رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة فى كتاب الإتحاف بحديث فضل الإنصاف
الكتاب هو مجلس من أمالي محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد الشهير بابن ناصر الدين وهو يدور حول صحة أو بطلان الحديث المنسوب لعمار بن ياسر:
((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وإنصاف الناس من نفسك، وبذل السلام للعالم))
والكتاب استهل بذكر الروايات المختلفة للحديث فقال :
"رواية عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق
1- حدثنا الشيخ المسند الأصيل أبو المحاسن يوسف بن عثمان بن عمر بن مسلم العوفي بقراءتي عليه بصالحية دمشق، أخبرك الإمام أبو أحمد إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الطبري كتابة من مكة زادها الله شرفا، قال: أخبرني الإمام أبو الحسن علي بن هبة الله الشافعي قراءة عليه وأنا أسمع بمكة المشرفة سنة ست وأربعين وست مائة، قال: أخبرتنا شهدة ابنة أحمد الآبري، قالت: أخبرنا الحسين بن أحمد النعالي، قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا أحمد بن منصور بن سيار، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما قال:
((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك، وبذل السلام للعالم)).
هذا حديث معروف بأبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي أحد الأئمة الأعلام من التابعين عن صلة بن زفر العبسي الكوفي، واختلف على أبي إسحاق فيه:
- فروي موقوفا كما رويناه، وكذلك رواه القاضي أبو عمر محمد بن يوسف عن أحمد بن منصور بمثله.
- خالفه غيره فرواه عن عبد الرزاق مرفوعا:
1- حدثنا أبو عبد الله محمد بن الشرف محمد بن عبد الله الصالحي مشافهة بالإجازة، قال: أخبرتنا أم عبد الله فاطمة بنت سليمان بن عبد الكريم الأنصارية، قالت: أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن أحمد بن علي النصيبي قراءة عليه وأنا أسمع في جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وست مائة بدارنا من الحويرة بدمشق، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، قال: قرئ على القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم الميالجي بدمشق وأنا حاضر أسمع، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدثنا الحسين بن عبد الله إمام مسجد العوام بن حوشب -واسطي-، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: الإنفاق في الإقتار وبذل السلام للعالم وإنصاف الناس من نفسه)).
خرجه أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده عن الحسين بن عبد الله الكوفي وهو الواسطي المذكور.
(..) (1) ابن أبي حاتم قال: (هذا حديث خطأ إنما هو موقوف عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما رواه جماعة: الثوري وشعبة وزهير فمن دونهم كلهم موقوف قول عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما وليس لرفعه معنى).
ولم ينفرد شيخ ابن أبي حاتم برفعه:
3- قال أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي في معجمه، حدثنا محمد يعني ابن الصباح، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق في الإقتار وبذل السلام وإنصاف الناس من نفسه)).
رواية الموقوف أشبه وبذلك علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم عن عمار ولأن رواته عن أبي إسحاق السبيعي أحفظ وأكثر كما أشار إليه أبو محمد بن أبي حاتم.
4- أما رواية الثوري فقال أبو بكر بن أبي شيبة في كتاب ((الإيمان)) من مصنفه: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار رضي الله تعالى عنه قال:
((ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك والإنفاق من الإقتار وبذل السلام للعالم)).
وحدث به الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الإيمان عن يحيى -هو القطان-، وابن مهدي عن سفيان تابعهم محمد بن كثير وغيره عن سفيان.
5- وأما حديث شعبة وزهير، (فأخبرنا) أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المقدسي كاتب الحكم، قال: أخبرتنا زينب ابنة أحمد المقدسية، عن أبي القاسم يحيى بن أبي السعود التاجر، قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة ابنة أبي نصر سماعا ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: أخبرني جدي أبو يوسف يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما أنه قال:
((ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان -أو قال: من كمال الإيمان- الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم)).
6- وبه إلى أبي يوسف، قال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب، قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، قال: سمعت أبا اليقظان -يعني عمارا رضي الله تعالى عنه- يقول:
ثلاث من الإيمان من جمعهن جمع الإيمان: الإنفاق من الإقتار تنفق وأنت تعلم أن الله عز وجل سيخلف لك، وإنصاف الناس منك ولا تلجئهم إلى قاض، وبذل السلام للعالم.
ومن الجماعة الذين أشار إليهم ابن أبي حاتم حديج بن معاوية وفطر بن خليفة.
