رضا البطاوى
عضو فعال
- المشاركات
- 2,805
- الإقامة
- مصر
البيان في زعم القصاص قتل عمر لابنه عبد الرحمن
يقول القصاص والوعاظ عن الحكاية :
"تذاكَرَ النَّاسُ في مجلسِ ابنِ عبَّاسٍ فأخَذوا في فضْلِ أبي بكْرٍ ، ثمَّ أخَذوا في فضْلِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ ، فلمَّا سمِعَ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ بكَى بكاءً شديدًا حتَّى أُغمِيَ عليهِ، ثمَّ أفاقَ، فقال:
رحِمَ اللهُ رجُلًا لم تأْخُذْهُ في اللهِ لوْمةُ لائِمٍ، رحِمَ اللهُ رجُلًا قرَأَ القُرآنَ وعمِلَ بما فيهِ وأقامَ حُدودَ اللهِ كما أَمَرَ، لم يَزِدْ عنِ القريبِ لقَرابتهِ، ولم يُخفِّفْ عنِ البعيدِ لبُعدِهِ، ثمَّ قال: واللهِ، لقدْ رأيتُ عُمرَ وقد أقام الحَدَّ على ولدِهِ فقتَلهُ فيهِ، ثمَّ بكَى وبكَى النَّاسُ مِن حوْلِهِ، وقُلْنا: يا ابنَ عمِّ رسولِ اللهِ، إنْ رأيْتَ أنْ تحدِّثَنا كيفَ أقامَ عُمرُ على ولدِهِ الحدَّ؟ فقال: واللهِ، لقد أَذْكَرْتُموني شيئًا كنتُ لهُ ناسيًا، فقلتُ: أقسمْنا عليكَ بحقِّ المصطفَى لَمَا حدَّثْتَنا! فقال: معاشِرَ النَّاسِ، كنتُ ذاتَ يومٍ في مسجدِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعُمرُ بنُ الخطَّابِ جالسٌ والنَّاسُ حولَهُ يَعِظُهمْ ويَحْكُمْ فيما بينَهُم، فإذا نحنُ بجاريةٍ قدْ أقبلَتْ مِن بابِ المسجدِ، فجعلتْ تتخطَّى رِقابَ المهاجرينَ والأنصارِ حتَّى وقفَتْ بإِزاءِ عُمرَ ، فقالتْ: السَّلامُ عليكَ يا أميرَ المؤمنينَ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ، فقال عُمرُ: وعليكِ السَّلامُ يا أَمَةَ اللهِ، هل مِن حاجةٍ؟ فقالتْ: نعَمْ، أعظَمُ الحوائِجِ إليكَ، خُذْ ولدَكَ هذا مِنِّي، فأنتَ أحقُّ بهِ مِنِّي، ثمَّ رفعَتِ القِناعَ، فإذا على يدِها طفلٌ، فلمَّا نَظرَ إليهِ عُمرُ ، قال: يا أَمَةَ اللهِ، أَسْفِري عنكِ وجْهَكِ، فأَسْفرَتْ، فأَطْرَقُ عُمرُ وهو يقولُ: لا حوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ العليِّ العظيمِ، يا هذهِ، أنا لا أَعرِفُكِ، فكيفَ يكونُ هذا ولدِي؟ فبكَتِ الجاريةُ حتَّى بلَّتْ خِمارَها بالدُّموعِ، ثمَّ قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنْ لم يكنْ ولدُكَ في ظهْرِكَ فهو ولَدُ ولدِكَ، قال: أيُّ أولادي؟ قالت: أبو شَحْمةَ، قال: أبحلالٍ أمْ حرامٍ؟ قالت: مِن قِبَلِي بحلالٍ ومِن جِهتِهِ بحرامٍ! قال عُمرُ : وكيفَ ذاكَ؟ قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، اسمَعْ مقالتي، فواللهِ ما زِدْتُ عليكَ حرفًا ولا نَقصْتُ، فقال لها: اتَّقِي اللهَ ولا تقُولي إلَّا الصِّدْقَ، قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، كنتُ في بعضِ الأيَّامِ مارَّةً في بعضِ حوائِجي، إذْ مررْتُ بحائطٍ لبَني النَّجَّارِ، فإذا أنا بصائِحٍ يَصيحُ مِن وَرائي، فإذا أنا بولَدِكَ أبي شَحْمةَ يَتمايَلُ سُكْرًا، وكان قدْ شرِبَ عندَ نسيكةَ اليهوديِّ، فلمَّا قرُبَ مِنِّي تواعَدني وتهدَّدَني وراودَني عن نفْسي وجرَّني إلى الحائطِ فسقطْتُ وأُغْمِيَ عليَّ، فواللهِ ما أَفقْتُ إلَّا وقدْ نال مِنِّي ما ينالُ الرجُلُ مِنِ امرأتِه! فقُمْتُ وكتمْتُ أمْري عنْ عمِّي وجيراني، فلمَّا تكاملَتْ أيَّامي وانقضَتْ شُهوري