي وهو يدور حول مسألة القسم بين الزوجات فى المبيت وغيره وسبب التأليف هو سؤال عن رجل متزوج من اثنتين يبيت عند كل واحدة بالتساوى وله جوارى يبين عندهن كما يحلو له وفى هذا قال المؤلف:
" هذه نبذة يسيرة عزيز نقلها، قل أن توجد في الكتب المشهورة مسطورة، فإني تتبعت غالب الأسفار، وغصت مقتحما لجة المحيط ومجمع البحار، فاستخرجتها ليس إلا بفتح القدير، وأظهرتها بمنة اللطيف الخبير وسميتها: "تجدد المسرات بالقسم بين الزوجات"، جمعتها جوابا لحادثة هي: "ما قولكم قضى الله تعالى عنكم في رجل متزوج بزوجتين يبيت عند كل واحدة منهما بقدر ما يبيت عند الأخرى، وله جواري ملك يمين يبيت عندهن ما يشاء، ثم يرجع إلى زوجته ويفعل ما فعله أولا، فهل يحرم عليه المبيت عند جواره على هذا الحكم؟ أم كيف الحال؟ "
وكان الجواب من الشرنبلالي ناقلا عن غيره من كتب الحنفية:
"فأجبت حامدا لله مانح الصواب : اللازم على الزوج التسوية بين زوجتيه في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة دون الجماع ودواعيه قال الكمال بن الهمام رحمهم الله في شرحه على الهداية المسمى بفتح القدير :
" وليس المراد أن يضبط زمان النهار فبقدر ما عاشر إحداهما يعاشر الأخرى بقدره، بل ذلك في البيتوتة عند الأخرى، وأما في النهار ففي الجملة فاللازم أنه إذا بات عند واحدة ليلة يبيت عند الأخرى كذلك لا على معنى وجوب أن يبيت عند كل واحدة منهما دائما فإنه لو ترك المبيت عند الكل بعض الليالي وانفرد لم يمنع من ذلك " يعنى بعد تمام دورهن كما ذكره الكمال رحمة الله عند قوله: ولا حق لهن في القسم حالة السفر وسواء انفرد بنفسه أو كان مع جواره وهذا في القضاء أما في الديانة فقد قال الشيخ الإمام على المقدسي في شرحه: أعلم أن ترك جماعهن مطلقا لا يحل له صرح أصحابنا بأن جماعهن أحيانا واجب ديانة لكن لا يدخل تحت القضاء الإلزام إلا الوطئة الأولى ولم يقدروا فيه مدة ويجب أن لا يبلغ بالترك مدة الإيلاء وهى أربعة أشهر إلا برضاها وطيب نفسها به "
فى الفقرة المنقولة خبل هو أن الجماع الواجب على الزوج هو الجماع الأول بعد الدخول بالمرأة والواجب بعد ذلك فى كل أربعة أشهر مرة خوفا من وقوع الطلاق إذا تجاوز مدة الإيلاء وهى أربعة أشهر
وبالقطع هذا كلام ليس عليه دليل من الوحى وإنما الوحى دال على أن الجماع قد يكون يوميا فى أحد الأوقات الثلاث ما قبل صلاة الفجر وبعد صلاة العشاء ووقت الظهيرة عند التخفف من الملابس كما قال تعالى :
"يا أيها الذين آمنوا ليستئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم"
والواجب على المتزوج هو جماع زوجته متى أراد كما قال تعالى :
"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم"
والوقت المحرم هو وقت الحيض فقط ومن ثم لا يجوز أن يمر شهر بدون جماع لأنه الحيض يحدث شهريا لأن الله أمر بجماعهن بعد التطهر وفى هذا قال تعالى :
"ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء فى المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله"
حكاية التقسيم يوم ويوم أو يومين ويومين هو ضرب من الخبل لأن التقسيم بين الزوجات يكون حسب حيضهن فإن كن يحضن كل واحدة فى مدة مختلفة يكون التقسيم بين غير الحائضات يوم ويوم فإن كن اثنتين كما فى السؤال يبيت عند غير الحائض أسبوع حيض الأخرى وبقية الأيام يوم ويوم
