- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
أطلق فريق من الاستشاريين والمرشدين التربويين في غزة حملة لمواجهة إدمان الأطفال على الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية بعدما تنبؤوا بخطورة الانعكاسات السلبية على سلوكيات الأطفال، وسط ملاحظة كبيرة للأطفال في المدارس والسلوكيات العامة التي استنبطوها خلال متابعتهم بمشاركة أولياء أمورهم ضمن جلسات مستمرة.
وأُطلقت حملة "كن معي" عبر منظومة أمان للإرشاد التربوي في منتصف أغسطس/آب الماضي لتشتمل على مواقع التواصل الاجتماعي بالتعاون مع تربويين ومرشدين ونشطاء على مواقع التواصل من فلسطين، ثم انطلقت الحملة لتكون حملة عربية بعد أن أبدى عدد كبير من المختصين التربويين العرب إعجابهم وتطوعهم فيها لتكون داخل بلدانهم، ثم تم إطلاق تطبيق أمان في بداية سبتمبر/أيلول الجاري.
الأكاديمي واستشاري أعمال منظومة أمان للإرشاد التربوي الدكتور محمد غزال أكد على ازدياد إقبال الأطفال على استخدام التكنولوجيا، وسيطرة شركات الألعاب والتطبيقات الضارة على سلوك الطفل من خلال الاستخدام المفرط للأجهزة الذكية دون متابعة ومراقبة وتوجيه.
ويقول غزال "تقدمنا في دراسة أولية للفكرة وطريقة توفير حلول تقنية في مجال المتابعة الأبوية من خلال الربط بين الأب وأبنائه عبر الأجهزة الذكية، وتم عرض الفكرة على مجموعة من الأكاديميين والتربويين من جامعات ومدارس مختلفة ثم المختصين في الدول العربية، وبالفعل لاقت قبولا شديدا من الجميع، لأن الحملة والتطبيق يحلان المشكلة ويتيحان استثمار الوقت عند الطفل".
وأشار غزال إلى أنه من خلال دراساتهم واستطلاعاتهم توصلوا إلى أن ثلث مستخدمي الإنترنت عند العرب هم من فئة الأطفال، وأن 70% من الأطفال يمتلكون هواتف ذكية مستقلة عن ذويهم، ولا علاقة لدخل الأسرة ومستواها الاجتماعي بامتلاك الأطفال تلك الأجهزة، وأن أكثر استخدامات الأطفال تركزت على تطبيقات الألعاب والمحتوى المرئي، وأن 80% من الآباء يشعرون بالقلق الدائم من استخدام أطفالهم الهواتف الذكية.
ويضيف أن الحملة وصلت إلى أكثر من 15 دولة في الوطن العربي، وتم التركيز على مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة وتحديدا مجموعات الواتساب التي تم إنشاؤها مع صناع القرار والمؤثرين للتشاور بشأن آليات التشارك في برامج الحملة لتشمل الوطن العربي، وتم وضع خطة لمعالجة إدمان الأجهزة الذكية وتأثيره على مناحي حياة الطفل النفسية والاجتماعية والصحية والعقلية.
تطبيق أمان يعالج الإدمان
يتضمن تطبيق أمان الاستخدام الآمن للأبناء للهواتف الذكية من خلال متابعة الآباء سلوك أبنائهم والتعرف على ساعات جلوسهم وتحديد توجهاتهم عبر التعرف على التطبيقات المستخدمة حسب الوقت ومدة الاستخدام لكل تطبيق، ويمكن تحميله من متجري الهواتف الذكية غوغل بلاي وآب ستور.
كما يتيح التطبيق ربط جهاز الهاتف المحمول للأب بجهاز المحمول لابنه، ليتمكن من تحديد ساعات تشغيل الجهاز لثلاث ساعات أمام ابنه ثم يغلق الجهاز بعد تلك الساعات، ويهدف القائمون على التطبيق إلى تعزيز قيمة وتقدير الوقت عند الطفل بعد أن كان يضيع منه الوقت خلال الاستخدام المفرط، ويستطيع الأب متابعة وإرشاد وتوجيه ابنه.
