رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,704
- الإقامة
- مصر
حكم بيع المرابحة
هذا البحث هو لبكر بن عبد الله أبو زيد من أهل عصرنا وهو من كتابه فقه النوازل
قال الباحث فى تعريف البيع :
"بيع المرابحة عند متقدمي الفقهاء:
...فبيع المرابحة مثلاً: حقيقته بيع السلعة بثمنها المعلوم بين المتعاقدين، بربح معلوم بينهما ويسمى أيضاً (بيع السلم الحال) فيقول رب السلعة: رأس مالي فيها مائة ريال، أبيعك إياها به وربح عشرة ريالات
وهذا هو معنى ما هو جارٍ على الألسنة من قولهم: اشتريت السلعة مرابحة، أو بعتها مرابحة وركن هذا العقد: هو العلم بين المتعاقدين بمقدار الثمن ومقدار الربح، فحيث توفر العلم منها فهو بيع صحيح وإلا فباطل "
البيع صحيح وطبقا للقرآن فشروط البيع هو التراضى كما قال تعالى "لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"
وألا يكون الربح وهو الربا مساوى لمقدار السلعة أى ضعفها أو أكثر من ضعفها كما قال تعالى "لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة"
وأما علم الشارى بالثمن الحقيقى فليس من شروط البيع وإنما علمه يكون بالثمن الذى يشترى به ولا يوجد تاجر فى مجتمعاتنا إلا من رحم الله يقول للناس السعر الحقيقى لما يبيعه والمتعارف حاليا بين التجار هو أن انتقال السلعة من تاجر جملة لتاجر التجزئة يعنى ربح الخمس من ثمن الشراء ولو كان العلم واجبا ما سمح الله بالربح من واحد فى المائة حتى 99 من المائة من ثمن السلعة الحقيقى وهو الأقل من الضعف فلو علم الناس بالسعر الحقيقى لحدثت مشادات كثيرة واتهامات بالطمع والله أحل التجارة وهى من الباطل شرط التراضى فلو رفض المجتمع التجارة الفردية الربحية كان من حقه أن يدير المجتمع ككل التجارة بلا ربح من خلال شركات المجتمع لأن الربح فى النهاية سيقسم على أفراد المجتمع جميعا
وبين بكر الإجماع على صحة بيع المرابحة ولكنه ذكر خلاف الفقهاء فى كراهتها ومصطلح الكراهة هو مصطلح مائع عند الفقهاء فالمكروه حلال عندهم مع أن المكروه فى القرآن حرام لكونه من السيئات كما قال تعالى "ولا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها"
وبين سبب التكريه فى هذا البيع فقال:
"وهذه الصورة من البيوع (بيع المرابحة) جائزة بلا خلاف بين أهل العلم، كما ذكره ابن قدامه بل حكى ابن هبيرة : الإجماع عليه، وكذا الكاساني والخلاف في الكراهة تنزيهاً، وهو رواية عن الإمام أحمد وروي عن ابن عمر، وابن عباس وعن الحسن، ومسروق وعكرمة، وعطاء بن يسار وقد عللت الكراهة تنزيهاً بأن فيه جهالة، فيما إذا قال: بعتكه برأسماله مائة ريال، وربح درهم في كل عشرة، فالجهالة أن المشتري يحتاج إلى جمع الحساب ليعلم مقدار الربح، لكن هذه الجهالة مرتفعة لأنها تعلم بالحساب، بل لا ينبغي وصفها بالجهالة، وليس فيها تغرير ولا مخاطرة وهذه العلة هي مستند ما يُحكى عن ابن راهويه من قوله بعدم الجواز وقد علمت ارتفاعها بالحساب، على أن من وراء ذلك الوقوف على صحة السند المروي فصح الاتفاق إذاً حكماً على الجواز، وطرداً لقاعدة الشريعة من أن الأصل في المعاملات الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع هذا هو بيع المرابحة المسطر في كتب أهل العلم تحت هذا اللقب في: أبواب البيوع، وفي مطاويه صور وفروع "
وهذا البيع والكثير من المعاملات المالية هى بيوع سببها ظلم الحكام وعدم تعاملهم بأحكام الله ومن ثم تم اختراع الكثير من البيوع حفاظا على حياة الناس من الموت جوعا حتى يقدروا على العيش بالفتات الذى يلقيه الحكام لهم
وقد ذكر الباحث صور ذلك البيع فقال:
"صور بيع المواعدة:
وفيه: الصورة الجارية في المصارف الإسلامية (بيع المرابحة للآمر بالشراء) بالتتبع يمكن أن تكون صور بيع المواعدة، أو يقال صور بيع المرابحة للآمر بالشراء) كما يلي:
الصورة الأولى: وتنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين مع عدم ذكر مسبق لمقدار الربح وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة بعينها فيذهب إلى المصرف ويقول: اشتروا هذه البضاعة لأنفسكم ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل بربح، أو سأربحكم فيها