وبعد انتهى من النقل فى الزوجين فقط ذكر نقول فى وجود زوجات وسرارى أى إماء فقال:
" وحيث علمت جواب الحادثة فأزيدك بفضل الله سبحانه علم ما يتعلق بالحكم فيما إذا كان للإنسان زوجة واحدة أو أكثر وله أمهات أولاد وسرارى قال قاضى خان - رحمه الله -: لو كان للرجل امرأة واحدة وهو يقوم بالليل ويصوم بالنهار أو يشتغل بصحبة إلا ما تظلمت المرأة إلى القاضي أمره القاضي أن يبيت معها أياما ويفطر لها أحيانا وكان أبو حنيفة رحمه الله أولا يجعل لها يوما وليلة وللزوج ثلاثة أيام ولياليها ثم رجع فقال يؤمر الزوج أن يراعيها فيؤنسها بصحبة أياما وأحيانا من غير أن يكون في ذلك شيء مؤقت وفى المنتقى : إذا تزوج امرأة وله أمهات أولاد وسرارى فقال أكون عندهن وآتيها إذا بدا لي لم يكن له ذلك ويقال له كن عندها في كل أربع يوما وليله وكن في الثلاث البواقي عند من شئت ولو كان عنده امرأتان وله أمهات أولاد وسرارى أقام عن كل واحدة منهما يوما وليلة ويقيم في يومين ليلتين عند من شاء من السرارى ولو كان عنده أربع نسوة أقام عند كل واحدة منهما يوما وليلة ولم يكن عند السراري إلا وقفة شبه المار انتهى عبارة قاضى خان
وأنت خبير بأن ما في المنتقى ليس إلا على الرواية المرجوع عنها ولم أر من نبه على ذلك، وعلى الرواية المرجوع عنها ما حكاه الشمني عن مختصر الطحاوى : وإن كان له زوجة واحدة حرة فطالبته بالواجب من القسم كان عليه أن يقسم لها يوما وليلة ثم يتصرف في أموره في ثلاثة أيام وثلاث ليال وإن كانت زوجته أمة والمسألة بحالها كان لها من كل سبعة أيام يوم ومن كل سبع ليال ليلة؛ لأن له أن يتزوج عليها بثلاث حرائر فيكون لكل واحدة منهن من القسم يومان وليلتان ولها يوم وليلة "
فى الفقرة الأخطاء التالية:
الأول جماع السرارى وهن الإماء بدون زواج فلا يحل لمسلم أن يجامع امرأة بلا زواج لقوله تعالى " فانكحوهن بإذن أهلهن وأتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذى أخدان"
وقوله تعالى "وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم"
والله أنهى الرق بإطلاق سراح الأسرى وليس الأسيرات لعدم وجود أسيرات بعد الحرب بمقابل وهو الفداء أو بدون مقابل وهو المن لقوله تعالى "فإما منا وإما فداء بعد أن تضع الحرب أوزارها"
ومن جامع أمة بلا زواج فقد زنى فكفر ولو فكر القوم لكان من حق المرأة التى تملك عبيد ملك يمينها أن تجعلهم يجامعوها كما يجامعها زوجها لأن زوجها يجامع الإماء ملك يمينه فالكل ملك اليمين كما يظن القوم ظنا خاطئا ومن ثم فلا يجوز جماع الإماء كما لا يجوز جماع العبيد
الثانى أن من حق الزوج أن ينفرد بنفسه إن كانت زوجة واحدة ثلاث ليالى وإن كانتا اثنتين ينفرد يومين وإن كانت ثلاثة ينفرد يوما وهو كلام لا أصل له فلا يجوز للزوج المبيت بعيدا عن زوجاته إلا فى حالة هجر المضاجع كما قال تعالى " واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا "
ثم نقل المؤلف التالى:
"روى "أن امرأة جاءت إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه وعنده كعب بن ميسور فقالت يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن أشكوه، فقال عمر - رضي الله عنه -: نعم الرجل زوجك فردت كلامها وعمر - رضي الله عنه – لا يزيدها على ذلك، فقال كعب - رضي الله عنه -: يا أمير المؤمنين إنها تشكو زوجها في هجره فراشها، فقال عمر - رضي الله عنه -: كما فهمت إشارتها فاحكم بينهما، فأرسل إلى زوجها فجاء فقال لها كعب - رضي الله عنه -: ما تقولين فقالت:
