
واصلت أسعار النفط موجة التراجع الحادة التي دفعتها إلى أدنى مستوياتها في أربع سنوات، وسط تصاعد الحرب التجارية التي تهدد بتقويض الطلب على الطاقة، في وقت يترقب فيه المستثمرون دخول موجة جديدة من الرسوم الجمركية حيز التنفيذ.
انخفض خام "برنت" بنسبة تجاوزت 5% متدنياً عن مستوى 60 دولاراً للبرميل المهم معنوياً للمستثمرين، وتعد تلك المرة الأولى التي يصل فيها سعر الخام المعياري العالمي لهذا المستوى منذ فبراير 2021. كما هبط سعر برنت عقود يونيو بأكثر من 6% إلى 58.40 دولار للبرميل. في حين تراجع خام "غرب تكساس" الوسيط بأكثر من 5% للجلسة الخامسة على التوالي إلى نحو 56.7 دولاراً للبرميل.
ورغم أن البيت الأبيض أبدى انفتاحه على إبرام اتفاقات مع بعض الشركاء التجاريين، إلا أن سياسة الرد بالمثل بين الولايات المتحدة والصين –أكبر مستورد للنفط في العالم– وما تبعها من تصعيد من جانب بكين، أثارت مخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في ركود، وفق بلومبرغ.
قرارات "أوبك" والرسوم
تراجع النفط بنحو خُمس قيمته منذ بداية العام، في ظل نهج الرئيس الأميركي دونالد ترمب التجاري المتشدد، الذي قلّص شهية المستثمرين للأصول عالية المخاطر، ليلحق النفط بسلع أخرى والأسواق المالية في موجة هبوط حادة وسريعة. كما أن قرارات تحالف "أوبك+" بتقليص القيود على المعروض النفطي بوتيرة أسرع من المتوقع، أثارت مخاوف من أن يتجاوز العرض حجم الطلب.قال وارن باترسون، رئيس استراتيجية السلع في بنك "آي إن جي" في سنغافورة في تصريح لبلومبرغ: "تصعيد الرسوم الجمركية يُضعف آفاق نمو الاقتصاد العالمي، ويزيد من مخاطر تراجع الطلب على النفط. ومع غياب مؤشرات على التهدئة، تبقى المخاطر مائلة نحو الهبوط".
كما يواصل ترمب الدفع نحو فرض رسوم أعلى على ما يقرب من 60 شريكاً تجارياً وصفهم بـ"الأسوأ"، ودخلت هذه الرسوم حيز التنفيذ بعد منتصف ليل الأربعاء بتوقيت نيويورك. والأهم من ذلك، يعتزم الرئيس الأميركي المضي قدماً في فرض رسوم تصل إلى 104% على العديد من السلع الصينية، رداً على جولة جديدة من التعريفات المضادة من بكين.
الانتقام الصيني والنفط
قال روبرت ريني، رئيس أبحاث السلع والكربون في بنك "ويستباك" لبلومبرغ: "إذا لم تعلن الصين عن جولة جديدة من الرسوم الانتقامية، فقد يعود برنت إلى مستوى أعلى من 60 دولاراً. أما إذا حدث تصعيد جديد، فقد نشهد تراجعاً إضافياً لما دون هذا المستوى".تشير مؤشرات السوق الأساسية إلى تراجع سريع في التوازن. من بينها اتساع الفارق بين عقود "برنت" تسليم ديسمبر المقبل والعقود الخاصة بشهر ديسمبر 2026، والذي دخل في حالة تُعرف باسم "كونتانغو"، وهي نمط سوقي يشير إلى التشاؤم، حيث تتداول العقود قصيرة الأجل بسعر أقل من العقود طويلة الأجل، وفق بلومبرغ.
ورغم أن الجزء الأكبر من رسوم ترمب، إلى جانب الرسوم الانتقامية من دول أخرى، قد يُسهم في رفع معدلات التضخم عبر زيادة أسعار السلع للمستهلكين، إلا أن انهيار أسعار النفط -إلى جانب التراجع في مشتقات مثل الديزل- قد يُخفف من حدة هذه الضغوط. وتراجعت العقود المستقبلية للبنزين الأميركي بنحو 15% حتى الآن في شهر أبريل.