الصورة الثانية: وتنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين، مع ذكر مقدار ما سيبذله من ربح وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة ذاتها أو جنسها،فيذهب إلى المصرف ويقول: اشتروا هذه السلعة لأنفسكم، ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل، وسأربحكم زيادة عن رأس المال: ألف ريال مثلاً
الصورة الثالثة: وتنبني على المواعدة الملزمة بالاتفاق بين الطرفين،مع ذكر مقدار الربح وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة ذاتها أو جنسها المنضبطة عينها بالوصف، فيذهب إلى المصرف ويتفقان على أن يقوم المصرف ملتزماً بشراء البضاعة من عقار أو آلات أو نحو ذلك، ويلتزم العميل بشرائها من المصرف بعد ذلك، ويلتزم المصرف ببيعها للعميل بثمن اتفقا عليه مقداراً أو أجلاً أو ربحاً "
كما قلنا اختراع المصارف لتلك البيوع لا يجوز فى الإسلام لأن المال مال الناس جميعا ومن ثم فإذا اشترى المصرف لفرد واحد وجب أن يشترى لكل المسلمين مثله فلا يجوز التصرف فى مال المسلمين لمصلحة طائفة منهم سواء كانت فرد أو أكثر
وهذا البيع على ما أعلم يقوم به الكثير من تجار السلع بالتقسيط فيقصدون المصارف لشراء ما يريد زبائنهم والربح الذى يأخذه المصرف إذا كان عشرة فى المائة فإنهم يجعلون الربح من الزبائن فى الغالب أضعافا أو اقل من الضعف بقليل ومن ثم فالمصارف بهذا البيع تزيد التجار غنى وتزيد الفقراء فقرا ومن ثم فهذه القروض محرمة لأنها كما قلنا لا تحقق العدالة بين المسلمين ولأنها عندما تقرض التاجر مع الربح فإنها تمارس القرض بفائدة ولكنها فى صورة سلع وليس فى صورة مال نقدى
وقد بين بكر أن المصارف التى تسمى إسلامية زورا اخترعت بيع المرابحة فقال :
"رفضاً لذلك الربا الصريح (القرض بفائدة) ، صار إيجاد المصارف الإسلامية لهذه المعاملة التي أطلق عليها اسم: بيع المرابحة، أو بيع المرابحة للآمر بالشراء، والذي يناسب أن يطلق عليها اسم: (بيع المواعدة) لأن فيه وعداً من الطرفين: وعداً من العميل بالشراء من البنك،ووعداً من البنك بشراء السلعة وبيعها عليه والمواعدة في هذا البيع ملزمة أو غير ملزمة هي أساس الاختلاف فيه حِلاًّ وحرمة فصارت تسميته (بيع مواعدة) أولى، والأسماء قوالب للمعاني "
وقد أجاب بكر عن كونها حلالا أو حراما فذكر نقولا من كتب المذاهب فقال:
"والحال أن هذا الفرع الفقهي بصوره مدوَّن عند الفقهاء المتقدمين في مباحث الحيل، والبيوع، فهو عند: محمد بن الحسن الشيباني في كتاب(الحيل) ص / 79، ص / 127، ومالك في (الموطأ) ومعه (المنتقى للباجي)ص / 38 - 39، والشافعي في (الأم) 3 / 39، وابن القيم في (أعلام الموقعين) 4 / 39 وغيرها كثير
وهذه بعض نصوصهم فيها:
1- الحنفية:
ففي كتاب (الحيل) لمحمد بن الحسن الشيباني قال: (قلت: أرأيت رجلاً أمر رجلاً أن يشتري داراً بألف درهم، وأخبره أنه إن فعل اشتراها الآمر بألف درهم ومائة درهم، فأراد المأمور شراء الدار، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك ؟ قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ويقبضها، ويجيء الآمر ويبدأ فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم فيقول المأمور: هي لك بذلك، فيكون ذلك للآمر لازماً، ويكون استيجاباً من المأمور للمشتري أي ولا يقل المأمور مبتدئاً: بعتك إياها بألف ومائة،لأن خياره يسقط بذلك فيفقد حقه في إعادة البيت إلى بائعه، وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار، يدفع عنه الضرر بذلك) اهـ
وفي الموطأ للإمام مالك رحمه الله تعالى في: باب بيعتين في بيعة: " أنه بلغه أن رجلاً قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه " اهـ
