إفتح حسابك مع شركة XM  برعاية عرب اف اكس
إفتح حسابك مع تيكيمل

الأزمات المصرفية سيناريوهات متكررة

mohammad-k

مسؤول العملاء في تركيا
طاقم الإدارة
المشاركات
19,998
الإقامة
تركيا

xm    xm

 

 

لقد شهد العالم كله تقريبا أزمات مصرفية ولكنها حدثت في فترات مختلفة، ولاسيما في فترات التحول الاقتصادي من نظام اقتصادي تسيطر عليه الدولة وهو النظام الاشتراكي إلى النظام الرأسمالي الذي يأخذ بمزيد من الحرية الاقتصادية ويتجه نحو مزيد من التحرير الاقتصادي والمالي ومزيد من تقليص دور القطاع العام من خلال بيع وحداته المالية والاقتصادية للقطاع الخاص بطريقة لا تتميز بالتدرج بل بالاندفاع مع إهمال اعتبارات التكاليف والمنافع الاقتصادية من وجهة نظر المجتمع، وهنا نعرض التسلسل التاريخي لأشهر الأزمات المصرفية التي شهدتها اقتصاديات دول العالم.

1797 أول أزمة مصرفية في العالم كانت أزمة نقدية في 26 فبراير 1797 قام فيها بنك إنجلترا العظمى بتعليق كل التسديدات في البنوك بسبب عجزها عن تغطية مبادلات زبنائها من الذهب، مما أدى إفلاس كثير من هذه البنوك.

قبل عقد الثمانينات كانت البنوك في كثير من دول أمريكا اللاتينية مملوكة للدولة وللحكومات بالتحديد، وكانت خاضعة لقيود على أسعار الفائدة على النحو الذي كان سائدا في الدول الاسكندينافية، وكان إقراض تلك البنوك مقصورا على الحكومة والمقترضين الآخرين الذين لهم مخاطر ائتمانية منخفضة، ومع تراجع القيود الرقابية والتنظيمية التي حدثت تقريبا في إنحاء العالم كله، فإن كثير من تلك الدول حررت أسواق الائتمان وحولت بنوكها للملكية الخاصة، الذي نتج عنه حدوث انتعاض في قطاع الإقراض في الوقت الذي لم تتوافر فيه خبرات وقواعد لتقييم الجدارة الائتمانية سواء من قبل المنظمين الرقابيين على المصارف أو من قبل المصارف نفسها، والنتيجة كانت اندلاع الأزمة المصرفية، وكان التدخل الحكومي حتميا للإنقاذ، ولكن ما كان ظاهرة صارخة بالنسبة لدول أمريكا اللاتينية هو أن تكلفة الإنقاذ كانت كبيرة فمثلا في الأزمات المصرفية الحديثة في المكسيك وفنزويلا كانت خطة الإنقاذ الحكومي تكلف دافع الضرائب حوالي 20% من الناتج المحلي الإجمالي.

أزمة البنوك 1810 في بريطانيا: بعد الحصار الذي فرضه نابليون على انجلترا انهار نظام الائتمان فيها ولم تستطع البنوك تحصيل حقوها على الشركات في جنوب أمريكا مما تسبب في أزمة سيولة وتبع ذلك موجة كبيرة من البطالة آنذالك، ثم تبعت ذلك أزمة البنوك في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1819 والتي تعد الأولى من نوعها في أمريكا نتجت عن الإنفاق الكبير في حرب 1812 وما تبعه من سياسة التقشف التي فرضها البنك المركزي الأمريكي في ذلك الوقت، وتسببت أزمة الأسهم في بريطانيا في عام 1825 داخل بريطانيا بسبب المضاربات الشديدة إلى حدوث أزمة مصرفية أدت إلى إفلاس بنوك كثيرة وأكثر من 3300 مؤسسة مالية

1925 بعد تكهنات واسعة حول الاستثمارات في دول أمريكا اللاتينية (البنوك، الأسلحة, تموين القوارب، وغيرها....)، انهارت أسعار هذه القيم في بورصة لندن, ما أدى في عام 1826 إلى إفلاس كثير من المصارف، وحوالي 3300 شركة. هذه الأزمة أثرت أساسا في بريطانيا وكانت أول أزمة لسوق الأوراق المالية في التاريخ.