وضرَبَني الطَّلْقُ وأحسسْتُ بالولادةِ خرجْتُ إلى موضعِ كذا وكذا، فوضعْتُ هذا الغلامَ، فهممْتُ بقتْلِهِ، ثمَّ ندِمْتُ على ذلكَ، فاحْكُمْ بحُكْمِ اللهِ بيني وبينَهُ، قال ابن عبَّاسٍ ما: فأَمَرَ عُمرُ مناديَه ينادي: فأقبَلَ النَّاسُ يُهْرَعونَ إلى المسجدِ، ثمَّ قامَ عُمرُ ، فقال: يا معشرَ المهاجرينَ والأنصارِ، لا تتفرَّقوا حتَّى آتيَكُمْ بالخبَرِ، ثمَّ خرجَ مِنَ المسجدِ وأنا معهُ، فنظرَ إليَّ وقال: يا ابنَ عبَّاسٍ، أسرِعْ معي، فجَعلَ يُسرِعُ حتَّى قرُبَ مِن منزلِهِ، فقرَعَ البابَ، فخرجتْ جاريةٌ كانتْ تخدُمُهُ، فلمَّا نظرتْ إلى وجهِهِ وقد غلبَهُ الغضبُ قالت: ما الَّذي نزلَ بكَ؟ قال: يا هذهِ، ولَدِي أبو شَحْمةَ ههُنا؟ قالتْ: إنَّهُ على الطَّعامِ، فدخلَ وقال لهُ: كُلْ يا بُنيَّ، فيوشِكُ أنْ يكونَ آخِرَ زادِكَ مِنَ الدُّنْيا، قال: قال ابنُ عبَّاسٍ: فرأيْتُ الغلامَ وقدْ تغيَّر لونُهُ وارتَعَدَ، وسقطَتِ اللُّقمةُ مِن يدِهِ، فقال له عُمرُ: يا بُنَيَّ، مَن أنا؟ قال: أنتَ أبي وأميرُ المؤمنينَ، قال: فلِي عليكَ حقُّ طاعةٍ أمْ لا؟ قال: طاعتانِ مُفْتَرَضَتانِ: أوَّلُهما أنَّكَ والِدي، والأُخرى أنَّكَ أميرُ المؤمنينَ، فقال عُمرُ : بحقِّ نبيِّكَ، وبحقِّ أبيكَ، فإنِّي لا أسألُكَ عن شيْءٍ إلَّا أخبرْتَني، قال: يا أبَتِ، لا أقولُ غيرَ الصِّدْقِ، قال: هل كنتَ ضيْفًا لنسيكةَ اليهوديِّ، فشرِبْتَ عندَهُ الخَمْرَ وسَكِرْتَ؟ قال: يا أبي، قدْ كان ذلكَ وقدْ تُبْتُ، قال: يا بُنَيَّ، رأسُ مالِ المذنبِ التَّوبةُ، ثمَّ قال: يا بُنَيَّ، أَنْشُدُكَ اللهَ، هل دخلْتَ ذلكَ اليومَ حائطًا لبَني النَّجَّارِ، فرأيْتَ امرأةً، فواقعْتَها؟ فسكتَ وبكَى، وهو يَبكي ويَلْطِمُ وجْهَهُ، قال لهُ عُمرُ : لا بأسَ، اصْدُقْ؛ فإنَّ اللهَ يحِبُّ الصَّادقينَ، فقال: يا أبي، كان ذلك، والشَّيْطانُ أغْواني، وأنا تائِبٌ نادمٌ، فلمَّا سمِع عُمرُ ذلكَ قبَضَ على يدِهِ، ولبَّبَهُ، وجرَّهُ إلى المسجدِ، فقال: يا أبتِ، لا يعصمني على رُؤوسِ الخلائقِ حدُّ السَّيْفِ، واقطَعْني ههنا إِرْبًا إِرْبًا، قال: أمَا سمِعْتَ قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؟ ثمَّ جرَّهُ حتَّى أخرجَهُ بيْن يدَيْ أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في المسجدِ، وقال: صدقَتِ المرأةُ، وأقرَّ أبو شَحْمةَ بما قالتْ، ولهُ مملوكٌ يُقالُ لهُ أفلَحُ، فقال لهُ: يا أفلَحُ، إنَّ لي إليكَ حاجةً، إنْ أنتَ قضيْتَها فأنتَ حرٌّ لوجْهِ اللهِ، فقال: يا أميرَ المؤمنينَ، مُرْني، قال: خُذِ ابني هذا فاضرِبْهُ مِئةَ سوْطٍ، ولا تُقَصِّرْ في ضرْبِهِ، فقال: لا أفعلُهُ، وبكَى، وقال: يا ليْتَني لم تلَدْني أُمِّي حيثُ أُكلَّفُ ضرْبَ ولَدِ سيِّدي، فقال له عُمرُ : إنَّ طاعتي طاعةُ الرَّسولِ، فافعَلْ ما أمرْتُكَ بهِ، فانزِعْ ثيابَهُ، فضَجَّ النَّاسُ بالبُكاءِ والنَّحيبِ، وجعَلَ الغلامُ يُشيرُ بإصبِعِهِ إلى أبيهِ، ويقولُ: يا أبتِ، ارْحَمْني، فقال لهُ عُمرُ وهو يبكي: ربُّكَ يَرحمُكَ، وإنما هذا كيْ يرْحَمَني ويرْحَمَكَ، ثمَّ قال: يا أفلَحُ، اضْرِبْ، فضرَبَ أوَّلَ سوْطٍ، فقال الغلامُ: بِسم اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال: نِعْمَ الاسِمُ سمَّيْتَ يا