والمسألة مبسوطة لدى المالكية كما في المنتقى للباجي 5 / 38 -39، والكافي لابن عبد البر والمقدمات لابن رشد 2 / 537، وخليل في المختصر، وشرَّاحه كافة وهذا نص ابن رشد في (المقدمات): (فصل: والعينة على ثلاثة أوجُه: جائزة ومكروهة ومحظورة، فالجائزة أن يمر بالرجل من أهل العينة فيقول له: هل عندك سلعة أبتاعها منك فيقول له: لا، فيخبره أنه قد اشترى السلعة التي سأل عنها فيبيعها بما شاء من نقد أو نسيئة والمكروهة: أن يقول له اشتر سلعة كذا وكذا فأنا أربحك فيها وأشتريها منك من غير أن يراوضه على الربح والمحظورة: الأولى: أن يراوضه على الربح فيقول له اشتر سلعة كذا وكذا بعشرة دراهم نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر نقداً والثانية: أن يقول له اشترها لي بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر إلى أجل والثالثة: عكسها وهي أن يقول له اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أشتريها منك بعشرة نقداً والرابعة: أن يقول له اشترها لنفسك بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً والخامسة: أن يقول له اشترها لنفسك بعشرة نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل والسادسة: عكسها وهي أن يقول له اشترها لنفسك أو اشتر ولا يزيد على ذلك باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقداً فأما الأول وهو أن يقول اشترها لي بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً فالمأمور أجير على شراء السلعة للآمر بدينارين، لأنه إنما اشتراها له وقوله: (وأنا أشتريها منك) لغو لا معنى له، لأن العقدة له بأمره فإن كان النقد من عند الآمر أو من عند المأمور بغير شرط فذلك جائز وإن كان النقد من عند المأمور بشرط فهي إجارة فاسدة، لأنه إنما أعطاه الدينارين أن يبتاع له السلعة بالنقد من عنده الثمن عنه فهي إجارة وسلف ويكون للمأمور إجارة مثله إلا أن تكون أجرة مثله أكثر من الدينارين فلا يزاد عليهما على مذهب ابن القاسم في البيع والسلف إذا كان السلف من غير البائع، وفاتت السلعة أن للبائع أقل من القيمة بالغة ما بلغت يلزم أن يكون للمأمور هاهنا أجرة مثله بالغة ما بلغت وإن كانت أكثر من الدينارين، والأصح أن لا تكون له أجرة، لأنا إن جعلنا الأجرة كانت للسلف فكان تتميماً للربى الذي عقدا فيه وهو قول سعيد بن المسيب:
فهي ثلاثة أقوال
فيما يكون له من الأجرة إذا نقد المأمور الثمن بشرط وهذا إذا عثر على الأمر يحدثانه ورد السلف إلى المأمور قبل أن ينتفع به الآمر وأما إن لم
يعثر على الأمر حتى انتفع الآمر بالسلف قدوماً يرى أنهما كانا قصداً فلا
يكون في المسألة إلا قولان:
أحدهما: أن للمأمور أجرته بالغة ما بلغت
الثاني: أنه لا شيء له ولو عثر على الأمر قبل الابتياع وقبل أن ينقد المأمور الثمن لكان النقد من عند الآمر ولكان فيما يكون للأجير قولان:
أحدهما: أن له إجارة مثله بالغة ما بلغت
الثاني: أن له الأقل من إجارة مثله أو الدينارين، وابن حبيب يرى أن المأمور إذا نقد فقد تقدم الحرام بينهما فتدبر ذلك
وأما الثانية وهو أن يقول اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل فذلك حرام لا يحل ولا يجوز لأنه رجل ازداد في سلفه فإن وقع ذلك لزمت السلعة للآمر لأن الشراء كان له وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ به منه أكثر منه إلى أجل، فيعطيه العشرة معجلة ويطرح عنه ما أربى، ويكون له جعل مثله بالغاً ما بلغ، في قول، والأقل من جُعْلِ مثلها أو الدينارين اللذين أربى بهما في قول، وفي قول سعيد بن
المسيب لا أجرة له بحال لأن ذلك تتميم للربا كالمسألة المتقدمة قال في سماع سحنون: وإن لم تفت السلعة فسخ البيع وهو بعيد فقيل: معنى ذلك إذا علم البائع الأول بعلمهما وأما الثالثة: هي أن يقول له اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقداً فذلك أيضاً حرام لا يجوز، ومكروهه أنه استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير تدفع إليه ينتفع بها إلى الأجل يردها إليه فيلزم الآمر السلعة باثني عشر إلى أجل ولا يتعجل المأمور منه العشرة النقد وإن كان قد دفعها إليه صرفها عليه ولم تترك عنده إلى الأجل وكان له جعْلُ مثله بالغاً ما بلغ في هذا الوجه باتفاق
