- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
يعلم جميعنا بأن الحياء شعبة من شعب الإيمان، ولكن حقيقة الأمر بأن الحياء قد تم اعتقاله وإيداعه في أحد الأقبية السرية منذ عام 1970 أي عند وصول من كان يسمي نفسه "الرئيس المؤمن" حافظ الأسد إلى سدة الحكم إثر حركة انقلابية قضى فيها على الإيمان وشعبه وأركانه.
وبعد موت الأب المجرم وتسلم الابن القاصر لعباءة الإيمان في هذا البلد عام 2000 تأمل أبناء سوريا بأن يشمل أحد مراسيم العفو الخيالية التي يصدرها رأس النظام بين الحين والآخر بأن يخرج الحياء من زنزانته المنفردة على أقل تقدير، ولكن الواقع كان معاكساً لتلك الآمال، حيث ارتأى من يسكن القصر الجمهوري بأن "الحياء" هو الممثل الأكبر للرجعية ولا بد من القضاء عليه فجاء الأمر بتضييق الخناق عليه أكثر من ذي قبل.
أكتب هذه السطور بصفتي كمواطن "بالع الموس ع الحدين"، حيث إنني تمكنت في هذا اليوم من فهم المهمة الخطيرة والحساسة التي أوكلها لي رأس النظام لأكون عضواً فاعلاً في المجتمع وقد وصلت إلى هذا الاكتشاف الهام من خلال تأملي لفاتورة هاتفي الجوال وخصوصاً في الفقرة التي تحمل عنوان "رسوم أخرى"، حيث اكتشفت أيها السادة بأن نظام الأسد قد كلفنا بما يلي:
-أولاً قام بتكليفنا بمهمة قصف الإرهابيين والمسلحين –حسب تعبيره– وذلك من خلال رسم المجهود الحربي الذي ندفعه في كل مكالمة هاتفية نجريها
-ثانياً قام بتكليفنا بمهمة إنعاش إقتصاد الدولة من خلال "رسم الطوابع" الذي يتناسب طرداً مع مدة مكالماتنا.
-ثالثاً قام بتكليفنا بمهمة إظهار الصورة الحضارية للبلد في ظل حكم الأسد من خلال رسم الإنفاق الاستهلاكي أو ما يعرف برسم الرفاهية.
-رابعاً قام بتكليفنا بمهمة تداول السلطة وتجسيد مقولة "الشعب يحكم نفسه بنفسه " من خلال رسم الإدارة المحلية.
-خامساً قام بتكليفنا بمهمة تتمثل بإحياء روح التعاون بين الشعب والحكومة من خلال رسم إعادة الإعمار.
-سادساً قام بتكليفنا بمهمة إحياء روح التعاون وأوكل إلينا واجب رعاية أسر شهداء الوطن من خلال ما يسمى "رسم الشهيد".
إن ما سبق من مهمات ورسوم وطنية كله وجدته في فاتورة هاتفي الجوال لأتأكد أن الحياء قد مات شهيداً تحت التعذيب في أقبية المخابرات الأسدية التي تأخذ من جيوبنا ثمن القذائف التي تهدم بيوتنا ومن ثم تعود لتأخذ ثمن إعادة بناء الوطن بعد تدميره من جيوبنا أيضاً دون أن يردعها أي شيء من الحياء كما أننا مجبرون في عهد نظام الأسد على أن ندفع لأسر الشبيحة الذين قتلوا أطفالنا في الحولة ودوما وداريا وفي كل شبر من أرض الوطن.