يا أيها القاضي الحكيم أرشده ألهى خليلي عن فراشي مسجده
زهده في مضجعي تعبده نهاره وليله ما يرقده
ولست في أمر النساء أحمده
فقال لزوجها ما تقول فقال:
زهدني في فرشها وفي الكلل أني امرؤ أذهلني ما قد نزل
في سورة النــــــــــــــــــمل وفي الســــــــــــــبع الطول
فقال له كعب:
إن لها عليك حقا يا رجل تصيبها في أربع لمن عقل
فأعطها ذاك ودع عنك العلل أربع زوجات فلكل واحدة يوم وليلة، فأعجب ذلك عمر - رضي الله عنه - وجعله قاضى البصرة" والكلل بكسر الكاف جمع كله بكسرها وتشديد اللام وهى الستر الرقيق يحاط بالبيت يتوقى فيه من البق أي البعوض والطول بضم المهملة جمع طولى أنثى لطول انتهى عبارة الشمني شارح النقاية ومثل ما قدمناه عن فتح القدير قول صاحب الاختيار ويؤمر الصائم بالنهار والقائم بالليل أن يبيت معها إذا طلبت وعن أبى حنيفة رحمه الله يجعل لها يوما من أربعة أيام وليس هذا بواجب؛ لأنه يؤدى إلى فوات النوافل أصلا على من له أربع من النساء ولكن يؤمر بإيفاء حقها من نفسه أحيانا ويصوم ويصلى ما أمكنه انتهى وكذا قال في المحيط: ويؤمر الصائم بالنهار والقائم بالليل أن يبيت معها إذا طلبت، وعن أبى حنيفة - رحمه الله -: يجعل له يوما من أربعة أيام؛ لأن له أن يتزوج بثلاث سواها فيفوض إلى اختياره إلا أن هذا التوقيت ليس بواجب؛ لأنه يؤدى إلى فوات النوافل على الزوج أصلا متى كان له أربع نسوة وإنما يؤمر بإيفاء حقها من نفسه أحيانا ويصلى ويصوم ما أمكن "
الخبل فى الفقرة هو خوف فوات النوافل التى هى ليست بفرض بينما جماع الزواج واجب خوفا من أن تزنى فأيهما أفضل أن يترك الزوجة فتزنى أم يؤدى النوافل وهو مأجور فى جماع الزوجة بينما النوافل ليس فى أدائها نص من الله بل تعتبر اعتداء على حق الله فى التشريع لكونه لم يشرع نافلة واحدة وإنما المفترون نسبوا للنبى(ص) ما لم يقله
إن الكثير من الفقهاء بأقوالهم هذه جلبوا للأمة كثرة الزنى وجعلوا النساء تنظر لغير زوجها بحجة لا أصل لها وهى أداء النوافل
ثم ذكر الشرنبلالى التالى:
"تنبيه:
القسم إنما يلزم بتعدد المنكوحات وليس للإمام قسم فلو كان له مستولدات وإماء لا قسم لهن؛ لأنه بالنكاح لكن يندب أن لا يعطلهن ويسوى بينهن في المضاجعة وفى القاموس القسم: العطاء، والرأي، والشك، والغيث، والماء، والقدر وهذا ينقسم قسمين: بالفتح إذا أريد المصدر، وبالكسر إذا أريد النصب
أعلم أن الزوج مأمور بالعدل في القسم بين النساء بالكتاب، قال تعالى: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم} [النساء: 129] الآية أي لن تستطيعوا العدالة والتسوية في المحبة فلا تميلوا في القسمة وبالسنة لحديث عائشة - رضي الله عنها- أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يعدل بين نسائه وكان يقول اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك يعنى زيادة المحبة لبعضهن ، وحديث أبى هريرة - رضي الله عنه -: (من كان له زوجتان فمال إلى أحدهما في القسم جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل) وقال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة} [النساء: 3] قال في البدائع: "أي إن خفتم أن لا تعدلوا في القسم والنفقة في المثنى والثلاث والأربع فواحدة ندب إلى انكاح الواحدة عند خوف ترك العدل في الزيادة وإنما يخاف على ترك الواجب فدل على أن العدل فيما ذكر واجب" انتهى
