إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس
إفتح حسابك مع تيكيمل

الصين تعيد تشكيل أسواق الغذاء العالمية مع تزايد ...

طارق جبور

المدير العام
طاقم الإدارة
المشاركات
82,631
الإقامة
قطر-الأردن

xm    xm

 

 

حتى يمكنك فهم كيف يستطيع تغير الطلب على الغذاء داخل الصين أن يعيد تشكيل الأسواق العالمية، عليك تتبع رحلة ليو شوون الذي تحول من بائع للدجاج في الشارع إلى رجل أعمال في قطاع الدواجن. يقوم ليو حاليا بتربية 24000 دجاجة، وهو ما يعادل 3 أضعاف ما كان عنده منذ سنوات قليلة، ويخطط لزيادة هذا العدد إلى 60000 دجاجة. وهناك مصنع أعلاف تحت الإنشاء سيضيفه ليو وشريكه إلى الطلب العالمي المتزايد على الحبوب من خلال خلط مئات الأطنان من فول الصويا والذرة كل عام ليقدم طعاما للدجاج ويبيعه لمزارعين آخرين.إنه تحول درامي في حياة رجل نشأ وهو يربي الكتاكيت تحت سريره، وهو ما يبين لماذا يرى مزارعون وخبراء في الاقتصاد الغذائي وغيرهم أن العالم يمكن أن يدخل في حقبة من الارتفاع المطرد لأسعار المواد الغذائية. ومع تحول البلدان النامية إلى دول أكثر ثراء، فإن نفس الشيء سينطبق على الغذاء في هذه الدول، حيث تتحول السلع الأساسية التقليدية مثل الأرز والقمح إلى اللحوم ومنتجات الألبان، وهو ما يتطلب المزيد من الحبوب كعلف للماشية والدواجن. ويعد هذا الاتجاه، جنبا إلى جنب مع تزايد استخدام الذرة في الوقود، عبئا ثقيلا على إمدادات الحبوب العالمية.

وحتى الآن، كان ذلك بمثابة هدية للولايات المتحدة، حيث تعتمد الصين على المزارعين الأميركيين على وجه الخصوص للحصول على فول الصويا من تغذية الحيوانات. وفي العام الماضي، بلغ إجمالي صادرات الولايات المتحدة من فول الصويا ما يقرب من 20 مليار دولار – 3 أضعاف مثيلتها منذ عقد من الزمان.

وبشكل عام، يكون تأثير ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية مثل القمح على الأسعار الاستهلاكية في الولايات المتحدة وغيرها من البلدان المتقدمة التي يعتمد فيها السكان بشكل أكبر على الأطعمة المصنعة أقل من تأثيرها على الأسعار في الاقتصاديات النامية. فالقمح الموجود في رغيف من الخبز يباع في محل بقالة، على سبيل المثال، لا يساهم إلا بقدر صغير في تحديد السعر النهائي للرغيف، حيث يتأثر السعر بالطاقة واليد العاملة والشحن والتكاليف الأخرى. ولكن في نهاية المطاف، سوف يعاني المستهلك من ارتفاع أسعار السلع، حيث إن ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا يعني في نهاية المطاف ارتفاع أسعار منتجات الألبان واللحوم.

ووفقا لأحدث البيانات، ترتفع أسعار المواد الغذائية بنحو 3% سنويا في الولايات المتحدة، وهو ما يفوق معدل التضخم العام، أما تكلفة الطعام المعد في المنزل – والتي تعكس الأسعار في محلات البقالة، في مقابل الأسعار في المطاعم – فقد ارتفعت بسرعة أكبر.

