- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
تُعد الأموال بمثابة العمود الفقري للاقتصاديات الحديثة، فنحن لا نحتاج زراعة غذائنا بأنفسنا أو حياكة ملابسنا وصناعة الأثاث الذي نحتاجه، يمكننا التخصص في ما نفعله بشكل أفضل ونستخدم الأموال الناتجة في شراء ما نريد.
ولا يهم ما يتم قبوله كأموال، حيث أن الأصداف البحرية وأسنان الحوت وفروة نقار الخشب جمعهم تم استخدامهم، حتى أن شعب جزيرة ياب (وهي إحدى جزر الكارولين الواقعة غرب المحيط الهادئ) قام باستخدام الحجارة كأموال.
وكان الناس مستعدون للحصول على رواتبهم في هيئة أصداف أو فروة أو حجارة نظراً لثقتهم في القدرة على استخدامها في شراء السلع، بحسب تحليل نشره موقع "ماركت ووتش" لأستاذ الاقتصاد في فليتشر جونز بكلية بومونا "غاري سميث".
ولا يجب أن تكون الأموال هي الشيء الذي يمكن الاحتفاظ به بشكل مادي بين يديك، لكن في الواقع الغالبية يختارون العيش في مجتمع غير نقدي (لا يعتمد على الكاش) بشكل أساسي.
وتتجه دخولنا بشكل مباشر إلى حساباتنا المصرفية ويتم دفع الفواتير من خلال تلك الحسابات، كما أن الفواتير التي لا يتم دفعها إلكترونياً يتم تحصيلها عبر "شيك" أو بطاقة خصم أو بطاقة ائتمان.
وتكون الحاجة إلى المال فقط من أجل الدفع للأشخاص الذين لا يتعاملون بوسائل الدفع سالفة الذكر أو للمعاملات التي لا نرغب في أن تعرفها الحكومة.
ويقودنا ذلك إلى البيتكوين وغيرها من العملات المشفرة، فعلى عكس النقود الإلكترونية التي تتدفق عبر النظام المصرفي وتخضع للرقابة من قبل البنوك المركزية، فإن عملة البيتكوين تستخدم التشفير والتحكم اللامركزي عبر تكنولوجيا البلوكشين.
وفيما يلي اقتباس من الورقة الأصلية المصاحبة لإطلاق عملة البيتكوين: "نحن نقترح شبكة نظير للنظير تستخدم بروتوكول لتسجيل تاريخ عام للمعاملات التي تصبح سريعاً آمنة من الناحية الحسابية من أي محاولات لتغييرها من قبل أي شخص".
ألا يبدو ذلك غامضاً بشكل مذهل؟، يكمن جزء من جاذبية العملات الإلكترونية في أن الكثير من الأشخاص يميليون لأجهزة الكمبيوتر في حين أن القليل منهم يدرك تكنولوجيا البلوكشين.
وإذا كانت عملة البيتكوين نظاماً محاسبياً يعمل به عدداً هائلاً من المحاسبين ذوي الأقلام والورق فإنه لم يكن ليصبح شيئاً جذاباً أو رائعاً.
وإذا نظرنا للبيتكوين كشكل من الاستثمار، فإنها ليست أفضل من فروة نقار الخشب أو حجارة ياب.
وتعمل الاستثمارات الحقيقية - مثل الأسهم والسندات والعقارات - على توليد دخلاً حقيقياً: السندات تدفع فائدة والأسهم توفر توزيعات أرباح والمنازل تدر دخلاً من قيمة الإيجار، لكن البيتكوين لا توفر أيّ دخل على الإطلاق.
ويقوم المضاربون بشراء عملات البيتكوين بسبب اعتقادهم بأنهم سوف يقومون ببيعها بعد فترة قصيرة بسعر أعلى.
وهنا تكمن نظرية الخداع الأكبر، قم بالشراء بسعر أحمق ثم البيع لأحمق أكبر بغرض الربح.
وخلال فقاعة زهرة التوليب على سبيل المثال، تم شراء الزهرة التي ربما لا تقدر بـ20 دولاراً (بسعر الدولار اليوم) في صيف عام 1636 مقابل 160 دولاراً في يناير/كانون الثاني 1637 ومقابل 2000 دولار بعد أسابيع قليلة لاحقة.
وتجاوز سعر الأنواع المختلفة آنذاك مستوى 7500 دولار.
وخلال فقاعة بحر الجنوب في القرن السابع عشر، قام الحمقى بشراء الأسهم عديمة القديمة على أمل بيعها إلى حمقى آخرين.
وكانت تلك الأسهم تابعة لشركة واحدة تدعى "بحر الجنوب" والتي باع صاحبها كافة أسهمها في أقل من خمس ساعات على خلفية دعاية خادعة ثم غادر إنجلترا ولم يعد نهائياً.
وتعتبر البيتكوين بمثابة تجربة العصر الحديث لفقاعة بحر الجنوب، حيث أن سعر هذا الأصل الرقمي لا يرتبط بالأساسيات الاقتصادية، لكنه مدعوم أكثر بعقيدة أن الحمقى الأكبر سوف يدفعون أسعار أعلى.
وفي عام 2017، مع تسارع فقاعة البيتكوين، ارتفع سهم شركة "لونج آيسلند آيسد تي" بنسبة 500 بالمائة بعد تغيير اسمها إلى "لونج بلوكشين".
وخلال ذروة فقاعة البيتكوين، أدخلت شركة عملة افتراضية لم تتظاهر حتى بأنها قابلة للحياة، لقد تم تسويقها على أنها رمز رقمي ليس له أغراض، ومع ذلك أنفق الناس مئات الملايين من الدولارات لشرات تلك العملة.
وفي تكرار لنفس المشهد مجدداً، ارتفع حجم تداول البيتكوين في 1 أبريل/نيسان الماضي بأكثر من خمسة أمثال لتصل إلى 815 مليون من 153 مليون كما قفز سعرها بنحو 18 بالمائة.
وتركز الارتفاع خلال ساعة واحدة عندما قفز السعر بنسبة 21 بالمائة بين الساعة 5:30 صباحاً و6:22 صباحاً بتوقيت لندن.
ما السر وراء تلك القفزة؟، كان التفسير المنطقي الوحيد هو مقال مكتوب عن كذبة أبريل يفيد بأن هيئة البورصات الأمريكية عقدت اجتماعاً طارئاً خلال عطلة نهاية الأسبوع وصوتت بالموافقة على اثنين من صناديق الاستثمار المتداولة القائمة على البيتكوين.
وبالنسبة للحمقى الحقيقيين، فإن سبب تلك القفزة ليس بأمر هام لكن طالما أن الأسعار آخذة في الارتفاع فإن الحمقى سوف يقومون بالشراء أملاً في البيع إلى حمقى أكبر.
وفي مرحلة ما، سوف ينتهي توافد الحمقى الأكبر المستعدين للشراء بسعر أعلى وعندها ستنتهي فقاعة البيتكوين الثانية تماماً كما حدث في المرة الأولى.