إفتح حسابك مع HFM
إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس

تفسير سورة الأحزاب

رضا البطاوى

عضو فعال
المشاركات
2,717
الإقامة
مصر
سورة الأحزاب
سميت بهذا الاسم لذكر الأحزاب فيها فى قوله "ويحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب".
"بسم الله الرحمن الرحيم يا أيها النبى اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما "المعنى بحكم الرب النافع المفيد يا أيها الرسول اتبع الرب أى لا تتبع المكذبين والمذبذبين إن الرب كان خبيرا قاضيا ،يخاطب الله النبى (ص)وهو محمد(ص)فيقول إن اسم الله الرحمن الرحيم والمراد أن حكم الرب النافع المفيد هو أن يتق الله أى أن يطيع حكم الله أى يعبد الله مصداق لقوله بسورة الزمر"فاعبد الله"وفسر هذا بألا يطع الكافرين والمنافقين والمراد ألا يتبع حكم المكذبين بحكم الله والمذبذبين بين الكفر والإسلام مصداق لقوله بسورة القلم"فلا تطع المكذبين" ويبين له أنه عليم حكيم أى أنه خبير قاض بالعدل والخطاب للنبى (ص).
"واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا "المعنى وأطع ما يلقى لك من إلهك إن الرب كان بما تفعلون عليما أى احتمى بطاعة حكم الرب وحسبنا الرب حاميا ،يفسر الله طلبه بالتقوى وعدم طاعة الكفار والمنافقين بطلبه التالى من النبى (ص)أن يتبع ما يوحى إليه من ربه والمراد أن يطيع ما يلقى له من خالقه وهو دين إبراهيم (ص)مصداق لقوله بسورة النحل"أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا"وفسر هذا بأن يتوكل على الله والمراد أن يحتمى بطاعة حكم الرب من عذابه وكفى بالله وكيلا والمراد وحسبه الرب حاميا له من العذاب ويبين للناس أنه بما يعملون خبير والمراد أنه بما يفعلون عليم مصداق لقوله بسورة يونس"إن الله عليم بما يفعلون "ومن ثم فهو يحاسب عليه والخطاب للنبى(ص)عدا إن الله كان بما تعملون خبيرا فهو للناس ويبدو أنه جزء من آية أخرى تخاطب الناس وحشر هنا دون سبب .
"ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه وما جعل أزواجكم اللائى تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعيائكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل ادعوهم لآباءهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم فى الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما "المعنى ما خلق الرب لذكر من عقلين فى نفسه وما خلق نسائكم اللاتى تحرموهن والداتكم وما خلق أنسباءكم عيالكم ذلكم كلامكم بألسنتكم والرب يقضى العدل أى هو يبين الدين،انسبوهم لآباءهم هو أعدل لدى الرب فإن لم تعرفوا آباءهم فإخوانكم فى الإسلام وأنصاركم وليس عليكم عقاب فيما أذنبتم به ولكن ما نوت أنفسكم وكان الرب نافعا مفيدا،يبين الله للمؤمنين أنه ما جعل لرجل من قلبين فى جوفه والمراد ما خلق لإنسان من عقلين أى بصيرتين فى نفسه وإنما خلق لكل واحد بصيرة أى عقل واحد مصداق لقوله بسورة القيامة "بل الإنسان على نفسه بصيرة "وما جعل أزواجكم اللاتى تظاهرون منهن أمهاتكم والمراد ما خلق نسائكم اللاتى تحرمونهن بالقول ولا تطلقوهن والدات لكم وهذا يعنى أن كلامهم لا يثبت حقيقة لمجرد قوله ما دام الله لم يشرعه،وما جعل أدعياءكم أبناءكم والمراد وما شرع أن أنسباءكم وهم الأطفال الذين يتبنونهم أولاد لهم والسبب أنهم لم ينجبوهم من أصلابهم وهذا يعنى تحريم الظهار والتبنى لأن ذلكم وهو الظهار والتبنى هو قولهم بأفواههم أى كلامهم بألسنتهم وليس له أساس فى الحقيقة ،ويبين لهم أنه يقول الحق أى يحكم بالعدل وفسر هذا بأنه يهدى السبيل أى يبين الطريقين الحق والباطل ليتبعوا الحق مصداق لقوله بسورة البلد"وهديناه النجدين "ويطلب الله منهم أن يدعوهم لآباءهم والمراد أن ينسبوهم إلى آباءهم والمراد أن يسموهم باسم الآباء الحقيقيين المعروفين لديهم لأن هذا أقسط أى أعدل عند الله والمراد فى كتاب الرب ويبين لهم أنهم إن لم يعلموا آباءهم والمراد إن لم يعرفوا آباءهم لسبب ما فالواجب أن يجعلوهم إخوانهم فى الدين أى مواليهم والمراد أنصار فى الإسلام وهذا يعنى أن يسموا الواحد أو الواحدة فلان أخو فلان أو فلانة أخت فلان أو فلانة فى الإسلام أى فلان مولى فلان أو فلانة مولاة فلان أو فلانة،ويبين لهم أن ليس عليهم جناح أى عقاب فيما أخطئوا به والمراد فى الذى عملوه من السيئات لكن أى إلا ما تعمدت قلوبهم والمراد إلا ما نوت أى ما قصدت نفوسهم الإساءة فيه فهذا يجب العقاب عليه حسب العقوبات المشرعة فى الوحى لكل سيئة ويبين الله لهم أنه غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يتوب إلى الله والخطاب للمؤمنين .
"النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض فى كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أولياءكم معروفا كان ذلك فى الكتاب مسطورا "المعنى الرسول(ص)أحق بالمصدقين من ذواتهم ونسائه والداتهم وأصحاب القرابة بعضهم أحق ببعض فى حكم الرب من المصدقين أى المنتقلين للدين إلا أن تصنعوا إلى أنصاركم وصية كان ذلك فى الصحف مخطوطا ،يبين الله للمؤمنين أن النبى (ص)أولى بالمؤمنين من أنفسهم والمراد أن طاعة حكم الرسول (ص)أفضل للمصدقين بحكم الله من طاعة حكم أنفسهم وهو هواهم ويبين لهم أن أزواج وهن نساء النبى (ص)أمهاتهم أى والداتهم وهذا تحريم لزواج المؤمنين لنساء النبى (ص)من بعد وفاته ،ويبين لهم أن أولوا الأرحام وهم أصحاب القرابة النسبية والزواجية بعضهم أولى أى أحق بوارثة بعض فى كتاب وهو حكم الله من المؤمنين وهم المصدقين أى المهاجرين أى المنتقلين للإسلام من الأغراب وهذا يعنى أن الأقارب بالنسب والزواج وحدهم يتوارثون ويستثنى من ذلك أن يفعلوا إلى أولياءهم معروفا والمراد أن يصنعوا لأنصارهم وصية وهذا يعنى إباحة الوصية للأغراب ببعض المال وكان ذلك وهو الأحكام السابقة فى الكتاب وهو الوحى المخطوط فى الصحف فى الكعبة أى حكم الله مسطورا أى مخطوطا أى مدونا والخطاب للناس حتى المهاجرين وما بعده للمؤمنين وهو جزء من آية حذف أولها.
"وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسئل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما "المعنى وقد فرضنا على الرسل وعليك وعلى نوح(ص)وإبراهيم (ص)وموسى (ص)وعيسى ولد مريم (ص)أى فرضنا عليهم عهدا عظيما ليجازى العادلين على عدلهم وجهز للمكذبين عقابا شديدا،يبين الله للنبى (ص)أنه أخذ والمراد فرض أى أوجب على النبيين وهم الرسل(ص)ميثاقهم وهو عهدهم أى إقامة الدين ومن الرسل محمد(ص)ونوح (ص)وإبراهيم(ص)وموسى (ص)وعيسى بن مريم(ص)وفسر الله الميثاق بأنه غليظ أى عظيم وهو الدين أى الإسلام مصداق لقوله بسورة الشورى "شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذى أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه"والسبب فى فرض الدين هو أن يسأل الله الصادقين عن صدقهم والمراد أن يجزى أى يثيب العادلين بسبب عدلهم مصداق لقوله بنفس السورة"ليجزى الله الصادقين بصدقهم"وأعد أى جهز للكافرين وهم الظالمين عذابا أليما أى عقابا مهينا مصداق لقوله بسورة الإنسان"والظالمين أعد لهم عذابا أليما"وقوله بسورة الأحزاب"وأعد لهم عذابا مهينا "وهو الجزاء المناسب والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا "المعنى يا أيها الذين صدقوا الوحى اعلموا هبة الرب لكم حين أتتكم عسكر فبعثنا هواء وعسكرا لم تشاهدوها وكان الرب بما تفعلون خبيرا،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله ويطلب منهم أن يذكروا نعمة الله عليهم والمراد أن يعرفوا تأييد وهو نصر الله لهم إذ جاءتهم جنود والمراد وقت أتت لبلدهم عساكر تريد القضاء عليهم فأرسل الله عليهم والمراد فبعث الله لعسكر الكفار ريحا أى هواء ضارا بهم وجنود لم يرها المؤمنين والكفار والمراد وعسكرا لم يشاهدها الكل وهى الملائكة فنصرتهم عليهم ويبين لهم أنه كان الله بما يعملون بصيرا والمراد كان بالذى يصنعون عليما وسيحاسبهم عليه مصداق لقوله بسورة النور"إن الله عليم بما يصنعون"والخطاب وما بعده وما بعده وما بعده للمؤمنين.
"إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلى المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا "المعنى وقت أتوكم من أعلاكم ومن تحتكم ووقت ضلت القلوب ووصلت الكلمات الأفواه وتعتقدون فى الله الاعتقادات عند ذلك اختبر المصدقون واهتزوا اهتزازا عظيما ،يبين الله للمؤمنين أن الكفار جاءوهم من فوقهم ومن أسفل منهم والمراد أتوهم من أمام بلدهم ومن خلف بلدهم وعند ذلك زاغت الأبصار والمراد حارت القلوب والمراد ضلت النفوس وبلغت القلوب الحناجر والمراد ووصلت كلمات الضلال الأفواه وقد فسرنا القلوب بأنها الكلمات كما فى قوله بسورة البقرة "كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم "فمثلية الأقوال هى تشابه القلوب أى الكلمات وهذا يعنى أن بعض من المؤمنين قالوا كلمات تدل على ضلالهم وفسر هذا بأنهم ظنوا فى الله الظنون أى اعتقدوا فى الرب الاعتقادات الخاطئة وهى أنه خذلهم وفسر هذا بأنهم زلزلوا زلزالا شديدا أى اهتز إيمانهم اهتزازا عظيما والمراد أن شدة الحرب جعلت بعض المؤمنون يفقدون ثقتهم فى دين الله فكفر بعض منهم به للحظات ثم عادوا للثقة به .
"إذ يقول المنافقون والذين فى قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "المعنى وقت يقول المذبذبون أى الذين فى نفوسهم علة ما قال لنا الرب ونبيه إلا خداعا،يبين الله للمؤمنين أن الظنون وهى الزلزال هى قول المنافقون وفسرهم بأنهم الذين فى قلوبهم مرض والمراد الذين فى نفوسهم علة هى النفاق :ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا والمراد ما أخبرنا الرب ونبيه إلا كذبا ،وهذا يعنى أنهم كذبوا قول الله ونبيه (ص).
"وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستئذن فريق منهم النبى يقولون إن بيوتنا عورة وما هى بعورة إن يريدون إلا فرارا "المعنى وقد قالت جماعة منهم يا سكان المدينة لا بقاء لكم فعودوا ،ويستسمح جمع منهم الرسول(ص)يقولون إن مساكننا مكشوفة وما هى بمكشوفة إن يحبون إلا هروبا ،يبين الله للمؤمنين أن الظن الباطل وهو الزلزال كان فى قول طائفة أى جماعة من المنافقين للناس:يا أهل يثرب والمراد يا سكان البلدة لا مقام لكم أى لا بقاء أى لا حياة لكم إن حاربتم فارجعوا أى فعودوا للبلد،وحققوا القول فاستئذن فريق منهم والمراد فطلب جمع منهم السماح بالرجوع للبلد من النبى وهو الرسول(ص)يقولون:إن بيوتنا عورة أى إن مساكننا مكشوفة للعدو فإجعلنا نرجع للدفاع عنها مع أن بيوتهم وهى مساكنهم لم تكن بعورة أى مكشوفة للعدو ولكن الفريق كانوا يريدون فرارا أى يحبون هروبا والمراد يطلبون البعد عن القتال حبا فى الحياة.
"ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا "المعنى ولو ولجت عليهم من أبوابها ثم طولبوا بالسقطة لارتكبوها وما مكثوا بها إلا قليلا،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين لو دخلت عليهم من أقطارها والمراد لو ولج الكفار على المنافقين من أبواب البيوت ثم سئلوا الفتنة والمراد ثم طلب منهم الخيانة للمسلمين لأتوها أى لفعلوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا والمراد وما فكروا فى عدم الخيانة إلا وقت قصير ثم وافقوا الكفار على طلبهم .
"قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا "المعنى قل لن يفيدكم الهرب إن هربتم من الوفاة أو الذبح وإذا لا تلذذون إلا قليلا ،يطلب الله من نبيه (ص)أن يقول للمنافقين :لن ينفعكم الفرار والمراد لن يفيدكم الهرب إن فررتم أى هربتم من الموت وهو الوفاة الطبيعية أو القتل وهو الذبح ،وهذا يعنى أن الهروب لا يمنع الوفاة أو الذبح من الحدوث فى الموعد والمكان المقرر،وإذا لا تمتعون إلا قليلا أى وإذا لا تعيشون سوى وقتا يسيرا وهذا يعنى أن فائدة الهروب هى التمتع حتى مجىء وقت الموت أو القتل والخطاب للنبى(ص)ومنه للمنافقين .
"قل من ذا يعصمكم من الله إن أراد بكم سوءا أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا "المعنى قل من هذا الذى يحميكم من الرب إن شاء بكم ضررا أو شاء بكم نفع ولا يلقون لهم من غير الرب منقذا أى واقيا ،يطلب الله من النبى (ص)أن يقول للمنافقين :من ذا أى من الذى يعصمكم أى يحميكم أى ينقذكم من الله إن أراد بكم سوءا أى إن أحب بكم ضرا أو أراد بكم رحمة أى أحب بكم نفعا مصداق لقوله بسورة الفتح"فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم ضرا أو أراد بكم نفعا" ويبين له أنهم لا يجدون لهم من دون الله وليا ولا نصيرا والمراد لا يلقون لهم من سوى الرب نافعا أى واقيا من الضرر مصداق لقوله بسورة الرعد"ما لك من الله من ولى ولا واق" والخطاب للنبى(ص)ومنه للمنافقين.
"قد يعلم الله المعوقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس إلا قليلا أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك نظر المغشى عليه من الموت تدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا "المعنى قد يدرى الرب المثبطين منكم أى القائلين لأصحابهم تعالوا معنا ولا يحضرون القتال إلا قصيرا بخلاء عليكم فإذا أتى الرعب شاهدتهم يرنون لك تلف أعينهم كالذى يغمى عليه من الوفاة فإذا زال الرعب شتموكم بكلمات عظيمة بخلاء على النفع أولئك لم يصدقوا فأخسر الله أفعالهم وكان ذلك على الرب هينا،يبين الله للمنافقين أنه يعلم المعوقين والمراد يعرف المانعين للعون عن المسلمين وفسرهم بأنهم القائلين لإخوانهم وهم أصحابهم :هلم إلينا والمراد تعالوا معنا ولا تذهبوا للقتال،وهذا يعنى أنهم طلبوا منهم ترك مواقعهم القتالية والهرب ولذا فإن المعوقين لا يأتون البأس إلا قليلا والمراد لا يحضرون القتال إلا وقت قصير ثم يهربون متسللين من الميدان ،ويبين للمؤمنين أن المعوقين أشحة عليهم أى مانعين للعون عنهم وهم إذا جاء الخوف والمراد إذا أتت أسباب الرعب من الأسلحة والرجال رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم والمراد شاهدتهم يرنون لك بعيونهم تتحرك عيونهم كالذى يغشى عليه من الموت والمراد كالذى يغمى عليه عند الوفاة وهذا يعنى أنهم من شدة الرعب يشبهون الموتى فى حركة العيون التى تتحرك حركات تشبه حركات عيون الناس عند الموت وإذا ذهب الخوف والمراد وإذا زالت أى رحلت أسباب الرعب من رجال وعتاد كانت النتيجة أن سلقوكم بألسنة حداد والمراد شتموكم بكلمات شديدة وهذا يعنى أنهم يسبون المسلمين بكلمات مقذعة وهم أشحة على الخير أى مانعين للنفع عن المسلمين وهم لم يؤمنوا أى لم يصدقوا حكم الله ولذا أحبط الله أعمالهم أى "فأضل أعمالهم "كما قال بسورة محمد والمراد أضاع الرب جزاء أفعالهم وكان ذلك وهو تضييع الثواب على الله يسيرا أى هينا لأنه لم يشرع لهم ثوابا على أعمال لم يقصدوه بها والقول حتى قليلا خطاب للمنافقين ثم للمؤمنين أشحة عليكم ثم للنبى (ص)ينظرون إليك ثم للمؤمنين مرة أخرى من عند فإذا ذهب وكل منهم يبدو جزء من آية غير الأخرى تم حشرهم معا .
"يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون فى الأعراب يسئلون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوكم إلا قليلا "المعنى يظنون الفرق لم يرحلوا وإن تحضر الفرق يحبوا لو أنهم مقيمون مع الأعراب يستخبرون عن أخباركم ولو كانوا فيكم ما حاربوكم إلا وقتا قصيرا،يبين الله للمؤمنين أن المنافقين يحسبون الأحزاب لم يذهبوا والمراد يعتقدون أن فرق الكفار المحاربة للمسلمين لم يرحلوا عن المدينة بسبب عدم خروجهم من مخابئهم ويبين لهم أنهم إن يأت الأحزاب أى إن تحضر فرق الكفر يودوا أى يحبوا فعل التالى لو أنهم بادون فى الأعراب والمراد لو أنهم ساكنون مع البدو يسألون عن أنبائكم والمراد يستفهمون من القادمين للبادية عن أخبار المسلمين ويبين لهم أنهم لو كانوا مقيمين مع المسلمين ما قاتلوا إلا قليلا أى ما حاربوا فى البأس إلا وقتا قصيرا مصداق لقوله بنفس السورة "ولا يأتون البأس إلا قليلا" والخطاب وما بعده للمؤمنين.
"لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا "المعنى لقد كان لكم فى مبعوث الله قدوة كريمة لمن كان يريد ثواب الرب أى يوم البعث وأطاع الرب دوما ،يبين الله للمؤمنين أنهم لهم فى رسول الله وهو نبى الله(ص)أسوة حسنة أى قدوة صالحة يسير على هداها من كان يرجوا الله أى من كان يريد رحمة الله مصداق لقوله بسورة البقرة"يرجون رحمة الله"وفسر الله بأنه يريد رحمة اليوم الآخر وهو يوم القيامة وهى الجنة وذكر الله كثيرا أى وأطاع حكم الرب دوما أى سبح حكم الرب دائما مصداق لقوله بسورة طه"كى نسبحك كثيرا".
"ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما "المعنى ولما شاهد المصدقون الفرق قالوا هذا ما أخبرنا الرب ونبيه وعدل الرب ونبيه (ص)وما أمدهم إلا تصديقا وطاعة،يبين الله لنا أن المؤمنون وهم الموقنون بحكم الله لما رأوا الأحزاب والمراد لما شاهدوا فرق الكفار آتية للحرب قالوا :هذا ما وعدنا الله ورسوله والمراد هذا ما أخبرنا الرب ونبيه(ص)وهذا يعنى أن الله أخبر رسوله (ص)بمجىء الكفار قبل مجيئهم بفترة ،وصدق أى وعدل الله ورسوله (ص)فى قوله وهذا يعنى أن وحى الله قد تحقق ،وما زادهم إلا إيمانا وتسليما والمراد وما أعطاهم مجىء الفرق سوى تصديق بحكم الله وطاعة لحكم الله والخطاب للنبى(ص).
"من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزى الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما "المعنى من المصدقين ناس نفذوا الذى واثقوا الرب عليه فمنهم من انتهى عمره ومنهم من يرتقب وما غيروا تغييرا ليثيب الرب العادلين بعدلهم ويعاقب المذبذبين إن أراد أو يرحمهم إن تابوا إن الرب كان عفوا نافعا ،يبين الله لنا أن من المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله رجال أى ناس صدقوا ما عاهدوا الله عليه والمراد أطاعوا الذى واثقوا الرب عليه وهذا يعنى أنهم أطاعوا حكم وهو ميثاق الله وقد انقسموا لفريقين الأول من قضى نحبه أى من انتهى عمره بعد طاعته لحكم الله والثانى من ينتظر أى يرتقب انتهاء عمره وهو مطيع لحكم الله وهم ما بدلوا تبديلا أى ما غيروا تغييرا فى حكم الرب ويبين الله لنا أنه أنزل العهد لكى يجزى الصادقين بصدقهم والمراد لكى يرحم العادلين بسبب عدلهم وهو طاعتهم لحكم الله ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم والمراد ويعاقب المذبذبين بين الكفر والإسلام إن أراد بسبب استمرار نفاقهم حتى الموت أو يغفر لهم إن تابوا عن النفاق فى حياتهم وكان الله غفورا رحيما أى نافعا مفيدا لمن يتوب والخطاب وما بعده للنبى(ص).
"ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا "المعنى وأعاد الرب الذين كذبوا بحقدهم لم يأخذوا نفعا ووقى الرب المصدقين الحرب وكان الرب ناصرا غالبا ، يبين الله للنبى(ص) أنه رد الذين كفروا بغيظهم والمراد أرجع الذين كذبوا حكم الله إلى بلادهم بحقدهم وهو غضبهم لم يشفوه حيث لم ينالوا خيرا والمراد حيث لم يكسبوا نصرا أى نفعا من مجيئهم لدولة المسلمين ويبين لنا أنه كفى المؤمنين القتال والمراد وقى المصدقين بحكمه من أذى الحرب وكان الله قويا عزيزا أى قادرا غالبا لعدوه الذى هو عدو المسلمين .
"وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف فى قلوبهم الرعب فريقا تقتلون وتأسرون فريقا وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها وكان الله على كل شىء قديرا "المعنى وأخرج الذين ناصروهم من أصحاب الوحى السابق من قلاعهم ورمى فى نفوسهم الخوف جمعا تذبحون وتسبون جمعا وملككم أرضهم ومساكنهم وأملاكهم وأرضا لم تلمسوها وكان الرب لكل أمر فاعلا ،يبين الله للمؤمنين أنه أنزل الذين ظاهروا الأحزاب من أهل الكتاب من صياصيهم والمراد أنه طرد الذين ساعدوا الفرق من أصحاب الوحى السابق وهم اليهود من حصونهم وفسر هذا بأنه قذف فى قلوبهم الرعب والمراد وضع فى نفوسهم الخوف من أذى المسلمين فسلموهم الحصون ففريقا تقتلون أى فبعضا منهم تذبحون وهم من حاربوكم وفريقا تأسرون والمراد وبعضا تسبونهم أى تتخذونهم سجناء حتى حين ممن حاربوكم ويبين لهم أنه أورثهم أرضهم وفسرها بأنها ديارهم والمراد ملكهم بيوتهم وهى صياصيهم وأموالهم وهى أملاكهم من نقود وذهب وغير ذلك وزاد على هذا أنه ملكهم أرضا لم يطؤها أى بلدا لم يملكوها بعد وهى مكة ولكنهم سيملكونها فى المستقبل ويبين لهم أنه على كل شىء قديرا والمراد لكل أمر يريده فاعلا مصداق لقوله بسورة البروج"فعال لما يريد" والخطاب للمؤمنين ويبدو أنه محذوف أوله.
"يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما "يا أيها الرسول قل لنسائك إن كنتن تفضلن المعيشة الأولى أى متاعها فهيا أعطيكن وأطلقكن طلاقا حسنا وإن كنتن تفضلن الرب ونبيه(ص)وجنة القيامة فإن الرب جهز للصالحات منكن ثوابا كبيرا،يخاطب الله نبيه (ص)فيطلب منه أن يقول لأزواجه وإمائه وهن نسائه التالى إن كنتن تردن الحياة الدنيا والمراد إن كنتن تحببن متاع المعيشة الأولى أى زينتها وهو متاعها فتعالين أمتعكن أى أعطيكن من مال الدنيا نفقة طلاق وأسرحكن سراحا جميلا أى وأطلقكن طلاقا حسنا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة والمراد وإن كنتن تحببن رحمة الرب وطاعة نبيه (ص)وفسر رحمة الرب بأنه رحمة اليوم الآخر وهى جنة القيامة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما والمراد فإن الرب جهز للصالحات منكن ثوابا كبيرا وهذا يعنى أن الله طلب من النبى(ص) أن يخير نساءه بين الدنيا والآخرة حتى لا يتعبوه بكفرهن فى المستقبل فهو أمر بالتخلص من الزوجات أو الإماء الكافرات التى يردن الإستمرار فى كفرهن والخطاب وما بعده للنبى(ص) ومنه لنسائه.
"يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا "المعنى يا زوجات الرسول (ص)من ترتكب منكن زنى ظاهر ينفذ فيها العقاب مرتين وكان ذلك على الرب هينا ،يخاطب الله نساء وهن زوجات وإماء النبى (ص)فيقول من تأت منكن بفاحشة مبينة والمراد من تفعل منكن زنى مشهود عليه يضاعف لها العذاب ضعفين والمراد ينفذ فيها العقاب مرتين وهذا يعنى أن تجلد مائتين جلدة بدلا من مائة مصداق لقوله بسورة النور "الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة"وتفسير الفاحشة بأنها الزنى هو تصديق لقوله بسورة الإسراء"ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة "وكان ذلك على الله يسيرا والمراد وكان العذاب المضاعف على الرب هينا سهلا .
"ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا لها رزقا كريما "المعنى ومن تخضع منكن لله ونبيه(ص)أى تصنع نافعا نعطها ثوابها كفلين وجهزنا لها ثوابا عظيما ،يبين الله لنساء النبى (ص)أن من تقنت منهن لله ورسوله(ص)أى من تخضع منهن للرب ونبيه(ص)والمراد من تطيع منهن حكم الله ونبيه(ص)وفسر الله هذا بأن تعمل صالحا أى تفعل نافعا من العمل يؤتها الله أجرها مرتين أى يعطيها ثوابها مرتين مرة فى الدنيا ومرة فى الآخرة حيث أعتد لهن رزقا كريما والمراد حيث جهز لهن ثوابا كبيرا هو الجنة
 
"يا نساء النبى لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذى فى قلبه مرض وقلن قولا معروفا "المعنى يا إناث الرسول(ص)لستن كواحدة من الإناث إن أطعتن فلا تلن الكلام فيرغب فيكن الذى فى نفسه علة وتكلمن كلاما طيبا ،يخاطب الله نساء وهن زوجات وإماء النبى (ص)فيقول:لستن كأحد من النساء والمراد لستم كبعض الإناث والسبب كونهن أمهات المؤمنين فبقية النساء لسن أمهات لكل المسلمين ،إن اتقيتن والمراد إن أطعتن حكم الله فلا تخضعن بالقول والمراد فلا تلن الحديث والمراد فلا تبطلن أى تلغين فى الكلام أى تتحدثن بالباطل فيطمع الذى فى قلبه مرض أى فيرغب الذى فى نفسه علة فى جماعكن وهذا يعنى ألا يتكلمن بالباطل مع الرجال وأن يقلن قولا معروفا والمراد أن يتحدثن حديثا حقا والخطاب وما بعده لنساء النبى(ص)
"وقرن فى بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وأتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس آل البيت ويطهركم تطهيرا "المعنى وابقين فى حجراتكن ولا تظهرن ظهور الكفر السابق وأطعن الدين أى اعملن الحق أى اتبعن حكم الله ونبيه (ص)إنما يحب الرب أن يزيل عنكم العقاب أهل البيت أى يزكيكم تزكية ،يخاطب الله نساء النبى (ص)فيقول وقرن فى بيوتكن والمراد وامكثن فى حجراتكن والمراد أن يستقررن فى منازلهن فلا يخرجن إلا لحاجة ضرورية ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى والمراد ولا تظهرن من أجسامكن إظهار الكفر السابق الذى كنتم عليه وهذا يعنى ألا يكشفوا شىء من عورة أجسامهن ،وأقمن الصلاة أى أطعن الدين وفسره بقوله وأتين الزكاة أى اعملن الحق وفسره بقوله أطعن أى اتبعن حكم الله المنزل على رسوله(ص)ويبين لهن أن الله يريد بهذا أن يذهب عنهم الرجس وفسر هذا بأنه يريد أن يطهرهم تطهيرا والمراد أن يبعد عنهم العذاب أى يرحمهم رحمة كبرى وهم آل البيت أى أصحاب مسكن الرسول ومن ثم فأهل البيت هن زوجات وإماء النبى(ص)وليس أحد من بناته لعدم ذكرهن فى الآيات هنا .
"واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا "المعنى وأطعن الذى يقرأ
فى حجراتكن من أحكام الرب أى الوحى إن الرب كان عليما محيطا،يطلب الله من نساء النبى (ص)أن يذكرن ما يتلى فى بيوتهن من آيات الله والمراد أن يتبعن الذى يقرأ من النبى (ص)فى حجراتهن من أحكام الرب وفسرها بأنها الحكمة أى الوحى العادل ويبين لهم أنه كان لطيفا خبيرا أى عليما محيطا بكل شىء وسيحاسبهم عليه.
"إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما"المعنى إن المطيعين والمطيعات والمصدقين والمصدقات والخاشعين والخاشعات والعادلين والعادلات والمتمسكين والمتمسكات والخائفين والخائفات والعاطين والعاطيات والممتنعين والممتنعات والصائنين أنفسهم والصائنات والمطيعين الرب دوما والطائعات جهز الرب لهم رحمة أى ثوابا كبيرا، يبين الله أن المسلمين والمسلمات وهم المطيعين حكم الله والطائعات لحكمه وهم المؤمنين والمؤمنات أى المصدقين بحكم الله والمصدقات بحكمه وهم القانتين والقانتات وهم المتبعين حكمه والمتبعات وهم الصادقين والصادقات أى العادلين بحكم الله والعادلات وهم الصابرين والصابرات وهم المتمسكين بحكم الله والمتمسكات وهم الخاشعين والخاشعات وهم الخاضعين لحكم الله والخاضعات وهم المتصدقين والمتصدقات أى العاطين الحق أصحابه وهو حكم الله والعاطيات وهم الصائمين والصائمات وهم الممتنعين عن عمل الباطل والممتنعات عن عمل الباطل وهن العاملات حكم الله وهم الحافظين فروجهم والحافظات وهم الحامين أنفسهم من العذاب بطاعة حكم الله والحاميات وهم الذاكرين الله كثيرا والذاكرات وهم المطيعين حكم الرب دوما والمطيعات أعد الله لهم مغفرة أى جنات مصداق لقوله بسورة التوبة"أعد الله لهم جنات"وهى الأجر العظيم أى الثواب الكريم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وأعد الله لهم أجرا كريما "والخطاب للنبى(ص).
"وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا "المعنى وما كان لمصدق ولا مصدقة إذا حكم الرب ونبيه(ص)حكما أن يكون لهم الاختيار فى قضيتهم ومن يخالف الرب ونبيه (ص)فقد خسر خسرانا ظاهرا،يبين الله للمؤمنين أن ما كان لمؤمن أى مصدق بحكم الله ولا مؤمنة أى مصدقة بحكم الله إذا قضى والمراد حكم أى شرع الله ورسوله (ص)أمرا أى حكما أن يكون لهم الخيرة من أمرهم والمراد أن يكون لهم حق المفاضلة بين حكم الله ونبيه (ص)وحكم أخر فى قضيتهم وهذا يعنى وجوب طاعة الله وحده وأما من يعص أى يخالف أى يشاقق حكم الله ورسوله(ص)فقد ضل ضلالا مبينا أى خسرا خسرانا كبير والمراد دخل النار مصداق لقوله بسورة التوبة"أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم "والخطاب للمؤمنين
"وإذ تقول للذى أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها لكى لا يكون على المؤمنين حرج فى أزواج أدعياءهم إذا قضوا منهن وطرا وكان أمر الله مفعولا"المعنى وحين تقول للذى من الرب عليه أى الذى مننت عليه ابق لك امرأتك وتكتم فى قلبك ما الله مظهره وتخاف الخلق والرب أولى أن تخافه فلما أخذ زيد منها نصيبه زوجناكها لكى لا يكون على المصدقين ضيق فى نساء أنسباءهم إذا أخذوا منهن نصيبا وكان حكم الرب متحققا ،يبين الله لنبيه (ص)أنه قال للذى أنعم أى تفضل الله عليه برحمته أى الذى أنعم النبى (ص) عليه والمراد الذى تفضل النبى (ص)عليه بالعتق والتبنى: أمسك عليك زوجك أى ابق امرأتك فى عصمتك فهو ينصحه بعدم تطليق زوجته،وتخفى فى نفسك ما الله مبديه والمراد وتكتم فى قلبك ما الرب مظهره والمراد أن النبى (ص)أسر فى قلبه أمر رغبته فى زواج امرأة زيد بعد طلاقها وهو ما أظهره الله بعد ذلك بتشريع زواج نساء الأدعياء ولكنه كان يخشى أى يخاف من أذى وهو كلام الناس مع أن الله أحق أن يخشاه أى يخاف عذابه فيطيع حكمه،ويبين له أن زيد وهو متبناه لما قضى منها وطرا أى لما أنهى معها زواجا والمراد لما أخذ نصيبه من الحياة الزوجية معها طلقها فكانت النتيجة أن زوجها أى أنكحها الله للنبى (ص)فهو زواج بأمر إلهى والسبب أن لا يكون على المؤمنين وهم المصدقين بحكم الله حرج فى أزواج أدعياءهم والمراد ألا يكون على المصدقين تحريم لنساء المتبنين لهم إذا قضوا منهن وطرا والمراد إذا أنهوا معهن زواجا أى طلقوهن وكان أمر وهو حكم الله مفعولا أى مقضيا أى واقعا والخطاب للنبى(ص) .
"ما كان على النبى من حرج فيما فرض الله له سنة الله فى الذين خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا"المعنى ما كان على الرسول(ص)من عقاب فيما أوجب الله له حكم الرب فى الذين مضوا من قبل وكان حكم الله حكما مفعولا،يبين الله للناس أن ما كان على النبى (ص)وهو الرسول من حرج وهو العقاب فيما فرض أى أوجب الله له وهذا يعنى أن النبى (ص)لا يعاقب بسبب ما أحل الله له من زواج أكثر من أربعة وهذه هى سنة أى حكم الله فى الذين خلوا أى مضوا من قبل من الرسل (ص) وكان أمرا الله قدرا مقدورا أى وكان حكم الرب حكما واقعا أى مفعولا والخطاب للناس .
"الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا "المعنى الذين يوصلون أحكام الرب ويخافونه ولا يخافون أحدا إلا الرب وحسبنا الرب مجازيا، يبين الله للمؤمنين أن الرسل هم الذين يبلغون رسالات الله والمراد الذين يقولون أحكام الرب للناس وهم يخشونه أى يخافون عذاب الله فيطيعونه مصداق لقوله بسورة الإسراء"ويخافون عذابه"وهم لا يخشون أحدا إلا الله والمراد ولا يخافون أذى أحد سوى الله وكفى بالله حسيبا والمراد وحسبنا الرب مجازيا بالعدل والخطاب للمؤمنين وأول القول محذوف ومعناه من المسلمون؟هم رسل الله الذين.... .
" ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شىء عليما "المعنى ما كان محمد(ص)والد أحد من ذكوركم ولكن مبعوث الرب وأخر الرسل وكان الرب بكل أمر خبيرا ،يبين الله للناس أن محمد (ص)ما كان أب لواحد من رجالهم أى ما كان والدا لولد من ذكورهم وهذا يعنى أنه لم ينجب ذكرا ولكنه رسول أى مبعوث الرب للناس وهو خاتم النبيين أى أخر الرسل المبعوثين للناس بالوحى فما نزل عليه أخر وحى وكان الله بكل شىء عليما أى وكان الرب بكل أمر محيطا مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها الذين أمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا"المعنى يا أيها الذين صدقوا حكم الله أطيعوا الرب طاعة دائمة أى اتبعوه نهارا وليلا،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا الوحى فيطلب منهم أن يذكروه ذكرا كثيرا أى أن يطيعوا حكمه طاعة مستمرة وفسر هذا بأنه يسبحوه بكرة وأصيلا والمراد أن يطيعوا حكمه نهارا وعشيا أى ليلا مصداق لقوله بسورة مريم"وسبحوه بكرة وعشيا "والخطاب للمؤمنين.
"هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما "المعنى هو الذى يدعو لكم وملائكته ليبعدكم عن الضلالات إلى الهدى وكان للمصدقين نافعا قولهم يوم يقابلونه خير وجهز لهم ثوابا عظيما ،يبين الله للمؤمنين أن الله يصلى لهم أى يرحمهم بالحق مصداق لتفسيره الصلوات بالرحمة فى قوله بسورة البقرة"أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة"والملائكة تصلى عليهم أى تدعوا لهم أى تستغفر لهم الله مصداق لقوله بسورة غافر"ويستغفرون للذين آمنوا"والسبب فى الصلاة من الله والملائكة أن يخرجهم من الظلمات إلى النور أى يبعدهم عن العذابات إلى الرحمة وهى الجنة وكان الله بالمؤمنين رحيما والمراد وكان الله للمصدقين بحكمه نافعا وتحيتهم وهى قولهم يوم يلقونه والمراد يوم يدخلون رحمته سلام أى خير وفسر الرحمة بأنه أعد لهم أجرا كريما والمراد جهز لهم ثوابا عظيما مصداق لقوله بنفس السورة الأحزاب"أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما"والخطاب للمؤمنين.
"يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا "المعنى يا أيها الرسول إنا بعثناك حاكما ومبلغا أى موصلا أى مناديا إلى الرب بحكمه أى هاديا صادقا وأخبر المصدقين بأن لهم من الرب رحمة كبرى ،يخاطب الله النبى (ص)وهو الرسول(ص)فيقول إنا أرسلناك شاهدا والمراد إنا بعثناك حاكما بين الناس مصداق لقوله بسورة النساء "لتحكم بين الناس"ومبشرا أى نذيرا أى مبلغا للوحى للناس وفسر هذا بأنه داعيا إلى الله بإذنه والمراد مناديا إلى طاعة الله بوحيه وهو حكمه وفسره بأنه سراجا منيرا أى هاديا صادقا أى مرشدا عظيما بحكم الله ويطلب منه أن يبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا والمراد أن يخبر المصدقين بحكم الله أن الله أعد لهم أجرا عظيما أى رحمة كبرى مصداق لقوله بسورة الأحزاب"أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما"والخطاب وما بعده للنبى(ص)
"ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا"المعنى ولا تتبع المكذبين والمذبذبين أى اترك حكمهم أى احتمى بطاعة الله وحسبك الله حاميا ،يقول الله لنبيه (ص)لا تطع الكافرين أى لا تتبع دين الآثمين مصداق لقوله بسورة الإنسان"ولا تطع منهم آثما"ودين المنافقين وهم المذبذبين بين الإسلام والكفر وفسر الله هذا بأن يدع أذاهم أى يترك طاعة أديانهم وفسر هذا بأن يتوكل على الله أى يحتمى بطاعة حكم الله من عذابه وكفى بالله وكيلا أى وحسبك الرب حاميا من العذاب .
"يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا "المعنى يا أيها الذين صدقوا إذا تزوجتم المصدقات ثم فصلتموهن من قبل أن تجامعوهن فما لكم عليهن من عدة تنفذونها فأعطوهن أى أبعدوهن إبعادا عادلا،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:إذا نكحتم المؤمنات أى إذا خطبتم أى إذا تزوجتم المسلمات ثم طلقتموهن أى فصلتموهن أى تركتموهن من قبل أن تمسوهن أى تجامعوهن أى تدخلوا عليهن فما لكم عليهن من عدة أى مدة مانعة لزواجهن تعتدونها أى تطبقونها وهذا يعنى أن المخطوبة أى المتزوجة التى لم يدخل بها أى لم يجامعها زوجها ليس لها مدة تمنعها من الزواج مرة أخرى بعد الطلاق فمن حقها الزواج بعد الطلاق ولو بدقيقة أو ساعة ،ويطلب منهم أن يمتعوهن أى يعطوهن نفقة الطلاق لمدة ثلاثة أشهر وفسر هذا بأن يسرحوهن سراحا جميلا أى يتركوهن تركا عادلا بدفع النفقة والخطاب للمؤمنين .
"يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى أتيت أجورهن وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى إن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما "المعنى يا أيها الرسول إنا أبحنا لك نسائك اللاتى سلمت مهورهن أى ما حكمت نفسك من الذى أعطى الرب لك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى انتقلن معك وفتاة مصدقة إن عرضت زواجها على الرسول (ص)إن أحب النبى (ص)أن يتزوجها خاصة به من سوى المصدقين ،قد عرفنا الذى أوجبنا لهم فى عدد نساءهم والذى تحكمت أنفسهم لكيلا يكون عليك لوم وكان الرب عفوا نافعا ،يبين الله للنبى (ص)أنه أحل والمراد أباح له جماع أزواجه وهن نسائه اللاتى أتى أجورهن والمراد اللاتى سلم لهن مهورهن أى ما ملكت يمينه وهو ما تحكمت نفسه فيهن من النساء مما أفاء أى أنعم الله عليه بهن وأباح له جماع كل من بالزواج منهن بنات أعمامه وعماته وأخواله وخالاته اللاتى هاجرن معه وهن اللاتى انتقلن معه للمدينة مسلمات وليس لهن أزواج أو راغبين فى زواجهن لأنه مسئول عن الإنفاق عليهن وأباح له امرأة مؤمنة أى فتاة مصدقة إن وهبت نفسها للنبى (ص)والمراد إن عرضت زواجها منه عليه إن أراد النبى (ص)أن يستنكحها والمراد إن أحب الرسول (ص) أن يتزوجها وهى خالصة له أى خاصة به من دون المؤمنين وهم المصدقين وهذا يعنى أنه أباح له زواج أى امرأة مسلمة تعرض عليه أن يتزوجها إن أحب زواجها ،ويبين الله له أنه قد علم أى عرف ما فرض عليهم فى أزواجهم وما ملكت أيمانهم والمراد عرف الذى أوجب لرجال المسلمين من عدد نساءهم والذى تحكمت أنفسهم فيهن من النساء غير المتزوجات فقد أباح لهم جماعهن ويبين له أنه أباح له زواج كل من سبق ذكرهن كى لا يكون عليه حرج أى كى لا يكون عليه لوم أى أذى من كلام من الناس بعد معرفتهم بما أباح الله،ويبين له أنه غفور رحيم أى نافع مفيد للمؤمنين والخطاب حتى معك للنبى(ص)ومن بعده وامرأة... يستنكحها للمؤمنين وهو جزء من آية أخرى محذوف بعضها حشرت فى القول وبعدها للنبى(ص)ويبدو جزء من قول أخر حذف بعضه.
"ترجى من تشاء منهن وتؤى إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما أتيتهن كلهن والله يعلم ما فى قلوبكم وكان الله عليما حكيما "المعنى تبعد من تريد منهن وتقرب لك من تريد ومن قربت ممن أبعدت فلا لوم عليك ذلك أفضل أن تسكن قلوبكن أى لا يغتممن أى يقبلن لما أعطيتهن كلهن والله يعرف الذى فى نفوسكم وكان الرب خبيرا قاضيا ،يبين الله للنبى (ص)أنه يرجى من يشاء منهن أنه يبعد من يريد من نساءه عنه والمراد يهجر من يريد منهن ويؤى إليه من يشاء أى يقرب له من يحب منهن والمراد يعاشر من يريد منهن ومن ابتغى ممن عزلت أى ومن تريد ممن هجرت والمراد أن يعاشر من هجر منهن سابقا إذا أطعنه وليس فى الهجر والمعاشرة عليه جناح أى لوم أى عتاب ما دام بالعدل ،ويبين له أن ذلك وهو هجره ومعاشرته حسبما يعدل هو أدنى أن تقر أعينهن أفضل لكى تسكن قلوب النساء وفسر هذا بألا يحزن أى يغتممن ويقلقن ويرضين بما أتاهن والمراد ويقبلن بما أعطاهن أى بما قسم لهن الرسول(ص)من المعاشرة ويبين الله له أنه يعلم ما فى قلوبهم أى يعرف الذى فى أنفسهم مصداق لقوله بسورة البقرة "واعلموا أن الله يعلم ما فى أنفسكم "وهو نيتهم والله عليم حليم أى خبير قاضى بالعدل والخطاب للنبى(ص)
"لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شىء رقيبا "المعنى لا يباح لك النسوة من بعد ولا أن تغير بهن من زوجات ولو أحببت جمالهن أى ما تصرفت نفسك وكان الرب على كل أمر رشيدا ،يبين الله لنبيه (ص)أن النساء وهن الإناث العاقلات البالغات لا تحل له من بعد والمراد لا يباح له زواجهن من بعد ما تزوج من النساء المذكورات فى الآيات السابقة أو بعضهن حتى ولو أعجبه حسنهن أى حتى ولو أحب جمالهن والمراد حتى ولو نالت أجسام النساء استحسان نفسه وفسر النساء بأنهن ما ملكت يمينه وهن ما أمرت نفسه لديه ويبين الله لنبيه(ص)أنه لا يحل له أن يبدل بالنساء من أزواجه والمراد لا يباح له أن يجعل مكان زوجة من زوجاته واحدة من النساء اللاتى أعجبنه وهذا يعنى أنه حرم عليه طلاق أى زوجة منهن من أجل أن يتزوج امرأة أعجبته ويبين له أنه على كل شىء رقيب والمراد أنه بكل أمر عليم مصداق لقوله بسورة الأحزاب"فإن الله بكل شىء عليما"والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستئنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحى منكم والله لا يستحى من الحق وإذا سألتموهن متاعا فسئلوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما "المعنى يا أيها الذين صدقوا لا تلجوا مساكن الرسول(ص)إلا أن يسمح لكم بأكل غير مترقبين نضجه ولكن إذا نوديتم فادخلوا فإذا أكلتم فانصرفوا ولا مستحبين لكلام إن ذلكم كان يضر الرسول(ص)فيخجل منكم والرب لا يخجل من العدل وإذا طالبتموهن بنفع فطالبوهن من خلف حاجز ذلكم أزكى لنفوسكم ونفوسهن وما كان لكم أن تضروا نبى الرب ولا أن تتزوجوا نسائه من بعده إن ذلكم كان لدى الرب كبيرا،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا بحكم الله فيقول لهم :لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه والمراد لا تلجوا حجرات الرسول(ص)إلا أن يسمح لكم بأكل غير مترقبين نضجه وهذا يعنى أنه ينهاهم عن دخول منازل النبى (ص)دون إذن منه لهم بالأكل وهذا يعنى أنهم كانوا يدخلون بيوته بعد إذنه ثم يجلسون منتظرين نضج الطعام الذى يطبخه أهله ثم يأكلون منه دون أن يكون هناك استعداد منه ومن أهله لإطعامهم ويبين لهم أنهم إذا دعوا فعليهم أن يدخلوا والمراد إذا ناداهم الرسول(ص) لأكل الطعام عليهم أن يلجوا البيوت للأكل ويبين لهم أنهم إذا طعموا أى تناولوا الأكل فالواجب عليهم هو الإنتشار أى الإنصراف من بيوت النبى (ص)على الفور وأما استئنساهم للحديث وهو استحبابهم أى قعودهم للكلام بعد الأكل فى بيوت النبى (ص)فهو أمر محرم عليهم ،ويبين لهم أن ذلكم وهو القعود للحديث بعد الأكل وانتظار نضج الطعام كان يؤذى أى يضر الرسول(ص)ضررا نفسيا وماليا فكان يستحى منهم أى كان يخجل من أن يقول لهم أن هذه الأعمال تؤذينى ويبين لهم أنه لا يستحى من الحق أى لا يخاف من قول العدل لهم حتى يمنع الضرر عن النبى (ص)ويبين لهم أن عليهم إذا سألوا نساء النبى (ص)متاعا والمراد إذا طلبوا من زوجات النبى (ص)وإمائه طعاما فالواجب أن يسألوهن من وراء حجاب والمراد أن يكلمونهن من خلف حاجز وهو أى شىء يمنع النظر كالجدار والنسيج والسبب أن ذلكم وهو الحجاب أزكى لقلوبكم وقلوبهم أى أطهر لنفوسكم ونفوسهن والمراد أمنع من دخول الوسوسة فى نفوس الكل ويبين لهم أنه ما كان لهم أن يؤذوا النبى (ص)والمراد لا يحق لهم أن يضروا الرسول (ص)بعمل ما حرمه الله فى الآية ولا يحق لهم أن ينكحوا أزواجه من بعده والمراد ولا يحق لهم أن يتزوجوا نساء النبى (ص)من بعد وفاته وهذا يعنى أن الله حرم على نساء النبى (ص)الحيات بعد وفاته الزواج من أى رجل مهما كان ويبين لهم أن الأذى وزواج نساء النبى (ص)من بعد وفاته عند الله عظيم أى فى كتاب الله ذنب كبير
"إن تبدوا شيئا أو تخفوه فإن الله كان بكل شىء عليما "المعنى إن تظهروا أمرا أو تكتموه فإن الرب كان بكل أمر خبيرا،يبين الله للمؤمنين أنهم إن يبدوا شيئا أو يخفوه والمراد إن يظهروا أمرا أو يكتموه مصداق لقوله بسورة النور"والله يعلم ما تبدون وما تكتمون"فإن الله كان بكل شىء عليما والمراد كان بكل أمر محيطا مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"وهذا علمه بما يريدون سواء أعلنوه أو أسروه وسيحاسبهم عليه والخطاب وما قبله وما بعده للنبى(ص).
"لا جناح عليهن فى آباءهن ولا أبناءهن ولا اخوانهن ولا أبناء اخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نساءهن ولا ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شىء شهيدا "المعنى لا عقاب عليهن فى آباءهن ولا أولادهن ولا اخوانهن ولا أولاد اخوانهن ولا أولاد أخواتهن ولا إناثهن ولا ما تحكمت أنفسهن وأطعن الرب إن الرب كان على كل أمر رقيبا ،يبين الله لنبيه (ص)أن لا جناح أى لا عقاب على نساءه إذا كشفن من عوراتهن أمام كل من الأباء وهم الأب والعم والخال والجد والأبناء وهم أولادهن منه أو من غيره واخوة نساءه وأبناء أى أولاد إخوانهن وأخواتهن ونساءهن وهن إناث الناس وما ملكت أيمانهن وهو ما تحكمت أنفسهن وهم العبيد الذين تملكهم نساء النبى (ص)حيث لا يجوز لهم الزواج من سيداتهن ويطلب الله من نساء النبى (ص)فيقول اتقين الله أى أطعن حكم الله ،إن الله كان على كل شىء شهيدا والمراد إن الرب كان بكل أمر محيطا مصداق لقوله بسورة النساء"وكان الله بكل شىء محيطا"والمراد إنه خبير بكل ما يفعلون
"إن الله وملائكته يصلون على النبى يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما "المعنى إن الرب وملائكته يدعون للرسول (ص) يا أيها الذين صدقوا ادعوا له أى اطلبوا له خيرا ،يبين الله للذين آمنوا أى صدقوا حكم الله أن الله يصلى أى يرحم النبى (ص)والملائكة تصلى عليه أى تستغفر الله له مصداق لقوله بسورة غافر"ويستغفرون للذين آمنوا"وهذا يعنى أنها تطلب له الرحمة من الله ويطلب الله منهم أن يصلوا على النبى (ص)أى يدعوا له بالرحمة وفسره بأن يسلموا تسليما أى يطلبوا له الخير طلبا والخطاب للمؤمنين.
"إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله فى الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا "المعنى إن الذين يضرون الرب ونبيه(ص)غضب الرب عليهم فى الأولى والقيامة وجهز لهم عقابا شديدا والذين يضرون المصدقين والمصدقات بغير ما عملوا فقد فعلوا ذنبا أى جرما عظيما "يبين الله لنا أن الذين يؤذون الله وهم الذين يخادعون الله ويخدعون نبيه (ص)والمراد ويكيدون لرسوله(ص)مصداق لقوله بسورة البقرة "يخادعون الله والذين أمنوا"لعنهم الله أى غضب الرب عليهم فى الدنيا وهى الأولى والآخرة وهى القيامة مصداق لقوله بسورة الفتح"وغضب الله عليهم "وغضبه هو عذابه لهم مصداق لقوله بسورة النور "لهم عذاب أليم فى الدنيا والآخرة"وفسر هذا بأنه أعد لهم عذابا مهينا أى جهز لهم عقابا أليما مصداق لقوله بسورة الأحزاب"وأعد لهم عذابا أليما "ويبين لنا أن الذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات والمراد أن الذين يتهمون المصدقين بحكم الله والمصدقات بغير ما اكتسبوا أى بغير ما عملوا قد احتملوا بهتانا أى قد فعلوا ذنبا أى إثما مبينا أى جرما عظيما يعاقبون عليه والخطاب لنا.
"يا أيها النبى قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما "المعنى يا أيها الرسول قل لنساءك وبناتك وإناث المسلمين يطلن عليهن من أثوابهن ذلك أفضل أن يطعن فلا يعاقبن وكان الرب عفوا نافعا،يخاطب الله النبى (ص)فيطلب منه أن يقول لكل من أزواجه وهن نسائه وبناته ونساء أى إناث المؤمنين أى المصدقين بوحى الله :ادنين عليكن من جلابيبكن والمراد أطلن عليكن أثوابكن وهذا يعنى وجوب إطالة المرأة لثوبها حتى يغطى أرجلها،ذلك أدنى أن تعرفن فلا تؤذين والمراد الإطالة أفضل أن تطعن حكمها فلا تضربن وهذا يعنى وجوب ضرب وهو إيذاء أى امرأة تقصر ثوبها بحيث يكشف أى جزء من سيقانها ويبين لهم أن الله غفور رحيم أى نافع مفيد لمن يطيع حكمه .
"لئن لم ينته المنافقون والذين فى قلوبهم مرض والمرجفون فى المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أين ما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله فى الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا "المعنى لئن لم يرجع المذبذبون أى الذين فى نفوسهم علة أى المزلزلون فى البلدة لنسلطنك عليهم ثم لا يقيمون معك فيها إلا قليلا مغضوب عليهم أين ما وجدوا أمسكوا أى ذبحوا ذبحا حكم الرب فى الذين مضوا من قبل ولن تلق لحكم الرب تغييرا،يبين الله لنبيه (ص)أن المنافقون وهم المذبذبون بين الكفر والإسلام وفسرهم بأنهم الذين فى قلوبهم مرض وهم الذين فى نفوسهم علة هى النفاق وفسرهم بأنهم المرجفون فى المدينة وهم المزلزلون للأمن فى البلدة إن لم ينتهوا أى يرجعوا عن نفاقهم سوف يغريه الله عليهم أى سوف يسلطه عليهم فلا يجاورونه فيها إلا قليلا والمراد فلا يعيشون فى المدينة معه سوى وقت قصير وبعد ذلك هم ملعونين أين ما ثقفوا أى معاقبين أين وجدوا وعقابهم هو أخذهم أى قتلهم أى قتلوا تقتيلا أى ذبحوا ذبحا وهذا هو عقاب المنافق وهذه سنة أى حكم الله ولن تجد لسنة الله تبديلا والمراد ولن تلق لحكم الرب تغييرا أى تحويلا مصداق لقوله بسورة فاطر"ولن تجد لسنة الله تحويلا" والخطاب للنبى(ص).
"يسئلك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا "المعنى يستخبرك الكفار متى القيامة قل إنما معرفتها لدى الرب والذى يعلمك أن القيامة تكون واقعة ،يبين الله لنبيه(ص)أن الناس وهم الكفار يسألوه أى يستفهمونه عن الساعة أى متى القيامة أى "متى هذا الوعد"كما قال بسورة الملك ويطلب منه أن يقول لهم إنما علمها أى معرفة موعد قيامها عند أى لدى الله وحده وهذا يعنى أن الله وحده العالم بموعد الساعة وغيره لا يعلم وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا والمراد والذى يعرفك أن القيامة تكون متحققة وهو يخبر نبيه (ص)بأنها واقعة لا محالة والخطاب للنبى(ص) ومنه للناس.
"إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون فيها وليا ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم فى النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم ضعفين من العذاب وإلعنهم لعنا كبيرا"المعنى إن الله غضب على الظالمين أى جهز لهم نارا مقيمين فيها دوما لا يلقون فيها راحما أى منقذا يوم تعذب نفوسهم فى النار يقولون يا ليتنا اتبعنا الرب أى اتبعنا النبى (ص)وقالوا إلهنا إنا تبعنا عظماءنا أى مترفينا فأبعدونا عن الدين إلهنا أعطهم زيادتين من العقاب وعذبهم عذابا طويلا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الله لعن الكافرين أى غضب على الظالمين مصداق لقوله بسورة هود"ألا لعنة الله على الظالمين"وفسر هذا بأنه أعد لهم سعيرا والمراد جهز لهم عذابا أليما مصداق لقوله بسورة النساء"وأعتدنا للكافرين عذابا أليما"وهم خالدين فيها أبدا أى مقيمين أى "ماكثين فيها أبدا"كما قال بسورة الكهف والمراد عائشين فى النار دوما وهم لا يجدون لهم وليا أى نصيرا والمراد لا يلقون لهم فى الآخرة منقذا أى منجيا من النار يوم تقلب وجوههم فى النار أى يوم تعذب أنفسهم فى جهنم يقولون يا ليتنا أطعنا أى اتبعنا حكم الله أى أطعنا أى اتبعنا حكم الله المنزل على رسوله (ص)فسبب دخولهم النار هو عصيانهم حكم الله ورسوله (ص)وقالوا إنا أطعنا سادتنا أى كبراءنا والمراد إنا اتبعنا حكم أغنياءنا أى مترفينا فأضلونا السبيلا أى فأبعدونا عن دين الله الموصل لرحمته وهذا هو تفسير السبب السابق ربنا آتهم ضعفين من العذاب أى إلهنا أعطهم عقابا زائدا فى النار أى إلعنهم لعنا كبيرا أى عذبهم عذابا شديدا والخطاب للنبى(ص).
"يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين أذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها "المعنى يا أيها الذين صدقوا لا تصبحوا كالذين أضروا موسى (ص)فخلصه الرب من الذى اتهموه به وكان لدى الرب مباركا ،يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا الوحى فيقول :لا تكونوا كالذين أذوا موسى (ص)والمراد لا تصبحوا كالذين اتهموا موسى (ص)اتهاما هو برىء منه فبرأه الله مما قالوا والمراد فأظهر الرب خلاصه من الذى اتهموه به وفى الروايات التاريخية أنهم اتهموه بوجود مرض جلدى فى جسمه فكشف الله جسمه أمامهم فظهر سليما أمامهم وهى قصة غير سليمة لا تتفق مع مضمون الآية فهنا اتهام والإتهام لا يكون إلا فى جريمة والمرض ليس جريمة وكان موسى (ص)عند الله وجيها أى مباركا أى عظيما والخطاب وما بعده للمؤمنين
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما"المعنى يا أيها الذين صدقوا أطيعوا حكم الرب وتحدثوا حديثا عادلا يحسن لكم ثوابكم ويمحو لكم سيئاتكم ومن يتبع حكم الرب ونبيه(ص)فقد رحم رحمة كبرى، يخاطب الله الذين آمنوا أى صدقوا حكم الله فيقول:اتقوا الله أى "واعبدوا الله"كما قال بسورة النساء والمراد أطيعوا حكم الله ،وقولوا قولا سديد أى "قولوا للناس حسنا"كما قال بسورة البقرة والمراد تحدثوا مع الناس حديثا عادلا يصلح لكم أعمالكم أى يحسن لكم ثواب أفعالكم ويغفر لكم ذنوبكم أى"ويكفر عنكم سيئاتكم"كما قال بسورة التحريم أى يمحو لكم جرائمكم والمراد يزيل عنكم عقاب خطاياكم ،ويبين لهم أن من يطع أى أن من يتبع حكم الله ورسوله(ص)فقد فاز فوزا عظيما أى فقد ربح ربحا كبيرا هو الجنات مصداق لقوله بسورة الفتح"ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات".
"إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا"المعنى إنا طرحنا الإختيار على السموات والأرض والرواسى فرفضن أن يكفلنها وقبلها الفرد إنه كان كفورا مجرما ،يبين الله للمؤمنين أنه عرض الأمانة أى طرح أى بين الإختيار بين الإسلام والكفر وجزاء كل منهما لكل من السموات والأرض والجبال وهى الرواسى فكانت نتيجة التبيين وهو العرض أن أبينها أى رفضن أن تفرض عليهن وحملها الإنسان والمراد وقبل فرضها عليه الفرد من الإنس والجن والإنسان كان ظلوما جهولا أى كفورا كاذبا كما قال بسورة إبراهيم"إن الإنسان لظلوم كفار والخطاب حتى الإنسان جزء من آية وما بعده جزء من آية أخرى وصلتا بلا داعى".
"ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما"المعنى ليعاقب المذبذبين والمذبذبات والكافرين والكافرات ويرحم الرب المصدقين والمصدقات وكان الرب عفوا نافعا ،يبين الله أنه فرض الأمانة وهى حق الإختيار بين الإسلام والكفر حتى يعذب أى يعاقب والمراد يدخل النار المنافقين والمنافقات وهم المذبذبين والمذبذبات بين الإسلام والكفر والمشركين والمشركات أى الكافرين والكافرات بحكم الله ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات والمراد ويدخل الرب المصدقين والمصدقات بحكم الله الجنة مصداق لقوله بسورة الفتح"ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات"وكان الله غفورا رحيما والمراد وكان الرب عفوا نافعا للمؤمنين والمؤمنات والخطاب للنبى(ص)
 
عودة
أعلى