رواية هارون بن سعد عن أبي إسحاق
7- (أخبرنا) أبو هريرة عبد الرحمن بن الذهبي وآخرون، عن الحافظ أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي، قال: أنا أبو الحسن علي بن أحمد سماعا، قال: أنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي، قال: أنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، قال: أنا أبو الغنائم محمد بن علي بن الدجاجي، قال: أنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان الحربي، قال: ثنا أحمد بن كعب، قال: حدثنا عبيد بن مهدي الواسطي العابد، قال: ثنا عبد الرحمن بن هارون، عن هارون بن سعد، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن أبي اليقظان رضي الله تعالى عنه قال:
((ثلاثة من الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك وبذل السلام للعالم)).
في إسناده نظر.
رواية الثوري وابن أسباط
8- وجاء الحديث موقوفا أيضا من رواية يوسف بن أسباط، عن الثوري، عن أبي إسحاق، ورواه عبد الله بن خبيق، قال: ثنا يوسف بن أسباط، عن أبي إسحاق فذكره موقوفا بنحوه لم يذكر الثوري، وزاد فيه: (ومن ضيعهن فقد ضيع الإيمان).
رواية أبي أمامة عن عمار
9- من طرقه المرفوعة ما أخبرنا الحافظ أبو بكر محمد بن الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد السعدي وآخرون، عن الإمام أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن القضاعي الكلبي، قال: أنا الإمام أبو العباس أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم بن سلامة بن الحداد سماعا وهو أول شيء سمعته من الكتب، قال: أنا القاضي أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني اللبان كتابة، قال: أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد سماعا، قال: أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الحافظ قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا العباس بن حمدان، قال: ثنا محمد بن سعيد بن سويد الكوفي، قال: حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما قال:
((ثلاث خلال من جمعهن جمع خلال الإيمان)).
فقال له بعض أصحابه: يا أبا اليقظان وما هذه الخلال التي زعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جمعهن فقد جمع خلال الإيمان؟. فقال عمار رضي الله تعالى عنه عند ذلك: سمعته صلى الله عليه وسلم يقول:
((الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم)).إسناده ضعيف."
انتهى صاحب المجلس إلى أن روايات الحديث معظمها إن لم يكن كلها فى اسانيدها مجروحين متكلم فيهم وأن الحديث نفسه لم يقله الرسول(ص) وإنما نسب لعمار بن ياسر وعندى أن عمار هو الأخر لم يتكلم به ولن يلفظه
ورغم أن الكتاب فى حديث معين إلا أن الكتاب أو من وضعوه ونحلوه لمن ألفه أيا كان أدخل حديث أخر موقوف وهو حديث أبو ذر فى موضوع مختلف وهو :
حديث أبي ذر
10- (أخبرنا) الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله السعدي إجازة إن لم يكن سماعا، قال: أنا إسماعيل بن يوسف بن مكتوم قراءة عليه وأنا حاضر في صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة، قال: أنا أبو المنجى عبد الله بن عمر الحزيمي سماعا، قال: أنا أبو المعالي محمد بن محمد بن النحاس قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن البسري.
- وأنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن عوض، عن فاطمة ابنة سليمان بن عبد الكريم الأنصارية: أن الفتح بن عبد السلام وأبا علي الحسن بن الجواليقي أخبراها كتابة، قالا: أنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري البندار، قال: أنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله هو ابن محمد بن عبد العزيز، قال: ثنا سويد -يعني ابن سعيد-، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن موسى الجهني، قال: ثنا قيس بن يزيد الضمري، قال: حدثتني مولاة لنا تدعى سدرة، قالت: سمعت جدك يقول:
لقيني أبو ذر فقال: يا سلمة بن قيس ثلاث خلال فاجتنبها:
- لا تعمل على الصدقة فإن صاحب الصدقة زائد وناقص،
- ولا تجمع بين الضرتين فإنك لن تعدل وإن حرصت،
- ولا تغش السلطان فإنك لن تصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينك أفضل منه.
سلمة بن قيس هو الأشجعي الصحابي رضي الله تعالى عنه حديثه في جامع الترمذي وسنن النسائي وابن ماجه في الوضوء، وحديثه هذا علقه البخاري في تاريخه الكبير فقال: قال موسى الجهني، عن قيس بن يزيد، حدثتني مولاتي سدرة: أن جدك سلمة بن قيس حدثني قال: لقيت أبا ذر.. فذكره بنحوه.
وهذا الحديث فيه ثلاث خلال من المناهي علقه البخاري في تاريخه جزما بالترجيح، والحديث الأول فيه ثلاث من الأوامر علقه البخاري في جامعه الصحيح."