وأما الرابعة: وهي أن يقول له اشتر سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً فاختلف في ذلك قول مالك فمرة أجازه إذا كانت البيعتان جميعاً بالنقد وانتقد، ومرة كرهه للمراوضة التي وقعت بينهما في السلعة قبل أن تصير في ملك المأمور
وأما الخامسة: وهي أن يقول اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل فهذا لا يجوز، إلا أنه يختلف فيه إذا وقع، فروى سحنون عن ابن القاسم وحكاه عن مالك أن الآمر يكره الشراء باثني عشر إلى أجل لأن المشتري كان ضامناً لها لو تلفت في يده قبل أن يشتريها منه الآمر، ولو أراد أن لا يأخذها بعد اشتراء المأمور كان ذلك له، واستحب للمأمور أن يتورع فلا يأخذ من الآمر إلا ما نقد في ثمنها
وقال ابن حبيب: يفسخ البيع الثاني إن كانت السلعة قائمة وترد إلى المأمور فإن فاتت ردت إلى قيمتها معجلة يتم قبضها الآمر كما يصنع بالبيع الحرام لأنه كان على مواطأة بيعها قبل وجوبها للمأمور فدخله بيع ما ليس وأما السادسة: وهي أن يقول له اشترها لنفسك باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقداً فروى سحنون عن ابن القاسم أيضاً أن البيع لا يرد إذا فات ولا يكون على الآمر إلا العشرة، وأحب إليه أن لو أردفه الخمسة الباقية لأن العقدة الأولى كانت للمأمور ولو شاء المشتري لم يشتر، وقال ابن حبيب: يفسخ البيع الثاني على كل حال كما يصنع بالبيع الحرام للمواطأة التي كانت للبيع قبل وجوبها للمأمور فإن فاتت ردت إلى قيمتها يوم قبضها الثاني، وهو ظاهر رواية سحنون أن البيع يفسخ ما لم تفت السلعة وبالله سبحانه وتعالى التوفيق وهو الهادي إلي أقوم طريق
وقال الدردير (في الشرح الصغير 3 / 129) قالوا (1) :
" العينة: وهي بيع من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده، لطالبها بعد شرائها - جائز، إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقداً، وأنا آخذها منك باثني عشر إلى أجل فيمنع فيه من تهمة (سلف جر نفعاً) ، لأنه كأنه
سلفه ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر " اهـ
وفي (الأم) للإمام الشافعي - رحمه الله تعالى:
(إذا أرى الرجل الرجل: السلعة، فقال: اشترها وأربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعاً وإن شاء تركه وهكذا إن قال: اشتر لي متاعاً ووصفه له، أو متاعاً أي متاع شئت وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء "
مما سبق يتبين أن صور تلك البيع هى شراء بالإنابة لصالح من أمر أو طلب الشراء ولكنه بيع غير ملزم أو ملزم فغير الملزم محرم لأن الشارى قد يكون ليس معه مال ويستلف المال للشراء ومن ثم يجعل الآمر أو الطالب المأمور قد استدان ولا يقدر على السداد إذا لم يبع ما طولب به فهى عملية خداع فى تلك الساعة وأما الملزم فيكون بيعا صحيحا بالإنابة ويكون ما يسمى الربح أجرة على الإنابة
وكما قلنا هذه الصور من المعاملات لا تكون فى المجتمعات المسلمة لأن سبب وجودها هو عدم توزيع الحكام مال الله وهو مال الناس عليهم بالعدل وهو التساوى كما قال تعالى " وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين"
وقد ذكر الباحث ضوابط لإحلال بيع المرابحة فقال:
"الضوابط الكلية التي تجعل (بيع المواعدة) أي (المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية) في دائرة الجواز هي على ما يلي:
1- خلوها من الالتزام بإتمام البيع كتابة أو مشافهة قبل الحصول على العين بالتملك والقبض
2- خلوها من الالتزام بضمان هلاك (السلعة) أو تضررها من أحد الطرفين: العميل أو المصرف، بل هي على الأصل من ضمان المصرف
3- أن لا يقع العقد المبيع بينهما إلا بعد قبض المصرف للسلعة واستقرارها في ملكه "
والأول كما قلنا يجيز مخالفة الوعد وهو ما لا يليق بمسلم لأنه لو فعل فقد كفر كما قال تعالى " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"
والثانى يحمل طرف واحد فقط هلاك السلعة رغم كون طالب الشراء هو من طلب الشراء
والثالث اشتراط كون السلعة فى ملك المصرف مع أن طالب الشراء لا يملك ثمن السلعة فور امتلاك الأخر لها وهناك بيوع تتم رغم عدم وجود السلعة وهى حلال طالما كون السلعة المطلوبة معروف عددها وثمنها ومواصفاتها وطالما كان هناك أمان بين المسلمين
