- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
رغم توجيه بعض الانتقادات لنبرة "النصر" التي رافقت لحظات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في آخر يوم من يناير/كانون الثاني، إلا أن هذا الحدث يعتبر "صامتا" إذا ما نظرنا إلى فترة إعلان انضمام بريطانيا إلى المجموعة الأوروبية (التي أصبحت الاتحاد الأوروبي فيما بعد) وكان ذلك عام 1973.
وكما حدث في بريكست، أعلن أيضا قبل 47 عاما عن صك عملة جديدة من فئة 50 بنسا، وعليها نقش يمثّل تسعة أيادٍ متشابكة.
لكن رئيس الوزراء البريطاني حينها، إدوارد هيث، عن حزب المحافظين، ذهب أبعد من ذلك؛ إذ نظّم 11 يوما من الأنشطة الثقافية التي موّلتها الحكومة.
وكما هي الحال اليوم مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لم تكن مناسبة الانضمام بمنأى عن المشاحنات السياسية؛ فرئيس الوزراء هيث، كان يحلم بمشاهدة دخول البريطانيين إلى المجموعة الاقتصادية الأوروبية، والمعروفة باسم السوق المشتركة، ولعب دورا بارزا في عدد من تلك الأنشطة التي نُظّمت؛ فحضر حفلا خاصا في دار الأوبرا الملكية، وقدم شخصيا جوائز إلى أطفال بريطانيين وآخرين من دول المجموعة الأوروبية، تمنحهم رحلات مجانية بعد فوزهم في مسابقة كتابة مقالات.
ولم يأت قراره بأن يكون في قلب الأحداث بلا مخاطر، إذ تخللت تلك الأنشطة عدّة احتجاجات.
طلب زيارة الموناليزا لبريطانيا: مرفوض
شاركت سبع وزارات حكومية بوضع برنامج الاحتفالات، إلى جانب لجنتين، أنشئتا بشكل مؤقت خصيصا لهذا الموضوع.
وكانت معظم الفعاليات ثقافية؛ حيث نظم 25 معرضا فنيا حول مواضيع أوروبية، إضافة إلى عشرات الحفلات الموسيقية؛ وجاءت فرق موسيقية لإحياء حفلات في بريطانيا ومنها فرقة الفلهارموني من برلين.
وأقيم معرض فني في متحف فيكتوريا آند آلبرت الشهير، وضم أعمالا فنية أرسلتها، من باب الإعارة، الدول التي كانت أعضاء في المجموعة الأوروبية، وأرسلت الدنمارك قطعا أثرية تعود للعصر البرونزي، في حين تبرعت إيطاليا، بتمثال نصفي لبروتوس لمايكل أنجلو.
أما فرنسا، التي اعترضت مرتين على دخول بريطانيا إلى المجموعة الأوروبية في ستينيات القرن الماضي، فأرسلت لوحة للرسام جورج دو لاتور.
وقيل إن محاولة لجلب لوحة الموناليزا إلى لندن قد فشلت بعد رفض طلب إرسال حجر الرشيد إلى متحف اللوفر مقابل اللوحة.
حضور قليل لمباراة في ومبلي
وكانت من بين الأحداث الرئيسية في تلك الفترة، مباراة كرة قدم مميزة في ملعب ومبلي، حيث لعب فريق مكون من لاعبين قادمين من بلدان المجموعة الأوروبية الستة، ضد فريق مؤلف من لاعبين من المملكة المتحدة وإيرلندا والدنمارك.
وكان لاعب الفريق الإنجليزي بوبي موور من بين النجوم البريطانيين الذين شاركوا في البطولة إلى جانب كل من بوبي تشارلتن، والأسكتلندي بيتر لورمر.
ورغم وجود عدد من النجوم، كانت مبيعات التذاكر محدودة ولم يشاهد المباراة في الملعب سوى نحو 36 ألف شخص، حتى أن ذلك العدد لم يكن سوى أكثر بقليل من ثلث سعة ملعب ويمبلي في ذلك الوقت.
عطلة في رأس السنة لأول مرة عام 1974
فتور الحماس في تلك الفترة لم يتوقف عند ذاك الحد؛ حيث اعترف اللورد مانكروفت (وكان رجل أعمال وسياسيا ينتمي لحزب المحافظين) لصحيفة التايمز بأن بعض البلديات رفضت المشاركة في تلك الفعاليات.
وأضاف "لكننا وجدنا عددا أكبر من ذلك بكثير وكانوا - رغم عدم حماستهم الكبيرة - متقبلين لفكرة أن انضمام بريطانيا أمر سيحدث وكانوا مستعدين لذلك".
ووصف زعيم حزب العمال، هارولد ويلسون، والذي كان قد عارض الاتفاق الذي أنجزه المحافظون لإدخال المملكة المتحدة إلى المجموعة الأوروبية، الدعم الحكومي لتلك الأنشطة الاحتفالية "بالمثير للغضب".
وطالب بمنح جميع العمال يوم عطلة بدلاً من تلك الاحتفالات.
وإن استثنينا اسكوتلندا، كانت المملكة المتحدة الدولة الوحيدة في المجموعة الأوروبية التي لا تمنح عمالها إجازة يوم رأس السنة الجديدة.
وأصبح يوم رأس السنة عطلة رسمية في المملكة المتحدة ابتداء من عام 1974.
وكانت بريطانيا تدخل المجموعة الأوروبية في خضم تجميد الأجور الذي فرضته الحكومة للسيطرة على التضخم.
وقال جيم كالاغان ، وزير خارجية حكومة الظل عن حزب العمال، ضاحكا في مجلس العموم "ربما قد تكون عدم قدرة الحكومة على تزويد الناس بالخبز، السبب في تزويدهم بعروض السيرك".