أسبوع جديد يقف على أعتاب الاقتصاد الأمريكي .. مع بيانات الناتج المحلي الإجمالي وتقرير الدخل
يعود لنا الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع المقبل مع المزيد من البيانات والأخبار الاقتصادية المهمة والرئيسية، مع الإشارة إلى أن العنوان الرئيس والذي يصح أن نطلقه على تداولات الأسبوع المقبل هو: "أسبوع الناتج المحلي الإجمالي، علماً بأن الاقتصاد الأمريكي سيشهد أيضاً في الأسبوع المقبل صدور بيانات تقرير الدخل وبيانات تتعلق بأداء قطاع المنازل، حيث ستلعب تلك البيانات إلى جانب آخر مستجدات الأوضاع في أوروبا دوراً مهماً في تداولات الأسبوع المقبل، لذلك فمن المتوقع أن يشهد الأسبوع المقبل المزيد من التأرجح في تداولاته
.
هذا وسيبدأ الاقتصاد الأمريكي بيانات الأسبوع المقبل بإصدار تقرير مبيعات المنازل القائمة والخاص يشهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث من المتوقع أن نشهد انخفاض تلك المبيعات ولكن بأفضل من قراءة شهر أيلول/سبتمبر الماضي/ مما يؤكد على أن أنشطة القطاع شهدت تحسناً طفيفاً في الآونة الأخيرة، إلا أن ذلك لا ينفي حقيقة استمرار ضعف القطاع بشكل عام، نظراً لكونه لا يزال يرزخ تحت وطأة الضغوطات، علماً بأن البنك الفدرالي الأمريكي أكد مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة على أن أنشطة القطاع لا تزال ضعيفة وتقبع ضمن مستويات مخيبة للآمال.
ومن ناحية أخرى فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي في الأسبوع المقبل أيضاً مؤشر طلبات البضائع المعمرة والخاص بشهر تشرين الأول/أكتوبر، والذي من المتوقع أن يشير إلى تقلص في الطلبات، وذلك وسط الاضطراب الذي يواجهه قطاع الصناعة الأمريكي، علماً بأن قطاع الصناعة بدأ بإظهار مؤشرات مشجعة، إلا أن قطاع الصناعة سيلزمه المزيد من الوقت ليحقق الاستقرار التام.
وسيضرب الاقتصاد الأمريكي موعداً في الأسبوع المقبل مع تقرير الدخل الخاص بشهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث من المتوقع أن يؤكد التقرير ارتفاع مستويات الدخل الشخصي بشكل طفيف وبنسبة 0.3 بالمئة، في حين تشير التوقعات إلى أن إنفاق المستهلكين سيرتفع بنسبة 0.3% أيضاً خلال الفترة ذاتها، الأمر الذي يؤكد على أن مستويات الدخل والإنفاق لا تزال ضعيفة في الولايات المتحدة الأمريكية، وسط تحسن تلك المستويات بوتيرة بطيئة جداً.
ولا بد لنا من الإشارة إلى أن الإنفاق يشكل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة، وبالتالي فإن تراجع معدلات الإنفاق ضمن الاقتصاد الأمريكي يقود تباطؤ معدلات النمو في البلاد، لتؤكد تلك البيانات على أن عجلة التعافي والانتعاش لا تزال تبحث عن استقرار مفقود تماماً، الأمر الذي شهدناه من خلال البيانات والأخبار الاقتصادية التي صدرت مؤخراً عن الاقتصاد الأمريكي، والتي أشارت إلى أن الاقتصاد الأمريكي يشهد تحسناً طفيفاً في أنشطته الاقتصادية، وذلك في شتى قطاعات الاقتصاد، بما فيها قطاع الصناعة الأمريكي، قطاع الخدمات، إلى جانب قطاع المنازل.
ومن المتوقع أن يؤكد تقرير الدخل أيضاً على أن معدلات التضخم لا تزال قابعة تحت سيطرة الفدرالي الأمريكي، وسط انخفاضها خلال تشرين الأول/أكتوبر، وذلك بحسب المؤشر المفضل لدى البنك الفدرالي الأمريكي "مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي"، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر الجوهري شهد ارتفاعاً طفيفاً على صعيديه الشهري والسنوي خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر، حيث تشير التوقعات إلى أن المؤشر الشهري سيستقر عند 0.1%.