بُنَيَّ، فلمَّا ضرَبهُ بهِ ثانيةً قال: أوِّهْ يا أبتِ، فقال عُمرُ : اصبِرْ كما عَصَيْتَ، فلمَّا ضرَبَ ثالثًا، قال: الأَمانُ، قال عُمرُ : ربُّكَ يُعطيكَ الأمانَ، فلمَّا ضرَبهُ رابعًا، قال: واغَوْثَاهُ، فقال: الغَوْثُ عندَ الشِّدَّةِ، فلمَّا ضرَبهُ خامسًا حَمِدَ اللهَ عزَّ وجلَّ، فقال عُمرُ : كذا يجِبُ أن تحمَدَهُ، فلمَّا ضرَبهُ عشرًا، قال: يا أبتِ، قتلْتَني! قال: يا بُنَيَّ، ذنبُكَ قتلَكَ، فلمَّا ضرَبهُ ثلاثين، قال: أحرقْتَ واللهِ قلبي، قال: يا بُنَيَّ، النَّارُ أشدُّ حرًّا، قال: فلمَّا ضرَبهُ أربعين، قال: يا أبتِ، دعْنِي أذْهَبْ على وجهي، قال: يا بُنَيَّ، إذا أخذْتَ حدَّ اللهِ مِن جنْبِكَ اذهَبْ حيثُ شِئْتَ، فلمَّا ضربه خمسين، قال: نَشَدْتُكَ بالقرآن لَمَا خلَّيْتَني، قال: يا بُنَيَّ، هَلَّا وعَظكَ القُرآنُ وزجَركَ عن معصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ يا غلامُ اضْرِبْ، فلمَّا ضرَبهُ سِتِّينَ، قال: يا أبي، أَغِثْني، قال: يا بُنَيَّ، إنَّ أهْلَ النَّارِ إذا استغاثوا لم يُغاثُوا، فلمَّا ضرَبهُ سبعينَ، قال: يا أبتِ، اسْقِني شَرْبةً مِنَ الماءِ، قال: يا بُنَيَّ، إنْ كان ربُّكَ يُطهِّرُكَ فيَسقيكَ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم شَربةً لا تَظمَأُ بعدَها أبدًا، يا غلامُ اضْرِبْ، فلمَّا ضرَبهُ ثمانين، قال: يا أبتِ، السَّلامُ عليكَ، قال: وعليكَ السَّلامُ، إنْ رأيْتَ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم فأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: خلَّفْتَ عُمرَ يَقرأُ القُرآنَ ويُقيمُ الحدودَ، يا غلامُ اضْرِبْهُ، فلمَّا ضرَبهُ تسعينَ انقطعَ كلامُهُ وضَعُفَ، فوثَبَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن كلِّ جانبٍ، فقالوا: يا عُمرُ، انظُرْ كَمْ بَقِيَ فأخِّرْهُ إلى وقتٍ آخَرَ، فقال: كما لا تؤَخَّرُ المعصيةُ؛ لا تؤَخَّرُ العقوبةُ، فأتى الصَّريخُ إلى أُمِّهِ، فجاءتْ باكيةً صارخةً، وقالت: يا عُمرُ، أَحُجُّ بكل سوطٍ حَجَّةً ماشيةً، وأَتصدَّقُ بكذا وكذا دِرْهمًا، قال: إنَّ الحجَّ والصدقةَ لا تَنُوبُ عنِ الحدِّ، يا غلامُ، أتِمَّ الحَدَّ، فلمَّا كان آخِرُ سوْطٍ سقَطَ الغلامُ ميِّتًا، فقال عُمرُ : يا بُنَيَّ، محَّصَ اللهُ عنكَ الخطايا، وجعَلَ رأسَهُ في حِجْرِهِ يبكي، ويقول: بأبي مَن قتلَهُ الحقُّ، بأبي مَن ماتَ عندَ انقضاءِ الحدِّ، بأبي مَن لم يَرحَمْهُ أبوهُ وأقاربُه! فنظرَ النَّاسُ إليه فإذا هو قد فارقَ الدُّنْيا، فلمْ يُرَ يومٌ أعظَمُ منه، وضجَّ النَّاسُ بالبكاءِ والنَّحيبِ، فلمَّا كان بعدَ أربعينَ يومًا أقبَلَ عليه حذيفةُ بنُ اليَماني صَبيحةَ يومِ الجُمُعةِ، فقال: إنِّي أخذْتُ وِرْدي مِنَ اللَّيلِ، فرأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في المنامِ، وإذا الفتَى معهُ حُلَّتانِ خَضْراوانِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: أقْرِئْ عُمرَ مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: هكذا أمَركَ اللهُ أنْ تقرأَ القُرآنَ وتُقِيمَ الحدودَ، وقال الغلامُ: أقْرِئْ أبي مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: طهَّركَ اللهُ كما طهَّرْتَني، والسَّلامُ."