هذا البحث هو لبكر بن عبد الله أبو زيد من أهل عصرنا وهو من كتابه فقه النوازل
قال الباحث فى تعريف البيع :
"بيع المرابحة عند متقدمي الفقهاء:
...فبيع المرابحة مثلاً: حقيقته بيع السلعة بثمنها المعلوم بين المتعاقدين، بربح معلوم بينهما ويسمى أيضاً (بيع السلم الحال) فيقول رب السلعة: رأس مالي فيها مائة ريال، أبيعك إياها به وربح عشرة ريالات
وهذا هو معنى ما هو جارٍ على الألسنة من قولهم: اشتريت السلعة مرابحة، أو بعتها مرابحة وركن هذا العقد: هو العلم بين المتعاقدين بمقدار الثمن ومقدار الربح، فحيث توفر العلم منها فهو بيع صحيح وإلا فباطل "
البيع صحيح وطبقا للقرآن فشروط البيع هو التراضى كما قال تعالى "لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم"
وألا يكون الربح وهو الربا مساوى لمقدار السلعة أى ضعفها أو أكثر من ضعفها كما قال تعالى "لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة"
وأما علم الشارى بالثمن الحقيقى فليس من شروط البيع وإنما علمه يكون بالثمن الذى يشترى به ولا يوجد تاجر فى مجتمعاتنا إلا من رحم الله يقول للناس السعر الحقيقى لما يبيعه والمتعارف حاليا بين التجار هو أن انتقال السلعة من تاجر جملة لتاجر التجزئة يعنى ربح الخمس من ثمن الشراء ولو كان العلم واجبا ما سمح الله بالربح من واحد فى المائة حتى 99 من المائة من ثمن السلعة الحقيقى وهو الأقل من الضعف فلو علم الناس بالسعر الحقيقى لحدثت مشادات كثيرة واتهامات بالطمع والله أحل التجارة وهى من الباطل شرط التراضى فلو رفض المجتمع التجارة الفردية الربحية كان من حقه أن يدير المجتمع ككل التجارة بلا ربح من خلال شركات المجتمع لأن الربح فى النهاية سيقسم على أفراد المجتمع جميعا
وبين بكر الإجماع على صحة بيع المرابحة ولكنه ذكر خلاف الفقهاء فى كراهتها ومصطلح الكراهة هو مصطلح مائع عند الفقهاء فالمكروه حلال عندهم مع أن المكروه فى القرآن حرام لكونه من السيئات كما قال تعالى "ولا تمش فى الأرض مرحا إنك لن تخرق الأرض ولن تبلغ الجبال طولا كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها"
وبين سبب التكريه فى هذا البيع فقال:
"وهذه الصورة من البيوع (بيع المرابحة) جائزة بلا خلاف بين أهل العلم، كما ذكره ابن قدامه بل حكى ابن هبيرة : الإجماع عليه، وكذا الكاساني والخلاف في الكراهة تنزيهاً، وهو رواية عن الإمام أحمد وروي عن ابن عمر، وابن عباس وعن الحسن، ومسروق وعكرمة، وعطاء بن يسار وقد عللت الكراهة تنزيهاً بأن فيه جهالة، فيما إذا قال: بعتكه برأسماله مائة ريال، وربح درهم في كل عشرة، فالجهالة أن المشتري يحتاج إلى جمع الحساب ليعلم مقدار الربح، لكن هذه الجهالة مرتفعة لأنها تعلم بالحساب، بل لا ينبغي وصفها بالجهالة، وليس فيها تغرير ولا مخاطرة وهذه العلة هي مستند ما يُحكى عن ابن راهويه من قوله بعدم الجواز وقد علمت ارتفاعها بالحساب، على أن من وراء ذلك الوقوف على صحة السند المروي فصح الاتفاق إذاً حكماً على الجواز، وطرداً لقاعدة الشريعة من أن الأصل في المعاملات الجواز والحل حتى يقوم دليل على المنع هذا هو بيع المرابحة المسطر في كتب أهل العلم تحت هذا اللقب في: أبواب البيوع، وفي مطاويه صور وفروع "
وهذا البيع والكثير من المعاملات المالية هى بيوع سببها ظلم الحكام وعدم تعاملهم بأحكام الله ومن ثم تم اختراع الكثير من البيوع حفاظا على حياة الناس من الموت جوعا حتى يقدروا على العيش بالفتات الذى يلقيه الحكام لهم
وقد ذكر الباحث صور ذلك البيع فقال:
"صور بيع المواعدة:
وفيه: الصورة الجارية في المصارف الإسلامية (بيع المرابحة للآمر بالشراء) بالتتبع يمكن أن تكون صور بيع المواعدة، أو يقال صور بيع المرابحة للآمر بالشراء) كما يلي:
الصورة الأولى: وتنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين مع عدم ذكر مسبق لمقدار الربح وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة بعينها فيذهب إلى المصرف ويقول: اشتروا هذه البضاعة لأنفسكم ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل بربح، أو سأربحكم فيها