1873 جاءت أزمة تسمى أزمة الكساد العظيم في فيينا، حيث انهارت سوق الأسهم تحت قوة المضاربات، مما تسبب في انهيار عدة بنوك في فيينا تحت وطأة الرهون العقارية، وانتشر "الكساد العظيم" في الولايات المتحدة وفي أنحاء أوروبا وعلى وجه الخصوص ألمانيا وبدأت فترة من الركود استمرت 23 عاما إلى عام 1896.

1966أزمة الائتمان الأمريكي بعد عدة سنوات من النمو الاقتصادي واجهت البنوك في الولايات المتحدة عجزا في السيولة نظرا للسياسة النقدية التي اتخذها المجلس الاحتياطي الاتحادي لاحتواء التضخم، أدت هذه الأزمة إلى سقوط أسعار الأسهم، وانخفاض السيولة, وارتفاع أسعار الفائدة وتباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي وهي تعتبر أول أزمة حديثة تبعتها حلقات مماثلة 1969 و1974.

شهدت دول الإسكندنافية (النرويج والسويد وفنلندا) عددا من الأزمات المصرفية كما كان الحال في الولايات المتحدة ، بسبب التحرير المالي الذي حدث في ثمانينات القرن الماضي فقبل عام 1980 كانت البنوك في هذه الدول خاضعة لإجراءات تنظيمية وقيود صارمة على أسعار الفائدة التي تدفعها للمودعين وأسعار الفائدة الأخرى التي تتقاضاها على مختلف القروض التي تقدمها وفي ظل تلك البيئة غير التنافسية وفي ظل أسعار فائدة منخفضة بطريقة مصطنعة على كل من الودائع والقروض، فإن تلك البنوك كانت تعطي القروض إلى أحسن المقترضين من ناحية الجدارة ائتمانية، وكان كل من المصارف والمنظمين الذين وضعوا الإجراءات التنظيمية والرقابية المصرفية لديهم حاجة ضئيلة لتطوير الخبرة والخبراء في فرز ومراقبة المقترضين، ومع تراجع القيود التنظيمية في البيئة المصرفية، حدث رواج إقراضي خصوصا الإقراض لقطاع العقارات وفي ظل نقص الخبراء والخبرة في الصناعة المصرفية، ونقص قدرة سلطات الرقابة والإشراف على مراقبة تحمل المخاطر، فإن البنوك دخلت في مجالات الإقراض عالي المخاطر، وعندما انهارت أسعار العقارات في نهاية الثمانينات من القرن الماضي حدثت خسائر قروض على نطاق شاسع.

واضطرت الحكومة في تلك الدول أن تتدخل لإنقاذ النظام المصرفي كله تقريبا في تلك البلاد في نهاية الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن الماضي، حيث سجلت الخسائر مستويات ضخمة جدا مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي.

شهدت الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1988 أزمة مالية ومصرفية عصفت بأكثر من 1400 مؤسسة ادخار وإقراض وإفلاس 1300 بنك، وكلفت عملية تصفية هذه المؤسسات الإدخارية والإقراضية 180 مليار دولار أمريكي، وتعتبر الأزمة المالية المصرفية الائتمانية التي تشهدها الولايات المتحدة الأمريكية منذ منتصف عام 2007م وحتى الآن الأزمة المالية الأشد والأكبر والأكثر تكلفة من حيث اتساع نطاقها الجغرافي وتأثيرها المالي والاقتصادي والسياسي وانعكاساتها السلبية على هذه الجوانب، فقد اتسع نطاقها الجغرافي وتأثيراتها المتعددة إلى خارج الولايات المتحدة الأمريكية والدول المتقدمة، الأوروبية منها واقتصاديات الدول الصناعية الصاعدة لتشمل كذلك معظم الدول النامية والأقل نموا بصورة أو بأخرى وإن إختلفت تأثيراتها بين دولة وأخرى.