هذا الحديث وهى تلك الرواية لا أصل لها بهذه الأحداث فيما روى أصحاب الحديث في كتبهم والموجود حديث اخر ولكنه مخالف للكثير مما ورد في الحكاية وهو :
"حديث ابن شهاب المذكور في أول هذا الباب عن عمر رضي الله عنه هو في عبيد الله ابنه، ولعبد الرحمن ابنه المعروف بأبي شحمة من بنيه قصة في شرب الخمر جلده فيها بمصر عمرو بن العاص، ثم جلده عمر بعد.... قال ابن عمر: فزعم الناس أنه مات من ضرب عمر ولم يمت من ضربه "رواه ابن عبد البر في الاستذكار
وأما أخطاء حكاية القصاص فهى :
الأول جلوس المسلمين ومنهم عمر في المسجد للحديث والوغظ والقضاء في قول الحكاية "
"كنتُ ذاتَ يومٍ في مسجدِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعُمرُ بنُ الخطَّابِ جالسٌ والنَّاسُ حولَهُ يَعِظُهمْ ويَحْكُمْ فيما بينَهُم "
وهو ما يناقض ان المؤمنين بالنبى(ص)في عصره يعرفون ان المساجد للصلاة فقط وهى ذكر اسم الله الله وهو قراءة القرآن كما قال تعالى " في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه "
الثانى ان الجارية نسبت ولد الاغتصاب لعمر نفسه بقول الحكاية :
" خُذْ ولدَكَ هذا مِنِّي، فأنتَ أحقُّ بهِ مِنِّي، ثمَّ رفعَتِ القِناعَ، فإذا على يدِها طفلٌ" ثم عادت ونسبته لولد عمر بقول الحكاية " ثمَّ قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنْ لم يكنْ ولدُكَ في ظهْرِكَ فهو ولَدُ ولدِكَ"
الثالث ان الجارية برات نفسها بأنه أغمى عليها وأن الاغتصاب تم بعد الاغماء في قول الحكاية :"فإذا أنا بولَدِكَ أبي شَحْمةَ يَتمايَلُ سُكْرًا، وكان قدْ شرِبَ عندَ نسيكةَ اليهوديِّ، فلمَّا قرُبَ مِنِّي تواعَدني وتهدَّدَني وراودَني عن نفْسي وجرَّني إلى الحائطِ فسقطْتُ وأُغْمِيَ عليَّ، فواللهِ ما أَفقْتُ إلَّا وقدْ نال مِنِّي ما ينالُ الرجُلُ مِنِ امرأتِه"
الرابع معرفة عمر ان ابنه سيموت بعد اكله بقول الحكاية"قالت: ما الَّذي نزلَ بكَ؟ قال: يا هذهِ، ولَدِي أبو شَحْمةَ ههُنا؟ قالتْ: إنَّهُ على الطَّعامِ، فدخلَ وقال لهُ: كُلْ يا بُنيَّ، فيوشِكُ أنْ يكونَ آخِرَ زادِكَ مِنَ الدُّنْيا"
وهو ما يخالف أنه هو وغيره لا يعلم الغيب كما قال تعالى "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "
الخامس جر عمر ابنه للمسجد لاقامة الحد في قول الحكاية :"فقال: يا أبي، كان ذلك، والشَّيْطانُ أغْواني، وأنا تائِبٌ نادمٌ، فلمَّا سمِع عُمرُ ذلكَ قبَضَ على يدِهِ، ولبَّبَهُ، وجرَّهُ إلى المسجدِ"
السادس كشف عورة الابن بنزع ثيابه كلها لجلده أمام الناس فى قول الحكاية "
فقال: لا أفعلُهُ، وبكَى، وقال: يا ليْتَني لم تلَدْني أُمِّي حيثُ أُكلَّفُ ضرْبَ ولَدِ سيِّدي، فقال له عُمرُ : إنَّ طاعتي طاعةُ الرَّسولِ، فافعَلْ ما أمرْتُكَ بهِ، فانزِعْ ثيابَهُ،"
وهو ما يخالف أن العورة لا تكشف أمام الناس وإنما الجلد يكون أمام الناس كما قال تعالى " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"
والمجلود يتم الباسه ثوب رقيق لا يشف مغطيا عورته
السابع ان العبد رفض ضرب الولد بقوله " لا أفعله " وهو ما يناقض أنه ضربه في قول الحكاية " ثمَّ قال: يا أفلَحُ، اضْرِبْ، فضرَبَ أوَّلَ سوْطٍ،"
الثامن إصرار عمر على ضرب الولد رغم أن علامات الموت بدت عليه باعتراض الحاضرين اكمال الضرب في قول الحكاية :