الصورة الثانية: وتنبني على التواعد غير الملزم بين الطرفين، مع ذكر مقدار ما سيبذله من ربح وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة ذاتها أو جنسها،فيذهب إلى المصرف ويقول: اشتروا هذه السلعة لأنفسكم، ولي رغبة بشرائها بثمن مؤجل أو معجل، وسأربحكم زيادة عن رأس المال: ألف ريال مثلاً
الصورة الثالثة: وتنبني على المواعدة الملزمة بالاتفاق بين الطرفين،مع ذكر مقدار الربح وهي: أن يرغب العميل شراء سلعة معينة ذاتها أو جنسها المنضبطة عينها بالوصف، فيذهب إلى المصرف ويتفقان على أن يقوم المصرف ملتزماً بشراء البضاعة من عقار أو آلات أو نحو ذلك، ويلتزم العميل بشرائها من المصرف بعد ذلك، ويلتزم المصرف ببيعها للعميل بثمن اتفقا عليه مقداراً أو أجلاً أو ربحاً "
كما قلنا اختراع المصارف لتلك البيوع لا يجوز فى الإسلام لأن المال مال الناس جميعا ومن ثم فإذا اشترى المصرف لفرد واحد وجب أن يشترى لكل المسلمين مثله فلا يجوز التصرف فى مال المسلمين لمصلحة طائفة منهم سواء كانت فرد أو أكثر
وهذا البيع على ما أعلم يقوم به الكثير من تجار السلع بالتقسيط فيقصدون المصارف لشراء ما يريد زبائنهم والربح الذى يأخذه المصرف إذا كان عشرة فى المائة فإنهم يجعلون الربح من الزبائن فى الغالب أضعافا أو اقل من الضعف بقليل ومن ثم فالمصارف بهذا البيع تزيد التجار غنى وتزيد الفقراء فقرا ومن ثم فهذه القروض محرمة لأنها كما قلنا لا تحقق العدالة بين المسلمين ولأنها عندما تقرض التاجر مع الربح فإنها تمارس القرض بفائدة ولكنها فى صورة سلع وليس فى صورة مال نقدى
وقد بين بكر أن المصارف التى تسمى إسلامية زورا اخترعت بيع المرابحة فقال :
"رفضاً لذلك الربا الصريح (القرض بفائدة) ، صار إيجاد المصارف الإسلامية لهذه المعاملة التي أطلق عليها اسم: بيع المرابحة، أو بيع المرابحة للآمر بالشراء، والذي يناسب أن يطلق عليها اسم: (بيع المواعدة) لأن فيه وعداً من الطرفين: وعداً من العميل بالشراء من البنك،ووعداً من البنك بشراء السلعة وبيعها عليه والمواعدة في هذا البيع ملزمة أو غير ملزمة هي أساس الاختلاف فيه حِلاًّ وحرمة فصارت تسميته (بيع مواعدة) أولى، والأسماء قوالب للمعاني "
وقد أجاب بكر عن كونها حلالا أو حراما فذكر نقولا من كتب المذاهب فقال:
"والحال أن هذا الفرع الفقهي بصوره مدوَّن عند الفقهاء المتقدمين في مباحث الحيل، والبيوع، فهو عند: محمد بن الحسن الشيباني في كتاب(الحيل) ص / 79، ص / 127، ومالك في (الموطأ) ومعه (المنتقى للباجي)ص / 38 - 39، والشافعي في (الأم) 3 / 39، وابن القيم في (أعلام الموقعين) 4 / 39 وغيرها كثير
وهذه بعض نصوصهم فيها:
1- الحنفية:
ففي كتاب (الحيل) لمحمد بن الحسن الشيباني قال: (قلت: أرأيت رجلاً أمر رجلاً أن يشتري داراً بألف درهم، وأخبره أنه إن فعل اشتراها الآمر بألف درهم ومائة درهم، فأراد المأمور شراء الدار، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك ؟ قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار ثلاثة أيام، ويقبضها، ويجيء الآمر ويبدأ فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم فيقول المأمور: هي لك بذلك، فيكون ذلك للآمر لازماً، ويكون استيجاباً من المأمور للمشتري أي ولا يقل المأمور مبتدئاً: بعتك إياها بألف ومائة،لأن خياره يسقط بذلك فيفقد حقه في إعادة البيت إلى بائعه، وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار، يدفع عنه الضرر بذلك) اهـ
وفي الموطأ للإمام مالك رحمه الله تعالى في: باب بيعتين في بيعة: " أنه بلغه أن رجلاً قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه " اهـ