1994 الأزمة المصرفية في المكسيك كان لتثبيت سعر البيزو المكسيكي بالدولار وإزالة العقبات الاقتصادية دور مهم في حركة رأس المال الهيكلي، حيث دخل أكثر من 90 مليار دولار في الاقتصاد المكسيكي لتغذية طفرة في الائتمان المصرفي للقطاع الخاص الذي نما بنسبة %25 سنويا خلال هذه الفترة. لكن التضخم أدى شيئا فشيئا إلى تآكل القدرة التنافسية المكسيكية في البلاد, وتدهورت الحسابات الخارجية، وبدأ الدولار يخرج بسرعة فائقة وانكسر تثبيت سعر البيزو المكسيكي بالدولار. وتدخلت الولايات المتحدة والمنظمات الدولية بتقديم 50 مليار دولار بعد أسبوع من بداية الأزمة.

وأحد العوامل التي أدت إلى الأزمة في المكسيك كان سعر الفائدة في الخارج، فبداية من عام 1994، فإن الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي رفع سعر الفائدة في سوق الأرصدة المركزية لكي يحد من التضخم، ورغم أن هذه السياسة كانت ناجحة في الحد من التضخم في الولايات المتحدة، فإنها وضعت ضغوطا على البنك المركزي المكسيكي لكي يرفع الفائدة لكي يخفف الضغط ويحمي العملة وهى البيسو peso، في سوق الصرف الأجنبي، ولقد أدى رفع سعر الفائدة إلى زيادة الاختيار العكسي في الأسواق المالية المكسيكية لأنه جعل الأطراف الأكثر سعيا للبحث عن القروض هم الراغبين في تحمل أكبر قدر من المخاطر.

شرق آسيا (1997-1998): تعرضت كثير من بلدان اقتصاديات السوق الناشئة لأزمات مالية، وأشد هذه الأزمات كان في شرق آسيا بدأت في يوليو 1997، وأحد الألغاز الكبيرة هي كيف ينتقل بلد من مسار يحقق فيه معدلا عاليا من النمو قبل الأزمة المالية إلى انخفاض حاد في النشاط الاقتصادي كما حدث في المكسيك وكما حدث في دول شرق آسيا: تايلاند، ماليزيا، اندونيسيا، الفلبين، كوريا الجنوبية.

وفي دول شرق آسيا: تايلاند، ماليزيا، الفلبين، جنوب كوريا، فإن قصور الأشراف والرقابة على النظام المصرفي، أفضى إلى رواج إقراضي شديد بعد التحرير المالي، وهو ماترتب عليه خسائر قروض ضخمة تحملتها البنوك، ولقد أصبحت هذه الخسائر ضخمة بدرجة أكبر بعد إنهيار العملات الذي حدث في صيف 1997، والتقديرات مابين 15% إلى 35% من القروض أصبحت معدومة في تايلاند، وماليزيا وإندونيسيا وكوريا الجنوبية، وقدرت تكلفة الانقاذ بما يعادل 20% من الناتج المحلي الاجمالي في تلك البلاد، وما يزيد عن 50% من الناج المحلي الإجمالي في اندونيسيا، أما الفلبين فكانت افضل نوعا ما إذ أن التكلفة كانت تحت 15% من الناتج المحلي الإجمالي.

واحد العوامل الهامة التي أفضت إلى الكارثة المالية هو تدهور ميزانيات البنوك نتيجة زيادة الخسائر في القروض فعندما بدأت تلك الدول في إرخاء الإجراءات التنظيمية والرقابية في أوائل التسعينات من القرن الماضي، حدث رواج إقراضي حيث تسارعت وتيرة الائتمان الممنوح لمؤسسات القطاع الخاص غير المالية ونظرا لضعف الإجراءات الرقابية والتنظيمية من قبل المنظمين الرقابيين المصرفيين ونقص الخبرة اللازمة لفرز ومراقبة المقترضين من المؤسسات المصرفية، بدأت الخسائر من وراء القروض تتراكم، مما سبب تأكل صافي حقوق الملكية للبنوك ومن ثم تآكل رأس المال، وكنتيجة لهذا التآكل فإن البنوك وجدت لديها قليل من الموارد الممكن إقراضها، وهذا النقص في الإقراض أدى في النهاية إلى انكماش النشاط الاقتصادي.