ومن الجدير بالذكر بأن البنك الفدرالي الأمريكي يتوقع بقاء معدلات التضخم تحت السيطرة خلال العامين المقبلين، نظراً لكون ضعف الأوضاع الاقتصادية خلال الوقت الراهن سيعمل على إثقال كاهل الأسعار في الولايات المتحدة أكثر وأكثر، وبالتالي فإن التضخم سيقبع على الأرجح تحت المستويات التي يبدأ البنك الفدرالي الأمريكي عندها بالقلق والبالغة 2 بالمئة.
كما وسيهل علينا الفدرالي الأمريكي بمحضر اجتماع اللجنة الفدرالية المفتوحة والذي انعقد مطلع تشرين الثاني الحالي على مدار يومين، حيث من المتوقع أن يشير المحضر إلى أن الأوضاع بالمجمل تواصل التحسن بشكل تدريجي، وسط "اعتدال" عجلة التعافي والانتعاش، حيث يتوقع الفدرالي تسارع النمو في البلاد خلال الأرباع المقبلة، إلا أن ذلك لا يعني بأن الاقتصاد الأمريكي لن يعاني في حال استمرار أزمة الديون الأوروبية، على العكس تماماً، فإن التوقعات تشير إلى أن تبعات أزمة الديون الأوروبية ستعصف بالاقتصاد الأمريكي، في حال فشل أوروبا في التغلب على أزمتها.
نصل بذلك إلى البيان المترقب من قبل الأسواق بفارغ الصبر، ألا وهو القراءة الثانية للناتج المحلي الإجمالي الخاصة بالربع الثالث من العام الجاري 2011، حيث من المتوقع أن تؤكد القراءة الثانية على أن الاقتصاد الأمريكي نما بنسبة 2.5 بالمئة خلال الربع الثالث، بتطابق مع القراءة التمهيدية التي صدرت مسبقاً، كما ومن المتوقع أن يؤكد التقرير أيضاً على أن مستويات الإنفاق استقرت خلال الربع الثالث عند 2.4 بالمئة، مما دعم عجلة النمو في الولايات المتحدة الأمريكية خلال الربع الثالث، حيث يشكل إنفاق المستهلكين ثلثي الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة الأمريكية.
ومن المتوقع -بحسب البنك الفدرالي الأمريكي- أن يواصل الاقتصاد الأمريكي توسعه خلال الفترة المتبقية من العام الجاري، إلا أن ذلك مرهوناً بما ستؤول إليه أزمة الديون الأوروبية، كما وسيكون رهينة تحسن أداء قطاع العمل أو سوق العمل الأمريكي، حيث تواصل العقبات الوقوف في طريق انتعاش الاقتصاد الأمريكي، وعلى رأسها ارتفاع معدلات البطالة، تشديد شروط الائتمان، ارتفاع عجز الميزانية، ناهيك عن ارتفاع مديونية الولايات المتحدة.
وفي النهاية فسيصدر عن الاقتصاد الأمريكي وبالتحديد عن جامعة ميشيغان تقريرها الخاص بثقة المستهلكين في قراءته النهائية عن شهر تشرين الثاني/نوفمبر، حيث تشير التوقعات إلى أن ثقة المستهلكين ارتفعت على الأرجح وبشكل طفيف لتصل إلى 64.5، بالمقارنة مع القراءة السابقة والتي بلغت 64.2 في القراءة السابقة، مع الإشارة إلى أن مستويات الثقة لا تزال مقيدة بسبب ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، هذا إلى جانب تشديد شروط الائتمان، ناهيك عزيزي القارئ عن التقلب الذي تشهده أسواق الأسهم.
وبصفتنا ذكرنا أسواق الأسهم، فلا بد لنا من الإشارة إلى أنها تقلبت وتأرجحت وبشدة خلال الأسبوع الماضي، فمن جهة واصلت أزمة الديون الأوروبية الهيمنة على أسواق الأسهم الأمريكية، والتي كانت رهينة البيانات الأوروبية وآخر مستجدات الأوضاع في أوروبا، وسط تفاؤل الأسواق تارة، وتشاؤمها تارة أخرى، الأمر الذي انعكس على تداولات المستثمرين، لنشهد تأرجح مؤشرات الأسهم الأمريكية خلال الأسبوع الماضي.