من جهتها، أشارت أستاذة علم النفس من جامعة تلمسان في الجزائر تدلاوي مريم إلى نقص التوعية العربية بخطورة الهواتف الذكية على الأطفال وعدم نشرها على نطاق واسع، مما جعل الأولياء يستصغرون تأثيرها السلبي مقارنة ببعض الفوائد الثانوية التي يرونها في تلك الهواتف، في ظل معتقدات خاطئة حيث ينظر الوالدان إلى أن استخدام الطفل الهاتف الذكي يدلل على ذكائه، وأن ذلك من متطلبات العصر.
وتقول مريم إن المختصين في النمو العصبي أكدوا أن الجهاز العصبي المركزي للطفل لا يكتمل نضجه إلا بعد سن السابعة، أي يكتمل الاتصال بين مختلف مناطق المخ وتنشط كل منطقة وتتفاعل، ولن يتأتى ذلك إلا إذا كبر الطفل في بيئة تمنحه ذلك، مستشهدة بجون بياجي صاحب نظرية "النمو المعرفي الاجتماعي" على دور اللعب والتفاعل الاجتماعي لتنمية المهارات.
وتضيف "لاحظت شخصيا أن الأولياء في بادئ الأمر يفرحون ويرتاحون عند استعمال الطفل الهاتف الذكي ولكن سرعان ما ينتبهون إلى تأخر الكلام عند طفلهم وقد يسعون للبحث عن السبب أو يتركونه دون حل، وهناك بعض الأولياء ينتبهون إلى أضرار الهواتف الذكية على أبنائهم بعد دخولهم الصف التحضيري أو المدرسة حين لا يستطيع أطفالهم التأقلم مع زملائهم ويصبحون عدوانيين".
وأوضحت أن علاج الطفل المدمن على الأجهزة المحمولة يجب أن يكون عبر حملة توعية مجتمعية كبيرة بأخطار الهاتف الذكي على النمو والاعتماد على قناعة الأبوين بشكل أساسي، وهي تطمح من خلال التطبيق إلى نشر فكر وثقافة التعامل مع الأجهزة الذكية، وأن يكون المجتمع العربي أول من تجنب ظاهرة الإدمان على الهواتف الذكية وضررها.
آباء نجحوا
استطاع أحمد السيد (40 عاما) من مدينة غزة تتبع الإرشادات التي تنشرها الحملة عبر صفحة فيسبوك بعد أن واجه مشاكل عديدة مع طفليه، وهما مؤمن (6 أعوام) ومحمد (8 أعوام)، أهمها فقدان السيطرة على تنظيم أوقاتهما في الاستخدام المفرط لجهاز الحاسوب اللوحي الذي أحضره لهما منذ أربعة أشهر وأثر على تركيزهما في بداية العام الدراسي الذي انطلق في غزة يوم 25 أغسطس/آب الشهر الماضي.
ويقول السيد "كنت أشعر بالسعادة عندما أشاهدهما يلعبان في الجهاز ويندمجان، لكن أيقنت قبل شهرين تغير استجابتهما لي ولأمهما ورفضهما التام الإصغاء لنصائحنا، بل يتصرفان تصرفا عدوانيا، وبدأت أراقبهما وأرشدهما وأتابع ردة فعلهما، ثم حددت الاستخدام للجهاز وتقسيم الوقت بينهما عبر التطبيق، وبعد أول أسبوع بدآ يتطلعان للعب الكرة والجلوس معي والدراسة كما كانا من قبل".
وكان حال مصطفى البطران (39 عاما) كشأن السيد، فقد استطاع معالجة استخدام طفله سمير (10 أعوام) للهاتف المحمول بعد أن اتبع الإرشادات، وتحكم بهاتف ابنه عبر التطبيق، ويضيف أنه بدأ يقدم نصائحه إلى أصدقائه لتحميل التطبيق واتباع الإرشادات.
واعتبر أن الأهل وراء إدمان أطفالهم على الهواتف الذكية، حيث "كنا نشعر بالسعادة عندما نرى أطفالنا يستخدمون الأجهزة ونعتبره ذكاء مبكرا منهم".