kok_2002eg
عضو نشيط
- المشاركات
- 1,524
- الإقامة
- القاهره
الثقة تنهار في أوروبا و الضغوط الاقتصادية مستمرة
في ظل أزمة ديون اليونان السيادية و التي امتدت منها تأثيرات سلبية ظهرت على شكل عجز كبير في دول أخرى مثل إسبانيا و البرتغال و إيطاليا، انتشرت حالة من القلق الكبير بين أوساط المتداولين و المتابعين و المحللين الذين أصبحوا ينظرون إلى تبعات الأزمة على اقتصاد المجموعة الأوروبية عامةً. في نفس الوقت، انخفاض سعر صرف اليورو الشديد سبب قلقاً تجاه احتمال ارتفاع مستويات التضخم رغم أن البنك المركزي الأوروبي ما زال يتوقع أن تكون مستويات التضخم مستقرة هذه السنة. القلق الكبير الذي ساد الأسواق الأوروبية انعكس على مؤشرات zew للثقة و ظهر ذلك على شكل انخفاض حاد فاق التوقعات في هذه المؤشرات.
بحسب مؤشر zew للثقة، انخفضت الثقة بشكل حاد في الاقتصاد الألماني و ظهر ذلك على المؤشر بانخفاضه من مستوى 53.0 إلى 45.8 دفعة واحدة فيما انخفضت الثقة في الاقتصاد الأوروبي بحسب مؤشر zew لتظهر على شكل انزلاق المؤشر من 46.0 إلى 37.6. القلق الشديد تجاه امتداد أزمة اليونان إلى الدول الأوروبية المجاورة وصولاً إلى الاقتصاديات الكبرى مثل ألمانيا و فرنسا دفع موجة هائلة من التشاؤم شهدنا خلالها انخفاضاً كبيراً في مؤشرات الأسهم الأوروبية بشكل عام . لكن مع وضع خطة لمساعدة اليونان و إشارات البنك المركزي الأوروبي لدعم اليورو شهدنا هذا اليوم عودة لبعض الثقة في الأسواق المالية.
شهدنا خلال شهر آذار الماضي ارتفاعاً في الفائض الأوروبي في الميزان التجاري، رغم انخفاض سعر صرف اليورو بشكل ملحوظ إلا أن الفائض ارتفع إلى 4.5 مليار يورو من السابق 2.4 مليار و هذا الارتفاع لم ينعكس على الميزان التجاري المعدّل موسمياً حيث أن الفائض انخفض من 3.3 مليار إلى 0.6 مليار يورو بالنسبة للميزان التجاري المعدّل موسمياً.
الضغوط الاقتصادية مستمرة على الاتحاد الأوروبي، و انخفاض الثقة أمر آخر يضيف على صانعي القرار مسؤولية كبيرة لمحاولة دفع الثقة للتحسّن مرّة أخرى حيث أن انخفاض الثقة قد يكون سبباً لتأخير تحسّن الاقتصاد.
استلام اليونان لأول دفعة مساعدات بلغ مقدارها 18 مليار دولار أمريكي كان سبباً لأن نرى بعض التحسّن في الأسواق المالية الأوروبية هذا اليوم ليستمر مؤشر داكس الألماني في ارتفاعه لليوم الثاني على التوالي و انعكس ذلك أيضاً على مؤشر كاك الفرنسي و شهدنا ارتفاعاً في مؤشر stoxx 50 ليتداول في هذه اللحظات في ارتفاع يزيد عن 1.10%. لكن لو نظرنا إلى الأسواق المالية بأكثر دقة، سوف نجد بأن القلق ما زال مسيطراً تجاه استمرارية الاتحاد الأوروبي رغم تأكيد قادة الدول الأوروبية بأنهم يقفون جنباً إلى جنب في هذه الأزمة و يدعمون اليورو خصوصاً مع تصريحات البنك الأوروبي عن نيته لدعم اليورو في الأسواق المالية.
برغم كل ذلك، إلا أننا شهدنا الثقة تنخفض في أسرع وتيرة لها منذ حوالي السنتين، و هذا أمر ليس مستبعد أبداً في ظل الظروف الاقتصادية و المالية الحالية في أوروبا و ارتفاع في العجز. كل هذه الأسباب قد تكون سبباً للتأثير على وتيرة النمو في الاقتصاد الأوروبي بشكل عام و على الاقتصاديات فيه و على وجه الخصوص الاقتصاد الألماني الذي حقق نمواً مقداره 0.2% خلال الربع الأول من هذه السنة. إشارات ظهرت سابقاً من قبل بعض الجهات أشارت عدم استبعاد دخول الاتحاد الأوروبي في مرحلة كساد جراء أزمة الديون في حال امتدت إلى الدول الأوروبي الأخرى. لكن من جهة أخرى نرى بأن صانعو القرار لا يقفون مكتوفي الأيدي بل يضعون خطوات لحل الأزمة التي قد تطول خلال السنوات القادمة لكن يجب أن يتم وضع حد لاتساعها في الوقت الراهن.
أشارت بيانات التضخم التي صدرت هذا اليوم إلى أن مستوى التضخم قد ارتفع خلال شهر نيسان بمقدار 0.5% لكن هذا لارتفاع كان أقل من الارتفاع خلال شهر آذار و الذي تم تسجيل ارتفاع في التضخم مقداره 0.9%. انخفاض سعر صرف اليورو قد يكون له دور كبير في ارتفاع مستويات التضخم لكن لا يجب أيضاً أن ننسى ارتفاع سعر برميل النفط خلال تلك الفترة حتى وصل إلى مستويات 87 دولار للبرميل الواحد خلال الفترة القصيرة السابقة.
بشكل عام، نرى بأن الثقة قد انخفضت انخفاضاً حاداً في الفترة الماضية تجاه الاقتصاد الأوروبي و التوقعات المستقبلية له و للاقتصاد الألماني الذي هو في الأصل أكبر اقتصاد ضمن المجموعة الأوروبية. أزمة اليونان يجب أن نرى لها حلول حقيقية توقف اتساعها فيما امتداد الأزمة إلى الدول المجاورة على شكل اتساع حاد في العجز يجب أن يتم وضع حد له حتى تعود الثقة للاقتصاد الأوروبي عامة و إلا بقي الحال على ما هو عليه. الثقة التي تسود الأسواق المالية اليوم قد تزول سريعاً في حال ظهرت أي مؤثرات تهز الثقة مرّة أخرى. لهذا اليوم، نرى ارتفاعاً في سعر صرف اليورو إثر عودة الثقة فيه مع وعود البنك المركزي الأوروبي في التدخل في الأسواق المالية لدعم اليورو إلى جانب أننا نرى ارتفاعاً في مؤشرات الأسهم دلالة على بعض الثقة التي تسرّبت في الأسواق جراء بداية وصول المساعدات إلى اليونان.