الأنظار تتجه إلى قرار كلا من البنك المركزي البريطاني و الأوروبي
في بداية الشهر الأخير من الربع الأول للعام الحالي ينتظر الإعلان عن المزيد من البيانات الهامة التي تتعلق بالأوضاع الاقتصادية في الاقتصاديات الأوروبية الكبرى و التي لاتزال تحاول إصلاح ما دمرته الأزمة المالية العالمية الأسوأ منذ الحرب العالمية الثانية.
بداية بالأقتصاد البريطاني إذ أن موعدنا في بداية الأسبوع سيكون مع صدور بيانات أداء القطاع الصناعي عن شهر فبراير/شباط السابق و التوقعات السائدة في الأسواق تشير إلى تراجع وتيرة نمو القطاع قليلا في تلك الفترة. التوقعات تشير إلى تراجع قراءة مؤشر مدراء المشتريات الصناعي إلى 56.5 من 56.7 للقراءة السابقة, هذا في الوقت الذي بات يشهد فيه القطاع منذ الربع الأخير من العام السابق تحسنا نسبيا في ضوء تراجع قيمة الجنيه الإسترليني امام العملات الرئيسية الاخرى الأمر الذي دعم من الصادرات في الوقت الذي تحسنت فيه مستويات الطلب العالمية و التي انعكست بدورها على أداء القطاع ككل.
اما بالنسبة عن باقي القطاعات الأخرى فإن القطاع الخدمي الذي يمثل اكبر القطاعات المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بمساهمة تبلغ 75.00% يتوقع له ان يتحسن قليلا في شهر فبراير/شباط ليسجل مستوى 55.00 من 54.5 على الرغم من تراجع وتيرة النمو عن أعلى مستوياتها منذ شهر سبتمبر/أيلول والتي سجلتها في أكتوبر/تشرين الثاني بمستوى 56.9 حيث كانت تلك الوتيرة هي الأعلى منذ من عام 2007 وبالتحديد في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2007, هذا في الوقت الذي لاتزال فيه الأوضاع غير مستقرة بعد خاصة في القطاع المصرفي الذي يحاول القيام بعمليات إعادة الهيكلة و دعم رأس المال.
أما بالنسبة لقطاع البناء الذي يساهم بنحو 6.0% من الناتج المحلي الإجمالي فإن التوقعات تشير إلى تقلص الانكماش وقد يرتفع مؤشر مدراء المشتريات للبناء قليلا ليسجل 48.9 من 48.6 في فبراير/شباط, وهو ما يشير إلى أن نشاط البناء المرتبط بقطاع المنازل لايزال يعاني من الاثار السلبية التي خلفتها الازمة العالمية على القطاع على الرغم من الارتفاع الذي شهدته أسعار المنازل في الآونة الأخيرة و التي كانت بفعل نقص المعروض من المنازل و ليس من ارتفاع مستويات الطلب عليها, إلا أن البيانات التي صدرت في شهر فبراير/شباط اوضحت تراجع اسعار المنازل بفعل ارتفاع الضرائب على العمليات المالية العقارية و ضعف عمليات الإقراض العقاري من قبل البنوك.
نأتي هنا إلى أهم البيانات المنتظر الإعلان عنها ألا وهو قرار البنك المركزي البريطاني بشأن سعر الفائدة و برنامج شراء الأصول, فالبنك المركزي البريطاني مازال وحتى آخر إجتماع له مبقيا على سعر الفائدة عند أدنى مستوياتها منذ تأسيس البنك ليظل عند مستوى 0.5% وهو ما كان له الأثر في دعم الاقتصاد البريطاني, على الجانب الآخر أعلن البنك البريطاني عن وقف برنامج شراء الأصول الذي بلغ نحو 200.00 بليون جنيه إسترليني و الذي كان يهدف في المقام الأول إلى دعم مستويات الإنفاق في البلاد و كذا دعم المستوى العام للأسعار و الذي بالفعل قد تخطى المستوى الآمن لاستقرار الأسعار مسجلا 3.50% في يناير/كانون الثاني و إن كان ذلك الارتفاع يرجع لاسباب مؤقتة متمثلة في ارتفاع اسعار الطاقة و رفع سعر الضريبة على المبيعات بجانب ضعف قيمة الجنيه الإسترليني.