وقام المؤلف بنظم الشعر فى معانى الحديث فقال :
نظم حديث الإنصاف
وفي معناه قلت هذه الأبيات اقتداء في الإملاء بالحفاظ الأثبات وهي:
ثلاث إذا كانت بفعلك سايره ... جمعت بها الإيمان تحوي ذخايره
فأولها الإنصاف من نفسك الذي ... تقوم به لله دنيا وآخره
وللعالم ابذل للسلام تحية تنل ... مقة في الناس بالشكر دايره
وأنفق من الإقتار بالله واثقا ... ييسرك لليسرى وتلقى مفاخره
فمعناه موقوفا روينا ورفعه ... إلى المصطفى فاحفظه وانقله آثره
لتحسب من خدام سنة أحمد ... شفيع الورى أزكى البرايا مأثره
فصل عليه ربنا ثم سلمن ... كذاك على أنصاره والمهاجره
ومن يعفو مذهب لذنوبنا ... ومن عمرنا بالخير فاختم أواخره"
الحديث بالطبع باطل لم يقله النبى(ص) ولا عمار للأسباب التالية:
1-كل الروايات تجعل ثلاثة أعمال من الإيمان ومن المعروف أن الايمان ليس عملا عند الفقهاء وإنما هو معتقد قلبى
2- تناقض الروايات فى ماهية الثلاث أعمال فمرة الأعمال هى جماع الإيمان كله فى قولهم :
"ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك والإنفاق من الإقتار وبذل السلام للعالم "
ومرة الثلاث أعمال يستكمل بها الإيمان وليست هى الإيمان فى قولهم:
"ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان -أو قال: من كمال الإيمان- الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم"
ومرة اعتبر الثلاث جزء من الإيمان فى قولهم :
"ثلاثة من الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك وبذل السلام للعالم"
ومرة أخرى مخالفة من فعل الثلاثة وجد حلاوة الإيمان وليس الإيمان نفسه أو جزء منه وهو قولهم :
"ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك، وبذل السلام للعالم
" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: الإنفاق في الإقتار وبذل السلام للعالم وإنصاف الناس من نفسه"
3-عبارة الانفاق من الاقتار والانفاق فى الاقتار عبارة غامضة فالانفاق يكون من المال وليس من الاقتار فالاقتار هو البخل إلا أن يكون المعنى وهو بعيد الانفاق فى حالة الضيق المالى لأن المصاب بالضيق المالى ينفق على نفسه أو على غيره حتى يعيش ويعيشوا بدلا من الموت جوعا
4- بذل السلام للعالم وهو أمر غير معقول فليس مطلوبا أن تبذل السلام للمحاربين المعتدين علينا وإنما المطلوب محاربتهم قولا وفعلهم كما قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
وأما الحديث المنسوب أبى ذر فهو ألخر باطل لم يتفوه به لأنه دعوة لتخريب مؤسسة أمر الله بها وهو مؤسسة الصدقات التى أوجب الله قيامها بقوله :
" والعاملين عليها "
فالمتكلم يطلب من الناس عدم العمل بها أو بغيرها من مؤسسات المال فى دولة المسلمين بقوله:
"لا تعمل على الصدقة فإن صاحب الصدقة زائد وناقص"
والقول اتهام لكل المسلمين بأنهم إما لصوص ينقصون الصدقات أو ظالمون معتدون على أهل الزكاة يأخذون أكثر من الحق
والكلمة الثانية هى تحريم لما أحل الله من زواج الاثنين والثلاثة والأربعة وهى القول:
"ولا تجمع بين الضرتين فإنك لن تعدل وإن حرصت"
وقد أحل الله هذا الزواج مع عدم العدل التام وإنما مع العدل شبه التام وهو قوله :
"فلا تميلوا كل الميل "
الكتاب هو مجلس من أمالي محمد بن أبي بكر عبد الله بن محمد الشهير بابن ناصر الدين وهو يدور حول صحة أو بطلان الحديث المنسوب لعمار بن ياسر:
((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار، وإنصاف الناس من نفسك، وبذل السلام للعالم))
والكتاب استهل بذكر الروايات المختلفة للحديث فقال :
"رواية عبد الرزاق عن معمر عن أبي إسحاق
1- حدثنا الشيخ المسند الأصيل أبو المحاسن يوسف بن عثمان بن عمر بن مسلم العوفي بقراءتي عليه بصالحية دمشق، أخبرك الإمام أبو أحمد إبراهيم بن محمد بن أبي بكر الطبري كتابة من مكة زادها الله شرفا، قال: أخبرني الإمام أبو الحسن علي بن هبة الله الشافعي قراءة عليه وأنا أسمع بمكة المشرفة سنة ست وأربعين وست مائة، قال: أخبرتنا شهدة ابنة أحمد الآبري، قالت: أخبرنا الحسين بن أحمد النعالي، قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران، قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد الصفار، قال: حدثنا أحمد بن منصور بن سيار، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما قال:
((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك، وبذل السلام للعالم)).
