رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
قراءة بكتاب حكم الاستئناف لطلب اللجوء السياسي في دار الكفر
الكتاب تأليف عبد المنعم مصطفى حليمة وهو يدور حول لجوء المسلم لدولة كافرة وهو ما يسمى اللجوء السياسى وفى هذا قال:
" وبعد .فإن بين الفينة والأخرى تطفو على الساحة مسائل ـ تشغل الشباب عن جادة الحق والصواب ، وعن الأوكد والأهم والأولى ـ لاتدري كيف ظهرت ، ومن أين بدأت ، ومن وراءها ،... من هذه المسائل ، مسألتنا هذه التي شغلت عددا كبيرا من الشباب المسلم ـ المكره على الإقامة في ديار المهجر في بلاد الغرب ـ وأقلقت بالهم خوفا على دينهم وإيمانهم ، وهي : هل يعد الاستئناف لطلب اللجوء السياسي ـ بعد رفض الطلب الأول للجوء ـ من التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه بمجرده ، ويخرج من دائرة الإسلام .. ؟!
... أقول : هذه الصورة المسؤول عنها ؛ وهي اضطرار المسلم ـ لينجو بنفسه من التعذيب والقتل ـ إلى طلب اللجوء والأمان في دار الكفر ، أو استئناف الطلب وتكراره في حال تم رفضه في أول مرة ، لا تعد من صور التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه ، ولا تأخذ صفته وحكمه . وما دام طلب اللجوء أو استئناف الطلب وتكراره ـ إذ لا فرق بينهما ـ تم تحت ظروف الاضطرار والإكراه التي أكرهته ابتداء على اللجوء إلى دار الكفر ، فإنه لا إثم عليه ولا حرج إن شاء الله ، وإليك برهان ذلك بشيء من التفصيل "
الرجل أعلن منذ البداية حق المسلم فى الهجرة إلى ديار الكفر خوفا على نفسه من القتل أو التعذيب فى بلده الأصلية ولا أقول بلده المسلم لأنه لا يوجد بلد مسلم فى العالم لأن كل بلاد العالم تحكم بغير حكم الله حتى ولو أعلنوا أنهم يحتكمون إلى الشرع وفى وقت نفسه هم أكفر الناس بدين الله كمن يتوارثون الحكم مدعين أنهم يطبقون الشرع
وقد بين حليمة أن عند تواجد دار الإسلام لا يجوز الهجرة منها فقال:
"... أولا : قبل أن نخوض في تفصيل الإجابة ، لا بد من الإشارة إلى أن المسلم لا يجوز له أن يقيم حرا مختارا في ديار الكفر عند توفر دار الإسلام الذي يأمن فيه على نفسه ودينه ؛ لأن مجرد دخوله وسكناه في ديار الكفر يعني حصول المخالفات الشرعية التي لا يمكن له دفعها ، ولأن ديار الكفر والشرك ليست هي الديار المناسبة لتحقيق سلامة العبادة والدين على الوجه الذي يرضاه ربنا سبحانه وتعالى ، ومن هنا جاءت النصوص الشرعية تحض على وجوب الهجرة من ديار الكفر إلى دار الإسلام كما في قوله تعالى : ( وقل لعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون )
فوسع الله تعالى الأرض ، وشرع الهجرة والضرب فيها لتحقيق سلامة العبادة والتوحيد ، وديار الكفر والشرك ليست هي الأرض المناسبة لذلك كما تقدم وقال تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم . قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض . قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) . فلم يعذرهم الله تعالى لأنهم كانوا قادرين على الهجرة ، ودعواهم أنهم كانوا مستضعفين في الأرض هو زعم ـ شدتهم إليه أواصر التراب ورغد العيش ـ لا حقيقة ، وإلا فإن الاستضعاف الحقيقي الصادق يقيل العثرات ، ويرفع التكليف إلى حين تحقق القدرة ، وهذا ظاهر في قوله تعالى : ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ) .. وفي الحديث فقد صح عن النبي (ص)أنه قال : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، ألا لا تراءى نارهما " . وقال (ص): " برئت الذمة ممن أقام مع المشركين في ديارهم " . وقال (ص): " إذا أبق العبد إلى الشرك فقد حل دمه " .."
ما قاله حليمه هنا صحيح فيما عدا أن الهجرات الأولى للمسلمين لم تكن إلى دار إسلام فالمدينة عندما هاجر لها المهاجرون الأوائل لم تكن تحكم بحكم الله وإنما كانت خليط متنوع من أصحاب الديانات المختلفة ولم تتحول لدار إسلام إلا بعد هجرة النبى(ص) وإقامته وهو والمسلمون فى منطقة معينة يحكمونها بحكم الله ويدافعون عنها والعجرة الأولى فى كتب التاريخ كانت لدار كفر فلم يكن هناك مسلم فيها سوى الحاكم وهو النجاشى وهو أسلم بعد هجرة المسلمين بها بسنوات وأما بقيتهم فكان معظمهم نصارى وهو ما قاله فى الفقرة التالية:
" أما إذا انعدم للإسلام دارا يأمن فيه المسلم على دينه ونفسه ـ كما هو حال المسلمين في هذا الزمان ـ الدار الذي يجد فيه المسلم الملاذ الآمن عندما تداهمه الخطوب والأخطار من كل حدب وصوب ، فحينها لا حرج عليه إن اضطر أن يهاجر من دار كفر إلى دار كفر آخر أقل كفرا وفتنة على دينه ونفسه وأهله ، كما حصل للصحابة عندما أمرهم النبي (ص)بالهجرة إلى الحبشة حيث فيها ملك لا يظلم عنده أحد ... فهم هاجروا من دار كفر يسود فيه الظلم والبطش والقتل لضعاف المسلمين إلى دار كفر آخر لكن تنتفي فيه مظاهر البطش والظلم السائدة يومئذ في مكة .
... قال ابن حزم في المحلى ( 12/125) : وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ، ولم يحارب المسلمين ، ولا أعانهم عليهم ، ولم يجد في المسلمين من يجيره ، فهذا لا شيء عليه لأنه مضطر مكره ... وقد ذكرنا أن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب ، كان عازما على أنه إن مات هشام بن عبد الملك لحق بأرض الروم ، لأن الوليد بن يزيد كان نذر دمه إن قدر عليه ، وهو كان الوالي بعد هشام ، فمن كان هكذا فهو معذور . .
... قلت : الزهري عالم من علماء السلف ، وابن حزم يقول عنه معذور رغم أنه كان سيهاجر من أرض الإسلام إلى أرض الكفر ودار الكفر ليدفع عن نفسه الظلم والقتل . وإذا كان الأمر كذلك فمن باب أولى أن يعذر المسلم عندما يهاجر ـ تحت ظروف الاضطرار والإكراه ـ من دار كفر إلى دار كفر آخر ليدفع عن نفسه القتل والظلم والقهر ، كما هو الحال في مسألتنا هذه ."
قطعا أى بلد يكون حاكمه ظالم أى كافر وإن كان يسمى باسم مسلم ويعلن أنه مسلم فهو بلد كفر طالما أنه لا يطلق حكم الله ومن ثم فالزهرى ودولة الأمويين التى لا وجود لها قرآنيا كانت دولة كفر فى دولة التاريخ هى وكل الدول التى تلتها فى المنطقة
ثم قال:
"... ثانيا : اعلم أنه ليس تحصيل كل حق ثابت لك عن طريق الكفار هو ضرب من ضروب التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه جراءه ، ولمجرد تحصيلك للحق عن طريق الكفار ومحاكمهم ، والدليل على ذلك مارواه البخاري في الأدب المفرد ، عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله (ص)قال : " شهدت مع عمومتي حلف المطيبين ، فما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم " . [ صحيح الأدب المفرد : 441] .