" فقال الغلامُ: بِسم اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال: نِعْمَ الاسِمُ سمَّيْتَ يا بُنَيَّ إنْ رأيْتَ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم فأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: خلَّفْتَ عُمرَ يَقرأُ القُرآنَ ويُقيمُ الحدودَ، يا غلامُ اضْرِبْهُ، فلمَّا ضرَبهُ تسعينَ انقطعَ كلامُهُ وضَعُفَ، فوثَبَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن كلِّ جانبٍ، فقالوا: يا عُمرُ، انظُرْ كَمْ بَقِيَ فأخِّرْهُ إلى وقتٍ آخَرَ، فقال: كما لا تؤَخَّرُ المعصيةُ؛ لا تؤَخَّرُ العقوبةُ، فأتى الصَّريخُ إلى أُمِّهِ يا غلامُ، أتِمَّ الحَدَّ، فلمَّا كان آخِرُ سوْطٍ سقَطَ الغلامُ ميِّتًا"
قطعا جلد المغتصب مائة جلدة يخالف أن المغتصب حده هو حد الحرابة وليس حد الزنى لكونه أفسد في الأرض حيث ارتكب عدة جرائم هى :
الزنى بالقوة وشرب الخمر كما في الحكاية والاكراه
كما أن المفروض في حالة المرض يخفف العذاب عن المريض والرجل كما تقول الحكاية أصابه الاعياء تماما وبان ذلك لكل من حضر في الحكاية فاعترضوا
وهناك عيوب أخرى في الحكاية وهى :
أن شارب الخمر لا يكون في وعيه فكيف يمكن له ان يتذكر أنه اغتصب أحد أو قتله أو قال كذا وكذا... ؟
أن عمر لم يضاعف له العقوبة لكونه من عائلته وولى الأمر في الإسلام عقوبته وهو أفراد أسرته مضاعفة في الجرائم التى يرتكبونها كما في مضاعفة عقوبة زوجة النبى(ص) إذا زنت وهو قوله تعالى :
" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ"
يقول القصاص والوعاظ عن الحكاية :
"تذاكَرَ النَّاسُ في مجلسِ ابنِ عبَّاسٍ فأخَذوا في فضْلِ أبي بكْرٍ ، ثمَّ أخَذوا في فضْلِ عُمرَ بنِ الخطَّابِ ، فلمَّا سمِعَ عبدُ اللهِ بنُ عبَّاسٍ بكَى بكاءً شديدًا حتَّى أُغمِيَ عليهِ، ثمَّ أفاقَ، فقال:
رحِمَ اللهُ رجُلًا لم تأْخُذْهُ في اللهِ لوْمةُ لائِمٍ، رحِمَ اللهُ رجُلًا قرَأَ القُرآنَ وعمِلَ بما فيهِ وأقامَ حُدودَ اللهِ كما أَمَرَ، لم يَزِدْ عنِ القريبِ لقَرابتهِ، ولم يُخفِّفْ عنِ البعيدِ لبُعدِهِ، ثمَّ قال: واللهِ، لقدْ رأيتُ عُمرَ وقد أقام الحَدَّ على ولدِهِ فقتَلهُ فيهِ، ثمَّ بكَى وبكَى النَّاسُ مِن حوْلِهِ، وقُلْنا: يا ابنَ عمِّ رسولِ اللهِ، إنْ رأيْتَ أنْ تحدِّثَنا كيفَ أقامَ عُمرُ على ولدِهِ الحدَّ؟ فقال: واللهِ، لقد أَذْكَرْتُموني شيئًا كنتُ لهُ ناسيًا، فقلتُ: أقسمْنا عليكَ بحقِّ المصطفَى لَمَا حدَّثْتَنا! فقال: معاشِرَ النَّاسِ، كنتُ ذاتَ يومٍ في مسجدِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعُمرُ بنُ الخطَّابِ جالسٌ والنَّاسُ حولَهُ يَعِظُهمْ ويَحْكُمْ فيما بينَهُم، فإذا نحنُ بجاريةٍ قدْ أقبلَتْ مِن بابِ المسجدِ، فجعلتْ تتخطَّى رِقابَ المهاجرينَ والأنصارِ حتَّى وقفَتْ بإِزاءِ عُمرَ ، فقالتْ: السَّلامُ عليكَ يا أميرَ المؤمنينَ ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ، فقال عُمرُ: وعليكِ السَّلامُ يا أَمَةَ اللهِ، هل مِن حاجةٍ؟ فقالتْ: نعَمْ، أعظَمُ الحوائِجِ إليكَ، خُذْ ولدَكَ هذا مِنِّي، فأنتَ أحقُّ بهِ مِنِّي، ثمَّ رفعَتِ القِناعَ، فإذا على يدِها طفلٌ، فلمَّا نَظرَ إليهِ عُمرُ ، قال: يا أَمَةَ اللهِ، أَسْفِري عنكِ وجْهَكِ، فأَسْفرَتْ، فأَطْرَقُ عُمرُ وهو يقولُ: لا حوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا باللهِ العليِّ العظيمِ، يا هذهِ، أنا لا أَعرِفُكِ، فكيفَ يكونُ هذا ولدِي؟ فبكَتِ الجاريةُ حتَّى بلَّتْ خِمارَها بالدُّموعِ، ثمَّ قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنْ لم يكنْ ولدُكَ في ظهْرِكَ فهو ولَدُ ولدِكَ، قال: أيُّ أولادي؟ قالت: أبو شَحْمةَ، قال: أبحلالٍ أمْ حرامٍ؟ قالت: مِن قِبَلِي بحلالٍ ومِن جِهتِهِ بحرامٍ! قال عُمرُ : وكيفَ ذاكَ؟ قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، اسمَعْ مقالتي، فواللهِ ما زِدْتُ عليكَ حرفًا ولا نَقصْتُ، فقال لها: اتَّقِي اللهَ ولا تقُولي إلَّا الصِّدْقَ، قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، كنتُ في بعضِ الأيَّامِ مارَّةً في بعضِ حوائِجي، إذْ مررْتُ بحائطٍ لبَني النَّجَّارِ، فإذا أنا بصائِحٍ يَصيحُ مِن وَرائي، فإذا أنا بولَدِكَ أبي شَحْمةَ يَتمايَلُ سُكْرًا، وكان قدْ شرِبَ عندَ نسيكةَ اليهوديِّ، فلمَّا قرُبَ مِنِّي تواعَدني وتهدَّدَني وراودَني عن نفْسي وجرَّني إلى الحائطِ فسقطْتُ وأُغْمِيَ عليَّ، فواللهِ ما أَفقْتُ إلَّا وقدْ نال مِنِّي ما ينالُ الرجُلُ مِنِ امرأتِه! فقُمْتُ وكتمْتُ أمْري عنْ عمِّي وجيراني، فلمَّا تكاملَتْ أيَّامي وانقضَتْ شُهوري وضرَبَني الطَّلْقُ وأحسسْتُ بالولادةِ خرجْتُ إلى موضعِ كذا وكذا، فوضعْتُ هذا الغلامَ، فهممْتُ بقتْلِهِ، ثمَّ ندِمْتُ على ذلكَ، فاحْكُمْ بحُكْمِ اللهِ بيني وبينَهُ، قال ابن عبَّاسٍ ما: فأَمَرَ عُمرُ مناديَه ينادي: فأقبَلَ النَّاسُ يُهْرَعونَ إلى المسجدِ، ثمَّ قامَ عُمرُ ، فقال: يا معشرَ المهاجرينَ والأنصارِ، لا تتفرَّقوا حتَّى آتيَكُمْ بالخبَرِ، ثمَّ خرجَ مِنَ المسجدِ وأنا معهُ، فنظرَ إليَّ وقال: يا ابنَ عبَّاسٍ، أسرِعْ معي، فجَعلَ يُسرِعُ حتَّى قرُبَ مِن منزلِهِ، فقرَعَ البابَ، فخرجتْ جاريةٌ كانتْ تخدُمُهُ، فلمَّا نظرتْ إلى وجهِهِ وقد غلبَهُ الغضبُ قالت: ما الَّذي نزلَ بكَ؟ قال: يا هذهِ، ولَدِي أبو شَحْمةَ ههُنا؟ قالتْ: إنَّهُ على الطَّعامِ، فدخلَ وقال لهُ: كُلْ يا بُنيَّ، فيوشِكُ أنْ يكونَ آخِرَ زادِكَ مِنَ الدُّنْيا، قال: قال ابنُ عبَّاسٍ: فرأيْتُ الغلامَ وقدْ تغيَّر لونُهُ وارتَعَدَ، وسقطَتِ اللُّقمةُ مِن يدِهِ، فقال له عُمرُ: يا بُنَيَّ، مَن أنا؟ قال: أنتَ أبي وأميرُ المؤمنينَ، قال: فلِي عليكَ حقُّ طاعةٍ أمْ لا؟ قال: طاعتانِ مُفْتَرَضَتانِ: أوَّلُهما أنَّكَ والِدي، والأُخرى أنَّكَ أميرُ المؤمنينَ، فقال عُمرُ : بحقِّ نبيِّكَ، وبحقِّ أبيكَ، فإنِّي لا أسألُكَ عن شيْءٍ إلَّا أخبرْتَني، قال: يا أبَتِ، لا أقولُ غيرَ الصِّدْقِ، قال: هل كنتَ ضيْفًا لنسيكةَ اليهوديِّ، فشرِبْتَ عندَهُ الخَمْرَ وسَكِرْتَ؟ قال: يا أبي، قدْ كان ذلكَ وقدْ تُبْتُ، قال: يا بُنَيَّ، رأسُ مالِ المذنبِ التَّوبةُ، ثمَّ قال: يا بُنَيَّ، أَنْشُدُكَ اللهَ، هل دخلْتَ ذلكَ اليومَ حائطًا لبَني النَّجَّارِ، فرأيْتَ امرأةً، فواقعْتَها؟ فسكتَ وبكَى، وهو يَبكي ويَلْطِمُ وجْهَهُ، قال لهُ عُمرُ : لا بأسَ، اصْدُقْ؛ فإنَّ اللهَ يحِبُّ الصَّادقينَ، فقال: يا أبي، كان ذلك، والشَّيْطانُ أغْواني، وأنا تائِبٌ نادمٌ، فلمَّا سمِع عُمرُ ذلكَ قبَضَ على يدِهِ، ولبَّبَهُ، وجرَّهُ إلى المسجدِ، فقال: يا أبتِ، لا يعصمني على رُؤوسِ الخلائقِ حدُّ السَّيْفِ، واقطَعْني ههنا إِرْبًا إِرْبًا، قال: أمَا سمِعْتَ قولَ اللهِ عزَّ وجلَّ: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}؟ ثمَّ جرَّهُ حتَّى أخرجَهُ بيْن يدَيْ أصحابِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في المسجدِ، وقال: صدقَتِ المرأةُ، وأقرَّ أبو شَحْمةَ بما قالتْ، ولهُ مملوكٌ يُقالُ لهُ أفلَحُ، فقال لهُ: يا أفلَحُ، إنَّ لي إليكَ حاجةً، إنْ أنتَ قضيْتَها فأنتَ حرٌّ لوجْهِ اللهِ، فقال: يا أميرَ المؤمنينَ، مُرْني، قال: خُذِ ابني هذا فاضرِبْهُ مِئةَ سوْطٍ، ولا تُقَصِّرْ في ضرْبِهِ، فقال: لا أفعلُهُ، وبكَى، وقال: يا ليْتَني لم تلَدْني أُمِّي حيثُ أُكلَّفُ ضرْبَ ولَدِ سيِّدي، فقال له عُمرُ : إنَّ طاعتي طاعةُ الرَّسولِ، فافعَلْ ما أمرْتُكَ بهِ، فانزِعْ ثيابَهُ، فضَجَّ النَّاسُ بالبُكاءِ والنَّحيبِ، وجعَلَ الغلامُ يُشيرُ بإصبِعِهِ إلى أبيهِ، ويقولُ: يا أبتِ، ارْحَمْني، فقال لهُ عُمرُ وهو يبكي: ربُّكَ يَرحمُكَ، وإنما هذا كيْ يرْحَمَني ويرْحَمَكَ، ثمَّ قال: يا أفلَحُ، اضْرِبْ، فضرَبَ أوَّلَ سوْطٍ، فقال الغلامُ: بِسم اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال: نِعْمَ الاسِمُ سمَّيْتَ يا بُنَيَّ، فلمَّا ضرَبهُ بهِ ثانيةً قال: أوِّهْ يا أبتِ، فقال عُمرُ : اصبِرْ كما عَصَيْتَ، فلمَّا ضرَبَ ثالثًا، قال: الأَمانُ، قال عُمرُ : ربُّكَ يُعطيكَ الأمانَ، فلمَّا ضرَبهُ رابعًا، قال: واغَوْثَاهُ، فقال: الغَوْثُ عندَ الشِّدَّةِ، فلمَّا ضرَبهُ خامسًا حَمِدَ اللهَ عزَّ وجلَّ، فقال عُمرُ : كذا يجِبُ أن تحمَدَهُ، فلمَّا ضرَبهُ عشرًا، قال: يا أبتِ، قتلْتَني! قال: يا بُنَيَّ، ذنبُكَ قتلَكَ، فلمَّا ضرَبهُ ثلاثين، قال: أحرقْتَ واللهِ قلبي، قال: يا بُنَيَّ، النَّارُ أشدُّ حرًّا، قال: فلمَّا ضرَبهُ أربعين، قال: يا أبتِ، دعْنِي أذْهَبْ على وجهي، قال: يا بُنَيَّ، إذا أخذْتَ حدَّ اللهِ مِن جنْبِكَ اذهَبْ حيثُ شِئْتَ، فلمَّا ضربه خمسين، قال: نَشَدْتُكَ بالقرآن لَمَا خلَّيْتَني، قال: يا بُنَيَّ، هَلَّا وعَظكَ القُرآنُ وزجَركَ عن معصيةِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ يا غلامُ اضْرِبْ، فلمَّا ضرَبهُ سِتِّينَ، قال: يا أبي، أَغِثْني، قال: يا بُنَيَّ، إنَّ أهْلَ النَّارِ إذا استغاثوا لم يُغاثُوا، فلمَّا ضرَبهُ سبعينَ، قال: يا أبتِ، اسْقِني شَرْبةً مِنَ الماءِ، قال: يا بُنَيَّ، إنْ كان ربُّكَ يُطهِّرُكَ فيَسقيكَ محمَّدٌ صلَّى الله عليه وسلَّم شَربةً لا تَظمَأُ بعدَها أبدًا، يا غلامُ اضْرِبْ، فلمَّا ضرَبهُ ثمانين، قال: يا أبتِ، السَّلامُ عليكَ، قال: وعليكَ السَّلامُ، إنْ رأيْتَ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم فأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: خلَّفْتَ عُمرَ يَقرأُ القُرآنَ ويُقيمُ الحدودَ، يا غلامُ اضْرِبْهُ، فلمَّا ضرَبهُ تسعينَ انقطعَ كلامُهُ وضَعُفَ، فوثَبَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن كلِّ جانبٍ، فقالوا: يا عُمرُ، انظُرْ كَمْ بَقِيَ فأخِّرْهُ إلى وقتٍ آخَرَ، فقال: كما لا تؤَخَّرُ المعصيةُ؛ لا تؤَخَّرُ العقوبةُ، فأتى الصَّريخُ إلى أُمِّهِ، فجاءتْ باكيةً صارخةً، وقالت: يا عُمرُ، أَحُجُّ بكل سوطٍ حَجَّةً ماشيةً، وأَتصدَّقُ بكذا وكذا دِرْهمًا، قال: إنَّ الحجَّ والصدقةَ لا تَنُوبُ عنِ الحدِّ، يا غلامُ، أتِمَّ الحَدَّ، فلمَّا كان آخِرُ سوْطٍ سقَطَ الغلامُ ميِّتًا، فقال عُمرُ : يا بُنَيَّ، محَّصَ اللهُ عنكَ الخطايا، وجعَلَ رأسَهُ في حِجْرِهِ يبكي، ويقول: بأبي مَن قتلَهُ الحقُّ، بأبي مَن ماتَ عندَ انقضاءِ الحدِّ، بأبي مَن لم يَرحَمْهُ أبوهُ وأقاربُه! فنظرَ النَّاسُ إليه فإذا هو قد فارقَ الدُّنْيا، فلمْ يُرَ يومٌ أعظَمُ منه، وضجَّ النَّاسُ بالبكاءِ والنَّحيبِ، فلمَّا كان بعدَ أربعينَ يومًا أقبَلَ عليه حذيفةُ بنُ اليَماني صَبيحةَ يومِ الجُمُعةِ، فقال: إنِّي أخذْتُ وِرْدي مِنَ اللَّيلِ، فرأيتُ رسولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم في المنامِ، وإذا الفتَى معهُ حُلَّتانِ خَضْراوانِ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم: أقْرِئْ عُمرَ مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: هكذا أمَركَ اللهُ أنْ تقرأَ القُرآنَ وتُقِيمَ الحدودَ، وقال الغلامُ: أقْرِئْ أبي مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: طهَّركَ اللهُ كما طهَّرْتَني، والسَّلامُ."