تلك الأحداث زادت من درجة عدم اليقين في أسواق المال في كل من تايلاند وكوريا الجنوبية، وكلا منهما قد عانى انخفاضا كبيرا في سوق الأوراق المالية، من القمة التي وصل اليها في أوائل 1996، حيث انخفض سوق كوريا بحوالي 25%، وأسهم تايلاند بمقدار 50%.

ولقد ترتب علي زيادة عدم اليقين وانخفاض صافي حقوق الملكية، الناجم عن تدهور سوق الأسهم، أن أصبح من الصعب فرز المقترض الجيد من السيئ، والانخفاض في صافي حقوق الملكية خفض قيمة الضمان لدى المؤسسات، وزاد الحوافز لديها للقيام باستثمارات عالية المخاطر، لأن حقوق الملكية التي ستخسرها ستكون صغيرة إذا كان الاستثمار غير ناجح.

ولقد تفاعل الهيكل المؤسسي لأسواق الدين في شرق آسيا مع تخفيضات العملة بحيث دفع الاقتصاد إلى الغرق في الكارثة المالية بالمعني الكامل للكلمة، ونظرا لأن كثير من المؤسسات كان لديها ديون مقومة بالعملات الأجنبية كالين الياباني والدولار الأمريكي، فإن انخفاض قيمة عملات تلك البلاد ترتب عليه زيادة مديونياتها مقومة بالعملة المحلية، بالرغم من أن قيمة أصولها لم تتغير فعندما فقد البيسو 50% من قيمتة بحلول مارس 1995، فإن عملات تايلاند وماليزيا وكوريا فقدوا مابين ثلث ونصف قيمتهامع بداية 1998، مما تسبب في أثار سالبة عميقة على ميزانيات الشركات، وكانت الصدمة السالبة اقوى بالنسبة لأندونيسيا، حيث فقدت عملتها حوالي 80% من قيمتها، مع تسبب في إعسار كثير من الشركات لأن معظم مديونياتها كانت مقومة بالعملات الأحنبية.

ولقد ترتب على إنهيار قيمة العملات ارتفاع التضخم الفعلى والمتوقع في تلك البلاد، وارتفعت أسعار الفائدة إلى مستويات خيالية، في المكسيك مثلا ارتفعت أسعار الفائدة إلى ما يزيد عن 100%، ولقد ترتب على زيادة مدفوعات الفائدة انخفاض التدفقات النقدية لكل من الشركات وأفراد القطاع العائلي، مما أدي إلى مزيد من التدهور في ميزانياتهم وأحد الخصائص الهامة لأسواق الدين في دول جنوب آسيا هي أن عقود الدين كانت قصيرة الأجل جدا، فقد كانت مدة العقود غالبا اقل من شهر، ولهذا فإن ارتفاع أسعار الفائدة قصيرة الأجل في تلك البلاد يكون شديد التأثير على التدفقات النقدية للأفراد والشركات ومن ثم يؤثر بشدة على ميزانياتهم، وهذا التدهور في ميزانيات القطاع العائلي والشركات يزيد الاختيار العكسي ويفضي إلى مزيد من مشاكل المخاطر المعنوية في أسواق الائتمان، ومن ثم يجعل المقرضين أقل رغبة في الإقراض.

بالاضافة إلى ذلك فإنه نتيجة لأزمة العملات حدث انهيار في أسواق الأسهم، فلقد انخفض سوق الأسهم في المكسيك بمقدار50% من القمة التي وصل إليها، وكانت الانخفاضات في أسواق تايلاند والفلبين وماليزيا واندونيسيا وكوريا الجنوبية ما بين 50% إلى 80%.

