أسعار الفائدة الأوروبية عند 1.00% للشهر الرابع على التوالي والأضواء تتوجّه إلى مؤتمر دراغي
قرر البنك المركزي الأوروبي اليوم إبقاء سعر الفائدة خلال شهر آذار ثابتاً كما كان متوقعاً نظراً للضغوطات السلبية التي تتصاعد بخصوص وقوع الاقتصاد الأوروبي في دائرة الانكماش الطفيف خلال الربع الرابع من ناحية، والمخاطر التضخمية التي تتأثر بارتفاع أسعار الطاقة من ناحية أخرى، ناهيك عن أن أزمة الديون السيادية لم تنتهي بعد.
قرر المجلس الحكومي للبنك المركزي الأوروبي تثبيت سعر الفائدة المرجعي عند 1.00% بعد أن كان قد قام برفعها العام الماضي مرتين ثم قام بتخفيضها نظراً لتفاقم ازمة الديون و ارتفاع نسبة تأثيرها على نمو اقتصاد المنطقة، كما قرر البنك تثبيت معدل تسهيلات الإقراض أيضاً عند 1.75% و تسهيلات الودائع عند 0.25%، دعما لمستويات النمو في المنطقة و النشاط الاقتصادي و خلق وظائف جديدة في المنطقة حيث وصلت مستويات البطالة لمستويات مرتفعة جداً حدّت من النشاط الاقتصادي في المنطقة حيث قفز معدل البطالة في منطقة اليورو مؤخراً إلى أعلى مستوى له منذ تأسيس العملة الموحدة ليستقر عند 10.8%، في حين سيعقد رئيس البنك المركزي السيد دراغي مؤتمر صحفي بعد 45 دقيقة.
كان توجه البنك المركزي الأوروبي في بداية العام الماضي الحفاظ على استقرار الأسعار و التحكم بمستويات التضخم هي إحدى أولوياته الأولى ليقوم برفع سعر الفائدة مرتين ليوصلها إلى 1.50%، و لكنه بعد التباطؤ الاقتصادي الذي حصل في اقتصاد المنطقة وسط تفاقم أزمة الديون السيادية و تأثيرها السلبي إلى جانب السياسات التقشفية التي تتخذه الدول الأوروبية لتخفيض عجز ميزانياتها للمستويات المستهدفة، قام بالبنك بالتراجع عن قرارته هذه مع رئيس البنك الجديد ماريو دراغي الذي قام بخفض سعر الفائدة ليرجعها إلى مستوياتها المتدنية عند 1.0% دعماً للنمو الاقتصادي و إزالة أثر الأزمة السلبي.
شهد الاقتصاد تباطؤاً حادا في وتيرة نموه خلال العام الماضي وسط تراجع أداء مُختلف القطاعات في المنطقة، فخلال الربع الرابع دخل اقتصاد منطقة اليورو دائرة الانكماش و يرى العديد بأن الاقتصاد قد يدخلها بشكل أعمق خلال النصف الأول من العام الجاري، و جاء ذلك نتيجة تفاقم أزمة الديون السيادية و الإجراءات التقشفية الشديدة التي أقرتها الحكومات في سبيل تحقيق خفض في نسب عجزها.
إن التباطؤ الذي تشهده اقتصاديات المنطقة وسط تفاقم أزمة الديون و تفشّيها، إلى جانب الإجراءات التقشفية الشديدة التي أقرتها الحكومات وسط السبل القائمة لتحقيق تخفيضات في نسب العجز، تؤثران بشكل جوهري على وتيرة النمو و تثبطّها، الأمر الذي يجعل البنك المركزي الأوروبي مائلاً أكثر خصوصاً في الآونة الأخيرة لدعم مستويات النمو المتواضعة.
ويجب أن لا ننسى عزيزي القارئ بأن اسبانيا تحتل تركيز المستثمرين في الوقت الراهن، إذ مع تخافت الأضواء على اليونان تتسلط الأضواء من جديد على رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، اسبانيا التي تعاني من ارتفاع العجز في الميزانية العامة و المخاوف من عدم بلوغ المستويات المستهدفة من العجز في الميزانية العامة على الرغم من التخفيضات العميقة في الإنفاق العام التي أقرتها الحكومة الجمعة الماضية، إلا أن الضعف الاقتصادي الشديد الذي يصحب معه مستويات البطالة إلى فوق 21% قد لا يجعل الحكومة قادرة على تحقيق مستويات خفض العجز المستهدفة.
في حين أكد رئيس الوزراء الاسباني راخوي أن الموزانة التي تعد الاكثر تقشفا في عهد الديمقراطية الاسبانية تعد بمثابة اشارة للشركاء الاوروبيين والاسواق الدولية الى قدرة اسبانيا على مواجهة التحديات الاقتصادية التي تواجهها وخفض عجزها العام الى 5.3 بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي بنهاية عام 2012.
ومن هنا نشير بأن المؤتمر الصحفي الذي سيلقيه رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي في وقت لاحق يحتّل أهمية كبيرة، حيث يترقب المستثمرون بشغف أي إشارات أو تعليقات حول موقف سياسة البنك النقدي، وسط تفاقم أزمة الديون و استمرار تعثر أوضاع الدول الأعضاء و خاصة اليونان التي يتم تحديد مصيرها في هذين اليومين.
و أخيراً و ليس آخراً، تبقى الآمال معلقة على المؤتمر الصحفي الذي سيقيمه دراغي، و الذي قد يُشير فيه كما ذكرنا عن الموقف الذي قد يتخذه البنك حيال الأزمة الأوروبية و الدول المتعثرة الأخرى، و عن آلية العمل التي سيتبعها خلال الفترة القادمة وسط آخر التطورات.