أسواق متأهبة لأسبوع مليء بالبيانات الهامة والصادرة عن الاقتصاد الأمريكي
تشهد الأسواق الأمريكية حالة من التأهب للبيانات الصادرة عن الاقتصاد الأمريكي خلال الأسبوع القادم، حيث تتمركز البيانات الصادرة حول مستويات الدخل، الإنفاق، الصناعة، الخدمات، والعمالة، حيث ستسيطر هذه البيانات محتمعة على أذهان المستثمرين وبالتالي سنحضر انفسنا لأسبوع زخم بالبيانات التي ستعطي دلائل أكثر وضوحا بخصوص مرحلة تعافي الاقتصاد الأمريكي.
والبداية سوف تكون مع تقرير الدخل الذي من المتوقع أن يشير إلى ارتفاع مستويات الدخل والإنفاق خلال كانون الثاني، وهذا ما سيكون متوافقا مع التطلعات الصادرة عن البنك الفدرالي الأمريكي، والذي أشار إلى أن مستويات الإنفاق لدى المستهلك ستواصل تحسنها بوتيرة معتدلة.
في حين أن البنك الفدرالي يتوقع بأن مستويات التضخم ستبقى تحت السيطرة خلال الفترة القادمة، حيث يعتقد البنك الفدرالي أن مستويات التضخم والمقاسة بنفقات الاستهلاك الشخصي الجوهري سيبقون عند المستويات المرغوبة لدي البنك نفسه، إلا أن التوقعات تشير إلى ان الضغوطات التي تقع على عاتق الأسعار ستتقلص خلال كانون الثاني، وذلك وسط معدلات البطالة المرتفعة وأوضاع التشديد الائتماني التي تحد من ارتفاع الأسعار بشكل عام.
إلا أن التطلعات المستقبلية للتضخم تبقى غير واضحة لدى المستثمرين، وذلك على إثر الكميات الضخمة من الأموال التي تم ضخها في النظام المالي مسبقا والتي قد تقود إلى ارتفاع مستويات التضخم وسط ارتفاع العرض النقدي، في حين أن السيولة التي تم ضخها لم يكن لها ذلك التأثير المخيف وسط الضعف الجاري في مستويات الطلب وفي ظل أن التهديدات التضخمية لا تزال تحت السيطرة، إلا أنه سرعان ما يستعيد الاقتصاد عافيته بوتيرة سريعة فإننا قد نشهد ارتفاعا للتهديدات التضخمية.
كما أن البنك الفدرالي لا يزال بصدد التركيز على تحقيق التعافي دون أية عراقيل، وذلك على الرغم من قيامه برفع فائدة الخصم بمقدار 0.25 نقطة لتصل إلى 0.75%، إلا أن البنك الفدرالي أكد مجددا أن معدل الفائدة الرئيسي سيبقى ضمن المستويات المتدنية "لحالة استثنائية" ولفترة من الوقت، ليشير الفدرالي الأمريكي على أن خطوته جاءت في سبيل إرجاع زمام الأمور إلى وضعها الطبيعي.
وبعدها ستنتقل بنا البيانات إلى كتاب بيج والذي يعطينا نظرة مستقبلية من قبل البنك الفدرالي بالنسبة للاقتصاد الأمريكي، حيث أشار البنك الفدرالي في محضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة السابق أن الأوضاع الاقتصادية آخذة بالتحسن التدريجي وأن التهديدات التضخمية لا تزال تحت السيطرة وسط ضعف النشاط الاقتصادي الإجمالي.