هذا حديث معروف بأبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي الكوفي أحد الأئمة الأعلام من التابعين عن صلة بن زفر العبسي الكوفي، واختلف على أبي إسحاق فيه:
- فروي موقوفا كما رويناه، وكذلك رواه القاضي أبو عمر محمد بن يوسف عن أحمد بن منصور بمثله.
- خالفه غيره فرواه عن عبد الرزاق مرفوعا:
1- حدثنا أبو عبد الله محمد بن الشرف محمد بن عبد الله الصالحي مشافهة بالإجازة، قال: أخبرتنا أم عبد الله فاطمة بنت سليمان بن عبد الكريم الأنصارية، قالت: أخبرنا أبو الغنائم المسلم بن أحمد بن علي النصيبي قراءة عليه وأنا أسمع في جمادى الأولى سنة ثمان وعشرين وست مائة بدارنا من الحويرة بدمشق، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، قال: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني، قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، قال: قرئ على القاضي أبي بكر يوسف بن القاسم الميالجي بدمشق وأنا حاضر أسمع، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم، قال: حدثنا الحسين بن عبد الله إمام مسجد العوام بن حوشب -واسطي-، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: حدثنا معمر، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: الإنفاق في الإقتار وبذل السلام للعالم وإنصاف الناس من نفسه)).
خرجه أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار في مسنده عن الحسين بن عبد الله الكوفي وهو الواسطي المذكور.
(..) (1) ابن أبي حاتم قال: (هذا حديث خطأ إنما هو موقوف عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما رواه جماعة: الثوري وشعبة وزهير فمن دونهم كلهم موقوف قول عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما وليس لرفعه معنى).
ولم ينفرد شيخ ابن أبي حاتم برفعه:
3- قال أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد بن الأعرابي في معجمه، حدثنا محمد يعني ابن الصباح، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر عن عمار رضي الله تعالى عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق في الإقتار وبذل السلام وإنصاف الناس من نفسه)).
رواية الموقوف أشبه وبذلك علقه البخاري في صحيحه بصيغة الجزم عن عمار ولأن رواته عن أبي إسحاق السبيعي أحفظ وأكثر كما أشار إليه أبو محمد بن أبي حاتم.
4- أما رواية الثوري فقال أبو بكر بن أبي شيبة في كتاب ((الإيمان)) من مصنفه: حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار رضي الله تعالى عنه قال:
((ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك والإنفاق من الإقتار وبذل السلام للعالم)).
وحدث به الإمام أحمد بن حنبل في كتاب الإيمان عن يحيى -هو القطان-، وابن مهدي عن سفيان تابعهم محمد بن كثير وغيره عن سفيان.
5- وأما حديث شعبة وزهير، (فأخبرنا) أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المقدسي كاتب الحكم، قال: أخبرتنا زينب ابنة أحمد المقدسية، عن أبي القاسم يحيى بن أبي السعود التاجر، قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة ابنة أبي نصر سماعا ، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد، قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب، قال: أخبرني جدي أبو يوسف يعقوب بن شيبة، قال: حدثنا وهب بن جرير بن حازم، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما أنه قال:
((ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان -أو قال: من كمال الإيمان- الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم)).
6- وبه إلى أبي يوسف، قال: حدثنا الحسن بن موسى الأشيب، قال: حدثنا زهير بن معاوية، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، قال: سمعت أبا اليقظان -يعني عمارا رضي الله تعالى عنه- يقول:
ثلاث من الإيمان من جمعهن جمع الإيمان: الإنفاق من الإقتار تنفق وأنت تعلم أن الله عز وجل سيخلف لك، وإنصاف الناس منك ولا تلجئهم إلى قاض، وبذل السلام للعالم.
ومن الجماعة الذين أشار إليهم ابن أبي حاتم حديج بن معاوية وفطر بن خليفة.