حتى الآن التوقعات تشير إلى قيام البنك بالإبقاء على سعر الفائدة عند نفس المستويات بنسبة 0.50% و عدم التوسع في برنامج شراء الأصول بقيمة 200.00 بليون جنيه إسترليني, على الرغم من ذلك إلا أن أحد أعضاء لجنة السياسة النقدية أعلن في الأسبوع السابق عن أن البنك قد يقوم برفع قيمة البرنامج إذا ما إستدعى الأمر لذلك خاصة أن المخاطر لاتزال محاطة بشأن النمو و التضخم.
ووفقا للقراءة التمهيدية للناتج المحلي الإجمالي عن الربع الرابع حيث أظهرت ارتفاع النمو إلى 0.3% من 0.1% للقراءة المتقدمة وجاءت بأعلى من التوقعات التي كانت تشير إلى نمو بمقدار 0.2%, و على المستوى السنوي أظهرت القراءة إنكماش بنسبة -3.3% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق بنسبة انكماش -3.2% بينما كانت التوقعات تشير إلى -3.1%. على الرغم من ذلك إلا أن المخاطر لاتزال متعلقة بشأن نمو البلاد في الوقت الذي أظهرت فيه البيانات الفرعية أن محفزات النمو جاءت من ارتفاع الانفاق العام بشكل كبير و من خطط التحفيز التي إتخذت في الوقت الذي لاتزال فيه الأوضاع الاقتصادية في حالة من عدم الإستقرار.
البنك المركزي البريطاني قام بخفض توقعاته بشان نمو الاقتصاد البريطاني للعام الحالي 2010 إلى 1.4% من 2.2% وهو ما يعكس مدى استمرار المخاوف بشأن عملية التعافي الاقتصادي للبلاد وأن الاقتصاد لايزال أمامه الكثير من الوقت حتى يشهد الاستقرار الكامل.
منطقة اليورو
أما عن منطقة اليورو التي بدأت تشهد تراجعا في وتيرة النمو خلال الربع الرابع, فالمنطقة حققت نمو في الربع الثاني من العام السابق بمقدار 0.4% وكان مدفوعا بخطط التحفيز الاقتصادي التي انتهتجها الدول الأعضاء الستة عشر وكذا مع تقلص إنكماش الاقتصاد العالمي إلا أن قراءة الناتج المحلي في الربع الأخير من العام السابق أظهرت تراجعا لتصل إلى 0.1% وهو ما يعني أن توقف الحكومات و البنك الأوروبي عن الاستمرار في خطط التحفيز له الأثر على تراجع وتيرة النمو و ما يؤكد أن الأوضاع لم تستقر بعد داخل المنطقة.
من المنتظر أن يتم الإعلان خلال هذا الاسبوع عن القراءة المعدلة للناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع و التوقعات تشير إلى بقاء القراءة عند نفس المستوى بنسبة 0.1% ودون تغير عن القراءة الأولية.
فيما شهدت المنطقة دعما من تراجع قيمة اليورو أمام العملات الرئيسية و خاصة الدولار الأمريكي في الآونة الأخيرة الأمر الذي دعم من صادرات المنطقة و انعكس ذلك على أداء القطاع الصناعي وينتظر في بداية هذا الاسبوع الإعلان عن القراءة النهائية لمؤشر مدراء المشتريات الصناعي و الذي يشير إلى ارتفاع وتيرة نمو القطاع في فبراير/شباط لتصل إلى 54.1 من 52.1 للقراءة السابقة. أما بالنسبة للقطاع الخدمي الذي يشهد نمو متباطئ مقارنة بالقطاع الصناعي فإن التوقعات تشير إلى تراجع وتيرة النمو في فبراير/شباط لتسجل 52.0 من 52.5 للقراءة السابقة.