وبالنسبة للصين، أكبر دولة من حيث عدد السكان وثاني أكبر اقتصاد في العالم، يحدث التغيير في الاستهلاك الغذائي بسرعة كبيرة. وفي بلد تعد فيه كلمة «الأرز» هي المرادف لكلمة الغذاء، يتناول الناس كمية أقل من الأرز والحبوب الأخرى، ويفضلون لحم الخنزير والأسماك، بالإضافة إلى الدجاج – لحسن حظ ليو. تتكاثر قطعان الخنازير، وشهد الطلب على بعض منتجات الألبان قفزة بنسبة 20% سنويا، كما تزداد واردات الصين من فول الصويا الذي يعد واحدا من الأعلاف الحيوانية الرئيسية. ويقول ليو، الذي هاجر إلى بكين من الريف منذ 30 عاما: «إننا نواكب العالم». وكان ليو يجوب شوارع المدينة وهو يحمل دلوا ليبيع الكتاكيت، وبعد ذلك قام مع طبيب بيطري يدعى تشانغ هواي تشنغ بشراء مزرعة دجاج مملوكة للدولة بعد أن أشهرت إفلاسها، وتخصص الرجلان في تربية الدجاج لتفريخ ملايين من البيض في السنة لبيعها للمزارعين الآخرين الذين يريدون إنتاج البيض أو الكتاكيت.

وارتفعت أسعار الغذاء العالمية إلى مستويات قياسية هذا العام بعد الجفاف والفيضانات التي أدت إلى خفض المحاصيل في الأماكن الرئيسية للإنتاج مثل أستراليا وروسيا. ورغم انخفاض الأسعار إلى حد ما، لاحظ المحللون حدوث انخفاض في الاحتياطيات الرئيسية ولاحظوا أدلة أخرى على أن أسواق السلع الغذائية الأساسية قد تكون الآن أكثر اضطرابا.

ودائما ما تكون تكاليف الغذاء متقلبة. ولكن على مدى عقود، كان ارتفاع الإنتاجية الزراعية يعني أن أي قفزة في الأسعار سيقابلها سريعا قيام المزارعين بزراعة المزيد من الأراضي، أو أن أي عجز في أي جزء من العالم سيتم تخفيفه من خلال المحاصيل الوفيرة في بلد آخر.

والآن ومع وصول احتياطي الكثير من السلع الرئيسية إلى أقل مستوياته أو قريبا من ذلك، صرح رئيس البنك الدولي روبرت زوليك بأن العالم «قد يعاني من أزمة غذائية خطيرة» – نقص في المحاصيل الرئيسية في دولة كبيرة، وموجة من سوء الأحوال الجوية. والتداعيات المحتملة واضحة، حيث كان ارتفاع أسعار المواد الغذائية، بصورة جزئية، السبب وراء الاضطرابات الأخيرة في الشرق الأوسط، وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن تضخم أسعار الغذاء قد دفع بعشرات الملايين من الناس إلى براثن الفقر خلال العام الماضي.

وفي الصين، ارتفعت أسعار الغذاء بنسبة نحو 7% العام الماضي، وفق ما جاء في إحصاءات رسمية، مما دفع الحكومة إلى التخلي عن بعض احتياطي الطوارئ لديها ووضع قيود على مبيعات السلع الأساسية مثل القمح من أجل منع عمليات التخزين غير المبررة أو المضاربات.

ويمكن ملاحظة التغير في العادات الغذائية بمختلف أنحاء بكين – من الشباب الجالسين حول الموائد في «كنتاكي» وصولا إلى كثرة الزبادي المخزن على أرفف محلات البقالة. وقالت مندوبة مبيعات لـ«يلي»، أحد أهم شركتي ألبان محليتين: «على مدار العامين الماضيين خاصة، أصبحت (بكين) سوقا ضخمة».

كانت ترتدي ملابس «ميني ماوس» أثناء ترويجها لمشروب زبادي على اسم شخصيات ديزني، وتحدثت بقوة عن مزايا النكهات الممزوجة بالفاكهة والخضراوات والحبوب كي تناسب المذاقات المحلية. وكانت تنتشر على حائط بالكامل في متجر «وول مارت» زبادي بالشوفان والقرع والأناناس والشعير والفول الأحمر والفول الأحمر والتوت، والصبر والليتشي والعنب وزبادي بالتوكاهو (وهو عشب جيد للطحال).

