
تمنح معاملة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، التفضيلية للصادرات البريطانية شركات البلاد ميزة تنافسية قد تحمي الاقتصاد من أسوأ تبعات حرب واشنطن التجارية، وفقاً لخبراء اقتصاديين.
فرض ترمب رسوماً جمركية بنسبة 10% على جميع البضائع البريطانية المستوردة، وهي النسبة الأدنى، كجزء من التعريفات الجمركية التي فرضها في "يوم التحرير" على شركاء أميركا التجاريين في خطوة هزت الأسواق، وتهدد بقلب النظام التجاري العالمي بأكمله.
الشركات البريطانية أكثر تنافسية
مع ذلك، يقول الخبراء إن المملكة المتحدة من بين الدول التي تتمتع بوضع أفضل إذ يمنح انخفاض الرسوم الجمركية مصنعيها ميزة تنافسية، كما أن الحكومة لديها فرصة لتأمين اتفاق مع الولايات المتحدة يعطيها تخفيضات أكبر في الرسوم.قال ديفيد وين، المدير الإداري لشركة "كون ميك" (ConMech)، المتخصصة في هندسة الصلب في شمال غرب إنجلترا، لراديو "بي بي سي" يوم الخميس الماضي إنه في حين أن "الأمر سيكون مقلقاً للغاية لعدة صناعات، فإنه يمثل فرصة لنا" لأن منتجات "كون ميك" ستكون الآن أرخص في الولايات المتحدة من منتجات المنافسين الأجانب.
وأضاف: "يجب أن نكون في الواقع أكثر قدرة على المنافسة في السوق الأميركية مما كنا عليه منذ عدة سنوات". يريد ترمب بناء صناعة أميركية محلية ولكن ذلك سيستغرق بعض الوقت وستظل أميركا بحاجة إلى الواردات.
اتفاق بريطاني-أميركي حول الرسوم
تجري الحكومة البريطانية محادثات مع الولايات المتحدة بشأن اتفاقية تجارية تستهدف خفض الرسوم الأساسية البالغة 10% أو خفض الرسوم البالغة 25% على الصلب والسيارات البريطانية إلى 10%. تشمل الخيارات المطروحة على الطاولة إسقاط الرسوم الجمركية البريطانية على المنتجات الزراعية الأميركية، وإلغاء ضريبة الخدمات الرقمية على شركات التكنولوجيا الأميركية والاتفاق على لوائح جديدة بخصوص التكنولوجيا.قال آلان وينترز، الخبير التجاري والأستاذ الفخري في جامعة ساسكس، إن التأثير المباشر للتعريفات الجمركية على المملكة المتحدة سيكون ضئيلاً. وأضاف: "إذا ضرب أحد منافسيك منافساً آخر بقوة أكبر من ضربه لك، فإنك تحصل على ميزة تنافسية... إذا توصلنا لاتفاقية تجارية مع الولايات المتحدة، فقد تزداد مكاسبنا".
الاقتصاد البريطاني.. خسائر متواضعة
قدّر مركز "ساسكس" لسياسة التجارة الشاملة في ورقة بحثية، يوم الجمعة، أن تشهد المملكة المتحدة "خسائر متواضعة" بنسبة 0.1% إلى 0.3% من الناتج المحلي الإجمالي، وفي حال تمكنت المملكة المتحدة من التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، فإن الاقتصاد "سيحقق مكاسب إيجابية بنسبة 0.1%". وأضافت الورقة البحثية أن الولايات المتحدة "ستعاني أكثر من أي دولة أخرى" من إجراءاتها الخاصة.قال ماتس بيرسون، رئيس الاستراتيجية الكلية في "إي واي بارثينون" (EY Parthenon)، إن بريطانيا تتمتع بـ"واحدة من أفضل الفرص للخروج باتفاق" قد يمنحها تخفيضاً في الرسوم الجمركية على السلع البريطانية بسبب تجارتها المتوازنة مع الولايات المتحدة وعلاقة رئيس الوزراء، كير ستارمر، القوية مع الرئيس ترمب، مضيفاً أنه على المدى القصير، هناك عدم يقين كبير لكن يمكن أن نرى اجتماع الظروف في نهاية المطاف بحيث تصبح المملكة المتحدة أكثر قدرة على المنافسة".
أكبر مُصدّر وأقل نسبة رسوم
الرسوم الجمركية المفروضة على بريطانيا بنسبة 10% تجعلها أكبر مُصدّر للسلع في العالم يحظى بأدنى نسبة رسوم فيما تواجه الصين رسوماً جمركية بنسبة 34% وقد ردت بالمثل، وتعرضت دول الاتحاد الأوروبي لرسوم جمركية بنسبة 20% وتضرر مصدرو جنوب شرق آسيا بشدة، واستُثنيت المكسيك وكندا حيث تخضع الدولتان لترتيبات منفصلة.قال ترمب للصحفيين يوم الخميس إنه يعتقد أن ستارمر "كان سعيداً للغاية بسبب المعاملة التفضيلية التي حظوا بها بخصوص الرسوم الجمركية".
يرى راؤول روباريل، مدير مركز النمو التابع لمجموعة بوسطن الاستشارية في بوسطن، أن التداعيات الفورية للرسوم الجمركية ستكون ضارة، إلا أنه قال إن التأثير النسبي للرسوم التفضيلية "قد يكون مفيداً وله بعض الإيجابيات بالنسبة إلى المملكة المتحدة، خاصة إذا تبنت الدول الأخرى ردوداً انتقامية بينما لم تفعل المملكة المتحدة".
وأضاف روباريل أن تحول التدفق التجاري نحو بريطانيا للبضائع التي كانت لتذهب إلى الولايات المتحدة قد يقلص الأسعار ويسمح لبنك إنجلترا بخفض أسعار الفائدة بسرعة أكبر. وتابع: "في الوقت الحالي يبدو أن تأثير الرسوم الجمركية غير تضخمي أكثر من كونه تضخمي بالنسبة إلى المملكة المتحدة، وهذا مفيد لمستويات المعيشة وتكاليف الاقتراض... ليست جميع التبعات سيئة بالنسبة لاقتصاد المملكة المتحدة".
مكاسب مهددة بركود عالمي
توقعت الأسواق بعد فرض ترمب للرسوم الجمركية أن يخفض بنك إنجلترا أسعار الفائدة ثلاث مرات العام الحالي، بعد توقعها خفضين فقط في السابق.لكن مع ذلك، حذر صندوق النقد الدولي من "خطر كبير" على الاقتصاد العالمي، وقدّرت وكالة "بلومبرغ إيكونوميكس" أن التأثير المباشر للرسوم الجمركية على صادرات المملكة المتحدة قد يؤدي إلى خفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4%.
ويقدّر بيرسون بعض المكاسب المحتملة للشركات البريطانية والمملكة المتحدة نفسها على المدى المتوسط، لكنه حذر من أن أي مكاسب قد تتلاشى بسبب الركود العالمي الناجم عن الصدمات التجارية أو حالة عدم اليقين المستمرة.