و على الرغم من أن المنطقة قد خرجت من الركود بشكل رسمي بعد تحقيق ربعين متتالين من النمو إلا أن ذلك لم يوازي تحسن في سوق العمل بل إستمر سوق العمل في التدهور شهراً بعد شهر وفق القراءة الأخيرة لمعدل البطالة عن شهر ديسمبر/كانون الأول أظهرت ارتفاع المعدل إلى 10.0% وهو الأعلى منذ عام 1998 مقارنة بالشهر السابق له بنسبة 9.9% بينما كان المعدل مسجلا 8.2% في نفس الفترة من عام 2008. ووصل عدد العاطلين عن العمل في منطقة اليورو وحدها إلى 15.76 مليون شخص من أصل 23.01 مليون شخص على مستوى دول الإتحاد الأوروبي السبع والعشرون ككل.
معدل البطالة من المقرر أن يصدر خلال هذا الأسبوع عن شهر يناير/كانون الثاني والتوقعات تشير إلى استمرار ضعف سوق العمل و ارتفاع المعدل ليصل إلى 10.1%. ويتوازى ذلك مع التوقعات التي تشير إنكماش مؤشر مبيعات التجزئة في نفس الفترة و الذي يعبر عن مدى مستويات انفاق الأفراد في المنطقة. التوقعات تشير إلى انكماش المؤشر ليسجل -0.3% في نفس الفترة من 0.1% للقراءة السابقة.
أخيراً وكما إعتادت الأسواق فإنه يلازم قرار البنك البريطاني الإعلان عن قرار البنك المركزي الأوروبي بشأن سعر الفائدة الذي وصل به إلى أدنى مستوياته منذ تأسيس البنك إلى 1.0% في مايو/أيار من العام السابق و لايزال البنك مبقيا على سعر الفائدة عند ذلك المستوى حتى الإجتماع الأخير للبنك الذي عقد الشهر السابق و التوقعات تشير عدم تغيير المعدل و البقاء عند نفس المستوى في إجتماع هذا الأسبوع, بينما يواصل البنك تطبيق سياسة التخفيف الكمي بقيمة 60.0 بليون يورو.
على الرغم من ذلك إلا أن البنك بدأ في إجراءات سحب خطط التحفيز بداية بوقف عمليات الإقراض لأجل 12 شهر في ديسمبر/كانون الأول من العام السابق وإعلان البنك في الإجتماع الأخير عن أن عمليات الإقراض المقدمة للبنوك لأجل ستة أشهر تعد هي الأخيرة ضمن خطط التحفيز و المقرر لها أن ينتهي العمل بها في مارس/آذار الجاري, ألآن تنتظر الأسواق يتم الإعلان عن المزيد من إجراءات سحب خطط التحفيز التي سوف تتخذ في الربع الثاني من العام الحالي.
ونبقى مع التوقعات الأخيرة للبنك الأوروبي بشأن التضخم حيث يشير تقرير شهر يناير/كانون الأول إلى تراجع الضغوط السلبية على المستوى العام للأسعار على المدى المتوسط ليبقى المعدل مقتربا من مستوى 1.0% وهذا ما تشير إليه توقعات مؤشر أسعار المستهلكين عن شهر فبراير/شباط ليظل عند مستوى 1.0% ومتوافقا مع قراءة الشهر السابق له, و على المدى الطويل يرى البنك بقاء معدل التضخم لأدنى أو مقتربا من المستوى الآمن لاستقرار الأسعار بنسبة 2.0% على المدى الطويل, ويتوقع البنك أن يسجل معدل التضخم 1.3% بنهاية العام الحالي و قد يرتفع قليلا إلى 1.4% بنهاية العام المقبل 2011.
وعن النمو فإن البنك يتوقع أن تنمو منطقة اليورو بإعتدال وإن كان غير ثابت و الرؤية المستقبلية لمدى تحقيق ذلك تزال في حالة من عدم التأكد, ويتوقع أن تحقق المنطقة للنمو بمقدار 0.8% بنهاية العام الحالي و 1.2% بنهاية العام القادم 2010.