... قال ابن الأثير في النهاية : اجتمع بنو هاشم ، وبنو زهرة ، وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية ، وجعلوا طيبا في جفنة ، وغمسوا أيديهم فيه ، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم ، فسموا المطيبين . انتهى .
... قلت : رغم أن هذا الحلف تتوفر فيه عناصر الحكم والتحاكم من فض للنزاعات بين الظالم والمظلوم ، وأن القائمين على هذه المهمة هم من أكابر المشركين ، فإن النبي (ص)قد أثنى عليه خيرا ، وما أحب أن ينقضه ولو بحمر النعم ، لقيامه على معنى صحيح لا يتعارض مع الشرع ، وهو إنصاف المظلوم من الظالم .... وبالتالي لايجوز لأحد ـ إلا إذا آثر الكفر على الإيمان ـ أن يقول أن النبي (ص)قد أقر التحاكم إلى الطاغوت ؛ لأن القائمين على حلف المطيبين كانوا من الكفار المشركين .... كما لا يجوز أن يعتبره من الأحكام المنسوخة لعدم اكتمال الدين وقتئذ ؛ لأن القضية ـ على زعم القوم ـ إذا كانت من التوحيد ومن لوازمه وشروطه ، فهذا مكتمل ومعلوم من أول يوم نزلت " لا إله إلا الله " على محمد (ص).... وعليه ليس كل فض نزاع بين طرفين ـ وإن سمي تحاكما لغة ـ يجوز أن يعتبر من التحاكم إلى الطاغوت المناقض للتوحيد والذي يكفر صاحبه ... لذا نقول : لا يجوز لأحد أن يشير إلى مسلم ـ في حال غياب المحكمة أو الجهة الإسلامية القادرة على إنصافه من ظالمه واسترداد حقه ـ يسترد حقه المغصوب عن طريق الكفار ، أن يصفه بالكفر لأنه أراد التحاكم إلى الطاغوت ، كما يفعل ذلك بعض الجهلة الملوثين بالغلو في هذا الزمان ..
... يقول صاحب كتاب [ ضوابط التكفير : 174] : ولا يلزم من هذا أن كل من تحاكم إلى المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية لا بد أن يكون كافرأ ، بل قد يضطر المسلم لتخليص حقوقه ونحو ذلك إلى التحاكم إليها مع عدم رضاه عنها ، فلا يكون كافرا بل يكون حكمه حكم المضطر . .
... هذا من وجه ، ومن وجه آخر فقد تضافرت أدلة الشريعة التي تلزم المسلم باختيار أهون الشرين عند إلزامه بأمرين كلاهما شر ، وهذا يتكرر بكثرة في زماننا بسبب غياب دولة الإسلام ، وغياب المحاكم الشرعية التي تحكم المسلمين بالإسلام ، ومثل هذا ـ لاختياره الشر الذي هو أهون الشرين ـ لا يجوز أن يوصف بأنه راض بحكم الطاغوت ، لأنه اختار ما ليس في دين الله ...."
قطعا المسلم المظلوم المضطر للتحاكم إلى الكفار لنيل حقه ليس كافرا لأنه لا يجد حكم الله فى مكان ما فى العالم وبعض من احكام الكفر موافق للإسلام
ثم بين ضوابط التحاكم فقال :
" ولضبط المسألة فإننا نلخص ما تقدم في النقاط التالية :
... 1ـ لا يجوز لمسلم أن يتحاكم إلى الحاكم الكافر عند وجود الحاكم المسلم الذي يستطيع أن يرد له حقه وينصفه من ظالمه .
... 2ـ لا يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى الحاكم الكافر فيما يضاهي ويضاد شرع الله إلا وهو مكره ، ولحكم الطاغوت كاره مبغض ، وغير راض به
... 3ـ إذا اغتصب حق المسلم ولم يجد وسيلة لإعادة حقه إلا الحاكم الكافر ، له أن يحصل على حقه عن طريقه . .
... 4ـ نرى من العزيمة والأفضل أن يضحي المسلم ـ وبخاصة إن كان من الخواص والأعلام ـ بحقه إن كان محتملا ، ولا يمتثل أمام الحاكم الكافر ، وهذا أمر نستحسنه ولا نلزم به مجموع الأمة ، للضرر العام المترتب على ذلك ، والمسألة مرتبطة بنوع وحجم الحق المغتصب ، فلا يعقل أن يقال لمن خطف له ولده لا يجوز لك أن تشتكي إلى الشرطي الكافر ـ أو الحاكم الكافر فلا فرق ـ ليسترد إليك ولدك من خاطفيه لأن هذا نوع من التحاكم إلى الطاغوت"
وما قاله هنا كلام صحيح ثم بين المسألة موضوع الكتاب فقال:
"... ثالثا : لكي ندرك هل الاستئناف في طلب اللجوء من التحاكم المكفر أم لا ، لا بد من أن نقف على صفة التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه ، وصفة الاستئناف في طلب اللجوء لنرى هل يحمل هذا على ذاك ، وإليك ذلك .
... قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) .
... قال ابن جرير الطبري : يعني بذلك جل ثناؤه ( ألم تر ) يا محمد بقلبك فتعلم إلى الذين يزعمون أنهم صدقوا بما أنزل إليك من الكتاب ، وإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل من قبلك من الكتب ، يريدون أن يتحاكموا في خصومتهم إلى الطاغوت ، يعني إلى من يعظمونه ، ويصدرون عن قوله ، ويرضون بحكمه من دون حكم الله ، ( وقد أمروا أن يكفروا به ) يقول : وقد أمرهم الله أن يكذبوا بما جاءهم به الطاغوت الذي يتحاكمون إليه ، فتركوا أمر الله واتبعوا أمر الشيطان ، ( ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) يعني أن الشيطان يريد أن يصد هؤلاء المتحاكمين إلى الطاغوت عن سبيل الحق والهدى ، فيضلهم عنها ضلالا بعيدا .... وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل من المنافقين دعا رجلا من اليهود في خصومة كانت بينهما إلى بعض الكهان ، ليحكم بينهم ورسول الله (ص)بين أظهرهم وقيل أن الكاهن هو أبو بردة الكاهن الأسلمي ، وقيل أن المراد بالطاغوت في هذا الموضع هو اليهودي كعب بن الأشرف . وقد أسند ابن جرير الآثار التي تدل على ذلك فانظرها.
... ثم قال رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله ) يعني بذلك ( وإذا قيل لهم تعالوا ) هلموا إلى حكم الله الذي أنزله في كتابه ، وإلى الرسول ليحكم بيننا ، ( رأيت المنافقين يصدون عنك ) يعني بذلك : يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم ، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم . انتهى .