ولقد ترتب علي تلك االأحداث مشاكل للمقرضين الأجانب الذين أصبح من الصعب عليهم الحصول على معلومات عن تلك الاقتصاديات، وكان المقرضين الأجانب راغبين في سحب أرصدتهم من المكسيك ودول شرق آسيا وهذا مافعلوه، فمحافظ الاستثمار الأجنبي في المكسيك كانت حوالي 20 بليون دولار عام 1993، انقلبت إلى تدفقات للخارج تزيد عن 10 بليون دولار في السنة بحلول الربع الرابع من عام 1994 وبالمثل في دول شرق آسيا، فإن تدفقات رأس المال لتايلاند وماليزيا والفلبين وأندونيسيا وكوريا الجنوبية التي كانت تقترب من تدفقات داخلة بحوالي 100 بليون دولار في 1996، انقلبت إلى تدفقات خارجة تزيد عن 10 مليار دولار عام 1997وهذا يتناسق مع نظرية الأزمات المالية من أن الانخفاض الحاد في الاقراض يفضي إلى انهيار في النشاط الاقتصادي، مما يسبب انخفاض حاد في نموالناتج المحلي الإجمالي.

والتدهور الشديد في الاقتصاد بسبب الانهيار في النشاط الاقتصادي والتدهور في التدفق النقدي وفي الميزانيات لكل من القطاع العائلي والشركات ساهم مساهمة كبيرة في الأزمة المصرفية، فمشاكل القطاع العائلي والشركات تعني أنهم غير قادرين على دفع ديونهم للبنوك، مما سبب خسائر كبيرة للبنوك. ومما يزيد الطين بلة هو أن كثير من الالتزامات قصير الأجل للبنوك كانت مقومة بالعملات الأجنبية، والزيادة الكبيرة في قيمة تلك الالتزامات بعد تدهور قيمة العملات وانخفاض قيمتها، أفضى إلى مزيد من التدهور في ميزانيات البنوك وفي ظل تلك الظروف، كان لابد من انهيار النظام المصرفي في غياب شبكة أمان حكومي ولكن بمساعدة صندوق النقد الدولي فإن تلك الدول تمكنت من حماية المودعين وتجنب كارثة مصرفية ولكن مع خسارة البنوك الضخمة لرأسمالها والحاجة للتدخل الحكومي لمساعدة البنوك، فإن مقدرة البنوك على الاقراض قد انكمشت بشكل خطير والكارثة المصرفية بهذا الشكل، مع وجود مشاكل كبير في سوق المال عموما ، جعل البنوك غير قادرة على أن تقوم بدورها التقليدي في الوساطة المالية، وانخفض عرض الموارد اللازمة لتمويل النشاط الاقتصادي، مماادي إلى انهيار النشاط الاقتصادي عقب تلك الأزمة.

قبل أن تنتهي الحرب الباردة، شهدت روسيا ودول شرق أوروبا انهيارات مصرفية حادة حيث كانت البنوك في الاتحاد السوفيتي ودول شرق أوروبا مملوكة للدولة، وعندما حدث انهيار للشيوعية والنظام الاشتراكي، كانت البنوك في تلك الدول لديها خبرة ضئيلة وأجهزة رقابة مصرفية ضعيفة لا تستطيع فرز أو الرقابة على القروض بالمعني الذي يقتضيه التشغيل الحر والكفء للنظام المصرفي، بالإضافة إلى ذلك فإن البنوك وجهاز الرقابة على المصارف كانت لا تستطيع كبح جماح البنوك من تحمل مخاطر زائدة، لأن ذّلك يتطلب خبرات لم تكن موجودة في المصارف، ومن ثم فقد اندفعت المصارف في الإقراض بدون تقييم لطبيعة المخاطر المرتبطة بكل قرض، وبالتالي حدثت خسائر قروض ضخمة للبنوك ونتج عنها فشل الحكومة في إنقاذ كثير من البنوك، فمثلا في النصف الثاني من عام 1993، فإن ثمانية بنوك في المجر والتي تمتلك 25% من أصول النظام المالي أصبحت معسرة، وفي بلغاريا عام 1995، فإن 75% من القروض في النظام المصرفي قدرت بأنها لا تستوفي المعايير المصرفية السليمة.