قيل ظاهره أنه إذا خاف عدم العدل يستحب ألا يزيد ولا يحرم " قلت: مراده بالندب اللغوي فلا مخالفة لقولهم: ترك الحرام واجب "
عاد الشرنبلالى هنا لذكر الإماء وجماعهن وعدم إدخالهن فى القسمة فأما الأمة فواجب جماعها كزوجة والقسمة لها كالحرة
ثم ذكر كلاما عن العدل بين الزوجات فنقل نقولا هى:
"قال الكمال: "لا نعلم خلافا في أن العدل الواجب في البيتوتة والتأنيس في اليوم والليلة وليس المراد أن يضبط زمان النهار فبقدر ما عاشر احديهما يعاشر الأخرى بقدره، بل ذلك في البيتوتة وأما في النهار ففي الجملة انتهى كذا قال العلامة الشيخ على المقدسي في شرحه نظم الكنز: "وقال الكمال: القسم بفتح القاف مصدر قسم والمراد التسوية بين المنكوحات، ويسمى العدل أيضا بينهن وحقيقته مطلقا ممتنعة كما أخبر سبحانه حيث قال: {ولن تستطيعوا أن تعدلوا} [النساء: 129] الخ وقال تعالى: {فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم} [النساء: 3] بعد إحلال الأربع بقوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع} [النساء: 3] فاستفدنا أن حل الأربع مقيد بعدم خوف العدل وثبوت المنع عن أكثر من واحدة عند خوفه فعلم إيجابه عند تعددهن وأما قوله صلى الله عليه وسلم استوصوا بالنساء خيرا فلا يخص حالة تعددهن ولأنهن رعية الرجل وكل راع مسئول عن رعيته وأنه في أمر مبهم يحتاج إلى البيان؛ لأنه أوجبه وصرح بأنه مطلقا لا يستطاع فعلم أن الواجب شيء معين وكذا السنة جاءت مجملة فيه"
وذكر الرجل أن العدل ليس فى المحبة القلبية وإنما فى عدد الجماعات وما فيها من قبلات وغيره فقال :
"روى أصحاب السنن الأربعة عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم فيعدل ويقول اللهم قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك " يعنى القلب أي زيادة المحبة، فظاهره أن ما عداه مما هو داخل تحت ملكه وقدرته يجب التسوية فيه ومنه عدد الوطئات والقبلات التسوية فيهما غير لازمة إجماعا "
والتسوية فى عدد الجماعات وما فيها من قبلات وأحضان وغير ذلك هو ضرب من الخبل يستلزم أن الرجل وهو يجامع يكون معه ورقة وقلم فكلما قبل قبلة كتب واحد أو احتضن حضن كتب واحد أو أمسك شىء كتبه ثم يجمع كل عدد فيفعله وهو ضرب من الخبل خاصة أن الجماع هو عملية نفسية تعتمد على التوافق بين الزوجين ورضا كل منهم عن الأخر ومن ثم نقل نقولا أخرى فى القسمة فقال :
" وقال الكمال: وكما لا فرق في القسم بين الجديدة والقديمة كذلك لا فرق بين البكر والثيب والمسلمة والكتابية الحرتين والمجنونة التي لا يخاف منها والمريضة والصحيحة والرتقاء والحائض والنفساء والصغيرة التي يمكن وطؤها والمحرمة والمظاهر منها ومقابلاتهن وكذلك يستوي وجوبه على المجبوب والعنين والمريض والصبي الذي دخل بامرأته ومقابلهم، قال مالك - رحمه الله -: "ويدور ولى الصبي به على نسائه؛ لأن القسم حق العباد وهم من أهله" انتهى "
والكلام هنا كلام جنونى فلا يجوز زواج الكتابية لقوله تعالى "ولا تمسكوا بعصم الكوافر" ولا يجوز زواج المجنونة ومن ثم لا يجوز جماعها لكونها غير مكلفة