والمسألة مبسوطة لدى المالكية كما في المنتقى للباجي 5 / 38 -39، والكافي لابن عبد البر والمقدمات لابن رشد 2 / 537، وخليل في المختصر، وشرَّاحه كافة وهذا نص ابن رشد في (المقدمات): (فصل: والعينة على ثلاثة أوجُه: جائزة ومكروهة ومحظورة، فالجائزة أن يمر بالرجل من أهل العينة فيقول له: هل عندك سلعة أبتاعها منك فيقول له: لا، فيخبره أنه قد اشترى السلعة التي سأل عنها فيبيعها بما شاء من نقد أو نسيئة والمكروهة: أن يقول له اشتر سلعة كذا وكذا فأنا أربحك فيها وأشتريها منك من غير أن يراوضه على الربح والمحظورة: الأولى: أن يراوضه على الربح فيقول له اشتر سلعة كذا وكذا بعشرة دراهم نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر نقداً والثانية: أن يقول له اشترها لي بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر إلى أجل والثالثة: عكسها وهي أن يقول له اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أشتريها منك بعشرة نقداً والرابعة: أن يقول له اشترها لنفسك بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً والخامسة: أن يقول له اشترها لنفسك بعشرة نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل والسادسة: عكسها وهي أن يقول له اشترها لنفسك أو اشتر ولا يزيد على ذلك باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقداً فأما الأول وهو أن يقول اشترها لي بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً فالمأمور أجير على شراء السلعة للآمر بدينارين، لأنه إنما اشتراها له وقوله: (وأنا أشتريها منك) لغو لا معنى له، لأن العقدة له بأمره فإن كان النقد من عند الآمر أو من عند المأمور بغير شرط فذلك جائز وإن كان النقد من عند المأمور بشرط فهي إجارة فاسدة، لأنه إنما أعطاه الدينارين أن يبتاع له السلعة بالنقد من عنده الثمن عنه فهي إجارة وسلف ويكون للمأمور إجارة مثله إلا أن تكون أجرة مثله أكثر من الدينارين فلا يزاد عليهما على مذهب ابن القاسم في البيع والسلف إذا كان السلف من غير البائع، وفاتت السلعة أن للبائع أقل من القيمة بالغة ما بلغت يلزم أن يكون للمأمور هاهنا أجرة مثله بالغة ما بلغت وإن كانت أكثر من الدينارين، والأصح أن لا تكون له أجرة، لأنا إن جعلنا الأجرة كانت للسلف فكان تتميماً للربى الذي عقدا فيه وهو قول سعيد بن المسيب:
فهي ثلاثة أقوال
فيما يكون له من الأجرة إذا نقد المأمور الثمن بشرط وهذا إذا عثر على الأمر يحدثانه ورد السلف إلى المأمور قبل أن ينتفع به الآمر وأما إن لم
يعثر على الأمر حتى انتفع الآمر بالسلف قدوماً يرى أنهما كانا قصداً فلا
يكون في المسألة إلا قولان:
أحدهما: أن للمأمور أجرته بالغة ما بلغت
الثاني: أنه لا شيء له ولو عثر على الأمر قبل الابتياع وقبل أن ينقد المأمور الثمن لكان النقد من عند الآمر ولكان فيما يكون للأجير قولان:
أحدهما: أن له إجارة مثله بالغة ما بلغت
الثاني: أن له الأقل من إجارة مثله أو الدينارين، وابن حبيب يرى أن المأمور إذا نقد فقد تقدم الحرام بينهما فتدبر ذلك
وأما الثانية وهو أن يقول اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل فذلك حرام لا يحل ولا يجوز لأنه رجل ازداد في سلفه فإن وقع ذلك لزمت السلعة للآمر لأن الشراء كان له وإنما أسلفه المأمور ثمنها ليأخذ به منه أكثر منه إلى أجل، فيعطيه العشرة معجلة ويطرح عنه ما أربى، ويكون له جعل مثله بالغاً ما بلغ، في قول، والأقل من جُعْلِ مثلها أو الدينارين اللذين أربى بهما في قول، وفي قول سعيد بن
المسيب لا أجرة له بحال لأن ذلك تتميم للربا كالمسألة المتقدمة قال في سماع سحنون: وإن لم تفت السلعة فسخ البيع وهو بعيد فقيل: معنى ذلك إذا علم البائع الأول بعلمهما وأما الثالثة: هي أن يقول له اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقداً فذلك أيضاً حرام لا يجوز، ومكروهه أنه استأجر المأمور على أن يبتاع له السلعة بسلف عشرة دنانير تدفع إليه ينتفع بها إلى الأجل يردها إليه فيلزم الآمر السلعة باثني عشر إلى أجل ولا يتعجل المأمور منه العشرة النقد وإن كان قد دفعها إليه صرفها عليه ولم تترك عنده إلى الأجل وكان له جعْلُ مثله بالغاً ما بلغ في هذا الوجه باتفاق
وأما الرابعة: وهي أن يقول له اشتر سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أشتريها منك باثني عشر نقداً فاختلف في ذلك قول مالك فمرة أجازه إذا كانت البيعتان جميعاً بالنقد وانتقد، ومرة كرهه للمراوضة التي وقعت بينهما في السلعة قبل أن تصير في ملك المأمور
وأما الخامسة: وهي أن يقول اشتر لي سلعة كذا بعشرة نقداً وأنا أبتاعها منك باثني عشر إلى أجل فهذا لا يجوز، إلا أنه يختلف فيه إذا وقع، فروى سحنون عن ابن القاسم وحكاه عن مالك أن الآمر يكره الشراء باثني عشر إلى أجل لأن المشتري كان ضامناً لها لو تلفت في يده قبل أن يشتريها منه الآمر، ولو أراد أن لا يأخذها بعد اشتراء المأمور كان ذلك له، واستحب للمأمور أن يتورع فلا يأخذ من الآمر إلا ما نقد في ثمنها
وقال ابن حبيب: يفسخ البيع الثاني إن كانت السلعة قائمة وترد إلى المأمور فإن فاتت ردت إلى قيمتها معجلة يتم قبضها الآمر كما يصنع بالبيع الحرام لأنه كان على مواطأة بيعها قبل وجوبها للمأمور فدخله بيع ما ليس وأما السادسة: وهي أن يقول له اشترها لنفسك باثني عشر إلى أجل وأنا أبتاعها منك بعشرة نقداً فروى سحنون عن ابن القاسم أيضاً أن البيع لا يرد إذا فات ولا يكون على الآمر إلا العشرة، وأحب إليه أن لو أردفه الخمسة الباقية لأن العقدة الأولى كانت للمأمور ولو شاء المشتري لم يشتر، وقال ابن حبيب: يفسخ البيع الثاني على كل حال كما يصنع بالبيع الحرام للمواطأة التي كانت للبيع قبل وجوبها للمأمور فإن فاتت ردت إلى قيمتها يوم قبضها الثاني، وهو ظاهر رواية سحنون أن البيع يفسخ ما لم تفت السلعة وبالله سبحانه وتعالى التوفيق وهو الهادي إلي أقوم طريق
وقال الدردير (في الشرح الصغير 3 / 129) قالوا (1) :
" العينة: وهي بيع من طلبت منه سلعة للشراء وليست عنده، لطالبها بعد شرائها - جائز، إلا أن يقول الطالب: اشترها بعشرة نقداً، وأنا آخذها منك باثني عشر إلى أجل فيمنع فيه من تهمة (سلف جر نفعاً) ، لأنه كأنه
سلفه ثمن السلعة يأخذ عنها بعد الأجل اثني عشر " اهـ
وفي (الأم) للإمام الشافعي - رحمه الله تعالى:
(إذا أرى الرجل الرجل: السلعة، فقال: اشترها وأربحك فيها كذا فاشتراها الرجل فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعاً وإن شاء تركه وهكذا إن قال: اشتر لي متاعاً ووصفه له، أو متاعاً أي متاع شئت وأنا أربحك فيه فكل هذا سواء "
مما سبق يتبين أن صور تلك البيع هى شراء بالإنابة لصالح من أمر أو طلب الشراء ولكنه بيع غير ملزم أو ملزم فغير الملزم محرم لأن الشارى قد يكون ليس معه مال ويستلف المال للشراء ومن ثم يجعل الآمر أو الطالب المأمور قد استدان ولا يقدر على السداد إذا لم يبع ما طولب به فهى عملية خداع فى تلك الساعة وأما الملزم فيكون بيعا صحيحا بالإنابة ويكون ما يسمى الربح أجرة على الإنابة
وكما قلنا هذه الصور من المعاملات لا تكون فى المجتمعات المسلمة لأن سبب وجودها هو عدم توزيع الحكام مال الله وهو مال الناس عليهم بالعدل وهو التساوى كما قال تعالى " وقدر فيها أقواتها فى أربعة أيام سواء للسائلين"
وقد ذكر الباحث ضوابط لإحلال بيع المرابحة فقال:
"الضوابط الكلية التي تجعل (بيع المواعدة) أي (المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية) في دائرة الجواز هي على ما يلي:
1- خلوها من الالتزام بإتمام البيع كتابة أو مشافهة قبل الحصول على العين بالتملك والقبض
2- خلوها من الالتزام بضمان هلاك (السلعة) أو تضررها من أحد الطرفين: العميل أو المصرف، بل هي على الأصل من ضمان المصرف
3- أن لا يقع العقد المبيع بينهما إلا بعد قبض المصرف للسلعة واستقرارها في ملكه "
والأول كما قلنا يجيز مخالفة الوعد وهو ما لا يليق بمسلم لأنه لو فعل فقد كفر كما قال تعالى " والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون"
والثانى يحمل طرف واحد فقط هلاك السلعة رغم كون طالب الشراء هو من طلب الشراء
والثالث اشتراط كون السلعة فى ملك المصرف مع أن طالب الشراء لا يملك ثمن السلعة فور امتلاك الأخر لها وهناك بيوع تتم رغم عدم وجود السلعة وهى حلال طالما كون السلعة المطلوبة معروف عددها وثمنها ومواصفاتها وطالما كان هناك أمان بين المسلمين