أجهزة الصرف الآلي تفاجئ سكان قبرص بانعدام السيولة
هسبريس ـ مايسة سلامة الناجي
الاثنين 18 مارس 2013 - 19:08
عرفت الأسواق الأوروبية صبيحة الاثنين، تراجعا حادا في التعاملات بعد الإعلان المفاجئ عن ضريبة فرضت على الحسابات المصرفية بقبرص كجزء من خطة إنقاذ مالية. وقد نقلت "سي إن بي سي" عن أسهم شركات بريطانية وألمانية وفرنسية: "إف تي إس إي 100" اللندنية ـ "فرانكفورت داكس" ـ و"باريس سي آي سي 40" أنها تراجعت بنسب 1.4 ـ 1.6 ـ و%2 بالتتالي على الساعة الرابعة والنصف صباحا كما أظهرت شاشات الأسهم الحمراء في جميع بورصات المدن الأوروبية.
وعقب الإعلان المفاجئ عن صفقة ب10 ملايير أورو تلزم المدخرين بالتنازل عن %10 من أموالهم للبنوك، أقدم المستثمرون بقبرص منذ يوم الأحد على إفراغ كل أجهزة الصرف الآلي وحساباتهم البنكية لمنع اقتطاع تلك المبالغ من أرصدتهم، فأصبح الوضع في أزمة سيولة شديدة خاصة أن البنوك والمؤسسات المالية ظلت مغلقة يوم الاثنين بسبب عطلة وطنية. وقد روجت بعض وسائل الإعلام اليونانية في شك أن شركة الطاقة الروسية العملاقة "ڭازپروم" تقترح إمداد قبرص ببديل لإنقاذها من الأزمة بمقابل لم يعرف ماهيته بعد.
ويذكر أن المواطنين الروس يشكلون غالبية المدخرين بالبنوك في قبرص، 90 مليار من الودائع، أي قرابة النصف، إلى جانب مودعين ومستثمرين أجانب أخر. وقد أعطت "موسكو" بالفعل قرضا "سياديا" لبلدان البحر الأبيض المتوسط لتخفيف أزمة السيولة المالية. ومعنى القرض السيادي: دين على حكومة دولة من دول العالم ممنوح أو مقوم بعملة غير عملتها المحلية، أي أن الفرق بين الدين الحكومي والدين السيادي يتجلى في طبيعة عملة الإصدار التي يتم على أساسها اقتراض الحكومة. وفي المقابل، وصف الرئسي الروسي "فلاديمير پوتين" الصفقة الأوربية المعروضة لإنقاذ قبرص: بالظالمة والخطيرة والغير المهنية، كما انتقدها خبراء اقتصاديون بأنها خطة أنانية متسرعة غير مدروسة وتفتقد بعد نظر!
وقد كان من المقرر أن يجتمع البرلمان في قبرص ليصوت على هذه الصفقة الأوروبية، التي تم الاتفاق عليها بين الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي، وعارضتها مؤسسات التأمينات التي وقعت السنة الفارطة في ورطة أمام ضرورة رد أموال المدخرين التي ضاعت بسبب الأزمة. هذا التسرع في الموافقة على الخطة ليس إلا نتيجة ما تردد مؤخرا عن غرق الاقتصاد الأوروبي في أسواق آسيا انخفض على اثره الأوروبي إلى قيمة 1.29 دولار في أدنى مستوياته خلال ثلاثة أشهر. ويرى المحللون الاقتصاديون أن أسواق إسبانيا وإيطاليا هي الأكثر عرضة لأزمة مالية بعد اليونان، ولا سيما في قطاع البنوك.
"أليكس سپيليوس" عامل بصفيحة "الدايلي تيليڭراف" البريطانية، صرح أن قبرص تحولت في السنوات الأخيرة إلى "موناكو" تقليدية، ملاذا لعشاق السواحل والشمس والاسمرار، في مقالة سماها: "مكان مشمس لأناس يعملون في الظل." ووصف من خلال مقالته حجم الاستثمار الأجنبي في قبرص، وانعدام أي نوع من الاستثمار لساكنة البلد، في ظل سياسة منح القروض للأجنبي ومنعها على المواطن سواء خوفا من قدرته على السداد أو بسبب عقدة "تفضيل الآخر"، أو العنصرية كما سماها.
يقول "كين هاسيجاوا" مدير المبيعات لدى شركة "نيو ايدج" بطوكيو لرويترز عما حدث اليوم: "إنها صدمة قبرص الكبرى"! خطة الإنقاذ هاته تسببت في استياء شعبي عارم، كما يعبر الكثير من المواطنين في الشارع العام صبيحة اليوم، حيث يصرح "ميليتيادر پاپا" 58 سنة ـ عامل بناء لموقع "أخبار قبرص": "لا ينبغي أبدا أن تمس الودائع بالبنوك، إنهم يحاولون خلق حرب أو فتنة، يحاولون قتل الناس". ويضيف: "لا أحد سيودع ماله بعد اليوم في بنك من بنوك اليونان، إنها نهاية اقتصاد دولتنا"!