رواية هارون بن سعد عن أبي إسحاق
7- (أخبرنا) أبو هريرة عبد الرحمن بن الذهبي وآخرون، عن الحافظ أبي الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي، قال: أنا أبو الحسن علي بن أحمد سماعا، قال: أنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي، قال: أنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، قال: أنا أبو الغنائم محمد بن علي بن الدجاجي، قال: أنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن بن شاذان الحربي، قال: ثنا أحمد بن كعب، قال: حدثنا عبيد بن مهدي الواسطي العابد، قال: ثنا عبد الرحمن بن هارون، عن هارون بن سعد، عن أبي إسحاق، عن صلة بن زفر، عن أبي اليقظان رضي الله تعالى عنه قال:
((ثلاثة من الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك وبذل السلام للعالم)).
في إسناده نظر.
رواية الثوري وابن أسباط
8- وجاء الحديث موقوفا أيضا من رواية يوسف بن أسباط، عن الثوري، عن أبي إسحاق، ورواه عبد الله بن خبيق، قال: ثنا يوسف بن أسباط، عن أبي إسحاق فذكره موقوفا بنحوه لم يذكر الثوري، وزاد فيه: (ومن ضيعهن فقد ضيع الإيمان).
رواية أبي أمامة عن عمار
9- من طرقه المرفوعة ما أخبرنا الحافظ أبو بكر محمد بن الإمام أبي محمد عبد الله بن أحمد السعدي وآخرون، عن الإمام أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن القضاعي الكلبي، قال: أنا الإمام أبو العباس أحمد بن أبي الخير سلامة بن إبراهيم بن سلامة بن الحداد سماعا وهو أول شيء سمعته من الكتب، قال: أنا القاضي أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني اللبان كتابة، قال: أنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد سماعا، قال: أنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد الأصبهاني الحافظ قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أنا سليمان بن أحمد، قال: حدثنا العباس بن حمدان، قال: ثنا محمد بن سعيد بن سويد الكوفي، قال: حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن القاسم، عن أبي أمامة، عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما قال:
((ثلاث خلال من جمعهن جمع خلال الإيمان)).
فقال له بعض أصحابه: يا أبا اليقظان وما هذه الخلال التي زعمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جمعهن فقد جمع خلال الإيمان؟. فقال عمار رضي الله تعالى عنه عند ذلك: سمعته صلى الله عليه وسلم يقول:
((الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم)).إسناده ضعيف."
انتهى صاحب المجلس إلى أن روايات الحديث معظمها إن لم يكن كلها فى اسانيدها مجروحين متكلم فيهم وأن الحديث نفسه لم يقله الرسول(ص) وإنما نسب لعمار بن ياسر وعندى أن عمار هو الأخر لم يتكلم به ولن يلفظه
ورغم أن الكتاب فى حديث معين إلا أن الكتاب أو من وضعوه ونحلوه لمن ألفه أيا كان أدخل حديث أخر موقوف وهو حديث أبو ذر فى موضوع مختلف وهو :
حديث أبي ذر
10- (أخبرنا) الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله السعدي إجازة إن لم يكن سماعا، قال: أنا إسماعيل بن يوسف بن مكتوم قراءة عليه وأنا حاضر في صفر سنة خمس عشرة وسبعمائة، قال: أنا أبو المنجى عبد الله بن عمر الحزيمي سماعا، قال: أنا أبو المعالي محمد بن محمد بن النحاس قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن أحمد بن البسري.
- وأنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن عوض، عن فاطمة ابنة سليمان بن عبد الكريم الأنصارية: أن الفتح بن عبد السلام وأبا علي الحسن بن الجواليقي أخبراها كتابة، قالا: أنا محمد بن عبيد الله بن الزاغوني قراءة عليه ونحن نسمع، قال: أنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري البندار، قال: أنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن، قال: ثنا عبد الله هو ابن محمد بن عبد العزيز، قال: ثنا سويد -يعني ابن سعيد-، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن موسى الجهني، قال: ثنا قيس بن يزيد الضمري، قال: حدثتني مولاة لنا تدعى سدرة، قالت: سمعت جدك يقول:
لقيني أبو ذر فقال: يا سلمة بن قيس ثلاث خلال فاجتنبها:
- لا تعمل على الصدقة فإن صاحب الصدقة زائد وناقص،
- ولا تجمع بين الضرتين فإنك لن تعدل وإن حرصت،
- ولا تغش السلطان فإنك لن تصيب من دنياهم شيئا إلا أصابوا من دينك أفضل منه.