وفي 24 أغسطس 1995تطلبت الأزمة المصرفية تدخل الحكومة، عندما ارتفعت القروض بين المصارف وتوقفت البنوك عن العمل بسبب القلق من إعسار كثير من البنوك الجديدة، وهذا لم يكن نهاية أزمة النظام المصرفي الروسي، وفي 17 أغسطس 1998 أعلنت الحكومة الروسية أنها ستفرض التوقف عن دفع الديون الخارجية بسبب إعسار النظام المصرفي وفي نوفمبر أعلن البنك المركزي الروسي أن ما يقارب من نصف المصارف التجارية في البلد وهي 1500 مصرف على وشك الانهيار وأنها تحتاج إلى جهود إنقاذ عاجلة، وكانت تكلفة الإنقاذ ما يزيد عن 15 مليار دولار.

ننتقل إلى الأزمة المصرفية في اليابان فقبل عام 1990، بدا أن الاقتصاد الياباني يسير في مسار يبدو أنه لن يتوقف، ولكن لسوء الحظ ، فإنه ذاق من نفس الكأس كالاقتصاديات الأخرى، فقبل ثمانينات القرن الماضي، كانت السواق المالية اليابانية هي أكثر الأسواق خضوعا للإجراءات التنظيمية والرقابية في العالم، مع قيود صارمة على إصدار الأوراق المالية وقيود صارمة على أسعار الفائدة، ولكن إرخاء القيود التنظيمية المالية والتجديد المالي خلق بيئة أكثر تنافسية، وأفضى إلى رواج إقراضي شديد، مع قيام البنوك بالإقراض بشرهه للقطاع العقاري.

وكما هو الحال في الدول الأخرى، فإن عدم الإفصاح المالي وقصور الرقابة من قبل وكالة الرقابة الحكومية والمنظمين لم يتمكنوا من مسايرة البيئة المالية الجديدة، والنتيجة هي اندفاع البنوك في تحمل مخاطر زائدة، وعندما انهارت أسعار وقيم الممتلكات والعقارات في أوائل التسعينات من القرن الماضي، فإن البنوك وجدت نفسها تعاني من أحجام ضخمة من القروض الرديئة أو المعدومة، فعلى سبيل المثال: قررت البنوك اليابانية الدخول في مجال سوق قروض الرهن العقاري من خلال إنشاء شركات إقراض للمساكن والتي تحصل على الأرصدة التي تجمعها من الاقتراض من البنوك، وتقرض تلك الأرصدة إلى أفراد القطاع المنزلي ولقد أعسر سبع من تلك المؤسسات، وتركت للبنوك حوالي 60 مليار دولار من القروض الرديئة أو المعدومة.

وكنتيجة لذلك عانت البابان من أول فشل مصرفي منذ الحرب العالمية الثانية، ففي يوليو 1995، فإن Tokyo-based Cosmo CREDIT Corporation ، وهى خامس اكبر مؤسسة ائتمانية قد فشلت ، وفي 30 أغسطس أعلنت سلطات Osaka عن قرب إغلاق Kisu Credit Corporation ، وهي ثاني أكبر مؤسسة ائتمانية، وهي تماثل S&L في الولايات المتحدة وبلغ حجم الودائع لديها 12 مليار دولار عام 1995، والقروض العقارية التي قدمتها كانت تنمو بمعدلات كبيرة جدا ، وعندما انهارت السوق العقارية فإن مؤسسة Kisu أوشكت على الانهيار هي الأخرى، وفي نفس اليوم أعلنت وزارة المالية أنها صفت بنك Hyogo Bank وهو بنك متوسط الحجم وأول بنك تجاري يفشل مصرفيا.ولقد وقعت بنوك كبرى أخرى في نفس المصير، ففي 1996، تمت تصفية Hanwa Bank، وهو بنك إقليمي أكبر، وتبعه في 1997 مساعدة الحكومة في إعادة هيكلة the Nippon Credit Bank وهو أكبر سابع بنك ياباني، وفي نوفمبر 1997، أجبر Hokkaido Takushoku Bank على الخروج من نطاق العمل، مما جعله أول بنك تجاري يغلق أثناء الأزمة.