... وقال ابن كثير في التفسير : هذا إنكار من الله عز وجل على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ، كما ذكر في سبب نزول هذه الآية أنها في رجل من الأنصار ، ورجل من اليهود تخاصما فجعل اليهودي يقول بيني وبينك محمد ، وذاك يقول بيني وبينك كعب بن الأشرف . وقيل في جماعة من المنافقين ممن أظهروا الإسلام أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية . وقيل غير ذلك ، والآية أعم من ذلك كله فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة ، وتحاكموا إلى ماسواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت هنا . وقوله : ( ويصدون عنك صدودا ) أي يعرضون عنك إعراضا كالمستكبرين عن ذلك . "
مما سبق نجد أن أسباب النزول متضاربة ومتناقضة والمفهوم من الآية أنهم من أهل الكتاب الذين أعلنوا إسلامهم لإبمانهم بالمنزل هلى النبى(ص) والمنزل عليهم وأنهم ارادوا التحاكم إلى دين كافر على يد كافر
ثم قارن حليمة بين المتحاكم للطاغوت وبين مستأنف طلب اللجوء السياسى لبلاد الكفر فقال:
"وعليه فإننا نقول : من أعرض وصد عن حكم الله ورسوله ، وعدل أو آثر وقدم ـ حرا مختارا ـ حكم الطاغوت على حكم الله ورسوله ، وأراد أن يتحاكم إليه من دون الله ورسوله مع تيسر المحاكم الإسلامية التي تحكم له بحكم الله ورسوله ، فهذا نقول فيه : أنه أراد أن يتحاكم إلى الطاغوت ، وهو كافر بتحاكمه ذلك ، وعليه وعلى أمثاله نحمل الآية الكريمة ، وأقوال أهل العلم المتقدم ذكرها ... والآن فلننظر إلى المستأنف في طلب اللجوء ، ونجري مقارنة بينه وبين المتحاكم إلى الطاغوت المراد في الآية الكريمة، والتي نص أهل العلم على كفره، ثم نرى هل يحمل عليه وصف
وحكم المتحاكم إلى الطاغوت أم لا ؟
... 1ـ المستأنف في طلب اللجوء يستأنف وهو مكره مضطر إذ لا سبيل له غير ذلك ، بينما المتحاكم إلى الطاغوت يحتكم إلى الطاغوت حرا مختارا وعن رضى وإرادة ..
... 2ـ المستأنف إذ يستأنف فهو ليؤكد للطرف الآخر أنه ممن لهم الحق في طلب الأمان ، وهذا أمر لا يتعارض مع دين الله وحكمه في شيء ، وهو مما كان يمارسه ـ أي طلب الأمان والجوار من الكفار والمشركين ـ الصحابة والمسلمون الأوائل عند توفر دواعيه وأسبابه ، بينما المتحاكم إلى الطاغوت يتحاكم في أمور تضاهي وتعارض حكم الله ورسوله ..
... 3ـ المستأنف في حقيقته هو طرف واحد ، إذ لا يوجد نزاع حقيقي بينه وبين أي طرف آخر ، بينما المتحاكم إلى الطاغوت كما هو ظاهر في نزاع وخصام مع طرف آخر ..
... 4ـ المتحاكم إلى الطاغوت يختار حرا غير مكره حكم الطاغوت ويقدمه ويؤثره على حكم الله ورسوله ، وهذا الوصف كما هوظاهر لا يجرى على المستأنف في طلب اللجوء ..
... 5ـ المتحاكم إلى الطاغوت يؤثر حكم الطاغوت ومحاكمه ، مع تيسر نزوله على حكم الله ورسوله ووجود المحاكم الشرعية التي تحكم له بحكم الله ورسوله ، وهذا الوصف لا يجرى على المستأنف لأنه في قضيته ليس له وجهة سوى الجهة التي يطلب عندها اللجوء ..
... 6ـ المتحاكم إلى الطاغوت يتصف بالصد والإعراض عن حكم الله ورسوله ، وأين المستأنف وحاله من هذا الوصف .... فإذا تبين أن أيا من أوصاف المتحاكم إلى الطاغوت لا تحمل على المستأنف في طلب اللجوء ، جزمنا أنه لا يصح ولا يجوز أن يحمل حكم المتحاكم إلى الطاغوت على المستأنف لطلب اللجوء .."
وما قاله حليمة هو تحليل صحبح خلاصته أن المتحاكم للطاغوت فى الاية حر أمامه الحاكم المسلم وذهب للكفار طوعا دون إكره بينما مستأنف طلب اللجوء مكره على ذلك حماية لدينه ونفسه
ثم بين حليمة أن هناك قوانين فى دول الكفر لا تتعارض مع الإسلام فقال:
".. رابعا : الاحتكام إلى القوانين الوضعية ذات الطابع الإداري والتنظيمي ، والتي لا تتعارض مع دين الله وشرعه في شيء ، لايعد ذلك من ضروب التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه.... يقول الشنقيطي في أضواء البيان ( 4/84) : اعلم أنه يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بخالق السماوات والأرض ، وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك ... وإيضاح ذلك أن النظام قسمان : إداري ، وشرعي . أما الإداري الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع ، فهذا لا مانع منه ، ولا مخالف فيه من الصحابة ، فمن بعدهم . وقد عمل عمر من ذلك أشياء كثيرة ما كانت في زمن النبي (ص)، ككتبه أسماء الجند في ديوان لأجل الضبط ، ومعرفة من غاب ومن حضر ، وكاشترائه ـ أعني عمر ـ دار صفوان بن أمية وجعله إياها سجنا في مكة
المكرمة ، مع أنه (ص)لم يتخذ سجنا هو ولا أبو بكر . فمثل هذا من الأمور الإدارية التي تفعل لإتقان الأمور مما لايخالف الشرع لا بأس به ، كتنظيم شؤون الموظفين ،وتنظيم إدارة الأعمال على وجه لا يخالف الشرع ، فهذا النوع من الأنظمة الوضعية لا بأس به ، ولا يخرج عن قواعد الشرع من مراعاة المصالح العامة "
قطعا ما ثيب من أفعال عمر لم يحدث وأما عن تقسيم الحكم لشرعى وإدارة فهذا من ضمن الخبل فكل الحكم فى الإسلام شرعى وأما توافقات الأديان فليست مما يسمى إدارى فهناك أحكام متشابهة بين الإسلام مثلا واليهودية كما فى توحيد الله وقتل القاتل وتحريم الزنى وهناك أحكام متشابعة بين افسلام والنصرانية كما فى تحريم القتل والزنى وهكذا نجد أحكام متوافقة قليلة بين الإسلام وكل دين
وهناك أحكام إدارية فى بلاد الكفار تسمى كفرية لمخالفتها الإسلام
ثم قال :
"... قلت : ومن يتأمل قوانين اللجوء والاستئناف المعمول بها في بلاد الغرب ـ بحسب ما أعلم ـ يجدها لا تخرج عن كونها قوانين تنظيمية وإدارية تنظم عملية اللجوء وشؤون اللاجئين وما لهم من حقوق ، وبالتالي لا يجوز تحميل المعاني مالا تحتمل وإقحام التحاكم إلى الطاغوت الذي هو كفر بخالق السماوات والأرض في هذا النوع من التحاكم ، والله تعالى أعلم ."