سلمة بن قيس هو الأشجعي الصحابي رضي الله تعالى عنه حديثه في جامع الترمذي وسنن النسائي وابن ماجه في الوضوء، وحديثه هذا علقه البخاري في تاريخه الكبير فقال: قال موسى الجهني، عن قيس بن يزيد، حدثتني مولاتي سدرة: أن جدك سلمة بن قيس حدثني قال: لقيت أبا ذر.. فذكره بنحوه.
وهذا الحديث فيه ثلاث خلال من المناهي علقه البخاري في تاريخه جزما بالترجيح، والحديث الأول فيه ثلاث من الأوامر علقه البخاري في جامعه الصحيح."
وقام المؤلف بنظم الشعر فى معانى الحديث فقال :
نظم حديث الإنصاف
وفي معناه قلت هذه الأبيات اقتداء في الإملاء بالحفاظ الأثبات وهي:
ثلاث إذا كانت بفعلك سايره ... جمعت بها الإيمان تحوي ذخايره
فأولها الإنصاف من نفسك الذي ... تقوم به لله دنيا وآخره
وللعالم ابذل للسلام تحية تنل ... مقة في الناس بالشكر دايره
وأنفق من الإقتار بالله واثقا ... ييسرك لليسرى وتلقى مفاخره
فمعناه موقوفا روينا ورفعه ... إلى المصطفى فاحفظه وانقله آثره
لتحسب من خدام سنة أحمد ... شفيع الورى أزكى البرايا مأثره
فصل عليه ربنا ثم سلمن ... كذاك على أنصاره والمهاجره
ومن يعفو مذهب لذنوبنا ... ومن عمرنا بالخير فاختم أواخره"
الحديث بالطبع باطل لم يقله النبى(ص) ولا عمار للأسباب التالية:
1-كل الروايات تجعل ثلاثة أعمال من الإيمان ومن المعروف أن الايمان ليس عملا عند الفقهاء وإنما هو معتقد قلبى
2- تناقض الروايات فى ماهية الثلاث أعمال فمرة الأعمال هى جماع الإيمان كله فى قولهم :
"ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك والإنفاق من الإقتار وبذل السلام للعالم "
ومرة الثلاث أعمال يستكمل بها الإيمان وليست هى الإيمان فى قولهم:
"ثلاث من كن فيه فقد استكمل الإيمان -أو قال: من كمال الإيمان- الإنفاق من الإقتار والإنصاف من نفسك وبذل السلام للعالم"
ومرة اعتبر الثلاث جزء من الإيمان فى قولهم :
"ثلاثة من الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك وبذل السلام للعالم"
ومرة أخرى مخالفة من فعل الثلاثة وجد حلاوة الإيمان وليس الإيمان نفسه أو جزء منه وهو قولهم :
"ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: الإنفاق من الإقتار وإنصاف الناس من نفسك، وبذل السلام للعالم
" ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: الإنفاق في الإقتار وبذل السلام للعالم وإنصاف الناس من نفسه"
3-عبارة الانفاق من الاقتار والانفاق فى الاقتار عبارة غامضة فالانفاق يكون من المال وليس من الاقتار فالاقتار هو البخل إلا أن يكون المعنى وهو بعيد الانفاق فى حالة الضيق المالى لأن المصاب بالضيق المالى ينفق على نفسه أو على غيره حتى يعيش ويعيشوا بدلا من الموت جوعا
4- بذل السلام للعالم وهو أمر غير معقول فليس مطلوبا أن تبذل السلام للمحاربين المعتدين علينا وإنما المطلوب محاربتهم قولا وفعلهم كما قال تعالى :
" فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم"
وأما الحديث المنسوب أبى ذر فهو ألخر باطل لم يتفوه به لأنه دعوة لتخريب مؤسسة أمر الله بها وهو مؤسسة الصدقات التى أوجب الله قيامها بقوله :
" والعاملين عليها "
فالمتكلم يطلب من الناس عدم العمل بها أو بغيرها من مؤسسات المال فى دولة المسلمين بقوله:
"لا تعمل على الصدقة فإن صاحب الصدقة زائد وناقص"
والقول اتهام لكل المسلمين بأنهم إما لصوص ينقصون الصدقات أو ظالمون معتدون على أهل الزكاة يأخذون أكثر من الحق
والكلمة الثانية هى تحريم لما أحل الله من زواج الاثنين والثلاثة والأربعة وهى القول:
"ولا تجمع بين الضرتين فإنك لن تعدل وإن حرصت"
وقد أحل الله هذا الزواج مع عدم العدل التام وإنما مع العدل شبه التام وهو قوله :
"فلا تميلوا كل الميل "