- المشاركات
- 20,016
- الإقامة
- تركيا
ألقت قوات الأمن التركية مؤخراً القبض على عشرات الطلاب داخل حرم جامعة بوغازيجي خلال تظاهرهم اليومي ضد قرار الرئيس التركي رجب طيب إردوغان تعيين مليح بولو رئيساً للجامعة في الأول من يناير الفائت.
والجامعة التي افتتحت في القرن التاسع عشر هي أرقى جامعة تركية ويتم التدريس فيها باللغة الانجليزية وتتمتع بهامش حرية واسع من حيث المنهاج والنشاط الثقافي والفكري داخلها.
لكن المواجهات بين الطلبة والكادر التعليمي الذين ينفذون وقفات احتجاج يومية منذ صدور القرار، وقوات الأمن تحولت الى مادة للصراع والسجال السياسي بين الرئيس أردوغان والمعارضة التي تقف في صف المتظاهرين.
"إرهابيون ينشرون الخراب"
وصف أردوغان الطلبة بالإرهابيين ونشر الخراب في البلاد بينما قال وزير الداخلية سليمان صويلو إن التظاهرات ضد قرار التعيين موقف "فاشي" وانضم إلى رئيسه في وصف الطلبة بالإرهابيين بقوله إن 79 من بين 108 جرى اعتقالهم مؤخراً أعضاء في منظمات إرهابية مثل "الحزب الشيوعي وحزب التحرير الشعبي الثوري".واستغل أردوغان وأنصاره ما حدث في معرض فني داخل الحرم الجامعي حيث تم عرض ملصق يظهر باحة الكعبة وفي وسطها صورة كائن خرافي شعبي وفي زاوية من الملصق علم صغير بألون قوس القزح، رمز العابرين جنسيا.
وتم القاء القبض على طالبين ووضع آخران رهن السجن المنزلي بتهمة "اهانة القيم الدينية"، فتوالت الإدانات والتنديدات من أنصار الحزب الحاكم لما جرى في المعرض بغية إثارة الرأي العام ضد الطلبة وتصويرهم باعتبارهم مناهضين لقيم المجتمع التركي المحافظ.
ودخل على الخط وزير الداخلية ليربط بين احتجاجات طلبة جامعة بوغازيجي وكادرها التدريسي وفئة العابرين جنسيا واصفاً هذه المجموعة بأنها تنافي كل قيم المجتمع التركي وأن لا علاقة لهم بتركيا بل يجري "دعمهم وتسويقهم من قبل الغرب وتحديداً الولايات المتحدة وأوروبا وهؤلاء سيقضون على بنية الأسرة"، في مسعى لإثارة الرأي العام التركي ضد الطلبة والأكاديميين المتظاهرين عند أسوار الجامعة.
ولم يخف الوزير الهدف الحقيقي من سعي إردوغان إلى تعيين مليح بولو وهو السيطرة على الحياة الأكاديمية والتحكم بما يجري فيها من نقاشات وحوارات فكرية بعيداً عن سطيرة الحزب الحاكم، متسائلاً : "لماذا يجب أن يكون رئيس الجامعة من داخلها؟ لماذا هذا الانغلاق؟ هناك أقلية تريد أن تحول الجامعة إلى مركز أيديولوجي ولن نسمح بذلك أبداً".
وانضم حليف اردوغان في الحكم زعيم الحركة القومية دولت بهجلي إلى إردوغان وصويلو في التحريض ضد الطلبة المتظاهرين واصفاً إياهم بـ "الأفاعي السامة والوحوش والمخربين الذين يجب مواجهتم ما كلف الأمر".
استخدمت الشرطة العنف ضد الطلبة
هدف سهل
وقال أحد الطلبة المشاركين في الاحتجاجات إن ما يتعرضون له لا علاقة له بتطبيق العدالة أو صون قيم المجتمع بل "تلاعب من الحكومة بمشاعر المواطنين" وأضاف "إن العابرين جنسيا والحركة التي ينتمون إليها هدف سهل يمكن استغلاله من قبل الحكومة لكسب التأييد لإجراءاتها اللاديمقراطية".وكان اردوغان هو الذي اختار الرئيس السابق للجامعة عام 2016 وقد لقي قرار التعيين وقتها أيضا معارضة من قبل الطلبة والكادر التعليمي لكن الفارق بين الرئيس الحالي والسابق أن الأخير كان منأفراد الطاقم التعليمي في الجامعة بينما الحالي هو من خارجها وهناك العديد من علامات الاستفهام حول سجله الأكاديمي.
مظاهرة طلبة الجامعة لم تتوقف منذ صدور قرار اردوغان
وموضوع استقلال الجامعات ومنع التدخل في شؤونها هو محور صراع بين الجهات الأكاديمية والتعليمية والطلبة من جهة والحكومات التركية المتعاقبة. وبدأ تدخل السلطة المباشر في الشأن الجامعي مع الإنقلاب العسكري الذي قاده الجنرال كنعان أفرين عام 1980.
لكن المعركة باتت أكثر صعوبة في اعقاب الانقلاب الفاشل عام 2016 حيث صدر مرسوم يخول إردوغان سلطة تعيين من يشاء في مناصب رؤساء الجامعات في تركيا وهو ما مثل نهاية لعملية المنافسة والانتخاب التي كانت تشهدها الجامعات عند اختيار رؤساء لها.
وكان أول قرار لإردوغان تعيين محمد اوزكان رئيسا لجامعة بوغازيجي خلفا للرئيسة السابقة التي انتخبت من قبل الكادر التعليمي. وبعدها توالتت مراسيم تعيين المزيد من أعضاء حزب أردوغان أو الموالين له في مناصب رؤساء الجامعات.
المئات من عناصر الشرطة يتمركزون على مداخل الجامعة العريقة
منتهى العجرفة والتعالي
وقالت ميرال أكشنار، زعيمة أحد أحزاب المعارضة، إن ما يقوم به حزب العدالة والتنمية من منح المناصب المرموقة لأنصاره سواء تعلق الأمر بالجامعات أو بالمصارف أو بالسفارات هو منتهى التعالي والعجرفة.وشهدت جامعات في العاصمة أنقرة ومدينة أزمير تجمعات طلابية للتضامن مع طلبة جامعة بوغازيجي وقد تصدت قوات الشرطة للطلبة مستخدمة الهراوات والغازات المسيلة للدموع وألقت القبض على عدد منهم.
واظهرت المقاطع المصورة العنف المفرط الذي تستخدمه قوات الأمن ضد الطلبة مما قد يثير المزيد من التعاطف والتضامن معهم وقد ينذر بتوسع الاحتجاجات إلى خارج أسوار الجامعات.