- المشاركات
- 19,998
- الإقامة
- تركيا
هل يمكن أن يكون محاميك في المستقبل روبوت؟ قد يبدو الأمر بعيدا، بيد أن أنظمة برمجيات الذكاء الاصطناعي، وهي برامج كمبيوتر يمكنها التحديث و"التفكير" من تلقاء نفسها، تُستخدم على نطاق واسع في الدوائر القانونية.
ويصف جوشوا براودر تطبيقه "دو نوت باي" (DoNotPay) بأنه "أول محام روبوت في العالم".
يساعد الروبوت المستخدمين في صياغة الخطابات القانونية، وما عليك سوى أن تخبر برنامج الدردشة الآلي الخاص بالبرنامج عن مشكلتك، مثل تقديم طعن على فرض غرامة انتظار سيارات، وسوف يقترح عليك ما يعتقد أنه أفضل صيغة قانونية يمكنك استخدامها.
ويقول: "يستطيع المستخدمون كتابة مرافعتهم بكلماتهم الخاصة، ثم يطابق برنامج مزود بنموذج تعلم آلي هذه الكتابة ويصيغها بطريقة صحيحة قانونيا".
يعيش المطوّر الشاب، البالغ من العمر 24 عاما، في الولايات المتحدة، ويقع مقر شركته في وادي السيليكون في كاليفورنيا، بيد أن أصول شركته تعود إلى عام 2015 في العاصمة البريطانية لندن، عندما كان براودر في سن 18.
ويقول: "عندما كنت مراهقا في منطقة هيندون، شمالي لندن، كنت قائدا سيئا للسيارات. كنت أتكلف بكثير من تذاكر انتظار السيارات باهظة الثمن، والتي لم أستطع تحملها، نظرا لأنني كنت لا أزال في المدرسة الثانوية".
ويقول براودر إنه وجد، من خلال الكثير من عمليات البحث وحرية المعلومات، أن أفضل طرق الاعتراض تتلخص في الآتي: "إن كنت تعرف ما تقوله بطريقة صحيحة، فتستطيع توفير الكثير من الوقت والمال".
وبدلا من نسخ ولصق المستند نفسه في كل مرة، قال إنها "وظيفة مثالية للبرمجيات"، لذا أطلق الإصدار الأول من تطبيق "دو نوت باي" في غضون أسابيع قليلة عام 2015.
وانتشر التطبيق منذ ذلك الوقت في جميع أنحاء بريطانيا والولايات المتحدة، ويمكنه الآن مساعدة المستخدم في كتابة رسائل تتناول مجموعة من المشكلات، مثل مطالبات التأمين، التقدم بطلب للحصول على تأشيرات سياحية، رسائل شكوى مقدمة إلى شركة أو سلطة محلية، استرداد أموال مدفوعة لقضاء عطلة لم يعد بإمكانك الذهاب إليها، أو إلغاء عضوية الصالة الرياضية.
ويقول براودر إن الحالتين الأخيرتين هما الأكثر استخداما خلال جائحة كورونا.
ويقول التطبيق إن لديه حاليا نحو 150 ألف مشترك بأجر. وعلى الرغم من وجود معارضين قال بعضهم إن مشورة التطبيق القانونية ليست دقيقة بما يكفي، إلا أن التطبيق فاز العام الماضي بجائزة من نقابة المحامين الأمريكية.
ويقول براودر إن معدل النجاح الإجمالي بلغ 80 في المئة، وانخفض إلى 65 في المئة بالنسبة لتذاكر انتظار السيارات، نظرا لأن "بعض الناس مذنبون".
قد يساورك اعتقاد بأن المحامين البشر يخشون من تعدي الذكاء الاصطناعي على مجال عملهم، بيد أن أناسا يعربون عن سعادته، إذ يمكنهم استخدام البرنامج لمساعدتهم في البحث السريع عن كميات هائلة من وثائق القضية وفرزها.
وتقول سالي هوبسون، المحامية في شركة محاماة "ذا جروب 36" ومقرها لندن، وهي تعمل في القضايا الجنائية، إنها استخدمت مؤخرا الذكاء الاصطناعي أثناء محاكمة في جريمة قتل معقدة، وتضمنت القضية الحاجة إلى تحليل ما يزيد على 10 آلاف وثيقة بسرعة.