ومن المرجح ان يركز البنك الفدرالي على التعثر الأخير الذي شهده قطاع المنازل وذلك وسط معدلات البطالة المرتفعة إلى جانب أوضاع التشديد الائتماني وارتفاع قيم حبس الرهن العقاري والتي غطت على الدعم المقدم من قبل الحكومة الأمريكية متمثلا في برنامج الإعفاء الضريبي الذي تمثل في إعفاء مشتري المنازل لأول مرة من الرسوم الضريبية، حيث أن ذلك البرنامج عزز المبيعات خلال العام 2009، في حين أن هذا الأثر بدأ بالتلاشي خلال الفترة الماضية وذلك على الرغم من تمكن قطاع المنازل من الوصول إلى القاع وتوسعه قبل أن يشهد تعثرا نوعا ما.
وبالانتقال إلى القطاع الأبرز في الاقتصاد الأمريكي، ألا وهو قطاع الصناعة الذي واصل توسعه على مدار الأشهر الماضية، مؤكدا بأن المرحلة الأسوأ من الأزمة قد انقضت بالنسبة له، في حين من المتوقع أن يظهر قطاع الصناعة مؤشرات مختلطة خلال الفترة المقبلة حيث أن القطاع لا يزال في مرحلة الاستقرار إلى حين تعافي الضعف في مستويات الطلب كليا.
حيث أن التوقعات تشير إلى أن مؤشر معهد التزويد الصناعي سيتقلص قليلا خلال شباط، واضعين بالاعتبار أن القطاع لا يزال مكملا التوسع، إلا أن الأوضاع الاقتصادية لا تزال ضعيفة نوعا ما، إذ من المرجح ان نشهد تأرجحا في أداء القطاع الصناعي كباقي القطاع الرئيسية في الاقتصاد.
في حين أن التوقعات التي تتعلق بمؤشر معهد التزويد الغير صناعي للخدمات تشير إلى ارتفاع في المؤشر وسط وصول قطاع الخدمات إلى بر الأمان بعض الشيء بعد هبوب عاصفة الركود التي أصابت الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن الاحتمالية أيضا تشير بأن قطاع الخدمات سيشهد اختلاطا في الأداء خلال الفترة القادمة أيضا، إذ أن قطاع الخدمات لا يزال يحتاج إلى المزيد من الوقت لتحقيق التعافي التام.
أما البيانات التي تعكس قطاع العمالة، فمن المحتمل أن تشير إلى مواصلة النزيف، حيث أن تقرير التغير في وظائف القطاع الخاص adp من المتوقع أن يشير إلى أن القطاع الخاص لا يزال يسرح الموظفين خلال شباط، وذلك وسط اعتقاد أصحاب الشركات بأن الوقت لا يزال مبكرا بالنسبة لتوظيف أعداد جديدة.
ومنتقلين إلى البيانات الأعلى أهمية خلال الاسبوع المقبل والتي تتمركز حول تقرير العمالة المشهور الذي سيصدر يوم الجمعة القادم، حيث من المتوقع أن يشير تقرير التغير في الوظائف باستثناء القطاع الزراعي أن ما مقداره 40 ألف وظيفة تم الاستغناء عنها في شباط، في حين أن التوقعات تشير إلى أن معدل البطالة سيرتفع خلال الشهر نفسه إلى 9.8% مقارنة بالقراءة السابقة التي بلغت 9.7%، وبهذا تبقى معدلات البطالة ضمن المستوى الأعلى لها منذ 26 عام.
وهنا نسلط الضوء على مسألة مهمة للغاية وهي أن معدلات البطالة المرتفعة من المؤكد أن تعيق سير النشاطات الاقتصادية خلال هذه الفترة من العام، كما أعرب البنك الفدرالي عن قلقه بخصوص تطلعاته المتعلقة بالبطالة، حيث يتوقع بأن معدلات البطالة لن تتتراجع عن 9% خلال العام 2010، وبالتالي لا يجدر بنا أن نتوقع بان الاقتصاد الأمريكي سيصل إلى مرحلة النمو على المدى البعيد خلال هذا العام، حيث أن الاقتصاد الأمريكي سيواصل سيره في مرحلة التعافي خلال هذا العام إلى حين تحقيقه النمو التام خلال العام المقبل 2011...