وأدخلنا حليمة فى موضوع أخر بعيد عن موضوع الكتاب وهو كون الاحتكام فى الألعاب الرياضية هو احتكام إلى الطاغوت فقال :
"... ومن شذوذات القوم وإسرافهم في الأمر ـ كما سمعنا بذلك مؤخرا ـ إنه يوجد من يعد
الاحتكام إلى قوانين كرة القدم ، وإلى الحكم الكافر الذي يحكم اللعب ،كفر ، وهو من ضروب التحاكم إلى الطاغوت .... وفات هؤلاء الجهلة أن لعبة الشطرنج وما تخضع له من قوانين وأحكام كانت موجودة في عهد السلف وكان منهم من يمارسها ، وما كانوا يعدونها من ضروب التحاكم إلى الطاغوت . حقا إن الإفراط والغلو أخو التفريط ، وكلاهما ممقوت في الشرع ، وتشمئز منهما النفوس السوية المؤمنة، ولا ندري مسلسل شذوذات القوم بماذا تطالعناغدا وإلىأين ستنتهي بهم؟!"
قطعا الألعاب الرياضة بأشكالها الحالية هى نوع من أنواع الكفر لأنها عملية تجارية فى المقام الأول وليست رياضةفالرياضة المراد منها فى الإسلام إعداد القوة البدنية وبيس ممارسة ألعاب لا تفيد المسلم بشىء ككرة القدم أو تنس الطاولة أو التنس او الكرة الطائرة أو السلة فكل هذه الأعاب وغيرها من المتواجد على الساحة ليس مفيدا وإنما المفيد هو ممارسة الألعاب المؤدية لقوة الجسم مثل الجرى والقفز والسباحة وغيرها وهى لا تؤدى فى صورة مباريات وإنما كتدريبات فليس الغرض منها المنافسة ولا الحصول على مراكز أو أموال وليس فيها دوريات أو كئوس
ما يجرى فى الرياضة حاليا على مستوى العالم ليس رياضة وإنما هى تجارة وإعادة لعصر العبيد الذين يباعون ويشترون يغرض الكسب من المغفلين الذين هم المشجعون
ثم قال :
"... خامسا : لا نرى فرقا ـ من حيث عملية التحاكم ـ بين إجراءات طلب اللجوء لأول مرة ، وبين استئناف الطلب عند رفضه ، وربما الذي يميز عملية استئناف الطلب هو قيام مزيد من الحجج الظاهرة والمدعمة بالوثائق والأدلة التي تثبت أن لصاحب الطلب الحق في الحصول على الأمان في الدولة التي حصل اللجوء إليها ، وهذا قد فعل شيئا منه عند طلبه للجوء أول مرة ، فعلام إثارة الزوابع والتفريق بين الحالتين من حيث الجواز ، فيقولون : طلب اللجوء أول مرة جائز ، بينما استئناف الطلب غير جائز وهو كفر لأنه تحاكم إلى الطاغوت ، علما أن نفس إجراءات التحاكم التي تحصل للمستأنف تحصل لطالب اللجوء أول مرة "
حليمة محق هنا فى القول أن الطلب الأول كالثانة متشابهان فى المراد ومن ثم لا خلاف بينهما ثم قال:
"... سادسا : من يتأمل قصة لجوء الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إلى النجاشي يجد أنهم قد اضطروا ـ بعد لجوئهم الأول ونزولهم في ديار الحبشة ـ للمثول أمام الحاكم النجاشي ـ الكافر يومئذ ـ مرتين بسبب مطالبة كفار قريش بهم ، وللذود عن حقهم في إبطال مزاعم قريش الباطلة... ـ علما أنه ليس للمسلم أية حقوق شرعية يستطيع أن يلزم بها الكفار عند لجوئه إليهم ، وطلبه الأمان منهم ، وما يتحصل عليه من حقوق في ديارهم هو من إنصاف القوم وعدلهم، وهذه الشهادة منا لا ينبغي أن يصدنا عنها عداوة القوم وشنآنهم لنا .
فيهم ، وكانوا في كل مرة احتمال تسليمهم إلى كفار قريش واردا في حال كانت حجتهم ضاهضة وواهية أمام مزاعم قريش التي وشوا بها إلى الملك ... وبعد انتهاء الجلسة الثانية وظهور الصحابة على خصومهم كفار قريش أمام الملك ، تقول أم سلمة زوج النبي (ص): فخرجا ـ أي عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة ـ من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده في خير دار مع خير جار... والشاهد من هذه القصة أن تكرار الجلسة في مجلس قضاء الملك مرتين وفي زمانين مختلفين ، وفي حضور الخصوم وجميع الأطراف ، هو نفسه ما يسمى في زماننا بالاستئناف ، فهل يصح أن يقال في صحابة رسول الله (ص)أنهم بذلك قد تحاكموا إلى الطاغوت وكفروا .. اللهم لا ، وألف لا .
... سابعا : في حال عدم الاستئناف يعني ذاك المجهول الذي قد يترتب عليه القتل ، أو السجن وانتهاك الحرمات ، وهي مشقة لا يكلف الله بها ... لذا فإن المستأنف إذ يقوم بما يقوم به فهو في حقيقته يتم كله تحت ظروف الاضطرار والإكراه ، وإن كان الإكراه على المنظور القريب غير محقق ، لكنه على المنظور البعيد فإنه محقق ولا بد ، وهو من الإكراه المعتبر .. أعد إن شئت قراءة ما قاله ابن حزم : " وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه .. فهذا لا شيء عليه لأنه مضطر مكره " ، فاعتبر الإكراه علما أنه غير محقق على صاحبه في المنظور القريب ."
وما قاله حليمة هنا صحيح طبقا للاستشهاد بالتاريخ ومن ثم انتهى إلى التالى:
"... وبعد ، لأجل هذه الأوجه السبع الآنفة الذكر ، أفدنا في أول المقال أن الذي يستأنف طلب اللجوء لينجو بنفسه ودينه من ظلم وبطش الطواغيت ، أنه لا حرج عليه ، ولا يجوز أن تحمل عليه حكم الذي يتحاكم إلى الطاغوت ، والنصوص الشرعية الواردة في هذا الشأن .
... ثم ليس من الفقه التشدد والتكلف في مواضع الضيق والشدة والعسر ، كما أنه ليس من الفقه التساهل وإعمال فقه التيسير في مواضع التفريط ، والتميع واللامبالاة ، والقاعدة الفقهية تقول : " إذا ضاقت اتسعت ، وإذا اتسعت ضاقت " . " والمشقة تجلب التيسير " .
... بينما فقهاء أهل الغلو والتنطع يعملون القاعدة بالعكس : إذا ضاقت وتعسرت ، ضاقت وازدادت عسرا وخناقا ، والمشقة تجلب المشقات .. والضحية دائما هم الشباب "
الكلام صحيح فيجوز تحاكم المسلم فى بلاد الكفر مضطرا لحمايه نفسه من التعذيب والقتل فى بلاده وهو هنا مثل الرجل الذى تزوج زوجتين كلتيهما مؤذية له ولكن اختار الحياة مع الأقل ضررا منهما
الكتاب تأليف عبد المنعم مصطفى حليمة وهو يدور حول لجوء المسلم لدولة كافرة وهو ما يسمى اللجوء السياسى وفى هذا قال:
" وبعد .فإن بين الفينة والأخرى تطفو على الساحة مسائل ـ تشغل الشباب عن جادة الحق والصواب ، وعن الأوكد والأهم والأولى ـ لاتدري كيف ظهرت ، ومن أين بدأت ، ومن وراءها ،... من هذه المسائل ، مسألتنا هذه التي شغلت عددا كبيرا من الشباب المسلم ـ المكره على الإقامة في ديار المهجر في بلاد الغرب ـ وأقلقت بالهم خوفا على دينهم وإيمانهم ، وهي : هل يعد الاستئناف لطلب اللجوء السياسي ـ بعد رفض الطلب الأول للجوء ـ من التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه بمجرده ، ويخرج من دائرة الإسلام .. ؟!
... أقول : هذه الصورة المسؤول عنها ؛ وهي اضطرار المسلم ـ لينجو بنفسه من التعذيب والقتل ـ إلى طلب اللجوء والأمان في دار الكفر ، أو استئناف الطلب وتكراره في حال تم رفضه في أول مرة ، لا تعد من صور التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه ، ولا تأخذ صفته وحكمه . وما دام طلب اللجوء أو استئناف الطلب وتكراره ـ إذ لا فرق بينهما ـ تم تحت ظروف الاضطرار والإكراه التي أكرهته ابتداء على اللجوء إلى دار الكفر ، فإنه لا إثم عليه ولا حرج إن شاء الله ، وإليك برهان ذلك بشيء من التفصيل "
الرجل أعلن منذ البداية حق المسلم فى الهجرة إلى ديار الكفر خوفا على نفسه من القتل أو التعذيب فى بلده الأصلية ولا أقول بلده المسلم لأنه لا يوجد بلد مسلم فى العالم لأن كل بلاد العالم تحكم بغير حكم الله حتى ولو أعلنوا أنهم يحتكمون إلى الشرع وفى وقت نفسه هم أكفر الناس بدين الله كمن يتوارثون الحكم مدعين أنهم يطبقون الشرع
وقد بين حليمة أن عند تواجد دار الإسلام لا يجوز الهجرة منها فقال:
"... أولا : قبل أن نخوض في تفصيل الإجابة ، لا بد من الإشارة إلى أن المسلم لا يجوز له أن يقيم حرا مختارا في ديار الكفر عند توفر دار الإسلام الذي يأمن فيه على نفسه ودينه ؛ لأن مجرد دخوله وسكناه في ديار الكفر يعني حصول المخالفات الشرعية التي لا يمكن له دفعها ، ولأن ديار الكفر والشرك ليست هي الديار المناسبة لتحقيق سلامة العبادة والدين على الوجه الذي يرضاه ربنا سبحانه وتعالى ، ومن هنا جاءت النصوص الشرعية تحض على وجوب الهجرة من ديار الكفر إلى دار الإسلام كما في قوله تعالى : ( وقل لعبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون )
فوسع الله تعالى الأرض ، وشرع الهجرة والضرب فيها لتحقيق سلامة العبادة والتوحيد ، وديار الكفر والشرك ليست هي الأرض المناسبة لذلك كما تقدم وقال تعالى : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم . قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض . قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) . فلم يعذرهم الله تعالى لأنهم كانوا قادرين على الهجرة ، ودعواهم أنهم كانوا مستضعفين في الأرض هو زعم ـ شدتهم إليه أواصر التراب ورغد العيش ـ لا حقيقة ، وإلا فإن الاستضعاف الحقيقي الصادق يقيل العثرات ، ويرفع التكليف إلى حين تحقق القدرة ، وهذا ظاهر في قوله تعالى : ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا ) .. وفي الحديث فقد صح عن النبي (ص)أنه قال : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين ، ألا لا تراءى نارهما " . وقال (ص): " برئت الذمة ممن أقام مع المشركين في ديارهم " . وقال (ص): " إذا أبق العبد إلى الشرك فقد حل دمه " .."
ما قاله حليمه هنا صحيح فيما عدا أن الهجرات الأولى للمسلمين لم تكن إلى دار إسلام فالمدينة عندما هاجر لها المهاجرون الأوائل لم تكن تحكم بحكم الله وإنما كانت خليط متنوع من أصحاب الديانات المختلفة ولم تتحول لدار إسلام إلا بعد هجرة النبى(ص) وإقامته وهو والمسلمون فى منطقة معينة يحكمونها بحكم الله ويدافعون عنها والعجرة الأولى فى كتب التاريخ كانت لدار كفر فلم يكن هناك مسلم فيها سوى الحاكم وهو النجاشى وهو أسلم بعد هجرة المسلمين بها بسنوات وأما بقيتهم فكان معظمهم نصارى وهو ما قاله فى الفقرة التالية:
" أما إذا انعدم للإسلام دارا يأمن فيه المسلم على دينه ونفسه ـ كما هو حال المسلمين في هذا الزمان ـ الدار الذي يجد فيه المسلم الملاذ الآمن عندما تداهمه الخطوب والأخطار من كل حدب وصوب ، فحينها لا حرج عليه إن اضطر أن يهاجر من دار كفر إلى دار كفر آخر أقل كفرا وفتنة على دينه ونفسه وأهله ، كما حصل للصحابة عندما أمرهم النبي (ص)بالهجرة إلى الحبشة حيث فيها ملك لا يظلم عنده أحد ... فهم هاجروا من دار كفر يسود فيه الظلم والبطش والقتل لضعاف المسلمين إلى دار كفر آخر لكن تنتفي فيه مظاهر البطش والظلم السائدة يومئذ في مكة .
... قال ابن حزم في المحلى ( 12/125) : وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه ، ولم يحارب المسلمين ، ولا أعانهم عليهم ، ولم يجد في المسلمين من يجيره ، فهذا لا شيء عليه لأنه مضطر مكره ... وقد ذكرنا أن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب ، كان عازما على أنه إن مات هشام بن عبد الملك لحق بأرض الروم ، لأن الوليد بن يزيد كان نذر دمه إن قدر عليه ، وهو كان الوالي بعد هشام ، فمن كان هكذا فهو معذور . .
... قلت : الزهري عالم من علماء السلف ، وابن حزم يقول عنه معذور رغم أنه كان سيهاجر من أرض الإسلام إلى أرض الكفر ودار الكفر ليدفع عن نفسه الظلم والقتل . وإذا كان الأمر كذلك فمن باب أولى أن يعذر المسلم عندما يهاجر ـ تحت ظروف الاضطرار والإكراه ـ من دار كفر إلى دار كفر آخر ليدفع عن نفسه القتل والظلم والقهر ، كما هو الحال في مسألتنا هذه ."
قطعا أى بلد يكون حاكمه ظالم أى كافر وإن كان يسمى باسم مسلم ويعلن أنه مسلم فهو بلد كفر طالما أنه لا يطلق حكم الله ومن ثم فالزهرى ودولة الأمويين التى لا وجود لها قرآنيا كانت دولة كفر فى دولة التاريخ هى وكل الدول التى تلتها فى المنطقة
ثم قال:
"... ثانيا : اعلم أنه ليس تحصيل كل حق ثابت لك عن طريق الكفار هو ضرب من ضروب التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه جراءه ، ولمجرد تحصيلك للحق عن طريق الكفار ومحاكمهم ، والدليل على ذلك مارواه البخاري في الأدب المفرد ، عن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله (ص)قال : " شهدت مع عمومتي حلف المطيبين ، فما أحب أن أنكثه وأن لي حمر النعم " . [ صحيح الأدب المفرد : 441] .
... قال ابن الأثير في النهاية : اجتمع بنو هاشم ، وبنو زهرة ، وتيم في دار ابن جدعان في الجاهلية ، وجعلوا طيبا في جفنة ، وغمسوا أيديهم فيه ، وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم ، فسموا المطيبين . انتهى .
... قلت : رغم أن هذا الحلف تتوفر فيه عناصر الحكم والتحاكم من فض للنزاعات بين الظالم والمظلوم ، وأن القائمين على هذه المهمة هم من أكابر المشركين ، فإن النبي (ص)قد أثنى عليه خيرا ، وما أحب أن ينقضه ولو بحمر النعم ، لقيامه على معنى صحيح لا يتعارض مع الشرع ، وهو إنصاف المظلوم من الظالم .... وبالتالي لايجوز لأحد ـ إلا إذا آثر الكفر على الإيمان ـ أن يقول أن النبي (ص)قد أقر التحاكم إلى الطاغوت ؛ لأن القائمين على حلف المطيبين كانوا من الكفار المشركين .... كما لا يجوز أن يعتبره من الأحكام المنسوخة لعدم اكتمال الدين وقتئذ ؛ لأن القضية ـ على زعم القوم ـ إذا كانت من التوحيد ومن لوازمه وشروطه ، فهذا مكتمل ومعلوم من أول يوم نزلت " لا إله إلا الله " على محمد (ص).... وعليه ليس كل فض نزاع بين طرفين ـ وإن سمي تحاكما لغة ـ يجوز أن يعتبر من التحاكم إلى الطاغوت المناقض للتوحيد والذي يكفر صاحبه ... لذا نقول : لا يجوز لأحد أن يشير إلى مسلم ـ في حال غياب المحكمة أو الجهة الإسلامية القادرة على إنصافه من ظالمه واسترداد حقه ـ يسترد حقه المغصوب عن طريق الكفار ، أن يصفه بالكفر لأنه أراد التحاكم إلى الطاغوت ، كما يفعل ذلك بعض الجهلة الملوثين بالغلو في هذا الزمان ..
... يقول صاحب كتاب [ ضوابط التكفير : 174] : ولا يلزم من هذا أن كل من تحاكم إلى المحاكم التي تحكم بالقوانين الوضعية لا بد أن يكون كافرأ ، بل قد يضطر المسلم لتخليص حقوقه ونحو ذلك إلى التحاكم إليها مع عدم رضاه عنها ، فلا يكون كافرا بل يكون حكمه حكم المضطر . .
... هذا من وجه ، ومن وجه آخر فقد تضافرت أدلة الشريعة التي تلزم المسلم باختيار أهون الشرين عند إلزامه بأمرين كلاهما شر ، وهذا يتكرر بكثرة في زماننا بسبب غياب دولة الإسلام ، وغياب المحاكم الشرعية التي تحكم المسلمين بالإسلام ، ومثل هذا ـ لاختياره الشر الذي هو أهون الشرين ـ لا يجوز أن يوصف بأنه راض بحكم الطاغوت ، لأنه اختار ما ليس في دين الله ...."
قطعا المسلم المظلوم المضطر للتحاكم إلى الكفار لنيل حقه ليس كافرا لأنه لا يجد حكم الله فى مكان ما فى العالم وبعض من احكام الكفر موافق للإسلام
ثم بين ضوابط التحاكم فقال :
" ولضبط المسألة فإننا نلخص ما تقدم في النقاط التالية :
... 1ـ لا يجوز لمسلم أن يتحاكم إلى الحاكم الكافر عند وجود الحاكم المسلم الذي يستطيع أن يرد له حقه وينصفه من ظالمه .
... 2ـ لا يجوز للمسلم أن يتحاكم إلى الحاكم الكافر فيما يضاهي ويضاد شرع الله إلا وهو مكره ، ولحكم الطاغوت كاره مبغض ، وغير راض به
... 3ـ إذا اغتصب حق المسلم ولم يجد وسيلة لإعادة حقه إلا الحاكم الكافر ، له أن يحصل على حقه عن طريقه . .
... 4ـ نرى من العزيمة والأفضل أن يضحي المسلم ـ وبخاصة إن كان من الخواص والأعلام ـ بحقه إن كان محتملا ، ولا يمتثل أمام الحاكم الكافر ، وهذا أمر نستحسنه ولا نلزم به مجموع الأمة ، للضرر العام المترتب على ذلك ، والمسألة مرتبطة بنوع وحجم الحق المغتصب ، فلا يعقل أن يقال لمن خطف له ولده لا يجوز لك أن تشتكي إلى الشرطي الكافر ـ أو الحاكم الكافر فلا فرق ـ ليسترد إليك ولدك من خاطفيه لأن هذا نوع من التحاكم إلى الطاغوت"
وما قاله هنا كلام صحيح ثم بين المسألة موضوع الكتاب فقال:
"... ثالثا : لكي ندرك هل الاستئناف في طلب اللجوء من التحاكم المكفر أم لا ، لا بد من أن نقف على صفة التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه ، وصفة الاستئناف في طلب اللجوء لنرى هل يحمل هذا على ذاك ، وإليك ذلك .
... قال تعالى : ( ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا . وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا ) .
... قال ابن جرير الطبري : يعني بذلك جل ثناؤه ( ألم تر ) يا محمد بقلبك فتعلم إلى الذين يزعمون أنهم صدقوا بما أنزل إليك من الكتاب ، وإلى الذين يزعمون أنهم آمنوا بما أنزل من قبلك من الكتب ، يريدون أن يتحاكموا في خصومتهم إلى الطاغوت ، يعني إلى من يعظمونه ، ويصدرون عن قوله ، ويرضون بحكمه من دون حكم الله ، ( وقد أمروا أن يكفروا به ) يقول : وقد أمرهم الله أن يكذبوا بما جاءهم به الطاغوت الذي يتحاكمون إليه ، فتركوا أمر الله واتبعوا أمر الشيطان ، ( ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا ) يعني أن الشيطان يريد أن يصد هؤلاء المتحاكمين إلى الطاغوت عن سبيل الحق والهدى ، فيضلهم عنها ضلالا بعيدا .... وقد ذكر أن هذه الآية نزلت في رجل من المنافقين دعا رجلا من اليهود في خصومة كانت بينهما إلى بعض الكهان ، ليحكم بينهم ورسول الله (ص)بين أظهرهم وقيل أن الكاهن هو أبو بردة الكاهن الأسلمي ، وقيل أن المراد بالطاغوت في هذا الموضع هو اليهودي كعب بن الأشرف . وقد أسند ابن جرير الآثار التي تدل على ذلك فانظرها.
... ثم قال رحمه الله في تفسير قوله تعالى : ( وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله ) يعني بذلك ( وإذا قيل لهم تعالوا ) هلموا إلى حكم الله الذي أنزله في كتابه ، وإلى الرسول ليحكم بيننا ، ( رأيت المنافقين يصدون عنك ) يعني بذلك : يمتنعون من المصير إليك لتحكم بينهم ، ويمنعون من المصير إليك كذلك غيرهم . انتهى .