2000 أزمة تركيا حدث في تركيا ما حدث في المكسيك في الفترة 1990- 1994 من تآكل القدرة التنافسية بثلاثة أضعاف ما وصلت إليه المكسيك، وتدهور ميزان المدفوعات بسرعة، وتمركز الذعر في معدل الفائدة إلى أن وصلت فائدة السندات الحكومية التركية إلى 40%, ثم إلى 110% وسرع توقعات إفلاس البنوك التركية تجفيف الرساميل وعدم تجديد القروض الأجنبية، سارع صندوق النقد الدولي بإعطاء قروض كشف الحال أنها غير كافية أمام تعويم الليرة التركية وانخفاضها بنسبة %50 مقابل الدولار، نتج عن هذا تدخل الولايات المتحدة الأمريكية بصفة مباشرة في نطاق برنامج آخر لإنقاذ الاقتصاد التركي.

2007 - 2008 الأزمة المالية الأمريكية والعالمية اندلعت الأزمة في صيف عام 2007 وهي تسمى أزمة الرهن العقاري بسبب القروض المعدومة أو المشكوك فيها داخل الولايات المتحدة الأمريكية, وبسطت يدها إلى كل المؤسسات المالية العالمية نظرا لترابطها وتشابكها في صناعة المال والقرض والاقتراض وما يتبعها من المشتقات. نزلت أسعار العقارات بنسبة هائلة وهبطت أسعار الأسهم في البورصات والمرافئ المالية ضخت سيولة ضخمة من آلاف مليارات الدولارات لم يسبق لها مثيل في تاريخ الأمم لإنقاذ النظام المالي والمصرفي القائم كإسعافات أولية، إن خطة بولسون في الولايات المتحدة لم تمنع من إفلاس أكثر من 100 بنك ولم تمنع تضرر صناديق التقاعد من خسارة تزيد على 2000 مليار دولار في سنة واحدة.

2012 الأزمة المصرفية على أعتاب الاتحاد الأوروبي:

تعاني البنوك الأوروبية خاصة الفرنسية واليونانية والإيرلندية من تراجع ملحوظ للإيداعات النقدية، مما صنع بالفعل أزمة سيولة اضطرت البنك المركزي الأوروبي إلى ضخ نصف تريليون يورو كسيولة إضافية للبنوك، وقد تصاعدت أزمة السيولة مع انخفاض القروض البينية بين البنوك، مما يعكس غياب الثقة المتبادلة، فيما بينها، كذلك ارتفاع الشعور بالمخاطر حتى في المعاملات بين البنوك ولم تستطع التصريحات المتفائلة والإيجابية لمحافظي البنوك المركزية للدول الأوروبية أن تعدل وتبدل من الواقع الفعلي للمعاملات، حيث فشلت هذه التصريحات المؤكدة أن البنوك ليس لديها مشكلات في السيولة أو في الملاءة المالية في أن تمنع الانهيارات المتلاحقة الحادة في أسعار أسهم المصارف في معاملات البورصات، ودفعت المشكلات العملية قيادات البنوك العليا كما في فرنسا للإعلان عن بيع جانب مهم من الأصول المالية بمئات المليارات من اليورور لتوفير السيولة اللازمة والمطلوبة لمواجهة احتمالات الأزمة، وتداعياتها كما دفعتها للإعلان عن خطط لتسريح جزء من العاملين ضمن خطط إعادة الهيكلة الشاملة.
 
عودة
أعلى