ووفقا لما أفادت به تقارير من خدمة الزراعة الأجنبية الأميركية، ارتفعت مبيعات الزبادي الصينية بنسبة 15% خلال 2009، وزاد استهلاك منتجات الألبان في المجمل بنسبة 10% سنويا. ولا يزال استهلاك منتجات الألبان منخفضا طبقا للمعايير داخل العالم المتقدم، بحسب ما أشار إليه التقرير، ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع سريعا. وتخطط الحكومة لمضاعفة منتجات الألبان بحلول 2013، وستضيف ملايين من البقر لقطيع إنتاج الألبان، وعالميا، ظهر تأثير تغير العادات الغذائية داخل الصين بدرجة كبيرة على سوق فول الصويا. ورغم أن هذا النبات يزرع بالأساس داخل الصين منذ وقت مبكر في تاريخ البلاد، فإن الحكومة أكدت على إنتاج الأرز والقمح والذرة منذ أوائل التسعينات من القرن الماضي حيث يرى مسؤولون أنهم أكثر أهمية بالنسبة لطعام المواطنين.

ووضعت هذه السياسية في وقت نمى فيه إنتاج الصين 15 مليون طن متري من فول الصويا سنويا، وهذه كمية كافية لتصدير البعض، بحسب ما قاله هو بينغتشوان، المحلل بمعهد تنمية الريف داخل الصين.

وما زالت الصين تنتج نحو 15 مليون طن متري من فول الصويا – ولكنها تستورد حاليا أكثر من 3 أضعاف هذه الكمية لإطعام الخنازير والدجاج والبقر وسمك المزارع. ويأتي الكثير من ذلك من الولايات المتحدة التي ترسل ربع محصول فول الصويا لديها إلى الصين ومن المتوقع تسجيل رقم قياسي للعام الرابع على التوالي في الصادرات، حيث من المتوقع أن تبلغ أكثر من 25 مليون طن متري، وفقا لما أفاد به تشانغ*شياو بينغ، القائم بأعمال المدير داخل الصين لمجلس صادرات فول الصويا الأميركي.

وما زالت الصين بدرجة كبيرة مكتفية ذاتيا في القمح والأرز والذرة. وتشجع الحكومة على إنتاج هذه المحاصيل من خلال إجراءات مثل وضع أسعار مبدئية للمزارعين. وللتعرف على المدة التي يمكن للصين أن تظل خلالها مكتفية ذاتيا، تتابع شركات تداول سلع ومزارعون أميركيون والبنك الدولي ومؤسسات أخرى مهتمة بأمن الغذاء العالمي أسواق هذه السلع الأساسية.

ويقول شياو بينغ إن معظم الأرض في الصين التي يمكن زراعتها وتحقيق أرباح يجري زراعتها بالفعل وإن الأرض المتاحة تتراجع بالفعل بسبب التنمية. وبالإضافة إلى ذلك، بدأت المحاصيل تبلغ مستويات ثابتة مع توقعات محدودة بمكاسب كبيرة.

وقال إنه يتوقع أن تبدأ الصين في استيراد الذرة بصورة متزايدة من أجل المحافظة على الطلب الناتج بصورة جزئية لتغيرات في عادات غذائية واستخدامه في إنتاج الوقود الحيوي.

ويقول محللون مثل ليستر براون، رئيس معهد سياسات الأرض، إنه يتوقع أن يأتي الدور بعد ذلك على القمح، مما سيسهم في ارتفاع الأسعار التي ستصبح «مزمنة» في المستقبل. ويقول خبراء آخرون إن هذا قد يكون العام الذي تبدأ فيه الصين شراء كميات كبيرة من القمح من الخارج. ويقولون إنه حتى لو كانت الواردات تمثل 5 أو 10% فقط من إجمالي الاحتياجات الصينية، فإن الشراء سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار العالمية.

وبالنسبة إلى رجال أعمال مثل ليو شوين، فهذا اتجاه أخذه من الفقر إلى قمة عالم الأعمال. وبينما كان يمشي في مخزن به حضانات، علت أصوات الدجاج من أقفاص ممتلئة بينما كان عمال المزارع يستعدون لنقل حمولة إلى محافظة منغوليا الداخلية. وكان الصوت صاخبا. وقال ليو شوين: «توجد مبيعات، ولذا سنحافظ على توسعنا».

*

الشرق الاوسط.

 
عودة
أعلى