... وقال ابن كثير في التفسير : هذا إنكار من الله عز وجل على من يدعي الإيمان بما أنزل الله على رسوله وعلى الأنبياء الأقدمين وهو مع ذلك يريد أن يتحاكم في فصل الخصومات إلى غير كتاب الله وسنة رسوله ، كما ذكر في سبب نزول هذه الآية أنها في رجل من الأنصار ، ورجل من اليهود تخاصما فجعل اليهودي يقول بيني وبينك محمد ، وذاك يقول بيني وبينك كعب بن الأشرف . وقيل في جماعة من المنافقين ممن أظهروا الإسلام أرادوا أن يتحاكموا إلى حكام الجاهلية . وقيل غير ذلك ، والآية أعم من ذلك كله فإنها ذامة لمن عدل عن الكتاب والسنة ، وتحاكموا إلى ماسواهما من الباطل وهو المراد بالطاغوت هنا . وقوله : ( ويصدون عنك صدودا ) أي يعرضون عنك إعراضا كالمستكبرين عن ذلك . "
مما سبق نجد أن أسباب النزول متضاربة ومتناقضة والمفهوم من الآية أنهم من أهل الكتاب الذين أعلنوا إسلامهم لإبمانهم بالمنزل هلى النبى(ص) والمنزل عليهم وأنهم ارادوا التحاكم إلى دين كافر على يد كافر
ثم قارن حليمة بين المتحاكم للطاغوت وبين مستأنف طلب اللجوء السياسى لبلاد الكفر فقال:
"وعليه فإننا نقول : من أعرض وصد عن حكم الله ورسوله ، وعدل أو آثر وقدم ـ حرا مختارا ـ حكم الطاغوت على حكم الله ورسوله ، وأراد أن يتحاكم إليه من دون الله ورسوله مع تيسر المحاكم الإسلامية التي تحكم له بحكم الله ورسوله ، فهذا نقول فيه : أنه أراد أن يتحاكم إلى الطاغوت ، وهو كافر بتحاكمه ذلك ، وعليه وعلى أمثاله نحمل الآية الكريمة ، وأقوال أهل العلم المتقدم ذكرها ... والآن فلننظر إلى المستأنف في طلب اللجوء ، ونجري مقارنة بينه وبين المتحاكم إلى الطاغوت المراد في الآية الكريمة، والتي نص أهل العلم على كفره، ثم نرى هل يحمل عليه وصف
وحكم المتحاكم إلى الطاغوت أم لا ؟
... 1ـ المستأنف في طلب اللجوء يستأنف وهو مكره مضطر إذ لا سبيل له غير ذلك ، بينما المتحاكم إلى الطاغوت يحتكم إلى الطاغوت حرا مختارا وعن رضى وإرادة ..
... 2ـ المستأنف إذ يستأنف فهو ليؤكد للطرف الآخر أنه ممن لهم الحق في طلب الأمان ، وهذا أمر لا يتعارض مع دين الله وحكمه في شيء ، وهو مما كان يمارسه ـ أي طلب الأمان والجوار من الكفار والمشركين ـ الصحابة والمسلمون الأوائل عند توفر دواعيه وأسبابه ، بينما المتحاكم إلى الطاغوت يتحاكم في أمور تضاهي وتعارض حكم الله ورسوله ..
... 3ـ المستأنف في حقيقته هو طرف واحد ، إذ لا يوجد نزاع حقيقي بينه وبين أي طرف آخر ، بينما المتحاكم إلى الطاغوت كما هو ظاهر في نزاع وخصام مع طرف آخر ..
... 4ـ المتحاكم إلى الطاغوت يختار حرا غير مكره حكم الطاغوت ويقدمه ويؤثره على حكم الله ورسوله ، وهذا الوصف كما هوظاهر لا يجرى على المستأنف في طلب اللجوء ..
... 5ـ المتحاكم إلى الطاغوت يؤثر حكم الطاغوت ومحاكمه ، مع تيسر نزوله على حكم الله ورسوله ووجود المحاكم الشرعية التي تحكم له بحكم الله ورسوله ، وهذا الوصف لا يجرى على المستأنف لأنه في قضيته ليس له وجهة سوى الجهة التي يطلب عندها اللجوء ..
... 6ـ المتحاكم إلى الطاغوت يتصف بالصد والإعراض عن حكم الله ورسوله ، وأين المستأنف وحاله من هذا الوصف .... فإذا تبين أن أيا من أوصاف المتحاكم إلى الطاغوت لا تحمل على المستأنف في طلب اللجوء ، جزمنا أنه لا يصح ولا يجوز أن يحمل حكم المتحاكم إلى الطاغوت على المستأنف لطلب اللجوء .."
وما قاله حليمة هو تحليل صحبح خلاصته أن المتحاكم للطاغوت فى الاية حر أمامه الحاكم المسلم وذهب للكفار طوعا دون إكره بينما مستأنف طلب اللجوء مكره على ذلك حماية لدينه ونفسه
ثم بين حليمة أن هناك قوانين فى دول الكفر لا تتعارض مع الإسلام فقال:
".. رابعا : الاحتكام إلى القوانين الوضعية ذات الطابع الإداري والتنظيمي ، والتي لا تتعارض مع دين الله وشرعه في شيء ، لايعد ذلك من ضروب التحاكم إلى الطاغوت الذي يكفر صاحبه.... يقول الشنقيطي في أضواء البيان ( 4/84) : اعلم أنه يجب التفصيل بين النظام الوضعي الذي يقتضي تحكيمه الكفر بخالق السماوات والأرض ، وبين النظام الذي لا يقتضي ذلك ... وإيضاح ذلك أن النظام قسمان : إداري ، وشرعي . أما الإداري الذي يراد به ضبط الأمور وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع ، فهذا لا مانع منه ، ولا مخالف فيه من الصحابة ، فمن بعدهم . وقد عمل عمر من ذلك أشياء كثيرة ما كانت في زمن النبي (ص)، ككتبه أسماء الجند في ديوان لأجل الضبط ، ومعرفة من غاب ومن حضر ، وكاشترائه ـ أعني عمر ـ دار صفوان بن أمية وجعله إياها سجنا في مكة
المكرمة ، مع أنه (ص)لم يتخذ سجنا هو ولا أبو بكر . فمثل هذا من الأمور الإدارية التي تفعل لإتقان الأمور مما لايخالف الشرع لا بأس به ، كتنظيم شؤون الموظفين ،وتنظيم إدارة الأعمال على وجه لا يخالف الشرع ، فهذا النوع من الأنظمة الوضعية لا بأس به ، ولا يخرج عن قواعد الشرع من مراعاة المصالح العامة "
قطعا ما ثيب من أفعال عمر لم يحدث وأما عن تقسيم الحكم لشرعى وإدارة فهذا من ضمن الخبل فكل الحكم فى الإسلام شرعى وأما توافقات الأديان فليست مما يسمى إدارى فهناك أحكام متشابهة بين الإسلام مثلا واليهودية كما فى توحيد الله وقتل القاتل وتحريم الزنى وهناك أحكام متشابعة بين افسلام والنصرانية كما فى تحريم القتل والزنى وهكذا نجد أحكام متوافقة قليلة بين الإسلام وكل دين
وهناك أحكام إدارية فى بلاد الكفار تسمى كفرية لمخالفتها الإسلام
ثم قال :
"... قلت : ومن يتأمل قوانين اللجوء والاستئناف المعمول بها في بلاد الغرب ـ بحسب ما أعلم ـ يجدها لا تخرج عن كونها قوانين تنظيمية وإدارية تنظم عملية اللجوء وشؤون اللاجئين وما لهم من حقوق ، وبالتالي لا يجوز تحميل المعاني مالا تحتمل وإقحام التحاكم إلى الطاغوت الذي هو كفر بخالق السماوات والأرض في هذا النوع من التحاكم ، والله تعالى أعلم ."
وأدخلنا حليمة فى موضوع أخر بعيد عن موضوع الكتاب وهو كون الاحتكام فى الألعاب الرياضية هو احتكام إلى الطاغوت فقال :
"... ومن شذوذات القوم وإسرافهم في الأمر ـ كما سمعنا بذلك مؤخرا ـ إنه يوجد من يعد
الاحتكام إلى قوانين كرة القدم ، وإلى الحكم الكافر الذي يحكم اللعب ،كفر ، وهو من ضروب التحاكم إلى الطاغوت .... وفات هؤلاء الجهلة أن لعبة الشطرنج وما تخضع له من قوانين وأحكام كانت موجودة في عهد السلف وكان منهم من يمارسها ، وما كانوا يعدونها من ضروب التحاكم إلى الطاغوت . حقا إن الإفراط والغلو أخو التفريط ، وكلاهما ممقوت في الشرع ، وتشمئز منهما النفوس السوية المؤمنة، ولا ندري مسلسل شذوذات القوم بماذا تطالعناغدا وإلىأين ستنتهي بهم؟!"
قطعا الألعاب الرياضة بأشكالها الحالية هى نوع من أنواع الكفر لأنها عملية تجارية فى المقام الأول وليست رياضةفالرياضة المراد منها فى الإسلام إعداد القوة البدنية وبيس ممارسة ألعاب لا تفيد المسلم بشىء ككرة القدم أو تنس الطاولة أو التنس او الكرة الطائرة أو السلة فكل هذه الأعاب وغيرها من المتواجد على الساحة ليس مفيدا وإنما المفيد هو ممارسة الألعاب المؤدية لقوة الجسم مثل الجرى والقفز والسباحة وغيرها وهى لا تؤدى فى صورة مباريات وإنما كتدريبات فليس الغرض منها المنافسة ولا الحصول على مراكز أو أموال وليس فيها دوريات أو كئوس
ما يجرى فى الرياضة حاليا على مستوى العالم ليس رياضة وإنما هى تجارة وإعادة لعصر العبيد الذين يباعون ويشترون يغرض الكسب من المغفلين الذين هم المشجعون
ثم قال :
"... خامسا : لا نرى فرقا ـ من حيث عملية التحاكم ـ بين إجراءات طلب اللجوء لأول مرة ، وبين استئناف الطلب عند رفضه ، وربما الذي يميز عملية استئناف الطلب هو قيام مزيد من الحجج الظاهرة والمدعمة بالوثائق والأدلة التي تثبت أن لصاحب الطلب الحق في الحصول على الأمان في الدولة التي حصل اللجوء إليها ، وهذا قد فعل شيئا منه عند طلبه للجوء أول مرة ، فعلام إثارة الزوابع والتفريق بين الحالتين من حيث الجواز ، فيقولون : طلب اللجوء أول مرة جائز ، بينما استئناف الطلب غير جائز وهو كفر لأنه تحاكم إلى الطاغوت ، علما أن نفس إجراءات التحاكم التي تحصل للمستأنف تحصل لطالب اللجوء أول مرة "
حليمة محق هنا فى القول أن الطلب الأول كالثانة متشابهان فى المراد ومن ثم لا خلاف بينهما ثم قال:
"... سادسا : من يتأمل قصة لجوء الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ إلى النجاشي يجد أنهم قد اضطروا ـ بعد لجوئهم الأول ونزولهم في ديار الحبشة ـ للمثول أمام الحاكم النجاشي ـ الكافر يومئذ ـ مرتين بسبب مطالبة كفار قريش بهم ، وللذود عن حقهم في إبطال مزاعم قريش الباطلة... ـ علما أنه ليس للمسلم أية حقوق شرعية يستطيع أن يلزم بها الكفار عند لجوئه إليهم ، وطلبه الأمان منهم ، وما يتحصل عليه من حقوق في ديارهم هو من إنصاف القوم وعدلهم، وهذه الشهادة منا لا ينبغي أن يصدنا عنها عداوة القوم وشنآنهم لنا .
فيهم ، وكانوا في كل مرة احتمال تسليمهم إلى كفار قريش واردا في حال كانت حجتهم ضاهضة وواهية أمام مزاعم قريش التي وشوا بها إلى الملك ... وبعد انتهاء الجلسة الثانية وظهور الصحابة على خصومهم كفار قريش أمام الملك ، تقول أم سلمة زوج النبي (ص): فخرجا ـ أي عمرو بن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة ـ من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءا به ، وأقمنا عنده في خير دار مع خير جار... والشاهد من هذه القصة أن تكرار الجلسة في مجلس قضاء الملك مرتين وفي زمانين مختلفين ، وفي حضور الخصوم وجميع الأطراف ، هو نفسه ما يسمى في زماننا بالاستئناف ، فهل يصح أن يقال في صحابة رسول الله (ص)أنهم بذلك قد تحاكموا إلى الطاغوت وكفروا .. اللهم لا ، وألف لا .
... سابعا : في حال عدم الاستئناف يعني ذاك المجهول الذي قد يترتب عليه القتل ، أو السجن وانتهاك الحرمات ، وهي مشقة لا يكلف الله بها ... لذا فإن المستأنف إذ يقوم بما يقوم به فهو في حقيقته يتم كله تحت ظروف الاضطرار والإكراه ، وإن كان الإكراه على المنظور القريب غير محقق ، لكنه على المنظور البعيد فإنه محقق ولا بد ، وهو من الإكراه المعتبر .. أعد إن شئت قراءة ما قاله ابن حزم : " وأما من فر إلى أرض الحرب لظلم خافه .. فهذا لا شيء عليه لأنه مضطر مكره " ، فاعتبر الإكراه علما أنه غير محقق على صاحبه في المنظور القريب ."
وما قاله حليمة هنا صحيح طبقا للاستشهاد بالتاريخ ومن ثم انتهى إلى التالى:
"... وبعد ، لأجل هذه الأوجه السبع الآنفة الذكر ، أفدنا في أول المقال أن الذي يستأنف طلب اللجوء لينجو بنفسه ودينه من ظلم وبطش الطواغيت ، أنه لا حرج عليه ، ولا يجوز أن تحمل عليه حكم الذي يتحاكم إلى الطاغوت ، والنصوص الشرعية الواردة في هذا الشأن .
... ثم ليس من الفقه التشدد والتكلف في مواضع الضيق والشدة والعسر ، كما أنه ليس من الفقه التساهل وإعمال فقه التيسير في مواضع التفريط ، والتميع واللامبالاة ، والقاعدة الفقهية تقول : " إذا ضاقت اتسعت ، وإذا اتسعت ضاقت " . " والمشقة تجلب التيسير " .
... بينما فقهاء أهل الغلو والتنطع يعملون القاعدة بالعكس : إذا ضاقت وتعسرت ، ضاقت وازدادت عسرا وخناقا ، والمشقة تجلب المشقات .. والضحية دائما هم الشباب "
الكلام صحيح فيجوز تحاكم المسلم فى بلاد الكفر مضطرا لحمايه نفسه من التعذيب والقتل فى بلاده وهو هنا مثل الرجل الذى تزوج زوجتين كلتيهما مؤذية له ولكن اختار الحياة مع الأقل ضررا منهما