ولا يجوز زواج الصبى ولا العنين ولا المجبوب فالأول لعدم العقل وعدم القدرة على الإنفاق على الزوجات والاثنين الأخرين لعدم القدرة على الجماع
ثم تكلم كلام لا محل له عن المطلقة رجعيا فقال:
" والمطلقة رجعيا أن قصد رجعتها قسم لها لا لناشرة فإذا نشزت يبدؤها بالوعظ ثم بالهجر ثم بالضرب للآية ؛ لأنها للترتيب بالتوزيع، والهجر قيل: ترك مضاجعتها، وقيل: جماعها، والأظهر: ترك كلامها مع المضاجعة والجماع أن احتاج إليه"
ثم تحدث عن سكن الزوجات فى سكن واحد فقال :
" ولا يجوز جمعه بين ضرتين أو ضرائر في مسكن واحدا إلا بالرضي ولو اجتمعن يكره أن يطأ واحدة بحضرة أخرى فلو طلبه لم يلزمها الإجابة "
والجمع فى المسكن يكون حسب مال الزوج والأولى أن يكن فى منزل واحد ولكل منهن حجرتها الخاصة بها
ثم تحدث عن القسمة بينهن فقال:
"وفى دور القسم لا يجامع امرأة في غير يومها ولا يدخل بالليل على من لا قسم لها ولا بأس به في النهار لحاجة ويعودها في مرضها في ليلة غيرها فإن ثقل مرضها فلا بأس أن يقيم عندها حتى تشفى أو تموت، ومقدار الدور إلى الزوج؛ لأن المستحق هو التسوية دون طريقها إن شاء يوما أو يومين أو ثلاثا ثلاثا أو أربعا أربعا أعلم أن هذا الإطلاق لا يمكن اعتباره على صرافته لأنه لو أراد أن يدور سنة ما يظن إطلاق ذلك له بل لا ينبغي أن يطلق له مقدار مدة الإيلاء وهو أربعة أشهر وإذا كان وجوبه للتأنيس ودفع الوحشة وجب أن تعتبر المدد القريبة وأظن أكثر من جمعة مضارة إلا أن يرضيا به والله أعلم " انتهى كلام الكمال رحمه الله"
وتحريم الدخول على النساء ليلا فى غير ليلتها ليس حراما إن كان للاطمئنان عليها أو لقضاء حاجة لها غير الجماع كمشكلة فى ولدها أو مع زوجة اخرى
ثم نقل فى مسألة مدة البقاء عند كل زوجة فنقل التالى :
" وقال الشيخ على المقدسي: وهو ظاهر ولكن كتب على نسخته شرح الكنز ملحقا بعد نقل كلام الكمال: وارتضائه ظاهره أنه لم يطلع على قدر عين فيه وفى الخلاصة منع الزيادة على الثلاثة أيام إلا بإذن الأخرى انتهى قلت: يعارضه حديث أم سلمه رضي الله عنها: (إن شئت سبعت لك وسبعت لنسائي وإن شئت ثلثت لك ودرت) انتهى وفيه دليل على عدم الزيادة على جمعة فيكون مؤيدا لما ظنه الكمال رحمه الله من أن أكثر من جمعة مضارة إلا أن يرضيا انتهى وقال الكمال: لو ترك القسم بأن أقام عند إحداهن شهرا مثلا أمره القاضي أن يستأنف العدل لا بالقضاة فإن جار بعد ذلك أوجعه عقوبة، كذا قالوا، والذي يقتضيه النظر أن يؤمر بالقضاء إذا طلبت؛ لأنه حق أدمى وله قدرة على إيفائه انتهى وقال العلامة المقدسي رحمه الله: ولو عاد بعد ما نهاه القاضي أوجعه عقوبة؛ لأنه أساء الأدب وأرتكب الحرام فيعذر بالضرب وفى الجوهرة : لا بالحبس؛ لأنه لا يستدرك الحق فيه بالحبس؛ لأنه يفوت بمضي الزمان فيستثنى من قولهم: له التعزير بالحبس انتهى "
فالتقسيم يكون بالأيام وليس بالشهور خوفا من وقوع الزنى ثم تحدث عن مرض الزوج والتقسيم فيه فقال:
"ولا يسقط القسم المرض فقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم نساءه أن يمرض عند عائشة رضي الله عنها فأذن له قلت: مر قريبا أنه لا قسم عليه أي النبي - صلى الله عليه وسلم - لقوله تعالى: {ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء} [الأحزاب: 51] وكان ممن أرجاهن: جورية وسودة وأم حبيبة وصفية وميمونة، وممن أوى: عائشة والباقيات رضي الله عنهن
