- المشاركات
- 7,533
- الإقامة
- عرب فوركس
لقد حان وقت التحلي بالصبر".. هذه هي الجملة الأكثر رواجاً هذه الآونة في أوساط صناع السياسة بالولايات المتحدة لتكون على رأس قائمة أهم الأحداث في الأسواق العالمية خلال الأسبوع الماضي.
وشهد الأسبوع الأخير من شهر يناير أول اجتماع لمسؤولي السياسة النقدية في الدولة صاحبة أكبر اقتصاد حول العالم، والذي أرسل إشارات للتحول في خلال ما يزيد قليلاً على الشهر من سياسة زيادات أخرى قادمة بمعدل الفائدة إلى رفع شعار "الصبر" في الوقت الحالي.
وبنهاية اجتماع المركزي الأمريكي الذي دام لمدة يومين، أعلن البنك أنه قرر تثبيت معدل الفائدة الرئيسية عند مستوى يتراوح بين 2.25% إلى 2.50%.
كما ألمح الاحتياطي الفيدرالي إلى أن سياسته النقدية المتشددة قد تشهد بعض التعديلات، حيث ذكر بأنه سيتحلى بالصبر فيما يتعلق برفع الفائدة كما ذكر أنه قد يُعدل وتيرة تقليص ميزانيته العمومة عند الحاجة.
وتأكيداً على نتائج الاجتماع، علق رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول على هذا التوجه الجديد قائلاً إن أسباب رفع معدلات الفائدة قد ضعفت بعض الشيء.
لكن باول نفى في الوقت نفسه أن يكون تغيير النظرة المستقبلية للبنك بشأن زيادة معدلات الفائدة راجع إلى الاعتبارات السياسية كنوع من الاستجابة لطلب الرئيس الأمريكي.
وكان المركزي الأمريكي رفع معدل الفائدة 4 مرات في العام الماضي مع خفض وتيرة الزيادة المقترحة لعام 2019 إلى مرتين بدلاً من 3 مرات متوقعة في السابق.
ومن شأن هذا التحول في اتجاه الفيدرالي الذي يدعمه الأعضاء كذلك أن يسعد الرئيس دونالد ترامب والذي كان منتقداً رئيسياً لسياسات المركزي الأمريكي وكذلك باول، مجادلاً بأن المسار الذي يسلكه البنك بشأن معدلات الفائدة قد يعود بآثار سلبية على الاقتصاد.
ويعود التحول المفاجئ في المسار الذي يسلكه الفيدرالي إلى العلامات الواضحة حول احتمالية حدوث ركود اقتصادي بالولايات المتحدة خلال الإثنى عشرة شهراً المقبلة، وهي التوقعات التي يؤكدها مسح حديث.
وحتى الآن لم تفصح وكالات الإحصاء الرسمية بالولايات المتحدة عن أرقام نمو الناتج المحلي الإجمالي الأمريكي بفعل أثر الإغلاق الحكومي الأطول بالتاريخ والذي انتهى مؤقتاً بفاتورة تمويل قصيرة الآجل.
ومع تغيير نغمة الفيدرالي، فإن الدولار الأمريكي عكس الاتجاه الذي سلكه في العام الماضي ليعاني خلال شهر يناير الماضي ليسجل انخفاضاً بأكثر من 0.6% كما سجلت الورقة الخضراء هبوطا على الصعيد الأسبوعي.
وبطبيعة الحال تنعكس الخسائر في العملة الأمريكية إلى مكاسب في سوق المعادن المقومة بالدولار، ليسجل الذهب مكاسب قوية خلال الأسبوع الماضي كما ربح نحو 37 دولاراً في يناير.
وتزامناً مع ابتعاد الفيدرالي عن سياسته المتشددة، فإن المستويات التي لم يسبق حدوثها في الذاكرة القريبة عادت مجدداً للساحة، ما دفع الرئيس ترامب للتفاخر بأداء الأسهم والتأكيد على قوة اقتصاد الولايات المتحدة.
وسجلت "وول ستريت" أكبر مكاسب شهرية في يناير للمرة الأولى في 23 عاماً، كما أن البورصة الأمريكية استطاعت وضع مكاسب خلال الأسبوع الماضي ليكون الصعود الأسبوعي السادس على التوالي.
وبالنسبة للوضع داخل سوق الاستثمار ذات الدخل الثابت، فإن عوائد السندات الأمريكية واصلت الهبوط على خلفية إشارة الفيدرالي للتحلي بالصبر في زيادة معدل الفائدة.
يذكر أن خطوة الفيدرالي ليست بمعزل عن الجميع، حيث سبق وحذر رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراجي من المخاطر المتزايدة على نمو اقتصاد منطقة اليورو وسط توقعات معدلات نمو أضعف من المتوقع.
ومن الواضح أن مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي يشعرون بالخوف تجاه اضطراب الأسواق الذي يؤثر في الاقتصاد الأوسع، كما أنهم قلقون من الغيوم المتمثل في احتكاكات تجارية والأزمة المالية بالصين ومستويات عالية من ديون الرافعة المالية للشركات فضلاً عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفقاً لتحليل نشرته صحيفة "الفايننشال تايمز".
وتقول وكالة رويترز في تقرير نشرته مؤخراً، إن السياسة النقدية للاحتياطي قد تبدو بأنها ما أمر به ترامب تماماً لكن القصة ليست كذلك، حيث تتمثل في الثقة المهتزة والتعافي الاقتصادي الذي ربما لم يكن قوياً كما يظهر والمخاطر النابعة بشكل جزئي من تصرفات ترامب.