هذا الحديث وهى تلك الرواية لا أصل لها بهذه الأحداث فيما روى أصحاب الحديث في كتبهم والموجود حديث اخر ولكنه مخالف للكثير مما ورد في الحكاية وهو :
"حديث ابن شهاب المذكور في أول هذا الباب عن عمر رضي الله عنه هو في عبيد الله ابنه، ولعبد الرحمن ابنه المعروف بأبي شحمة من بنيه قصة في شرب الخمر جلده فيها بمصر عمرو بن العاص، ثم جلده عمر بعد.... قال ابن عمر: فزعم الناس أنه مات من ضرب عمر ولم يمت من ضربه "رواه ابن عبد البر في الاستذكار
وأما أخطاء حكاية القصاص فهى :
الأول جلوس المسلمين ومنهم عمر في المسجد للحديث والوغظ والقضاء في قول الحكاية "
"كنتُ ذاتَ يومٍ في مسجدِ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم، وعُمرُ بنُ الخطَّابِ جالسٌ والنَّاسُ حولَهُ يَعِظُهمْ ويَحْكُمْ فيما بينَهُم "
وهو ما يناقض ان المؤمنين بالنبى(ص)في عصره يعرفون ان المساجد للصلاة فقط وهى ذكر اسم الله الله وهو قراءة القرآن كما قال تعالى " في بيوت اذن الله ان ترفع ويذكر فيها اسمه "
الثانى ان الجارية نسبت ولد الاغتصاب لعمر نفسه بقول الحكاية :
" خُذْ ولدَكَ هذا مِنِّي، فأنتَ أحقُّ بهِ مِنِّي، ثمَّ رفعَتِ القِناعَ، فإذا على يدِها طفلٌ" ثم عادت ونسبته لولد عمر بقول الحكاية " ثمَّ قالتْ: يا أميرَ المؤمنينَ، إنْ لم يكنْ ولدُكَ في ظهْرِكَ فهو ولَدُ ولدِكَ"
الثالث ان الجارية برات نفسها بأنه أغمى عليها وأن الاغتصاب تم بعد الاغماء في قول الحكاية :"فإذا أنا بولَدِكَ أبي شَحْمةَ يَتمايَلُ سُكْرًا، وكان قدْ شرِبَ عندَ نسيكةَ اليهوديِّ، فلمَّا قرُبَ مِنِّي تواعَدني وتهدَّدَني وراودَني عن نفْسي وجرَّني إلى الحائطِ فسقطْتُ وأُغْمِيَ عليَّ، فواللهِ ما أَفقْتُ إلَّا وقدْ نال مِنِّي ما ينالُ الرجُلُ مِنِ امرأتِه"
الرابع معرفة عمر ان ابنه سيموت بعد اكله بقول الحكاية"قالت: ما الَّذي نزلَ بكَ؟ قال: يا هذهِ، ولَدِي أبو شَحْمةَ ههُنا؟ قالتْ: إنَّهُ على الطَّعامِ، فدخلَ وقال لهُ: كُلْ يا بُنيَّ، فيوشِكُ أنْ يكونَ آخِرَ زادِكَ مِنَ الدُّنْيا"
وهو ما يخالف أنه هو وغيره لا يعلم الغيب كما قال تعالى "وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو "
الخامس جر عمر ابنه للمسجد لاقامة الحد في قول الحكاية :"فقال: يا أبي، كان ذلك، والشَّيْطانُ أغْواني، وأنا تائِبٌ نادمٌ، فلمَّا سمِع عُمرُ ذلكَ قبَضَ على يدِهِ، ولبَّبَهُ، وجرَّهُ إلى المسجدِ"
السادس كشف عورة الابن بنزع ثيابه كلها لجلده أمام الناس فى قول الحكاية "
فقال: لا أفعلُهُ، وبكَى، وقال: يا ليْتَني لم تلَدْني أُمِّي حيثُ أُكلَّفُ ضرْبَ ولَدِ سيِّدي، فقال له عُمرُ : إنَّ طاعتي طاعةُ الرَّسولِ، فافعَلْ ما أمرْتُكَ بهِ، فانزِعْ ثيابَهُ،"
وهو ما يخالف أن العورة لا تكشف أمام الناس وإنما الجلد يكون أمام الناس كما قال تعالى " وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين"
والمجلود يتم الباسه ثوب رقيق لا يشف مغطيا عورته
السابع ان العبد رفض ضرب الولد بقوله " لا أفعله " وهو ما يناقض أنه ضربه في قول الحكاية " ثمَّ قال: يا أفلَحُ، اضْرِبْ، فضرَبَ أوَّلَ سوْطٍ،"
الثامن إصرار عمر على ضرب الولد رغم أن علامات الموت بدت عليه باعتراض الحاضرين اكمال الضرب في قول الحكاية :
" فقال الغلامُ: بِسم اللهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ، فقال: نِعْمَ الاسِمُ سمَّيْتَ يا بُنَيَّ إنْ رأيْتَ محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم فأَقْرِئْهُ مِنِّي السَّلامَ، وقُلْ لهُ: خلَّفْتَ عُمرَ يَقرأُ القُرآنَ ويُقيمُ الحدودَ، يا غلامُ اضْرِبْهُ، فلمَّا ضرَبهُ تسعينَ انقطعَ كلامُهُ وضَعُفَ، فوثَبَ أصحابُ رسولِ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مِن كلِّ جانبٍ، فقالوا: يا عُمرُ، انظُرْ كَمْ بَقِيَ فأخِّرْهُ إلى وقتٍ آخَرَ، فقال: كما لا تؤَخَّرُ المعصيةُ؛ لا تؤَخَّرُ العقوبةُ، فأتى الصَّريخُ إلى أُمِّهِ يا غلامُ، أتِمَّ الحَدَّ، فلمَّا كان آخِرُ سوْطٍ سقَطَ الغلامُ ميِّتًا"
قطعا جلد المغتصب مائة جلدة يخالف أن المغتصب حده هو حد الحرابة وليس حد الزنى لكونه أفسد في الأرض حيث ارتكب عدة جرائم هى :
الزنى بالقوة وشرب الخمر كما في الحكاية والاكراه
كما أن المفروض في حالة المرض يخفف العذاب عن المريض والرجل كما تقول الحكاية أصابه الاعياء تماما وبان ذلك لكل من حضر في الحكاية فاعترضوا
وهناك عيوب أخرى في الحكاية وهى :
أن شارب الخمر لا يكون في وعيه فكيف يمكن له ان يتذكر أنه اغتصب أحد أو قتله أو قال كذا وكذا... ؟
أن عمر لم يضاعف له العقوبة لكونه من عائلته وولى الأمر في الإسلام عقوبته وهو أفراد أسرته مضاعفة في الجرائم التى يرتكبونها كما في مضاعفة عقوبة زوجة النبى(ص) إذا زنت وهو قوله تعالى :
" يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ"