الاستصلاح في الإسلام

رضا البطاوى

عضو فعال
المشاركات
2,805
الإقامة
مصر
الاستصلاح في الإسلام
الاستصلاح المراد هنا في الموضوع هو :
اسْتنْباط الْحكْم في واقعةٍ لا نصّ فيها ولا إجْماع
وهو نفسه ما يسمى بمصطلح الاستحسان أو المصالح المرسلة وفى تعريفه قالت الموسوعة الفقهية الكويتية :
"التّعْريف:
1 - الاسْتصْلاح في اللّغة: نقيض الاسْتفْساد
وعنْد الأْصوليّين: اسْتنْباط الْحكْم في واقعةٍ لا نصّ فيها ولا إجْماع، بناءً على مصْلحةٍ عامّةٍ لا دليل على اعْتبارها ولا إلْغائها. ويعبّر عنْه أيْضًا بالْمصْلحة الْمرْسلة.
2 - والْمصْلحة في اللّغة: ضدّ الْمفْسدة.
وفي الاصْطلاح عنْد الْغزاليّ: الْمحافظة على مقاصد الشّرْع الْخمْسة.
3 - والْمصالح الْمرْسلة: ما لا يشْهد لها أصْلٌ بالاعْتبار ولا بالإْلْغاء، لا بالنّصّ ولا بالإْجْماع، ولا يترتّب الْحكْم على وفْقه ."
وذكرت الموسوعة الألفاظ المشابهة في المعنى فقالت :
"الأْلْفاظ ذات الصّلة:
أ - الاسْتحْسان:
4 - عرّفه الأْصوليّون بتعاريف كثيرةٍ، الْمخْتار منْها: الْعدول إلى خلاف النّظير بدليلٍ أقْوى منْه، كدخول الْحمّام منْ غيْر تقْييدٍ بزمان مكْثٍ، ولا مقْدار ماءٍ، لدليل الْعرْف.
وعلى ذلك فالاسْتحْسان يكون في مقابلة قياسٍ بقياسٍ، أوْ بمقابلة نصٍّ بقاعدةٍ عامّةٍ، والاسْتصْلاح ليْس كذلك.
ب - الْقياس:
5 - وهو مساواة الْمسْكوت عنْه بالْمنْصوص عليْه في علّة الْحكْم.
فالْفرْق بيْن الاسْتصْلاح وبيْن الْقياس: أنّ للْقياس أصْلاً يقاس الْفرْع عليْه، في حين أنّه ليْس للاسْتصْلاح هذا الأْصْل.
أقْسام الْمناسب الْمرْسل:
6 - الْمناسب الّذي يقوم عليْه الاسْتصْلاح ينْقسم إلى ثلاثة أقْسامٍ:
أ - إمّا أنْ يعْتبره الشّارع بأيّ نوْعٍ منْ أنْواع الاعْتبارات.
ب - وإمّا أنْ يلْغيه.
ج - وإمّا أنْ يسْكت عنْه. والأْخير هو الاسْتصْلاح ."
والتعريف مناقض لكتاب الله والذى فيه حكم لكل شىء كما قال تعالى :
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء"
وقال :
"وكل شىء فصلناه تفصيلا "
وتحدثت الموسوعة عن حجية الاستصلاح وهو أمر لاحجة فيه فقالت :
"حجّيّة الاسْتصْلاح:
7 - اخْتلف في حجّيّته على مذاهب كثيرةٍ، والْحقّ أنّه ما منْ مذْهبٍ من الْمذاهب إلاّ يأْخذ به إجْمالاً،وقدْ وضع بعْضهمْ قيودًا لجواز الأْخْذ به، وبيان ذلك كلّه في الْملْحق الأْصوليّ، عنْد الْكلام عن الْمصْلحة الْمرْسلة"
الإستحسان :
هو تفضيل شىء على شىء أو أكثر وهو عند القوم إباحة الشىء لإستحسان النفس إياه لفوائده وهو لا يصلح كمصدر للحكم للتالى :
-أن النفس منها العقل استحسانها على نوعين مباح ومحرم وهو مبنى على أساس الوحى الإلهى وليس معقولا أن يكون هناك أساس فوق الأساس لأن الأساس واحد .
-أن الفائدة لا تصلح كأساس للإستحسان لأن الفائدة فى الإسلام قد تكون خيرا للمسلم أو أذى له فى الدنيا فأساس الإستحسان هو جلب الخير والإسلام فيه أحكام تجلب الأذى ومنه الجهاد وتحريم حج الكفار ومن ثم فالفائدة فى الإسلام ليست هى فائدة الإستحسان .
-أن الله قرر أن مصدر الحكم هو ما أنزل الله أى ما أوحى الله وحده وفى هذا قال تعالى بسورة المائدة :
"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
-أننا لو جعلنا الإستحسان مصدرا للحكم لأشركنا فاعليه مع الله وهو ما حرمه بقوله بسورة لقمان:
"لا تشرك بالله ".
ومما ينبغى ذكره أن الإستحسان بمعنى تفضيل بعض الأشياء على بعض أتت فيه نصوص منها قوله تعالى بسورة الرعد :
"وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض فى الأكل "
فهذا النص يبيح لنا أن نستحسن أكل أطعمة على أخرى وقوله بسورة البقرة :
"واذكروا الله فى أيام معدودات فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه "
فهذا النص يبيح للمسلم أن يستحسن ذكر الله فى عدد الأيام التى يريد شرط ألا يقل عددها عن اثنين والإستحسان مواضعه أى التفضيل مواضعه محددة فى النصوص فمنها ما فى الأكل كما فى قوله تعالى :
" ونفضل بعضها على بعض في الأكل"
وقوله تعالى في استبدال بنى إسرائيل المن وهو السلوى بالفوم والعدس والبصل ...:
" أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير "
ومنها ما هو في المهركما في كون العفو وهو تنازل المطلقة قبل الدخول أو وليها عن نصف المهر الأخر كما في قوله تعالى :
" ولا تنسوا الفضل بينكم "
ومنها ما فى القتل وهو استحسان العفو على القصاص وغيره .
القياس :
القياس عند القوم هو إلحاق ما لم يرد فيه نص على حكمه بما ورد فيه نص على حكمه فى الحكم لإشتراكهما فى علة الحكم وهو مخالف للوحى فى التالى :
-زعم القوم أن هناك أمور لم يرد فيها نص وهذا يخالف قوله تعالى بسورة النحل :
"ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شىء "
وهذا يعنى أن فى الوحى حكم لكل أمر من الأمور كما يخالف قوله بسورة الأنعام :
"ما فرطنا فى الكتاب من شىء "
فبناء على تعريف القياس يكون الله قد فرط فى بعض الأشياء وهذا يظهر مخالفته للقرآن .
-زعم القوم أن سبب إلحاق الأحكام ببعضها هو علة الحكم المنصوص عليه والعلة وهى السبب قد تكون واحدة ومع ذلك ينتج عنها حكمين أو أكثر وهذا يعنى أن الإشتراك فى العلة لا يؤدى لوحدة الحكم ومن أمثلة العلة المشتركة التى أدت لإختلاف الحكم الشهادة على الزنى أى رمى المحصنة بالزنى فشهادة الأربع توجب الحد على الزناة وشهادة الزوج لا توجب مع تكرارها الحد إذا نفتها الزوجة وفى هذا قال تعالى بسورة النور :
"ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين "

إذا الإشتراك فى العلة لا يؤدى لوحدة الحكم وهو أصل القياس والقياس الصالح هو الحكم بما أنزل الله بمعنى أن يقيس الحال على حكم الله أى يطبق حكم الله فى الحال الموجودة
 
عودة
أعلى