استطاع البرنامج إنجاز المهمة في وقت أسرع أربعة أسابيع مما كان سيستغرقه البشر، مما وفر 50 ألف جنيه إسترليني في هذه العملية.
وتقول إلينور ويفر، الرئيس التنفيذي لشركة "ليوميناس"، التي تصنع البرنامج الذي تستخدمه هوبسون، إن المحامين الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لأغراض المساعدة "أصبحوا شيئا طبيعيا ولم يعد الأمر ترفا".
ويستخدم البرنامج ما يزيد على 300 شركة محاماة أخرى في 55 دولة، ويعمل بـ 80 لغة.
وتقول ويفر: "تاريخيا كان لديك الكثير من تقنيات (فحص الوثائق) التي لم تكن أفضل من عمليات البحث بالكلمات الرئيسية على لوحة مفاتيح الكمبيوتر المحمول". وعلى النقيض، تقول إن البرامج المتطورة اليوم يمكنها ربط الكلمات والعبارات ذات الصلة.
وعلى الرغم من ذلك فإن الذكاء الاصطناعي لا يساعد المحامين في عملية فرز الأدلة بالمستندات فحسب، بل يمكنه أن يساعدهم في إعداد وتنظيم قضيتهم، والبحث عن أي سوابق قانونية ذات صلة.
ويستخدم لورنس ليبرمان، الذي يرأس برنامج رقمنة النزاعات القضائية التابع لشركة "تايلور ويسينغ" للمحاماة في لندن، مثل هذه البرامج التي طورتها شركة إسرائيلية تدعى "ليتيغيت".
ويقول: "كل ما عليك هو تحميل ملخص قضيتك والمرافعات الخاصة بك، وسوف يعرض البرنامج ويحدد الأطراف الأساسية في القضية. بعد ذلك سيربطهم الذكاء الاصطناعي معا، ويجمع التسلسل الزمني للأحداث الرئيسية وشرح ما يحدث في أي تواريخ".
ويقول بروس براود، كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة "ديلويت ليغال"، الذراع القانونية لعملاق المحاسبة" ديلويت"، إن نظام برمجيات "تاكس-آي TAX-I " الخاص به يمكنه تحليل بيانات محكمة تاريخية لقضايا طعن ضريبية مماثلة.
وتقول الشركة إنها تستطيع التنبؤ بشكل صحيح بقرارات الطعون بنسبة 70 في المئة، ويضيف براود أن ذلك يوفر طريقة أكثر قابلية للقياس الكمي تحدد احتمال النجاح، الأمر الذي يمكنك استخدامه لتحديد ما إذا كان عليك المضي قدما أم لا".
وعلى الرغم من أن الذكاء الاصطناعي قد يساعد في كتابة الرسائل القانونية، أو مساعدة المحامين البشر، فهل نشهد يوما ما عصرا يكون فيه المحامون أو حتى القضاة من الروبوت؟
يقول ويفر: "في الواقع أعتقد أننا لسنا قريبين من ذلك".
يد أن آخرين مثل البروفيسور ريتشارد سسكيند، الذي يرأس الفريق الاستشاري للمحكمة العليا في إنجلترا بشأن الذكاء الاصطناعي، ليسوا متأكدين تماما.
ويقول سسكيند إنه في ثمانينيات القرن الماضي شعر برعب حقا من فكرة قاضي الكمبيوتر، لكنه لم يعد كذلك الآن.
ويضيف أنه حتى قبل فيروس كورونا، "كان لدى البرازيل أكثر من 100 مليون قضية متراكمة أمام المحاكم، وأنه لا توجد فرصة لقضاة ومحامين بشر للتخلص من عبء بهذا الحجم".
وبناء عليه إذا كان نظام الذكاء الاصطناعي يستطيع التنبؤ بدقة شديدة (على سبيل المثال باحتمالية 95 في المئة) بقرارات المحكمة، فقد نبدأ في التفكير في التعامل مع هذه التنبؤات على أنها قرارات ملزمة، لا سيما في الدول التي لديها تراكمات كبيرة من القضايا.