ولو كان لا يقدر على تحوله للأخرى مدة مرضه فكيف يقسم؟ قيل: ينبغي إذا صح قام عند الأخرى بقدره بخلاف ما إذا سافر لا يقضى إذ لا قسم حالة السفر وإن كانت القرعة عند إرادة السفر بواحدة مستحبة فله ترك الكل عند سفره انتهى "
ومرض الزوج لا يجوز فيه انتقاله بين حجرات النساء لأن انتقاله خطر عليه وعلى النساء إذا كان مرضا معديا ومن ثم تختص واحدة منهن تطوعا بخدمته فى حالة المرض المعدى لتقليل الإصابات لأنه لا يجوز تعريض أى مريض للخطر كما قال تعالى "ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج"
وأما فى المرض العادى فعلى حسب قدرة المريض فإن كان قادرا على الدوران بينهن دار وإلا وضع فراشه فى حجرة الجلوس أو الضيوف وحضرت كل زوجة فى ليلتها ويومها لخدمته
ثم نقل نقلا فى مسألة أخرى وهى عدم زواج أخرى من قبل من يخاف من عدم عدله فقال:
"وفى الأشباه والنظائر تزوج امرأة أخرى وخاف أن لا يعدل لا يسعه ذلك وأن علم أنه يعدل بينهما في القسم والنفقة وجعل لكل واحدة مسكنا على حدة جاز له أن يفعل فان لم يفعل أي لم يتزوج عليها فهو مأجور لترك الغم عليها "
ثم ذكر الشرنبلابى بعض حقوق الرجل على المرأة وهى أمور لا علاقة لها بمسألة القسمة فقال :
"تتمة:
من أحكام النكاح:المعاشرة بالمعروف للآية قيل:المراد التفضل والإحسان إليها قولا وفعلا وخلقا، وقيل: أن يعمل معها كما يحب أن يعمل مع نفسه وله جبرها على غسل الحيض والجنابة والنفاس إلا أن تكون ذمية، وعلى التطيب والاستحداد ومنعها مما يتأذى برائحته حتى الحناء المخضب إن تأذى به ومن الغزل ويضربها بترك الزينة إن أراد، وبترك إجابته إن أراد جماعها طاهرة وترك الصلاة والخروج من المنزل بلا إذنه بعد إيفاء مهرها وإذا كانت لا تصلى له أن يطلقها وإن لم يقدر على إيفاء مهرها فلأن يلقى الله ومهرها معلق في عنقه خير له من أن يطأ امرأة لا تصلى وحق الزوج على الزوجة أن تطيعه في كل مباح يأمرها به ولو كان أبوها زمنا ليس له من يقوم عليه غير البنت فعليها أن تعصى الزوج في المنع عنه ولو كان كافرا؛ لأن القيام عليه فرض في هذه الحالة امرأة معتدة أو منكوحة أبت أن تطبخ أو تخبز إن كان بها علة لا تقدر على الطبخ أو الخبز أو كانت من الأشراف فعلى الزوج أن يأتيها بمن تطبخ وتخبز؛ لأنها غير متعنتة فأما إن كانت تقدر وهى ممن يخدم نفسها تجبر؛ لأنها متعنتة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الخدمة التي داخل البيت على المرأة والتي خارج البيت على الزوج هكذا قضى بين على وفاطمة"
وفى الفقرة خبل سبق مناقشة واحد منه وهو زواج الذمية والخبل الثانى وجود ما يسمى كون الزوجة من الأشراف فلا يوجد تقسيم للمسلمين والمسلمات اسمه أشراف وغير أشراف حيث أن كل المسلمين أشراف أى أعزة كما قال تعالى "أعزة على الكافرين"
وأما كون الأشراف من ذرية النبى(ص) فكلام لا محل لها فلا يوجد للنبى(ص) ذرية تنتسب إليه كما قال تعالى " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم" وبناته متن وانتهى نسبه ولا يجوز الانتساب للنبى(ص)لكون هذا كذب وافتراء لأن الانتساب يكون للأب والأب ليس النبى(ص) وفى هذا قال تعالى " ادعوهم لآباءهم"