أنا أعيش في سورية، في مدينة محاصرة، انقطعت بها السبل، وانتشر ت فيها رائحة الموت، وانهالت عليها القذائف من كلّ مكان، وتطايرت فيها الأشلاء،
وخطف رصاص القنص الصغار والكبار.
في هذا الجو المضطرب، هذا الجوّ الذي تمتزج فيه دماء الشهداء بالتراب الزكيّ المبارك، ويختلط فيه أزيز الرصاص بأصوات القذائف،
وبينما كنت أتجوّل عبر الشبكة في بعض شأني عثرت على الإعلان عن " إنعاش العقل " فقلت في نفسي: إنّها والله فرصة لا تقدّر بثمن،
وكانت بداية مرحلة جديدة من الرحلة المباركة مع كتاب الله عزّ وجلّ.
وتقوم إنعاش العقل على فكرة إنعاش الذاكرة والعودة بها إلى الذاكرة الأولى، أي الوضع ( العبقري ) الطبيعيّ الذي خلق الله الناس عليه. ومن المعلوم أن
الله سبحانه خلق الناس جميعًا عباقرة أسوياء {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}،
ولكن الذاكرة تتعرض في مسيرة الحياة إلى ألوان من الهدم، ومهمة الانعاش إزالة الأوهام والتصوّرات الخاطئة التي علقت في الذهن والعودة بالذاكرة إلى وضعها الأول.
أقول بصدق: إنّ من اللحظات السعيدة التي مرّت في حياتي هي تلك اللحظات التي حفظت فيها جزءًا كاملا من القرآن الكريم خلال نصف ساعة فقط من الزمن،
وكانت هذه أول مرّة أحفظ فيها هذا القدر من كتاب الله، بينما كنت سابقًا لا أفكر بهذا أبدًا، بل كنت لا أتصوّر أن الإنسان يقدر على ذلك، مع إيماني بأنّ قدرة العقل البشريّ لا حدود
لها.
وحقيقة فإن إنعاش العقل تعمل على مضاعفة الحفظ والإستيعاب من ضعف إلى 100 ضعف وبالإحصاءات الرقميّة، ففي الدفعة رقم ( 104) مثلاً:
كان هناك عدد من المتدرّبين في يومهم الأوّل، وعلى مدى 6 ساعات، لم يكونوا قادرين على حفظ صفحة واحدة من القرآن الكريم.
اليوم وخلال إنعاش العقل يحفظ الواحد منهم الصفحة الواحدة من القرآن الكريم حفظًا متقنًا خلال دقيقتين فقط. وهذا من فضل الله على الناس.
وهي رغم مرور وقت قصير نسبيًّا على انطلاقتها فقد قطعت أشواطًا بعيدة :
1. ففي حقل الدعوة الإسلاميّة والعمل الإسلاميّ فقد تخرّج فيها الآلاف من حفظة كتاب الله عزّ وجلّ، كما تخرّج فيها الآلاف من حفظة أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلّم،
وتخرّج فيها الكثير الكثير ممّن حفظوا المتون في شتى المعارف والعلوم الإسلاميّة.
2.وفي مجال التحصيل الدراسيّ ازداد تقدّم الطلبة الذين خضعوا لهذه الدورات، وسجلوا نجاحًا لم يعهدوه من قبل.
وهذه الإنجازات تعتبر خدمات جليلة للمجتمعات الإسلاميّة. ومع ذلك فتمتلك هذه الدورة وما ينبثق عنها إمكانات كبيرة ولكنّها لم تستثمر بعد الاستثمار الأمثل.
كما يخضع المتدربون جميعًا لمعايير دقيقة منذ اليوم الأول وهو اليوم الذي يتمّ فيه فحص الذاكرة:
1.يتمّ أوّلًا تحليل دقيق للذاكرة باعتماد الإحصاءات الرقميّة.
2. ثمّ يخضع المتدرّب لمجموعة من التمارين اليوميّة، وكلما كسر المتدرّب حاجزًا يتمّ تسجيل ذلك في تحليل جديد.
3.يتلقى المتدرّب مجموعة من المحاضرات التي تتعلّق ببناء التصوّرات الجديدة حول الحفظ والاستيعاب ومعالجة بعض الأخطاء والعادات الشائعة.
4. ثمّ يتابع المتدرّب بنفسه تقدّمه في الحفظ من خلال ملاحظة التحليلات التي يقوم بها بين فترة وأخرى ومن خلال كسر الحواجز التي كانت تحول بينه وبين الحفظ الطبيعيّ.
أمّا بالنسبة لي، فأنا اليوم بفضل الله سبحانه أحفظ الصفحة الواحدة من كتاب الله عزّ وجلّ في دقيقة واحد حفظًا متقنًا دقيقًا.
إن ما دفعني دفعاً للإلتحاق بإنعاش العقل هو القرآن الكريم فهو منهج حياة، وهو كتاب أُنزل من عند الله سبحانه رسائل إلى البشر في التعليم والتثقيف والتهذيب والقيادة،
تتساوق آيه جميعاً لتحقّق الغاية العظيمة الكبيرة التي هدف إليها الإسلام وهي أن تنشئ الإنسان الربانيّ، وهذا الهدف لا يتمّ تمامه للناس ولا يتأتى لهم ولا يتيسر إذا لم يمعنوا النظر
في القرآن الكريم.
إسماعيل الصالح - دير الزور - سوريا