- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
التقى منتخبا كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية لكرة القدم في مباراة ليست كغيرها من المباريات.
ليس من النادر أن يلتقي المنتخبان، لكن النادر كان مكان المباراة، وهو بيونغ يانغ عاصمة كوريا الشمالية. ولم تشهد المدينة هذا الحدث إلا مرة واحدة في عام 1990.
لم تُبث أحداث المباراة على التلفزيون، وغاب جمهور كوريا الجنوبية عن المدرجات، كما منع حضور ممثلي وسائل الإعلام الأجنبية في اللقاء الذي انتهى بالتعادل بدون أهداف.
بالإضافة إلى هذا، فإن السائحين الموجودين حاليا في كوريا الشمالية لم يُسمح لهم بحضور المباراة.
وقد شهدت العلاقات بين البلدين تحسنا لفترة وجيزة في 2018، وهو ما يرجع الفضل فيه جزئيا إلى الرياضة، لكنها الآن متوترة.
ويمكن القول إن أصحاب الأرض تعاملوا مع المباراة بجدية.
وقبل المباراة، قال أندراي ابراهاميان، من مركز "باسيفيك فورم" للأبحاث، إن "كرة القدم هي أكثر رياضة تحظى بتشجيع في كوريا الشمالية، والرياضة أمر مهم للغاية في الشمال".
وأوضح أن الرياضة "توفر نقطة محورية لمشاعر الفخر والوطنية. على نحو ما، الأمر مشابه للأسلوب الذي تستخدم به دول أخرى الرياضة لأغراض اجتماعية".
مواجهات نادرة بين البلدين؟
البلدان عضوان في الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، وأيضا في الاتحاد الآسيوي للعبة، وبالتالي يمكن أن يواجها بعضهما البعض في المنافسات الدولية.
كما خاض الفريقان مباريات ودية، مثل تلك المباراة الودية التاريخية بينهما في عام 1990 في بيونغ يانغ.
ولكن هذه المباراة تدخل في إطار التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2022 في قطر.
والنادر في الأمر أنها جرت في كوريا الشمالية.
فقد جرت العادة أن تجري المباريات بين البلدين إما في الجنوب أو في بلد ثالث. فعندما أوقعت القرعة البلدين في تصفيات كأس العالم 2010، لعب البلدان في شانغهاي.
من الناحية التقنية، فإن البلدين في حالة حرب. فقد انتهت الحرب الكورية في عام 1953 بإعلان وقف القتال، لكن لم يوقع الطرفان أي اتفاق سلام حتى اليوم. ولا تسمح كوريا الشمالية بعزف نشيد كوريا الجنوبية الوطني في بلادها، ولا برفع علمها في الملاعب.
ولم يلعب منتخب كوريا الجنوبية النسائي في كوريا الشمالية إلا مرة واحدة أيضا في عام 2017. وكان ذلك في تصفيات كأس آسيا للعام التالي.
وجرت جميع المباريات الأخرى بين المنتخبين إما في كوريا الجنوبية أو في بلد ثالث.
أي الفريقين كان الأوفر حظا للفوز؟
من الناحية النظرية وبناء على نتائج المنتخبين، بالنسبة للرجال، فإن كوريا الجنوبية كانت هي المرشحة للفوز بالمباراة.
فالجنوبيون فازوا أو تعادلوا في جميع المباريات أمام الشماليين منذ دورة الألعاب الآسيوية في عام 1978. أما الشماليون ففازوا بمباراة وحيدة، وهي التي جرت في بيونغ يانغ عام 1990 بنتيجة هدفين لهدف.
وبما أن كوريا الجنوبية تحتل المركز 37 في ترتيب الفيفا، وكوريا الشمالية في المركز 113، فكان من المرجح أن يفوز الشماليون بهذه المباراة أيضا.
لكن الواقع أن المنتخبين في صدارة مجموعتهما بعد فوز كل منهما بمباراتين.
ويضم كل فريق لاعبا متميزا يلعب في أحد أكبر النوادي الأوروبية، إذ يلعب نجم كوريا الجنوبية، سون هيونغ مين، في فريق توتنهام الإنجليزي، بينما وقع لاعب كوريا الشمالية، هان كوانغ سونغ، عقدا مع فريق يوفنتوس الإيطالي.
وإذا كانت المنافسات على مستوى الرجال تعطي التفوق الساحق للجنوبيين، فإن الحال بالنسبة لمنافسات النساء على النقيض من ذلك تماما.
فالجنوبيات لم يفزن إلا مرة واحدة على الشماليات، وانتهت جميع المباريات الأخرى بين الفريقين إما بفوز الشماليات أو التعادل.
كيف هي العلاقات بين الشمال والجنوب؟
جاءت هذه المباراة وسط أجواء سياسية مضطربة بين البلدين. فالشماليون متذمرون من استمرار الجنوب في إجراء تدريبات عسكرية مع الأمريكيين. وقد رفضت كوريا الشمالية الصيف الماضي المضي قدما في محادثات مع سيول.
وتوقفت المحادثات بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة بشأن نزع الأسلحة النووية. وعادة ما ترتبط العلاقات بين الكوريتين بإيقاع هذه المحادثات.
وفي الآونة الأخيرة، أجرت بيونغ يانغ تجربة صاروخية جديدة أكثر تطورا من سابقاتها، وهو ما أدى إلى تصاعد التوتر مع واشنطن.
ولكن الخلافات السياسية بين البلدين لا تنعكس على الرياضة، فالجماهير الكورية في الشمال والجنوب تتفاعل إيجابيا مع إنجازات الرياضيين من البلدين في المنافسات الدولية.
دبلوماسية الرياضة
كانت الرياضة دائما عاملا فعالا في تسهيل الحوار في شبه الجزيرة الكورية.
فقد كانت دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سيول سببا في التقارب في عام 2018 عندما أعلن زعيم كوريا الشمالية مشاركة الرياضيين الشماليين في الألعاب.
وبعد شهور من هذا الإعلان سار الرياضيون من الكوريتين تحت علم واحد، بل إنهما لعبا بمنتخب نسائي واحد في منافسات هوكي الجليد.
وفاز فريق كوري موحد للزواق الشراعية بميدالية ذهبية تاريخية في الألعاب الآسيوية.
ولكن مزاجية القرار السياسي في كوريا الشمالية تجعل من الصعب التكهن بما إذا كانت مباراة اليوم ستتضفي بعض الدفء على العلاقات بين الكوريتين.
فقد اتفقت سيول وبيونغ يانغ في سبتمبر/ أيلول على الشراكة في تنظيم الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2032، ولكن العلاقات بينهما مازالت متوترة أثناء تصفيات كأس العالم.
وكانت كوريا الجنوبية تأمل في إرسال مشجعين لحضور المباراة في بيونغ يانغ، ولكن السلطات الكورية الشمالية رفضت السماح للجنوبيين بالدخول. ورفضت أيضا عرض كوريا الجنوبية بالبث الحي للمباراة على التلفزيون.